زائر
[أخلاقيات الطب والطبيب
عندما يأتي المريض في حالة خطيرة يكون الطبيب في متحارجة صعبة بين مصارحة المريض وأهله بالخطر، أو التكتم عليهم ومحاولة امتصاص مخاوفهم، وتطمينهم أنه ليس في الأمر ما يدعو إلى القلق (وما بي خلاف). هل يقول لهم إن هذا المرض فيه درجة كبيرة من الخطر، وقد تتعرض حياة المريض للخطر، فيما لو دخلت عليه (المضاعفات mpiatin) مثل النزف؟ أم يقول لهم إن القضية بسيطة، وليس هناك من داع للقلق، وكل شيء تحت السيطرة.
في الواقع فإن الأطفال يعلموننا درساً كبيراً حول هذه الأشياء؛ فالطفل الذي يصارحه والداه بأنه سيذهب للإسعاف، وأن جرحه سوف يخيط بالإبرة، وأن هناك قدرا بسيطا من الألم، فسوف نرى ارتكاساته غير ما نراها في معظم أطفالنا، الذين يصبحون في الإسعاف أو يساقون إلى قاعات العمليات، كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون؟
والسبب أنهم يهددونه إذا بكى أحدهم فأزعج، أنهم سيأخذونه إلى الطبيب (كي يضربه إبرة) فيسكت، أي أن الطبيب صار مصدر الرعب والتخويف وطريقة الإسكات المخيفة، بدل أن يكون العلاج والتخفيف والسلوى، وهذا ظلم كبير للطبيب؟
ومن هنا نرى منظر الأطفال على نحو مفزع في الإسعاف من الصراخ، وضرب الرجلين، ومحاولة التملص من قبضة الممسكين به، كما ذكر القرآن عن المنافقين في ساحات القتال: "كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون".
وهذا يحكي أخلاقيات الصدق والكذب التي نربي عليها أطفالنا، كما يحكي الوقت الذي نقضيه مع أطفالنا.
إن الطفل أذكى بكثير مما نتصور، ولذا فإن التربية تلعب الدور الكبير في بناء العلاقات بين الناس، ومنها علاقة الطبيب والمريض.
وهناك قدر من تصدع الثقة بين الطبيب والمريض عندنا.
وهذا لم يأت من فراغ بل من وسط ليس صحياً تماماً.
ويتعلم الأطباء في الغرب أن يأتوا فيجلسوا بجانب سرير المريض فيصارحوه بما وجدوا في بطنه بعد العملية الجراحية، حتى لو تم استئصال زائدة دودية غير ملتهبة، فيصارحوه بذلك دون أدنى ارتباك، لأن العرف الطبي يقوم على استئصالها طالما تم الفتح عليها.
ودخلت يوماً إلى محل لأشترى جهازاً إلكترونياً فسألته عن الضمان فكانت الإجابة: بكل بساطة الله هو الكافل والضامن.
وهي كلمة حق أريد بها باطل.
وهذه الكلمات لا يستخدمها الناس في اليابان مثلاً، فهم يبيعون أغراضهم للناس مع الضمان، مع يقينهم أن الله يدبر كل الأمور، ولكن لأن أمر الجهاز في يد الناس، فلا يعقل أن تشتري جهازاً فتمضي به إلى بيتك، ثم تكتشف أنه لا يعمل، إلا أنه من خطأ بشري، يجب تصليحه، أو التعويض فيه، وهو خطأ يتم فيه توظيف مقولة في غير مكانها، والله يقول الحق ويهدي إلى سواء السبيل، والقرآن يقول هو من عند أنفسكم عندما يقع الخطأ.
وعندما يحضر المريض إلى المشفى، يجب أن يتبع الطبيب القاعدة الثلاثية من: (الصدق) و(الوضوح) و(الصراحة)، إن لم يكن للمريض الذي لا يتحمل مصارحته بإصابته بالسرطان مثلاً، فعلى الأقل لأهل المريض حتى لا يفاجئوا إذا وقعت الواقعة.
وأذكر ليلة وهي قصص يجب أن أكتب فيها كتابا كاملا من واقعة خبرة أكثر من ربع قرن من العمل الطبي، أنه عند منتصف الليل جاء مريض ينزف، ولكنه لم يقتنع مع كل المحاولات، أنه لا بد له من جراحة، ثم ولى الأدبار، حتى نقل مرة أخرى بين الموت والحياة فدخل عملية أشد خطراً، وأطول وقتاً، وأقل تحضيرا، وفي شروط لا يحسد عليها أحد، وفي وضع نفسي وفيزيولوجي، لا يمكن أن يوصف أنه الأفضل، وكانت العملية دماءً طول الليل حتى مطلع الفجر، تم فيها في النهاية إنقاذ حياة المريض، وكان يمكن أن يدخل الجراح والمريض والمخدر بشروط أفضل، ولكن كل مرض له دواء إلا الحماقة أعيت من يداويها.
عندما يأتي المريض في حالة خطيرة يكون الطبيب في متحارجة صعبة بين مصارحة المريض وأهله بالخطر، أو التكتم عليهم ومحاولة امتصاص مخاوفهم، وتطمينهم أنه ليس في الأمر ما يدعو إلى القلق (وما بي خلاف). هل يقول لهم إن هذا المرض فيه درجة كبيرة من الخطر، وقد تتعرض حياة المريض للخطر، فيما لو دخلت عليه (المضاعفات mpiatin) مثل النزف؟ أم يقول لهم إن القضية بسيطة، وليس هناك من داع للقلق، وكل شيء تحت السيطرة.
في الواقع فإن الأطفال يعلموننا درساً كبيراً حول هذه الأشياء؛ فالطفل الذي يصارحه والداه بأنه سيذهب للإسعاف، وأن جرحه سوف يخيط بالإبرة، وأن هناك قدرا بسيطا من الألم، فسوف نرى ارتكاساته غير ما نراها في معظم أطفالنا، الذين يصبحون في الإسعاف أو يساقون إلى قاعات العمليات، كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون؟
والسبب أنهم يهددونه إذا بكى أحدهم فأزعج، أنهم سيأخذونه إلى الطبيب (كي يضربه إبرة) فيسكت، أي أن الطبيب صار مصدر الرعب والتخويف وطريقة الإسكات المخيفة، بدل أن يكون العلاج والتخفيف والسلوى، وهذا ظلم كبير للطبيب؟
ومن هنا نرى منظر الأطفال على نحو مفزع في الإسعاف من الصراخ، وضرب الرجلين، ومحاولة التملص من قبضة الممسكين به، كما ذكر القرآن عن المنافقين في ساحات القتال: "كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون".
وهذا يحكي أخلاقيات الصدق والكذب التي نربي عليها أطفالنا، كما يحكي الوقت الذي نقضيه مع أطفالنا.
إن الطفل أذكى بكثير مما نتصور، ولذا فإن التربية تلعب الدور الكبير في بناء العلاقات بين الناس، ومنها علاقة الطبيب والمريض.
وهناك قدر من تصدع الثقة بين الطبيب والمريض عندنا.
وهذا لم يأت من فراغ بل من وسط ليس صحياً تماماً.
ويتعلم الأطباء في الغرب أن يأتوا فيجلسوا بجانب سرير المريض فيصارحوه بما وجدوا في بطنه بعد العملية الجراحية، حتى لو تم استئصال زائدة دودية غير ملتهبة، فيصارحوه بذلك دون أدنى ارتباك، لأن العرف الطبي يقوم على استئصالها طالما تم الفتح عليها.
ودخلت يوماً إلى محل لأشترى جهازاً إلكترونياً فسألته عن الضمان فكانت الإجابة: بكل بساطة الله هو الكافل والضامن.
وهي كلمة حق أريد بها باطل.
وهذه الكلمات لا يستخدمها الناس في اليابان مثلاً، فهم يبيعون أغراضهم للناس مع الضمان، مع يقينهم أن الله يدبر كل الأمور، ولكن لأن أمر الجهاز في يد الناس، فلا يعقل أن تشتري جهازاً فتمضي به إلى بيتك، ثم تكتشف أنه لا يعمل، إلا أنه من خطأ بشري، يجب تصليحه، أو التعويض فيه، وهو خطأ يتم فيه توظيف مقولة في غير مكانها، والله يقول الحق ويهدي إلى سواء السبيل، والقرآن يقول هو من عند أنفسكم عندما يقع الخطأ.
وعندما يحضر المريض إلى المشفى، يجب أن يتبع الطبيب القاعدة الثلاثية من: (الصدق) و(الوضوح) و(الصراحة)، إن لم يكن للمريض الذي لا يتحمل مصارحته بإصابته بالسرطان مثلاً، فعلى الأقل لأهل المريض حتى لا يفاجئوا إذا وقعت الواقعة.
وأذكر ليلة وهي قصص يجب أن أكتب فيها كتابا كاملا من واقعة خبرة أكثر من ربع قرن من العمل الطبي، أنه عند منتصف الليل جاء مريض ينزف، ولكنه لم يقتنع مع كل المحاولات، أنه لا بد له من جراحة، ثم ولى الأدبار، حتى نقل مرة أخرى بين الموت والحياة فدخل عملية أشد خطراً، وأطول وقتاً، وأقل تحضيرا، وفي شروط لا يحسد عليها أحد، وفي وضع نفسي وفيزيولوجي، لا يمكن أن يوصف أنه الأفضل، وكانت العملية دماءً طول الليل حتى مطلع الفجر، تم فيها في النهاية إنقاذ حياة المريض، وكان يمكن أن يدخل الجراح والمريض والمخدر بشروط أفضل، ولكن كل مرض له دواء إلا الحماقة أعيت من يداويها.