كيف تتحرك الدهون في الـجسم؟(منقول)

زائر
كيف تتحرك الدهون في الـجسم؟
د. عبد الإله الوسية
أستاذ مشارك في فسيولوجيا الأعضاء
إن أهم أهداف أي برنامج لفقدان الوزن يجب أن يركز في المقام الأول على فقدان الدهون مع المحافظة على كتلة العضلات وسوائل الجسم.
فأي برنامج تغذية يؤدي إلى فقدان العضلات وسوائل الجسم فهو برنامج غير صحي، ولن يكون ناجحاً على المدى الطويل.
يحتاج الشخص ذو البنية العادية وذو النشاط المعتدل إلى حوالي 1800 ـ 2500 سعرة حرارية في اليوم ؛ وذلك لتغطية احتياجه من الطاقة، فأي زيادة في كمية السعرات التي يتناولها والتي تتعدى ما نحتاج إليه فان الجسم لن يستخدمها، وسوف يقوم بتخزينها في صورة دهون. فإذا ما تناولت مائة جرام من الدهون فإنها سوف تعطيك 900 سعره حرارية (كل جرام يعطي حوالي 9 سعرات حرارية)، من هذا المثال ترى أنه في وجبة واحدة بل وأقل من وجبة قد تناولت حوالي نصف عدد السعرات التي يحتاجها جسمك في اليوم الواحد من جراء تناول مائة جرام من الدهون. بالإضافة إلى ذلك فإنك لو تناولت مائة سعرة حرارية من الدهون زائدة عن احتياجك اليومي فان 95% منها يتحول إلى دهون مخزونة، أما المائة سعره حرارية الزائدة من النشويات أو البروتينيات ؛ فإن 70% منها فقط يتحول إلى دهون مخزونة.
إن المواد الغذائية التي نتناولها هي عبارة عن خليط من النشويات والبروتينات والدهون، هذا بالإضافة إلى الماء والأملاح والفيتامينات. كل هذه المواد مهمة جداً لحياتنا، ولكن النشويات والبروتينات والدهون هي فقط التي تزودنا بالطاقة، أما الفيتامينات والأملاح فما هي إلا مواد مساعدة ووجودها يؤدي إلى عمل أجسامنا بأعلى درجة من الكفاءة.
احتراق الأنواع الثلاثة من المواد الغذائية يعطى كميات مختلفة من السعرات الحرارية، فالنشويات تعطى أربع سعرات حرارية لكل مائة جرام منها، والبروتينات تعطي حوالي أربع إلى خمس سعرات حرارية لكل جرام. من هذا نرى أن عدد السعرات الحرارية التي يعطيها جرام واحد من الدهون هي ضعف ما تعطيه النشويات أو البروتينات.
ما المقصود بالسعرات الحرارية؟
هناك عدة استخدامات لهذا المصطلح منها ما يخص الفيزيائيين ومنها ما يخص أخصائيي التغذية. وفي عصرنا الحالي أصبحت هذه الكلمة دارجة بحيث إنه قلما يوجد الآن منتج غذائي معلب بدون ذكر محتواه من السعرات الحرارية.
فالطريقة الفيزيائية تعرف السعر الحراري: على أنه كمية الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة جرام من الماء درجة مئوية واحدة. أما بالنسبة لأخصائيي التغذية فهو عبارة عن كمية الطاقة التي يمكن استخلاصها من كمية محدودة من الطعام، فمثلا 180 جراماً من سكر الجلوكوز (العنب) تعطي عند حرقها كمية من الطاقة مقدارها 690 سعراً حراريا. ويحتاج الجسم إلى حد أدنى من هذه السعرات الحرارية كل يوم فإذا تناولنا كميات من الطعام اكثر مما نحتاج إليه فإن الطاقة الزائدة منه سوف تخزن في صورة دهون.
إن كمية السعرات الحرارية التي نحتاج إليها تختلف باختلاف الجنس وكمية المجهود العضلي اليومي وكذلك باختلاف درجة حرارة الجو.
عادة ما يحتاج الرجال إلى سعرات حرارية اكثر من النساء في اليوم الواحد وبمعنى آخر فان كل كيلو جرام من وزن الرجل يحتاج إلى كمية من الغذاء اكثر مما يحتاجه الكيلو جرام للمرأة.
كما يختلف احتياج الجسم من السعرات الحرارية باختلاف النشاط العضلي، فالشخص النشط وكثير الحركة يحتاج إلى سعرات اكثر من الشخص الكسول الذي لا يحب أن يتحرك من مقعده.
وتلعب درجة حرارة الجو دورا كبيرا في كمية السعرات الحرارية التي يحتاجها الجسم، فالشخص الذي يعمل في جو بارد يحتاج جسمه إلى طاقة لتدفئته ولذلك يرتفع أيضه لإنتاج تلك الطاقة ومن ثم تزداد كمية تلك السعرات الحرارية التي يحتاجها جسمه. أما الشخص الذي يعمل في جو حار فان جسمه لا يحتاج إنتاج ذلك الكم الكبير من الطاقة ومن ثم تنخفض كمية السعرات الحرارية التي يحتاج إليها.
إن كثيراً من الأشخاص الذين يعانون من البدانة بسبب نوع الأغذية التي يتناولونها، أو لقلة الحركة أو الاثنين معا، هؤلاء عادة ما يكون لهم أيض منخفض، ولذلك يلجأ هؤلاء إلى اتباع نظام قاسٍ للحمية. ومن الملاحظ أن افضل نظام للحمية عند هؤلاء هو ذلك الذي يفقدهم أوزانهم في أقل وقت ممكن، فيحرمون أنفسهم من كل شيء، ولكن تلك الحمية تؤدي إلى خفض أيضهم المنخفض أساسا إلى اقل مما كان عليه قبل الحمية ؛ مما يؤدي إلى زيادة المشكلة. ونظرا لأن مثل تلك الحمية القاسية من الصعب الاستمرار عليها كنظام دائم لحياتنا لأنه لا أحد منا يحب أن يذهب إلى فراشه وهو جائع إلى الأبد. ويجب أن اذكر هنا انه بحرمان نفسك من الطعام فانك بالتأكيد سوف تفقد وزنا، ولكن هذا الوزن المفقود هو من الدهون المخزونة ومعها العضلات. ومع العودة إلى نظام غذائنا الطبيعي يعود الوزن الذي فقدناه أثناء الحمية ولكنه من الدهون فقط وبدون عضلات، وهنا تكمن المشكلة لان العضلات من شانها أن ترفع معدل الأيض، وحتى لو استطعنا أن نسيطر على شهيتنا ولم نعد إلى نمط غذائنا العادي، فان المخ يرسل إشارات إلى الجسم ليخبره بأننا في مجاعة ويجب المحافظة على ما تبقى، أي خفض عمليات الايض بصفة عامة (حرق كميات اقل من السعرات الحرارية).
ما هو الأيض؟
لا أرغب في الدخول في تفاصيل تلك الكلمة الكبيرة المعقدة والتي يصعب شرحها لغير المتخصصين، فقد يطول الحديث عنها في مجلدات ومجلدات، ولكنني رغبت في أن أتطرق لها لأنها أصبحت كلمة متداولة خاصة بين الأشخاص الرياضيين ومعرفتها قد تفيدنا إذا أردنا أن نقلل من ذخيرتنا الدهنية.
أيض الدهون
في البداية يجب أن نعرف أن الايض ليس عملية واحدة بسيطة يمكننا تشغيلها وإيقافها بمجرد الضغط على مفتاح، ولكنها آلاف وآلاف من العمليات الايضية التي تحدث في جسمك في كل دقيقة وطول اليوم.
قد تلاحظ انخفاض كمية الغذاء التي تتناولها ولكنك تقول إنني أزيد وزنا رغم أنني لا آكل ربع الذي كنت آكله قبل عشر سنوات، وهذا ببساطة دليل على أن ايضك قد انخفض عن ذي قبل في الوقت نفسه تجد صديقك يأكل ثلاثة أضعاف ما تأكله ولكنه نحيف ولا تظهر السمنة عليه وهذا دليل على أن ايضه مرتفع فإذا أردت أن تصبح مثل صديقك فما عليك إلا ممارسة التمارين الرياضية وذلك بعد استشارة الطبيب. فالرياضة تؤدي إلى رفع الايض بصفة عامة ولذلك لا تنظر إلى عدد السعرات الحرارية التي حرقتها أثناء مزاولتك للرياضة ولكن انظر إلى نتائج ما بعد الرياضة (الزيادة في معدل الايض).
الدهون: الوقود الأساسي
نبدأ الحديث عن الفحم وكيفية إشعاله في الشواية فلو أردنا أن نوقده فإننا نحتاج أولا إلى جاز (وقود خفيف) يرش عليه، ثم نرمي عليه عود ثقاب مشتعلا. ما نلاحظه هو اشتعال الجاز أولا وبسهولة مطلقة، ولكن الفحم لم يتأثر، ولذلك نضطر إلى إضافة كمية أخرى من الجاز ولعدة مرات حتى يشتعل الفحم.
وبطريقة أو بأخرى فان العضلات تشبه الشواية، فهي تحرق كلاً من الدهون والسكريات يحترق السكر في الحال مثله مثل الجاز معطيا بذلك طاقة قليلة ولفترة قصيرة. ولكن الدهون تستمر وتستمر في الاحتراق مثل الفحم في كونه أول ما يبدأ في الاحتراق يستمر بعدها لفترة طويلة، إننا نحصل على كمية كبيرة من السعرات الحرارية (الطاقة) وعندما نمارس الرياضة مثل كرة القدم أو السلة أو التنس... الخ فقد تنتهي كمية السكر المخزونة في عضلاتنا، ولكن مخزوننا من الدهون يبقى لفترة طويلة.
كيف تتحرك الدهون في الجسم
قد يتبادر إلى ذهننا حين نسمع حركة الدهون أنها تتحرك ككتل ذهنية من مكان لآخر في الجسم. إن الحديث عن كيفية حركة الدهون في الدم ليس بالأمر السهل إذا ما قورنت بالنشويات أو البروتينات.
إن طعامنا ما هو إلا مزيج من عدة أصناف فالبروتينات (مثل اللحوم والألبان) تتحول إلى أحماض أمينية أما النشويات التي نتناولها (مثل البطاطس والخبز) فإنها تتحول إلى سكر الجلوكوز (سكر العنب)، وجميـع هذه المواد (الأحماض الأمينية والجلوكوز) كلها تجد طريقها إلى الدم.
أما بالنسبة للدهون التي يتناولها (مثل الزيوت) فإنها لا تتحول إلى مادة واحدة بسيطة مثل البروتينات والنشويات ولكنها تتحول إلى عدة مركبات يصعب نطقها وكتابتها أيضا. سأذكر اثنين أو ثلاثة من هذه المركبات.
أولا: الأحماض الدهنية الحرة وهي عبارة عن جزئيات صغيرة عند مقارنتها بالدهون الأخرى، هذه الأحماض قادرة على الحركة بسهولة والمرور خلال جدران الأوعية الدموية وأغشية الخلايا. إذا فهي قادرة على أن تترك الدم وتذهب إلى خلايا العضلات حتى تحترق، وتعطي الطاقة اللازمة لعمل العضلة.
