زائر
ما يجب أن تعرفه من أجل انف مريح
الدكتور فادي لوقا
أخصائي أمراض وجراحة الأذن والأنف و الحنجرة .
الأنف كما نعرف عضو هام من أعضاء الجسم البشري , وله وظائف عديدة وهامة بسبب وقوفه كمدخل لجهاز التنفس بالكامل . فهو يحميه بتسخين الهواء وترطيبه و تنقيته من العوائق و الغبار .
إن الجزيئات التي تدخل إلى الأنف عن طريق الهواء كثيرة . فالمواد المهيجة والطفيليات و التلوث, تسبب كلها التهابات مختلفة الأشكال في الأنف .
وتصنيف الالتهاب الأنفي حسب آليات تشكله - تحسس , إنتان - و آليات أخرى يسمح لنا بالتالي المعالجة الجيدة و الناجحة لمثل هذه الأمراض . ل ننسى أيضا أن الأنف هو عضو للشم عبر منطقة خاصة شمية موجودة فيه . كما قد يكون الأنف في بعض الحالات وسيلة للتواصل البشري , فالإسكيمو مثلا يتصافحون باحتكاك
الأنوف عوضا عن الأيدي . و برغم كل ما يمكن أن يقال عن الأنف فان التنفس اليومي عبر أنف مسدود صباحا ومساء علاوة عن العطاس والحكة و السيلان المتواصل يجعل العيش معه رديئا للغاية .
وإذا تحدثنا قليلا عن الأغشية المخاطية التي تغطي الأنف من الداخل : إن الأنف أساسا يقسم إلى قسمين أيمن وأيسر بواسطة ما نسميه بالوترة وتفتح مباشرة في كل قسم تجاويف كبيرة نسبيا تدعى الجيوب الأنفية . وتغطى كل هذه المساحات بنسيج , يسمى النسيج المخاطي لأنه يفرز المخاط . ويتميز هذا النسيج المخاطي بالتنوع عبر تجاويف الأنف . ففي المنطقة الأمامية أو الدهليز يكون ناشفا يتقشر بسهولة مع أهداب طويلة توقف الجزيئات الكبيرة و الأوساخ الداخلة مع الهواء . أما المنطقة العلوية فهي كثيفة مع أهداب و تحتوي على خلايا خاصة بالشم . أما المنطقة السفلية و الخلفية فتحتوي على بعض الخلايا المهدبة و الكثير من الخلايا التي تفرز مادة المخاط الهلامية , والتي تشكل دائما طبقة وظيفتها إمتصاص الغازات و الجزيئات التي تحتك بها , ثم تقوم الأهداب بتحريك هذه الطبقة المشبعة بالأوساخ والغازات السامة و طرحها نحو الفم بسرعة 8-9 ملم دقيقة . بعض هذه الغازات قد تلحق الضرر بالخلايا المخاطية لكن هذه الأخيرة تتجدد خلال ساعات . بقي أن نذكر أن مساحة النسيج المخاطي في الأنف حوالي 150 سم مربع موزعة في تجاويف الأنف كلها .
إن النسيج المخاطي في الأنف غني بشكل كبير بالأوعية الدموية . جدران الشرايين الصغيرة فيه تحتوي على فتحات كبيرة تسمح بخروج السوائل منها إلى النسيج المخاطي وبالعكس عبر الأوردة الصغيرة أو الشعرية ذات المرونة العالية . إن انتفاخ الأنف وانسداده هو نتيجة لهذه المرونة المفرطة التي تسهل دخول الدم وخروجه من النسيج المخاطي .
الأسباب الرئيسية المخرشة و المهيجة للأنف معروفة منها : الحساسية - انتانات الجهاز التنفسي - المهيجات بأنواعها : الروائح القوية , الضوء , برودة الجسم المفاجئة , العادة الشهرية , الحمل , المشاعر القوية , و الضغط النفسي و غيرها في الحقيقة كثير .
