زائر
(الفصل الاَول): قالت بعض الطبيبات: إنّ أول ظهور الحيض يعين البلوغ للفتاة وتكون غالباً في سن الحادية عشر أو أكثر قليلاً، ويستمر الى مستهل سن اليأس، وتعتبر المدة بين ظهوره وانقطاعه «فترة الحياة التناسلية»، والحيض (الطمث) عبارة عن نزيف شهري يستمر بين أربعة وستة أيام، ويتسبب الطمث عن تضخم في الغشاء المخاطي للرحم من الداخل فتتسع اوعيته من شرايين وأوردة وبامتلاء غدده المخاطية، وذلك قبل ظهور الطمث بأيام قلائل.
والدورة الشهرية تختلف كثيراً من امرأة لاُخرى، وفي المتوسط تحدث كل 28 يوماً، وقد يحدث اختلاف وتحدث كل 21 أو كل 35 يوماً، وكذلك مدة الحيضة تختلف أيضاً من ثلاثة الى سبعة أيام.
(الفصل الثاني): في كيفية حدوث الطمث:
في سن البلوغ تبدأ الغدة النخامية تحت تأثير مراكز عليا في المخ تنبيه الغدد الصماء ومنها المبيضان فيفرزان الهرمونات الاَُنثوية فينمو الرحم، وفي كل دورة ينمو الغشاء المبطن للرحم ويمتليء بالغدد وتتركز فيه المواد الغذائية استعداداً لاستقبال البويضة الملقحة التي تنغرس في جدار الرحم المعد لذلك، فإذا لم يحدث حمل تبقى البويضة بدون تلقيح وتبدأ في الضمور (الضمور: الهزال) وتهبط معها الهرمونات، فيتفتت الغشاء المخاطي المبطن للرحم وينزل على هيئة دم الحيض.
والسائل الحيضي عبارة عن دم غير متجلط مع مخاط مع بقايا خلايا الغشاء المخاطي الذي تفتت وتكون كميته قليلة ومخاطياً في أول الحيض، ثمّ يكون مائلاً للحمرة، ثم بني اللون في نهاية الحيض، وعند زيادة كمية الدم عن الطبيعي يتجلط الدم، وهذا يدل على زيادة النزيف(1).
(الفصل الثالث): في سن البلوغ وسن اليأس (الاِياس):
واعلم أنّه يتعين بلوغ الفتاة بظهور أول طمث ويبدأ عادة في سن الحادية عشرة وقليلاً ما يتأخر للثالثة أو الرابعة عشر، ونادراً ما يكبر عن سن العاشرة، وتتحول الطفلة من دور الطفولة الى دور الاَُنوثة الكاملة، ونزول الحيض يختلف حسب الوراثة والاجناس والتغذية والحالة النفسية، ويختلف باختلاف الشعوب وطبيعة الحياة الاجتماعية.
سن اليأس يشمل تغييرات كثيرة منها انقطاع الطمث، وفي العادة ينقطع الطمث عند سن الخامسة والاَربعين الى سنّ الخامسة والخمسين، وربما يحدث قبل الاَربعين أو بعد الخامسة والخمسين، وفي العادة ينقطع الطمث تدريجياً، ويحدث الطمث كل شهرين أو ثلاثة شهور الى ستة شهور، وبعد ذلك ينقطع نهائياً.
ومن المعروف أنّه اذا حدث سن البلوغ مبكراً تأخّر سن اليأس، أو العكس كذلك، وهذا يتوقف على الجنس أيضاً وعلى الوراثة وطبيعة الاَكل والحالة الاقتصادية، وقد يكبر سن اليأس قبل سن الاَربعين، ويرجع السبب في ذلك إمّا للحالة النفسية أو قصور في عمل المبيض أو استئصال المبيض أثناء عملية جراحية أو أسباب أُخرى في الغدد الاَُخرى، وربما يتأخر سن اليأس الى ما بعد سن الخامسة والخمسين والحيض، فاذا كان الطمث منتظماً فلا بأس من ذلك، لكن اذا حدث تغيير في كميته وأصبح غير منتظم وجب استشارة الطبيبة النسائية، إذ ربما يكون ذلك لاَخذ هرمونات أُنثوية أو وجود أورام حبيثة (مثل الاَورام الليفية) وأورام سرطانية بالرحم أو أورام على المبيض...(1).
أقول: مطالب هذه المسألة تحتاج الى توضيح طبي أكثر من ذلك، ثم إلى تفكيك استنباط الاَطباء الحدسي والاِحصائيات غير البالغة حد الثبوت اليقيني عن ما يشاهد حساً بالآلات الحديثية. والذي يصلح للاعتماد عليه في الفقه وتحديد الاَحكام وحتّى تأويل النصوص المخالفة هو الثاني لا غير، فإنّ الاستنباط الحدسي أو الاِحصاء الظني غير حجّة لاَحد.
(الفصل الرابع): في المباحث الفقهية المتعلّقة بالمقام، وهي ثلاثة على ما يخطر ببالي عاجلاً:
(الاَوّل): تحديد سن اليأس وانتهاء الحيض، فإنّ الفقهاء اختلفوا فيه على أقوال ثلاثة: فعن المشهور أنّ المرأة غير القرشية(2) وغير النبطية تيأس ببلوغ الخمسين سنة، وأما هما فبلوغ ستين سنة، وعن جمع أنّ يأس مطلق النساء ببلوغ الخمسين بلا فرق بين القرشية والنبطية وبين غيرهما، وعن العلامة رحمه الله ـ في بعض كتبه ـ أنّه ببلوغ الستين مطلقاً من مبدء ولادتها(3).
ولا دليل معتبر على واحد من هذه الاَقوال رغم ادعاء بعض الفقهاء صحّة بعض الاَحاديث المستدلّ بها سنداً، فإنّه اشتباه على الاَقوى.
(الثاني): هل للحيض حقيقة ممتازة طبياً عن دم الاستحاضة(1) ودم النفاس ودم البكارة ودم القرحة ونحوها؟ فاذا ثبت ذلك طبياً لابد للفقهاء والنساء اللاتي يحضن من الرجوع الى الطبيبات أو الاَطباء الاختصاصيين بذلك، فإنّهم أهل الخبرة وهم أهل الذكر في المقام.
ولدم الحيض أحكام الزامية كثيرة وتشخيصه مهم جداً بحسب الشرع كحرمة الدخول والمكث في المساجد، وسقوط الصلاة، ووجوب قضاء الصوم وسقوط وجوب ادائه، وغير ذلك ومع تعيينه طبياً وقطعياً لا يجب بل لا يسوغ الرجوع الى الامارات الظنية وان كانت منصوصه فانها مختصة بفرض عدم العلم بالواقع.
تقول طبيبة: لا يمكن التفرقة بين دم الحيض ودم الاستحاضة لاَنّ المصدر واحد والتثمين واحد ولكن يمكن التفرقة بالفحص الاكلينكي ودراسة التاريخ بين المرضى واستبعاد أي حمل أو استبعاد أي مرض آخر موجود(2).
ثم تقول: قد يكون هنا اختلاف دقيق ولكن في اللون والشكل، وقد يكون هناك اختلاف كيمياوي دقيق كوجود زيادة بعض الانزيمات، ولكن هذا لا نستعمله في الاَحوال العادية في المختبرات للبحث أو للتفرقة(3).
وقال طبيب: إنّ الحيض والاستحاضة تعبير فقهي لبيان أحكامهما الشرعية، ولا فرق بينهما.
