زائر
لها تأثيراتها الضارة تفوق ما كان متصورا وأنواع منها تسبب الأورام الليمفاوية واللوكيميا
الرياض: د. حسن محمد صندقجي
ازدادت حدة النقاش بين الأوساط العلمية في الولايات المتحدة من جهة، وبين منتجي المحلّيات الصناعية على أنواعها، ووصل الأمر بداية هذا الشهر إلى ذروته بعد ظهور دراسة صدرت أواخر الشهر الماضي، تثبت لأول مرة احد أهم الشكوك القوية حول ارتباط تناول المحليات الصناعية بنشوء مرض السرطان.
وقد اثبت باحثون في مركز «رامازيني» لبحوث السرطان بإيطاليا، أن المادة المحلّية الصناعية «أسبرتام»، سببت ظهور أورام ليمفاوية واللوكيميا في حيوانات التجارب، والأهم أن ذلك يحصل عند تناول كميات يقال إنها أمنة للإنسان. ونشر البحث في المجلة الأوروبية للسرطان في عددها الأخير، الأمر الذي أجبر سلطات مراقبة سلامة الأغذية الأوروبية على التحقيق في هذه النتائج الخطيرة بصفة «عالية الأهمية» على حد وصفها، باعتبار التعارض الواضح بين هذه النتائج والمعلومات السائد السابقة حول سلامتها.
وبالرغم من أن أكثر من 6000 منتج غذائي ما بين مشروب ومأكول تحتوي على الأسبرتام وغيرها من المحليات الصناعية، فإنها تصف الأسبرتام بأن له تاريخاً مثيراً للجدل. وأكدت في تقريرها المبدئي أنه حتى إتمام المراجعة العلمية لكل ما ظهر من أبحاث حولها، فإنها لا تعطي أي نصيحة للمستهلكين حوله، أي لا تطمئن الناس من جهة، ولا تمنعهم من استخدامه من جهة اخرى.
والحقيقة أن أبحاث مركز «رامازيني» أثارت موجة من النقاش دفع العديد من الأطباء الى كشف الأوراق والسجلات القديمة يوم سمحت وكالة الغذاء والدواء الأميركية بتناوله وإنتاجه عام 1982، بعد امتناع شديد من لجانها العلمية لمدة تسع سنوات عن ذلك. وتظل إلى اليوم العديد من الدراسات الصادرة منها، ما يؤكد ضرر أنواع منها، ومنها ما ينفي ذلك. والقصة الخاصة بأسبرتام تذكرنا بالقصة القديمة للسكرين والقصص الحديثة لسبلندا. وتشير وثائق البرلمان الأوروبي أنه طلب من اللجان العلمية في وقت سابق هذا العام مراجعة الأسبرتام والتأثيرات الأخرى له على الدماغ، خاصة لدى الأطفال.
محلّيات صناعية
* يواجه أهل الطب وشركات إنتاج الغذاء مشاكل هذا العام بسبب المحلّيات الصناعية، فمن جهة يكثر الحديث الطبي وتتوالى الدراسات حول أضرار تناولها، خصوصا النوعين الأهم اليوم، وهما السكرلوز أو السبلندا، وأسبرتام أو بشقيها الكاندريل والنيتراسويت، التي لم تنقطع حتى أسابيع مضت لدرجة أن الاتحاد الأوروبي يراجع الأمر. ومن جهة أخرى، تواجه الشركات المنتجة لها وبخاصة الشركة الأم المنتجة لسبلندا في بريطانيا، طلبات متزايدة تفوق قدرتها الإنتاجية برغم رصدها عشرات الملايين من الدولارات العام الماضي لمزارع السكر في أنحاء مختلفة من آسيا وغيرها، فلقد تحولت جميع شركات المشروبات الغازية وغيرها من المنتجات الغذائية إلى السبلندا مع حلول هذا العام.
تمثل المحلّيات الصناعية أزمة قانونية وطبية متكررة لم تنقطع منذ الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم في الولايات المتحدة وكندا ودول الاتحاد الأوروبي، والأسباب الكأمنة وراء أكوام الأزمات المتعاقبة لكل نوع جديد، ينتج منها ويطرح في الأسواق هو أساس النظر إلى المنتجات الغذائية والأطعمة والقوانين المنظمة لتناولها وإنتاجها، فالقوانين المنظمة للدواء أشد صرامة. ومع ذلك تفوت عليها الكثير من الملاحظات الطبية، التي يتم استدراكها لاحقاً كما حصل ويحصل وسيحصل مستقبلاً مع العديد من الأدوية. أما الغذاء والإضافات الغذائية، فقوانينها مطاطة وتتجاذبها أطراف شتى، منها ما هو مؤثر بقوة، ومنها ما هو أضعف لا يسمع له إلا في وقت متأخر.
بدائل السكر الذي فرض المحلّيات الصناعية أمران، هما مرض السكري ومرض السمنة، ثم دخلت أمور أخرى كالموضة ونمط الحياة الصحي وغيرها في الدعاية لاستخدام المحلّيات الصناعية بدل الطبيعية. من هنا وجد أهل الاقتصاد منافذ عدة للترويج للمنتجات الغذائية بدرجة أكبر عبر إهمال الناس لأمر السكريات فيها لتناول المزيد من الطعام، والنتيجة ما نحن عليه اليوم من زيادة مطردة في نسبة السمنة، برغم تناول المحلّيات الصناعية والزيادة الملاحظة لأنواع عدة من السرطان، خاصة سرطان الدماغ على الأقل، كما يشير الباحثون في الولايات المتحدة، الذين يربطون زيادة نسبته بكلام صريح بزيادة تناول أنواع من المحلّيات الصناعية.
المشكلة ليست في منتجي الغذاء، بل في تراخي الشروط والدراسات الواجب إجرائها قبل اجازة أي منتج غذائي معين، فحينما تقول الشركة المنتجة للسكرلوز إنها قامت بإجراء أكثر من مائة دراسة حوله، نجد أن ستة من هذه تمت على الإنسان، اثنتان منها تمتا قبل السماح به شملت 36 شخصاً، نصفهم فقط تناول السبلندا، وأطول الدراسات الست لم تتجاوز ستة أشهر!، فهل هي مدة كافية لمعرفة الآثار المستقبلية للاستعمال الدائم يومياً لسنوات؟، ولم تتم الدراسة على الأطفال أو على النساء الحوامل!. ورغم حديث الشركات المنتجة فإن التأثير الضار لا يحصل إلا بعد تناول 14 علبة من مشروب الدايت diet الغازي، فمن ذا الذي يتحدث عنه؟ وهل تحصل الاضرار للناس الذين يتناولونه فقط في هذه المشروبات أم أن الأمر قد توسع إلى كل كوب قهوة أو شاي يتناولونه أثناء النهار يومياً ولسنوات أيضاً، وتوسع ليشمل ما يدعى بحلويات الدايت كالشوكولاته والآيس كريم والمعجنات والكعك والتورتات.. وهلم جرا؟.
الدراسات التي تصدر لم تأت من فراغ، بل هي تمت حقيقة ولا يعيبها أنها دراسات على الحيوان، وهو ما يعيب الدراسات التي تتحدث عن الفوائد، إذْ هناك فرق للمتأمل من المتخصصين في الطب ومن ليسوا كذلك، لأن الأمر هنا يخضع للمنطق العقلي السليم فحسب، فحينما تشير جملة من الدراسات عبر أكثر من نصف قرن من الزمان كلها تشير إلى الضرر، لا يأتي حينها التساؤل: لكن هذا لم يثبت في الإنسان، فمن الناس يرضى أن يكون حقل تجارب في أمر ثبت ضرره على الحيوان، وحينها يكون الحذر هو الأسلم، وتكون الدراسات التي تشير إلى ربط الأمرين معاً ذات قيمة معتبرة، خصوصاً أننا نتحدث عن أمر هو من أنواع الترف وليس غذاء لا غنى لنا عنه، ستتأثر صحتنا بدرجة كبيرة لو تركنا تناوله، ويكون البحث عن أهمية وضرورة تناول الطعم الحلو أساساً في غذائنا.
أسباب الاستعمال
* المحلّيات أو السكر الصناعي هي مجموعة كبيرة من المواد الكيميائية الصناعية، تعد إضافات غذائية تعطي تأثيراً مشابهاً لطعم السكر الطبيعي على وجه التقريب، لكنها أقل محتوى من الطاقة بكثير. أهم أنواعها ما يصنف أنه «محلّيات عالية الدرجة من القوة»، وتهيأ بطريقة صناعية، خاصة قبل استخدامها كي تعطي طعماً مقارباً لطعم السكر الطبيعي، أو «السكروز» كما يسمى علمياً.
يستخدم الناس أنواعاً مختلفة من المحلّيات الصناعية لعدة أسباب أهمها:
ـ تخفيف الوزن، فيختار بعض الناس الامتناع عن تناول السكر لتقليل محتوى الطعام من الطاقة بما يمكنهم من أكل أمور أخرى، فلو كان يشرب مثلا من الشاي عشرة أكواب في اليوم، ويستخدم في تحليتها أربع ملاعق طعام من السكر، فإنه يقطع حوالي 200 كالوري (سعرة حرارية)، أي ما يوازي تناول ثمرتين من الموز أو شريحتين من خبز التوست. أو يتناول المشروبات الغازية للحمية أو ما يسمى «كولا دايت» مثلاً بدلاً من الكولا بالسكر الطبيعي، مع ملاحظة أن الباحثين اليوم لا ينظرون إلى الأمر كذلك، فأبحاث كثيرة منها ما صدر عن مركز علوم الصحة بجامعة تكساس في سانت أنطونيو، أثبتت عكس المتوقع، فمن يتناولون دايت كولا مثلاً، يزيد وزنهم أكثر ممن يتناولون كولا عادية، لأسباب يطول شرحها، وهو أمر ملاحظ في مجتمعاتنا ويشكو منه العديد ممن يشربون الدايت.