إن الأعصاب التي تصل إلى الأنف مختلفة المنشأ فهي:
1- من الجملة العصبية نظيرة الودية المسؤولة عن إفراز المادة المخاطية , وتوسيع الأوردة و الشرايين .
2- الجملة العصبية الودية المسؤولة عن تقبض هذه الأوعية .
3- وهناك جملة عصبية حسية للشم .
وتتشابك هذه الجمل العصبية في وظائفها و تفرز مواد وسيطة متعددة .تتداخل في عمل بعضها البعض , مما يشعب ويعقد علاج التهاب الأنف التحسسي , فالأدوية المعروفة حاليا تؤثر على بعض هذه المواد التي تفرزها النهايات العصبية في الأنف .
و إذا تناولنا في الحديث التحسس الأنفي بشكل خاص . فسنعود بالذاكرة إلى أن اهتمام العلماء بدأ ينصب حول الموضوع منذ عام 1906 وفسر بعض العلماء الحساسية على أنها : قدرة الجسم على التجاوب بطريقة مغايرة و خاصة به , قد تكون في آن واحد دفاعية أو مرضية الشكل , على ما ندعوه الأجسام المحسسة ( الرجين ) .
إن الأجسام التي تسبب الحساسية كثيرة منها :
1- غبار الطلع المحمول عادة في الهواء , من النباتات و الأشجار , بكثافة كبيرة و لمسافات بعيدة ومنها شجر البلوط , شجر الزيتون , الدلب والسرو .
2- غبار الطلع الذي تنقله الحشرات من زهرة إلى أخرى فوق أجسامها ويبقى هنا المتضرر الأول , هو العامل في الحقول على تماس مباشر . ولغبار الطلع أنواع كثيرة تختلف حسب جغرافية المناطق الحرارية والطقس .
3- عت المنزل و هو من أهم الأجسام التي تسبب الحساسية و يتطاير العت مع الغبار . ويتغذى على قشور الجلد البشري , الذي يكثر في الفرش و الوسائد و الموكيت . و ينمو العت في الأماكن الرطبة و الحارة , وأنواعه مختلفة بعضها لا ينمو أعلى من 200 متر فوق سطح البحر , و تصل أحيانا أعداده إلى أكثر من مائة في غرام واحد من الغبار . عدا عن فضلاته التي تعد أيضا من المواد المسببة للحساسية بشكل رئيسي .
4- تعد المواد البروتينية الناتجة عن الحيوانات المنزلية من المحسسات أيضا , قادمة من الجلد و اللعاب , من البول والبراز , ملوثة الوسط المحيط بالانسان , و تدخل اجهاز التنفسي مسببة التهاب الأنف و الربو . و أهم الحيوانات المسببة للحساسية : القط و الحصان , الفأر الجرذ و الكلب و ريش الطيور . الثياب المصنوعة من وبر الحيوانات ونادرا القطن . إن دور أبواغ الفطور و الخمائر معروف أيضا في الحساسية لدى البشر , فالفطور ترسل أبواغا للتكاثر , وتقسم الفطور حسب علاقتها مع الانسان إلى:
1- فطور ترسل أبواغا في الجو حسب نموها في الطبيعة .
2- الفطور المنزلية وتنمو في الأماكن الدافئة و الرطبة من المنزل : فوهات التدفئة الشوفاج المركزي , حول أنابيب المياه , في الحمام في أحواض الزراعة , في أوساخ الحيوانات المنزلية , أوراق الجدران .... الخ ..
3- الفطور التي تنمو على الأطعمة . إن أبواغ الفطور صغيرة الحجم فهي تتغلغل إلى أعماق الجهاز التنفسي و تكون منتشرة بكثرة في الجو .
قد يصاب الإنسان أحيانا بالتهابات تحسسية ناتجة عن قطع أو عن أجزاء حشرية . خاصة في الدول التي تكثر فيها الحشرات , أو في البيوت المهملة .
