دماغه ودماغها

زائر
يتبين أن دماغي الذكر والأنثى يختلفان إلى حد ما في البنيان والنشاط. ويمكن أن يؤدي البحث في هذه الاختلافات إلى معالجات جنسانية للاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والفصام.

في يوم غائم في أواسط شهر يناير، اقترح رئيس جامعة هارفارد (سومرز) أن الفروق الفطرية في بنيان دماغي الذكر والأنثى يمكن أن تكون أحد عوامل الندرة النسبية لتخصص النساء في مجالات العلوم. وقد أزكت ملاحظاته مجددًا وطيس نقاش كان خامدًا طول قرن من الزمن منذ أن شرع بعض العلماء الذين قاموا بقياس حجوم أدمغة من الجنسين، باستخدام اكتشافهم الرئيسي ـ بأن أدمغة الإناث غالبًا ما تكون أصغر حجمًا من أدمغة الذكور ـ في تعزيز الرأي بأن النساء من الناحية العقلية أدنى من الرجال.
لم يكتشف أحد حتى الآن أي دليل على أن الاختلافات التشريحية يمكن أن تحول دون تحقيق النساء تميزًا أكاديميًا في الرياضيات أو في الفيزياء أو في الهندسة (انظر إطار مادة سنجابية). وقد تبين بوضوح تام تشابه دماغي الرجال والنساء في عدة نواح. ومع ذلك فقد وثق الباحثون طوال العقد الماضي سلسلة مذهلة من الاختلافات البنيوية والكيميائية والوظيفية في أدمغة الذكور والإناث.
وليست هذه الاختلافات مجرد خاصيات مهمة قد تفسر لماذا يستمتع الرجال عمومًا بما قد لا تستمتع به النساء، بل إنها تبرز إمكانية أننا قد نحتاج إلى إيجاد علاجات جنسانية لكثير من الحالات، بما في ذلك الاكتئاب والإدمان والفصام والاضطراب الكربي بعد الرضح pst-tamati stess disde. فضلاً عن ذلك، فإن هذه الفروق تعني ضمنا أن على الباحثين الذين يتقصون بنية الدماغ ووظيفته، أن يأخذوا في الحسبان جنس مرضاهم حين تحليل بياناتهم، كما يجب أن تتضمن دراساتهم المستقبلية كلا من النساء والرجال خشية التوصل إلى نتائج مضللة.

وقبل زمن ليس ببعيد كان العلماء يعتقدون أن الفروق في الدماغ بين الجنسين تقتصر على المناطق المسؤولة عن سلوكيات التزاوج. ففي إحدى مقالات مجلة (ساينتفك أمريكان) لعام 1966 وصف ليفين من جامعة ستانفورد دور الهرمونات الجنسية في توجيه السلوكيات التناسلية عند الفئران، حيث يعكف الذكور على الاعتلاء وتعكف الإناث على تقويس ظهورها ورفع أردافها لاجتذاب شركاء من الجنس الآخر. ولم يذكر (ليفين) إلا منطقة دماغية واحدة في عرضه هذا، وهي الوطاء hypthaams الذي يمثل بنية صغيرة عند قاعدة الدماغ، تعنى بتنظيم الإنتاج الهرموني والتحكم في سلوكيات أساسية، مثل الأكل والشرب والجنس، ثم نضج جيل من علماء الأعصاب على الاعتقاد أن (الفروق بين الجنسين في الدماغ) تعود بشكل رئيسي إلى كل من سلوكيات التزاوج والهرمونات الجنسية والوطاء.
ولكن حدث الآن نبذ هذا الرأي بفضل موجة من المكتشفات تبرز تأثير الجنسانية في نواحي معرفة (استعراف) gnitin وسلوك عديدة، تتضمن الذاكرة والانفعال والرؤية والسمع وتشخيص الوجوه والاستجابة الدماغية لهرمونات الكرب stess. وقد تسارع هذا التقدم في السنوات الخمس أو العشر الأخيرة، بفضل الاستخدام المتنامي لتقنيات التصوير المعقدة غير الباضعة nninvasive، مثل التخطيط المقطعي الطبقي بالإصدار البوزيتروني (PET) والتصوير التجاوبي المغنطيسي الوظيفي (FMI) الذي يمعن النظر في أدمغة الأفراد الأحياء.
تكشف تجارب التصوير هذه أن التباينات التشريحية موجودة في تشكيلة منوعة من المناطق في أرجاء الدماغ. فعلى سبيل المثال، استخدمت (كولدشاتين) (من كلية طب هارفارد) وزملاءها تقانة التصوير التجاوبي المغنطيسي في قياس العديد من الباحات aeas القشرية وتحت القشرية الدماغية. ووجد هؤلاء الباحثون، إضافة إلى أشياء أخرى، أن أجزاء من القشرة الجبهية fnta tex، التي تعد مقر العديد من الوظائف المعرفية العليا، تكون لدى النساء أكبر منها لدى الرجال، وكذلك الحال مع أجزاء من القشرة الحوفية imbi tex التي تعنى بالاستجابات الانفعالية. وفي المقابل، تكون عند الذكور أجزاء من القشرة الجدارية paieta tex التي تعنى بإدراك الحيز spae، أكبر مساحة منها لدى الإناث، ولاسيما اللوزة المخية amygdaa التي تمثل بنية لوزية الشكل تستجيب للمعلومات التي تثير الانفعالات ـ أي إلى كل شيء يسبب خفقان القلب وتدفق الأدرينالين. ونشير هنا إلى أن هذه الفروق في الحجم وكذلك الفروق الأخرى المذكورة في تلك المقالة هي فروق نسبية، فهي تشير إلى الحجم الإجمالي للبنية بالقياس إلى الحجم الإجمالي للدماغ.

يعتقد عمومًا أن الفروق في حجوم البنى الدماغية تعكس أهميتها النسبية لدى الحيوان. فعلى سبيل المثال، تعتمد الرئيسات pimates على الرؤية بقدر أكبر من اعتمادها على الشم خلافًا لما هي عليه الحال عند الجرذان. ونتيجة لذلك تحتفظ أدمغة الرئيسات بمناطق أكبر نسبيًا لغرض الرؤية، في حين تخصص الجرذان حيزًا أكبر لغرض الشم. ولهذا فإن وجود تباينات تشريحية واسعة بين الرجال والنساء يوحي بأن الجنسانية تؤثر فعلاً في طريقة عمل الدماغ.
يعتقد عمومًا أن الفروق في حجوم البنى الدماغية تعكس أهميتها النسبية لدى الحيوان. فعلى سبيل المثال، تعتمد الرئيسات pimates على الرؤية بقدر أكبر من اعتمادها على الشم خلافًا لما هي عليه الحال عند الجرذان. ونتيجة لذلك تحتفظ أدمغة الرئيسات بمناطق أكبر نسبيًا لغرض الرؤية، في حين تخصص الجرذان حيزًا أكبر لغرض الشم. ولهذا فإن وجود تباينات تشريحية واسعة بين الرجال والنساء يوحي بأن الجنسانية تؤثر فعلاً في طريقة عمل الدماغ.
وثمة أبحاث أخرى تكتشف فروقًا تشريحية بين الجنسين على المستوى الخلوي. فعلى سبيل المثال اكتشفت (ويتسلون) وزملاءها (في جامعة مكماستر) أن النساء يمتلكن كثافة كبيرة من العصبونات في أجزاء من قشرة الفص الصدغي tempa be تعنى بمعالجة اللغة وفهمها. فعند عد العصبونات في عينات منها بعد الموت، وجد الباحثون طبقتين، من أصل الطبقات الست الموجودة في تلك القشرة، تحويان عددًا من العصبونات (في وحدة الحجم) أكبر لدى الإناث منه لدى الذكور. وقد ذكرت مثل هذه المكتشفات لاحقًا فيما يخص الفص الجبهي. وبتوفر مثل هذه المعلومات، يستطيع علماء الأعصاب الآن استقصاء ما إذا كانت الفروق بين الجنسين في عدد العصبونات تتلازم مع فروق في المقدرات المعرفية، أي على سبيل المثال، استقصاء ما إذا كان تعاظم تلك الكثافة في القشرة السمعية لدى الأنثى، يرتبط بالأداء المتفوق للنساء في اختبارات الطلاقة اللفظية عندهن.
