تجربة 'الاختلاط في المستشفيات'.. لم ينجح أحد!

زائر
تجربة 'الاختلاط في المستشفيات'.. لم ينجح أحد!

إننا لو رجعنا قليلاً إلى الوراء لعلمنا أن 'رضانا ' كمجتمع بالاختلاط في المجال الصحي كان طريقاً ممهداً نحو الرضا بالاختلاط بالأعمال الإدارية في المستشفيات نفسها والمواقع الطبية المختلفة فأصبحنا نرى السكرتيرة والإدارية وموظفة الاستقبال وهلم جرا ...حيث بدأ ذلك بمصطلح سكرتير طبي!!!! أو سكرتيرة .. هكذا حتى أصبحنا نعاني من وجود اختلاط بين الجنسين على نحو غير مبرر في بعض المستشفيات.
إنني وبحكم تخصصي وعملي في الوسط الطبي فقد وقفت على شهادات واعترافات عديدة من داخل هذا الوسط أكدت من خلالها العديد من العاملات من طبيبات وممرضات وإداريات أو من يعملن في قطاعات الخدمات المساندة في مستشفياتنا أن الاختلاط قد تسبب لهن في الكثير من المتاعب والمعاناة.
حيث تمضي الواحدة منهن أوقاتاً طويلة في مقابلة زميلها 'الرجل' أكثر مما تقابل زوجها وأبناءها في المنزل بينما الأمر بالنسبة للعاملين من الرجال محرج أحيانا فهو يقابل 'زميلته' أكثر مما يقابل زوجته!
وإذ لا أريد الخوض في تفاصيل لقصص وأحداث ومشكلات حدثت في الأوساط الطبية فإنني أود أن أشير إلى أن ما يطلق عليه ب 'الاختلاط الشرعي' ليس حلا مجديا وهو غير مجد من وجهة نظري إذ إنه أتاح الفرصة لبعض العاملات للتفنن في لبس العباءات والملابس المجسدة لأبدانهن وبعض المظاهر المخجلة ليأتي كل ذلك تحت ذريعة الاختلاط 'وفق الضوابط الشريعة'! وليوصف الأمر بعد ذلك من قبل بعض العاملين بالأوساط الطبية بأنه نوع من' الضحك على الذقون'.
إنني ومن خلال تجربتي في المجال الطبي أود أن أؤكد أنه لا حاجة لنا اليوم إلى الاختلاط في تلك المواقع، وأن ما حدث إنما جاء نتيجة لامبالاة (البعض) بالمطالب الشرعية والثوابت الدينية التي طالبنا الله سبحانه وتعالى بها بقوله {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الأنعام162. مبدياً استغرابي تجاه أولئك الذي يفرقون بين العمل الطبي وغيره من الأعمال الأخرى فهم كمن يطالب بتجزئة الدين من حيث يدري أو لا يدري ناسيا أو متناسيا قول الله تعالى {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }البقرة85، كما أبدي أسفي أيضا لما طالعتنا به بعض صحفنا أخيراً من مقارنات 'غريبة' فحواها أن الاختلاط في العمل أمر طبيعي ومقبول وأن ذلك يشبه ما هو حاصل بالأسواق أو ساحات المسجد الحرام لدى أداء الشعائر!
نه في الحقيقة تشبيه لا يعدو أن يكون صاحبه سطحي التفكير وتلك مصيبة أو أنه أراد تمرير فكرة خاصة به من خلال استغفال القراء.
وهنا أقول : إن المصيبة أعظم. فأي مقارنة تلك التي تجمع بين الاختلاط المؤقت في الأسواق وبين الاختلاط في العمل لثماني ساعات يومياً!
واسمحوا لي أن أسأل المنادين بالاختلاط والذين يتهمون المعارضين لهم بالتفكير الشاذ والجنسي... ما هو يا ترى ردكم على الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم حيث يقول 'إذا خرجت المرأة من بيتها استشرفها الشيطان' أي زينها في أعين الناظرين؟
ويا ترى من نصدق رسول الرحمة والإنسانية أم دعوة من يسمح بالاختلاط؟
إن خدعة الاختلاط مرت - للأسف- في الأوساط الطبية، لتتفشى بعد ذلك في مجتمعنا والعديد من مؤسساته حتى صرنا نرى الاختلاط بين فتياتنا وشبابنا أحيانا في برامج تلفزيونية ممزوجا بضحكات تدمي قلب الغيور ولا يفرح لها إلا 'فاجر' أو'غافل'والعياذ بالله .
ولعلي أجد الفرصة سانحة لأناشد معالي وزير الصحة الدكتور حمد المانع بالتسريع بخطوات إنشاء المستشفى النسائي الذي تسعى إليه الوزارة، والتأكيد على الفصل بين الجنسين في المستشفيات مهما بلغت التكلفة ولنجعل شعارنا رضا الرحمن مهتدين بقوله تعالى {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً }الطلاق2.
وخلاصة القول: هي أن الاختلاط بين النساء والرجال مخالف لتعاليم الشريعة روحا ومنهجاً وأنه لا بد لنا من تطبيق قوله المولى عز وجل {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ }الأحزاب53 مستحضرين أن تلك الآية نزلت في عصر أفضل القرون وأكثر النساء والرجال ورعاً.
قال قتادة رحمه الله :
' ابن آدم ! إن كنت لا تريد أن تأتي الخير إلا بنشاط ، فإنّ نفسك إلى السآمة وإلى الفترة وإلى الملل أميل ، ولكن المؤمن هو المتحامل ، والمؤمن هو المتقوي ، وإن المؤمنين هم العجاجون إلى الله بالليل والنهار ، وما زال المؤمنون يقولون : ربنا ! ربنا ! في السرّ والعلانية حتى استجاب لهم ' ..
ـــــــــــــــــــــــــ
د. ماجد المنيف