تحذير خطير للإناث ..الرياضة العنيفة

زائر
عندما يكتب تاريخ القرن العشرين، فإن الظاهرة المسماة 'الثورة الرياضية' سوف تحتل مكانًا بارزًا بين المعالم المميزة لهذه الحقبة من تاريخ البشر! ذلك أن هذه الثورة السليمة أحدثت انتعاشًا اقتصاديًا وصحيًا ملموسين، وولدت ـ في الطرف المقابل ـ أمراضًا زادت قائمة البلايا التي ناء بها كاهل إنسان القرن العشرين! وبينما يستطرد 'الطب الرياضي' إلى تفصيل قائمة الأمراض الناتجة عن الرياضة البدنية بمختلف أنواعها، فإننا نقتصر هنا على الكلام من اضطرا بات الجهاز التناسلي عند الإناث اللاتي يزاولن رياضة بدنية عنيفة.
الجهاز التناسلي:
من حسنات مزاولة رياضة بدنية معتدلة، رفع درجة اللياقة البدنية، وتحسين أداء الوظائف العضوية، والشعور بمعنويات عالية، وتقليل احتمال الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
على أن التطرف في مزاولة الرياضة يؤدي إلى أثر عكسي تمامًا في المدى البعيد , وأظهر مثال على ذلك، حدوث اضطراب في الجهاز التناسلي عند الإناث، وقد قام الدليل على ذلك في دراسات طبية مستفيضة أجريت في كلية الطب ـ جامعة هارفارد [في 'بوستن' في الولايات المتحدة] وفي مستشفى القديس 'بارثلوميو' [إحدى مستشفيات كلية الطب ـ جامعة لندن].
لكي يمكن فهم كيفية حدوث اضطراب في الجهاز التناسلي عند أنثى تزاول رياضة عنيفة، فإننا نتعرض لتركيب الجهاز التناسلي وتطوره الطبيعي عند الأنثى:
الأعضاء التناسلية الرئيسية عند الأنثى هي المبيضان. أما الأعضاء التناسلية الثانوية فهي المهبل والرحم وقناتا فالوب وغدتا الثدي [أي الثديان].
يختص المبيضان بإنتاج الخلايا التناسلية [البويضات] وبإفراز هورمونات الأنوثة، وهما هورمون 'أستروجين' 'estgen' وهورمون 'بروجسترون' 'Pgestene' وتنتقل البويضات [عادة بويضة واحدة كل شهر من سن البلوغ] من المبيض إلى الرحم عبر قناة فالوب. فقناة فالوب إذن تختص بنقل البويضات من مكان الإنتاج على الرحم، الذي يختص باحتضان بويضة مخصبة تكون نواة لتكوين جنين. أما المهبل تختص باستقبال عضو الذكورة أثناء الجمع، وفي حال حدوث حمل فوضع، تنشط غدتا الثدي لإفراز لبن لإرضاع الجنين المولود.
على أن إعداد الجهاز التناسلي عند الأنثى لعملية التكاثر [التناسل] يخضع مباشرة لهورمونات تنتجها 'الغدة النخامية' 'Pititay gand' والغدة النخامية موجودة ضمن تراكيب المخ داخل الجمجمة [عظام الرأس] وتسمى 'الغدة الأم' لأن إفرازاتها تتحكم مباشرة في نشاط سائر الغدد الصماء في الجسم. و 'الغدد الصماء' ' endine gands' غدد تنتج الهورمونات، وتصب إفرازاتها في الدم مباشرة بسبب عدم وجود قناة لها [ومن هنا جاءت التسمية 'الصماء'] أما الغدة النخامية نفسها فيخضع نشاطها لهيمنة المخ، عبر اتصالها بالجزء من المخ المسمى 'ما تحت المهاد' 'hypthaams'.
عند سن البلوغ، الذي يتراوح بين الحادة عشرة إلى الثالثة عشرة من العمر، تستقبل الغدة النخامية من المخ، وبالتحديد من الجسم تحت المهاد، هورمونًا يسمى 'الهرمون المحرر للهرمونات التناسلية'، أي الذي يسبب انطلاق الهورمونات التناسلية [الجنسية]، ويعرف اختصارًا بحروف الإنجليزية 'GH'. وتحت تأثير هذا الهورمون، تنشط الغدة النخامية لإنتاج الهورمونات التناسلية. أحد هذه الهورمونات يسمى 'الهرمون الحاث للخلايا التناسلية' ويعرف اختصارًا بحروف الإنجليزية 'FSH'. ويختص هذا الهورمون [عند الأنثى] بحث المبيض لأداء عمله وهو إنضاج وتحرير بويضات، وإنتاج هورمونات الأنوثة. أما الهورمون الثاني فيسمى 'هورمون الاصفرار' أو 'هورمون الجسم الأصفر' ويعرف اختصارًا بحروف الإنجليزية 'H' وفي حال إخصاب بويضة الأنثى، يختص هورمون الاصفرار بتهيئة المناخ المناسب في الرحم لانغماد البويضة المخصبة ونموها لتكوين جنين؛ فضلاً عن أنه يؤدي إلى تحول محفظة البويضة التي يتم إخصابها إلى ما يسمى الجسم الأصفر 'ps tem' ويقوم الجسم الأصفر، بتوجيه من هورمون الاصفرار بإنتاج هورمون 'بروجسترون إلى حوالي نهاية الشهر الثاني من الحمل.
