ماهي مسؤوليتنا في حال نشوب مشكله ؟؟؟

زائر
ماهي مسؤولينا في حال نشوب مشكله ؟؟؟؟؟
1 ـ لنضع أسئلة من قبيل : أين تكمن المشكلة ؟ من السبب فيها ؟ هل أنا الذي تهوّرت وتعجّلت وارتكبت الحماقة ؟ هل الخوف هو الذي دفعني إلى ذلك أم الغيرة أم الانتقام أم ماذا ؟ هل يمكن أن أكفّر عن خطئي أو أعتـرف بذنبي أو أقرّ بضلوعي في الخطأ ؟ وما هي الأبواب التي يمكن أن أخرج بها من هذا المأزق ؟
صاحب المشكلة كمحامي الدفاع يحاول أن يدرس أوراق أو ملف القضيّة كلّها .. يبحث في أدقّ التفاصيل .. لا يغادر شيئاً إلاّ درسه .. كن حكماً عدلاً .
والعدالة في الحكم قد تتطلّب الاعتراف والاقرار بالذّنب ، وقد تتطلّب تبرئة الطرف الآخر ، أي أن تقول الحقّ ولو على نفسك وأن تنصف خصمك .. هل نحن على استعداد لذلك ؟
قد تبدو المسألة صعبة بعض الشيء ، لكنّ امرأة العزيز التي غرقت في الإثم فأغرت يوسف بارتكـاب الخـطيئة ، ثمّ سجنته بغير حقّ ، واتّهمته بما لم يفعل ، لم تبق متلبّسة بالجرم حتّى النهاية ، فلقد سمعناها تعترف
(وَلَقَدْ رَاوَدتُهُ عَن نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ) ( يوسف 32 ) .
(وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لاََمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي ) .
( يوسف 53 )
(ا لاْنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُهُ عَن نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) .
) يوسف 51 (
إنّ إيمان الإنسان المؤمن أكبر من خطئه ، وان الحقّ عزيز عليه بل هو أعزّ من نفسه ، فإذا أراد أحدنا أن يكشف كم هو عادل ليسأل نفسه : هل أنا مستعدّ لقول الحقيقة والاعتراف بالخطأ مهما كلّفني ذلك ؟ فإذا كان الجواب بالإيجاب فهو عادل لأنّ عدله مع نفسه ومع خصمه سيقي الآخرين من جوره وتجنّيه واتّهامه وتعسّفه .
2 ـ علينا أن لا نعلّق مشاكلنا على مشجب واحد .. لا تلقِ اللّوم على الاُسرة في كلّ ما يعترض طريقك من مشاكل ، ولا تحمّل المجتمع وحده مسؤوليّة خطئك ، ولا تلصق ببريء ضعيف تهمتك (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) ( الأنعام 164 ) .. ضع كلّ شيء في نصابه .. تحمّل أنت وزرك وقسطك من الجرم واترك الآخرين يتحمّلون قسطهم، فنحن كثيراً ما نحسن الظّنّ بأنفسنا بحيث أ نّنا نرى القشّة في عيون غيرنا ولا نرى الخشبة في عيوننا .
إنّني لو اعترفت بما جنته يداي فسأكون قد وضعت المشكلة على سكّة الحلّ !
3 ـ الكذب أساس الشرور كلّها .. هو مفتاحها الكبير الذي ينفذ على غرف المنزل ومخازنه ، ومع أنّ حبل الكذب قصير ولا بدّ أن يفتضح الكاذب ، فإنّنا يجب أن نقتنع أنّ الكذب قد ينجينا في اللّحظة الآنيّة ، لكنّ النجاة كلّ النجاة في الصدق إلاّ في المواضع التي يجوز فيها الكذب كما مع العدوّ .
وقد نعيش في مجتمع كذوب لا يقدّر الصادقين ولا قيمة للصدق فيه لأ نّه استمرأ الكذب لطول معاشرته ، لكن مشكلة الكذب هي ليس في إيهام الآخر الذي تكذب عليه ، وإنّما في التجنّي على الحقيقة التي تعرفها جيّداً ولكنّك تقول بخلافها .. هل نقبل لأنفسنا أن نكون من الظالمين ؟ وأن تكون الحقيقة ضحيّة من ضحايانا ؟!
4 ـ الغضب فورة وسَورَة واحتدام مشاعر انفعالية ساخطة تشعل نيراناً كثيفة وتثير زوبعة من دخان.. فربّ كلمة منفعلة أحرقت أخضر وخرّبت عامراً وكسرت عظماً يصعب بعد ذلك جبرُه .. والمشاكل ـ في العادة ـ تسجّل حضورها القويّ في حالات الغضب والانفعال خاصّة إذا قوبلت الكلمةُ بالكلمة واللكمةُ باللكمة والشتيمة بأقذع منها والبذاءة بأفحش منها وتراشقت المحرّمات بالمحرّمات وسالت دماءُ الأخلاق !
فإذا كنتُ إسفنجة تمتصّ غضبَ الآخر وماءً يُطفئ نيران هياجه ، بأن أكفّ شرّه وشرّي بضبط النفس والتحكّم بمسار الموقف الغاضب المشتعل ، أكون قد حكمت على ألسنة لهب المشكلة أن لا تتصاعد .. فلقد نجحت الآن في تطويقها تمهيداً للقضاء عليها في خطوة لاحقة .
كم هي دقيقة ورائعة وعمليّة نصيحة عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في هذا المضمار : « إقلع الشرّ من صدر أخيك بقلعه من صدرك » .. إنّها وصفة ناجحة ومجرّبة في حلّ الكثير من عقد الخلاف لو حظيت باُذن واعية تعيها ، ونفس عاقلة كبيرة تدركها ، وجوارح متوازنة تحفظها وتستحضرها في أوقات الانفعال والشجار والغضب والمخاصمة .
5 ـ حسن الظنّ الزائد .. الطيبة المفرطة لدرجة السذاجة .. تعتبر حقلاً خصباً للمشاكل العارضة ، فالمستغلّون كثيرون .. والنصّابون كثيرون .. والذّئاب البشرية من حولنا ليست قليلة ، والمتلاعبون بالقيم والأخلاق وأولاد الحرام منتشرون هنا وهناك ، فإذا ما ساءت أخلاق الناس في مجتمع ما وأحسنتُ الظنّ فقد أكون أوقعتُ نفسي في مشاكل قد يتعذّر حلّها ، ولذا فإنّ المقولة القضائية « القانون لا يحمي المغفّلين » ينبغي أن تكون كإشارة مرور حمراء تشتعل ـ في الوقت المناسب ـ لتنبّهنا إلى الخطر .
إنّ افتراضك أنّ الآخر هو مثلك في الطيبة وحسن الخلق والالتزام والوفاء والصِّدق ـ في واقع يكثر فيه السّوء ـ يعطي للآخر فرصة استغفالك واستغلالك وايقاعك في مشاكل قد لا تخطر لك على بال .
6 ـ هناك أمـاكن مشبوهة ترتـسم حولها علامات الاستفهام والتعجّب، فإذا ما ارتادها الشاب أو تواجد فيها فإنّه سيكون مظنّة التهمة ويضع نفسه في موضع الريبة والشك والشبهة ، وقد لا يجد من يعذره أو يغفر له تردّده على الأماكن الموبوءة المثيرة للشكوك، وصادق من قال « من حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه »
إنّ بعض المشاكل قد تنجم عن عدم أخذ الحيطة والحذر والاسترسال الذي يوقع في الزلل ، وقد جاء في الحديث : ((إنّ صرعة الاسترسال لا تستقال)) .
7 ـ تتلبّس بعض المفاهيم والمصطلحات بأكثر من لبوس فتخلق العديد من المشاكل بسبب التفاوت في فهمها والتعاطي معها . فقد يظنّ بعض الشبّان ـ بوحي واقع اجتماعي معيّن ـ أنّ من « الشطارة » أن يخدع غيره ويدلّس عليه ويكذب ويغش ويفتري . وقد يرى البعض من الشبّان والشابّات أنّ « الصداقة بين الجنسين » أمر لا ريبة فيه ، وأ نّها بريئة تماماً كما هي الصداقة بين أفراد الجنس الواحد ، وقد يرى آخرون أنّ « البطولة » هي في أن تستعرض عضلاتك لتمارس عنفك ضدّ الضّعفاء، وأنّ «المزاح» مستملح مستظرف فيترك لنفسه أن يسخر من إخوانه ومعلّميه وأصدقائه فيرسل الكلمات الجارحة النابية لإضحاك الآخرين بجرح كرامة صديق أو زميل ، وقد يرى البعض أن غناء أهل الفسق والفجور « فن » وما إلى ذلك .
إنّ معاني هذه المصطلحات الغائمة المطّاطة إذا لم تحدّد بشكل علمي بحيث نضع بينها وبين المعاني الصحيحة التي ترمي إليها مسافة واضحة، فإنّها تخلق المشادّات والمشاجرات والمصادمات ، فالشطارة ـ مثلاً ـ هي في المروءة والفتوّة والذّكاء والفطنة والإبداع، والصداقة غير العلاقة بين الجنسين ، والبطولة في نصرة المظلوم وردع الظالم وإغاثة المحروم واسترداد الحق المهضوم والمواقف الجريئة والمشرّفة ، وفي الصدق في المواطن المختلفة . والمزاح إذا خرج عن حدود اللياقة والأدب أذهب بالهـيبة وأسقط الاحـترام وانتهـك حرمة الأخوّة والأبوّة والزّمالة والصداقة .
8 ـ أفكارنا الصحيحة لا يكفي في صحّتها أن تقال بأي شكل من الأشكال، فلابدّ من وسائل سليمة وكريمة وصحيحة للتعبير عنها حتّى ندخل العقول عن طريق القلوب ، أمّا إذا طرحناها على نحو الفرض والإلزام ، أو في أجواء متشنّجة يغلب فيها الانفعال على حسن المقال ، فإنّنا نخسر بذلك خسارتين : أفكارنا الصحيحة التي لم نعبِّر عنها بشكل صحيح ، والآخرين الذين نريد أن نكسبهم إلى صالح أفكارنا .
إنّ المشاكل الناجمة عن الصراعات الفكرية أو العقائدية ـ في الأعمّ الأغلب ـ ناتجة عن أساليب منفّرة تبعِّد ولا تقرِّب وتعادي ولا تؤاخي وتفرِّق ولا تجمع .

منقوووول للفائدة