ـ التقليل من فرصة تكون تسوس الأسنان، وهو ما يتحقق بتناول المحلّيات الطبيعية كالسوربيتول.
ـ مرضى السكري: نظراً للصعوبات التي يواجهونها في الحفاظ على نسبة سكر الدم ضمن المعدل الطبيعي، فيستطيعون الاستمتاع بشرب وأكل العديد من أصناف الأغذية التي تمت تحليتها بالمحلّيات الصناعية من دون تأثر نسبة سكر الدم. وهذا الأمر الأخير هو أكثر دواعي تناول المحلّيات الصناعية موافقة للمنطق السليم في التفكير والتصرف.
تتوفر أربعة أنواع من المحلّيات الصناعية هي الأشهر والأوسع انتشاراً وانتاجا من قبل شركات المنتجات الغذائية واستخداماً من قبل الناس، وهي «سايكلامات» و«سكرين» و«أسبرتام أو كاندريل» و«سكرالوز أو سبلندا». ويلاحظ هذا أحدنا في العبوات الورقية المتوفرة في المطاعم وغيرها، فعبوات السكر الصناعي الزرقاء هي أسبرتام أو «كاندريل»، والصفراء هي سكرالوز أو «سبلندا»، والوردية هي السكرين أو «سويتن لوو» أهمهما اليوم هما الأخيران.
السبلندا أكثر حلاوة من السكر بـ 600 مرة
* السبلندا أو السكرالوز تم انتاجه في عام 1976 من قِبل الباحثين بجامعة لندن من السكر العادي بعملية صناعية تستخدم الكلور بإضافة ثلاثة عناصر منه إلى مركب السكر العادي المكون من مركبي الغلوكوز والفركتوز، وهو أكثر حلاوة من السكر بستمائة مرة وله ضعف حلاوة السكرين، وأربعة أضعاف حلاوة الكاندريل أو الاسبرتام، ويمتاز أيضاً عن الكاندريل بأنه أثبت نفسه في درجات الحرارة العالية ودرجات الحموضة المختلفة، لذا يستخدم في الحلويات المخبوزة، التي تحتاج أن تبقى مدة طويلة في الحفظ. تمت إجازة استخدام البشر له لأول مرة في كندا عام 1991، والولايات المتحدة عام 1998، ثم دول الاتحاد الأوروبي عام 2004. وينتج السبلندا بخلط السكرالوز مع مادة تسمى «مالتودكستران»، كي تكسبها ثباتاً في درجات الحرارة العالية، وكتلة في الطعم، وحجماً ثابتاً في الذوبان، وذلك كله حين تكوين مزيج منها وهو أمر صناعي يجعل الطعم بالمحصلة أقرب ما يكون للسكر، وهيهات فهو لم يتم بعد ولا يحتاج التمييز إلى ذواقة، بل أي منا يلاحظ الفرق. بحلول هذا العام لم تبق شركة من شركات المشروبات الغازية إلا وتحولت إلى السبلندا في مشروبات الدايت لها، ويعد اليوم الأوسع انتشاراً والأكثر استخداماً بين المحلّيات الصناعية قاطبة.
كان إلى وقت قريب، يعتقد أن السبلندا لا يتم امتصاصه بكثرة من الأمعاء، وما يمتص منه يتم إخراجه من الجسم كاملاً وبسهولة. بيد أن الأمر أعقد من ذلك، فوجود الكلور في مركبه الأساس كما في مركبات المبيدات الحشرية مثل «دي دي تي»، يتم تخزينها في أنسجة الشحم بالجسم، وهو غير الكلور الذي في ملح الطعام مثلاً، والذي يتعامل معه الجسم بآليات مختلفة تماماً لإخراجه، أضف إلى هذا ما أكدته وكالة الغذاء والدواء الأميركية من أن 27% من السبلندا، يتم امتصاصه في الأمعاء، مما يثير اليوم الكثير من التساؤلات حول أمان استخدامه.
أسبرتام وأضراره على الدماغ
* أسبرتام أو «كاندريل» أو «نيتراسويت» تم اكتشافه عام 1965 من قِبل أحد الباحثين أثناء التجارب على بعض أدوية قرحة المعدة، وهو عبارة عن بروتين بالأصل وليس سكريات، يعتبر أحلى 160 مرة من السكر العادي. ونظراً لتكونه من بروتينات، يتم هضمه ويتفاعل مع المركبات الأخرى في المنتجات الغذائية، ولا يتحمل الحرارة العالية فلا يصلح كإضافة إلى المخبوز منها. ومن حين اكتشافه واجه صعوبات جمة في أخذ الإذن بتناوله وإنتاجه من قِبل وكالة الغذاء والدواء الأميركية، نظراً لأن الدراسات الأولية وجدت أنه يزيد من نسبة سرطان الدماغ، حتى تم السماح به بعد تغيير إداري في الإدارة المذكورة عام 1981، بناء على دراسة وحيدة من اليابان لا تربط بين السرطان وبينه، وهي ما قيل حينها إنها لم تتوفر للجنة في الإدارة المذكورة قبل هذا العام. وحتى هذا العام، يشير عدد من الدراسات في الولايات المتحدة، إلى أن الارتفاع في نسبة الإصابة في سرطان الدماغ مرتبطة بشكل مباشر مع بدء السماح بإنتاج وتناول الأسبرتام، وتأثر قدرات الدماغ الأخرى ودراسات أخرى لم تجد بينهما علاقة.
والملاحظ من تركيب الأسبرتام هو احتواؤه على ثلاث مواد مؤثرة بشكل ضار على الدماغ والقدرات العقلية مثل الميثانول بنسبة 10% وبهيئة تخالف ما هو موجود في المنتجات الطبيعية، إذْ أن الميثانول مادة سمية يكفي تناول ملعقتي شاي منه لحصول التسمم. وفي المنتجات الطبيعية من الخضار مثلاً كالطماطم، يوجد الميثانول ومعه المضاد له أي الإيثانول والبكتين، وهو ما لا يتحقق في الأسبرتام، إضافة إلى احتوائه على مادتين بروتينيتين، هما فينايل أنلين وحمض الأسبرتام، وتوجدان في المنتجات الطبيعية، لكن بهيئة مرتبطة بمركبات أخرى.
من هنا فالقول بأن مركبات الأسبرتام توجد في غيره من المنتجات الطبيعية، غير دقيق علمياً، وهو كمن يقول غاز أول أكسيد الكربون السام هو غير ضار لأنه مركب من أوكسجين وكربون!. وآخر الدراسات ما صدر الشهر الماضي في أوروبا ما دفع الاتحاد الأوروبي لمراجعة الأمر، ولم تصدر توصيات حتى لحظة كتابة هذا الموضوع بعد.
السكرين أحلى من السكر 300 مرة
* قام باكتشاف السكرين الباحثون من جامعة «جون هوبكنز» بالولايات المتحدة قديماً جداً، أي في عام 1879، وهو أحلى 300 مرة من السكر العادي، لكن يعيبه طعم المرارة والمعادن في الفم، لذا يخلط أحياناً بغيره من المحلّيات الصناعية كأسبرتام أو سايكلاميت، وهو مركب ثابت في درجات الحرارة العالية وفي وجود الأحماض، ولا يتفاعل مع المركبات الأخرى في المنتجات الغذائية المختلفة، ويحتاج إلى إضافة الصوديوم له كي يسهل ذوبانه في الماء.
وتعد الستينات والسبعينات من القرن الماضي، هي العصر الذهبي للسكرين، خاصة لدى مرضى السكر مع ظهور أول نوع من كولا دايت عام 1963 في الولايات المتحدة. ومر تاريخ السكرين في الولايات المتحدة بسلسلة من الأحداث تلقي ظلالاً من الشك حول شفافية التعامل مع المنتجات الصناعية والبحوث الطبية حولها، فلقد تمت إجازة تناوله وتصنيعه منذ الحرب العالمية الأولى وظهرت شكوك من الناس حوله أثناء الحرب العالمية الثانية بدرجة دفعت الرئيس الأميركي روزفلت إلى القول: «من يعتقد أن السكرين ضار فهو أحمق»، ثم في الستينات والسبعينات تعالت الأصوات حوله، خاصة التي تذكر العديد من مضار تناوله. وصدرت دراسة تؤكد إصابة الفئران بسرطان المثانة نتيجة تناوله، فألغت كندا السماح بتناوله وإنتاجه، وألزمت إدارة الغذاء والدواء الأميركية الشركات المنتجة له، أن تضع فقط على عبوات السكرين عبارة تحذر من تناوله نظراً لعدم وجود بديل متوفر واستجابة لضغوطات ورغبة مرضى السكري باستمرار تناوله، وهو ما أقره الكونغرس. وظل الأمر يتجاذبه دور من الرد ودور من الأخذ ثم فجأة في عام 1991 سحبت إدارة الغذاء والدواء إلزامها للشركات المنتجة وضع عبارة تحذيرية على عبوات السكرين وأقر الكونغرس هذا عام 2000.
السايكلمات أضعف المحليات الصناعية
* اكتشفه مصادفة أحد الطلبة من جامعة «الينويز» في عام 1937، وهو في الأساس حمض يضاف له الصوديوم أو الكالسيوم لتكوين مركب خالي الطعم. استخدم في الخمسينات كإضافة لبعض الأدوية للتغلب على مرارة طعمها، ثم في عام 1958 كمحل صناعي.
السايكلمات أحلى 50 مرة من السكر، فهو الأضعف بين المحلّيات الصناعية، واستخدامه اليوم في الدول التي لا تزال تسمح باستخدامه، هو خلطه مع السكرين لتخفيف مرارة طعمه كما في كندا، إذْ أن «سويتن لوو» في كندا يختلف عما هو في الولايات المتحدة لوجود السايكلمات فيه، الذي لا تسمح الولايات المتحدة باستخدامه منذ 1970 بالنظر في الدراسات التي أشارت إلى تأثيره في نشوء السرطان، ومنذ ذلك الحين والشركة المصنعة له تحاول كسر الحظر من دون جدوى، مع أنه مسموح به في أكثر من 55 دولة في العالم منها كندا.
