فوائد الحنظل او الشري

زائر
مرارة ثمره وخشونة ملمسه واختباؤه بين أروقة الصحراء وأودية البادية لم تجعله بعيداً عن متناول الأعراب، وعن أقوال الشعراء واكتشافات العلماء ولاعن صباحاتنا هذه،
فخضرته اللامعة وسط ألوان الطبيعة الجرداء لم تغفر له شدة مرارته التي اشتهر بها بأسماء مختلفة حتى قيل عنه الحنظل، والشري، والعلقم والحدج والهبيد، والقرع، واليقطين البري، والتفاح المر وأسماء أخرى تعبر عن صدى قساوة الحياة الصحراوية ومرارة العشق وحكايا لمراحل من العيش نحب أن نشتَّم أخبارها.‏‏

فقد ذكر امرؤ القيس الحنظل فقال]]
]
كأني غداة البين يوم تحملوا‏‏

لدى سمرات الحي ناقف حنظل‏‏

مشيراً إلى عذاب الفراق لأن من ينقف الحنظل أي يشقه يجد طعمه مراً في حلقه وإن لم يذقه.‏‏

ويقول أبو مطراب العنبري أثناء هروبه إلى البادية وعيشه مع الظباء بعد ما أصابه الجوع والبرد:‏‏

ألا ياظباء الرمل أحسنَّ صحبتي‏‏

واخفينني إن كان يخفى مكانيا‏‏

أكلت عروق الشري معكن والتوى‏‏

بحلقي شوك الفقر حتى ورانيا‏‏

ومن منا لايعرف مالحق عنترة من مرارة الحب وكثرة الوصف له فقال:‏‏





قد طال عزكم وذلي في الهوى‏‏

ومن العجائب عزكم وتذللي‏‏

لاتسقني ماء الحياة بذلةًٍ‏‏

بل فاسقني بالعز كأس الحنظل‏‏

وصفه‏‏

والحنظل نبات عشبي حولي زاحف من العائلة القرعية، احادي المسكن يفترش الأرض وتمتد سيقانه بطول مترين، وأوراقه خشنة يخرج من تحتها خيوط تلتف على النباتات والأوراق القريبة منه.‏‏

ويصفه المهندس علاء الذيب من مديرية مشروع تطوير البادية في وزارة الزراعة قائلاً : انه نبات زاحف معمر، تشبه ثمرته البرتقالة في شكلها وحجمها كما تشبه ثمر البطيخ، قطرها 10-12 سم لونها أخضر تتحول الى بنية مصفرة عند النضج، وتحتوي الثمرة على لب اسفنجي شديد الحرارة.‏‏





أماكن انتشاره‏‏

ينمو نبات الحنظل في المناطق الصحراوية الرملية على حواف المسيلات المائية وكذلك ينمو برياً على السواحل البحرية، وهو واسع الانتشار في حوض البحر المتوسط ويستخدم منه اللب والثمار والبذر.‏‏

أخباره‏‏

واحدته حنظلة وكانت العرب تسمي أبناءها بهذا الاسم ليعدونه لأعدائهم ويلحقون بهم مرارة الهزيمة، أما ثمرته فاسمها الحدج وكان البدو يداوون جرح الغنم به وبأوراقه ويأكلون حبه ويسمونه الهبيد حيث ينقع بماء وملح ويشرر في الشمس ويبدل ماؤه حتى تذهب مرارته، ومنهم من كان يدقه مع الطحين ليعمل منه عصيدة، ومما يروى أن صياداً أخفق في صيده فعاد الى امرأته قائلاً :‏‏





خذي حجريك فأدقّي هبيداً‏‏

كلا كلبيك أعيا أن يصيدا‏‏

وحنظلة أيضاً هو اسم قبيلة عربية مشهورة، قال عنها الجوهري : حنظلة أكرم قبيلة في تميم، وكلما ذكر الحنظل، يذكر المؤلفون يونس عليه السلام وأن الله أنبت عليه شجرة من يقطين وهي شجرة الحنظل حسب تفسيرات القرطبي .‏‏





مكوناته العلمية‏‏

نشعر بالغرابة ونحن نتحدث عن نبتة كل ما فيها مر الطعم، الورق مر والثمر مر، والعرق مر، والغصن مر أيضاً، فما هذه المواد التي يحتويها هذا النبات مضرب المثل.‏‏

ويؤكد العلماء أن ثماره تحتوي القلويدات، ومواد صابونية وبكتين ومكوناته الفعالة هي الكولوسنتين، والكولوسنثيتين وهما خليط من مواد قلويدية وغليكو زيدية، ومادة السيترولول، فهو من أعظم النباتات فوائد.‏‏

ويوضح لنا المهندس علاء الذيب أن شدة المرارة ناتجة عن المواد القليلكوسيدية، كما أنه يحتوي على زيت دهني وقلويدات، وتصل نسبة الزيت في بذوره بين 15-20٪، وهذه البذور تنتقل عن طريق الماء والرياح إلى المناطق المجاورة.‏‏





فوائده عظيمة‏‏

يذكر علماؤنا القدماء فوائد عظيمة أثبتت دقتها البحوث العلمية الحديثة فقالوا إنه مفيد لآلام الظهر والمفاصل، وعرق النسا والنقرس شرباً وضماداً، وهو كذلك نافع للفالج واللقوة ويعالج الصرع.‏‏

وذكر الكندي طريقة جميلة للعلاج به عن طريق دلك القدم بالحنظل، فيؤدي للاسهال ويبرىء آلام الظهر.‏‏

وقال عنه ابن سينا« زيت بذور الحنظل يفيد علاج المفاصل وعرق النسا دهاناً وشحمه يسهل البلغم شراباً ونافع لداء الثعلبة والجذام، وورقه الغض يقطع النزيف ويحلل الأورام.‏‏





وقال عنه ابن البيطار: نافع لأوجاع العصب والمفاصل وهو أنفع الأدوية للدغ العقرب وأضاف داود الانطاكي إلى ما سبق ذكره بأنه ينفع الفالج والشلل شراباً وضماداً.‏‏

وتؤكد المراجع القديمة علاجه لداء الفيل وهو الداء الذي لم يجد له علاجاً حتى الآن.‏‏

مرارته تطارد سكر الدم‏‏

تؤكد الأبحاث الحديثة ما قاله الطب القديم ووجدوا فيه علاجاً للإمساك المزمن والحاد واضطرابات الكبد والمرارة.‏‏

وقال فريق دولي من الباحثين: أنه يمكن استخراج أدوية لعلاج داء البول والسكري والبدانة، وأشار الدكتور مون جياتان من أكاديمية العلوم في شنغهاي أنه بديل جيد عن العقاقير للسكري والتي لها آثار جانبية سيئة. فهو أفضل النباتات في علاج مقاومة الأنسولين والسمنة.‏‏

تاريخه الشعبي‏‏

منذ مئات السنين استخدمه القدماء المصريون في علاج حالات الإمساك والحمى والاستسقاء شراباً، وكانت لبخة موضوعية منه تفيد لخراج الثدي والأصابع، ولعلاج الحروق دهاناً، وضد الحكة مسحوقاً للرش .‏‏

وعرف سكان البادية كيف يستعملونه داخلياً وخارجياً وبمقادير تمنع سميته ويستفاد من فوائده فقد استعملوا أوراقه الطازجة لوقف النزف، حيث توضع بطريقة معينة فوق مكان النزف، وكانوا يطبخونه مع الزيت ليتحول على شكل قطرات لعلاج طنين الأذن.‏‏

الثمرة فكانت تشوى لتصبح علاجاً للروماتيزم، أما منقوعه فقد استعمل غسولاً للعين.‏‏

وكانت النساء يضعن حليب الحنظل على الحلمة لوقف الرضاعة، وكانت بذوره تبلع على الريق لمدة 21 يومآ علاجاًِ لداء السكري، وكان مرهم الحنظل مرافقا لترحال البداوى لأنه يسحب سم العقرب خلال دقائق قليلة من الجسم.‏‏

عجائبه‏‏

من الطريف أنه إذا قام أحد بلمس قطعة من النبات سواء بالرجل أو باليد فإنه يشعر بالمرارة في فمه.‏‏

- التهجين لا يفقده طعم المرار ولو بعد عدة أجيال.‏‏

- الثمرة لا تفتح إلا إذا دهس عليها‏‏

- مرارته تبطل سم العقرب‏‏

- الظباء والغنم والماعز تأكله أكثر من أكل الظأن له.‏‏

- رغم فوائده الجرعة القاتلة من لب الحنظل تبدأ من 2 غ‏‏

- وفيه 70 نوعاً من المركبات النشطة.‏‏

تاريخه الأدبي‏‏

هذا النبات الحنظلي الذي أهمل لدينا وذهبت ريحه مع ذهاب أخبار الأعراب وحياتهم الصحراوية الجافة، كان له مكانته في كتب الفقهاء وفي أدب الشعراء.‏‏

وقد قال ابن سيدة: الحدج هو الحنظل ما اشتد وصلب قبل أن يصفر والحج صغار الحنظل قبل نضجه وهو أيضاً عند أهل البادية الحدح والقميشة طعام للعرب من اللبن وحب الحنظل.‏‏

والصيصاء حب الحنظل الذي ليس في جوفه لب والخولع : هو الحنظل المدقوق والملتوت بما يطيبه ثم يؤكل وهو المبسل.‏‏

فقد أنشد ابن الاعرابي:‏‏

بئس الطعام الحنظل المبسل‏‏

يتجمع منه كبدي وأكسل‏‏

وقال أبو حنيفة: الشري هو شجر الحنظل ومنه قول أوس بن حجر:‏‏

ألم تريا اذ جئتما أن لحمها‏‏

به طعم شري لم يهذب وحنظل‏‏

وتكاد لا تخلو قصيدة من قصائد عنترة الا ويذكر فيها شيئاً من مرارة الحنظل أو أحد أسمائه.. ومنها:‏‏

فاقني حياؤك لا أبالك واعلمي‏‏

أني امرؤ سأموت ان لم أقتل‏‏

والخيل ساهمة الوجوه كأنما‏‏

تسقى فوارسها نقيع الحنظل‏‏

والحنظل مفردها حنظلة وهو اسم يرن في ذاكرتي وفي وجدان العرب الأحرار، مشيراً إلى أشهر الشخصيات التي رسمها ناجي العلي في كاريكاتوراته ويمثل صبيا في العاشرة من عمره ظهر لأول مرة في جريدة القبس عام 1969 حيث أدار ظهره للقارىء وعقد يديه إلى الخلف عام 1973 فأصبح رمزاً للفقر والمعاناة لدى الطفل الفلسطيني ورمزاً للمقاومة والهوية حتى بعد موت مؤلفه.‏‏

وتجدر الاشارة ان ما ذكرناه عن نبات الحنظل في هذه الصفحة ما هو الا القليل القليل مما تحمله الكتب والأبحاث .‏‏
 

زائر
سبحان الله

فوائد كثيرة للحنضل

تحياتي
 

زائر
حياك الله