من جهة أخرى، يؤدي انطلاق هورمونات الأنوثة من المبيضين عند سن البلوغ [وهما هورمون أستروجين وهورمون بروجسترون] إلى نضج [أي تمام نمو] الأعضاء التناسلية الثانوية، وإلى ظهور الخصائص الجنسية المميزة للأنثى، وهي نمو الثديين وظهور شعر العانة والإبطين واستدارة انحناءات الجسم ـ أي ظهور البنية العامة المميزة لجسم الأنثى.
[لاحظ التناسق البديع في تسلسل الأحداث، وتناغم عمل سائر أجزاء الجسم، ما يدل على جمال الصنعة وبراعة الصانع.
ما قبل البلوغ:
تختلف اضطرابات الجهاز التناسلي عند الأنثى، نتيجة مزاولة رياضة عنيفة، باختلاف العمر الذي يبدأ فيه مزاولة الرياضة. ويمكن تقسيم الاضطرابات بصورة عامة إلى تلك التي تحدث ما قبل البلوغ، وتلك التي تحدث بعده، وهذا التقسيم يشير ضمنًا إلى العمر الذي تبدأ فيه مزاولة إحدى الرياضات العنيفة.
هنا تجدر الإشارة إلى أن الرياضيات النسائية التي تنطبق عليها صفة العنف تشمل ألعاب القوى [الجمباز] وألعاب السيرك، ورقص الباليه وما يشبهه، والتدريب القاسي للاشتراك في سباقات العدو [الجري]. أول اضطرا بات الجهاز التناسلي عند الفتيات اللاتي يزاولن إحدى الرياضيات المذكورة في سن مبكرة، هو تأخر حدوث البلوغ! فبينما تحيض الفتاة لأول مرة في عمرها [في الأحوال الطبيعية الاعتيادية] بين الحادية عشرة إلى الثالثة عشرة من عمرها، يتأخر الحيض إلى سن الخامسة عشرة أو ما بعدها عند الرياضيات! [سوف نستخدم كلمة 'الرياضيات' في هذا السياق للدلالة عل الإناث اللاتي يزاولن رياضة بدنية عنيفة]. و'الحيض' [الدورة الشهرية] 'menstatin' الذي يؤخذ علامة على البلوغ، يتأخر بسبب قلة ما تنتجه الغدة النخامية في الهورمونات التناسلية. ويبدو أن هناك علاقة عكسية بين المجهود البدني وبين ما تنتجه الغدة النخامية من الهرمونات التناسلية، بمعنى أنه كلما زاد المجهود البدني [كما هو الحال في الرياضة العنيفة] كلما قل إنتاج الهورمونات التناسلية [الجنسية] من الغدة النخامية. ويترتب على نقص هورمونات الأنوثة التي يجب أن ينتجها المبيضان عند البلوغ، وهذا النقص يؤدي بدوره إلى تأخر نضج الأعضاء التناسلية الثانوية، وإلى تأخر ظهور الخصائص الجنسية المميزة.
لذلك يكون الثديان ضامرين لوقت أطول من الطبيعي، وعند بعض الرياضيات يستمر ضمور الثديين إلى آخر العمر! من جهة ثانية، يؤدي نقص هورمونات 'أسرتوجين' [وهو أحد هورمونات الأنوثة التي ينتجها المبيضان] إلى آخر التحام نهايات العظام الطويلة في الجسم؛ إذ تستمر العظام الطويلة في النمو من وقت الميلاد إلى سن البلوغ، إذ تتوقف عن النمو. وهذا هو السبب في أن الإنسان يستمر في اكتساب مزيد من الطول كلما تقدم في مراحل النمو، إلى أن يصل إلى سن البلوغ، فيبقى طوله ثابتًا فيما بقي له من عمر. وسبب توقف الإنسان عن اكتساب مزيد من الطول بعد سن البلوغ هو اتحاد نهايات العظام الطويلة في الجسم، بحيث لا تستطيع النمو إلى أبعد مما وصلت إليه.
