"حب الشباب" يصيب المراهقين والكهول وأثارة السلبيّة جماليّة ... ونفسيّة

زائر
مرض .... أم مشكلة عابرة
"حب الشباب" يصيب المراهقين والكهول
وأثارة السلبيّة جماليّة ... ونفسيّة

يعتبر "حب الشباب" من أكثر الأمراض التي تصيب الإنسان حول العالم، إذ إنه بالكاد ينجو شابان من أصل خمسة من الإصابة به فيما ترتفع نسبة الإصابة بين الفتيات إلى نحو 65 في المئة.
ويصيب "حب الشباب" أكبر الأعضاء حجماً لدى الإنسان وهو الجلد، الذي يصبح عرضة لهذا المرض منذ سن البلوغ وقد يرافقه حتى انتهاء كهولته. ورغم أنه مرض غير قاتل إلا أن سلبياته كبيرة، خصوصاً لدى الشبان والشابات في مقتبل العمر.
والجلد هو خط الدفاع الأول عن الجسم البشري من هجمات الجراثيم وأثار العوامل الطبيعيّة، وبما أنه يغطي الجسم البشري تماماً فهو يبقى عرضة للعوامل الطبيعيّة والإصابات المختلفة نتيجة الغزوات الفاشلة للأجسام الغريبة.
فمع بدء سن البلوغ يلاحظ العديد من الشبّان والشابات ظهور بثور متفاوتة الحجم يكبر بعضها وتسيل منه إفرازات بيضاء كريهة المنظر،وتمتد بعض هذه البثور فتلاقي بعضها وتحدث تقيّحاً بالغاً في بعض الأحيان. ويكون الأمر أكثر إزعاجاً لدى إصابته منطقة الوجه والرقبة خصوصاً لدى ذوي البشرة الدهنيّة التي تعتبر الموطن الأول لحب الشباب في أكثر من تسعين في المئة من الحالات. وعندما تجفّ هذه البثور تترك وراءها ندوباً وتشوّهات بارزة في الوجه، هي أقرب ما تكون إلى حروق الدرجة الثانية من حيث تأثيرها السلبي على الجلد.
وتبدأ مشكلة «حب الشباب« في الغدد "الزهمية"، وهي المسؤولة عن إفراز الزيوت والدهون بهدف ترطيب سطح الجلد والحؤول دون إصابته بالجفاف. وعند بدء إفراز الجسم للهرمون الجنسي المعروف بـ "أندروجين" يقوم هذا الهرمون بحفز الخلايا الدهنيّة على إفراز كميّات أكبر من المواد الزيتيّة فيما يحفّز الخلايا الجلديّة في جريبات الشعر على طرح كمية كبيرة من القشور. وتعمل المواد الدهنيّة على دفع الجراثيم العالقة بالجلد وكذلك الخلايا الميتة إلى سطح الجلد للتخلّص منها. لكن يحدث في كثير من الأحيان إنسداد في مسام الجلد تؤدّي إلى ظهور "الرؤوس السوداء" التي تسدّ الطريق أمام الإفرازات الزيتيّة فتحاول هذه الأخيرة شق طريقها بالقوة مما يحدث إنتفاخاً في طبقة الجلد العليا يؤدّي إلى ظهور البثور.
ومع أن ثورة الهرمونات تعتبر المسبّب الأكبر لـ "حب الشباب"، إلا أن موجات هرمونيّة أخرى قد تؤثر في خلق هذه المشكلة ومنها النشاط الهرموني البالغ لدى المرأة قبيل موعد الدورة الشهريّة وأثناء الحمل أو لدى تعاطي بعض أنواع حبوب منع الحمل، كما أن القلق والتوتّر العاطفي والإنفعالات السلبيّة الشديدة تلعب دوراً بارزاً هي الأخرى في رفع مستوى النشاط الهرموني في الجسم.

وتعتبر الرياضة من أحد الأسباب التي تفاقم مشكلة "حب الشباب"، ذلك أن تنشيط الدورة الدموية وزيادة تدفق الدم إلى أنسجة الجلد يؤدي إلى ارتفاع حرارة الجسم فيزداد التعرّق وتتفاقم مشكلة «حب الشباب«. وإذا كانت الرياضة في حد ذاتها لا تزيد مشكلة تزييت الجلد، إلا أن الوقوف تحت الدوش لنحو 10 مرّات أسبوعياً يفعل، لأن المياه الدافئة والصابون القوي يزيلان زيوت الجسم الطبيعيّة، ممّا يحفّز الخلايا الدهنيّة على مضاعفة عملها لتعويض النقص. ولذلك ينصح أطباء الجلد هؤلاء بالإستحمام بالمياه الفاترة وأن يقتصر إستعمال الصابون (اللطيف الذي يدخل زيت الزيتون في تركيبته) على منطقة الإبطين وأصل الفخذ.
ورغم ارتباط إسم المرض بـ "الشباب"، إلا أنه لا يقتصر عليهم فعلياً، فهناك فئات عمرية أخرى معرّضة للإصابة به، كما أن هناك أنواعاً أخرى منه مرتبطة بنوعيّة العمل أو أسلوب الحياة. فالذين يقضون وقتاً طويلاً على الكراسي (العمل المكتبي) يتعرّضون للإصابة بنوع من حب الشباب يتركّز على منطقة الظهر والإبطين والفخذين، كما أن بعض أنواع هذا المرض ترتبط بحساسيّة حيال بعض أنواع الأدوية.
ويؤدّي "حب الشباب" في بعض الحالات القليلة إلى مشاكل صحيّة، لكن ضرره الأكبر جمالي ونفسي.
وأكّدت الأبحاث الحديثة التي أجريت وجود ارتباط وثيق بين "حب الشباب" وبعض المشكلات والأمراض النفسية التي تصاحب الشاب إلى ما بعد سن البلوغ، وقد ترافقه لفترة طويلة.
وينحو معظم المصابين بالمرض إلى الإنزواء ومجانبة أقرانهم نتيجة إحساسهم بـ "بشاعتهم" ودمامتهم، ويصاب العديد منهم بقلّة ثقة بالنفس تنعكس على جوانب أخرى من حياتهم.
وأشار بحث علمي نشرته جامعة "أوسلو" أخيراً إلى أن أكثر من 60 في المئة من الشبّان يصابون بمرض "حب الشباب" مقابل 65 في المئة من الشابات. وأوضحت الدراسة أن 63 في المئة من المصابات بالمرض يعانين من مشكلات نفسيّة متفاوتة الحدة. منها الشعور بإنعدام الجمال ومدى تأثيره على مستقبلهنّ إلى الحد الذي يدفع بعضهن إلى الإنتحار.
وإذ يؤكد غالبية المختصين والأطباء عدم وجود صلة بين نوعية الطعام الذي نتناوله ومشكلة «حب الشباب«، ينحو بعض الأطباء إلى ثني المصابين عن تناول بعض الأطعمة كالشوكولا والبهارات الحادّة والكافيين. إلا أن العامل الأساسي الذي يساهم في الوقاية من المرض والتخفيف من حدته هو النظافة التامّة وعدم السماح للدهون بالتراكم وسد مسام البشرة وذلك عبر العناية اليومية واستعمال مساحيق وصابون خاص والإبتعاد عن الملوّثات، وعدم المس بالبثور أو محاولة عصرها لأن ذلك يفاقم المشكلة ويترك ندوباً بارزة في الوجه.
ويعمد الأطباء إلى أكثر من نوع من العلاج لأمراض "حب الشباب" أبرزها تلك التي تعتمد على تناول بعض أنواع الأدوية المضادّة للإلتهاب بسبب خاصيتها في خفض نسبة إفراز الدهون في الجسم. وكذلك يستعمل الأطباء مبدأ تقشير الطبقة الخارجية للجلد للتخلّص منها وفتح مسام البشرة، وتستعمل بعض أنواع المراهم والكريمات لهذه الغاية وهي تتفاوت في قوتها نسبة إلى تفاوت حجم المشكة. أما الندوب التي تظهر على الوجه نتيجة المرض فقد توصّل الأطباء إلى التخلّص منها بعلاج يتم بواسطة أشعة اللايزر.
وفي موازاة العلاجات الطبيّة برزت مع الوقت بعض أنواع العلاجات الطبيعيّة التي يعتمد بعضها على عصير الخيار لتنقية الجلد من البثور والرؤوس السوداء (الزؤان) أو غسل الوجه بعصير الليمون الحامض وصولاً إلى البندورة التي يقال إن مسح الحبوب بواسطة لبها وتركه على الوجه لربع ساعة قبل غسله بالمياه الفاترة لعدة أيّام يؤدّي إلى تحسّن حال المصاب.
لكن مشكلة "حب الشباب" عموماً، مرحلة تمرّ بلا عواقب سلبيّة إذا أحسن المصاب التعامل معها وأدرك كيفيّة تجنّب المشكلات الناجمة عنها.
المصدر مجلة زينة
 

زائر
شكرا على الموضوع الحلو