زائر
منذ زمن وانا ارغب في الكتابة عن هذا الموضوع...موضوعي موجه لكل ابن عاق بوالديه ...لكل من لايقدر تعبهم كل هذه السنين...لكل من نسي تعب من تحملوه في الوقت الذي كان لاحول ولاقوة...عندما دخلت مجال الطب لم اعلم اني مشيت في طريق له بداية دون نهاية...لم اعلم ان هذا الشئ سيجعلني انظر لكثير من الامور بطريقة مختلفة... رأيت حالات وامراض حمدت ربي على نعمة الصحة التي يجحدها كثير... رأيت الموت ودعوت ان اقابل ربي وانا على الايمان... رأيت مصائب الناس وحمدت ربي على كل نعمة لااحس بها ولااحد يحس بها الا من يفقدها...لكن مااثر بي حقا هو زيارتي لصالة الولادة... عندما اصبحنا مستوى رابع بدأنا ندرس مادة(( النسائية)) عندها طلبت منا استاذنا ان ندخل صالة الولادة لنرى كيف تتم الولادة وميكانيكيتها...وبالفعل ذهبنا انا واثنتين من زميلاتي كانت احداهن قد زارتها من قبل بينما انا كنت احس بمشاعر غريبة تجتاحني لااعلم ان كان سببها زيارتي الاولى لهذا المكان ام انها الرهبة التي تثيرها في نفسي هذه الزيارة... فهنا تخلق الامهات... وهنا تدخل واحدة لتخرج اثنان او اكثر... استفقت من تأملاتي على صوت زميلتي التي كانت تدعونا لدخول احدى حجرات الصالة... عندما دخلت بدأت اسمع صراخ مريضتنا يصدح في المكان كانت تصرخ بطريقة جعلتني انا احس بالآمها كان وجهها شاحبا خالي من الحياة ... امسكت بيدها اشجعها واخبرها ان هذه الالام ستزول وستصبح اما بعد قليل... ستحمل طفلها او طفلتها وستنسى ولن تتذكر هذه اللحظات ... كل صرخة كانت تطلقها تجعلني احس ان الالم المي واني انا من يعاني ... تجمعت دموعي منذرة بالسقوط وانا اتخيل ان هذه المرأة هي والدتي... وددت هذه اللحظة ان اقبل رأس رأس امي واقول لها سامحيني يالغالية... كم انا نادمة على كل لحظة جعلت فيها امي تغضب مني ندمت على كل لحظة مضت من عمري ولم اشعر بقيمة تلك الانسانة العظيمة...مرت نصف ساعة حتى انتهت ولادتها كانت تنظر الينا على اننا جلادوها...مسحت على رأسها وانا اقول:: قرة عينك بابنتك... رأيت دموعا في عينيها كانت دموع الفرح وكانت تقول بصوت مبحوح من شدة صراخها قبل قليل:: اين ابنتي؟؟؟عندما احتضنت ابنتها وددت لو احتضنهم انا ايضا... شعور غريب ورائع حملني فوق السحاب... لم انتظر عودتي للبيت لأخبر امي كم احبها فبعثت برسالة sms((احبك ياامي...احبك ياغالية))****عندما عدت للبيت وجدت امي تستقبلني عند الباب كعادتها كل يوم... بدل سلامي العادي احتضنتها بقوة وانا اقول انا اسفة يالغلية هل انتي راضية عني؟؟أزدادت دهشة امي من تصرفي الغريب ولكنها أبتسمت عندما اخبرتها عن زيارتي التاريخية لصالة الولادة وقالت وهي تمرر اصابعها في خصلات شعري :: وهل تعتقدون انكم تأتون بهذه السهولة؟؟؟ ثم أن هذا جزء يسير من تعب السنوات لكي نراكم هكذا....صدق رسول الله حين اوصى بالام وقال((امك ثم امك ثم امك..ثم اباك...)))وقال الجنة تحت اقدام الامهات...سارع لتقبيل يدا امك واعلم ان غضب ربك من غضب والديك........مع تحياتي دكتورة مريم
التعديل الأخير بواسطة المشرف: