زائر
ان بروز ظاهرة الأكل والشرب قائما (واقفا) في الآونة الأخيرة لدليل على تهاون
الإنسان بصحته، لما لها من مضار على معدته، إذ الشرب واقفًا يؤدي إلى
تساقط السائل (الماء) بعنف إلى قعر المعدة ويصدمها صدما، وإن تكرار هذه
العملية يؤدي مع طول الزمن إلى استرخاء المعدة وهبوطها وما يلي ذلك من عسر
هضم. وأحسن طريقة هي الشرب وتناول الطعام جالسًا، وهي أسلم وأهنأ وأمرأ،
حيث يجري ما يتناول الآكل والشارب على جدران المعدة بتوءدة ولطف، كما أن
الأكل ماشيا ليس من الصحة في شيء وهذا ما عرف عند العرب والمسلمين. وقد
روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
زجر عن الشرب قائمًا'' رواه مسلم. وعن أنس وقتادة رضي الله عنه أنّ
النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم '' نهى أن يشرب الرجل قائمًا''، قال قتادة:
فقلنا فالأكل؟ فقال: ذاك أشرّ وأخبث'' رواه مسلم والترمذي. وقد شرب
النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم واقفًا لسبب اضطراري منعه من الجلوس مثل
الزحام المعهود في المشاعر المقدسة، أثناء مناسك الحج، وليس على سبيل
العادة والدوام. فالطب الحديث يؤكّد أنّ الإنسان في حالة الوقوف يكون
متوتّرًا ويكون جهاز التوازن في مراكزه العصبية في حالة فعّالة شديدة حتّى
يتمكّن من السيطرة على جميع عضلات الجسم لتقوم بعملية التوازن والوقوف
منتصبًا. فالطعام والشراب قد يؤدي تناوله في حالة الوقوف (القيام) إلى
إحداث انعكاسات عصبية شديدة تقوم بها نهايات العصب المبهم المنتشرة في
بطانة المعدة، وإن هذه الانعكاسات إذا حصلت بشكل شديد ومفاجئ فقد تؤدي إلى
انطلاق شرارة النهي العصبي الخطيرة لتوجيه ضربتها القاضية للقلب، فيتوقف
محدثًا الإغماء أو الموت المفاجئ. كما أنّ الاستمرار على عادة الأكل
والشرب واقفًا تعتبر خطيرة على سلامة جدران المعدة وإمكانية حدوث تقرّحات
فيها، حيث يلاحظ الأطباء أنّ قرحات المعدة تكثر في المناطق الّتي تكون
عرضة لصدمات اللقم الطعامية وجرعات الأشربة بنسبة تبلغ 59% من حالات
الإصابة بالقرحة.
كما أنّ حالة عملية التوازن أثناء الوقوف ترافقها تشنّجات عضلية في المريء
تعيق مرور الطعام بسهولة إلى المعدة ومحدثة في بعض الأحيان آلامًا شديدة
تضطرب معها وظيفة الجهاز الهضمي وتفقد صاحبها البهجة عند تناوله الطعام
وشرابه.