من الأجسام الأخرى التي تسبب الحساسية , هي الجراثيم الطفيلية التي قد تتواجد في جسم الإنسان و خاصة مفرزات هذه الجراثيم أو بعض الأنزيمات التي تطرحها . كالخراجات السنية المنشأ أو التهاب اللوزتين القيحي المزمن , الخ... و هناك أجسام متطايرة : الدهانات , الأمينت . الدقيق , إلخ...
ويبقى في بعض الحالات السؤال مطروحا أنه : و بالرغم من عدم وجود التهابات تحسسية لدى المريض , يبقى أنفه مسدودا باستمرار . وبالفعل فإن هنالك عوامل - غير نوعية - تتدخل هنا لتسبب مثل هذه الإزعاجات و التي نعتبرها كأطباء , نوعا من النشاط المفرط للأنف . فقد ذكرنا سابقا أن الأعصاب التي تصل إلى الأنف معقدة في عملها و حقيقة الأمر أن في الأنف نظام عصبي فريد , لا تتدخل فيه الأعصاب المركزية, و عندما يتعرض الأنف للمهيجات المحيطة , يتفاعل معها بإفراز المخاط أو الانسداد أو العطاس . إلخ... إن الأنف قد يتأثر بهذا الشكل بجميع العوامل الخارجية كالحرارة و رطوبة الجو , ما يحتويه من الغازات و البخار و الدخان . ويتأثر بالضوء عندما ينتقل أحدنا من الضوء إلى الظل وبالعكس , التلوث .. إلخ...
والتدخين عامل إضافي لا يمكن إهماله خاصة وأن معظم المدخنين يعانون من انسداد دائم في الأنف .
ويتشابك لدى البعض مفهوم الحساسية , لأنه لا يوجد ما يمنع المريض بالحساسية من أن يصاب بالعطاس بمجرد أن يضع قدميه على الأرض الباردة عند استيقاظه من النوم . أو عندما يدخل إلى مكان مليْ بالدخان . فيعتقد خطأ أنه يتحسس من الدخان , في أن ذلك هو ردة فعل لتفاعل الأنف مع عامل محيطي غير نوعي كما ذكرنا سابقا .
ويقع المريض كثيرا في حيرة , لأن أنواع التهابات كثيرة خاصة إذا زدنا الالتهابات الفيروسية و الانتانية والتي من الصعب جدا التفرقة بينها .
ما دور الطبيب هنا , و ماذا يفعل للتفريق بين هذه الأمور ليعطي بالنتيجة الدواء الشافي و المريح للمريض ؟ .
في عيادات الأذن والأنف والحنجرة . يبدأ الطبيب عادة بإجراء فحوصات أولية تحت المنظار و يستمع إلى شكوى المريض التي تتلخص عادة بعوارض أهمها : السيلان الأنفي , العطاس , انسداد الأنف , ضعف حاسة الشم أو اختفائها . إلى عوارض ثانوية مثل : النوم القلق , الشخير , الفم الناشف صباحا , الرعاف , ثم ينتقل الطبيب إلى البحث عن وجود حساسية في الأنف , عادة عن طريق دراسة المفرزات الأنفية , بتحليلها في المخبر . و البحث عن عوامل التحسس الكيماوية فيها , أو عن طريق تحليل مصل الدم , و قد نلجأ إلى ما يسمى باختبار التحسس و ذلك بحقن مواد يفترض أنها تسبب الحساسية عادة , تحت الجلد و انتظار ظهور النتيجة , و هناك حاليا طرق أحدث تعتمد على قراءة لوحة خاصة تحتوي بشكل مسبق على مواد كثيرة يفترض أنها تسبب الحساسية و يمزج معها مصل المريض , فتكون النتيجة فورية ما نسميه ( الفادياتوب ) . و يقوم بعض الأطباء بتطبيق هذه المواد المحسسة في الأنف مباشرة في العيادات . وهناك طرق عديدة متنوعة يتبعها البعض .
