الشاي ماله وماعليه

زائر
يمكن لنا أن نقول إن كل شيء حتى لو كان في أصله نافعاً إذا استعمل استعمالاً خاطئاً سينقلب نفعه ضرراً، وقد قيل: إن الفضيلة وسط بين رذيلتين، والاعتدال هو الأفضل في كل شيء، وهذا ما ينطبق على الشاي الذي لا يكاد يخلو منه بيت، ويشربه أغلب الناس وهو مع القهوة يشكل الضيافة الرئيسية لأغلب الناس في بلادنا. إن الشاي يعد بعد الماء من أكثر المشروبات إستهلاكاً في العالم فليس صحيحاً القول إن الشاي ضار مرة واحدة من حيث المبدأ.

إن كلمة شاي اشتقت من الأصل الصيني الذي يلفظ ) Tay ( ثم انتقلت زراعته إلى اليابان وجزر الهند الشرقية. وهو ينتشر في المناطق الجبلية، من أمريا الجنوبية حتى أفريقيا وصولاً إلى تركيا. ويختلف لون الشاي بسبب طريقة تصنيعه. وفي الآونة الأخيرة بدأ الكلام عن الشاي الأبيض (White Tea ) حيث يعتبر من أنواع الشاي النادرة والغالية الثمن وأن أوراقه تتبخر ثم تلف وتجفف بسرعة بهدف منعها من التأكسد كما يحدث ذلك في الشاي الأخضر ولكن لا تتخمر (Femented) كأوراق الشاي الأسود. إضافة للكافئين فإن الشاي يحتوي أيضا على التانين وعلى مادة فلافونويد (Favnids) والبوتاسيوم وعلى كمية زهيدة من العناصر النادرة وعلى كمية قليلة من حمض الفوليك وغيرها. ويوجد الكافئين بصورة طبيعية في البن وأوراق الشاي و جوزة الكولا وفي مشروب الكولا وأوراق المتة، ويبدأ تأثير الكافئين بسرعة بعد تناوله ويصل إلى أعلى مستواه بعد 30 دقيقة. و قد بينت إحصائية قديمة بأن أكثر من 200 بليون جرعة كافئين يتناولها الشعب الأمريكي سنويا، لكن كمية الكافئين تختلف تبعاً لكمية ونوعية الشاي المستخدمة ولمدة نقعه في الماء الغالي وتبلغ نسبة الكافئين في الشاي الأخضر 5 % وفي الشاي الأسود 2% فمثلاً كوب الشاي يحتوي على 50 ملغم من الكافئين بينما الكوب الكبير (Mg) يحتوي على أكثر من ضعف هذه الكمية.

وكما ذكرت فإن الشاي يحتوي أيضا على التانين الذي قد يسبب الإمساك أو عسر الهضم وحتى عام 1660 م كان ينظر الإنجليز إلى الشاي على أنها دواء قوي يحتوي على مواد كيميائية خطيرة لا يجوز استعمالها إلا من قبل الصيدلية في إنجلترا. ولم ينتشر شرب الشاي في إنجلترا إلا بعد أعلنت السلطات الطبية البريطانية أن شرب الشاي لا يكون سليماً إلا إذا أضيف إليه الحليب وذلك للاعتقاد السائد بأن البروتين الموجود في الحليب يتحد مع التانين ويتكون مركب غير قابل للذوبان فيصعب امتصاصه وبالتالي يقي من مشاكل الشاي.

وقد تبين أن تناول أكثر من 200 ملغم من الكافئين يوميا فقط (أي ما يعادل أكثر من أربعة فناجين) قد يؤدي إلى تأثيرات جانبية عديدة مشابهة للتأثيرات الضارة لبعض المواد مثل الكوكائين. ومن تأثيرات الكافئين الجانبية: تنبيه المخ وزيادة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم وارتفاع السكر وازدياد إدرار البول وزيادة الحموضة المعدية وزيادة الهرمونات في الدم ورجفان خفيف باليدين واختلاجات في بعض عضلات الجسم وبخاصة الجفن إضافةً إلى الأرق.

ومن المعروف أن من أهم أساسيات الطعام هو تجنب الأطعمة المشكلة للأحماض في غذائنا. إن درجة الاعتدال PH في الجسم تعكس درجة الحموضة والقلوية وتكون في الدم عادة قلوي خفيف بحدود 7.35-7.40 لذلك فهناك فرق قليل قبل أن تحدث حالة عدم توازن ولو وصل المستوى إلى 7 معناه أن الشخص سوف يكون في خطر شديد من الحموضة وإن الشاي يزيد نسبة الحموضة في الدم مما يؤدي إلى حبس السوائل في الجسم في محاولة إلى حفظ التوازن فيزداد وزن الجسم.

ولقد توصل الباحثون بعد إجراء عدة دراسات على آلاف النسوة لمعرفة علاقة الشاي بهشاشة العظام إلى أن تناول الشاي باستمرار أكثر من أربعة فنجانين يومياً يعتبر من العوامل المؤهبة لحدوث هشاشة العظام حيث يترافق بتناقص في كثافة العظام وبالتالي إلى هشاشتها لأن الكافئين يساعد على طرح الكالسيوم من الجسم. كما قام الباحثون أيضا في عدة جامعات أمريكية بدراسة مدى تأثير الشاي على ازدياد خطر كسور العظام في المرضى المصابين بهشاشة العظام فاستنتجوا من هذه الدراسات أن هناك علاقة طرديه بين تناول أكثر من أربعة فناجين شاي وخطر حدوث كسور عظام عنق الفخذ في المصابين بالهشاشة وخاصة عند النساء متوسطات الأعمار.

وقد عرفنا أضرار الشاي ولا بد الآن من ذكر فوائده فإن الشاي يحتوي على مادة نافعة تدعى فلافونويد (Favnids) والتي ثبت أنها تزيد من كثافة العظام حيث أظهرت دراسة بريطانية شملت 1256 امرأة تتراوح أعمارهن بين 65-76 (ومن العلم أن شرب الشاي شائع لدى كبار السن في بريطانيا) تم نشرها في الشهر الماضي في مجلة التغذية السريرية الأمريكية وقد قسمت هؤلاء النسوة إلى قسمين: 1134 يشربن الشاي و 122 لا يشربنه وقد تبين أن النساء اللاتي يشربن الشاي بحدود معقولة (لا تتجاوز ثلاث فناجين يوميا) لديهن نسبة من كثافة العظام أعلى من اللواتي لا يشربن بنسبة 5% وأن هذه النسبة تعادل نصف النسبة التي تلاحظ بعد إعطاء العلاج الهرموني المعوض ويفسر ذلك وجود بعض المواد في الشاي مثل مادة فلافونويد (Favnids) والتي تزيد من كثافة العظام. وقد وجد الباحثون أن هذا الفرق يعني هبوطاً في خطورة حدوث الكسور بما يعادل 10-12% ويستنتج من هذه الدراسة أن شرب الشاي وبحدود معقولة ربما يحمي كبار السن من هشاشة العظام. وهذا يؤيد الدراسة التي قام بها الباحثون من مايوكلينك في الولايات المتحدة حيث وجدوا بأن عادة شرب الشاي بشكل يومي وتناول الخضار وفول الصويا الذي يحتوي على مادة الفيتواستروجين (Phytestgen ) في آسيا يعتبر من العوامل الواقية من تطور هشاشة العظام وإشارةً هنا إلى أن الشاي الأخضر هو المفضل في آسيا في حين أن الأسود هو المفضل في أوربا وأمريكا. فقد وجدوا بأن معدل كسور العظام الهشة في آسيا أقل من أوربا واستنتجوا من دراستهم بأنه لابد من تشجيع الآسيوين بالمحافظة على عاداتهم المعيشية والغذائية لكي يتجنبوا هشاشة العظام. ولكن يتوقعوا في عام 2050 أن 50% من 6.3 مليون كسر في العالم سيكون في آسيا نظرا لاكتساب العادات السيئة الآتية من الغرب في الغذاء وغيره. وهذا ما أكدته دراسة أخرى حيث وجد أن غذاء المرأة اليابانية يحتوي على نسبة عالية من الأيزوفلافونيد Isfavnids (حيث يعتبر الشاي المصدر الأساسي له) والمعروف بتأثيره الإستروجيني الضعيف وهذا ما يفسر عدم شعور المرأة اليابانية بأعراض سن اليأس مثل الشعور بهبات الحرارة الداخلية مع احمرار الوجه والرقبة والصدر مقارنة مع نساء الأوروبيات والأمريكيات. ولا يلاحظ فائدة الشاي الاستروجينية في النساء إلا بعد انقطاع الطمث وذلك لقلة الإستروجين بعد هذا السن. وفي دراسة جرت على 35000 سيدة تجاوزن سن انقطاع الطمث لوحظ أن الاصابات بسرطان جهاز الهضم أو البول قد تراجعت لديهن إذ كن يتناولن كوبين من الشاي يومياً. بالنسبة لفوائد الشاي الأخرى فهو يحسن المزاج لإحتوائه على الكافئين وينشط العضلات لإحتوائه على الثيوبرومين. لقد أثبتت الدراسات أن الشاي الأخضر يحتوي على عناصر كيمائية أدت إلى وقف تنامي سرطان الجلد لدى الفئران وإلى انخفاض الكوليسترول والدهون في الدم وبالتالي إلى انخفاض نسبة التجلط لديهم.

وفي الآونة الأخيرة بدأ الكلام عن الشاي الأبيض (White Tea ) حيث يعتبر من أنواع الشاي النادرة والغالية الثمن وأن أوراقه تتبخر وتجف بسرعة كما يحدث ذلك في الشاي الأخضر ولكن لا تتخمر (Femented) كأوراق الشاي الأسود. يتكون الشاي الأخضر خاصة من الأوراق ولكن الشاي الأبيض يتألف من نسبة عالية من البراعم المغطاة بالأشعار الفضية التي تكسبها اللون الأبيض. ولقد توصل الباحثون من جامعة أوريغان مؤخراً من خلال تجاربهم المخبرية أن الشاي الأبيض يؤدي إلى تثبيط نماذج من انقسامات الخلية التي قد تؤدي إلى السرطان وما تزال الدراسات جارية لمعرفة إمكانية حدوث ذلك من خلال الدراسة على الحيوانات. هذا ما أكده الدكتور deik Dashwd مع فريق من العلماء في الاجتماع الأخير للجمعية الأمريكية لأبحاث السرطان. ولقد استنتج هؤلاء العلماء بأن سبب هذه المنافع وخاصة للشاي الأبيض والأخضر المضادة للسرطان قد يعود إلى مضادات التأكسد ( (Anti-xidents والتي تدعى الفينولات المتعددة (Pyphens) والتي هي عبارة عن عناصر كيمائية تمنع الشظايا الحرة (Fee adias) من الجزئيات من الالتحام ببعضها البعض لتكوين مواد سرطانية. والمعروف عن هذه الشظايا أنها قادرة على تخريب البنية الأساسية للخلايا ما يؤدي إلى أمراض مزمنة كالسرطان وأمراض القلب والتهاب المفاصل الروماتيزمي. ان الفينولات المتعددة تعمل على تعطيل تأثير الخمائر المنشطة لنمو الأورام.

وهنا أود أن أذكر لأخي القارئ وأختي القارئة بعض الحقائق التي تتعلق بشرب الشاي:
* إتبع الأصول في تحضيره. فبعد أن يغلي الماء، انقع بضع أوراق من الشاي لمدة 3 إلى 5 دقائق فتتحرر المواد المضادة للتأكسد.
* يجب الاعتدال في شرب الشاي وعدم تناول أكثر من فنجانين شاي يوميا.
* ينصح المصابون بقرحة المعدة بتجنب الشاي.
* وإذا أردت التخفيف من الأضرار التي يسببها الكافئين فيفضل إضافة الحليب لأنه يقلل من مخاطر الحموضة
* عدم تناول الشاي مع الطعام حيث ثبت أنه يجبر الطعام على مغادرة المعدة قبل إتمام عملية الهضم كما أنه يبطئ حركة الأمعاء و بذلك يكون مرور الطعام غير المهضوم في الأمعاء بطيئاً وبالتالي يكون من العوامل الأساسية للإمساك والاضطرابات المعوية وازدياد الغازات.
* إذا أردت تخفيض وزنك فتجنب الشاي حيث ثبت أنه يزيد من نسبة الحموضة في الدم مما يؤدي الى حبس السوائل في الجسم في محاولة إلى حفظ التوازن فيزداد وزن الجسم.
* إذا رغبت شرب شيء ساخن فعليك بشاي الأعشاب الطبيعية أو مغلي النباتات العشبية بأنواعها مثل البابونج والنعناع واليانسون الشمر الحلبة الميرمية أو مغلي الليمون والفواكه وتناوله بدل الشاي.
* عدم الانقطاع الفجائي عن تناول الشاي إذا كان الشخص مدمنا وذلك لأن الانقطاع الفجائي حتى ولو ليوم أو يومين يسبب للمدمنين عوارض مزعجة مثل الصداع المؤلم ونبضان في الرأس والتوتر واضطرابات النوم.
* عدم شرب الشاي للمصابين بفقر الدم حيث ثبت أنه يقلل من امتصاص الحديد.
* تجنب الكافئين لأنه يدفع الجسم لإفراز الأنسولين مما يخفض مستوى السكر في الدم.

فليس دقيقاً القول إن الشاي ضار مرة واحدة من حيث المبدأ. كما أنه ليس مستحسناً الإسراف في شربه واستعماله، بل نستطيع القول إن شرب الشاي بمقدار كأسين أو ثلاثة يوميا لا ضرر فيه إلا إذا كان الشخص مصاباً ببعض الأمراض مثل فقر الدم.