التناسق الهرموني في أوائل سورة مريم..

زائر
د. زهير رابح قرامي

إن معجزة القران هي كونه كتابا يتضمن بين دفتيه كلاما بلغة عربية فصيحة، وهذا الكلام ذو خصائص معينة لا يمكن لأحد مهما كانت عبقريته أن يأتي بمثله: { قُل لّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنّ عَلَىَ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} "سورة الإسراء،آية 88"

فخاصيته الأولى إذن هي قوته اللغوية بتعابيره الدقيقة وألفاظه العذبة وتصويره الرائع لتموجات النفوس في مشاعرها، وتقلبات أحوال الناس في حياتهم، وذلك دون أدنى اختلاف مع قواعد اللغة العربية والنحو والصرف والبلاغة وغيرها. هذا من ناحية اللفظ.

والخاصية الثانية هي مضمون هذا اللفظ الذي تناول بالبحث كل فرع من فروع العلم البشري،مبرهنا على إحاطة عميقة بكل فرع على حدة، ولئن اقتصر الحديث عن بعض التفاصيل الدقيقة للعلوم الكونية، فلأن المقصود هو تقديم الدليل بان مصدر هذا الحديث هو عَالِم محيط بكل العلوم، وعارف بأدق حقائقها،ولا يهدف بالحديث عن هذه العلوم، تعليم الناس كل ما اشتملت عليه هذه العلوم من معرفة،ولكن إعلام الناس بان هذا الحديث الذي وصل إليهم هو من عنده وحده،الخالق الواضع للعلوم كلها، بدليل استعراضه لتـفاصيل خـفية على كل الناس بمن فيهم الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم، وذلك في العصر الذي انزل فيه هذا الكلام الرباني المعجز، وفي العصور المتقدمة عنه، وكذلك في فترة طويلة من العصور المتأخرة عن زمن نزول كلام الله المقدس الذي هو القرآن العظيم،الذي لا تنقضي عجائبه ولا يخلق على كثرة الرد كما قال الرسول صلوات الله و عليه سلامه.

ونستعرض في هذا المقال، إحدى روائع التعبير القرآني اللفظي إلى جانب جمال اللغة مع الدقة العلمية المتناهية المتعلقة بموضوع طبي حساس جدا، وحديث الاكتشاف وهو: النظام الهرموني العصبي في جسم الإنسان،كما ورد في تناسق بديع في أوائل سورة مريم. ولنتأمل هذه الآيات الكريمة:{كَهيعَصَ(1) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيّآ(2) إِذْ نَادَىَ رَبّهُ نِدَآءً خَفِيّاً(3) قَالَ رَبّ إِنّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنّي وَاشْتَعَلَ الرّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبّ شَقِيّاً(4) وَإِنّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَآئِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لّدُنْكَ وَلِيّاً(5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبّ رَضِيّاً(6) يَزَكَرِيّآ إِنّا نُبَشّرُكَ بِغُلاَمٍ اسْمُهُ يَحْيَىَ لَمْ نَجْعَل لّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً(7) قَالَ رَبّ أَنّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً(8)}.

لقد ذكرت هذه الآيات الثمانية الأولى خمسة أعراض طبية مجتمعة لدى رجل واحد وتتعلق بعدة تخصصات كما يلي:

- وهن العظم: وهذا يختص بعلم العظام.

- شيب الرأس: وهذا يختص بعلم الجلد.

- الخوف: وهذا يختص بعلم الأعصاب.

- ضعف الخصوبة: وهذا يختص بعلم الخصوبة.

- الكبر الشديد: وهذا يختص بعلم الشيخوخة.

ويتبادر السؤال إزاء اجتماع هذه الأعراض معا في أوائل سوره مريم: لماذا ذكرت تلك الأعراض بالذات دون عدد كبير أخر من أعراض الشيخوخة؟ وهل يوجد رابط علمي يجمع هذه الأعراض في وحدة طبية متناسقة؟

أجل إن هذه الأعراض إنما ذكرت مجتمعة دون غيرها لحكمة علمها الخالق سبحانه وتعالى، ويسر لنا الاطلاع عليها في هذا الزمن كما قال تعالى:{وَيَرَى الّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ الّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رّبّكَ هُوَ الْحَقّ وَيَهْدِيَ إِلَىَ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}."سبأ، آية 6".


دراسة الأعراض الطبية في أوائل سورة مريم:

إن الأعراض الطبية المذكورة في أوائل سورة مريم قد تعتري أي إنسان، وليست مقصورة على النبي زكريا عليه السلام، فكل إنسان تقدم به العمر يشكو من ضعف عظامه وشيب رأسه، وتتضاءل قدرته على الإنجاب، كما تعتريه فترات خوف من الموت - على اختلاف مصادر هذا الخوف وأنواعه - حيث نرى إن من الأسباب هنا أن سيدنا زكريا كان حريصا على استمرار مسيرة الدعوة، واستقرار شؤون أهله، مما يستلزم أن يكون له ولد، حيث إن وجود الولد مظنة تحقيق ذلك المراد. وإن تسمية ما تفضل الله به على سيدنا زكريا من حصول إنجاب الولد معجزة لأنه كان مع الكبر الشديد،وعقم زوجته(انظر تفسير ابن كثير 3180، 181، وتفسير في ظلال القرآن4 2302) فكان حصول الإنجاب منه مخالفا لما جرت به العادة،إذ أن حصول إنجاب الولد مع وجود الأعراض التي وردت الإشارة إليها يتعذر عادة.وهذه الأعراض هي: وهن العظام، شيب الرأس، وضعف الخصوبة، والخوف، والكبر الشديد، وهي أعراض لا تقتصر على الأنبياء فحسب،بل تعتري غيرهم من بني البشر، ولهذا السبب سنتطرق إلى الأعراض الخمسة المذكورة كأعراض طبية عامة لا ترتبط بحالة شخص بعينه وإنما هي قوانين وتفاعلات تسير وفق نظام أودعه الله كل الأجسام البشرية، ونشرع الآن في تفصيل هذه الأعراض والبحث عن العلاقة التي تربط بعضها ببعض.

- الشيخوخة

أ - البحث العلمي:

يمر الإنسان بعدة أطوار في حياته كما قال تعالى { هُوَ الّذِي خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ ثُمّ مِن نّطْفَةٍ ثُمّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمّ لِتَـبْلُغُوَاْ أَشُدّكُـمْ ثُمّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً وَمِنكُمْ مّن يُتَوَفّىَ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوَاْ أَجَلاً مّسَمّى وَلَعَلّـكُمْ تَعْقِلُونَ} سورة غافر آية 67، وتمثل الشيخوخة آخر هذه المراحل، وهي فترة التراجع في أغلب وظائف الجسم، وتظهر فيها أعراض النقص في كفاءة الأجزاء المختلفة في البدن، وان لم تتضح الأسباب المباشرة لهذه الظاهرة، إلا أن من التفسيرات المقبولة: تراكم العيوب على مستوى الأحماض النووية في نواة الخلية،مما يؤدي إلى عجز الخلية عن إنتاج البروتينيات السليمة،وبذلك تتراجع فاعلية هذه البروتينات في أداء وظيفتها في الجسم فتظهر أعراض الشيخوخة المختلفة.

وتوصلت الأبحاث إلى أن الجذور الحرة هي المسؤولة عن الأضرار التي تحصل في الخلية،لأنها مواد سامة للخلية، هذا إلى جانب تصلب وكثافة جدار الأوعية الدموية بسبب تسرب الدهون فيها،مما يؤدي إلى نقص في إمداد الأكسيجين والغذاء للخلايا في مختلف أجزاء الجسم، كما ربط الباحثون بين ظهور الشيخوخة وقصور في الساعة البيولوجية الموجودة في المهاد السفلي.( منطقة ما تحت المهاد: هي المنطقة تحت الغدة النخامية في الجمجمة).

ب - أعراض الشيخوخة:

كما رأينا أن الشيخوخة هي مرحلة طبيعية تتراجع فيها أجهزة الجسم عن أداء وظائفها بكفاءة وتختلف الشيخوخة عن الأمراض التي تحدث فيها.

ومن أعراض الشيخوخة ضعف البصر والسمع والذاكرة والعضلات،وقلة النوم والارتعاش وانكماش الجلد، وضعف العظام وشيب الشعر،وسنركز على الجملتين الأخيرتين، ومدى ارتباطهما بعلامة ثالثة هي ضعف القدرة على الإنجاب عند الشيوخ، كما سندرس علاقة ضعف العظام والشيب والكبر والخوف بضعف الخصوبة.




- وهن العظام

أ - البحث العلمي:

يعرّف وهن العظام بأنه نقص مهم في كمية العظام الموجودة في جسم الإنسان، وان كان حجم العظام يبلغ أقصى حد له عند بداية الكهولة، فان التراجع في هذا الحجم يبدأ بعد هذه الفترة عند سن الأربعين ويمثل العظم عضوا حيويا يتعاقب فيه الهدم و البناء بصفة مستمرة،وإذا ما تجاوز الهدم مستوى البناء يحصل التناقص في كمية العظم.


ب - العلاقة بين الشيخوخة ووهن العظم:

يرجع وهن العظام عند الكبر إلى نقص في كفاءة خلايا البناء العظمي stebaste وكذلك نقص فيتامين د Vitamine D وهذا يؤدى بدوره إلى نقص في امتصاص الكالسيوم وبالتالي زيادة هرمون "جار الدرقية" PataThmne الذي يؤدي إلى زيادة الهدم ونقص كمية العظام.

ويختص الرجل بعامل إضافي يساعد على نقص كمية العظام وهو هرمون الذكورة: التوستيسترون، وان كان هرمون الذكورة هذا يوازي في تنشيطه خلايا البناء تأثير الكورتيزون السلبي الذي يعطل من نشاط خلايا البناء فان تراجع الأول أي هرمون الذكورة التوستيسترون عند الكبر يفسح المجال للتأثير السلبي فقط المثبط لبناء العظام، فتنفرد خلايا الهدم بالعمل على نخر العظام ولا تواجهها خلايا البناء بالتعويض بسبب غياب التوستيستيرون وحضور الكورتيزون.

ج - العلاقة بين الخوف ووهن العظام:

إن الخوف المستمر والمؤثر يودي إلى حالة من الانفعال تحدث تغيرات جسيمة عديدة، ومن هذه التغيرات إفراز الكورتيزون من طرف الغدة الكظرية بمستويات عالية، قد تصل في حالات الخوف والقلق الشديد المستمر إلى نفس مستوى أورام الغدة الكظرية، أو مستوى الجرعات الدوائية لدواء الكورتيزون مثل الديكساميتزون ويتوقف بناء العظم مع زيادة هدمه بسبب مفعول الكورتيزون.

- الشيب

أ - البيان العلمي:

الشيب هو بياض الشعر بفقدان مادته الملونة،وتوجد هذه المادة في الطبقة الوسطى من الطبقات الثلاثة المكونة من خلايا كيراتيبية، والتي تتركب منها الشعرة فوق سطح الجلد.

وتأتى المادة الملونة من خلايا التلوين الموجودة في عمق البصيلة الشعرية،وتسمى هذه الخلايا Meanyte وهي تنقل الميلانين إلى الخلايا الكيراتينية في الشعر والجلد، ويوجد في اسفل البصيلة كثير من الأوعية الدموية الدقيقة والنهايات العصبية وألياف الكولاجين إلى جانب خلايا التلوين.

ويوجد في سطح الجلد 2 بليون خلية ملونة تزن كلها واحد جرام وتتوزع بحساب 1560خلية بالمليمتر المربع، وهذه الكميات ثابتة لدى كل الأجناس، إنما يتغير اللون بحسب كثافة مادة الميلانين داخل كل خلية.

ب - العلاقة بين الشيخوخة والشيب:

كلما تقدم الإنسان في السن ظهرت عليه علامات الشيب في رأسه بصفة تدريجية، ومعدل السن الذي تظهر فيه شعرات الشيب الأولى هو 9.96 ± 34.2 بحيث انه في سن الخمسين يصبح شعر بعضهم قد شاب بنسبة 50% ويصاحب فقدان مادة التلوين بالشعر نقص تدريجي في نشاط أنزيم الثيروزين داخل الخلية الملونة في بصيلة الشعر، كما أن هذه الخلايا نفسها تتناقص بمعدل واحد بالمئة كل سنة.

ويخضع نشاط خلايا التلوين إلى هرمون خاص تفرزه الغدة النخامية، يسمى الهرمون المنشط لخلايا التلوين MSH، ولا شك أنه بتقدم السن ينقص هرمون MSH وبالتالي يضعف نشاط خلايا التلوين ويتناقص عددها، ويظهر الشيب.

ج - العلاقة بين الخوف والشيب:

من المعروف أن الهموم والقلق المزمن يصيب شعر الرأس بالبياض، وقد أثبتت التجارب العديدة علاقة الجهاز العصبي الودي بظاهرة الشيب، حيث إن نشاطه في الانفعالات يؤدي إلى شيب الشعر،وقد لاحظ لورنر ene أن الشعر الأبيض يظهر بصفة اقل من المعتاد في المناطق التي فصلت عنها التغذية بالجهاز العصبي الودي، ونفس هذا الاستنتاج توصل إلية ارتون وزملاؤه (Same efeene N 9p. 2022).

ولا شك أن الشدائد النفسية تعجل بظهور الشيب بصفة سريعة جدا وهو ما عبر عبه القرآن بالاشتعال.

ويعتقد الباحث لورنر: أن فقدان لون الشعر هو نتيجة لمادة تسمم خلايا التلوين، ويفرزها الجهاز العصبي السمبثاوي قرب هذه الخلايا، وهو الأدرينالين الذي يعتبر أهم الإفرازات في التوتر.

 

زائر
ضعف الخصوبة

أ - البيان العلمي:

تتمثل الخصوبة لدى الرجل من الناحية البيولوجية في إنتاج الحيوانات المنوية من الخصيتين.

وتتركب الخصيتان من القنوات المنوية؛وهي المكان الذي توجد فيه الخلايا المنوية الأولية، والتي تنضح بتدرج داخل القنوات ثم تندفع باتجاه الخارج. أما العنصر الثاني فهو النسيج الخلالي الذي يملأ الفراغ الموجود بين القنوات المنوية، وفي هذا النسيج توجد خلايا ليديج التي تفرز هرمون الذكورة وهو التوستيستسرون، وتتأثر عملية نمو الخلايا المنوية بهذا الهرمون، إذ يؤثر على خلايا خاصة تغلف جدار القنوات المنوية تسمى خلايا سرتولي، غير أن خلايا سرتولي تحتاج في نفس الوقت إلى تنشيط هرمون FSH الذي يأتي مباشرة من الغدة النخامية إلى القنوات المنوية، وتفرز الغدة النخامية هرموناً آخر اسمه H وهو يحفز خلايا ليديج لكي تنتج التوستيستسرون كما ذكرنا سابقا.

ب - الشيخوخة وضعف الخصوبة:

فيما بين 20 و 60 سنة يقوم التقدم في السن بدور مهم في التأثير على إنتاج الحيوانات المنوية، ولكن في سن اكبر من ذلك تضعف الخصوبة والقدرة على الإنجاب بسبب عوامل متعددة، إذ أن الشيخوخة تصيب معظم الأنسجة في الجسم، بما في ذلك الغلاف القاعدي المحيط بالقنوات المنوية،والذي يصبح سميكا مما يجعل تغذية الخلايا المنوية الأولية من الدم ضعيفة، كما يصبح دخول الهرمونات الجنسية من الدم إلى هذه الخلايا أمرا صعبا، ولكن أهم من ذلك تناقص هرمون التوستيستسرون وهرمون التلوين القادم من الغدة النخامية MSH والذي ذكرناه في فقرة الشيب، وسنوضح فيما يلي دور كل من هذين الهرمونين في ضعف الخصوبة عند الشيخوخة.

تراجع التوستيستسرون:

توصل فريق في مركز ماسوشاست لبحوث المسنين إلى أن تراجع نسبة التوستيستسرون الحر أو المرتبط بالالبيومين، يكون بنسبة 1% كل سنة فيما بين 40 و 70 سنة بحيث يكون الانخفاض بنسبة الثلث في حدود السبعين سنة،. ويرافق هذا الانخفاض في نسبة التوستيستسرون أعراض سريرية عدة، منها نقص في كمية العضلات والعظام،وقلة الميل إلى الجنس المقابل، وتراجع النشاط الجنسي، مما يوحي بتراجع عام في الكفاءة الجنسية، ومما يؤدي أيضا إلى نقص في عدد وظائف خلايا ليديج التي تنتج التوستيستسرون، وقد حددت نسبة هذا التراجع بين 25 و 75 بالثلثين، ويؤكد فرميولن VEMEN أن هذا التراجع يحصل بسبب متانة الغشاء القاعدي للقنوات المنوية، ونقص خلايا ليديج وظيفيا وعدديا، مما يؤدي إلى نقص التوستيستسرون،ويرجع تقهقر خلايا ليديج إلى نقص هرمون H من الغدة النخامية، ومرجع ذلك كله نقص هرمون عصبي يصدر من المهاد التحتاني إلى الغدة النخامية واسمه Gnh وكل هذه التراجعات في H وGH إنما سببه التقدم في السن ونتيجة ضعف الخصوبة عند الشيخوخة(A - VEMEEN - inia eview 24. Andgens in the Agina Mae -Endingy 1991. V 73 N 2p: 221).


تراجع هرمون MSH:

من المعروف أن الغدة النخامية تفرز هرمون MSH الذي يؤدي إلى تلوين الشعر، وإذا تراجع هذا الهرمون في الشيخوخة فان الشعر يفقد لونه ويظهر الشيب.

ولكن كيف يمكن أن يكون لهرمون MSH دور أيضا في الخصوبة، إلى جانب تلوين الشعر؟

وكيف يؤدي تراجعه في الشيخوخة إلى ظهور الشيب وفي نفس الوقت إلى ضعف الخصوبة بحكم دوره في عملية تصنيف النطف؟

يقول كرلا بواتني وجيني ماثر (AEB ITAINI and - Stimatin f Adensine 3-5 Mnphsphate pdtin in at Seti es by Apha MSH-Endi ngy 1986 - V 118 N.4-p:1513) بان خلايا ليديج تنتج هرمون MSH تماما مثلما تفعل الغدة النخامية. ولهرمون MSH دور فعال في تنشيط خلايا سرتولي. ولقد رأينا سابقا أن خلايا سرتولي هي الحاضنة والمكونة للخلايا المنوية بفعل هرمون FSH وهرمون التوستيستسرون،ولقد ثبت أن وجود MSH بجانب خلايا سرتولي يزيد من مادة -AMP في محيط الخلايا، وذلك في وجود هرمون FSH،مما يعني أن استجابة خلايا سرتولي لهرمون FSH تصبح اكبر من وجود MSH وهذا مما يؤكد الدور المهم لهرمون MSH في إنتاج الخلايا المنوية .

الخلاصة: انه عند نقص هرمون MSH في الكبر،ينقص تلوين الشعر كما تنقص عملية إنتاج الخلايا المنوية، وبذلك يكون سبب الشيب في تراجع الخصوبة لان مصدرها واحد عند الشيخوخة: ألا وهو تراجع MSH.

ج - الخوف وضعف الخصوبة:

تتحكم القشرة الدماغية - التي تمثل أعلى سلطة في الجهاز العصبي - في الإفرازات الهرمونية الجنسية بتأثيرها على المهاد التحتاني بواسطة هرمون أميني عصبي خاص.

ويتحكم المهاد التحتاني في نشاط الغدة النخامية بواسطة هرمون GH وتتحكم الغدة النخامية بدورها في إفراز الخصيتين بواسطة هرمون H الذي ينشط خلايا ليديج لإنتاج هرمون الذكورة التوستيستسرون الذي ينشط خلايا سرتولي وتتحكم أيضا بواسطة هرمون ثان وهو FSH الذي يؤثر كذلك في خلايا سرتولي، ويؤدي تضافر FSH مع التوستيستسرون إلى تنشيط هذه الخلايا لتصنيع الخلايا المنوية. انظر شكل (3).

وهكذا يتضح أن الانفعالات والتوترات النفسية تؤثر سلبا في القشرة المخية أو (اللحاء)، وتتسلل التأثيرات السلبية إلى المهاد التحتاني في الغدة النخامية إلى أن يحصل في النهاية تراجع في نشاط الخصيتين عن إنتاج الخلايا المنوية (BET M. SAPSKY - stess - inded Eevatin f testsene nentatins in High anking Babns: e f atehamines - Endingy 1986 V. 118 N. 4.p. 1630).

ومن ناحية أخرى يؤدي القلق والخوف إلى نقص في إفراز إنزيم أحادى الأمين المؤكسد من الخصيتين MA ونتيجة لذلك تتراكم الأمينات الأحادية مثل السيروتونين SETNEINE،بسبب عدم أكسدتها بهذا الإنزيم، ولقد اثبتت التجارب المخبرية زيادة في السيروتونين عند الخوف والقلق مما يؤثر سلبا على الأنابيب المنوية، وبالتالي تراجع معدل إنتاج الحيوانات المنوية فيها، ولقد ثبت كذلك أن المرضى الذين يعانون من نقص أو انعدام في تكوين الحيوانات المنوية عندهم زيادة في الهرمون العصبي السيروتونين (IHAD D. AMEA -Mae Infetiity -W.B. SANDES - 19p. 74). وفي دراسة أخرى على عينات من خصى عدة أشخاص كانوا ينتظرون حكم الإعدام، لوحظ تدهور تكوين الخلايا المنوية في الخصيتين لديهم إلى حد التوقف تماما، كما انه في مثال أخر تعرض شخص برفقة أخيه لحادث مروري توفى على أثرة أحد الأخوين. وبعد مرور شهرين من الحادث أظهرت تحاليل السائل المنوي لدى الأخ المتبقي على قيد الحياة نقصا من 30 مليون قبل الحادث إلى 4 مليون حيوان منوي فقط بالسنتيمتر المكعب بعد الحادث(8).

وفي هذا المثال دليل واضح على الإحباط التام الذي يسببه الانفعال الحاد على خصوبة الرجل.

وبالإضافة إلى زيادة السيروتونين في الخصية وتراجع إنتاج الخلايا المنوية، يؤثر ارتفاع هرمون أخر هو الكورتيزون عند الخوف على نقص إنتاج الخلايا المنوية.

ولقد أثبتت التجارب أن إعطاء كمية 30 ملجم من الكورتيزون في اليوم الواحد ولمدة أربع أسابيع يسبب هبوطا خطيرا لدى كل المرضى في مستوى إنتاج الحيوانات المنوية (ANNA GAY and .- Age, Disease and hanging Sex Hmne eves in Midde - aged Men: ests f the Massahsetts Mae Aging Stdy - Endingy - 1991 V.73 N.5-p. 1016).

ومن المعلوم إن التوتر إذا كان مزمنا وقويا ينتج كمية من الكورتيزون تفوق تلك التي تفرزها أورام الغدة الكظرية.(انظر كتاب جانوج eview f media physigy ص 313).

إذن فالتوتر يعرقل الخصوبة برفع السيروتونين و الكورتيزون، كما سبق أن بينا.




- العلاقة المتبادلة بين الخوف والكبر

الخوف يعجل بالكبر:

يزيد الخوف المزمن والشديد من إفراز عدة هرمونات مثل الأدرينالين، ولقد أثبتت الأبحاث أن زيادة الأدرينالين تسبب في ارتفاع الكوليسترول وبالتالي في ظهور أعراض تصلب الشرايين (D.abde jawad A-SAWI -Fasting is sientifi Miae - Da EKiba -1993. P: 135). وهذا يحصل عند الأخطار الداهمة ونحو ذلك. وذلك أن الأدرينالين يرفع من نسبة السكر والدهون في الدم لاستهلاكها أثناء المواجهة المادية لذلك الخطر الداهم،أو المواجهة المعنوية للأزمات،كما يحدث في العصر الحديث.

ولكن في الحالة الثانية - أي الأزمات المعنوية - لا تحدث مواجهة مادية،ولا يحدث استهلاك للسكر والدهون التي رفعها الأدرينالين،وبالتالي تترسب الدهون على جدار الأوعية الدموية مكونة طبقة من الكوليسترول:فيصعب نفاذ الدم الغني بالأكسجين والمواد المغذية إلى باقي الأنسجة حول هذه الأوعية، فتضمر هذه الأنسجة وتضعف عن أداء وظائفها، وهذا ما يسمى بمرض تصلب الشرايين، ولقد أثبتت الأبحاث هذه الحقيقة حيث تبين أن التوتر والقلق النفسي يؤديان إلى زيادة نوع معين من الدهون وهو VD وهذا ما يؤدي بدورة إلى زيادة الكوليسترول في فصيلة D، وهذا الأخير يتسرب في الشرايين الدموية على عكس نوع ثان من الكوليسترول يسمى HD وان كان مرض تصلب الشرايين يتأتى أساسا من التقدم في السن، إلا أن عوامل ظهوره مبكرا هو التوتر إلى جانب التغذية الدسمة وقلة الحركة وعومل أخرى، وهكذا نرى أن التوتر يعجل بالشيخوخة عبر زيادة تصلب الشرايين.

الكبر يزيد من الخوف:

لقد بينت الأبحاث أن لدى الشيوخ الطبيعيين إفراز زائد من الأدرينالين مقارنة مع من هم اصغر سنا، وتصل هذه الزيادة إلى 75% (P.N. PAINZ and . iadien Vaiatin f Pasma atehamines in Yng and Man: eatin t apid Eye Mvements and Sw Wabe deep - J.. Endingy and Metabim 1979 V. 49 N. 2p:300) وهذه نسبة معتبرة، إذا ما علمنا إن 40% من الأدرينالين الزائد عن الطبيعي تؤثر عملياً قي الوظائف العادية، لمختلف أعضاء الجسم (MS et nivesite PPSAA - Agessin, Maadie et Siete assegna - Media - 1974, N 12). وزيادة الأدرينالين هذه ليست نتيجة لوضع متوتر، إلا أنها هي التي تجعل الشيوخ اكثر استعدادا للانفعال بسبب قابلية جهازهم العصبي السمبثاوي للإثارة السهلة، الناتجة عن هذه الزيادة في الأدرينالين،وهكذا ترسم أمامنا حلقة اتصال بين التوتر والشيخوخة، فان كان التوتر يعجل بالشيخوخة فإن الشيخوخة بنفسها تزيد من فرص حدوث التوتر، وهذه دائرة تغذي بعضها بعضا باتجاه التصعيد، مما يجعل الشيخ المتقدم في السن في دوامة من القلق والعجز الجسمي المتواصل، وبالتالي كل الآثار الناتجة عن كلا الطرفين:التوتر والكبر، تكون مضاعفة بطريقة بالغة الأهمية.

الخلاصة:التناسق الهرموني في أوائل سورة مريم

إن الأعراض الخمسة التي وردت في أوائل سورة مريم وهي: وهن العظم - شيب الشعر - الخوف - الكبر - ضعف الخصوبة، تمثل ركائز لعلاقة هرمونية متناسقة، مما يدل على أنها اختيرت من بين الأعراض الأخرى للشيخوخة، بسبب وجود هذه العلاقة التي تحكم هذه الأعراض المذكورة في منظومة حكيمة ومنطقية، وذلك مما نبينه فيما يلي:

لقد جاء في أول الدعاء ذكر وهن العظام، ثم شيب الرأس، وبعدها مباشرة الخوف.

فوهن العظم ينتج أثناء الخوف بسبب زيادة هرمون الكورتيزون الذي يرتفع عند التوتر والقلق إذا كان مستمرا لفترة ما كما أن الكورتيزون يسبب نقصا في الخصوبة كما رأينا،أما شيب الشعر السريع، فهو ما عبر عنه القرآن {وَاشْتَعَلَ الرّأْسُ شَيْباً} (وليس هناك ما هو أسرع مشاهدة من ضوء اللهب والاشتعال)، وهذا الشيب يحصل بسبب التوتر حين يقع إفراز مواد ضارة لخلايا التلوين من النهايات العصبية السمبثاوية في الشعر، وهذه المادة هي الأدرينالين وهي من نوع الهرمونات أحادى الأمين Mnamine.وعند التوتر يحصل أيضا إفراز في الخصية لأحادي الأمين من نوع آخر هو السيروتونين وهو مادة مضرة بإنتاج الحيوانات المنوية،وكلا الهرمونين يرتفعان في حالات التوتر بسبب نقص الأنزيم الذي يتولى عادة هدمها بعد الإفراز ليبقيا في المستوى الطبيعي.

والنتيجة هي زيادة معتبرة وعالية في هرمون التوتر: الكورتيزون وهرمونات أحادية الأمين وكذلك نقص شديد بسبب الشيخوخة في هرمون التوستيستسرون والهرمون المنشط لخلايا التلوين. وهذه الهرمونات الأربعة، وبتغيراتها المذكورة،تؤثر سلبا في عملية إنتاج الحيوانات المنوية. فزيادة الكورتيزون والأمينات الأحادية مثل السيروتونين، ونقص التوستيستسرون والهرمون المنشط للتلوين،كلها تضر عملية نضج الحيوانات المنوية، وان كان وجود عامل واحد كاف لتعطيل هذا الإنتاج فكيف إذا اجتمعت العوامل الأربعة معا، وتحت تأثير تصعيدي متبادل لسببيهما الشيخوخة والخوف؟ وهل بعد توضيح هذه المنظومة الهرمونية الرائعة التي تجمع الأعراض الخمسة من أوائل سورة مريم هل بعد ذلك شك في أن سيدنا زكريا عليه السلام كان في وضع يتعذر معه الإنجاب؟! وهل من شك أن كبره مساو لعقم زوجته من ناحية عدم الإنجاب؟! ولذلك وبسبب هذا الوضع الصعب لجسمه ألهمه الله الدعاء من اجل الحصول على الولد وكانت المعجزة بان رزقه الله الولد على كبر شديد، ولقد وصف سيدنا زكريا حاله بعلامتين لهما ارتباط بالإنجاب، فوهن العظم يشترك مع ضعف الخصوبة بنفس الأسباب، وهي نقص التوستيستسرون في الشيخوخة، وزيادة الكورتيزون في التوتر. كما أن الشيب يشترك مع ضعف الخصوبة بنفس الأسباب، هي نقص MSH سواء في الخصية أو في الشعر عند الشيخوخة، وزيادة هرمونات أحادى الأمين بسبب التوتر: الأدرينالين في الشعر و السيروتونين في الخصية. ومن ناحية أخرى يؤثر كل من الخوف والشيخوخة ببعضهما باتجاه الزيادة، مما يؤدي إلى تضاعف الأعراض الناتجة عنهما:وهي الشيب ووهن العظام، وكلما اشتد ظهور هاتين العلامتين الظاهرتين(الشيب في الرأس، ووهن العظام الذي يقوس الظهر) دل ذلك على شدة الضعف في العلامة الخفية الأساسية في عدم الإنجاب وهي القصور في إنتاج الحيوانات المنوية.

وهكذا جمعت أوائل سورة مريم بين جميل العبارة اللغوية مع الاختصار ودقة الوصف والأسلوب البليغ. ويتوج كل ذلك برباط علمي متناسق بين الأعراض المذكورة.

فمن يقدر غير الله سبحانه على هذا البيان البلاغي والعلمي الذي يتناول معلومات كانت مجهولة حين نزل القرآن الكريم منذ 14 قرنا في جزيرة صحراوية وعلى لسان رجل أمي في أمة أمية؟ انه الله الواحد،العليم الخبير الذي بيده الكون وله كل العلوم وكل المشيئة،سبحانه وتعالى هو الذي جعل القدرة على الإنجاب تضعف بين بني البشر حسب سنن أرادها لهم، وهو الذي وصف بإشارات بليغة هذه السنن في أوائل سورة مريم، وذلك حتى نعلم - نحن في العصر الحديث - أننا لم نسبق القرآن بعلوم كونية، وإنما لحقنا ببعض آيات القرآن وإشاراته العلمية التي أذن الله لنا فيها بعد أربعة عشر قرنا من عمل دؤوب تضافرت فبه العقول وتطورت فيه الأجهزة العلمية، وصدق الله القائل:

{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الاَفَاقِ وَفِيَ أَنفُسِهِمْ حَتّىَ يَتَبَيّنَ لَهُمْ أَنّهُ الْحَقّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبّكَ أَنّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} "فصلت 53".


..دعواتكم..
شمس الملوك..
 

زائر
جزاك الله خير اختي شمس علي الموضوع .
 

زائر
شكرا من الأعماق لحضورك الكريم
 

زائر
بارك الله فيك وكثر من امثالك
 

زائر
بارك الله فيك طرح أكثر من رائع وفقك الله ..
 

زائر
جزاك الله الف خير سلمت يداكي
 

زائر
بارك الله فيك وكثر من امثالك
 

زائر
شكرا من الأعماق لدعواتكم الطيبه وحضوركم
 

زائر
بارك الله فيك
 

زائر
وباركك الرب
شكرا لحضورك الكريم
 

زائر
الله يزيدك من نعيمه --- العلم ---
 

Dr. Maha

طبيب
موضوع قيم جدا جدا
تسلمين شموسه
موضوع اكثر من رائع...ولانملك الا نقول
سبحان الله
دمت بالف خير
 

زائر
بارك الله في وقتك و عملك و زادك علما و حكمة و سخاءا معرفيا
 

زائر
جزاكي اله الف خير