زائر
6 أسئلة.. حول الصداع النصفي
نظريات مختلفة حول أسبابه..
كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية): «الشرق الأوسط»*
* رغم أن الصداع النصفي مرض معروف على نطاق واسع بأعراضه المؤلمة، فإنه لا يزال أيضا يثير الكثير من الالتباس. ولذا، فإننا نأمل أن تقدم هذه الأسئلة الستة وإجاباتها التي نوردها أدناه، إيضاحات حوله.
* الصداع النصفي
1- ما هو الصداع النصفي؟
يطلق بعض الناس مصطلح الصداع النصفي (الشقيقة) migaine لوصف أي شكل من أشكال الصداع الشديد. إلا أن كل أشكال الصداع الشديد ليست صداعا نصفيا، وليس كل أنواع الصداع النصفي شديدة، رغم أن الكثير منها تؤدي إلى آلام شديدة.
إن نوبات الصداع النصفي «التقليدي»، تسبقها حالات ظهور هالة بصرية aa، تتكون عادة من أشكال بصرية مشوشة غريبة - خطوط متكسرة، ومضات ضوئية، وبين حين وآخر، فقدان مؤقت للرؤية، تنميل ووخز يؤثران على جهة واحدة من الشفتين، واللسان، والوجه، وكذلك أحيانا في اليد الواقعة على نفس الجهة. إلا أن نحو ثلث المصابين بالصداع النصفي يعانون من ظهور الهالة البصرية، وأقل من هذه النسبة يعانون من ظهورها في كل نوبات للصداع النصفي.
ويقود الصداع الناجم عن المرض، سواء كان مصحوبا بالهالة أو لم يكن، إلى ظهور الآلام التي تبدأ (وتظل أحيانا) في جهة واحدة من الرأس. وتشتق كلمة «migaine» من كلمتي «hemi» التي تعني (نصف)، و«kanin» (الجمجمة) باللغة اليونانية. وتتسم الآلام بوجود النبضات، كما يعاني الكثير من المصابين من الغثيان، الحساسية الفائقة للضوء أو الصوت، أو لكليهما.
ولكن، مثلما هو الحال مع الهالة البصرية، فعلينا أن نتوقف عن التعميم: إذ وجدت بعض الدراسات أن 40 في المائة من المصابين بالصداع النصفي يعانون من آلام في نصفي الرأس كليهما، لا في نصف واحد، كما يعاني الأطفال المصابون بالصداع النصفي من آلام في نصفي الرأس.
كما يحتمل وقوع الخلط بين باقي أشكال الصداع الأخرى مع الصداع النصفي. فالصداع النصفي قد يتسبب في احتقان الأنف وسيلانه، ولذا فقد تشخص حالته أحيانا بأنه صداع ناجم عن الجيوب الأنفية. والصداع العادي الذي يعاني منه غالبية الناس له سمات تشابه الصداع النصفي، مثل الصداع الجهوي والغثيان.
وحتى الآن لا يوجد اختبار لتحليل الدم لتشخيص الصداع النصفي. وهذا المرض لا يتسبب في حدوث تشوهات في تركيبة الدماغ يمكن لأجهزة المسح بالأشعة الطبقية أو الرنين المغناطيسي كشفها، رغم أن الأطباء يطلبون إجراء مثل هذه الاختبارات لتشخيص المشكلات التي تسبب صداعا شديدا مثل الكشف عن حالات النزف في الدماغ.
وتساعد الدراسات الوبائية حول انتشار الصداع النصفي على إزالة الشكوك حوله. فقد أشارت النتائج الموثقة إلى أن النساء يصابون بالصداع النصفي أكثر من الرجال بمعدل ثلاث مرات، وأن الإصابة بالمرض تنتشر في صفوف العائلات المصابة به، وأن ظهوره يقل مع تقدم العمر. إلا أن هذه النتائج ليست سوى مؤشرات أكثر من كونها معايير لتشخيص المرض.
وبكلمة قصيرة، فإن التوصل إلى تعريف محدد أو تشخيص دقيق للصداع النصفي، مسألة معقدة. ومع هذا فإن كتابة يوميات بسيطة لتسجيل نوبات الصداع والعوامل التي ربما حفزت على ظهوره، قد تقدم المساعدة في عملية تشخيص المرض.
* الاسباب
2- ما هي أسبابه؟
ظل الأطباء يعتقدون ولسنوات طويلة أن منشأ الصداع النصفي يعود إلى الأوعية الدموية، وخصوصا تلك التي تزود بالدم، سحايا المخ (meninges)، أي الأغشية الرقيقة التي تحيط بالدماغ من داخل الجمجمة. وكان ممن المعتقد أن تلك الأوعية الدموية تتوسع - وبهذا فإنها تضغط على مستقبلات الألم الموجودة في الشبكة المخرّمة للأعصاب المثلثة التوائم tigemina neves التي تخدم السحايا والأجزاء الأخرى من الدماغ. ووفقا لنظرية الأوعية الدموية هذه، فإن الهالة تحدث بسبب قلة تدفق الدم نتيجة تضيّق الأوعية الدموية قبل أن تتوسع لكي تؤدي إلى حدوث الآلام. وتعتبر هذه النظرية جذابة بفضل وجود الشكل النبضي لآلام الصداع النصفي. ويطور بعض الأطباء هذه النظرية، ليربطوا مختلف أنواع الألم الحاصلة بمختلف الأوعية الدموية.
