سر إبداعهم!

زائر
سر إبداعهم!

د. هيا إبراهيم الجوهر
عطر لذيذ ـ حقيقة مرة ـ لون صاخب ـ رائحة رمضان ـ عبارات كثيرة نرددها يوميا دون أن نتعمق في معناها، ولا يعرفها إلا من جربها أو حدثت له، كالذي يرى لوحة فنية فيتبادر إلى ذهنه صوت موسيقى هادئة أو صاخبة وعندما يلمس طاولة ملساء أو يجلس على كرسي ناعم ومريح يحس بطعم لذيذ في فمه، وآخر يرى أيام الأسبوع ملونة عندما يذكرها مثلا الخميس أزرق الجمعة أبيض أو يرى شهور السنة على شكل سلسلة أو عربات قطار، تختلط أحاسيسه فرؤيته للأشياء تجعله يسمع صوتها وشمه للروائح يشعره بطعمها.
وتداخُل الأحاسيس هذا يعرف باسم Synesthesia ويعتبره بعضهم مرضا أو ظاهرة نادرة ولكنه في الواقع أكثر شيوعا مما نتصور وقد يمر به أحدنا أكثر من مرة في حياته أو يلازمه طوال عمره. يقول الدكتور "دافن مورير" وهو عالم نفسي في جامعة ماكماستر، إنه يمكن القول إن كل البشر يولدون ولديهم تداخل الحواس ولكن معظمنا يفقد هذا التواصل مع الوقت، يصيب هذا الخلل النساء أكثر من الرجال بثمانية أضعاف ويكون أكثر شيوعا لدى مستخدمي اليد الشمال.
وغالبا ما يكون هؤلاء الأشخاص مبدعين فهذه الحالة تمنحهم رؤية مختلفة للأشياء وإحساسا عاليا جدا بما حولهم وقدرات استثنائية تميزهم عن الآخرين فهم يرون ما نسمع ويسمعون ما نشاهد فيبدعون أجمل اللوحات مثل "بيكاسو" و"كاندينيسكي" ويؤلفون أجمل السيمفونيات مثل "بيتهوفن" و"باخ" و"فرانز ليست" الذي عاش في القرن التاسع عشر، وطلب ذات مرة من الأوركسترا أن تعزف مقطوعة أقرب إلى اللون "البنفسجي الداكن" لا "الوردي الفاتح".
ويفسر العالم "بارون كوهن" وزملاؤه هذه الظاهرة بأنها نتيجة لكثرة التوصيلات العصبية بين خلايا الأعصاب في المخ. والوضع الطبيعي أن الوظائف الحسية المختلفة تكون مركزة في أماكن محددة في المخ مع وجود بعض التواصل المحدد فيما بينها، ولكن في ظاهرة تداخل الحواس يكون بناء المخ مختلفا إذ يكون محتويا على كثير من الوصلات بين خلايا الأعصاب.
أما الدكتور "دافن مورير" فيقول إن هناك وصلات لاسترجاع ذاكرة المعلومات حيث يتم تخزينها في المخ، وبدلا من أن تعيدها إلى منطقة إحساس واحدة فإنها تعيد المعلومة إلى كل مناطق الإحساس في المخ مما يثير مجموعة من الحواس عند المتلقي.
واليوم بإمكان العلماء استخدام هذا المرض أو الاضطراب في تحسين نوعية غذائنا، حيث يعكف العلماء في جامعة نوتينغهام البريطانية على دراسة التداخل الحسي الذي يحدث عندما نتناول الطعام، وخصوصا بين حاستي الشم والتذوق، فنحن نعتقد أن حاسة التذوق لدينا تحدث في الفم فقط وعن طريق حليمات التذوق ولكن الحقيقة أن 80 في المائة من إحساسنا بالتذوق تأتي عن طريق الأنف! وحتى الشكل والصوت والملمس والأفكار المسبقة كلها تشترك في إنتاج إحساسنا الإجمالي بالطعم. وباستخدام هذه المعارف سوف يتمكن العلماء من إعادة هندسة الأغذية وجعلك تحس وأنت تتناول كوبا من اللبن قليل الدسم أنه كامل الدسم من دون إضافة مواد دسمة تزيد الوزن وصناعة العصائر باللون الأحمر الذي يدل على نضوج الفاكهة وغناها بالطعم الحلو مع خفض مستوى السكر بها إلى 11 في المائة لا يشعر الناس بالفرق، وكل عام ووطننا أخضر.
د. هيا الجوهر



 

زائر
يعطيك االف عاافيه ..دكتور مارك
معلومات جمييله مفيده..شكرااجزيلا لك..