دراسـه حديثة تؤكد وجود علاقة مابين ضرب الأطفـال والعدوانية

زائر
أعود بالذاكرة للوراء عدة سنوات لأتذكر النقاش الذي دار مع بعض الزملاء حول تفشي ظاهرة العنف ضد الأطفال بالمجتمع، أقولها وبمنتهى الصراحة سيكون القارئ الكريم مجانبا للحقيقة إذا قال بأنني لم اضرب طفلي قط أو لم أوجه إليه كلمات نابية ، ولكننا في المقابل قد نعذره إذا كان لا يدري ما هو التأثير السلبي لهذه المعاملة أو ذلك التوبيخ إذ لم يخطر ببال احد منا يوما أن هذه الخشونة في التعامل من قبل بعض أفراد المجتمع تجاه الآخرين قد تكون نتاج تربية العنف أو التوبيخ ، فمن منا لم يشاهد ملاسنات بالشوارع أو في الأسواق حول بعض الأمور التي هي في الواقع تافهة ولا تستدعي كل هذا التشنج ، ومن منا لم يشاهد مضاربات بالعقال لأسباب أخرى تافهة ، وكم حالات قتل حدثت بسبب خلاف بسيط على ارض زراعية قد لا تتعدى مساحتها المترين، وليس هذا الأمر حكراً على العامة بل لقد طال حملة الشهادات العليا وأساتذة الجامعات ، واذكر هذا قصة لأستاذين جامعيين قام احدهما بوضع سيارته خلف سيارة زميلة بمواقف الجامعة فما كان من الآخر ألا أن قام وبنشر الكفرات الأربع ولكم أن تتخيلوا النتيجة.
أعود إلى حديثي مع الزملاء حيث اقترح على البعض بأن يكون هذا مشروعاً لدراسة الدكتوراه لا سيما إذا عرفنا أن الدراسة المحلية في هذا المجال شحيحة جداً أن لم تكن معدومة ، وعندما عقدت العزم على الدراسة بدأت أولا برصد لأراء الناس حول هذه الظاهرة من خلال وسائل الإعلام والرصد المباشر ، فوجدت أن الناس لديهم قناعات بأن تأديب الأطفال بالضرب موجود أصلاً في الدين ثم انه يعتبر من الخصوصيات العائلية والتي لا يمكن لأحد أن يتدخل فيها الخصوصيات عندها بدأت أبحث عن حقيقة هذا الأمر من الناحية الشرعية وتوصلت إلى الحقائق التالية:
لم أجد في القران الكريم أو السيرة النبوية المطهرة – على حسب علمي – ما يشير إلى العنف ضد الأطفال سواء لفظيا أو فعليا من أجل التأديب سوى حديث الحث على الصلاة وسوف آتي إليه لاحقاً.
بل أن ديننا الإسلامي الحنيف ضرب أروع الصور فيما يتعلق بحسن التعامل مع الأطفال فخذ على سبيل المثال الأعرابي الذي تعجب من سلوك المصطفى الكريم عندما قال: أتقبلون أطفالكم ! والله أن لدي مجموعة من الأطفال لم أقبل أحدهم قط، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم وهل أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك ، من لايرحم لا يرحم ، والحديث الآخر الذي يفيد بأن أحد الأباء وضع أحد أطفاله على فخذه والأخر على الأرض فقال له المصطفى صلى الله عليه وسلم هلا على الفخذ الآخر ، والأحاديث في هذا المجال كثيرة ويكفينا استشهاداً بإطالة النبي صلى الله عليه وسلم لسجوده خوفاً على سقوط أحد أحفاده ، ولا أروع من سلوكه عليه الصلاة والسلام وتخيلوا معي أيها المتخصصون هذا السلوك ، كان صلى الله عليه وسلم إذا كان يمشي مع أصحابه في طرقات المدينة ورأى طفلاً يتركهم ويهرول إليه مسرعاً ليمازحه ويلاطفه فمن منا بالله عليكم في هذا الزمان يقوم بذلك سواء مع أطفاله أو الآخرين.
المهم أعود إلى حديث الضرب والذي يريد الكثير من الأوصياء استخدمه ذريعة لمواصلة الصلاحيات بدون حسيب أو رقيب ، يقول المصطفى الكريم "علموهم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر" ولو تمعن القارئ الكريم في الحديث لوجد أن المصطفى الكريم لم يقل علموهم الصلاة لسبع واضربوهم لثمان بل أعطى عليه الصلاة والسلام متسعا من الوقت للتعليم ، ولو قام الأب عند كل صلاة بإعطاء الطفل محاضرة عن أهمية الصلاة وفوائدها لتكون لدينا في نهاية اليوم خمس محاضرات ولو ضربناها في 30 يوم لبلغنا بـ(150) محاضرة في الشهر وفي 12 شهر لوصلنا إلى (1800) محاضرة في السنة وفي 3 سنوات لطلعنا بـ(5400) محاضرة ، وهي كافية لجعل الغالبية العظمي من الأطفال ينتظمون في الصلاة بدون ضرب، لأن ذلك يمثل السواد الأعظم من الناس والذي حسب المنحنى الاعتدالي يمثل 90% حيث أن هؤلاء سيتجيبون لهذه المحاضرات خلال هذه السنين بدون ضرب ويظل هناك 5%من الأطفال يحتاجون إلى التشجيع والتدعيم بأساليب محببة، وأما البقية المتبقية وهي 5% فهي التي تحتاج إلى الضرب بهدف الإصلاح ، إلا أن العلماء قننوا الضرب بحيث انه لا يخرج عن النقاط التالية:
-أن لا يكون الضرب بهدف الانتقام.
-أن يكون الهدف منه الإصلاح وتعديل السلوك.
-أن لا يكون الضرب في الوجه أو الأماكن الخطرة أو القاتلة.
-أن لا يتم تحريك اليد من موضع الكتف "وهذا دليل على أن الضرب الهدف منه التأديب وليس الإيذاء".
-وقلت في قراره نفسي يا ليت الأباء يضربون أطفالهم فقط على الصلاة ولكن مع الأسف الشديد الكثير منهم استغل هذا الحديث لضرب أطفاله بسبب وبدون سبب.
وبعد أن تكونت لدى قناعة بأنه لا أساس لهذا التوجه من الناحية الدينية قمت بالتحري عن النتائج المترتبة على ضرب الأطفال ، لأنك عندما تتحدث مع الأباء عن النتائج يكون الرد بأن هذه أمور في مخيلة المتخصصين ولا يوجد نتائج لسوء المعاملة بل أنها وسيلة تربوية ناجعة لتعديل السلوك بحثت في الدراسات السابقة لمعرفة النتائج فوجدت العديد من الاضطرابات والأمراض النفسية ناهيك عن الاضطرابات العضوية فخذ على سبيل المثال لا الحصر أثبتت الدراسات أن هناك علاقة ما بين سوء معاملة الأطفال والاضطرابات التالية:
اضطرابات ما بعد الصدمةPtsd، اضطرابات الشخصية الحدية Bpd اضطراب الأكل Eating Disde اضطراب النوم Seeping Disde ، انخفاض تقدير الذات w Sef-esteem ، العدوانية AggessinالتشتتDissiatin ، إيذاء الذات Sef-ham القلق Anxiety، الاكتئاب Depessin، اضطراب الوظيفة الاجتماعية Sia Dysfntin، الاضطرابات الجنسية Sexa Distbane، الانتحار Siide، الموتDeath.
وصدقوني لم أكن أتخيل أن هذه الاضطرابات والأمراض النفسية هي نتائج سوء المعاملة وهالتني الصدمة حيث أنني كنت أتوقع أن القلق أو الاكتئاب كأقصى شيء قد ينتج عن سوء المعاملة وهذا في الواقع ما جعلني أشد العزم على إجراء هذه الدراسة لا وضح للمختصين ، أولياء الأمور ، المسؤولين عن التخطيط وعن حياة الطفل في هذا البلد بأن هناك خطرا محدقا بأمتنا إذا لم نتلاف وقوع هذه الظاهرة وقد حاولت في هذه الدراسة أن أضمنها اكبر عدد من المقاييس التي تكشف لنا عن نتائج سوء المعاملة.
وقد توصلت الدراسة إلى نتيجة مفادها بأن 12,2% من الأطفال لدينا قد تعرضوا للضرب Physia Abse على الرغم من أننا استبعدنا البديل الأول (نادراً صحيح) لاعتقادنا بأن حدوث سوء المعاملة نادراً لن يؤثر سلباً على نفسية الأطفال ، ولو ترك هذا البديل لوصلت النسبة إلى 25% أي الربع فضلاً عن أننا أصلاً عرفنا الضرب بأنه المشاهد على الطفل خارجياً من قبل الفئات المذكورة آنفاً والذين تعرضوا لإصابة داخلية (غير الوجه والكفين) أو الذين يتعرضون للضرب الغير مبرح ، كل هؤلاء لم يدخلوا في العينة ولو كانوا كذلك لزادت النسبة عن ال50% ولكننا حرصنا في البداية أن تكون النسبة معقولة ومقبولة من قبل أفراد المجتمع ، ومع ذلك كانت النسبة عالية مقارنة بالدراسات الأجنبية.
ما يهمنا هنا في الطبية هو ما هي الاضطرابات التي وجدت ، وفي الواقع كان هناك العديد من الاضطرابات النفسية إلا أنني سأكتفي باضطراب واحد في هذه السلسلة ألا وهو العدوانية حيث كان هو الأبرز فيما يتعلق بالضرب ، ولعل الفرصة تسنح في العدد القادم لأكمل ما بدأته حول هذا الموضوع الشيق والهام.
in14;منقول للفائدة أخوكم mahthaiin14;
للدكتور على الزهراني
أسـتشـارى الـطب النــفســي