يمكن أن يكون مثل هذا التنوع التشريحي قد حدث، في قسم كبير منه، بفضل نشاط الهرمونات الجنسية التي تغمر دماغ الجنين. فهذه الستيرويدات تساعد على الإشراف على تنظيم وتشبيك الدماغ أثناء التنامي، وتؤثر في البنية والكثافة العصبونية لمختلف المناطق. ومما يثير الاهتمام أن الباحات الدماغية، التي وجدتها (كولدشتاين) أنها تختلف بين الرجال والنساء، هي التي تحتوي عند الحيوانات على أكبر عدد من مستقبلات eepts الهرمونات الجنسية أثناء التشكل والتنامي. وهذا الترابط بين حجم المنطقة الدماغية لدى البالغين والفعل الستيرويدي في الرحم يوحي بأن بعض الفروق الجنسانية (بين الجنسين)، في الوظيفة المعرفية على الأقل، لا تنجم عن التأثيرات الثقافية أو عن التغيرات الهرمونية التي تصاحب المراهقة، أي إنها قائمة منذ الولادة.
ميول موروثة(*)
تضيف بضع دراسات سلوكية مثيرة للاهتمام أدلة على أن بعض الفروق الدماغية بين الجنسين تنشأ قبل أن يبدأ الطفل أول أنفاسه. فعلى مر السنين، أوضح كثير من الباحثين أن الغلمان والبنات الصغار يفترقان في انتقاء الدمى. فالغلمان يميلون للانجذاب إلى الكرات أو دمى السيارات، في حين تسعى البنات عادة إلى دمى البشر. ولكن ما من أحد استطاع أن يقول بحق ما إذا كانت هذه التفضيلات تمليها الثقافة أو تمليها البيولوجيا الدماغية الفطرية.

وللتصدي إلى هذا السؤال التفتت كل من (هاينز) من (andn ity nivesity) و (الكساندر) من (Texas A&M nivesity) إلى النسانيس التي هي من الحيوانات الأكثر قرابة منا، إذ عرضت الباحثتان أمام مجموعة من نسانيس الفرفت vevet تشكيلة من الدمى، بما في ذلك دمى من القماش وشاحنات وبعض ألعاب حيادية النزعة بالنسبة إلى الجنس، مثل الكتب المصورة. فتبين لهما أن ذكور النسانيس أمضت وقتًا أطول تلهو بالدمى الذكورية masine من إناث النسانيس، في حين أمضت إناث النسانيس مزيدًا من الوقت تلهو بدمى تفضلها البنات عادة. كما أمضى كل من الجنسين زمنًا متساويًا يعبث بالكتب المصورة والدمى الأخرى الحيادية للجنسين.
ولما كان من غير المحتمل أن تتأثر نسانيس الفرفت بالضغوط الاجتماعية للثقافة البشرية، فإن هذه النتائج تعني ضمنا أن تفضيلات الدمى لدى الأطفال إنما تنتج، ولو جزئيًا على الأقل، من فروق بيولوجية فطرية. ويرجح أن هذا الافتراق divegene وجميع الفروق التشريحية الدماغية بين الجنسين في الواقع قد نشأت نتيجة لضغوط الانتقاء (الانتخاب) أثناء التطور.

وفي حالة دراسة الدمى هذه فإن الذكور من البشر والرئيسات على حد سواء، تفضل الدمى التي يمكن تحريكها من مكان إلى آخر، وهذا يعزز لديها لعب العراك. ومن المعقول أن نستنتج أن هذه السمات قد ترتبط بالسلوكيات المفيدة للصيد وتأمين التزاوج. وعلى نحو مشابه يمكن أن يفترض المرء كذلك أن الإناث، في المقابل، تنتقي الدمى التي تسمح لهن بصقل المهارات التي سيحتجن إليها ذات يوم لتنشئة صغارهن.
لقد انتهج (بارون كوهن) ومعاونوه في (جامعة كمبردج) مقاربة خلاقة مختلفة لدراسة أثر الطبيعة مقابل أثر التربية فيما يخص الفروق بين الجنسين. فلقد ذكر الكثير من الباحثين تباينات في توجيه الناس للولدان الذكور والإناث. وعلى سبيل المثال، وجد (بارون ـ كوهن) وتلميذته (لوتشمايا) أن البنات في سنتهن الأولى يقضين زمنًا أطول في النظر إلى أمهاتهن من الذكور بذات العمر. وحينما عرضت على هؤلاء الأطفال تشكيلة أفلام لمشاهدتها، حدقت البنات لمدة أطول في فيلم يتعلق برؤية وجه ما، في حين حدق الغلمان لمدة أطول في فيلم يعرض سيارات.
