أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح. يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام أحد المتصفحات البديلة.
إضاءة الدماغ
زائر
إضاءة الدماغ(*)
توليفة ذكية بين علم الضوئيات وعلم الجينات تسمح لعلماء الأعصاب بأن
يرسموا خريطة لدارات الدماغ وأن يتحكموا فيها بدقة لم يسبق لها نظير.
مفاهيم مفتاحية
قام علماء الأعصاب تقليديا بدراسة عمل الدماغ عن طريق تنبيه وتسجيل نشاط خلية عصبية منفردة بوساطة إلكترودات (لواحب). ولكن هذه الطريقة غير مباشرة، ما يجعل تحليل عصبونات محددة أمرا في غاية الصعوبة.
إن حقل علم الجينات الضوئية البازغ والذي يجمع الهندسة الجينية مع الضوء من أجل ملاحظة مجموعات من العصبونات والتحكم فيها، يسمح للباحثين بفحص فرادى الدارات العصبية عن كثب، وهو سبيل سوف يحدث ثورة في دراسة عمل الدماغ.
محررو ساينتفيك أمريكان
في عام 1937 عرض عالم الأعصاب الكبير: السير <S.h.شيرنگتون> [من جامعة أوكسفورد] ما سيصير وصفا نموذجيا للدماغ وهو يعمل. لقد تخيل نقاطا من الضوء تشير إلى نشاط الخلايا العصبية واتصالاتها. واقترح أن أجزاء قليلة وقَصِيّة فقط من الدماغ ستتلألأ أثناء النوم العميق، معطية هذا العضو مظهر سماءِ ليلة مليئة بالنجوم. ولكن عند الاستيقاظ «يصير الدماغ كما لو أن مجرة درب التبانة(1) دخلت في شكل من أشكال الرقص الكوني،» كما صورها <شيرنگتون>«وسرعان ما تصير كتلة الرأس نولاً مسحورا، تنسج فيه ملايين من الوشائع الوامضة نمطا متبددا، نمطا يحمل دلالة بشكل دائم، على الرغم من تبدله المستمر. إنه تناغم دائم التحول لتحت أنماط تعطي هذا النمط المتبدد.»
مع أن <شيرنگتون> لم يدرك ذلك في حينه، فإن استعارته الشعرية حوت فكرة علمية مهمة: إن الدماغ يكشف أعماله الباطنية ضوئيا. إن فهم الآلية التي تعمل بها العصبونات معا لتولد الأفكار والسلوك، لا يزال واحدة من أصعب المسائل المفتوحة في البيولوجيا ككل، ومرد هذا إلى أن العلماء لا يمكنهم عموما رؤية كامل الدارات(2) العصبية أثناء قيامها بعملها. والسبيل القياسي لسبر pbe عصبون أو اثنين بوساطة إلكترود يكشف فقط أجزاء صغيرة من أحجية أكبر بكثير، فيها العديد من القطع المفقودة، بحيث يصير من الصعب تخمين الصورة كاملة. لكن إذا استطاع المرء مراقبة العصبونات في تواصلها، فقد يكون قادرا على استنتاج كيف تتنضّد دارات الدماغ وكيف تؤدي عملها. هذه الفكرة الجذابة ألهمت علماء الأعصاب أن يحاولوا تحقيق رؤية شيرنگتون.
لقد أثمرت جهود هؤلاء العلماء حقلا وليدا يسمى علم الجينات الضوئية ptgenetis، وهو علم يؤلف بين الهندسة الجينية (الوراثية) وعلم الضوئيات من أجل دراسة أنماط محددة من الخلايا. وقد نجح الباحثون بالفعل في تصوير وظائف مجموعات شتى من العصبونات. وأكثر من ذلك، مكَّنهم هذا السبيل فعليا من التحكم في العصبونات من بعد ـ ببساطة عن طريق تحريك مبدال ضوئي ight swith. تزيد هذه الإنجازات احتمال تَمَكُّن علم الجينات الضوئية يوما ما من كشف مجموعة دارات(3) الدماغ لعلماء الأعصاب، وربما حتى مساعدة الأطباء في علاج اضطرابات طبية محددة.
لقد بدأت في السبعينات محاولات جادة لتحويل رؤية شيرنگتون إلى واقع. إن المنظومات العصبية ـ كما الحواسيب الرقمية ـ تعمل بالكهرباء، فالعصبونات تكود المعلومات في إشارات كهربية أو فروق كمون(4) atin ptentias تتضمن نمطيا کلطات أقل من عُشر ما تتضمنه بطارية مفردة من الحجم AA، وتحث الخلية العصبية على إطلاق جزيئات النواقل العصبية، التي تقوم عندئذ بتفعيل الخلايا المتصلة في الدارة أو تثبيطها. وفي محاولة لجعل هذه الإشارات الكهربية مرئية، اختبر <B..كوهِن> [من جامعة يال] قدرة عدد كبير من الأصباغ المتفلورة(5) fesent dyes على الاستجابة لتغيرات الکلطية بتغيرات في اللون أو الشدة. ووجد أن لبعض الأصباغ بالفعل خواص ضوئية حساسة للکلطية. وقد استطاع <كوهِن> ملاحظة نشاط العصبونات بالمجهر عن طريق تلوينها بتلك الأصباغ.
