البلع عملية معقدة .. تعالو نتعرف عليها..!

زائر
الكحة و الشرقة عند الأكل أو الشرب أو بعدهما وتحول الصوت علامة مرضها واضطرابها..

البلع عملية معقدة تمارس أكثر من 2000مرة يوميا بكل سهولة وسلاسة



عملية البلع

د. خالد حسان المالكي

لا يحرص كثير من المرضى على فهم طبيعة مرضهم، هذه حقيقة، فقد تجد بعض المرضى قد أجريت لهم أو لأقاربهم عمليات جراحية ولايعلمون عنها إلا موقع العملية وندبتها على الجلد، وحتى هذه قد لا يذكرونها، وإن حرص بعض المرضى على معرفة أكثر من ندبة الجراحة وبدأ في طرح أسئلته تبرم بعض الأطباء - وهم قلة ولله الحمد - من مثل هذه الأسئلة التي يحسون بأن المريض ليس بحاجة إليها، إن علينا - نحن الأطباء - أن نفرح من محاولة المريض معرفة تفاصيل مرضه وفهم أسبابه وطريقة علاجه، وعلى الطبيب أن يكون صبورا متفهما للمريض واحتياجاته، وألا يحرم المريض من أي معلومة تفيده، فإن هذا أدعى أن يقبل المريض تشخيص طبيبه، وأن يحرص على خطته العلاجية.

ما دعاني لهذه المقدمة الهامة هو أن علاج كثير من الأمراض يعتمد فقط على التزام المريض بالنصائح والتوجيهات العلاجية التي وضعها له الطبيب، فليست كل الأمراض تحتاج إلى مشرط جراح أو دواء طبيب، وأمراض البلع واضطراباته ليست استثناء، وسأحاول في هذه الكلمات أن أجيب على بعض الأسئلة التي تخص أمراض البلع واضطراباته، والتي أتمنى من مرضاي أن يسألوني إياها، وأعدهم بأني بإذن الله لن أتبرم ... مارأيكم أن نبدأ؟

@ كيف تحدث عملية البلع الطبيعية؟

- إن عملية البلع عملية معقدة، وبالرغم من هذا فهي تتم في الأحوال الطبيعية بكل سهولة وسلاسة، فالانسان الطبيعي يبلع يوميا أكثر من 2000مرة، قد لا يحس بأي منها، فسبحان الله الخالق، وهي عملية يتم فيها تمرير الطعام والشراب من الفم إلى المعدة، وتمر بأربع مراحل متتالية: أولها المرحلة الفمية التحضيرية، ويتم فيها مضغ الطعام وتجهيزه للبلع، والمرحلة الثانية هي المرحلة الفمية الدفعية، حيث يدفع اللسان البلعة إلى الجزء الخلفي من الفم، وتتم هذه المرحلة في أقل من ثانية واحدة، وثالثة المراحل هي المرحلة البلعومية، وهي أعقدها وأهمها، حيث تدفع البلعة إلى بوابة المرئ مرورا بالبلعوم، وتتم فيها حماية مجرى التنفس والحنجرة من دخول أي طعام أو شراب، أو حتى اللعاب، ولا تتجاوز هذه المرحلة الثانية أو الثانيتين، وآخر المراحل ورابعها هي المرحلة المريئية، ويتم فيها دفع الطعام أو الشراب إلى المعدة عبر أنبوب المرئ، فسبحان الذي أبدع كل شئ خلقه.

@ لماذا نصاب بأمراض البلع؟

- لأمراض البلع أسباب متعددة، أشهرها: جلطة الدماغ، وإصابات الرأس، وأورام الرأس أو الرقبة أو جراحاتها، وبعض الأمراض العصبية التي تصيب الدماغ أو العضلات، وعلينا ألا ننسى بأن أحد مسببات اضطرابات البلع هو الارتجاع الحاد والمتكرر لأحماض المعدة إلى الحنجرة.

@ كيف أعرف أن عندي اضطرابا في البلع؟

- لو أصبت باضطراب في البلع - لا سمح الله - فستعرف بلا شك، فهي عملية تحدث أكثر من 2000مرة في اليوم كما قلنا، ولكن للتبسيط نقول إن أعراض اضطراب البلع الرئيسة هي: الكحة أو الشرقة عند الأكل أو الشرب أو بعدها بقليل، تحول الصوت إلى صوت رطب كالغرغرة، وذلك أثناء الأكل أو الشرب أو بعده بقليل، صعوبة في دفع الطعام أو الشراب عبر الحلق، تجمع الطعام في الفم بعد البلع، وعدم التحكم في اللعاب وخروجه خارج الفم، ومن المهم التوضيح بأنه عند دخول الطعام أو الشراب إلى مجرى التنفس ووصوله إلى الرئتين فإن الحالة تصبح أخطر، ويشتكي المريض عندها من الكحة وارتفاع درجة الحرارة مع صعوبة في التنفس.