وبالطبع، فإن هذه التفضيلات يمكن أن تنسب إلى فروق في طريقة تعامل البالغين مع الغلمان والبنات الصغار سلوكًا ولعبًا. ولاستبعاد هذه الإمكانية، تقدم (بارون ـ كوهن) وتلاميذه خطوة أبعد، إذ أخذوا كاميرا فيديو vide amea إلى جناح الولادة في أحد المستشفيات بغية فحص ما يفضله رضع عمرهم يوم واحد. وقد عرض على هؤلاء الرضع مشهد من اثنين: إما وجه بشوش لطالبة حية، أو قطعة خشب متحركة تشبه وجه الطالبة لونًا وحجمًا وشكلاً ولكنها تتضمن خليطًا من ملامح وجهها. وتحاشيًا لأي انحياز، لم يكن القائمون بالتجربة يعرفون جنس الرضيع أثناء الاختبار. ولدى مشاهدة أشرطة الفيلم وجد هؤلاء الباحثون أن البنات أمضين وقتًا أطول في النظر إلى الطالبة، في حين صرف الغلمان وقتًا أطول في النظر إلى الجسم الآلي. لقد اتضح هذا الفرق في الاهتمام الاجتماعي في اليوم الأول من حياة الرضيع، مما يعني ضمنا أننا نولد من الرحم ونحن نملك بعض الفروق الفطرية المعرفية (الاستعرافية) gnitive.
وطأة الكرب (nde stess)
في حالات عديدة، تحدد الفروق بين الجنسين في كيمياء الدماغ وبنيانه كيفية استجابة الذكور والإناث للبيئة أو التفاعل مع حوادث الكرب وتذكرها. لنأخذ على سبيل المثال اللوزة المخية amygdae، فقد ذكرت (كولدشتاين) وآخرون أن اللوزة المخية تكون لدى الرجال أكبر منها لدى النساء. وفي الجرذان، تقيم العصبونات في هذه المنطقة عددًا من الاتصالات البينية intennetins يفوق ما يقابلها لدى الإناث. ويتوقع من هذه الاختلافات التشريحية أن تولد فروقًا في طريقة تأثر الذكور والإناث بالكرب.
ومن أجل تقدير ما إذا كانت لوزتا الذكر والأنثى تستجيب بشكل مختلف تجاه الكرب، أبعدت (براون) ومعاونوها (في جامعة ttvn Geike في مكديبورك بألمانيا) ولْدَةً واحدة من جراء إحدى إناث جرذان ديكو Deg pps عن أمها. ونذكر هنا فيما يخص هذه القوارض الاجتماعية في أمريكا الجنوبية، والتي تعيش في مستعمرات كبيرة، على غرار السنجاب النباح paiie dgs(1)، إن مثل هذا الفصل، حتى لو كان مؤقتًا، يمكن أن يكون شديد الإزعاج. ومن ثم قاس هؤلاء الباحثون تركيز مستقبلات السيروتونين setnin eepts في مناطق دماغية مختلفة، مع العلم بأن السيروتونين هو ناقل عصبي netansmitte، أي جزيء حامل للإشارة يؤدي دورًا رئيسيًا في إدارة السلوك الانفعالي (إن البروزاك Pza، على سبيل المثال، يؤثر عن طريق تعزيز وظيفة السروتونين).
وهنا سمح العاملون للجراء بسماع نداء أمها خلال فترة فصلها عنها، فوجودا أن هذا الدخل السمعي adity inpt زاد من تركيز مستقبلات السيروتونين في اللوزة المخية لدى الذكور، ولكنه أنقص من تركيز هذه المستقبلات ذاتها لدى الإناث. ومع أنه يصعب استقراء مدلول هذه الدراسة على سلوك البشر، فإن هذه النتائج تشير إلى أنه إذا كان شيء مشابه يحدث في الأطفال، فإن قلق الفصل sepaatin يمكن أن يؤثر بشكل تفاضلي في الحياة الانفعالية لدى الأطفال الذكور والإناث. وثمة حاجة إلى تجارب من هذا القبيل إذا كان لنا أن نفهم سبب شيوع اضطرابات القلق لدى البنات بقدر يفوق كثيرًا شيوعها لدى الغلمان.

هناك منطقة دماغية أخرى يعرف الآن أنها تتباين بين الجنسين من الناحية التشريحية ومن ناحية الاستجابة للكرب. إنها الحصين hippamps، وهو بنية حاسمة من أجل اختزان الذاكرة ومن أجل التمثيل الحيزي للبيئة المادية. ونشير هنا إلى أن التصوير يبين دائمًا أنا الحصين هو لدى النساء أكبر منه لدى الرجال. ويمكن أن ترتبط هذه الفروق التشريحية على نحو ما بفروق الطريقة التي يتبعها الذكور والإناث عند الترحال، إذ توحي عدة دراسات أن الرجال غالبًا ما يبدأون عند ترحالهم بتقدير المسافات والاتجاهات، في حين تبدأ النساء عند ترحالهن بتعرف معالم الطريق. وإنه لمن الشيق وجود فروق مشابهة بين الجنسين عند الجرذان. فالجرذان الذكور تنحو إلى تحديد حركتها في المتاهات mazes باستخدامها معلومات عن الموضع والاتجاه، في حين تنحو إناث الجرذان إلى استخدام معالم الطريق المتاحة.
وحتى العصبونات في الحصين، فإن سلوكها يختلف لدى الذكور عنه لدى الإناث، على الأقل فيما يتعلق بكيفية تجاوبها مع خبرات التعلم. فعلى سبيل المثال بينت (جوراسكا) وزملاؤها (في جامعة إيلينوي) أن وضع الجرذان في (بيئة غنية) أي في أقفاص مملوءة بالدمى وبقوارض أخرى بقصد تعزيز التأثرات الاجتماعية، قد ولد تأثيرات غير متشابهة في بنية العصبونات الحصينية لدى الجرذان الذكور والجرذان الإناث. فلدى الإناث، عززت الخبرة (تَدغُّل) bshiness الأغصان في الأشجار التغصنية للخلايا (أي البنى المتعددة الأذرع التي تتلقى الإشارات من الخلايا العصبية الأخرى). ويفترض بهذا التغيير أن يعكس زيادة في الاتصالات العصبونية nena nnetins التي يعتقد أنها بدورها تضطلع بتثبيت الذاكرات. أما لدى الذكور فإن البيئة المعقدة لم يكن لها تأثير في الأشجار التغصنية أو أنها شذبتها قليلاً.
لكن ذكور الجرذان تتعلم أحيانًا بشكل أفضل من مواجهة الكرب. فقد وجدت (شورز) من (جامعة رتكرز) ومعاونوها أن التعرض الوجيز لسلسلة صدمات ذيلية (مدة كل منها ثانية واحدة) حسَّن أداء الواجب الذي جرى تعلمه، كما زاد كثافة الاتصالات التغصنية مع العصبونات الأخرى في الجرذان الذكور، في حين أفسد الأداء pefmane وقلل كثافة الاتصالات في الجرذان الإناث. إن لمثل هذه النتائج تضمينات اجتماعية مهمة. فكلما تعمق اكتشافنا للكيفية التي تختلف فيها آليات التعلم بين الجنسين، ازدادت حاجتنا إلى دراسة البيئات المثلى للتعلم التي يحتمل اختلافها لدى الصبيان والبنات.

ومع أن حصين أنثى الجرذ يمكن أن يبدي تناقصًا في الاستجابة للكرب الحاد، فإنه يبدو أكثر قابلية للرجوعية esiient(1) من نظيره الذكري في وجه الكرب المزمن. فقد قيدت (كونراد) ومعاونوها (في جامعة أريزونا الحكومية) جرذانا في أحد الأقفاص لمدة ست ساعات، وهذا وضع تجده القوارض مزعجا لها، ثم قدر هؤلاء الباحثون درجة تأثر عصبوناتها الحصينية بالقتل بوساطة أحد السموم العصبية netxin، وهو مقياس معياري لتأثير الكرب في هذه الخلايا. فلاحظوا أن التقييد المزمن جعل الخلايا الحصينية للذكور أكثر تأثرًا بالسم، في حين لم يكن له دور لدى الإناث. وتوحي هذه النتائج وغيرها، أن الإناث، فيما يتعلق بتضرر الدماغ، قد تكون من أفضل تهيؤا لتحمل الكرب المزمن من الذكور. ومازال من غير الواضح ما الذي يحمي الخلايا الحصينية الأنثوية من التأثيرات المخربة التي يسببها الكرب المزمن، بيد أنه من المحتمل جدًا أن يكون للهرمونات الجنسية دور في ذلك.

