القرحة الهضمية.. بكتريا تأكل جدار المعدة

زائر
القرحة الهضمية.. بكتريا تأكل جدار المعدة

مريم سعيد



بكتيريا المعدة الحلزونية هليكوباكتر بيلوري السبب الرئيسي للقرح الهضمية

يشتكي 2% من سكان العالم من قرحة المعدة والإثنا عشر، المعروفتين معا باسم "القرح الهضمية" (Pepti e).
وتعد قرحة الإثنا عشر الأكثر شيوعا؛ حيث تصيب المرضى بين سن 30 و50 سنة، ويصاب بها- تقريبا- ضعف عدد الرجال مقارنة بالنساء، أما قرحة المعدة فهي غالبا ما تصيب المرضى بعد سن 60 سنة، وتصيب النساء أكثر من الرجال.
وتدين البشرية بالفضل للعالمين الأستراليين "باري مارشال" و"روبن وارن" اللذين فازا بجائزة نوبل للطب عام 2005 عن اكتشافهما أسباب الإصابة بقرح الجهاز الهضمي منذ عام 1982.
والقرحة الهضمية هي جرح مفتوح ناتج عن تآكل موضعي في الغشاء المخاطي لجدار المعدة أو في الجزء الأول من الأمعاء، والمسمى بالإثنا عشر, وينتج عن هذا التآكل ملامسة الأنسجة الداخلية لبطانة المعدة والإثنا عشر للعصارة المعدية بما تحتويه من أحماض، مسببة بذلك أعراضا مزعجة وآلاما مبرحة. وقد تكون القرحة في المعدة فقط، أو في الإثنا عشر، أو في الاثنين معا، ونادرا ما تكون في أجزاء الجهاز الهضمي الأخرى، كأسفل المريء مثلا.
الأسباب
في السابق كانت تعزى أسباب القرحة الهضمية إلى الضغوط النفسية، والقلق، والتوتر العصبي. ولكن حديثا- وبعد اكتشاف وارين ومارشال- تغيرت الصورة وأصبح معروفا أن للقرحة الهضمية مسببات أخرى، منها:
الإصابة ببكتيريا المعدة الحلزونية (هليكوباكتر بايلوري Heibate Pyi) هي السبب في حدوث أكثر من 90% من حالات قرحة الإثنا عشر، وكذلك في 80% من حالات قرحة المعدة، ويعد نحو ثلثي سكان العالم مصابين بهذه البكتيريا، لكن أغلبهم لا يعانون من أية أعراض.
يعتبر وجود وتكاثر هذه البكتيريا في الطبقة المخاطية من بطانة المعدة السبب الأساسي للقرحة، فهي تستطيع أن تتعايش مع حمض المعدة عن طريق إفراز إنزيمات خاصة تحميها من الحمض، في الوقت الذي تفرز فيه مادة اليوريا، التي تؤدي بدورها إلى تهتك الغشاء المخاطي- الذي يغطي السطح الداخلي للمعدة والإثنا عشر- وتمنعه من القيام بعمله الوقائي ضد إنزيم الببسين وحمض الهيدروكلوريك، اللذين تفرزهما المعدة لهضم الطعام؛ فيصبح بذلك جدار المعدة أكثر عرضة للإصابة بالقرحة.
- يعتقد العلماء أن الإصابة بالقرحة ترجع لأسباب وراثية خاصة بالمريض، حيث لوحظ وجود تاريخ مرضي لدى عائلات المصابين بالقرح الهضمية.
إن استعمال الأدوية المضادة للالتهاب، والمعروفة بـNSAID))، والتي تعالج التهابات المفاصل والروماتيزم، وكذلك مسكنات الألم مثل الأسبرين؛ يضعف من قدرة نسيج الأمعاء على الالتئام، ويؤدي إلى التهاب بطانة المعدة والأمعاء الدقيقة.
يعتبر كذلك التدخين والمشروبات الكحولية من المسببات الأخرى للقرح الهضمية.
الأعراض
إن أكثر الأعراض حدوثا هي الآلام المتكررة، والمتمثلة في حرقان بالمنطقة العلوية من البطن (منطقة ما بين السرة وأسفل القفص الصدري)، وغالبا ما يشعر المريض بالآلام بين الوجبات حين تكون المعدة خاوية من الطعام، وتستمر هذه الآلام من دقائق إلى عدة ساعات، وغالبا ما تخف حدة الآلام بعد الأكل أو عند تناول الأدوية الخافضة للحموضة، وفي بعض الأحيان يحدث أن يستيقظ المريض في منتصف الليل على هذه الآلام المزعجة، وقد يشعر المريض أحيانا بغثيان، وفقدان للشهية، وما يستتبع ذلك من تناقص في الوزن.
مضاعفات القرحة
*المضاعفات المزمنة وتتلخص في:



تآكل موضعي في الغشاء المخاطي لجدار المعدة


النزيف الدموي البسيط الذي قد لا يشعر به المريض، ويؤدي إلى فقر الدم المزمن.
فقدان الوزن وحدوث اختلال في وظيفة الجهاز الهضمي.
قد تتحول القرحة- خاصة قرحة المعدة- إلى سرطان، خاصة عند كبار السن.
*مضاعفات حادة، وتتمثل في الآتي:
حدوث نزيف حاد يؤدي إلى القيء الدموي.
تآكل كامل في جدار المعدة أو الأمعاء الدقيقة، وحدوث نزيف.
التشخيص
ينصح أطباء الجهاز الهضمي بإجراء الفحوصات الخاصة بالقرحة الهضمية في حال استمرار الشكوى من آلام البطن لأكثر من أسبوعين بالرغم من العلاجات البسيطة والمسكنة.
وأهم هذه الفحوصات التي يُعتمد عليها في تشخيص القرحة الهضمية هي:
الأشعة الملونة للمعدة والإثنا عشر.
المنظار الداخلي للمريء والمعدة والإثنا عشر- ويعتبر الأدق من الناحية التشخيصية. ويتيح هذا الإجراء القدرة على رؤية جدار المعدة والإثنا عشر، واكتشاف القروح، ويمكن في نفس الوقت أخذ عينات من جدار المعدة لفحصها والتأكد من وجود بكتيريا المعدة الحلزونية أو أي أمراض أخرى نادرة قد تسبب القرحة.
العلاج
إن معرفة السبب الرئيسي وراء الإصابة بالقرحة الهضمية يعد عاملا رئيسيا في تطور علاجها تطورا مميزا خلال السنوات الأخيرة، حيث يهدف العلاج إلى القضاء على بكتيريا المعدة الحلزونية، وذلك باستخدام المضادات الحيوية المناسبة لقتلها، بالإضافة إلى الأدوية الخاصة بخفض إفراز حمض المعدة، وهي الأدوية الرئيسية في العلاج جنبا إلى جنب مع أدوية حماية جدار المعدة، حيث تعمل على تخفيف الألم وتسريع الشفاء، وكذلك تساعد في عدم تكرار الإصابة بالقرح على المدى البعيد في حوالي 80-90% من المرضى.
ويذكر أن بكتيريا (هليكوباكتر بايلوري)- والتي تستطيع أن تبقى في المعدة لعشرات السنوات- تحدث لها تغيرات وراثية عبر الأجيال، لمقاومة الأدوية والجهاز المناعي للجسم! فبكتيريا قرحة المعدة، وإن كانت تتميز بقدرتها على التحوّر وإنتاج سلالات جديدة أكثر مقاومة للمضادات الحيوية، فإن نقطة ضعفها هي اعتمادها على الالتصاق بجدار المعدة.
ولاشك في أن فهما أفضل لآلية التصاق ( بكتيريا هليكوباكتر) بجدار المعدة سيعجل من عملية تطوير العلاج لمقاومة تلك البكتيريا التي تتواجد في أحشاء ثلثي سكان العالم تقريبا، وتصيب سكان العالم الفقير والمتقدم على حد سواء، وإن كانت الأضرار أفدح في البلاد الفقيرة؛ نتيجة تدهور النظافة العامة، وعدم القدرة على توفير المضادات الحيوية المناسبة.
نصائح عامة
يفضل تناول قدر كاف من البروتين وفيتامين ج (سي)؛ لأنهما يساعدان على شفاء جروح القرحة.
يجب التقليل من تناول الأغذية التي تثير إفراز العصارة المعدية، كالمخللات، وإضافة الخل إلى الطعام ومرق اللحم والدجاج.
الابتعاد عن إضافة مسحوق الشطة الحار والبهارات إلى الطعام.
التوقف عن التدخين؛ لأنه يزيد شدة الحالات المرضية، عن طريق تشجيع إفراز الحامض المعدي، ويقلل معدل شفاء القروح. ويرتبط تكرار الإصابة بقرحة الإثنا عشر باستمرار التدخين.
التقليل من شرب السوائل المحتوية على مادة الكافيين، كالشاي والقهوة والكاكاو ومشروبات الكولا؛ لأنها تثير إفرازات العصارة المعدية.
الابتعاد عن مصادر القلق والضغوط النفسية؛ لأنهما يزيدان الحالة المرضية سوءا.
استعمال الأدوية التي يصفها الطبيب حسب الجرعات والمواعيد المحددة.
حصول المريض على مقدار كافٍ من الراحة والنوم المبكر أثناء فترة العلاج؛ للإسراع في عملية الشفاء.
عدم تناول العقاقير المهيجة لجدران الأمعاء، كالأسبرين والبروفين والفولتارين وغيرها، دون استشارة الطبيب؛ لأنها تزيد حدة المرض.المصدر

إسلام أون لاين