زائر
تبعد جزيرة "فولي" ستة أميال عن تشارلستون في كارولينا الجنوبية، في هذا المكان وفي ربيع عام 1987 وفيما كان العمال يشقون طريقاً كشفوا عما بدا أنه عظام بشرية، توجه الأطباء الشرعيون إلى الجزيرة، فوجدوا المزيد من الهياكل العظمية، وفي أقل من شهر وجدوا تسعة عشر هيكلاً عظمياً، مع اثنين منها بدون رءوس.
عمل الأطباء الشرعيون مدة سنتين لكشف سر الهياكل العظمية البشرية، لمعرفة سبب الوفاة ولماذا دُفنت هناك، من خلال فحص عظام الحوض تبين أن الهياكل تعود لشبان في الخامسة والعشرين من العمر، ومن أربطة العظام تبين أنهم كانوا يتمتعون ببنية قوية، وبعد التدقيق تبين أن الجماجم تعود لأمريكيين ذكور من أصل إفريقي.
ولدى مزيد من البحث في الأراضي المحيطة لمكان وجود الهياكل اكتشفوا المزيد من الأدلة، وجدوا أزرار عليها شارة النسر، وهي أزرار البذات العسكرية التي كان يرتديها الجنود في الحرب الأهلية، وكانت هناك رصاصات وأشياء أخرى تخص الحركة اليومية للحياة العسكرية.
أيقن أطباء التشريح أنهم اكتشفوا جثث تسعة عشر من الجنود الاتحاديين التابعين للفرقة الخمسة والخمسين من الفيلق الإفريقي الذي حارب بشجاعة منقطعة النظير أثناء الحرب الأهلية.
هؤلاء الرجال فقدوا حياتهم أثناء حصار تشارلستون الذي دام سنتين، ودفنوا بدون مراسم وباتوا طي النسيان، بعد مائة وخمس وعشرين سنة، تجمع الأمريكيون لإلقاء التحية على أفراد الفرقة السوداء.
وأُخذت هياكل الرجال التسعة عشر ودفنت في المقبرة العسكرية الوطنية، لا بد من توجيه الشكر إلى علم التشريح الذي تعرف عليهم بعد هذا الزمن الطويل.
سواء حصل الموت في الأمس أم منذ مئات السنين أصبح علم التشريح قادر على كشف أسباب الوفاة، والإجابة على الأسئلة الغامضة، بالنسبة لعلم التشريح لم تعد الوفاة نهاية القصة بل بدايتها.