تستطيع الأصباغ أيضا أن تكشف قدح (اضطرام) fiing العصبونات؛ ليس بالاستجابة لتغيرات الکلطية ولكن لتدفق ذرات مشحونة محددة أو أيونات. عندما يولد عصبون فرق كمون، تنفتح قنوات غشائية وتسمح بدخول أيونات الكالسيوم إلى الخلية. يحفز تدفق الكالسيوم هذا إطلاق النواقل االعصبية. في عام 1980، بدأ <Y..تسين> [حاليا في جامعة كاليفورنيا بسان دييگو] بتكوين أصباغ استطاعت أن تبين تحولات في تركيز الكالسيوم بتغيير درجة التفلور (اللُّصوف). لقد أثبتت تلك المنبئات الضوئية أنها ذات قيمة فائقة، حيث فتحت آفاقا جديدة على معالجة المعلومات في العصبونات المفردة والشبكات الصغيرة.
ومع ذلك، تعاني الأصباغ الصنعية عقبات جدية. يتألف النسيج العصبي من أنماط كثيرة مختلفة من الخلايا. وعلى سبيل المثال، تشير التقديرات إلى أن دماغ الفأر يؤوي مئات عديدة من أنماط العصبونات؛ إضافة إلى أنواع متعددة من الخلايا الداعمة. ولما كانت التفاعلات بين أنماط مخصوصة من العصبونات تشكل أساس المعالجة العصبية للمعلومات، فعلى من يريد أن يفهم كيف تعمل دارة معينة أن يكون قادرا على تحديد فرادى اللاعبين ورصدهم، وأن يحدد بدقة متى يتم تشغيلهم tn n (بإضرام فرق كمون) وإبطالهم tn ff. لكن لأن الأصباغ الصنعية تخضب جميع أنماط الخلايا من دون تمييز، فإنه من المستحيل بشكل عام تمييز أنماط الخلايا المحددة المصدرة للإشارات الضوئية.
يتبع..
زائر
الجينات والفوتونات(**)
برز حقل الجينات الضوئية من إدراك أن المنابلة manipatin الجينية قد تكون المفتاح لحل مشكلة التلوين غير التفريقي للخلايا. تحتوي خلايا الفرد جميعها على الجينات نفسها، لكنّ ما يجعل خليتين مختلفتين إحداهما عن الأخرى هو أن مزيج الجينات الذي يجري تفعيله وإيقاف عمله في خلية يختلف عنه في خلية أخرى. فعلى سبيل المثال، تحتاج العصبونات التي تطلق الناقل العصبي دوبامين عندما تقدح، إلى الآليات الإنزيمية اللازمة لصنع الدوبامين وتهيئته؛ ومن ثم فإنه يتم تفعيل الجينات التي تُكَوِّد المكونات الپروتينية لهذه الإنزيمات في العصبونات المنتجة للدوبامين، ولكنها تبقى معطلة في العصبونات الأخرى غير المنتجة للدوبامين.
إذا أمكن، نظريا، ربط مِبدال (مفتاح) swith بيولوجي يشغل جينة مسؤولة عن تصنيع الدوبامين بجينة تُكوِّد لإنتاج صباغ (ملوِّن)، وإذا قمنا بوساطة الهندسة الجينية بإدخال هذه الوحدة الناتجة ـ المكونة من المِبدال البيولوجي وجينة صناعة الصباغ ـ داخل خلايا حيوانية، فإن الحيوان سيقوم بتصنيع الصباغ فقط داخل الخلايا المنتجة للدوبامين. وإذا أمكن للباحثين النظر بإنعام في أدمغة هذه المخلوقات (وهذا ممكن بالفعل)، فسيكون ممكنا لهم رؤية الخلايا المنتجة للدوبامين تقوم بعملها في حالة انعزال افتراضي عن الأنماط الأخرى للخلايا. وأكثر من ذلك أن ملاحظة هذه الخلايا في الدماغ الحي السليم سيكون ممكنا لهم . إن الأصباغ الصنعية لا يمكنها القيام بهذا النوع من السحر، لأن إنتاجها غير محكوم بمباديل (مفاتيح) جينية تأخذ وضعية التشغيل في أنواع محددة من الخلايا حصريا. إن هذا العمل يبرع عندما يكون إنتاج الصباغ مكودًا جينيا ـ أي، عندما يكون الصباغ پروتينا.
الضوء الدَّال: ثمة طرائق جديدة توظف الضوء في كشف النشاط العصبي والتحكم فيه، تمكن الباحثين من دراسة فرادى الدارات في الحيوانات ـ وهو عمل ينبغي أن يؤدي أيضا إلى فهم أفضل لكيفية عمل الدماغ البشري.
يتبع..
زائر
[لمحة تاريخية]
فك كود الدماغ(***)
اجتهد العلماء طويلا من أجل كشف الآلية التي ينشئ فيها الجهاز العصبي السلوك. وقد وضعت الجهود الباكرة المبذولة لتحفيز النشاط العصبي وتسجيله الأساسَ لبزوغ علم الجينات الضوئية.
1783: عالم التشريح الإيطالي<. گلکاني> يستخدم الكهرباء ليجعل رِجل ضفدع ميت ترتعد.
1937: عالم الأعصاب البريطاني <. شيرنگتون> يتصور نقاطا من الضوء دالة على النشاط العصبي.
1963: الفيزيولوجي الإسباني<J. دلگادو> يستخدم موجات الراديو ليوقف ثورا منقضا.