الرياض: د. حسن محمد صندقجي
ازدادت حدة النقاش بين الأوساط العلمية في الولايات المتحدة من جهة، وبين منتجي المحلّيات الصناعية على أنواعها، ووصل الأمر بداية هذا الشهر إلى ذروته بعد ظهور دراسة صدرت أواخر الشهر الماضي، تثبت لأول مرة احد أهم الشكوك القوية حول ارتباط تناول المحليات الصناعية بنشوء مرض السرطان.
وقد اثبت باحثون في مركز «رامازيني» لبحوث السرطان بإيطاليا، أن المادة المحلّية الصناعية «أسبرتام»، سببت ظهور أورام ليمفاوية واللوكيميا في حيوانات التجارب، والأهم أن ذلك يحصل عند تناول كميات يقال إنها أمنة للإنسان. ونشر البحث في المجلة الأوروبية للسرطان في عددها الأخير، الأمر الذي أجبر سلطات مراقبة سلامة الأغذية الأوروبية على التحقيق في هذه النتائج الخطيرة بصفة «عالية الأهمية» على حد وصفها، باعتبار التعارض الواضح بين هذه النتائج والمعلومات السائد السابقة حول سلامتها.
وبالرغم من أن أكثر من 6000 منتج غذائي ما بين مشروب ومأكول تحتوي على الأسبرتام وغيرها من المحليات الصناعية، فإنها تصف الأسبرتام بأن له تاريخاً مثيراً للجدل. وأكدت في تقريرها المبدئي أنه حتى إتمام المراجعة العلمية لكل ما ظهر من أبحاث حولها، فإنها لا تعطي أي نصيحة للمستهلكين حوله، أي لا تطمئن الناس من جهة، ولا تمنعهم من استخدامه من جهة اخرى.
والحقيقة أن أبحاث مركز «رامازيني» أثارت موجة من النقاش دفع العديد من الأطباء الى كشف الأوراق والسجلات القديمة يوم سمحت وكالة الغذاء والدواء الأميركية بتناوله وإنتاجه عام 1982، بعد امتناع شديد من لجانها العلمية لمدة تسع سنوات عن ذلك. وتظل إلى اليوم العديد من الدراسات الصادرة منها، ما يؤكد ضرر أنواع منها، ومنها ما ينفي ذلك. والقصة الخاصة بأسبرتام تذكرنا بالقصة القديمة للسكرين والقصص الحديثة لسبلندا. وتشير وثائق البرلمان الأوروبي أنه طلب من اللجان العلمية في وقت سابق هذا العام مراجعة الأسبرتام والتأثيرات الأخرى له على الدماغ، خاصة لدى الأطفال.
محلّيات صناعية
* يواجه أهل الطب وشركات إنتاج الغذاء مشاكل هذا العام بسبب المحلّيات الصناعية، فمن جهة يكثر الحديث الطبي وتتوالى الدراسات حول أضرار تناولها، خصوصا النوعين الأهم اليوم، وهما السكرلوز أو السبلندا، وأسبرتام أو بشقيها الكاندريل والنيتراسويت، التي لم تنقطع حتى أسابيع مضت لدرجة أن الاتحاد الأوروبي يراجع الأمر. ومن جهة أخرى، تواجه الشركات المنتجة لها وبخاصة الشركة الأم المنتجة لسبلندا في بريطانيا، طلبات متزايدة تفوق قدرتها الإنتاجية برغم رصدها عشرات الملايين من الدولارات العام الماضي لمزارع السكر في أنحاء مختلفة من آسيا وغيرها، فلقد تحولت جميع شركات المشروبات الغازية وغيرها من المنتجات الغذائية إلى السبلندا مع حلول هذا العام.
تمثل المحلّيات الصناعية أزمة قانونية وطبية متكررة لم تنقطع منذ الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم في الولايات المتحدة وكندا ودول الاتحاد الأوروبي، والأسباب الكأمنة وراء أكوام الأزمات المتعاقبة لكل نوع جديد، ينتج منها ويطرح في الأسواق هو أساس النظر إلى المنتجات الغذائية والأطعمة والقوانين المنظمة لتناولها وإنتاجها، فالقوانين المنظمة للدواء أشد صرامة. ومع ذلك تفوت عليها الكثير من الملاحظات الطبية، التي يتم استدراكها لاحقاً كما حصل ويحصل وسيحصل مستقبلاً مع العديد من الأدوية. أما الغذاء والإضافات الغذائية، فقوانينها مطاطة وتتجاذبها أطراف شتى، منها ما هو مؤثر بقوة، ومنها ما هو أضعف لا يسمع له إلا في وقت متأخر.