وقال طبيب آخر: أنا أعرف هرمونا بالتحديد اسمه «بروستجلاندين» هذا الهرمون لا شكّ هو الهرمون المسبب لدم الحيض هو الهرمون الذي يجعل الرحم يتقلص لخروج دم الحيض فأنا أتوقع أنه في حالة دم الحيض بالذات تكون نسبته عالية أما في حالة دم الاستحاضة تكون نسبته قليلة، فهذا من ضمن الاشياء التي نستطيع أن نأخذها من باب البحث والدراسة(1).
فاذا وفّق الطب يوماً للتحديد النهائي الواضح بين الحيض وسائر الدماء فينفع الفقه والفقهاء، ومن جملة ما ينتفع به هو سن اليأس ونهاية دم الحيض، ولها ثمرات وفوائد فقهية للنساء المتدينات. بل تنتفع به جميع الحوائض في كل شهر وكذا أزواجهن.
(الثالث): بلوغ الصبية حسب الروايات المعتبرة بأُمور:
1 ـ ففي معتبرة ابن أبي عمير(2) عن غير واحد عن الصادق (عليه السلام) : حد بلوغ المرأة تسع سنين.
2 ـ وفي موثقة عمار عنه (عليه السلام) ... والجارية مثل ذلك ان أتى لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة وجرى عليها القلم(3).
ومقتضى الجمع بينهما حمل الحديث الاَول على الاستحباب. لكن في الجواهر (في كتاب الحجر): نعم المشهور بين الاَصحاب بل المستقر عليه المذهب هو بلوغ الاَُنثى بكمال تسع(4). وأورد صاحب الجواهر رحمه الله على موثّقة عمار باشتمالها على خلاف ما أجمع عليه الامامية من عدم زيادة بلوغ الجارية على العشر(1).
ومن أطمانّ بالحكم الشرعي بهذا المقدار من الشهرة والاجماع المنقول فهو وإلاّ فمقتضى الجمع بين الحديثين ما عرفت.
3 ـ في موثّقة عمّار المتقدّمة وصحيحة محمّد بن مسلم ومعتبرة إسحاق بن عمار وصحيح ابن الحجاج كما ذكرناها في أوائل الجزء الثالث من كتابنا حدود الشريعة هو تحقق بلوغها بالحيض، وحمل الروايات على أنّ الحيض كاشف لا محقّق للبلوغ خلاف الظاهر، لكن المستفاد من قوله تعالى: (وابتلوا اليتامى اذا بلغوا النكاح فإنْ آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم) (النساء 6) أنّ انقطاع اليتم ببلوغ النكاح ـ أي أهلية الجماع ـ نعم في الماليات يعتبر موانسة الرشد والخلو من السفه. ثمّ اليتامى جمع اليتيم واليتيمة، ولا ينافي في عمومها لهما قوله: (بلغوا) وضمائر الجمع المذكور في الآية (هم) لاحتمال إرادة التغليب. ولا فرق بين اليتيم وغيره في هذا الحكم بلا شبهة.
وبما عرفت من قول الطبيبة المتقدمة يتّحد هذا مع سابقه أي : الاَمر الثالث كما لا يخفى: ولعل التعويل على هذا القول ـ أي تحقّق بلوغها بالحيض ـ أظهر الاَقوال، ولا ينافيه التحديد بثلاث عشرة سنة في موثقة عمار، لتصريح الامام بقوله. أو حاضت قبل ذلك. ولولا فتوى المشهور لرددت رواية ابن أبي عمير بمخالفته للاعتبارات العقلائية كما لا يخفى، وعلى كل هي لا تقاوم الروايات المعتبرة الدالة على تحقق البلوغ بالحيض كما لا يخفى، فلتحمل على الندب.
وإنْ تم ما ذكرناه فبلوغ الصبية بدم الحيض واستعدادها للنكاح أو أن يأتي عليها ثلاث عشرة سنة كما في موثّقة عمار، إلاّ أنْ يقال: إنّ قضية صدرها أنّ بلوغ الغلام أيضاً بثلاث عشرة سنة، وفيها: «فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة وجرى عليه القلم»، والحال أنّ المشهور المدّعى عليه الاِجماع ـ كما في الجواهر ـ (في كتاب الحجر) أنّ بلوغه بخمسة عشرة سنة، فلاحظ وتأمل.
