زائر
يقول باحثون أمريكيون إنهم أظهروا لأول مرة أن معالجة اكئتاب الأم يمكن أن تساعد على الحيلولة دون إصابة طفلها بالاكئتاب أو اضطرابات ما يعرف بالحَصَر النفسي. ويرى الباحثون في جامعة تكساس أن النتائج مثيرة وتحمل معها الكثير من المضامين على صعيد الصحة العامة.
نسبت هيئة الاذاعة البريطانية للمشارك في نشر الدراسة البروفيسور في الطب النفسي في جامعة تكساس د. “إي جون راش” قوله “إن الاكتشاف مثير وهام للغاية”.
وعادة ما ينتقل الاكتئاب بالوراثة وله عنصر وراثي قوي، لكن العوامل البيئية قد تساهم في تحفيزه.
وتقول “ميرنا وايزمان” معدة الدراسة الرئيسية الباحثة في جامعة كولومبيا و”معهد طب النفس” في نيويورك إن نتائج الدراسة تشير إلى أن ذلك المحفز لإثارة الاكتئاب عن الأطفال قد يكون أحيانا الاكتئاب الذي تشعر به أمهاتهم.
ويقول الباحثون إن المعالجة الفعالة للأمهات قد تجنب أطفالهن الحاجة لوصفات طبية تشمل مضادات حالات الاكتئاب.
وتضيف وايزمان “أنه يجب علاج الآباء والأمهات بشكل قوي، ذلك أن التأثير لا ينحصر بهم بل يشمل أيضا أطفالهم”.
وأظهرت الدراسة أن الأطفال الذين اختفت أعراض الاكئتاب لدى أمهاتهم بعد علاج لمدة ثلاثة أشهر كانوا أقل عرضة بكثير للاكتئاب والحصار النفسي ومشاكل السلوك من الأطفال الذين لم تتحسن أمهاتهم.
وعلقت الدكتورة “ندى ستوتلاند” نائبة مدير “اتحاد أطباء النفس الأمريكيين” والبروفيسور في الطب النفسي في “كلية راش للطب” في شيكاغو بالقول: “إن النتائج معقولة جدا ومقنعة للغاية ومفيدة إلى حد كبير”.
وتضيف “ستوتلاند” أنه بينما تجنح الأمهات إلى وضع احتياجاتهن في المقام الأخير فإن البحث الجديد حجة جيدة على وجوب أن يعتنين بأنفسهن قبل كل شيء آخر.
وشبهت “ستوتلاند” الأمر بوضع الأم لقناع التنفس على وجهها أولا على متن الطائرة في الحالات الطارئة، وقالت “إنها إن لم تستطع التنفس فإنها لن تستطيع مساعدة أحد”.
ومن المقرر نشر الدراسة في “مجلة اتحاد الأطباء الأمريكيين” يوم الأربعاء. وقد شملت الدراسة 114 امرأة كن يعانين من الاكئتاب وامتدت الدراسة ثلاثة أشهر.
ومن أصل 114 طفلا مشاركا بين سني الحادية عشرة والثانية عشرة، ثمانية وستون منهم لم يكونوا يعانون من أية أعراض نفسية عندما بدأت أمهاتهم العلاج.
ومن بين هؤلاء النسوة تعافت ثمان وستون امرأة تماما من الاكئتاب خلال فترة البحث الذي استخدمت فيه بعض العقاقير من مضادات الاكئتاب.
وبلغ معدل التعافي من الاكئتاب لدى الأطفال الذين كانوا يعانون من مشاكل نفسية 30% من الذين تعافت أمهاتهم خلال ثلاثة أشهر بينما بلغت هذه النسبة 12% فقط عند الأطفال الذين بقيت أمهاتهم يعانين من الكآبة.
وبين الأطفال الذين لم يكونوا يعانون من مشاكل نفسية في بدء البحث، بقي جميع الأطفال الذين تعافت أمهاتهم في حالة جيدة، بينما أصيب 17% من هؤلاء الأطفال ممن بقيت أمهاتهم في حالة اكئتاب في نهاية البحث.
ورجحت “وايزمان” الحصول على نتائج مماثلة عند إجراء دراسات شبيهة على الآباء رغم أنه لم تجر دراسة من هذا القبيل بعد.
ويقول الدكتور “بيتر روبنز” وهو أخصائي في طب الأطفال في فيرجينيا إنه شاهد نتائج مشابهة في خلال حياته المهنية وأن الأعراض لم تقتصر على الاكئتاب بل تشمل أيضا “العوز للاهتمام” و”اضطراب فرط النشاط”، حيث ان الأطفال الذين آباؤهم وأمهاتهم يعانون من هذه الأعراض يرجح أن يعانوا هم أيضا منها، وأن علاج الأب أو الأم قد يؤدي إلى تحسن في أعراض الطفل.
ويقول الدكتور روبينز: “تبرز الدراسة أن الاعتناء بالطفل يعني الاعتناء بالأم والأب وكامل الأسرة”.
اكتئاب ألأطفال أكثر خطورة
وكان باحثون قد كشفوا أن الأطفال والشباب يعانون مما يسمى بالهوس الاكتئابي، وأن الكثيرين منهم يعانون من أمراض نفسية خطيرة أكثر من البالغين.
واستنادا إلى الدراسة الأخيرة فإن حالة ربع المصابين بالاكتئاب من الأطفال تصل إلى درجة من الخطورة بحيث انهم يفكرون بجدية بالانتحار.
وقد وجد العلماء في الولايات المتحدة أن نوع الهوس الاكتئابي التي يعاني منها الأطفال يشبه إلى حد كبير الحالات التي شخصت عند الكبار.
وتأمل الدراسة في كشف المزيد من خفايا هذا المرض النفسي الخطير عند الأطفال.
ويقول العلماء على جانبي المحيط الأطلسي إن من الصعب تشخيص حالات الهوس الاكتئابي عند الأطفال، على خلاف ما يحدث عند البالغين الذين يمكن تشخيص حالاتهم بسهولة نسبية.
ويعتبر الهوس الاكتئابي من الحالات النفسية الخطيرة التي تتسم بتقلبات حادة في المزاج، وهي تعرف أيضا بالاكتئاب الثنائي القطب، وذلك لتقلب المزاج بين حاد جدا ولطيف جدا، وهي تصيب واحدا في المئة من البالغين وواحدا في المئتين من الشباب.
ويبقى الكثيرون من المصابين بهذا المرض النفسي سليمين ومعافين لفترات طويلة لذلك فإن مفتاح العلاج هو التشخيص المبكر الذي يساعد على السيطرة على الحالة من خلال استخدام العلاج أو الدواء المناسب.
وكان الباحثون في كلية الطب في جامعة واشنطن في سان لويس قد قدموا نتائج دراستهم هذه إلى المؤتمر العالمي الرابع حول الاكتئاب الثنائي القطب المنعقد حاليا في بيتسبورا في بنسلفانيا.
وقارن الباحثون في جامعة واشنطن، برئاسة البروفيسورة بربرا جيلر، أستاذة الطب العقلي للأطفال، ثلاثة وتسعين طفلا من المصابين بالاكتئاب الثنائي القطب مع واحد وثمانين طفلا ممن أظهروا علامات مرض انعدام التركيز الناتج عن خلل النشاط المفرط، مع أربعة وتسعين طفلا سليما آخر.
ويقول الباحثون إن المقارنة مع مرض انعدام التركيز الناتج عن النشاط المفرط قد استخدمت في الدراسة لأن الكثيرين من الآباء والمعلمين والمهنيين الصحيين يخلطون بينه وبين الكآبة الجنونية.
وقد يعود السبب في هذا الخلط إلى تشابه الأعراض بين الهوس الاكتئابي وانعدام التركيز الناتج عن النشاط المفرط، وهي النشاط المفرط والاهتياج المفرط وسهولة تشتت الذهن.