1971: الظهور الأول للأصباغ المتفلورة fesent dyes الحساسة للکلطية.
1980: تصنيع الأصباغ المتفلورة التي تظهر تغيرات تركيز الكالسيوم في الخلية.
1997: الباحثون يثبتون أن الأصباغ المكوَّدة جينيا تستطيع أن تكشف النشاط العصبي.
2002: تطوير أول مشغلات atats مكوَّدة جينيا ـ وهي پروتينات تقدح إطلاق العصبونات للسيالة
العصبية عند تعرضها للضوء.
2005: الباحثون يستخدمون الضوء للتحكم في ذباب هُندِس جينيا ليحمل مشغلا.
لقد جاءت الإثباتات الأولى على أن الأصباغ المكودة جينيا تستطيع أن تنبئ بالنشاط العصبي قبل عقد مضى، من مجموعات بحثية قادها بشكل مستقل كل من <تسي> و< Y.E.إيزاكوف> [من جامعة كاليفورنيا في بيركلي] وأنا مع <E.J.روثمان> [في جامعة يال حاليا]. في جميع تلك الحالات جرى استعارة الجينة المكوِّدة للصباغ من كائن بحري مضيء، هو عادة قنديل البحر الذي يصنع ما يسمى الپروتين المتفلور الأخضر. لقد عدلنا الجينة بحيث يتمكن ناتجها الپروتيني من أن يتبين ويكشف تغيرات الکلطية أو الكالسيوم اللذين يشكلان الأساس في نقل الإشارة وكذلك في إطلاق النواقل العصبية التي تمكن من تبادل الإشارة بين الخلايا.
مسلحين بمحسَّاتsenss النشاط المكودة جينيا هذه، قمنا وآخرون باستنسال حيوانات يتم فيها تشغيل الجينات المكودة للمحسات؛ فقط في مجموعات من العصبونات محددةٍ بدقة. وقد جرى حاليا تحليل العديد من الكائنات المفضلة لدى علماء الوراثة بهذه الطريقة ـ بما فيها الديدان والسمك المخطط والفئران، لكن ذباب الفاكهة بدا مطواعا بشكل خاص لكشف أسراره تحت وطأة الهجوم المشترك بين علم الضوئيات وعلم الجينات. إن أدمغتها مدمجة ويمكن رؤيتها خلال المجهر، وبذلك يمكن رؤية دارات ضمن حقل رؤية واحد. وأكثر من ذلك أن الذباب يسهل تعديله جينيا؛ كما جرى عبر قرن من البحث العلمي تعرف هوية كثير من مباديل الفتح-القفل الجينية الضرورية لاستهداف مجموعات محددة من العصبونات. وبالفعل، ففي الذباب تمكنتُ و<نج مينا> و<D..روردا> [وكنا جميعا حينذاك في مركز <سلون-كترنگ> التذكاري للسرطان في مدينة نيويورك] من تسجيل الصور الأولى لسريان المعلومات بين مجموعات محددة من العصبونات في دماغ سليم. واكتشفنا منذ ذلك الحين تنضيدات لدارات جديدة ومبادئ تشغيل جديدة. على سبيل المثال، في عام 2007، وجدنا عصبونات في منظومة الدارات المتخصصة في معالجة الروائح لدى الذبابة والتي يبدو أنها تدخل ضجيجا في خلفية هذه المنظومات. لقد حزرنا أن الطنين المضاف يضخم المدخلات الخافتة، وبهذا يرفع حساسية الحيوان للروائح ـ ما يحسن من فرص إيجاد الطعام.
لقد زودتنا المحسات بأداة قوية لملاحظة التواصل بين العصبونات. ولكن في أواخر التسعينات ظلت لدينا مشكلة، حيث إن أغلب التجارب التي تسبر العصبونات هي تجارب غير مباشرة نوعا ما. فالباحثون يستحثون استجابة في الدماغ بتعريض الحيوان لصورة أو صوت أو رائحة، ويحاولون تتبع مسار انتقال الإشارة الناتجة، بإدخال إلكترودات في مواضع تقع على مسار انتقالها، وقياس الإشارات الكهربية الملتقطة عند تلك المواضع. ولكن، لسوء الحظ، تخضع المدخلات الحسية لعمليات إعادة تهيئة مكثفة أثناء رحلتها؛ ومن ثم فإن معرفة أي الإشارات بالضبط يكمن خلف الاستجابات المسجلة عند مسافة معينة من العين أو الأنف أو الأذن، تصير أشق كلما تحرك المرء مبتعدا عن هذه الأعضاء. وطبعا بالنسبة إلى كثير من دارات الدماغ غير المكرسة للمعالجة الحسية، وإنما للحركة أو التفكير أو الانفعال، فإن هذا السبيل يفشل كليا؛ حيث إنه لا توجد طريقة مباشرة لتنشيط هذه الدارات بمنبهات حسية...
يتبع..
زائر
من الملاحظة إلى التحكم(****)
إن القدرة على تنبيه مجموعات محددة من العصبونات تنبيها مباشرا مستقلا عن الدخل الخارجي إلى الأعضاء الحسية، ستخفف من هذه المشكلة. لذلك تساءلنا عما إذا كان يمكننا تطوير رزمة من الأدوات، التي لن توافر محسات لرصد نشاط الخلايا العصبية فحسب، وإنما ستجعل من الممكن أيضا تفعيل أنماط مختارة من العصبونات بسهولة.
قمتُ بتَوَلي هذه المشكلة بالتعاون مع أول الحاصلين على زمالة ما بعد الدكتوراه لدي، وهو <V.B.زملمان> [الذي يعمل حاليا في معهد هوارد هيوز الطبي]. كنا نعرف أننا إذا نجحنا في برمجة مشغلatat أو مِقْدَح tigge مكوَّد جينيا ويمكن التحكم فيه بالضوء داخل عصبونات، فسنتمكن من التغلب على عوائق عديدة عرقلت دراسات الدارات العصبية المبنية على الإلكترودات. ولأنه لا يمكن اغتراس إلا عدد محدود جدا من الإلكترودات في الكائن المختبر في وقت واحد، فإن عدد الخلايا التي يمكن للباحثين الاستماع إليها أو استثارتها في أي وقت محدد باستخدام هذه التقانة محدودٌ جدا. إضافة إلى أنه يصعب توجيه الإلكترودات تجاه أنماط محددة من الخلايا؛ كما أن الإلكترودات يجب أن تبقى ثابتة في مكانها بعد اغتراسها، ما يجعل إجراء التجارب في الحيوانات المتحركة صعبا جدا.
إذا استطعنا تعيين مبدال فتح-قفل n-ff swith جيني ليساعدنا على إيجاد جميع العصبونات التي تهمنا (تلك المنتجة للدوبامين مثلا)، وإذا تمكنا من استخدام الضوء للتحكم في هذه الخلايا من دون تدخل مباشر منا، فإننا لن نكون مضطرين بعد الآن إلى المعرفة السابقة عن مواقع هذه العصبونات في الدماغ حتى نتمكن من دراستها، ولن يكون مهما إذا تغيرت مواضعها كلما تنقل الحيوان. فإذا بعث تنبيه الخلايا المحتوية على مشغلات تغيرا سلوكيا، فإننا سنعرف أن هذه الخلايا كانت جزءا فاعلا في الدارة المنظمة لذلك السلوك. وفي الوقت نفسه، إذا هيأنا لهذه الخلايا ذاتها أن تحمل جينة محسة للضوء، فإن الخلايا النشيطة ستضيء مفصحة عن موقعها في الجهاز العصبي. وعلى فرض أننا قمنا بتكرار إجراء التجربة على حيوانات مهندسة جينيا، بحيث يمتلك كل منها نمطا مختلفا من الخلايا يحوي مشغلا atat، فسنكون في النهاية قادرين على تجميع تسلسل الأحداث المؤدية من الاستثارة العصبية إلى السلوك، وعلى تحديد جميع الخلايا التي تؤدي دورا مشاركا في الدارة. إن كل ما كان يجب علينا فعله هو اكتشاف مشغل قابل للتكويد جينيا وعنده القدرة على تحويل ومضة ضوئية إلى نبضة كهربية.
لقد فكرنا أنه لإيجاد مثل هذا المشغل ينبغي أن ننظر في الخلايا التي تقوم بشكل طبيعي بتوليد إشارات كهربية استجابة لتعرضها للضوء، مثل المستقبلات الضوئية في أعيننا. تحوي هذه الخلايا مستشعراتantennae ماصة للضوء تسمى «رودوپسينات» hdpsins، وهي التي عندما يسلط عليها الضوء توعز إلى قنوات الأيونات في غشاء الخلية بأن تفتح أو تقفل، وبذلك تُغير سريان الأيونات وتنتج إشارات كهربية. لقد قررنا استزراع الجينات المكودة لهذه الرودوپسينات (إضافة إلى بعض الجينات المساعدة اللازمة لقيام الرودوپسينات بعملها) داخل عصبونات مستنبتة في طبق بتري(6). بهذا الإعداد البسيط استطعنا عندها اختبار فيما إذا كان تسليط الضوء على الطبق سيجعل العصبونات تطلق سيالات عصبية. لقد أفلحت تجربتنا بظهور أول المشغلات المُكوَّدة جينيا في أوائل عام 2002، بعد انقضاء أربعة أعوام على تطوير أول المُحِسَات المكوَّدة جينيا والقادرة على تبيان النشاط العصبي.
استراق السمع ضوئيا: بتزويد العصبونات بمحسات جزيئية تصدر ضوءا نتيجة تفعيل تلك الخلايا، يمكن للباحثين تتبع معالجة المعلومات حال حدوثها في الدارات العصبية. على سبيل المثال، تَعَقّب تسلسل مؤطرات الکيديو ـ الموضحة أعلاه ـ نشاط العصبونات الحاسة للرائحة، التي تلامس مناطق محددة (المحاطة بدوائر) من دماغ الذبابة. لقد أدت إثارة العصبونات إلى زيادة التفلور (البقع الزرقاء)، الذي ذوى بعد ذلك حينما سكنت الخلايا.