من كتاب الرؤية الاسلامية لبعض الممارسات الطبية
منقول للفائدة
والدورة الشهرية تختلف كثيراً من امرأة لاُخرى، وفي المتوسط تحدث كل 28 يوماً، وقد يحدث اختلاف وتحدث كل 21 أو كل 35 يوماً، وكذلك مدة الحيضة تختلف أيضاً من ثلاثة الى سبعة أيام.
(الفصل الثاني): في كيفية حدوث الطمث:
في سن البلوغ تبدأ الغدة النخامية تحت تأثير مراكز عليا في المخ تنبيه الغدد الصماء ومنها المبيضان فيفرزان الهرمونات الاَُنثوية فينمو الرحم، وفي كل دورة ينمو الغشاء المبطن للرحم ويمتليء بالغدد وتتركز فيه المواد الغذائية استعداداً لاستقبال البويضة الملقحة التي تنغرس في جدار الرحم المعد لذلك، فإذا لم يحدث حمل تبقى البويضة بدون تلقيح وتبدأ في الضمور (الضمور: الهزال) وتهبط معها الهرمونات، فيتفتت الغشاء المخاطي المبطن للرحم وينزل على هيئة دم الحيض.
والسائل الحيضي عبارة عن دم غير متجلط مع مخاط مع بقايا خلايا الغشاء المخاطي الذي تفتت وتكون كميته قليلة ومخاطياً في أول الحيض، ثمّ يكون مائلاً للحمرة، ثم بني اللون في نهاية الحيض، وعند زيادة كمية الدم عن الطبيعي يتجلط الدم، وهذا يدل على زيادة النزيف(1).
(الفصل الثالث): في سن البلوغ وسن اليأس (الاِياس):
واعلم أنّه يتعين بلوغ الفتاة بظهور أول طمث ويبدأ عادة في سن الحادية عشرة وقليلاً ما يتأخر للثالثة أو الرابعة عشر، ونادراً ما يكبر عن سن العاشرة، وتتحول الطفلة من دور الطفولة الى دور الاَُنوثة الكاملة، ونزول الحيض يختلف حسب الوراثة والاجناس والتغذية والحالة النفسية، ويختلف باختلاف الشعوب وطبيعة الحياة الاجتماعية.
سن اليأس يشمل تغييرات كثيرة منها انقطاع الطمث، وفي العادة ينقطع الطمث عند سن الخامسة والاَربعين الى سنّ الخامسة والخمسين، وربما يحدث قبل الاَربعين أو بعد الخامسة والخمسين، وفي العادة ينقطع الطمث تدريجياً، ويحدث الطمث كل شهرين أو ثلاثة شهور الى ستة شهور، وبعد ذلك ينقطع نهائياً.
ومن المعروف أنّه اذا حدث سن البلوغ مبكراً تأخّر سن اليأس، أو العكس كذلك، وهذا يتوقف على الجنس أيضاً وعلى الوراثة وطبيعة الاَكل والحالة الاقتصادية، وقد يكبر سن اليأس قبل سن الاَربعين، ويرجع السبب في ذلك إمّا للحالة النفسية أو قصور في عمل المبيض أو استئصال المبيض أثناء عملية جراحية أو أسباب أُخرى في الغدد الاَُخرى، وربما يتأخر سن اليأس الى ما بعد سن الخامسة والخمسين والحيض، فاذا كان الطمث منتظماً فلا بأس من ذلك، لكن اذا حدث تغيير في كميته وأصبح غير منتظم وجب استشارة الطبيبة النسائية، إذ ربما يكون ذلك لاَخذ هرمونات أُنثوية أو وجود أورام حبيثة (مثل الاَورام الليفية) وأورام سرطانية بالرحم أو أورام على المبيض...(1).