بدائل السكر الذي فرض المحلّيات الصناعية أمران، هما مرض السكري ومرض السمنة، ثم دخلت أمور أخرى كالموضة ونمط الحياة الصحي وغيرها في الدعاية لاستخدام المحلّيات الصناعية بدل الطبيعية. من هنا وجد أهل الاقتصاد منافذ عدة للترويج للمنتجات الغذائية بدرجة أكبر عبر إهمال الناس لأمر السكريات فيها لتناول المزيد من الطعام، والنتيجة ما نحن عليه اليوم من زيادة مطردة في نسبة السمنة، برغم تناول المحلّيات الصناعية والزيادة الملاحظة لأنواع عدة من السرطان، خاصة سرطان الدماغ على الأقل، كما يشير الباحثون في الولايات المتحدة، الذين يربطون زيادة نسبته بكلام صريح بزيادة تناول أنواع من المحلّيات الصناعية.
المشكلة ليست في منتجي الغذاء، بل في تراخي الشروط والدراسات الواجب إجرائها قبل اجازة أي منتج غذائي معين، فحينما تقول الشركة المنتجة للسكرلوز إنها قامت بإجراء أكثر من مائة دراسة حوله، نجد أن ستة من هذه تمت على الإنسان، اثنتان منها تمتا قبل السماح به شملت 36 شخصاً، نصفهم فقط تناول السبلندا، وأطول الدراسات الست لم تتجاوز ستة أشهر!، فهل هي مدة كافية لمعرفة الآثار المستقبلية للاستعمال الدائم يومياً لسنوات؟، ولم تتم الدراسة على الأطفال أو على النساء الحوامل!. ورغم حديث الشركات المنتجة فإن التأثير الضار لا يحصل إلا بعد تناول 14 علبة من مشروب الدايت diet الغازي، فمن ذا الذي يتحدث عنه؟ وهل تحصل الاضرار للناس الذين يتناولونه فقط في هذه المشروبات أم أن الأمر قد توسع إلى كل كوب قهوة أو شاي يتناولونه أثناء النهار يومياً ولسنوات أيضاً، وتوسع ليشمل ما يدعى بحلويات الدايت كالشوكولاته والآيس كريم والمعجنات والكعك والتورتات.. وهلم جرا؟.
الدراسات التي تصدر لم تأت من فراغ، بل هي تمت حقيقة ولا يعيبها أنها دراسات على الحيوان، وهو ما يعيب الدراسات التي تتحدث عن الفوائد، إذْ هناك فرق للمتأمل من المتخصصين في الطب ومن ليسوا كذلك، لأن الأمر هنا يخضع للمنطق العقلي السليم فحسب، فحينما تشير جملة من الدراسات عبر أكثر من نصف قرن من الزمان كلها تشير إلى الضرر، لا يأتي حينها التساؤل: لكن هذا لم يثبت في الإنسان، فمن الناس يرضى أن يكون حقل تجارب في أمر ثبت ضرره على الحيوان، وحينها يكون الحذر هو الأسلم، وتكون الدراسات التي تشير إلى ربط الأمرين معاً ذات قيمة معتبرة، خصوصاً أننا نتحدث عن أمر هو من أنواع الترف وليس غذاء لا غنى لنا عنه، ستتأثر صحتنا بدرجة كبيرة لو تركنا تناوله، ويكون البحث عن أهمية وضرورة تناول الطعم الحلو أساساً في غذائنا.
أسباب الاستعمال
* المحلّيات أو السكر الصناعي هي مجموعة كبيرة من المواد الكيميائية الصناعية، تعد إضافات غذائية تعطي تأثيراً مشابهاً لطعم السكر الطبيعي على وجه التقريب، لكنها أقل محتوى من الطاقة بكثير. أهم أنواعها ما يصنف أنه «محلّيات عالية الدرجة من القوة»، وتهيأ بطريقة صناعية، خاصة قبل استخدامها كي تعطي طعماً مقارباً لطعم السكر الطبيعي، أو «السكروز» كما يسمى علمياً.
يستخدم الناس أنواعاً مختلفة من المحلّيات الصناعية لعدة أسباب أهمها:
ـ تخفيف الوزن، فيختار بعض الناس الامتناع عن تناول السكر لتقليل محتوى الطعام من الطاقة بما يمكنهم من أكل أمور أخرى، فلو كان يشرب مثلا من الشاي عشرة أكواب في اليوم، ويستخدم في تحليتها أربع ملاعق طعام من السكر، فإنه يقطع حوالي 200 كالوري (سعرة حرارية)، أي ما يوازي تناول ثمرتين من الموز أو شريحتين من خبز التوست. أو يتناول المشروبات الغازية للحمية أو ما يسمى «كولا دايت» مثلاً بدلاً من الكولا بالسكر الطبيعي، مع ملاحظة أن الباحثين اليوم لا ينظرون إلى الأمر كذلك، فأبحاث كثيرة منها ما صدر عن مركز علوم الصحة بجامعة تكساس في سانت أنطونيو، أثبتت عكس المتوقع، فمن يتناولون دايت كولا مثلاً، يزيد وزنهم أكثر ممن يتناولون كولا عادية، لأسباب يطول شرحها، وهو أمر ملاحظ في مجتمعاتنا ويشكو منه العديد ممن يشربون الدايت.
ـ التقليل من فرصة تكون تسوس الأسنان، وهو ما يتحقق بتناول المحلّيات الطبيعية كالسوربيتول.