أما إذا كانت العضلة في حالة الراحة، فان الأحماض الدهنية تعود إلى الدم ؛ ليحملها مرة أخرى إلى مواضع تخزينها في الخلايا الدهنية في الجسم، ولكون هذه الأحماض الدهنية قادرة على الحركة سميت بالأحماض الدهنية الحرة.
ثانيا: ثلاثي الجلسرين والكولسترول وهذان يشكلان اكبر كمية من الدهون في الدم ولهذه الدهون القدرة على الترسب على جدران الأوعية الدموية وهي التي لها علاقة بالأزمات القلبية وهي الدهون التي يعنيها الأطباء في الدم لإعطاء فكرة عن مدى احتمال الإصابة بالنوبة القلبية
الأحماض الدهنية الحرة لا تترسب على أي شيء، فهي تتحرك بسرعة باحثة عن عضلة تمارس الرياضة، هذه الأحماض الدهنية الحرة تشكل اقل من 1% من الدهون الموجودة في الدم، وليس لها علاقة بالنوبات القلبية أو أمراض الجهاز الدوري ولكنها مهمة لغرضين:
- مصدر أساسي للطاقة - تجعلنا اكثر بدانة.
فإذا لم نستخدم الأحماض الدهنية الحرة للطاقة فإننا نخزنها في الأماكن التي جميعنا يعرفها.
وعندما تبقى الأحماض الدهنية الحرة في الخلايا الدهنية فإنها تحب أن ترتبط مع بعضها البعض في مجموعات ثلاثية مكونة بذلك ثلاثي الجلسرين. فعند زيادة مخزوننا من الدهون فان بعض هذه الدهون (ثلاثي الجلسرين) تخرج إلى مجرى الدم. وحين يخبرك طبيبك أن مستوى ثلاثي الجلسرين مرتفع في دمك فهذه هي الطريقة الطبية المهذبة التي يخبرك بها انك أصبحت سمينا، أو في طريقك إلى السمنة، يقوم ثلاثي الجلسرين بعملين، أما أنه يبقى في أماكن تخزين الدهون أو انه يتفكك إلى أحماض دهنية لإمداد العضلات بالوقود. فإذا تعود جسمك على تحريك الدهون فان مخزونك من ثلاثي الجلسرين سوف ينخفض، ثم تصغر الأماكن التي تتخزن فيها الدهون.
ما هو الكوليسترول؟
الكوليسترول هو مادة دهنية ليس بها سعرات حرارية، وتوجد في المنتجات الحيـوانية فقـط (اللحم، الدجاج، الأسماك، الجبن، البيض، الحليب) وتناول هذه الأغذية يؤدي إلى رفع مستوى الكوليسترول في الدم. ويوجد الكوليسترول في الجسم فانه يتحد مع بعض المواد مكونا ما يعرف بالليبيدات البروتينية (الدهون البروتينية). هناك نوعان من هذه الليبيدات وهي:
1 ـ الليبيدات ذات الكثافة المنخفضة التي تعرف بالعامية بالكوليسترول السيئ أو الخفيف.
2 ـ الليبيدات ذات الكثافة العالية ويعرف بالعامية بالكوليسترول أو الثقيل.
إذا احتوى الجسم على كميات كبيرة من الكوليسترول الخفيف فانه يلتصق بجدران الأوعية الدموية بالتدريج مؤديا إلى عرقلة حركة مرور الدم وتدفقه.
أما الكوليسترول الثقيل فانه يعمل كمنظف ومزيل في مجرى الدم فيؤدي إلى إزالة الكوليسترول الخفيف من جسمك. وكلما ارتفع مستوى الكوليسترول الثقيل كلما قل احتمال الإصابة بأمراض شرايين القلب. ولذلك فعند تعيين مستوى الكوليسترول في دمك لا تسال عن المجموع الكلي للكوليسترول (الذي يجب أن يكون اقل من 200 ملجم في كل 100 مل من الدم) ولكن أسال عن نسبة الكوليسترول الخفيف إلى الثقيل.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف: