زائر
ادوية المستقبل
الصيدلاني فراس جاسم جرجيس
مع تقدم العلوم الطبية في جميع مجالاتها ، يزداد بوضوح اكثر المعركة الشرسة التي يخوضها جيش العلماء والباحثون في هذا المجال ضد الامراض ، حيث يحاولون في كل عام احراز بعض التقدم في سبيل الوقاية ومنع انتشار وتفاقم الامراض . وعلى الرغم من ذلك فما زالت الانجازات البشرية بعيدة جدا عن تحقيق الانتصار في اي من الامراض . صحيح ان هناك العديد من الادوية والعلاجات التي نجحت في انقاذ البشرية من الموت نتيجة امراض خطيرة كبعض الامراض الوبائية كالجدري والسل وشلل الاطفال والتيفوئيد ، والامراض الجسدية كالسكري وارتفاع ضغط الدم ، والامراض النفسية كالفصام والاكتئاب .
الا انه مع ظهور عوامل اخرى كالتلوث البيئي والاشعاعي ، وانتشار انواع واجيال جديدة من الكائنات الدقيقة كالفيروسات ، ومقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية ، والجهل الصحي ، وانتشار الفقر ، يواجه مصاعب اكثر في ايجاد الحلول لتلك المشاكل المتمثلة في انتشار المزيد من الامراض وظهور انواع جديدة ، لم يكونوا يعلمون عنها شيء في السابق وليس لديهم معرفة في كيفية التعامل معها . الا انهم مع ذلك يحاولون ايقاد شمعة لتضيء بقعة في وسط هائج من الامراض والعلل .
في كل عام يتمكن العلماء من اكتشاف عدد كبير من المواد الفعالة ، الا ان الحاجة لسنوات طويلة من البحث والدراسة يكون عائقا امام ظهور مثل هذه الادوية ، الا ان المستقبل يبشر بالموافقة على عدد كبير من هذه الادوية ، والتي يأمل ان يكون لها دور فعال في علاج العديد من الامراض ، وتؤكد احدى الدراسات ان هناك اكثر من 2000 دواءا حاليا ، لعلاج مايقارب 800 مرض ، في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية ، وهي مرحلة متقدمة في عملية انتاج الدواء. وان هناك عدد كبير جدا من المواد الاخرى ما زالت في المراحل الاخرى للتجارب . علما انه في العام 2004 تم الموافقة على 38 دواءا جديدا لعلاج انواع متعددة من الامراض ، كالسكري وانواع من مرض السرطان والفشل الكلوي والارق والشلل الرعاش ( باركنسون ) والاكتئاب ، بالاضافة الى التطوير الحاصل على الاشكال الموجودة اصلا.
وما زال الطريق مفتوحا ، ومازالت المؤسسات العلمية وشركات الدواء تتسابق في انتاج مثل هذه العقاقير في محاولة للتغلب على الامراض ومساعدة البشرية . وهناك الكثير من التجارب التي تجري حاليا لانتاج الادوية ، حيث يجرب حاليا اكثر من 158 دواءا جديدا للاطفال ، تتعلق بامراض مختلفة منها السرطان والربو والصرع والسكري والايدز والاورام الجينية . كما ان هناك مايقارب 400 دواء جديد قيد التطوير لعلاج الامراض السرطانية المختلفة ، وعدد مقارب لعلاج الامراض الجرثومية ، وخصوصا الامراض التي تسببها الفيروسات .
ربما يأخذ البعض سبب تأخر ظهور مثل هذه الادوية ، على الرغم من هذا التطور الكبير في الدول المتقدمة ، الا ان هذا التأخر له سببه في كثير من الاحيان ، فأكتشاف اي مادة جديدة او عقار جديد لابد ان يمر بمراحل عديدة قد تستغرق خمسة عشر عاما ، في سبيل التأكد من فعالية وسلامة وحدود عمل الدواء والامراض التي يشملها . فمثل هذه المواد قد تبقى مايزيد عن عشر سنوات بين جدران المختبرات والمراكز البحثية والمستشفيات للبحث عن المادة الفعالة ، واجراء الالاف التجارب المخبرية على الحيوانات والخلايا المعزولة ، وعدد كبير اخر من التجارب على عدد قليل من المرضى ، ثم تكبير عينة العدد ، الامر الذي يستغرق عشرات السنين حتى يتم التأكد من الدواء ويعترف به . مع متابعة مستمرة للدواء في السوق ، وقد يتم منع بيعه بعد اعوام بسبب اكتشاف اثر جانبي او عكسي لم يسجل ، كما حصل مع الكثير من الادوية ، واخرها العلاج المعروف بأسم سيليبركس .
سنحاول هنا النظر من منظار متفائل من خلال رؤية بعض الانجازات الصيدلانية التي بدأ تسويقها او سترى النور خلال الاشهر القادمة .
الصيدلة الجينية و الدواء الشخصي
تقنية جديدة ستدخل الى عالم الصيدلة متمثلة بما يسمى بالنوكليوتيد المفرد متعدد الاشكال (“SNP” Singe Netide Pymphisms) ، التي تقوم على تميز الفروقات الجينية التي تميز الافراد في استجابتهم للادوية ، والذي هو عبارة عن الاختلافات في سلسلة الحامض النووي ( DNA ) ، التي تظهر نتيجة فقدان او تغير موقع احد النيوكليوتيدات ( ادنين A ، او سايتوسين ، كوانين G ، تيراسين T ) في السلسلة الجينية . وبالتالي تكوين سلاسل مختلفة تؤدي الى تغير في نوع البروتينات المصنعة داخل الخلايا ، او تؤدي الى عدم انتاج هذه البروتينات ، التي تؤثر في الوظائف الحيوية للخلايا والمواد المنتجة كالانزيمات .
سيكون لهذه التقنية الكثير من التطبيقات ، منها المساعدة في الاختبارات الدوائية التي تجري لاثبات درجة فعالية وامان الدواء ، من خلال التعرف على الاشخاص الذين لديهم اختلاف جيني معين يؤدي الى عدم استقلاب الدواء ، مما يؤدي الى حدوث حالة من فرط الجرعة (vedse) ، او استقلاب سريع يؤدي الى نقص في فعالية الدواء .
الا ان اهم هذه التطبيقات سيكون في تصميم الدواء الشخصي ، من خلال تقنية النوكليوتيد المفرد متعدد الاشكال ، حيث سيتم تحديد الاشكال الجينية المختلفة للافراد من خلال تحليل جيناتهم ، وبالتالي تصميم دواء يكون مناسبا لمثل هؤلاء المرضى .
يضاف الى ذلك استخدام هذه التقنية في تحليل الانزيمات المسؤولة عن استقلاب الكثير من الادوية جينيا ، بحيث يتم التعرف على المرضى الذين ستحدث لديهم الاثار الجانبية او العكسية نتيجة اخذهم للدواء ، ومحاولة التقليل من الجرعة في حالة عدم وجود علاج اخر ، او تغيير العلاج اذا كان ذلك متوفرا .
الصيدلاني فراس جاسم جرجيس
مع تقدم العلوم الطبية في جميع مجالاتها ، يزداد بوضوح اكثر المعركة الشرسة التي يخوضها جيش العلماء والباحثون في هذا المجال ضد الامراض ، حيث يحاولون في كل عام احراز بعض التقدم في سبيل الوقاية ومنع انتشار وتفاقم الامراض . وعلى الرغم من ذلك فما زالت الانجازات البشرية بعيدة جدا عن تحقيق الانتصار في اي من الامراض . صحيح ان هناك العديد من الادوية والعلاجات التي نجحت في انقاذ البشرية من الموت نتيجة امراض خطيرة كبعض الامراض الوبائية كالجدري والسل وشلل الاطفال والتيفوئيد ، والامراض الجسدية كالسكري وارتفاع ضغط الدم ، والامراض النفسية كالفصام والاكتئاب .
الا انه مع ظهور عوامل اخرى كالتلوث البيئي والاشعاعي ، وانتشار انواع واجيال جديدة من الكائنات الدقيقة كالفيروسات ، ومقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية ، والجهل الصحي ، وانتشار الفقر ، يواجه مصاعب اكثر في ايجاد الحلول لتلك المشاكل المتمثلة في انتشار المزيد من الامراض وظهور انواع جديدة ، لم يكونوا يعلمون عنها شيء في السابق وليس لديهم معرفة في كيفية التعامل معها . الا انهم مع ذلك يحاولون ايقاد شمعة لتضيء بقعة في وسط هائج من الامراض والعلل .
في كل عام يتمكن العلماء من اكتشاف عدد كبير من المواد الفعالة ، الا ان الحاجة لسنوات طويلة من البحث والدراسة يكون عائقا امام ظهور مثل هذه الادوية ، الا ان المستقبل يبشر بالموافقة على عدد كبير من هذه الادوية ، والتي يأمل ان يكون لها دور فعال في علاج العديد من الامراض ، وتؤكد احدى الدراسات ان هناك اكثر من 2000 دواءا حاليا ، لعلاج مايقارب 800 مرض ، في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية ، وهي مرحلة متقدمة في عملية انتاج الدواء. وان هناك عدد كبير جدا من المواد الاخرى ما زالت في المراحل الاخرى للتجارب . علما انه في العام 2004 تم الموافقة على 38 دواءا جديدا لعلاج انواع متعددة من الامراض ، كالسكري وانواع من مرض السرطان والفشل الكلوي والارق والشلل الرعاش ( باركنسون ) والاكتئاب ، بالاضافة الى التطوير الحاصل على الاشكال الموجودة اصلا.
وما زال الطريق مفتوحا ، ومازالت المؤسسات العلمية وشركات الدواء تتسابق في انتاج مثل هذه العقاقير في محاولة للتغلب على الامراض ومساعدة البشرية . وهناك الكثير من التجارب التي تجري حاليا لانتاج الادوية ، حيث يجرب حاليا اكثر من 158 دواءا جديدا للاطفال ، تتعلق بامراض مختلفة منها السرطان والربو والصرع والسكري والايدز والاورام الجينية . كما ان هناك مايقارب 400 دواء جديد قيد التطوير لعلاج الامراض السرطانية المختلفة ، وعدد مقارب لعلاج الامراض الجرثومية ، وخصوصا الامراض التي تسببها الفيروسات .
ربما يأخذ البعض سبب تأخر ظهور مثل هذه الادوية ، على الرغم من هذا التطور الكبير في الدول المتقدمة ، الا ان هذا التأخر له سببه في كثير من الاحيان ، فأكتشاف اي مادة جديدة او عقار جديد لابد ان يمر بمراحل عديدة قد تستغرق خمسة عشر عاما ، في سبيل التأكد من فعالية وسلامة وحدود عمل الدواء والامراض التي يشملها . فمثل هذه المواد قد تبقى مايزيد عن عشر سنوات بين جدران المختبرات والمراكز البحثية والمستشفيات للبحث عن المادة الفعالة ، واجراء الالاف التجارب المخبرية على الحيوانات والخلايا المعزولة ، وعدد كبير اخر من التجارب على عدد قليل من المرضى ، ثم تكبير عينة العدد ، الامر الذي يستغرق عشرات السنين حتى يتم التأكد من الدواء ويعترف به . مع متابعة مستمرة للدواء في السوق ، وقد يتم منع بيعه بعد اعوام بسبب اكتشاف اثر جانبي او عكسي لم يسجل ، كما حصل مع الكثير من الادوية ، واخرها العلاج المعروف بأسم سيليبركس .
سنحاول هنا النظر من منظار متفائل من خلال رؤية بعض الانجازات الصيدلانية التي بدأ تسويقها او سترى النور خلال الاشهر القادمة .
الصيدلة الجينية و الدواء الشخصي
تقنية جديدة ستدخل الى عالم الصيدلة متمثلة بما يسمى بالنوكليوتيد المفرد متعدد الاشكال (“SNP” Singe Netide Pymphisms) ، التي تقوم على تميز الفروقات الجينية التي تميز الافراد في استجابتهم للادوية ، والذي هو عبارة عن الاختلافات في سلسلة الحامض النووي ( DNA ) ، التي تظهر نتيجة فقدان او تغير موقع احد النيوكليوتيدات ( ادنين A ، او سايتوسين ، كوانين G ، تيراسين T ) في السلسلة الجينية . وبالتالي تكوين سلاسل مختلفة تؤدي الى تغير في نوع البروتينات المصنعة داخل الخلايا ، او تؤدي الى عدم انتاج هذه البروتينات ، التي تؤثر في الوظائف الحيوية للخلايا والمواد المنتجة كالانزيمات .
سيكون لهذه التقنية الكثير من التطبيقات ، منها المساعدة في الاختبارات الدوائية التي تجري لاثبات درجة فعالية وامان الدواء ، من خلال التعرف على الاشخاص الذين لديهم اختلاف جيني معين يؤدي الى عدم استقلاب الدواء ، مما يؤدي الى حدوث حالة من فرط الجرعة (vedse) ، او استقلاب سريع يؤدي الى نقص في فعالية الدواء .
الا ان اهم هذه التطبيقات سيكون في تصميم الدواء الشخصي ، من خلال تقنية النوكليوتيد المفرد متعدد الاشكال ، حيث سيتم تحديد الاشكال الجينية المختلفة للافراد من خلال تحليل جيناتهم ، وبالتالي تصميم دواء يكون مناسبا لمثل هؤلاء المرضى .
يضاف الى ذلك استخدام هذه التقنية في تحليل الانزيمات المسؤولة عن استقلاب الكثير من الادوية جينيا ، بحيث يتم التعرف على المرضى الذين ستحدث لديهم الاثار الجانبية او العكسية نتيجة اخذهم للدواء ، ومحاولة التقليل من الجرعة في حالة عدم وجود علاج اخر ، او تغيير العلاج اذا كان ذلك متوفرا .