إن الطبيب الأخصائي هو الوحيد القادر على التفرقة بين أشكال التهابات الأنف الأخرى - الوعائي المحرك - التهاب الأنف الضموري - التهاب الأنف لدى الرياضيين - لدى الحوامل - و لدى المسنين . إن الفحص الدقيق من قبل الطبيب قد يؤدي إلى كشف بعض المضاعفات مثل السليلات الأنفية و الأورام المختلفة في بداياتها عند الكبار و التهابات البلعوم المزمنة كالناميات و مضاعفاتها عند الأطفال .
أما فيما يتعلق بالعلاج فينطلق الطبيب عادة من مفاهيم عامة في البداية أهمها :
1- أن التهاب الأنف غالبا ما يكون محكوما بعوامل الوسط المحيط - النوعية و غير النوعية - التي ذكرناها , و تختلف شكوى المريض حسب الزمان والمكان .
2- بأن العلاج يجب أن يكون موافقا للمرض و شكوى المريض و للحالة الالتهابية في الأنف .
3- من أن لكل أنف ولكل مريض خصوصياته و بالتالي لكل حالة , دواء يناسبها أكثر من غيره .
4- من أن الأدوية في عصرنا هذا فعالة في حال استخدمت بجرعات نظامية و كافية .
5- من أن علاج التهاب الأنف يعتمد بشكل خاص , على علاج عوارضه و طرق تشكله , وليس على علاج المسبب الرئيسي .
فيشرح الطبيب للمريض الخارج من العيادة بأن العلاج قد يكون طويلا , وأنه إذا عادت الأعراض بعد توقف العلاج , لا يعني ذلك أن العلاج لم يكن ناجحا بل على العكس .
في الختام يراودني أحيانا أمام شكاوى المرضى الذين يعانون من التهابات جائرة , في الأنف نتيجة الظروف البيئية الصعبة التي نعيشها هذه الأيام , ترى كيف سقط أنف أبو الهول الذي بناه المصريون القدامى على أطراف النيل .
الدكتور فادي لوقا
أخصائي أمراض وجراحة الأذن والأنف و الحنجرة .
الأنف كما نعرف عضو هام من أعضاء الجسم البشري , وله وظائف عديدة وهامة بسبب وقوفه كمدخل لجهاز التنفس بالكامل . فهو يحميه بتسخين الهواء وترطيبه و تنقيته من العوائق و الغبار .
إن الجزيئات التي تدخل إلى الأنف عن طريق الهواء كثيرة . فالمواد المهيجة والطفيليات و التلوث, تسبب كلها التهابات مختلفة الأشكال في الأنف .
وتصنيف الالتهاب الأنفي حسب آليات تشكله - تحسس , إنتان - و آليات أخرى يسمح لنا بالتالي المعالجة الجيدة و الناجحة لمثل هذه الأمراض . ل ننسى أيضا أن الأنف هو عضو للشم عبر منطقة خاصة شمية موجودة فيه . كما قد يكون الأنف في بعض الحالات وسيلة للتواصل البشري , فالإسكيمو مثلا يتصافحون باحتكاك
الأنوف عوضا عن الأيدي . و برغم كل ما يمكن أن يقال عن الأنف فان التنفس اليومي عبر أنف مسدود صباحا ومساء علاوة عن العطاس والحكة و السيلان المتواصل يجعل العيش معه رديئا للغاية .
وإذا تحدثنا قليلا عن الأغشية المخاطية التي تغطي الأنف من الداخل : إن الأنف أساسا يقسم إلى قسمين أيمن وأيسر بواسطة ما نسميه بالوترة وتفتح مباشرة في كل قسم تجاويف كبيرة نسبيا تدعى الجيوب الأنفية . وتغطى كل هذه المساحات بنسيج , يسمى النسيج المخاطي لأنه يفرز المخاط . ويتميز هذا النسيج المخاطي بالتنوع عبر تجاويف الأنف . ففي المنطقة الأمامية أو الدهليز يكون ناشفا يتقشر بسهولة مع أهداب طويلة توقف الجزيئات الكبيرة و الأوساخ الداخلة مع الهواء . أما المنطقة العلوية فهي كثيفة مع أهداب و تحتوي على خلايا خاصة بالشم . أما المنطقة السفلية و الخلفية فتحتوي على بعض الخلايا المهدبة و الكثير من الخلايا التي تفرز مادة المخاط الهلامية , والتي تشكل دائما طبقة وظيفتها إمتصاص الغازات و الجزيئات التي تحتك بها , ثم تقوم الأهداب بتحريك هذه الطبقة المشبعة بالأوساخ والغازات السامة و طرحها نحو الفم بسرعة 8-9 ملم دقيقة . بعض هذه الغازات قد تلحق الضرر بالخلايا المخاطية لكن هذه الأخيرة تتجدد خلال ساعات . بقي أن نذكر أن مساحة النسيج المخاطي في الأنف حوالي 150 سم مربع موزعة في تجاويف الأنف كلها .
إن النسيج المخاطي في الأنف غني بشكل كبير بالأوعية الدموية . جدران الشرايين الصغيرة فيه تحتوي على فتحات كبيرة تسمح بخروج السوائل منها إلى النسيج المخاطي وبالعكس عبر الأوردة الصغيرة أو الشعرية ذات المرونة العالية . إن انتفاخ الأنف وانسداده هو نتيجة لهذه المرونة المفرطة التي تسهل دخول الدم وخروجه من النسيج المخاطي .
الأسباب الرئيسية المخرشة و المهيجة للأنف معروفة منها : الحساسية - انتانات الجهاز التنفسي - المهيجات بأنواعها : الروائح القوية , الضوء , برودة الجسم المفاجئة , العادة الشهرية , الحمل , المشاعر القوية , و الضغط النفسي و غيرها في الحقيقة كثير .
إن الأعصاب التي تصل إلى الأنف مختلفة المنشأ فهي:
1- من الجملة العصبية نظيرة الودية المسؤولة عن إفراز المادة المخاطية , وتوسيع الأوردة و الشرايين .
2- الجملة العصبية الودية المسؤولة عن تقبض هذه الأوعية .
3- وهناك جملة عصبية حسية للشم .
وتتشابك هذه الجمل العصبية في وظائفها و تفرز مواد وسيطة متعددة .تتداخل في عمل بعضها البعض , مما يشعب ويعقد علاج التهاب الأنف التحسسي , فالأدوية المعروفة حاليا تؤثر على بعض هذه المواد التي تفرزها النهايات العصبية في الأنف .
و إذا تناولنا في الحديث التحسس الأنفي بشكل خاص . فسنعود بالذاكرة إلى أن اهتمام العلماء بدأ ينصب حول الموضوع منذ عام 1906 وفسر بعض العلماء الحساسية على أنها : قدرة الجسم على التجاوب بطريقة مغايرة و خاصة به , قد تكون في آن واحد دفاعية أو مرضية الشكل , على ما ندعوه الأجسام المحسسة ( الرجين ) .
إن الأجسام التي تسبب الحساسية كثيرة منها :
1- غبار الطلع المحمول عادة في الهواء , من النباتات و الأشجار , بكثافة كبيرة و لمسافات بعيدة ومنها شجر البلوط , شجر الزيتون , الدلب والسرو .
2- غبار الطلع الذي تنقله الحشرات من زهرة إلى أخرى فوق أجسامها ويبقى هنا المتضرر الأول , هو العامل في الحقول على تماس مباشر . ولغبار الطلع أنواع كثيرة تختلف حسب جغرافية المناطق الحرارية والطقس .
3- عت المنزل و هو من أهم الأجسام التي تسبب الحساسية و يتطاير العت مع الغبار . ويتغذى على قشور الجلد البشري , الذي يكثر في الفرش و الوسائد و الموكيت . و ينمو العت في الأماكن الرطبة و الحارة , وأنواعه مختلفة بعضها لا ينمو أعلى من 200 متر فوق سطح البحر , و تصل أحيانا أعداده إلى أكثر من مائة في غرام واحد من الغبار . عدا عن فضلاته التي تعد أيضا من المواد المسببة للحساسية بشكل رئيسي .
4- تعد المواد البروتينية الناتجة عن الحيوانات المنزلية من المحسسات أيضا , قادمة من الجلد و اللعاب , من البول والبراز , ملوثة الوسط المحيط بالانسان , و تدخل اجهاز التنفسي مسببة التهاب الأنف و الربو . و أهم الحيوانات المسببة للحساسية : القط و الحصان , الفأر الجرذ و الكلب و ريش الطيور . الثياب المصنوعة من وبر الحيوانات ونادرا القطن . إن دور أبواغ الفطور و الخمائر معروف أيضا في الحساسية لدى البشر , فالفطور ترسل أبواغا للتكاثر , وتقسم الفطور حسب علاقتها مع الانسان إلى:
1- فطور ترسل أبواغا في الجو حسب نموها في الطبيعة .
2- الفطور المنزلية وتنمو في الأماكن الدافئة و الرطبة من المنزل : فوهات التدفئة الشوفاج المركزي , حول أنابيب المياه , في الحمام في أحواض الزراعة , في أوساخ الحيوانات المنزلية , أوراق الجدران .... الخ ..
3- الفطور التي تنمو على الأطعمة . إن أبواغ الفطور صغيرة الحجم فهي تتغلغل إلى أعماق الجهاز التنفسي و تكون منتشرة بكثرة في الجو .
قد يصاب الإنسان أحيانا بالتهابات تحسسية ناتجة عن قطع أو عن أجزاء حشرية . خاصة في الدول التي تكثر فيها الحشرات , أو في البيوت المهملة .
من الأجسام الأخرى التي تسبب الحساسية , هي الجراثيم الطفيلية التي قد تتواجد في جسم الإنسان و خاصة مفرزات هذه الجراثيم أو بعض الأنزيمات التي تطرحها . كالخراجات السنية المنشأ أو التهاب اللوزتين القيحي المزمن , الخ... و هناك أجسام متطايرة : الدهانات , الأمينت . الدقيق , إلخ...
ويبقى في بعض الحالات السؤال مطروحا أنه : و بالرغم من عدم وجود التهابات تحسسية لدى المريض , يبقى أنفه مسدودا باستمرار . وبالفعل فإن هنالك عوامل - غير نوعية - تتدخل هنا لتسبب مثل هذه الإزعاجات و التي نعتبرها كأطباء , نوعا من النشاط المفرط للأنف . فقد ذكرنا سابقا أن الأعصاب التي تصل إلى الأنف معقدة في عملها و حقيقة الأمر أن في الأنف نظام عصبي فريد , لا تتدخل فيه الأعصاب المركزية, و عندما يتعرض الأنف للمهيجات المحيطة , يتفاعل معها بإفراز المخاط أو الانسداد أو العطاس . إلخ... إن الأنف قد يتأثر بهذا الشكل بجميع العوامل الخارجية كالحرارة و رطوبة الجو , ما يحتويه من الغازات و البخار و الدخان . ويتأثر بالضوء عندما ينتقل أحدنا من الضوء إلى الظل وبالعكس , التلوث .. إلخ...
والتدخين عامل إضافي لا يمكن إهماله خاصة وأن معظم المدخنين يعانون من انسداد دائم في الأنف .
ويتشابك لدى البعض مفهوم الحساسية , لأنه لا يوجد ما يمنع المريض بالحساسية من أن يصاب بالعطاس بمجرد أن يضع قدميه على الأرض الباردة عند استيقاظه من النوم . أو عندما يدخل إلى مكان مليْ بالدخان . فيعتقد خطأ أنه يتحسس من الدخان , في أن ذلك هو ردة فعل لتفاعل الأنف مع عامل محيطي غير نوعي كما ذكرنا سابقا .