زائر
ذباب مُتحكَّم فيه من بعد(*****)
مؤخرا، جند الباحثون پروتينات أخرى تحس الضوء لتعمل مشغلاتٍ، مثل الميلانوپسين meanpsin الذي يوجد في خلايا متخصصة من الشبكية تساعد على تزامن الساعة البيولوجية اليومية(7) مع دوران الأرض. وقد أظهرت الجهود المتضافرة لـ <G.ناجل> [من معهد ماكس بلانك للفيزياء الحيوية في فرانكفورت] و <K.ديسيروث> [من جامعة ستانفورد] و <S.هِرليتز> [من جامعة كيس ويسترن ريزيرک] كفاءة پروتين آخر يسمى «تشانل رودوپسين 2-» hannehdpsin-2 ـ وهو الذي يوجه حركة السباحة عند الطحالب - لأداء الوظيفة. هناك أيضا تشكيلة من المشغلات المكودة جينيا يمكن التحكم فيها بوساطة مواد كيميائية حساسة للضوء جرى تصنيعها من قبلنا ومن قبل <إيزاكوف> وزميليه <H..كرامر> و <D.ترونر> [في جامعة كاليفورنيا، بيركلي].
كانت الخطوة التالية أن نبين أن مشغلاتنا استطاعت أن تعمل في حيوان حي، وهو تحدٍ طرَحْتُه على أول طالبة متخرجة لدي: <Q.S.ليما>. ومن أجل الحصول على إثبات لهذا المبدأ، ركزنا على دارة بسيطة جدا في الذباب، دارة تتألف من حفنة من الخلايا فقط. كان معروف لدينا أن هذه الدارة تتحكم في سلوك واضح: منعكس(8) هروب مفاجئ، تمد فيه الحشرة أرجلها بسرعة لتحقق إقلاعا. ومتى صارت في الهواء، بسطت أجنحتها وطارت. إن المقدح الذي يتسبب في انطلاق هذا التسلسل من الأفعال هو نبضة كهربية تنشأ من عصبونين من حوالي 150000 عصبون موجودة في دماغ الذبابة. يقوم هذان العصبونان اللذان يدعيان عصبوني القيادة، بتفعيل دارة خاضعة لهما تسمى «الدارة المولدة للنمط» patten geneat، التي تعطي بدورها التعليمات إلى العضلات المحركة لأرجل الذبابة وأجنحتها.
برهان على تجربة فكرة]
التحكم في ذبابة من بعد(******)
من تجارب أجريت على ذبابة الفاكهة، جاء الإثبات أن الپروتينات الحساسة للضوء تستطيع أن تعمل مشغلات ـ أي مباديل (مفاتيح) تشغيلn swithes يتحكم فيها العلماء ـ في عصبونات حيوانات حية. لقد جرت هندسة الذباب جينيا (وراثيا)، بحيث تقوم العصبونات فقط ضمن منظومتها التي تسمى «منظومة الألياف العملاقة»، بصنع الپروتينات. لقد عرف قبل عهد بعيد أن هذه العصبونات تقدح استجابة هروب الحشرة عند تفعيلها. في التجربة الممثلة أدناه، حفز تعريض المنظومة العصبية للذبابة لومضة من ضوء الأشعة فوق البنفسجية استجابةَ الهروب هذه، ما يوضح أن المشغل قد عمل وفق المراد.
1-عُرِّضت ذبابة فاكهة ـ مزودة بمقادح حساسة للضوء على عصبونات منظومة الألياف العملاقة ـ إلى وميض من ضوء فوق بنفسجي صادر عن جهاز ليزر.
2-صدم الضوء پروتينا يمكن تفعيله بالضوء موجود على سطح العصبون، محرضا القنوات الأيونية في غشاء الخلية أن تفتح. إن تدفق الأيونات الناتج عن فتح القنوات الأيونية سبب إطلاق العصبونات للسيالة العصبية.
3-وبذلك جرى تفعيل منظومة الألياف العملاقة، وقفزت الحشرة في الهواء وخفقت بأجنحتها.
4-في تجربة تالية، أظهر الذباب العديم الرأس الاستجابة نفسها للضوء، مبطلا إمكانية أنها كانت تستجيب لرؤية الضوء ومثبتا أن الليزر كان يتحكم في منظومة الألياف العملاقة نفسها.
من دواعي سرورنا أن كلا النوعين من الذباب أقلعا حال صدور وميض شعاع ليزر.
لقد وجدنا مبدالا جينياgeneti swith كان مفتوحا بشكل دائم في عصبوني القيادة، ولكن ليس في غيرهما؛ ومبدالا آخر كان مفتوحا في عصبونات الدارة المولدة للنمط، ولكن ليس في عصبوني القيادة. وباستخدام هذين المبدالين، أنتجنا ذبابا مهندسا جينيا تقوم فيه إما عصبونات القيادة أو عصبونات الدارة المولدة للنمط بإنتاج المشغِّل الحساس في إقلاعه للضوء. وكان من دواعي سرورنا أن كلا النوعين من الذباب أقلع في الهواء إثر تعريضه لوميض شعاع ليزر قوي بما يكفي لاختراق إهاب (كيوتيكل) الحيوانات السليمة والوصول إلى الجهاز العصبي. لقد أكد هذا لنا أن كلا من خلايا القيادة وخلايا الدارة المولدة للنمط أسهمت في منعكس الهروب وأثبتت أن المشغلات قد عملت وفقا لما كان يتوقع منها. ولما كانت العصبونات المعنية فقط هي التي احتوت على المشغلات المكودة جينيا، فقد «عرفت» وحدها أن تستجيب للمنبه الضوئي ـ لم نكن مضطرين أن نسدد شعاع الليزر نحو خلايا هدف محددة. كان الأمر كما لو أننا نذيع رسالة لاسلكية عبر مدينة مؤلفة من 150000 منزل، امتلك حفنة منها فقط جهاز الاستقبال المطلوب لفك كود الإشارة، وبقيت الرسالة غير مسموعة للبقية.
على كل حال، بقي لدينا إشكال ملح وحيد. إن عصبونات القيادة التي تستهل منعكس الهروب موصولة بمدخلات من العين. وتُفَعِّل هذه المدخلات دارة الهروب أثناء حدوث فترة انقطاع ضوء انتقالية، تماما كما يحدث عندما يلقي مفترس مقترب بظله. (إنك تعرف ذلك أثناء محاولاتك قتل ذبابة بيدك: في كل مرة تحرك فيها يدك باتجاه المكان المناسب لضربها، تجدها تقفز على نحو مزعج وتطير بعيدا.) لقد خشينا أنه ربما كان منعكس الهروب في حالتنا هو أيضا استجابة إبصارية عن طريق العين لنبضة الليزر، وليس نتيجة لتحكم ضوئي مباشر في دارات القيادة أو الدارات المولدة للنمط.
للتخلص من قلقنا هذا، أجرينا تجربة وحشية في بساطتها: لقد قطعنا رؤوس الذباب لدينا. وهذا أبقانا مع كائنات هي أجساد بلا رؤوس (يمكنها أن تبقى حية يوما أو يومين)؛ تحتوي في ثنايا عقدها العصبية الصدرية التي تشبه بشكل بدائي الحبل العصبي عند الفقاريات، على كامل مجموعة الدارات المولدة للنمط. لقد أدى تفعيل هذه الدارة بالضوء إلى قذف هذه الأجسام العديمة الحركة في الهواء. وعلى الرغم من أن طيران هذه الأجسام كان غالبا ما يبدأ بحركات بهلوانية غير مستقرة وينتهي بسقطات أو اصطدامات مريعة، فإن مجرد وجودها أثبت أن الليزر تحكم في الدارة المولدة للنمط نفسها ـ لم يكن ثمة طريق آخر لهذه الحيوانات العديمة الرؤوس لتستطيع أن تتبين الضوء وتتجاوب معه. (كذلك أوضحت المناورات الخرقاء لهذه الكائنات العديمة الرأس بشكل حي أن الابتكار العظيم للأخوين <رايت> كان اختراع طيران آلي متحكم فيه، وليس مجرد طيران آلي.)
تغيرت أنمطة نشاط ذباب الفاكهة ـ الذي تمت هندسة عصبوناته المنتجة للدوبامين لتكون حساسة للضوء ـ تغيرا بالغا عندما سلط عليها الضوء. تحول الذباب من كونه لا يكاد يتحرك (أعلى) إلى تفحص محيطه بالتفصيل (أسفل)، ما يدعم نظرية أن الدوبامين يزيد السلوك الاستكشافي.
وكذلك هندسنا جينيا ذبابا يضم قواطع ضوئية مرتبطة فقط بالعصبونات التي تصنع الناقل العصبي دوبامين. عند تعرضه لوميض الليزر، صار هذا الذباب فجأة أكثر نشاطا، وتجول في كافة أرجاء محيطه. وقد أشارت دراسات سابقة إلى أن الدوبامين يساعد الحيوانات على توقع الثواب والعقاب. وإن اكتشافاتنا في الذباب تتسق مع هذا السياق؛ إذ إن الحيوانات لم تَصِر أكثر نشاطا فقط، ولكنها أيضا استكشفت بيئتها بشكل مختلف، كما لو أنها تستجيب لتوقع مغاير من الكسب أو الخسارة.
زائر
رائد غير متوقع(*******)
قبل ثلاثة أيام من صدور الورقة العلمية المعلِنة لهذه التجارب في مجلة e، كنت أستقل طائرة إلى لوس أنجِلوس لإلقاء محاضرة. وكان صديق لي قد أعطاني رواية <T.وُلف> لليافعين الصادرة حديثا بعنوان «أنا تشارلوت سيمونز» ظنا منه أن تصوير الكاتب لعلماء الأعصاب في هذه الرواية سيروقني، هذا إضافة إلى مادة هذه الرواية التي أكسبتها جائزة التصوير السيئ للجنس في كتب الخيال التي تمنحها مجلة العروض الأدبية. وفي الطائرة وقعت على مقطع من الرواية تحضر فيه <تشارلوت> محاضرة عن عمل قام به شخص يدعى <J.دِلگادو> وهو أيضا يتحكم في الحيوانات من بعد ـ وليس عن طريق مشغلات مكودة جينيا يقودها الضوء، ولكن بوساطة إشارات لاسلكية تُبَث إلى إلكترودات كان قد اغترسها في الدماغ. لقد خاطر <دلگادو>، وهو إسباني الجنسية، بحياته ليثبت قوة منحاه في السيطرة على الحيوانات عن طريق إيقافه ثورا هائجا مندفعا باتجاهه في منتصف الطريق قبل وصوله إليه. وهذا يعتبر، كما يعلن المحاضرُ المتَخَيَّل للكاتب <وولف>، نقطة تحول في علم الأعصاب ـ إنه هزيمة حاسمة للمثنوية daism، وهي فكرة أن العقل كيان مستقل عن الدماغ. والحجة على ذلك هي أنه إذا أمكن تغيير الحالة الذهنية (العقل) لحيوان ما من خلال منابلة <دِلگادو> الفيزيائية للدماغ، فإن الاثنين يجب أن يكونا عضوا واحدا.
[تجارب أخرى لعلم الجينات الضوئية]
فهم الدارات(********)
مكنت الدراسات الحديثة التي تستخدم أساليب الجينات الضوئية علماء الأعصاب من تحديد ومنابلة الدارات العصبية التي تحكم عددا من السلوكات في الذباب والديدان والسمك والفئران، ومن ثم السيطرة عليها. وهذه هنا أمثلة معدودة عما تعلموه.
لقد كدت أسقط من مقعدي لهول المفاجأة. أكان <دِلگادو> شخصا حقيقيا أم خياليا؟ عقب الهبوط في لوس أنجلوس مباشرة أجريت بحثا على الإنترنت قادني إلى صورة لمصارع ثيران مع جهاز تحكم من بعد وثوره. كان <دِلگادو> - كما علمت - أستاذا في معهدي نفسه في يال، وكتب كتابا بعنوان «التحكم الفيزيائي في العقل: نحو مجتمع متحضر نفسيا»، ظهر في عام 1969، لخص فيه جهوده للتحكم في الحركات، وبعث الذواكر والأوهام، وإثارة اللذة أو الألم [انظر: «العصر المنسي للشيبات الدماغية»، مجلة العلوم ، العددان 43 (2006) ص 12]. ويختم الكتاب بنقاش حول ما يمكن أن تنطوي عليه القدرة على التحكم في عمل الدماغ بالنسبة إلى الطب والأخلاق والمجتمع، وحتى صناعة الحرب. وعلى هذه الخلفية، ربما ما كان لي أن أتفاجأ عندما رن الهاتف في اليوم الذي نشرت فيه ورقتنا؛ وسألني صحفي أمريكي «إذن متى سنغزو بلدا آخر بجيش من الذباب المتحكم فيه من بعد؟»
لم يتوقف الاهتمام الإعلامي عند هذا الحد. في اليوم التالي أطلت صحيفة دردج ريبورت Ddge ept بعنوان هستيري: «العلماء يخلقون ذبابا متحكما فيه من بعد». وقد طغى هذا الخبر على أخبار الظهور الأخير ل<M.جاكسُن> في قاعة المحكمة. وأنا أفترض أن هذا الخبر هو الذي أوحى بالمشهد المسرحي الذي عرض بعد أسبوع أو نحوه في برنامج «عرض الليلة»، الذي قام فيه المضيف <J.لينو> بتوجيه ذبابة متحكم فيها من بعد نحو فم الرئيس<W.G.بوش> وهو أول تطبيق عملي لتقانتنا الجديدة.
منذ ذلك الحين، استخدم الباحثون سبيل المبدال الضوئي ight swith للتحكم في سلوكات أخرى. وفي الشهر 102007، أعلن <ديسيروث> وزميله <.دوليسا> [من جامعة ستانفورد] نتائج دراسة على فأر استخدما فيه ليفا ضوئيا ليوصلا الضوء مباشرة إلى العصبونات التي تنتج الهَيْپوكريتين hypetinـ وهو ناقل عصبي في صورة پروتين صغير أو پپتيد ـ ليروا ما إذا كانت هذه العصبونات تنظم النوم. ارتاب الباحثون في أن الهَيْبوكريتين يؤدي هذا الدور؛ لأن سلالات معينة من الكلاب التي يُعْوِزها مستقبلات الهَيْبوكريتين تعاني نوبات مفاجئة من النعاس. كشف العمل الجديد أن تنبيه عصبونات الهَيْبوكريتين أثناء النوم يميل إلى التسبب في إيقاظ الفئران، ما يدعم تلك الفرضية.
وفي مختبري في يال قام <D.J.كلاين> [الحاصل على زمالة ما بعد الدكتوراه] باستخدام المشغلات المكودة بالجينات للحصول على تبصرات في الاختلافات السلوكية بين الجنسين. تذهب ذكور العديد من أنواع الحيوانات بعيدا في التودد إلى أفراد الجنس الآخر. ففي حالة ذباب الفاكهة، تُذَبذِبُ الذكور واحدا من أجنحتها لتنتج أغنية sng تجدها الإناث مغرية. ومن أجل سبر الأسس العصبية لذلك السلوك الذكري حصرا، استخدم <كلاين> الضوء لتفعيل مولد النمط المسؤول عن الأغنية. ووجد أن الإناث أيضا تمتلك مجموعة الدارات المسؤولة عن صنع الأغنية. لكن في وضعها الطبيعي تنقصها الإشارات العصبية المطلوبة لتشغيلها. ويوحي هذا الاكتشاف بأن أدمغة الذكور والإناث موصولة عصبيا بالطريقة نفسها تقريبا، وأن الاختلافات في السلوك الجنسي تنشأ من فعل مباديل رئيسية maste swithes، متموضعة استراتيجيا بحيث تضبط الدارات، بحيث تتناسب إما مع وضع ذكر أو وضع أنثى.
زائر
العلاج بالضوء(*********)
حتى الآن هندس الباحثون على نحو نموذجي حيوانات تحمل إما محسّا أو مشغلا داخل العصبونات التي تعنيهم. لكن من الممكن تزويد هذه العصبونات بكلا النوعين. وفي المستقبل، نأمل أن نكون قادرين على استنسال نماذج دراسة لديها محسات أو مشغلات متعددة، ما سيسمح لنا بالدراسة الآنية لمجموعات (لجمهرات) متنوعة من العصبونات في الفرد نفسه.