ـ مرضى السكري: نظراً للصعوبات التي يواجهونها في الحفاظ على نسبة سكر الدم ضمن المعدل الطبيعي، فيستطيعون الاستمتاع بشرب وأكل العديد من أصناف الأغذية التي تمت تحليتها بالمحلّيات الصناعية من دون تأثر نسبة سكر الدم. وهذا الأمر الأخير هو أكثر دواعي تناول المحلّيات الصناعية موافقة للمنطق السليم في التفكير والتصرف.
تتوفر أربعة أنواع من المحلّيات الصناعية هي الأشهر والأوسع انتشاراً وانتاجا من قبل شركات المنتجات الغذائية واستخداماً من قبل الناس، وهي «سايكلامات» و«سكرين» و«أسبرتام أو كاندريل» و«سكرالوز أو سبلندا». ويلاحظ هذا أحدنا في العبوات الورقية المتوفرة في المطاعم وغيرها، فعبوات السكر الصناعي الزرقاء هي أسبرتام أو «كاندريل»، والصفراء هي سكرالوز أو «سبلندا»، والوردية هي السكرين أو «سويتن لوو» أهمهما اليوم هما الأخيران.
السبلندا أكثر حلاوة من السكر بـ 600 مرة
* السبلندا أو السكرالوز تم انتاجه في عام 1976 من قِبل الباحثين بجامعة لندن من السكر العادي بعملية صناعية تستخدم الكلور بإضافة ثلاثة عناصر منه إلى مركب السكر العادي المكون من مركبي الغلوكوز والفركتوز، وهو أكثر حلاوة من السكر بستمائة مرة وله ضعف حلاوة السكرين، وأربعة أضعاف حلاوة الكاندريل أو الاسبرتام، ويمتاز أيضاً عن الكاندريل بأنه أثبت نفسه في درجات الحرارة العالية ودرجات الحموضة المختلفة، لذا يستخدم في الحلويات المخبوزة، التي تحتاج أن تبقى مدة طويلة في الحفظ. تمت إجازة استخدام البشر له لأول مرة في كندا عام 1991، والولايات المتحدة عام 1998، ثم دول الاتحاد الأوروبي عام 2004. وينتج السبلندا بخلط السكرالوز مع مادة تسمى «مالتودكستران»، كي تكسبها ثباتاً في درجات الحرارة العالية، وكتلة في الطعم، وحجماً ثابتاً في الذوبان، وذلك كله حين تكوين مزيج منها وهو أمر صناعي يجعل الطعم بالمحصلة أقرب ما يكون للسكر، وهيهات فهو لم يتم بعد ولا يحتاج التمييز إلى ذواقة، بل أي منا يلاحظ الفرق. بحلول هذا العام لم تبق شركة من شركات المشروبات الغازية إلا وتحولت إلى السبلندا في مشروبات الدايت لها، ويعد اليوم الأوسع انتشاراً والأكثر استخداماً بين المحلّيات الصناعية قاطبة.
كان إلى وقت قريب، يعتقد أن السبلندا لا يتم امتصاصه بكثرة من الأمعاء، وما يمتص منه يتم إخراجه من الجسم كاملاً وبسهولة. بيد أن الأمر أعقد من ذلك، فوجود الكلور في مركبه الأساس كما في مركبات المبيدات الحشرية مثل «دي دي تي»، يتم تخزينها في أنسجة الشحم بالجسم، وهو غير الكلور الذي في ملح الطعام مثلاً، والذي يتعامل معه الجسم بآليات مختلفة تماماً لإخراجه، أضف إلى هذا ما أكدته وكالة الغذاء والدواء الأميركية من أن 27% من السبلندا، يتم امتصاصه في الأمعاء، مما يثير اليوم الكثير من التساؤلات حول أمان استخدامه.
أسبرتام وأضراره على الدماغ
* أسبرتام أو «كاندريل» أو «نيتراسويت» تم اكتشافه عام 1965 من قِبل أحد الباحثين أثناء التجارب على بعض أدوية قرحة المعدة، وهو عبارة عن بروتين بالأصل وليس سكريات، يعتبر أحلى 160 مرة من السكر العادي. ونظراً لتكونه من بروتينات، يتم هضمه ويتفاعل مع المركبات الأخرى في المنتجات الغذائية، ولا يتحمل الحرارة العالية فلا يصلح كإضافة إلى المخبوز منها. ومن حين اكتشافه واجه صعوبات جمة في أخذ الإذن بتناوله وإنتاجه من قِبل وكالة الغذاء والدواء الأميركية، نظراً لأن الدراسات الأولية وجدت أنه يزيد من نسبة سرطان الدماغ، حتى تم السماح به بعد تغيير إداري في الإدارة المذكورة عام 1981، بناء على دراسة وحيدة من اليابان لا تربط بين السرطان وبينه، وهي ما قيل حينها إنها لم تتوفر للجنة في الإدارة المذكورة قبل هذا العام. وحتى هذا العام، يشير عدد من الدراسات في الولايات المتحدة، إلى أن الارتفاع في نسبة الإصابة في سرطان الدماغ مرتبطة بشكل مباشر مع بدء السماح بإنتاج وتناول الأسبرتام، وتأثر قدرات الدماغ الأخرى ودراسات أخرى لم تجد بينهما علاقة.
والملاحظ من تركيب الأسبرتام هو احتواؤه على ثلاث مواد مؤثرة بشكل ضار على الدماغ والقدرات العقلية مثل الميثانول بنسبة 10% وبهيئة تخالف ما هو موجود في المنتجات الطبيعية، إذْ أن الميثانول مادة سمية يكفي تناول ملعقتي شاي منه لحصول التسمم. وفي المنتجات الطبيعية من الخضار مثلاً كالطماطم، يوجد الميثانول ومعه المضاد له أي الإيثانول والبكتين، وهو ما لا يتحقق في الأسبرتام، إضافة إلى احتوائه على مادتين بروتينيتين، هما فينايل أنلين وحمض الأسبرتام، وتوجدان في المنتجات الطبيعية، لكن بهيئة مرتبطة بمركبات أخرى.
من هنا فالقول بأن مركبات الأسبرتام توجد في غيره من المنتجات الطبيعية، غير دقيق علمياً، وهو كمن يقول غاز أول أكسيد الكربون السام هو غير ضار لأنه مركب من أوكسجين وكربون!. وآخر الدراسات ما صدر الشهر الماضي في أوروبا ما دفع الاتحاد الأوروبي لمراجعة الأمر، ولم تصدر توصيات حتى لحظة كتابة هذا الموضوع بعد.
السكرين أحلى من السكر 300 مرة
* قام باكتشاف السكرين الباحثون من جامعة «جون هوبكنز» بالولايات المتحدة قديماً جداً، أي في عام 1879، وهو أحلى 300 مرة من السكر العادي، لكن يعيبه طعم المرارة والمعادن في الفم، لذا يخلط أحياناً بغيره من المحلّيات الصناعية كأسبرتام أو سايكلاميت، وهو مركب ثابت في درجات الحرارة العالية وفي وجود الأحماض، ولا يتفاعل مع المركبات الأخرى في المنتجات الغذائية المختلفة، ويحتاج إلى إضافة الصوديوم له كي يسهل ذوبانه في الماء.
وتعد الستينات والسبعينات من القرن الماضي، هي العصر الذهبي للسكرين، خاصة لدى مرضى السكر مع ظهور أول نوع من كولا دايت عام 1963 في الولايات المتحدة. ومر تاريخ السكرين في الولايات المتحدة بسلسلة من الأحداث تلقي ظلالاً من الشك حول شفافية التعامل مع المنتجات الصناعية والبحوث الطبية حولها، فلقد تمت إجازة تناوله وتصنيعه منذ الحرب العالمية الأولى وظهرت شكوك من الناس حوله أثناء الحرب العالمية الثانية بدرجة دفعت الرئيس الأميركي روزفلت إلى القول: «من يعتقد أن السكرين ضار فهو أحمق»، ثم في الستينات والسبعينات تعالت الأصوات حوله، خاصة التي تذكر العديد من مضار تناوله. وصدرت دراسة تؤكد إصابة الفئران بسرطان المثانة نتيجة تناوله، فألغت كندا السماح بتناوله وإنتاجه، وألزمت إدارة الغذاء والدواء الأميركية الشركات المنتجة له، أن تضع فقط على عبوات السكرين عبارة تحذر من تناوله نظراً لعدم وجود بديل متوفر واستجابة لضغوطات ورغبة مرضى السكري باستمرار تناوله، وهو ما أقره الكونغرس. وظل الأمر يتجاذبه دور من الرد ودور من الأخذ ثم فجأة في عام 1991 سحبت إدارة الغذاء والدواء إلزامها للشركات المنتجة وضع عبارة تحذيرية على عبوات السكرين وأقر الكونغرس هذا عام 2000.
السايكلمات أضعف المحليات الصناعية
* اكتشفه مصادفة أحد الطلبة من جامعة «الينويز» في عام 1937، وهو في الأساس حمض يضاف له الصوديوم أو الكالسيوم لتكوين مركب خالي الطعم. استخدم في الخمسينات كإضافة لبعض الأدوية للتغلب على مرارة طعمها، ثم في عام 1958 كمحل صناعي.
السايكلمات أحلى 50 مرة من السكر، فهو الأضعف بين المحلّيات الصناعية، واستخدامه اليوم في الدول التي لا تزال تسمح باستخدامه، هو خلطه مع السكرين لتخفيف مرارة طعمه كما في كندا، إذْ أن «سويتن لوو» في كندا يختلف عما هو في الولايات المتحدة لوجود السايكلمات فيه، الذي لا تسمح الولايات المتحدة باستخدامه منذ 1970 بالنظر في الدراسات التي أشارت إلى تأثيره في نشوء السرطان، ومنذ ذلك الحين والشركة المصنعة له تحاول كسر الحظر من دون جدوى، مع أنه مسموح به في أكثر من 55 دولة في العالم منها كندا.