@ ماذا علي أن أفعل إذا أصبت باضطراب البلع؟

- أولا أسأل الله تعالى أن يشفي كل مريض، وثانيا أقول إذا أصبت باضطراب البلع فعليك مراجعة طبيب التخاطب أو أخصائي التخاطب المدرب على التعامل مع هذه الحالات، خصوصا إذا كان اضطراب البلع في إحدى المراحل الثلاث الأولى لعملية البلع، وينبغي التأكيد هنا على أهمية تقييم وعلاج أمراض البلع وعدم التهاون فيها، لأن الإهمال فيها قد يؤدي إلى بعض المشاكل الصحية، ومنها ضعف التغذية، والجفاف، وفقد لذة الأكل والشرب، والحرج عند تناول الطعام بين الناس، ودخول الطعام أو الشراب إلى مدخل التنفس كما ذكرنا، وما قد يؤدي ذلك إلى إلتهاب للرئتين.

@ كيف يمكن تشخيص أمراض البلع؟

- بعد أن يقوم طبيب التخاطب أو الأخصائي المختص في اضطرابات البلع بأخذ التاريخ المرضي، تأتي مرحلة فحص الفم وأجزائه المختلفة، وقد يجرى كذلك اختبار سريع للبلع عن طريق إعطاء المريض مشروبات وأطعمة ذات قوام وكثافة متفاوتة، لاختبار قدرة المريض على التعامل مع مثل هذه الأطعمة أو الأشربة، ولكن الأهم من كل هذا هو إجراء بعض الفحوصات الخاصة بالبلع، ومنها أولا: فحص البلع عن طريق المنظار، حيث يمرر منظار قصير ونحيف عبر أنف المريض وصولا إلى الحلق، ويعطى المريض بعدها مشروبات وأطعمة ذات قوام وكثافة متفاوتة ومخلوطة ببعض ملونات الطعام، وذلك حتى يسهل متابعة الطعام أو الشراب عن طريق المنظار، ومعرفة ما إذا كان الطعام أو الشراب يأخذ مجراه الطبيعي من الفم عبر البلعوم ثم إلى المرئ، أم أن البلعة تتجمع في بعض تجاويف البلعوم أو تدخل مجرى التنفس، والفحص الثاني هو فحص البلع بالأشعة، وذلك عن طريق إعطاء المريض مشروبات وأطعمة ذات قوام وكثافة متفاوتة ومخلوطة بمادة خاصة تسمى الباريوم، وهي مادة يمكن رؤيتها بالأشعة، وفي هذا الاختبار يقوم أخصائي التخاطب وبوجود طبيب الأشعة بتصوير المريض أثناء أكله وشربه تلك الأطعمة أو الأشربة المخلوطة بالباريوم، ويتابع أخصائي التخاطب مرور الطعام من الفم وحتى وصوله للمعدة، وينبغي التأكيد هنا على أن هذين الفحصين وبالرغم من دقتهما وأهميتهما في تشخيص أمراض البلع بل وفي علاجها إلا أنهما يقيمان حالة البلع وقت الاختبارفقط، لأنه من المعلوم أن حالة البلع ومدى سلامته معرضة للتغير والتبدل مع تغير الحالة المرضية للمريض، ومن هنا تأتي أهمية الفحص المتكرر لعملية البلع متى ما دعت الحاجة لذلك.

@ ماهي الخيارات العلاجية لأمراض البلع؟

- تختلف الخيارات العلاجية لاضطرابات البلع بحسب السبب والأعراض، ولكن يمكن تقسيم التدخلات العلاجية إلى الآتي:

(1) تغيير قوام وسماكة الطعام، وأيضا طريقة إعطاء الطعام للمريض،

(2) تعديل وضعية الجسم، وخصوصا الرأس والرقبة أثناء البلع،

(3) تدريب المريض على القيام ببعض المناورات والأوضاع التي تسهل عملية البلع وتحمي مجرى التنفس،

(4) تمارين تقوية عضلات البلع،

(5) وفي أحيان قليلة قد يحتاج المريض إلى إجراء بعض العمليات الجراحية، أو إلى استعمال بعض الأدوية.


@ استشاري وأستاذ مساعد طب التخاطب والصوتيات

رئيس وحدة أمراض التخاطب والبلع

مستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي بالرياض
 

زائر
السلام عليكم ,

مشكووووووور,