الصورة الكبيرة:
ولدى توسيع البحث ليشمل كيف يتعامل الدماغ مع الأحداث المُكْرِبة ويتذكرها، وجدت وزملائي تباينات في طريقة ترسيخ ذاكرات الوقائع المثيرة للانفعال، وهي عملية نعرف من البحوث على الحيوانات أنها تتضمن تنشيط اللوزة المخية amygdaa. وفي واحدة من أولى تجاربنا على الإنسان، قمنا بعرض سلسلة أفلام مصورة عنيفة على عدد من المتطوعين وقسنا خلال ذلك نشاط أدمغتهم باستخدام التخطيط المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET). وبعد أسابيع قليلة طرحنا عليهم امتحانًا قصيرًا لمعرفة ما يتذكرون.
لقد اكتشفنا أن عدد الأفلام المزعجة التي استطاعوا تذكرها يتناسب مع ما كانت عليه درجة نشاط لوزاتهم المخية أثناء رؤيتهم الأفلام. وقد أكدت أبحاث لاحقة أجريت في مختبرنا وفي مختبرات أخرى هذه النتيجة العامة. بيد أنني لاحظت أمرًا غريبًا، لقد لاحظت أن تنشيط اللوزة المخية في بعض الدراسات اقتصر على نصف الكرة المخي الأيمن، في حين اقتصر في بعضها الآخر على نصف الكرة المخي الأيسر، فتبينت حينذاك أن التجارب التي تنشطت فيها اللوزة المخية اليمنى اقتصرت على الرجال، وأنا التجارب التي تنشطت فيها اللوزة المخية اليسرى شملت النساء. ومنذ ذلك الحين أكدت ثلاث دراسات لاحقة (اثنتان صدرتا عن مجموعتي وواحدة أجراها (كابرييلي) و (كانلي) ومعاونوها في (ستانفورد) هذا الاختلاف في كيفية تعامل أدمغة الرجال والنساء مع الذاكرات الانفعالية.
إن إدراك كون دماغي الذكر والأنثى يعالجان المادة نفسها المثيرة للانفعال في الذاكرة على نحو مختلف، قادنا إلى التساؤل عما يمكن أن يعنيه هذا التفاوت. وكيما نتصدى لهذا السؤال عدنا إلى نظرية عمرها نحو قرن من الزمن وتنص على أن نصف الكرة المخي الأيمن ينحاز نحو معالجة النواحي الأساسية لموقف ما، في حين يميل نصف الكرة المخي الأيسر إلى معالجة التفاصيل الأدق. فإذا صحت تلك الفكرة، يحق لنا أن نتوقع أن يسبب الدواء الذي يخمد فعالية اللوزة المخية، تعطيل قدرة الرجل على تذكر جوهر قصة انفعالية ما (عن طريق تثبيط لوزته المخية اليمنى)، وتعطيل قدرة المرأة على تذكر التفاصيل الدقيقة (عن طريق ثبيط لوزتها المخية اليسرى).
يعد البروبرانولول ppan دواء من هذا القبيل، فهذا الدواء الحاصر للمستقبلات بيتا beta bkes يهدئ نشاط الأدرينالين وابن عمه النور أدرينالين، وهو بهذا الفعل يخمد تنشيط اللوزة المخية ويضعف استدعاء الذاكرات المثيرة للانفعال. لقد أعطينا هذا الدواء إلى رجال ونساء قبل مشاهدتهم فيلمًا قصيرًا يعرض غلامًا يتعرض إلى حادث مرعب أثناء سيره مع أمه. وبعد أسبوع اختبرنا ذاكرتهم، فأظهرت النتائج أن البروبرانولول جعل من العصي على الرجال تذكر النواحي الجوهرية في القصة، مثل تذكر أن سيارة قد دهست الغلام. أما تأثيره في النساء، فقد كان على عكس ذلك، إذ اقتصر على تعطيل ذاكرة التفاصيل المحيطة لديهن، مثل تذكر أن الغلام كان يحمل كرة قدم.