وعلى ذلك، فإن تأخر التحام نهايات العظام الطويلة في أجسام الرياضيات، نتيجة نقص هورمون أستروجين، يؤدي إلى استمرار العظام في النمو فترة زمنية أطول من الطبيعية. وينتج عن ذلك زيادة طول الذراعين والساقين بالنسبة إلىطول الجذع وهذا نمط من أنماط بنية الجسم يسمى 'بنية الخصي'، [الجذع هو الجزء من الجسم الواقع بين الرأس من أعلى والساقين من تحت والذراعين من الجانبين].
وعلاوة على ما تقدم، فإن الرياضيات يكن عرضة للإصابة بكسور العظام، بتشوه في العمود الفقري يسمى 'الجَنَف' [بفتح الجيم والنون] 'sisis' وهو ميل [أو انحناء] العمود الفقري إلى أحد جانبي الجسم، ومن غير المعروف ما إذا كانت هذه المضاعفات مرتبطة باضطراب إفراز الهورمونات التناسلية وهورمونات الأنوثة عند الرياضيات!
ما بعد البلوغ:
إذا شرعت أنثى في مزاولة رياضة عنيفة بعد سن البلوغ، فإن اضطرا بات الجهاز التناسلي الناتجة عن ذلك تختلف في صورتها العامة عن تلك الاضطرابات التي تنتج قبل البلوغ.
ففي هذه الحالة،أي ما بعد البلوغ، تستمر الدورة الشهرية في الحدوث عند معظم الرياضيات، مع نقص ملحوظ في عدد الأيام التي تستغرقها الدورة وفي مقدار الدم المفقود، وسبب ذلك هو نقص إنتاج هورمون الاصفرار من الغدة النخامية.
وبناء على مقدار النقص في هورمون الاصفرار، يكون نوع الاضطراب في الجهاز التناسلي. فعندما يكون النقص قليلاً يقتصر الاضطراب على حدوث الدورة الشهرية بالصورة المذكورة آنفًا، فإذا زاد مقدار النقص، أدى ذلك إلى صعوبة حدوث حمل! إذ لن يتكون الجسم الأصفر بصورة طبيعية، من محفظة البويضة المخصبة. وبالتالي فإن مقدار هورمون بروجسترون الذي ينتجه الجسم الأصفر، والذي يلزم لانغماد البويضة المخصبة في الرحم ونموها فيه خلال الشهرين الأول والثاني من الحمل، سوف يكون ناقصًا فيه خلال الشهرين الأول والثاني من الحمل، سوف يكون ناقصًا كذلك، وهذا هو السبب في صعوبة حدوث حمل، حتى في حال إخصاب بويضة إخصابًا ناجحًا.
أما إذا كان النقص في هورمون الاصفرار كبيرًا، فقد يؤدي ذلك إلى انقطاع الطمث انقطاعا تامًا ـ أي لا تحدث الدورة الشهرية! وبدلاً من ذلك يحدث نزيف غير منتظم من الرحم، يؤخذ دلالة على وجود اضطراب وظيفي. وفي هذه الظروف لا يمكن حدوث حمل البتة.
من جهة أخرى، قد يصاحب نقص هورمون الاصفرار نقص هورمون أستروجين، وفي هذه الأحوال، يؤدي نقص هورمون أستروجين إلى قلة الإفرازات الطبيعية في المهبل أو انعدامها تمامًا، مما يجعل المهبل جافًا يابسًا. ويكون جفاف المهبل سببًا في حدوث ألم أثناء الجماع. [المهبل Vagina] ينطق بفتح الميم وسكون الهاء وكسر الباء]. كذلك يكون نقص هورمون أستروجين سببًا في جعل العظام هشة، مما يعرضها للكسر بسهولة. وتعتبر عظام العمود الفقري [الفقرات أو سلسلة الظهر] أكثر عظام الجسم تعرضًا للكسر عند الرياضيات.
ومما يزيد في تعقيد الأمور وتهيئة الفرصة حدوث الاضطرابات المذكورة، ارتباط الرياضة العنيفة بأنواع معينة من الغذاء. فبدافع الرغبة في المحافظة على وزن الجسم أو على هيئته الأطعمة التي يتناولنها. ويتصدر اللبن [الحليب] ومنتجاته قائمة الأغذية المحذوفة. ويترتب على ذلك نقص مقدار الكالسيوم الذي يحتاجه الجسم، مما يزيد في جعل العظام هشة وعرضة للكسور. [الكالسيوم ملح معدني، تتراوح حاجة الجسم اليومية إليه بين غرام واحد إلى غرام ونصف. واللبن [ومنتجاته] هو أغنى مصادر الكالسيوم الطبيعية. والكالسيوم هو المكون الأساسي للعظام].
وجدير بالذكر أن جميع اضطرابات الجهاز التناسلي عند الرياضيات تزول بزوال السبب. أي أن التخلي عن الرياضيات العنيفة والاعتدال في بذل المجهود البدني، مع تناول غذاء متوازن، يعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف: