زائر
في يوم29 مايو عام1988 كان تيم وهو شاب في الثامنة عشرة من عمره يقود دراجته البخارية واصطدم بسيارة علي الطريق السريع ولقي مصرعه, وعلي الفور تم إبلاغ السلطات الصحية وبنوك حفظ الأعضاء, حيث تم نقل قلبه فورا إلي فتاة تدعي كلير سيلفيا التي كانت تنتظر نقل هذا القلب بعد أن كانت علي وشك الموت, وبعد أن افاقت سيلفيا من الجراحة واستردت صحتها وخرجت من المستشفي لاحظت أن هناك بعض التصرفات الغريبة التي جدت عليها, فقد اصبحت تصرفاتها أميل إلي التصرفات الذكورية منها إلي الأنثوية, وكذلك عاداتها اليومية فقد كانت تعمل راقصة باليه, ولكنها اصبحت تميل إلي الوقوف في الشوارع وعلي النواصي, وتميل إلي بعض الأكلات والأصناف التي لم تكن تحبها علي الإطلاق مثل الفلفل الأخضر والأكل الحريف, وأصبحت تحب شرب البيرة, ولم تكن أبدا تميل إلي هذه الاصناف أو تحبها قبل نقل القلب إليها.
وفي الولايات المتحدة هناك قانون يحظر علي المتلقي للعضو المزروع أن يعرف أي تفاصيل عن الشخص الذي تم أخذ العضو منه, فلم تكن سيلفيا تعرف شيئا عن تيم صاحب القلب الذي تحمله بين صدرها, إلا أنها بدأت تري في أحلامها شابا يدعي تيم يزورها في الأحلام بشكل متكرر, ويخبرها أنه صاحب القلب الذي تم نقله إليها, وذهبت سيلفيا إلي المستشفي الذي تم نقل القلب إليها به, وأصرت علي معرفة تفاصيل عن الشخص الذي تم أخذ القلب منه, وكانت المفاجأة أنه نفس الشخص الذي تراه في المنام, والأغرب من ذلك إنها عندما ذهبت لزيارة أهل هذا الشاب لسؤالهم عنه, تبين أنه صاحب كل الطبائع والسلوكيات والأمزجة الغريبة التي أصبحت هي عليها بعد نقل القلب إليها, وعادت إلي المستشفي وأخبرت الأطباء الذين رفضوا قبول هذا التفسير علميا واعتقدوا أنها مجرد مصادفة.
ومع تكرار ما حدث مع سيلفيا في أشخاص آخرين من الذين تم نقل القلب إليهم, بدأ العلماء يفكرون فيما يسمي بذاكرة الخلايا أي أن كل خلية من خلايا الجسم أيضا لها عقل وذاكرة خاصة بها وبطبيعة الشخصية وذوقها وما تحبه من طعام, وبعض المعلومات والتواريخ, وأن هناك اتصالا بين هذه الذاكرة وذاكرة المخ المعروفة, وأن نقل العضو من إنسان إلي آخر ينقل معه ذاكرة هذه الخلايا من جسم المتبرع إلي جسم المتلقي, وقد ثبتت هذه النظرية من خلال العديد من الأبحاث قامت بها د. كانديس برت أستاذ علم الكيمياء الحيوية التي ركزت أبحاثها علي كيفية تفسير مثل هذه الظاهرة علميا, وقد توصلت د. برت إلي أن هناك بعض الوظائف المنوط بالعقل القيام بها, تقوم بها أيضا خلايا الأعضاء المختلفة من الجسم, وأن هناك رسائل متبادلة بين المخ وهذه الخلايا عن طريق سلسلة قصيرة من الأحماض الأمينية العصبية نيوروبيبتايد التي كنا نعتقد أنها لا توجد إلا في خلايا المخ والجهاز العصبي فقط, ولكن تبين وجودها في أعضاء الجسم الرئيسية مثل القلب, وبالتالي فالقلب يحمل خلايا ذاكرة تحب وتكره وتؤمن وتكفر وتخاف وتوجل وتتقي وتفجر كما أخبرنا المولي عز وجل في كتابه الحكيم, وكذلك رسولنا الكريم.
ثم أتي بعد ذلك عالم آخر يدعي د. أندرو أرمور وهو متخصص في علم أعصاب الغدد الصماء الذي يبحث في علاقة المخ والأعصاب بالقلب والغدد الصماء, وأثبت أن هذه العلاقة بين المخ والقلب هي علاقة ذات اتجاهين ذهابا وإيابا, وليس كما كنا نعتقد من أنها علاقة ذات اتجاه واحد من المخ إلي القلب فقط وليس العكس,HeatBain وأدخل لأول مرة في تاريخ الطب تعبير مخ القلب وأن للقلب بالفعل جهازا عصبيا خاصا به في غاية التعقيد أسماه مخ القلب الصغير ويتكون من خلايا وموصلات عصبية وبروتينات تعمل بشكل مستقل عن الأعصاب المخية ويستطيع هذا المخ أن يتعلم ويتذكر ويشعر ويحس ويخاف ويؤمن, وتترجم هذه المعلومات علي شكل اشارات عصبية ترسل من القلب إلي المخ( علي عكس ما كنا نعتقد أن المخ هو الذي يشعر ويحس ويرسل الأوامر إلي القلب علي شكل رسائل عصبية), وتصل هذه الرسائل إلي منطقة جذع المخ, وتؤثر فيها من خلال تأثيرها علي الأوعية الدموية والغدد الصماء وتأثير ذلك علي الأعضاء, ثم تنتقل بعد ذلك تلك الإشارات الآتية من القلب إلي المراكز العليا بالمخ التي تستجيب من خلال الإحساس والتقييم واتخاذ القرارات بناء علي الخبرات المعرفية المتاحة.
والحقيقة أن د. آرمور ألف كتابا أسماه يصف فيه ما أسماهNeadiagy بالجهاز العصبي الخاص بالقلب الذي يعمل بشكل مستقل عن الجهاز العصبي المركزي والمخ, وبالتالي عندما يتم نقل القلب من شخص إلي آخر, يتصل الجهاز العصبي أو مخ القلب المنقول بالجهاز العصبي المركزي والمخ للشخص المتلقي عن طرق الألياف والموصلات العصبية.
وعلي الرغم من أن ما ذكر في كتاب د. آرمور يعد مفهوما جديدا علي المجتمع الطبي, وهناك من يعارضه ويختلف معه, فإنني أجد أن كلامه يصادف قبولا عقليا ونفسيا لدي, فمن الناحية النفسية أعترف أنني كنت في حيرة من امري فقد ذكر القلب في كل مواضع القرآن والسنة علي أنه موضع للحب والكراهية والخوف والإيمان, بل والعقل والإدراك والفهم, إلا أن كل النظريات العلمية كانت تشير إلي أن القلب مفعول به وليس فاعلا, وأن الأعراض التي تنتاب القلب ويشعر بها الإنسان سواء في كل هذه الحالات من الحب والكراهية والخوف والسكينة والإيمان إنما هي في الحقيقة نتيجة لإدراك المخ لها وإفراز الهرمونات والكيماويات التي تؤثر علي عضلة القلب الذي لا يعدو كونه مضخة فقط, لتجعله علي هذه الحالة, وبالتالي فإن التفسير الجديد لنظرية مخ القلب أو ذاكرة الخلايا تعيد الأمور إلي نصابها وتفسر أن كل لفظ في القرآن الكريم له دلالة, وأن ما كنا نعتبره تعبيرا مجازيا لا يعدو كونه قصورا في فهمنا وعلمنا بحقائق الأمور, أما من الناحية العقلية فهناك الكثير من القصص الحقيقية التي توضح وجاهة هذا التفسير الحديث مثل قصة الطفلة ذات الثمانية أعوام التي نقل إليها قلب طفلة
في العاشرة من عمرها ماتت مقتولة, وبعد أن تمت عملية نقل القلب, بدأت الكوابيس تهاجم البنت أثناء نومها, وكان أكثرها ذلك الكابوس الذي تري فيه رجلا يقتلها, ولما تكرر الكابوس بنفس الشخص والحدث, أخذتها أمها إلي طبيب نفسي وروت له الكابوس الذي يؤرقها, وبعد عدة جلسات اكتشف الطبيب أن ما تقوله البنت ليس نوعا من الهذيان أو الهلاوس, وإنما هي تصف حقائق, وبالتالي فقد أقنع الطبيب الأم والطفلة بأن تذهبا لكي تبلغا الشرطة بأوصاف هذا الشخص الذي تراه في المنام, وبالفعل من خلال وصف الطفلة الدقيق لملامح هذا الرجل تم رسم صورة تقريبية له, وتم القبض عليه واعترف بارتكابه الجريمة ومثلها كما رأتها في منامها بالضبط, بنفس الملابس وبنفس السلاح, وفي نفس التوقيت والمكان التي وصفته الطفلة للطبيب النفسي, فمن أين أتت هذه الذاكرة الفوتوغرافية التي مكنتها من معرفة كل هذه المعلومات سوي من ذاكرة خلايا القلب المزروع؟
بقلم: د. عبدالهادي مصباح
الأهرام 2682007
العدد 44092
وفي الولايات المتحدة هناك قانون يحظر علي المتلقي للعضو المزروع أن يعرف أي تفاصيل عن الشخص الذي تم أخذ العضو منه, فلم تكن سيلفيا تعرف شيئا عن تيم صاحب القلب الذي تحمله بين صدرها, إلا أنها بدأت تري في أحلامها شابا يدعي تيم يزورها في الأحلام بشكل متكرر, ويخبرها أنه صاحب القلب الذي تم نقله إليها, وذهبت سيلفيا إلي المستشفي الذي تم نقل القلب إليها به, وأصرت علي معرفة تفاصيل عن الشخص الذي تم أخذ القلب منه, وكانت المفاجأة أنه نفس الشخص الذي تراه في المنام, والأغرب من ذلك إنها عندما ذهبت لزيارة أهل هذا الشاب لسؤالهم عنه, تبين أنه صاحب كل الطبائع والسلوكيات والأمزجة الغريبة التي أصبحت هي عليها بعد نقل القلب إليها, وعادت إلي المستشفي وأخبرت الأطباء الذين رفضوا قبول هذا التفسير علميا واعتقدوا أنها مجرد مصادفة.
ومع تكرار ما حدث مع سيلفيا في أشخاص آخرين من الذين تم نقل القلب إليهم, بدأ العلماء يفكرون فيما يسمي بذاكرة الخلايا أي أن كل خلية من خلايا الجسم أيضا لها عقل وذاكرة خاصة بها وبطبيعة الشخصية وذوقها وما تحبه من طعام, وبعض المعلومات والتواريخ, وأن هناك اتصالا بين هذه الذاكرة وذاكرة المخ المعروفة, وأن نقل العضو من إنسان إلي آخر ينقل معه ذاكرة هذه الخلايا من جسم المتبرع إلي جسم المتلقي, وقد ثبتت هذه النظرية من خلال العديد من الأبحاث قامت بها د. كانديس برت أستاذ علم الكيمياء الحيوية التي ركزت أبحاثها علي كيفية تفسير مثل هذه الظاهرة علميا, وقد توصلت د. برت إلي أن هناك بعض الوظائف المنوط بالعقل القيام بها, تقوم بها أيضا خلايا الأعضاء المختلفة من الجسم, وأن هناك رسائل متبادلة بين المخ وهذه الخلايا عن طريق سلسلة قصيرة من الأحماض الأمينية العصبية نيوروبيبتايد التي كنا نعتقد أنها لا توجد إلا في خلايا المخ والجهاز العصبي فقط, ولكن تبين وجودها في أعضاء الجسم الرئيسية مثل القلب, وبالتالي فالقلب يحمل خلايا ذاكرة تحب وتكره وتؤمن وتكفر وتخاف وتوجل وتتقي وتفجر كما أخبرنا المولي عز وجل في كتابه الحكيم, وكذلك رسولنا الكريم.
ثم أتي بعد ذلك عالم آخر يدعي د. أندرو أرمور وهو متخصص في علم أعصاب الغدد الصماء الذي يبحث في علاقة المخ والأعصاب بالقلب والغدد الصماء, وأثبت أن هذه العلاقة بين المخ والقلب هي علاقة ذات اتجاهين ذهابا وإيابا, وليس كما كنا نعتقد من أنها علاقة ذات اتجاه واحد من المخ إلي القلب فقط وليس العكس,HeatBain وأدخل لأول مرة في تاريخ الطب تعبير مخ القلب وأن للقلب بالفعل جهازا عصبيا خاصا به في غاية التعقيد أسماه مخ القلب الصغير ويتكون من خلايا وموصلات عصبية وبروتينات تعمل بشكل مستقل عن الأعصاب المخية ويستطيع هذا المخ أن يتعلم ويتذكر ويشعر ويحس ويخاف ويؤمن, وتترجم هذه المعلومات علي شكل اشارات عصبية ترسل من القلب إلي المخ( علي عكس ما كنا نعتقد أن المخ هو الذي يشعر ويحس ويرسل الأوامر إلي القلب علي شكل رسائل عصبية), وتصل هذه الرسائل إلي منطقة جذع المخ, وتؤثر فيها من خلال تأثيرها علي الأوعية الدموية والغدد الصماء وتأثير ذلك علي الأعضاء, ثم تنتقل بعد ذلك تلك الإشارات الآتية من القلب إلي المراكز العليا بالمخ التي تستجيب من خلال الإحساس والتقييم واتخاذ القرارات بناء علي الخبرات المعرفية المتاحة.
والحقيقة أن د. آرمور ألف كتابا أسماه يصف فيه ما أسماهNeadiagy بالجهاز العصبي الخاص بالقلب الذي يعمل بشكل مستقل عن الجهاز العصبي المركزي والمخ, وبالتالي عندما يتم نقل القلب من شخص إلي آخر, يتصل الجهاز العصبي أو مخ القلب المنقول بالجهاز العصبي المركزي والمخ للشخص المتلقي عن طرق الألياف والموصلات العصبية.
وعلي الرغم من أن ما ذكر في كتاب د. آرمور يعد مفهوما جديدا علي المجتمع الطبي, وهناك من يعارضه ويختلف معه, فإنني أجد أن كلامه يصادف قبولا عقليا ونفسيا لدي, فمن الناحية النفسية أعترف أنني كنت في حيرة من امري فقد ذكر القلب في كل مواضع القرآن والسنة علي أنه موضع للحب والكراهية والخوف والإيمان, بل والعقل والإدراك والفهم, إلا أن كل النظريات العلمية كانت تشير إلي أن القلب مفعول به وليس فاعلا, وأن الأعراض التي تنتاب القلب ويشعر بها الإنسان سواء في كل هذه الحالات من الحب والكراهية والخوف والسكينة والإيمان إنما هي في الحقيقة نتيجة لإدراك المخ لها وإفراز الهرمونات والكيماويات التي تؤثر علي عضلة القلب الذي لا يعدو كونه مضخة فقط, لتجعله علي هذه الحالة, وبالتالي فإن التفسير الجديد لنظرية مخ القلب أو ذاكرة الخلايا تعيد الأمور إلي نصابها وتفسر أن كل لفظ في القرآن الكريم له دلالة, وأن ما كنا نعتبره تعبيرا مجازيا لا يعدو كونه قصورا في فهمنا وعلمنا بحقائق الأمور, أما من الناحية العقلية فهناك الكثير من القصص الحقيقية التي توضح وجاهة هذا التفسير الحديث مثل قصة الطفلة ذات الثمانية أعوام التي نقل إليها قلب طفلة
في العاشرة من عمرها ماتت مقتولة, وبعد أن تمت عملية نقل القلب, بدأت الكوابيس تهاجم البنت أثناء نومها, وكان أكثرها ذلك الكابوس الذي تري فيه رجلا يقتلها, ولما تكرر الكابوس بنفس الشخص والحدث, أخذتها أمها إلي طبيب نفسي وروت له الكابوس الذي يؤرقها, وبعد عدة جلسات اكتشف الطبيب أن ما تقوله البنت ليس نوعا من الهذيان أو الهلاوس, وإنما هي تصف حقائق, وبالتالي فقد أقنع الطبيب الأم والطفلة بأن تذهبا لكي تبلغا الشرطة بأوصاف هذا الشخص الذي تراه في المنام, وبالفعل من خلال وصف الطفلة الدقيق لملامح هذا الرجل تم رسم صورة تقريبية له, وتم القبض عليه واعترف بارتكابه الجريمة ومثلها كما رأتها في منامها بالضبط, بنفس الملابس وبنفس السلاح, وفي نفس التوقيت والمكان التي وصفته الطفلة للطبيب النفسي, فمن أين أتت هذه الذاكرة الفوتوغرافية التي مكنتها من معرفة كل هذه المعلومات سوي من ذاكرة خلايا القلب المزروع؟
بقلم: د. عبدالهادي مصباح
الأهرام 2682007
العدد 44092