لكن الأطفال المصابين بالهوس الاكتئابي أو الاكتئاب الثنائي القطب يضحكون ويقهقهون في الوقت غير المناسب وتنتابهم أفكار في غاية المبالغة مثل توجيه المعلمين حول كيفية إدارة المدرسة، كما يتصفون بنقص النوم. وعادة ما يكون الأطفال المصابون بالاكتئاب في سن العاشرة أو أكثر بقليل وأن نصفهم لم يصل بعد إلى سن البلوغ، كما إن ثلاثة وأربعين منهم هم بين سن السابعة والعاشرة.
وقد كشف الباحثون على الأطفال المشاركين في الدراسة بعد مرور عام من المعاينة الأولى وقد تأكدوا من أن هنالك فرقا كبيرا بين المصابين بالاكتئاب الثنائي القطب وبين المصابين بانعدام التركيز الناتج عن النشاط المفرط، الذين ربما تكون المشتتات الوقتية هي سبب الحالة عندهم.
كما وجدت الدراسة أن نصف المصابين بالهوس الاكتئابي يخضعون لعلاج مماثل مما يخضع له البالغون الذين يعانون من التقلبات المزاجية.
وتقول البروفيسورة جيلر إن البالغين الذين يعانون من الهوس الاكتئابي تنتابهم حالات من الهوس أو الاكتئاب التي تستمر لعدة أشهر، لكنهم يقومون بأعمالهم ونشاطاتهم بشكل طبيعي نسبيا في الأوقات الأخرى.
إلا أن الأمر مختلف عند الأطفال المصابين بالهوس الاكتئابي، حسب قول البروفيسورة جيلر، إذ إنهم يعانون من مرض مزمن وأكثر خطورة مما يعانيه البالغون.
وتضيف البروفيسورة جيلر أن الكثير من الأطفال يعانون من الهوس والاكتئاب في نفس الوقت وهم يبقون يعانون لسنين طويلة دون أن يكون هناك فترات شفاء بينها وتنتابهم تقلبات حادة في المزاج بشكل يومي.
وقال متحدث باسم جمعية مكافحة الهوس والاكتئاب إن الجمعية تأمل في تساهم هذه الدراسة في حصول الأطفال على التشخيص المناسب في المراحل المبكرة حتى يمكن إيجاد العلاج الفعال لهم.
لكن الخطأ في تشخيص الهوس هو إحدى المشاكل التي يواجهها الأطباء ربما لأن أطباء العائلة لا يتدربون على كيفية علاج الأمراض النفسية وتقلبات المزاج الحادة التي هي من اختصاص الأطباء النفسانيين، لذلك فإن البالغين غالبا ما ينتظرون عشر سنوات كي يحصلوا على التشخيص الصحيح.
أما مشكلة خطأ التشخيص، وبالتالي إعطاء العلاج أو الدواء الخاطئ، فإنها تزداد تفاقما عند الأطفال لأنه لا توجد الوسائل اللازمة لتشخيصهم ومراقبتهم وأن مسؤولية ذلك تقع على الآباء وإدارات المدارس، وهذه المشكلة تعيق الشفاء العاجل من المرض.
ويؤكد المختصون أن الأطفال والشباب بشكل عام يمكن أن يصابوا بأمراض نفسية تماما كما يصاب البالغون، لذلك وجب على الجميع الاعتراف بهذه الحقيقة.
زيادة في الوصفات
وكانت دراسة أجريت مؤخرا قد اظهرت زيادة في وصف العقاقير المضادة للاكتئاب للأطفال في تسع دول، وكانت أكبر زيادة في المملكة المتحدة.
وقارن باحثون في جامعة لندن معدلات وصف مضادات الاكتئاب للأطفال بين عامي 2000 و2002 في دول في أوروبا وأمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية.
وفي أثناء تلك الفترة شهدت المملكة المتحدة ارتفاعا بنسبة 68% في وصف العقاقير للأطفال لحفز أو تهدئة نشاط المخ.
ونشر البحث في دورية “سجلات أمراض الطفولة”.
ويقول الباحثون إن بعض مضادات الاكتئاب الشائعة أوقف استخدامها في عيادات طب الأطفال بالمملكة المتحدة في العام الماضي، لكن يرجح أن يلجأ الأطباء لوصف عقاقير أخرى.
وراجع فريق البحث، من مركز أبحاث أدوية طب الأطفال بجامعة كلية لندن، وصفات العقاقير التي شملت مضادات الاكتئاب والمحفزات والمسكنات والمهدئات وعقاقير علاج القلق والاضطراب.
ودرس الباحثون بيانات وصفات طبية لأطفال تصل أعمارهم إلى السابعة عشرة في المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإسبانيا والأرجنتين والبرازيل والمكسيك وكندا والولايات المتحدة.
واستند البحث إلى قاعدة بيانات دولية مستمدة من عينات تمثل الممارسات الطبية في كل دولة.
وخلص الباحثون إلى أن الأطفال عادة ما توصف لهم كمية أكبر من مضادات الاكتئاب والعقاقير الأخرى المصممة لتهدئة أو حفز المخ.
وسجلت أعلى زيادة في المملكة المتحدة حيث بلغت نسبتها 68%.
وكانت معظم الوصفات لعقاقير تستخدم في علاج مرض يتكون في مرحلة الطفولة يتسم بنشاط زائد عن الحد وتشتت الانتباه.
وكانت الزيادة في عدد الوصفات الطبية لهذه العقاقير ظاهرة في كل الدول عدا كندا وألمانيا حيث لم تزد نسبة الزيادة عن 13%.
وتناولت دراسة ثانية للباحثين في المركز الزيادة في وصف العقاقير المضادة للاكتئاب لأطفال المملكة المتحدة تحت سن ال18 في الفترة بين عامي 1992 و2001 باستخدام قاعدة بيانات ممارسي الطب العموميين.
وكشفت الدراسة أن 93 ألف وصفة طبية أعطيت لنحو 25 ألف طفل ومراهق أكثر من نصفها (55%) كانت لعقاقير من مضادات الاكتئاب من الفئة “ثلاثية الحلقات”.
وهذا النوع من مضادات الاكتئاب مرخص به لعلاج الاكتئاب وسلس البول.
وكانت معظم الوصفات للأطفال تحت سن العاشرة بغرض علاج التبول اللاإرادي الليلي وليس الاكتئاب.
كما وجدت أن أربعاً بين كل عشر من الوصفات كانت لعقاقير من نوع “المثبطات الانتقائية لإعادة امتصاص السيروتونين” المعروفة اختصارا ب (إس إس آر آي).
ويعمل هذا النوع من مضادات الاكتئاب عن طريق منع الخلايا العصبية من امتصاص مادة سيروتونين بعد تأدية وظيفتها المتمثلة في نقل الإشارات الكهربائية إلى المستقبلات في المخ.
ووجدت الدراسة أن معدل وصف مضادات الاكتئاب للأطفال ارتفع بنسبة 70% على مدار عقد من الزمان.
وبينما انخفض عدد الوصفات الطبية للعقاقير المضادة للاكتئاب ثلاثية الحلقات بنسبة 30% فقد زاد عدد الوصفات للعقاقير الانتقائية المثبطة لإعادة امتصاص السيروتونين بمقدار عشرة أمثال من خمسة إلى 46 طفلا لكل 10000 طفل.
ويقول الباحثون إن ما يقرب من نصف المراهقين بالاكتئاب الاكلينيكي وصفت لهم مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، بالرغم من أن التأثير الطبي لهذا النوع من العقاقير متوسط في تلك المرحلة العمرية.
وقال الدكتور إيان وونج مدير المركز “هناك بادرة تفهم أفضل للصحة العقلية للأطفال والمراهقين”.
وفي العام الماضي، نصحت الوكالة البريطانية لتنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية بعدم وصف العقاقير الانتقائية المثبطة لإعادة امتصاص السيروتونين للأطفال.
ويقول وونج إنه برغم أن هذا قد يكون له أثره في معدلات وصف العقاقير المضادة للاكتئاب للأطفال فإن الأطباء قد يلجأون ببساطة إلى استخدام عقاقير أخرى نظرا لعدم توفر خيارات أخرى.
وقال “سنشهد بعضا من الانخفاض في معدل وصف العقاقير، لكن لا يمكننا وقفها كلية”.
نسبت هيئة الاذاعة البريطانية للمشارك في نشر الدراسة البروفيسور في الطب النفسي في جامعة تكساس د. “إي جون راش” قوله “إن الاكتشاف مثير وهام للغاية”.
وعادة ما ينتقل الاكتئاب بالوراثة وله عنصر وراثي قوي، لكن العوامل البيئية قد تساهم في تحفيزه.
وتقول “ميرنا وايزمان” معدة الدراسة الرئيسية الباحثة في جامعة كولومبيا و”معهد طب النفس” في نيويورك إن نتائج الدراسة تشير إلى أن ذلك المحفز لإثارة الاكتئاب عن الأطفال قد يكون أحيانا الاكتئاب الذي تشعر به أمهاتهم.
ويقول الباحثون إن المعالجة الفعالة للأمهات قد تجنب أطفالهن الحاجة لوصفات طبية تشمل مضادات حالات الاكتئاب.
وتضيف وايزمان “أنه يجب علاج الآباء والأمهات بشكل قوي، ذلك أن التأثير لا ينحصر بهم بل يشمل أيضا أطفالهم”.
وأظهرت الدراسة أن الأطفال الذين اختفت أعراض الاكئتاب لدى أمهاتهم بعد علاج لمدة ثلاثة أشهر كانوا أقل عرضة بكثير للاكتئاب والحصار النفسي ومشاكل السلوك من الأطفال الذين لم تتحسن أمهاتهم.
وعلقت الدكتورة “ندى ستوتلاند” نائبة مدير “اتحاد أطباء النفس الأمريكيين” والبروفيسور في الطب النفسي في “كلية راش للطب” في شيكاغو بالقول: “إن النتائج معقولة جدا ومقنعة للغاية ومفيدة إلى حد كبير”.
وتضيف “ستوتلاند” أنه بينما تجنح الأمهات إلى وضع احتياجاتهن في المقام الأخير فإن البحث الجديد حجة جيدة على وجوب أن يعتنين بأنفسهن قبل كل شيء آخر.
وشبهت “ستوتلاند” الأمر بوضع الأم لقناع التنفس على وجهها أولا على متن الطائرة في الحالات الطارئة، وقالت “إنها إن لم تستطع التنفس فإنها لن تستطيع مساعدة أحد”.
ومن المقرر نشر الدراسة في “مجلة اتحاد الأطباء الأمريكيين” يوم الأربعاء. وقد شملت الدراسة 114 امرأة كن يعانين من الاكئتاب وامتدت الدراسة ثلاثة أشهر.
ومن أصل 114 طفلا مشاركا بين سني الحادية عشرة والثانية عشرة، ثمانية وستون منهم لم يكونوا يعانون من أية أعراض نفسية عندما بدأت أمهاتهم العلاج.
ومن بين هؤلاء النسوة تعافت ثمان وستون امرأة تماما من الاكئتاب خلال فترة البحث الذي استخدمت فيه بعض العقاقير من مضادات الاكئتاب.
وبلغ معدل التعافي من الاكئتاب لدى الأطفال الذين كانوا يعانون من مشاكل نفسية 30% من الذين تعافت أمهاتهم خلال ثلاثة أشهر بينما بلغت هذه النسبة 12% فقط عند الأطفال الذين بقيت أمهاتهم يعانين من الكآبة.
وبين الأطفال الذين لم يكونوا يعانون من مشاكل نفسية في بدء البحث، بقي جميع الأطفال الذين تعافت أمهاتهم في حالة جيدة، بينما أصيب 17% من هؤلاء الأطفال ممن بقيت أمهاتهم في حالة اكئتاب في نهاية البحث.
ورجحت “وايزمان” الحصول على نتائج مماثلة عند إجراء دراسات شبيهة على الآباء رغم أنه لم تجر دراسة من هذا القبيل بعد.
ويقول الدكتور “بيتر روبنز” وهو أخصائي في طب الأطفال في فيرجينيا إنه شاهد نتائج مشابهة في خلال حياته المهنية وأن الأعراض لم تقتصر على الاكئتاب بل تشمل أيضا “العوز للاهتمام” و”اضطراب فرط النشاط”، حيث ان الأطفال الذين آباؤهم وأمهاتهم يعانون من هذه الأعراض يرجح أن يعانوا هم أيضا منها، وأن علاج الأب أو الأم قد يؤدي إلى تحسن في أعراض الطفل.
ويقول الدكتور روبينز: “تبرز الدراسة أن الاعتناء بالطفل يعني الاعتناء بالأم والأب وكامل الأسرة”.
اكتئاب ألأطفال أكثر خطورة
وكان باحثون قد كشفوا أن الأطفال والشباب يعانون مما يسمى بالهوس الاكتئابي، وأن الكثيرين منهم يعانون من أمراض نفسية خطيرة أكثر من البالغين.
واستنادا إلى الدراسة الأخيرة فإن حالة ربع المصابين بالاكتئاب من الأطفال تصل إلى درجة من الخطورة بحيث انهم يفكرون بجدية بالانتحار.
وقد وجد العلماء في الولايات المتحدة أن نوع الهوس الاكتئابي التي يعاني منها الأطفال يشبه إلى حد كبير الحالات التي شخصت عند الكبار.
وتأمل الدراسة في كشف المزيد من خفايا هذا المرض النفسي الخطير عند الأطفال.
ويقول العلماء على جانبي المحيط الأطلسي إن من الصعب تشخيص حالات الهوس الاكتئابي عند الأطفال، على خلاف ما يحدث عند البالغين الذين يمكن تشخيص حالاتهم بسهولة نسبية.
ويعتبر الهوس الاكتئابي من الحالات النفسية الخطيرة التي تتسم بتقلبات حادة في المزاج، وهي تعرف أيضا بالاكتئاب الثنائي القطب، وذلك لتقلب المزاج بين حاد جدا ولطيف جدا، وهي تصيب واحدا في المئة من البالغين وواحدا في المئتين من الشباب.
ويبقى الكثيرون من المصابين بهذا المرض النفسي سليمين ومعافين لفترات طويلة لذلك فإن مفتاح العلاج هو التشخيص المبكر الذي يساعد على السيطرة على الحالة من خلال استخدام العلاج أو الدواء المناسب.
وكان الباحثون في كلية الطب في جامعة واشنطن في سان لويس قد قدموا نتائج دراستهم هذه إلى المؤتمر العالمي الرابع حول الاكتئاب الثنائي القطب المنعقد حاليا في بيتسبورا في بنسلفانيا.
وقارن الباحثون في جامعة واشنطن، برئاسة البروفيسورة بربرا جيلر، أستاذة الطب العقلي للأطفال، ثلاثة وتسعين طفلا من المصابين بالاكتئاب الثنائي القطب مع واحد وثمانين طفلا ممن أظهروا علامات مرض انعدام التركيز الناتج عن خلل النشاط المفرط، مع أربعة وتسعين طفلا سليما آخر.
ويقول الباحثون إن المقارنة مع مرض انعدام التركيز الناتج عن النشاط المفرط قد استخدمت في الدراسة لأن الكثيرين من الآباء والمعلمين والمهنيين الصحيين يخلطون بينه وبين الكآبة الجنونية.
وقد يعود السبب في هذا الخلط إلى تشابه الأعراض بين الهوس الاكتئابي وانعدام التركيز الناتج عن النشاط المفرط، وهي النشاط المفرط والاهتياج المفرط وسهولة تشتت الذهن.
لكن الأطفال المصابين بالهوس الاكتئابي أو الاكتئاب الثنائي القطب يضحكون ويقهقهون في الوقت غير المناسب وتنتابهم أفكار في غاية المبالغة مثل توجيه المعلمين حول كيفية إدارة المدرسة، كما يتصفون بنقص النوم. وعادة ما يكون الأطفال المصابون بالاكتئاب في سن العاشرة أو أكثر بقليل وأن نصفهم لم يصل بعد إلى سن البلوغ، كما إن ثلاثة وأربعين منهم هم بين سن السابعة والعاشرة.
وقد كشف الباحثون على الأطفال المشاركين في الدراسة بعد مرور عام من المعاينة الأولى وقد تأكدوا من أن هنالك فرقا كبيرا بين المصابين بالاكتئاب الثنائي القطب وبين المصابين بانعدام التركيز الناتج عن النشاط المفرط، الذين ربما تكون المشتتات الوقتية هي سبب الحالة عندهم.
كما وجدت الدراسة أن نصف المصابين بالهوس الاكتئابي يخضعون لعلاج مماثل مما يخضع له البالغون الذين يعانون من التقلبات المزاجية.
وتقول البروفيسورة جيلر إن البالغين الذين يعانون من الهوس الاكتئابي تنتابهم حالات من الهوس أو الاكتئاب التي تستمر لعدة أشهر، لكنهم يقومون بأعمالهم ونشاطاتهم بشكل طبيعي نسبيا في الأوقات الأخرى.
إلا أن الأمر مختلف عند الأطفال المصابين بالهوس الاكتئابي، حسب قول البروفيسورة جيلر، إذ إنهم يعانون من مرض مزمن وأكثر خطورة مما يعانيه البالغون.
وتضيف البروفيسورة جيلر أن الكثير من الأطفال يعانون من الهوس والاكتئاب في نفس الوقت وهم يبقون يعانون لسنين طويلة دون أن يكون هناك فترات شفاء بينها وتنتابهم تقلبات حادة في المزاج بشكل يومي.
وقال متحدث باسم جمعية مكافحة الهوس والاكتئاب إن الجمعية تأمل في تساهم هذه الدراسة في حصول الأطفال على التشخيص المناسب في المراحل المبكرة حتى يمكن إيجاد العلاج الفعال لهم.
لكن الخطأ في تشخيص الهوس هو إحدى المشاكل التي يواجهها الأطباء ربما لأن أطباء العائلة لا يتدربون على كيفية علاج الأمراض النفسية وتقلبات المزاج الحادة التي هي من اختصاص الأطباء النفسانيين، لذلك فإن البالغين غالبا ما ينتظرون عشر سنوات كي يحصلوا على التشخيص الصحيح.
أما مشكلة خطأ التشخيص، وبالتالي إعطاء العلاج أو الدواء الخاطئ، فإنها تزداد تفاقما عند الأطفال لأنه لا توجد الوسائل اللازمة لتشخيصهم ومراقبتهم وأن مسؤولية ذلك تقع على الآباء وإدارات المدارس، وهذه المشكلة تعيق الشفاء العاجل من المرض.
ويؤكد المختصون أن الأطفال والشباب بشكل عام يمكن أن يصابوا بأمراض نفسية تماما كما يصاب البالغون، لذلك وجب على الجميع الاعتراف بهذه الحقيقة.
زيادة في الوصفات
وكانت دراسة أجريت مؤخرا قد اظهرت زيادة في وصف العقاقير المضادة للاكتئاب للأطفال في تسع دول، وكانت أكبر زيادة في المملكة المتحدة.
وقارن باحثون في جامعة لندن معدلات وصف مضادات الاكتئاب للأطفال بين عامي 2000 و2002 في دول في أوروبا وأمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية.
وفي أثناء تلك الفترة شهدت المملكة المتحدة ارتفاعا بنسبة 68% في وصف العقاقير للأطفال لحفز أو تهدئة نشاط المخ.
ونشر البحث في دورية “سجلات أمراض الطفولة”.
ويقول الباحثون إن بعض مضادات الاكتئاب الشائعة أوقف استخدامها في عيادات طب الأطفال بالمملكة المتحدة في العام الماضي، لكن يرجح أن يلجأ الأطباء لوصف عقاقير أخرى.
وراجع فريق البحث، من مركز أبحاث أدوية طب الأطفال بجامعة كلية لندن، وصفات العقاقير التي شملت مضادات الاكتئاب والمحفزات والمسكنات والمهدئات وعقاقير علاج القلق والاضطراب.
ودرس الباحثون بيانات وصفات طبية لأطفال تصل أعمارهم إلى السابعة عشرة في المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإسبانيا والأرجنتين والبرازيل والمكسيك وكندا والولايات المتحدة.
واستند البحث إلى قاعدة بيانات دولية مستمدة من عينات تمثل الممارسات الطبية في كل دولة.
وخلص الباحثون إلى أن الأطفال عادة ما توصف لهم كمية أكبر من مضادات الاكتئاب والعقاقير الأخرى المصممة لتهدئة أو حفز المخ.
وسجلت أعلى زيادة في المملكة المتحدة حيث بلغت نسبتها 68%.
وكانت معظم الوصفات لعقاقير تستخدم في علاج مرض يتكون في مرحلة الطفولة يتسم بنشاط زائد عن الحد وتشتت الانتباه.
وكانت الزيادة في عدد الوصفات الطبية لهذه العقاقير ظاهرة في كل الدول عدا كندا وألمانيا حيث لم تزد نسبة الزيادة عن 13%.
وتناولت دراسة ثانية للباحثين في المركز الزيادة في وصف العقاقير المضادة للاكتئاب لأطفال المملكة المتحدة تحت سن ال18 في الفترة بين عامي 1992 و2001 باستخدام قاعدة بيانات ممارسي الطب العموميين.
وكشفت الدراسة أن 93 ألف وصفة طبية أعطيت لنحو 25 ألف طفل ومراهق أكثر من نصفها (55%) كانت لعقاقير من مضادات الاكتئاب من الفئة “ثلاثية الحلقات”.
وهذا النوع من مضادات الاكتئاب مرخص به لعلاج الاكتئاب وسلس البول.
وكانت معظم الوصفات للأطفال تحت سن العاشرة بغرض علاج التبول اللاإرادي الليلي وليس الاكتئاب.
كما وجدت أن أربعاً بين كل عشر من الوصفات كانت لعقاقير من نوع “المثبطات الانتقائية لإعادة امتصاص السيروتونين” المعروفة اختصارا ب (إس إس آر آي).
ويعمل هذا النوع من مضادات الاكتئاب عن طريق منع الخلايا العصبية من امتصاص مادة سيروتونين بعد تأدية وظيفتها المتمثلة في نقل الإشارات الكهربائية إلى المستقبلات في المخ.
ووجدت الدراسة أن معدل وصف مضادات الاكتئاب للأطفال ارتفع بنسبة 70% على مدار عقد من الزمان.
وبينما انخفض عدد الوصفات الطبية للعقاقير المضادة للاكتئاب ثلاثية الحلقات بنسبة 30% فقد زاد عدد الوصفات للعقاقير الانتقائية المثبطة لإعادة امتصاص السيروتونين بمقدار عشرة أمثال من خمسة إلى 46 طفلا لكل 10000 طفل.
ويقول الباحثون إن ما يقرب من نصف المراهقين بالاكتئاب الاكلينيكي وصفت لهم مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، بالرغم من أن التأثير الطبي لهذا النوع من العقاقير متوسط في تلك المرحلة العمرية.
وقال الدكتور إيان وونج مدير المركز “هناك بادرة تفهم أفضل للصحة العقلية للأطفال والمراهقين”.
وفي العام الماضي، نصحت الوكالة البريطانية لتنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية بعدم وصف العقاقير الانتقائية المثبطة لإعادة امتصاص السيروتونين للأطفال.
ويقول وونج إنه برغم أن هذا قد يكون له أثره في معدلات وصف العقاقير المضادة للاكتئاب للأطفال فإن الأطباء قد يلجأون ببساطة إلى استخدام عقاقير أخرى نظرا لعدم توفر خيارات أخرى.
وقال “سنشهد بعضا من الانخفاض في معدل وصف العقاقير، لكن لا يمكننا وقفها كلية”.