لقد وجدنا في استقصاءاتنا الأحدث أننا نستطيع اكتشاف فرق بين الجنسين يتعلق بنصفي الكرة المخية من حيث الاستجابة بشكل فوري تقريبًا للمواد الانفعالية. فلدى عرض صور منفردة انفعاليًا على متطوعين، تفاعل هؤلاء في غضون 300 مليثانية، وظهر ذلك كنبضة عابرة على تسجيل للنشاط الدماغي الكهربائي. وبالاشتراك مع (كاسباري) من (جامعة لاكويلا في إيطاليا) وجدنا أن هذه النبضة العابرة السريعة، التي أسميناها الاستجابة P300، كانت لدى الرجال أعلى عند تسجيلها فوق النصف المخي الأيمن، في حين كانت أكبر عند تسجيلها فوق النصف المخي الأيسر لدى النساء. وهكذا، فإن تباينات نصف مخية جنسانية (متعلقة بالجنسين) في الكيفية التي يعالج بها الدماغ الصور الانفعالية تبدأ في غضون 300 مليثانية، قبل أن تتاح للفرد أية فرصة للتأويل الواعي لما يراه، إن كان هناك تأويل.
يمكن أن يكون لهذه الاكتشافات تفرعات لمعالجة داء الكرب بعد الرضحي (PTSD). فقد أثبت بحث سابق أجراه (شيلنك) وزملاؤه (في جامعة لودفيك مكسميليان بألمانيا) أن أدوية مثل البروبرانولول تقلل ذاكرة المواقف الرضحية tamati إذا ما أعطيت إلى المصاب كجزء من المعالجة المعتادة في وحدة العناية المركزية. وبتحفيز من اكتشافاتنا، وجد الباحثون أن الحاصرات بتا beta bkes، في وحدات العناية المركزية على الأقل، تخفض ذكرى الحوادث الرضحية لدى النساء وليس لدى الرجال. وهكذا، حتى في العناية المركزية، قد يحتاج الأطباء إلى أن يأخذوا في الاعتبار جنس مرضاهم حين تقرير أدويتهم.
ليس داء الكرب بعد الرضحى (PTSD) هو الاضطراب النفسي الوحيد الذي يبدو أنه يختلف بين الرجال والنساء. فقد أظهرت دراسة بالتصوير المقطعي الطبقي بوساطة الإصدار البوزيتروني (PET) أجراها (ديكسيك) وزملاؤه (في جامعة ماكيل) أن إنتاج السيروتونين يفوق بشكل واضح بمقدار 52 في المائة في المتوسط لدى الرجال عنه لدى النساء، الأمر الذي قد يساعد على توضيح سبب كون النساء أكثر عرضة للاكتئاب، الأمر الذي عادة ما يعالج بأدوية ترفع تركيز السيروتونين.
قد يسود وضع مشابه في الإدمان، ففي هذه الحالة، يكون الناقل العصبي ذو الشأن هو الدوبامين، الذي هو مادة كيماوية تضطلع بمشاعر السرور الذي يرافق المخدرات، فقد اكتشفت (بيكر) وزملاؤها الباحثون (في جامعة ميتشيكان بمدينة آن آربر) أن الأستروجين عزز عند إناث الجرذان إطلاق الدوبامين في مناطق دماغية مهمة لتنظيم سلوك السعي للعثور على المخدر، فضلاً عن ذلك، كان لهذا الهرمون تأثيرات طويلة الديمومة جعلت إناث الجرذان تسعى للعثور على الكوكائين لمدة أسابيع عقب آخر تناول لهذا المخدر. ويمكن أن تفسر مثل هذه الفروق في التأثرية sseptibiity (وبخاصة للمنشطات مثل الكوكائين والأمفيتامين) سبب احتمال أن تكون النساء أكثر استعدادًا للتأثر بهذه المخدرات ووقوعهن في شرك الإدمان بصورة أسرع من الرجال.
وثمة شذوذات دماغية معينة تخص الفصام يبدو أنها تختلف لدى الرجال عنها لدى النساء. فقد أمضى (روبن كور) و (راكيل كور) وزملاؤهما (في جامعة بنسلفانيا) سنوات عديدة يدرسان الفروق الجنسانية فيما يخص تشريح الدماغ ووظائفه. وفي أحد مشروعاتهم، قاسوا حجم القشرة المخية الجبهية الحجاجية bitfnta tex، وهي منطقة تعنى بتنظيم العواطف والانفعالات، وقارنوه بحجم اللوزة المخية amygdaa ذات الشأن الأكبر في توليد ردود الفعل العاطفية والانفعالية. وهنا وجد هؤلاء الباحثون أن نسبة القشرة الجبهية الحجاجية إلى اللوزة (A) لدى النساء تفوق نظيرتها لدى الرجال. ويستطيع المرء أن يستشف من هذه المكتشفات أن النساء قد يمتلكن ـ في المتوسط ـ قدرة أكبر في السيطرة على استجاباتهن الانفعالية.
وفي تجارب إضافية، اكتشف الباحثون أن هذا التوازن يختل ـ على ما يبدو ـ في مرض الفصام، وإن كان ذلك بشكل غير متماثل في حالتي الرجال والنساء. فلدى النساء المصابات بالفصام تكون النسبة A أقل منها لدى نظيراتهن الصحيحات، حسبما هو متوقع. لكن من المستغرب أن هذه النسبة (A) تكون أكبر لدى الرجال المصابين بالفصام مقارنة بنظائرهم الأصحاء. وتبقى هذه المكتشفات محيرة، ولكنها تعني ضمنا على الأقل، أن الفصام مرض مختلف إلى حد ما لدى الرجال والنساء وأن معالجة هذا الداء يجب (تفصيلها) taied حسب جنس المريض.
أمور جنسانية(Sex mates)
في تقرير شامل للعام 2001م حول الفروق الجنسانية في الصحة البشرية أكدت الأكاديمية الوطنية للعلوم أن ((الأمور الجنسانية (أي الأمور المتعلقة بالذكور وبالإناث كل على حدة) تعد متغيرًا بشريًا أساسيًا مهما ينبغي أخذه في الاعتبار حين تصميم وتحليل دراسات في جميع المستويات الحيوية الطبية، وكذلك في الأبحاث المرتبطة بالصحة)).
لا يزال علماء الأعصاب بعيدين عن جمع أجزاء الوقائع بعضها مع بعض، بمعنى تحديد جميع الاختلافات الدماغية الجنسانية وتأثيراتها في المعرفة (الاستعراف) gnitin ودورها في الاضطرابات المتعلقة بالدماغ. ومع ذلك تثبت الأبحاث التي أجريت حتى الآن أنه من المؤكد أن الفروق بين الجنسين تطال ما هو أبعد من الوطاء hypthaams وسلوك التزاوج، صحيح أنه لم تتضح بعد لدى الباحثين والأطباء السريريين الطريقة الفضلى للمضي قدمًا في استجلاء التأثيرات الكاملة للجنسانية في الدماغ وفي السلوك وفي الاستجابات للأدوية، ولكن يتزايد عدد من يتفقون الآن على أن العودة إلى الادعاء بأننا نستطيع أن نجري بحوثنا على أحد الجنسين، ثم نعتبر أن النتائج المستقاة تصدق أيضًا على الجنس الآخر، لم يعد خيارًا مقبولاً بعد الآن.

نظرة إجمالية الأدمغة
* يعمل علماء الأعصاب على كشف فروق تشريحية ووظيفية بين أدمغة الرجال والنساء.
* توجد هذه الاختلافات في أرجاء الدماغ، وبالتحديد في المناطق المعنية باللغة والذاكرة والانفعال والرؤية والسمع.
* يعمل الباحثون على تحديد علاقة هذه الاختلافات الجنسانية (المبنية على الجنس) بالمعرفة gnitin والسلوك لدى الأنثى والذكر. ويمكن أن تشير مكتشفاتهم إلى معالجات نوعية جنسانية فيما يتعلق بالمصابين من الرجال والنساء بحالات مثل الفصام والاكتئاب والإدمان وداء الكرب بعد الرضحي.

 

زائر
يسلموووووووووووووو