ويقع المريض كثيرا في حيرة , لأن أنواع التهابات كثيرة خاصة إذا زدنا الالتهابات الفيروسية و الانتانية والتي من الصعب جدا التفرقة بينها .
ما دور الطبيب هنا , و ماذا يفعل للتفريق بين هذه الأمور ليعطي بالنتيجة الدواء الشافي و المريح للمريض ؟ .
في عيادات الأذن والأنف والحنجرة . يبدأ الطبيب عادة بإجراء فحوصات أولية تحت المنظار و يستمع إلى شكوى المريض التي تتلخص عادة بعوارض أهمها : السيلان الأنفي , العطاس , انسداد الأنف , ضعف حاسة الشم أو اختفائها . إلى عوارض ثانوية مثل : النوم القلق , الشخير , الفم الناشف صباحا , الرعاف , ثم ينتقل الطبيب إلى البحث عن وجود حساسية في الأنف , عادة عن طريق دراسة المفرزات الأنفية , بتحليلها في المخبر . و البحث عن عوامل التحسس الكيماوية فيها , أو عن طريق تحليل مصل الدم , و قد نلجأ إلى ما يسمى باختبار التحسس و ذلك بحقن مواد يفترض أنها تسبب الحساسية عادة , تحت الجلد و انتظار ظهور النتيجة , و هناك حاليا طرق أحدث تعتمد على قراءة لوحة خاصة تحتوي بشكل مسبق على مواد كثيرة يفترض أنها تسبب الحساسية و يمزج معها مصل المريض , فتكون النتيجة فورية ما نسميه ( الفادياتوب ) . و يقوم بعض الأطباء بتطبيق هذه المواد المحسسة في الأنف مباشرة في العيادات . وهناك طرق عديدة متنوعة يتبعها البعض .
إن الطبيب الأخصائي هو الوحيد القادر على التفرقة بين أشكال التهابات الأنف الأخرى - الوعائي المحرك - التهاب الأنف الضموري - التهاب الأنف لدى الرياضيين - لدى الحوامل - و لدى المسنين . إن الفحص الدقيق من قبل الطبيب قد يؤدي إلى كشف بعض المضاعفات مثل السليلات الأنفية و الأورام المختلفة في بداياتها عند الكبار و التهابات البلعوم المزمنة كالناميات و مضاعفاتها عند الأطفال .
أما فيما يتعلق بالعلاج فينطلق الطبيب عادة من مفاهيم عامة في البداية أهمها :
1- أن التهاب الأنف غالبا ما يكون محكوما بعوامل الوسط المحيط - النوعية و غير النوعية - التي ذكرناها , و تختلف شكوى المريض حسب الزمان والمكان .
2- بأن العلاج يجب أن يكون موافقا للمرض و شكوى المريض و للحالة الالتهابية في الأنف .
3- من أن لكل أنف ولكل مريض خصوصياته و بالتالي لكل حالة , دواء يناسبها أكثر من غيره .
4- من أن الأدوية في عصرنا هذا فعالة في حال استخدمت بجرعات نظامية و كافية .
5- من أن علاج التهاب الأنف يعتمد بشكل خاص , على علاج عوارضه و طرق تشكله , وليس على علاج المسبب الرئيسي .
فيشرح الطبيب للمريض الخارج من العيادة بأن العلاج قد يكون طويلا , وأنه إذا عادت الأعراض بعد توقف العلاج , لا يعني ذلك أن العلاج لم يكن ناجحا بل على العكس .
في الختام يراودني أحيانا أمام شكاوى المرضى الذين يعانون من التهابات جائرة , في الأنف نتيجة الظروف البيئية الصعبة التي نعيشها هذه الأيام , ترى كيف سقط أنف أبو الهول الذي بناه المصريون القدامى على أطراف النيل .