الطب البديل

زائر
جيمس بلاكمان*
يطلق مصطلح الطب البديل (أو الطب غير التقليدي) على الممارسات والتقنيات والنظريات العلاجية التي تقع خارج الاتجاه الرئيسي للمدرسة الطبية الغربية. وهو يؤكد على المعالجات التي تتعلق بتحسين الواقع الصحي والوقاية من الأمراض وعلاج المستعصي منها على الطب التقليدي مثل ألم الظهر المزمن وبعض أنواع السرطان.

ويرى مؤيدو الطب البديل بأنه أكثر أمانا وأقرب إلى الطبيعة من الطب التقليدي ويقدمون نماذج عملية لإثبات ذلك، كما أن بعض الدول يكون فيها الطب البديل هو السبيل الأكثر اتباعا في أنظمة المعالجة، ورغم هذا يرى الكثير من الاختصاصيين في الطب التقليدي أن أساليب الطب البديل تفتقر إلى الموثوقية والإثبات العلمي.
تشير التقديرات الإحصائية إلى أن 83 مليونا من الأمريكيين يتبعون إجراءات الطب البديل وينفقون عليها أكثر من 27 مليون دولار سنويا، والحال مشابهة في بريطانيا وأستراليا وكندا التي تشهد اهتماما منتشرا بالطب البديل.
قامت دراسة بعنوان (الطب البديل: آفاق طبية واعدة) صادرة عن المعهد الصحي الوطني (NIH) في أمريكا بتصنيف الطب البديل إلى ستة حقول رئيسية هي:

1- اتصال العقل والجسد :
يتعلق بقدرة العقل على التأثير بالجسد أو إشفائه.
وقد أظهرت الدراسات بأن الحالة العقلية تتصل بعلاقة غير مفهومة مع الجهاز المناعي مما حث العلماء على الاهتمام بدراسة دور الحالة النفسية في نشوء الأمراض وتطور أعراضها.
ومن ممارسات هذا المجال:
التأمل، التنويم المغناطيسي، المعالجة بالفن، التحكم الحيوي، المعالجة النفسية.

2- التطبيقات الحيوية الألكترومغناطيسية :
الاستفادة من الاستجابة الجسدية تجاه المؤثرات الإشعاعية اللامتأينة اللاحرارية.
ويستفاد منها اليوم في تجبير العظام وتنبيه الأعصاب والتئام الجروح وعلاج التهاب المفاصل وحث الجهاز المناعي على العمل.

3- مجموعة بدائل الطب التقليدي :
يعتمد كل من عناصر هذه المجموعة على نظرية خاصة حول الصحة والمرض.
ويتميز هذا الحقل بوجود مدارس لتعليم نظرياته وأسسه لمن يريد أن يتخصص في إحدى مجالاته، وغالبا ما تكون ممارسته قانونية ومدرجة ضمن إطار المهن.
ويندرج تحت هذا الإطار:
الوخز بالإبر، الطب الهندي (الآيورفيدا)، المعالجة بالمثل، المعالجة الطبيعية.

4- المعالجة اليدوية :
تمثل أكبر دعائم الطب البديل وتستند إلى النظرية القائلة (تعطل عمل أحد الأعضاء يؤثر على عمل عضو آخر، ولا يقتصر هذا التأثير على الأعضاء المتصلة بل يمتد ليشمل الأعضاء المتباعدة)، وفي هذا المجال تذكر طرق العلاج التي تعتمد تحريك الأطراف وإعادة ضبطها (كالمساج والتدليك).

5- الأدوية البديلة :
وهي مجوعة من العقاقير واللقاحات التي لم تعتمد من قبل الطب التقليدي، كاستعمال مشتقات الدم والبول في علاج الأيدز، ومشتقات العسل في علاج التهاب المفاصل، والخلاصات النباتية لعلاج السرطان، فهذه كلها مرفوضة من الطب التقليدي لعدم خضوعها للدراسات اللازمة التي تضمن فعاليتها وسلامة المريض من أي مضاعفات قد تحدث له بسببها.

6- طب الأعشاب : وهو الحقل الذي استأثر باهتمام الشعوب القديمة على امتداد التاريخ فتجد الكتب التي تتناول دراسة النباتات الطبية ومنتجاتها ضمن مكتبات الحضارات القديمة، وترى الآن الكثير من الأدوية قد جاءت من نباتات ورد ذكرها في تلك الكتب، مثل دواء الديجيتالين الذي يستعمل في علاج أمراض القلب، وهو مستخلص من نبات القمعية الأرجوانية. وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية بأن 80% من سكان العالم يستعملون طب الأعشاب في حل مشاكل صحية أساسية.


◄ من طرق العلاج في الطب البديل :

الوخز بالإبر : من الطرق العلاجية القديمة التي تنتمي إلى الطب الصيني التقليدي ويعود تاريخها إلى 3000-2000 ق.م، وهي تقوم على تنبيه نقاط محددة من الجسم لأجل غرض علاجي ما، ولا تقتصر طرق التنبيه على الوخز بالإبر بل يستطيع المعالج أن يستعمل الحرارة أو الضغط أو الفرك أو المص أو النبضات الألكترومغناطيسية.

وتستخدم هذه الطريقة في علاج العديد من المشاكل الصحية كالألم المزمن والإدمان والتهاب المفاصل والدوار الناتج عن العلاج الكيميائي والأمراض النفسية.
وقد شاع استعمال هذه الطريقة العلاجية خلال العقود الأربعة الماضية وانتشر في البلدان المتقدمة والمتخلفة على حد سواء، وبلغ عدد الزيارات الطبية إلى عيادات الوخز بالإبر 12 مليون زيارة في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها خلال عام واحد.
يعتبر الوخز بالإبر أحد ممارسات الطب البديل التي أخذت نصيبا كبيرا من الدراسة والبحث العلمي، وقد أثبتت إحدى الدراسات أن الوخز بالإبر وسيلة فعالة للتخلص من الدوار الذي يعقب العلاج الكيميائي والتخدير الجراحي، كما وجدت إحدى الدراسات دليلا جيدا على فعالية هذه الطريقة في القضاء على الدوار الحملي والألم التالي للجراحة السنية.

المعالجة المثلية :
يبلغ عمر هذه الطريقة قرنين من الزمان وقد طورها الطبيب الألماني صموئيل هاهنيمان، وهي تستند إلى مبدأين رئيسيين هما:
أ‌. إن المادة التي تسبب أعراضا مرضية لدى شخص سليم، تستطيع نفسها أن تعالج ذات الأعراض لدى شخص مريض.
ب‌. تزداد فعالية المادة الدوائية كلما نقصت نسبتها في محلول الدواء. وهذا المبدأ يعاكس مبادئ الكيمياء الحديثة، ويحتج مناصرو هذه النظرية بأن الماء يحتوي ما يمكن أن يسمى ذاكرة تختزن معلومات عن الجسم المنحل فيه، لكن هذا تدحضه حقيقة الاهتزاز الجزيئي، فجزيئات الماء تهتز باستمرار وأي تغيير تحدثه جزيئات الدواء سوف يزول بسرعة بسبب هذا الاهتزاز.
وفد تحدثت بعض الدراسات عن أثر فعال لهذه الأدوية في معالجة الإسهال والربو وحمى القش والأنفلونزا والصداع النصفي، لكن توجد في نفس الوقت أصوات تصم هذه الدراسات بالقصور وتؤكد بأن الدراسات العلمية الجادة تثبت زيف ذلك.

العلاج اليدوي :
أوجد هذا النوع من العلاج ديفيد دانييل بالمر في تسعينات القرن التاسع عشر، وأسسه على مبدأ هو أن عدم انتظام العظام والمفاصل يؤدي إلى حدوث الأمراض، وإرجاع العظام والمفاصل إلى مواضعها الصحيحة يؤدي إلى زوال تلك الأمراض.
وقد بلغ عدد المرخص لهم بممارسة هذا النوع من العلاج في الولايات المتحدة الأمريكية 80،000 شخص، ويعتمدون في أدائهم على الوسائل اليدوية أو الميكانيكية أو الكهربائية لكنه من غير المسموح لهم اللجوء إلى الجراحة أو الأدوية، وينحصر معظم نشاطهم في معالجة آلام الرقبة والظهر والصداع، وهناك من يعالج مشاكل المثانة والتهاب المفاصل والاكتئاب، ويستعمل بعضهم أساليب الوقاية الصحية العامة كالحميات والتمارين.

التحكم الحيوي :
تقوم هذه الطريقة على تدريب الأجهزة اللاإرادية في الجسم لتعمل وفق إرادة الإنسان. اكتشف هذه الطريقة نيل ميلر الذي ادعى في ستينات القرن الماضي بأنه يمكن ترويض الجهاز العصبي المستقل الذي يتحكم بتنظيم ضربات القلب وضغط الدم والفعاليات الهضمية.
وقد لاقت هذه التقنية نجاحا كبيرا وانتشارا واسعا وكتبت عنها الكثير من الدراسات، واليوم تستعمل لمعالجة الكثير من الاضطرابات كالإجهاد والإدمان والأرق والصرع والصداع وارتفاع ضغط الدم.
تقوم هذه الطريقة على وصل أجهزة مراقبة بجسد المريض تعطيه إشارات خاصة بوضعه، فيقوم المريض بتحديد الآلية العقلية اللازمة للتحكم بجسمه وذلك بطريقة الخطأ والصواب.
فمثلا توصل أقطاب الجهاز بالعضلة التي يعاني من ألم فيها، أو برأسه إذا كانت الاضطرابات دماغية، ثم تقوم هذه الأقطاب بنقل البيانات إلى الجهاز المستعمل في المراقبة، وهذا الجهاز يوضح للمريض نتيجة المراقبة بإصدار أصوات مختلفة أو ومضات متنوعة الشدة، وهنا يبدأ دور المريض الذي يخضع إلى ما يشبه التمرين في محاولة لفرض سلطان العقل على الجسد حتى ينجز المطلوب منه حسب الحالة كانقباض العضلة أو انبساطها مثلا، وهذا يتطلب منه الخضوع إلى التمرين لعدة مرات قد لا تتجاوز العشر إلا في الحالات الشديدة أو المزمنة، وفي نهاية فترة المعالجة يستطيع المريض الاستغناء عن أجهزة المراقبة والاعتماد على عقله فقط في تقدير الحالة والتحكم بها.

المعالجة بالطبيعة :
تأسست هذه التقنية في بداية القرن العشرين على يد مجموعة من المعالجين المنتمين إلى مدرسة سيباستيان نيب (أحد أنصار نظرية القوى الشافية للطبيعة في القرن التاسع عشر).
وقد شاعت هذه التقنية كثيرا وتشعبت حتى وصل عدد مدارسها إلى عشرين مدرسة، ثم فتر الاهتمام بها مع انتشار الأدوية الصناعية حتى انخفض عدد مدارسها إلى ثلاث، ويلاحظ حدوث انبعاث لهذه التقنية من جديد في العقود القليلة الماضية.
تمزج هذه التقنية في فروع الطب البديل التي تحدثنا عنها مع فروع الطب الحديث، والذين يمارسونها يكونون قد تلقوا التعليم الطبي المعهود بالإضافة إلى انخراطهم في مدارس الطب البديل، وهم يعتمدون في أدائهم على مبادئ متنوعة مثل:
قدرة الجسد على شفاء نفسه ذاتيا، أهمية الوقاية، قدرة الغذاء على تحسين الصحة وعلاج الأمراض.
وتركز معظم الدراسات التي تتناول هذه التقنية على الأثر العلاجي لها، أكثر مما تتحقق من فعاليتها بالمقارنة مع نماذج أخرى عولجت بالأدوية الوهمية.
ومهما تشعبت فروع الطب البديل وتقنياته، يبقى الشك مسيطرا على أنصار الطب التقليدي حول فعاليته، وهذا آت من أن الطب البديل لا تسنده أبحاث علمية دقيقة.
وفي السنوات الأخيرة انضم العديد من الباحثين إلى دراسات لتقييم جدواه العلاجية، وقام الكونغرس الأمريكي بإنشاء المكتب الوطني للطب المتمم والبديل (فرع من المعهد الصحي الوطني) لتسهيل مهمة تقييم الممارسات العلاجية للطب البديل، وقام هذا المكتب بالتقليل من الحواجز التي تقف حائلا دون انتشار التقنيات الواعدة للطب البديل حيث بدأ يكسب ثقة الأطباء في نهاية تسعينات القرن الماضي، واحتل مكانه في مناهج بعض كليات الطب، ومن يدري؟ فما هو (بديل) اليوم قد يصبح (رئيسيا) غدا. *(أستاذ في كلية الطب – جامعة فيرجينيا)
 

زائر
معلومات رائعه للغايه
جزاك الله خير
 

زائر
شكراً أختي شمس الملوك للمرور الطيب