أقول: مطالب هذه المسألة تحتاج الى توضيح طبي أكثر من ذلك، ثم إلى تفكيك استنباط الاَطباء الحدسي والاِحصائيات غير البالغة حد الثبوت اليقيني عن ما يشاهد حساً بالآلات الحديثية. والذي يصلح للاعتماد عليه في الفقه وتحديد الاَحكام وحتّى تأويل النصوص المخالفة هو الثاني لا غير، فإنّ الاستنباط الحدسي أو الاِحصاء الظني غير حجّة لاَحد.
(الفصل الرابع): في المباحث الفقهية المتعلّقة بالمقام، وهي ثلاثة على ما يخطر ببالي عاجلاً:
(الاَوّل): تحديد سن اليأس وانتهاء الحيض، فإنّ الفقهاء اختلفوا فيه على أقوال ثلاثة: فعن المشهور أنّ المرأة غير القرشية(2) وغير النبطية تيأس ببلوغ الخمسين سنة، وأما هما فبلوغ ستين سنة، وعن جمع أنّ يأس مطلق النساء ببلوغ الخمسين بلا فرق بين القرشية والنبطية وبين غيرهما، وعن العلامة رحمه الله ـ في بعض كتبه ـ أنّه ببلوغ الستين مطلقاً من مبدء ولادتها(3).
ولا دليل معتبر على واحد من هذه الاَقوال رغم ادعاء بعض الفقهاء صحّة بعض الاَحاديث المستدلّ بها سنداً، فإنّه اشتباه على الاَقوى.
(الثاني): هل للحيض حقيقة ممتازة طبياً عن دم الاستحاضة(1) ودم النفاس ودم البكارة ودم القرحة ونحوها؟ فاذا ثبت ذلك طبياً لابد للفقهاء والنساء اللاتي يحضن من الرجوع الى الطبيبات أو الاَطباء الاختصاصيين بذلك، فإنّهم أهل الخبرة وهم أهل الذكر في المقام.
ولدم الحيض أحكام الزامية كثيرة وتشخيصه مهم جداً بحسب الشرع كحرمة الدخول والمكث في المساجد، وسقوط الصلاة، ووجوب قضاء الصوم وسقوط وجوب ادائه، وغير ذلك ومع تعيينه طبياً وقطعياً لا يجب بل لا يسوغ الرجوع الى الامارات الظنية وان كانت منصوصه فانها مختصة بفرض عدم العلم بالواقع.
تقول طبيبة: لا يمكن التفرقة بين دم الحيض ودم الاستحاضة لاَنّ المصدر واحد والتثمين واحد ولكن يمكن التفرقة بالفحص الاكلينكي ودراسة التاريخ بين المرضى واستبعاد أي حمل أو استبعاد أي مرض آخر موجود(2).
ثم تقول: قد يكون هنا اختلاف دقيق ولكن في اللون والشكل، وقد يكون هناك اختلاف كيمياوي دقيق كوجود زيادة بعض الانزيمات، ولكن هذا لا نستعمله في الاَحوال العادية في المختبرات للبحث أو للتفرقة(3).
وقال طبيب: إنّ الحيض والاستحاضة تعبير فقهي لبيان أحكامهما الشرعية، ولا فرق بينهما.
وقال طبيب آخر: أنا أعرف هرمونا بالتحديد اسمه «بروستجلاندين» هذا الهرمون لا شكّ هو الهرمون المسبب لدم الحيض هو الهرمون الذي يجعل الرحم يتقلص لخروج دم الحيض فأنا أتوقع أنه في حالة دم الحيض بالذات تكون نسبته عالية أما في حالة دم الاستحاضة تكون نسبته قليلة، فهذا من ضمن الاشياء التي نستطيع أن نأخذها من باب البحث والدراسة(1).
فاذا وفّق الطب يوماً للتحديد النهائي الواضح بين الحيض وسائر الدماء فينفع الفقه والفقهاء، ومن جملة ما ينتفع به هو سن اليأس ونهاية دم الحيض، ولها ثمرات وفوائد فقهية للنساء المتدينات. بل تنتفع به جميع الحوائض في كل شهر وكذا أزواجهن.
(الثالث): بلوغ الصبية حسب الروايات المعتبرة بأُمور:
1 ـ ففي معتبرة ابن أبي عمير(2) عن غير واحد عن الصادق (عليه السلام) : حد بلوغ المرأة تسع سنين.
2 ـ وفي موثقة عمار عنه (عليه السلام) ... والجارية مثل ذلك ان أتى لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة وجرى عليها القلم(3).
ومقتضى الجمع بينهما حمل الحديث الاَول على الاستحباب. لكن في الجواهر (في كتاب الحجر): نعم المشهور بين الاَصحاب بل المستقر عليه المذهب هو بلوغ الاَُنثى بكمال تسع(4). وأورد صاحب الجواهر رحمه الله على موثّقة عمار باشتمالها على خلاف ما أجمع عليه الامامية من عدم زيادة بلوغ الجارية على العشر(1).
ومن أطمانّ بالحكم الشرعي بهذا المقدار من الشهرة والاجماع المنقول فهو وإلاّ فمقتضى الجمع بين الحديثين ما عرفت.
3 ـ في موثّقة عمّار المتقدّمة وصحيحة محمّد بن مسلم ومعتبرة إسحاق بن عمار وصحيح ابن الحجاج كما ذكرناها في أوائل الجزء الثالث من كتابنا حدود الشريعة هو تحقق بلوغها بالحيض، وحمل الروايات على أنّ الحيض كاشف لا محقّق للبلوغ خلاف الظاهر، لكن المستفاد من قوله تعالى: (وابتلوا اليتامى اذا بلغوا النكاح فإنْ آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم) (النساء 6) أنّ انقطاع اليتم ببلوغ النكاح ـ أي أهلية الجماع ـ نعم في الماليات يعتبر موانسة الرشد والخلو من السفه. ثمّ اليتامى جمع اليتيم واليتيمة، ولا ينافي في عمومها لهما قوله: (بلغوا) وضمائر الجمع المذكور في الآية (هم) لاحتمال إرادة التغليب. ولا فرق بين اليتيم وغيره في هذا الحكم بلا شبهة.
وبما عرفت من قول الطبيبة المتقدمة يتّحد هذا مع سابقه أي : الاَمر الثالث كما لا يخفى: ولعل التعويل على هذا القول ـ أي تحقّق بلوغها بالحيض ـ أظهر الاَقوال، ولا ينافيه التحديد بثلاث عشرة سنة في موثقة عمار، لتصريح الامام بقوله. أو حاضت قبل ذلك. ولولا فتوى المشهور لرددت رواية ابن أبي عمير بمخالفته للاعتبارات العقلائية كما لا يخفى، وعلى كل هي لا تقاوم الروايات المعتبرة الدالة على تحقق البلوغ بالحيض كما لا يخفى، فلتحمل على الندب.
وإنْ تم ما ذكرناه فبلوغ الصبية بدم الحيض واستعدادها للنكاح أو أن يأتي عليها ثلاث عشرة سنة كما في موثّقة عمار، إلاّ أنْ يقال: إنّ قضية صدرها أنّ بلوغ الغلام أيضاً بثلاث عشرة سنة، وفيها: «فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة وجرى عليه القلم»، والحال أنّ المشهور المدّعى عليه الاِجماع ـ كما في الجواهر ـ (في كتاب الحجر) أنّ بلوغه بخمسة عشرة سنة، فلاحظ وتأمل.
من كتاب الرؤية الاسلامية لبعض الممارسات الطبية
منقول للفائدة