[تطبيق]
الإمكانية العلاجية(**********)
في النهاية، يمكن أن يحل التنبيه الجيني-الضوئي محل تنبيه أعماق الدماغ deep-bain stimatin(DBS) المعتمد على الإلكترودات (اللواحب) طريقةً لعلاج داء باركنسون وغيره من الاضطرابات. ينبهDBS الأجزاء من الدماغ التي تتحكم في الحركة باستخدام منظم paemake وإلكترود مغترس، وبذلك يحصر الإشارات العصبية الشاذة التي تسبب الرعشة وغيرها من أعراض باركنسون. ويمتلك التنبيه الجيني-الضوئي إمكانية استهداف الخلايا المسببة للمشكلة بدقة أكبر كثيرا من قدرة الإلكترودات المستخدمة في التنبيه DBS . ولكن لنجعل الخلايا المناسبة تصنع الپروتين الحساس للضوء، ستتطلب المعالجة بالجينات الضوئية أن يخضع المرضى لعلاج جيني، وهو محظور حاليا بسبب مخاوف الأمان.
إن سلطتنا المكتشفة حديثا على الدارات العصبية تخلق فرصا هائلة للأبحاث الأساسية. ولكن هل هناك فوائد عملية؟ ربما، مع أني أشعر أنها مبالغ فيها أحيانا. إن <دِلگادو> نفسه حدد مناطق عديدة يمكن فيها للتحكم المباشر في عمل الأعصاب أن يؤدي إلى فوائد طبية، مثل: الجراحة التعويضية الحسية وعلاج اضطرابات الحركة (كما صار واقعا حاليا مع تنبيه أعماق الدماغ العميق في علاج داء باركنسون) وتنظيم المزاج والسلوك. لقد رأى هذه الاستخدامات الممكنة امتدادا مباشرا ومنطقيا للممارسة الطبية القائمة، وليس انتهاكا مباغتا وغوصا في الرمال المتحركة الأخلاقية لحقل «التحكم في العقل». وبالفعل، قد يبدو اعتباطا ونفاقا أن نرسم حدا فاصلا بين الوسائل الفيزيائية للتأثير في وظيفة الدماغ والمنابلات الكيميائية، سواء كانت مستحضرات دوائية تؤثر في العقل أو خلطة تساعدك على الاسترخاء بعد يوم شاق. في الحقيقة، إن التدخلات الفيزيائية يمكن أن تُعيّر وتسدد نحو هدفها وذلك بدقة أكثر مما هو الحال بالنسبة إلى العقاقير، وبذلك تُقَلل الأعراض الجانبية.
لقد بدأت بعض الدراسات بالفعل بسبر إمكانية تطبيق علم الجينات الضوئية في المشكلات الطبية. ففي عام 2006، استخدم الباحثون قنوات أيونية يجري تفعيلها بالضوء، من أجل استعادة الحساسية الضوئية لعصبونات الشبكية الباقية في فئران مصابة بمرض تدهور مستقبلات الضوء phteept degeneatin. لقد قاموا باستخدام کيروس ليوصلوا الجينة المكودة ل«تشانل رودوپسين-2» إلى الخلايا، وذلك بحقنه مباشرة في أعين الحيوانات. لقد أرسلت الشبكيات المرممة بهذه الطريقة إشارات إلى الدماغ حرض انبعاثها الضوء، ولكن ما بقي مجهولا هو فيما إذا كان هذا الإجراء قد أدى إلى استعادة الحيوانات بصرها بالفعل.
على الرغم من جاذبيتها من الناحية النظرية، فإن العلاجات التي تعتمد على علم الجينات الضوئية تواجه عائقا عمليا مهما عند البشر، وهو أن هذا الإجراء يتطلب إدخال جينة أجنبية ـ وهي تلك التي تكود المشغل المتحكم فيه بالضوء ـ إلى الدماغ. وحتى الآن لا ترقى تقانة العلاج الجيني إلى مستوى التحدي، وإن إدارة الغذاء والدواء [الأمريكية] معنية كفاية بالمخاطر المرتبطة بذلك، حتى إنها حظرت مثل هذه التدخلات إلى حين، إلا لأغراض تجريبية محصورة في نطاق ضيق.
إن الفرصة الفورية التي تتيحها سيطرتنا على دارات الدماغ ـ أو حتى خلايا أخرى قابلة للاستثارة الكهربية، مثل تلك التي تنتج الهرمونات وتلك التي تؤلف العضلات - تكمن في كشف أهداف جديدة للأدوية: إذا كانت المنابلة التجريبية لمجموعات الخلايا س، ص، ع تدفع الحيوان إلى أن يأكل أو ينام أو يتخلى عن حذره؛ فإن المجموعات الخلوية س، ص، ع تكون عندها أهدافا ممكنة لأدوية تعالج السمنة والأرق والقلق على الترتيب. إن إيجاد مركبات تنظم العصبونات س، ص، ع قد يقود إلى إيجاد علاجات جديدة أو أفضل لاضطرابات ليس لها علاج حاليا أو إلى استخدامات جديدة للأدوية الموجودة. ما زال هناك الكثير ليكتشف، ولكن مستقبل علم الجينات الضوئية يلمع ساطعا.