زائر
د. محمد بن حسن عدار
في الشهر الرابع من الحمل يزداد نمو الجنين بشكل واضح بحيث إنه خلال هذا الشهر يصل الى نصف الطول الذي يكون عليه عند الولادة، ان طولة خلال هذا الشهر يتراوح بين ثماني وعشر بوصات ولكن وزنه في هذه المرحلة لا يزيد على ست اوقيات. وحتى يتم هذا النمو يجب أن يحصل الجنين على كميات كافية من الطعام والاكسجين والماء وبالطبع يحصل على ما يحتاجه من هذه الاشياء من الام من خلال المشيمة، والمشيمة والتي تعرف بالخلاص ايضا هو العضو الذي يزود الجنين بكل احتياجاته حتى موعد الولادة والمشيمة تقوم بدور عجيب فهي تستطيع ان تقوم بالنسبة للجنين بدور الرئتين والكليتين والامعاء والكبد بالاضافة الى بعض وظائف الغدد المنتجة للهرمونات وفوق كل ذلك فانها تنتج المواد التي تحمي الجنين من العدوى الميكروبية وتقوم المشيمة باخراج ثاني أوكسيد الكربون من الدورة الدموية للجنين الى المشيمة ومنها يأخذ الاوكسجين الذي حصل عليه من الدورة الدموية للام، ويسري دم الجنين الى المشيمة من خلال الحبل السري وهذا الدم لا يخرج اطلاقاً من أوعية الحبل السري ولا يختلط بدماء الحامل. والحياة في الرحم بالنسبة للجنين لا تحتاج إلا إلى كمية ضئيلة جداً من الاكسجين ولكن إذا تم اجراء عملية جراحية للحامل او ركبت طائرة في رحلة على ارتفاع كبير فقد يعاني الجنين من نقص الاكسجين. تماما كما يحدث في الكلى نجد ان عملية ترشيح تتم في المشيمة حيث تنفصل الفضلات التي تحملها الدورة الدموية للحامل الى الكليتين حيث يتم استخلاصها بواسطة الحامل. وفي المشيمة ايضاً كما هو الحال في الكبد عند الإنسان البالغ يتم اعداد بعض خلايا دم الام كذلك بعض الحديد ويتم نقلها الى الجنين. اما المواد الغذائية فان جزئياتها تدخل الى المشيمة حيث تنتظرها بعض الانزيمات الهاضمة وبعد ان يتم التأثير المطلوب تدخل الى الدورة الدموية للجنين لتغذيته. وفي نفس الوقت فان فضلات الهضم يتم استخلاصها من دماء الجنين بواسطة المشيمة لتحملها بعد ذلك دماء الام. وفي الشهر الرابع من عمر الجنين تصبح المشيمة المصدر الاساسي للهرمونات اللازمة لانتاج حليب الرضاعة. وفي فترة تالية تلعب المشيمة دوراً اساسياً في تحديد التغيير الهرموني الذي ينهي الحمل لتبدأ الولادة وبالاضافة الى كل هذه الوظائف فان المشيمة يمكن ان تلعب دوراً في المحافظة على صحة الحوامل والجنين، فالمشيمة قادرة على انتاج الاجسام المضادة التي تحمي الجسم من العدوى صحيح، ان هذه الاجسام المضادة تتجه الى جسم الجنين ولكن قد تحصل الام على بعضها خاصة في الاشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل. اذا ارادت الحامل ان تعطي جنينها بسخاء فان عليها فقط ان تهتم بنفسها. فهو يقاسمها الغذاء والفيتامينات والكالسيوم وباقي المواد الاساسية. ولكن من الضروري ان نوضح هذه الحقيقة وهي بأن الجنين لا يستطيع ان يستخلص كل ما يحتويه دم الام من غذاء. وحتى اذا كانت تغذية الحامل غير كافية فان جسمها يحمل من مخزونه الى الجنين ليتغذى، وحتى اذا كانت صحة الأم غير جيدة فان الجسم يسخر كل امكانياته ليوفر للجنين اقصى الاحتياجات ولذلك ليس غريباً أن تلد الام الهزيلة طفلا يمتلئ جسمة بالصحة. والمواد التي تدخل الى الدورة الدموية للحامل تصل إلى جسم الجنين خلال ساعة او ساعتين، فاذا شربت الحامل مادة ضارة مثل الخمر فان الجنين يحصل عليها مباشرة، واذا دخنت سيجارة فان بعض النيكوتين يصل إلى جسم الجنين، وعلى هذا فليس صحيحاً ان المشيمة تلعب دوراً كاملاً في حماية الجنين من المواد الضارة التي تبتلعها الام ولهذا السبب نجد ان استخدام المخدر اثناء الولادة يخدر الام الوالدة والجنين أيضاً. كذلك اذا استخدمت الحامل اياً من المضادات الحيوية فانه يصل الى الجنين وكذلك نجد ان الاجسام المضادة التي ينتجها جسم الحامل يحصل الجنين على جزء منها، وهكذا نجد ان الجنين قد حصل على مناعة ضد مجموعة من الامراض وان هذه المناعة تستمر لعدة أشهر في جسمه بعد الولادة.