إلا أن هناك إجماعا شبه تام حاليا على أن الصداع النصفي ينشأ أصلا داخل الدماغ، وليس في الأوعية الدموية المحيطة به.
وإحدى النظريات السائدة تشير إلى أن الصداع النسبي ينجم عن ظهور موجات سريعة تتولد من نشاط خلايا الدماغ. وتخترق هذه الموجات لحاء الدماغ، أي الطبقة الخارجية الرقيقة لأنسجة الدماغ، ثم تعقبها فترات من الخمول. ويطلق على هذه الظاهرة اسم يثير الالتباس وهو «الانضغاط اللحائي المنتشر» (tia speading depessin). وقد رصدها لأول مرة العالم البرازيلي أريستيدس لياوا، لأول مرة عام 1944 في أدمغة الجرذان، وقد أثبت الكثير من الدراسات وجود هذه الظاهرة لدى الإنسان أيضا.
وتبدو ظاهرة «الانضغاط اللحائي المنتشر» معقولة كسبب لحدوث الهالة، إلا أن الباحثين ربطوها أيضا بحدوث الآلام. ويقدم المدافعون عن هذه النظرية نتائج التجارب التي تفترض تحفيز هذه الظاهرة على حدوث التهابات وعمليات أخرى، تحفز بدورها مستقبلات الألم على الأعصاب ثلاثية التوائم. وهذه الالتهابات «في داخل الأعصاب» ووجود بعض العوامل الأخرى تجعل تلك المستقبلات - وأجزاء الدماغ التي تستقبل إشاراتها - حساسة جدا، ولذلك يحدث الصداع النصفي.
إلا أن بعضا من كبار الباحثين عبروا عن شكوكهم في حدوث الصداع النصفي بسبب «الانضغاط اللحائي المنتشر». وقد تم تطوير أدوية تجريبية تثبط الانضغاط اللحائي المنتشر، وتم اختبار واحد من أفضلها وهو عقار «تونابيرسات» (tnabesat) الذي أظهر فعلا تأثيرات مانعة لحدوث الهالة، إلا أنه أخفق في درء وقوع الصداع النصفي.
ولهذا يقول بعض الباحثين إن الصداع النصفي يمكن تفسيره أفضل ما يمكن انطلاقا من أسفل الدماغ أي من جذع الدماغ. فهذا الجزء «البدائي» من الدماغ يتحكم في الوظائف الأساسية مثل التنفس والاستجابات للألم، كما أنه يقوم بتكييف وتعديل الكثير من الوظائف الأخرى مثل المعلومات الواردة من الحواس. والنظرية هنا هي أنه إن توقفت مناطق معينة من جذع الدماغ عن العمل بشكل مضبوط أو تم استثارتها بسهولة، فإنها تبدأ في القيام بعمليات متتالية من الأحداث العصبية ومن ضمنها الانضغاط اللحائي المنشر، الذي يقود إلى ظهور الأعراض المتعددة للصداع النصفي.
يتبع..
نظريات مختلفة حول أسبابه..
كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية): «الشرق الأوسط»*
* رغم أن الصداع النصفي مرض معروف على نطاق واسع بأعراضه المؤلمة، فإنه لا يزال أيضا يثير الكثير من الالتباس. ولذا، فإننا نأمل أن تقدم هذه الأسئلة الستة وإجاباتها التي نوردها أدناه، إيضاحات حوله.
* الصداع النصفي
1- ما هو الصداع النصفي؟
يطلق بعض الناس مصطلح الصداع النصفي (الشقيقة) migaine لوصف أي شكل من أشكال الصداع الشديد. إلا أن كل أشكال الصداع الشديد ليست صداعا نصفيا، وليس كل أنواع الصداع النصفي شديدة، رغم أن الكثير منها تؤدي إلى آلام شديدة.
إن نوبات الصداع النصفي «التقليدي»، تسبقها حالات ظهور هالة بصرية aa، تتكون عادة من أشكال بصرية مشوشة غريبة - خطوط متكسرة، ومضات ضوئية، وبين حين وآخر، فقدان مؤقت للرؤية، تنميل ووخز يؤثران على جهة واحدة من الشفتين، واللسان، والوجه، وكذلك أحيانا في اليد الواقعة على نفس الجهة. إلا أن نحو ثلث المصابين بالصداع النصفي يعانون من ظهور الهالة البصرية، وأقل من هذه النسبة يعانون من ظهورها في كل نوبات للصداع النصفي.
ويقود الصداع الناجم عن المرض، سواء كان مصحوبا بالهالة أو لم يكن، إلى ظهور الآلام التي تبدأ (وتظل أحيانا) في جهة واحدة من الرأس. وتشتق كلمة «migaine» من كلمتي «hemi» التي تعني (نصف)، و«kanin» (الجمجمة) باللغة اليونانية. وتتسم الآلام بوجود النبضات، كما يعاني الكثير من المصابين من الغثيان، الحساسية الفائقة للضوء أو الصوت، أو لكليهما.
ولكن، مثلما هو الحال مع الهالة البصرية، فعلينا أن نتوقف عن التعميم: إذ وجدت بعض الدراسات أن 40 في المائة من المصابين بالصداع النصفي يعانون من آلام في نصفي الرأس كليهما، لا في نصف واحد، كما يعاني الأطفال المصابون بالصداع النصفي من آلام في نصفي الرأس.
كما يحتمل وقوع الخلط بين باقي أشكال الصداع الأخرى مع الصداع النصفي. فالصداع النصفي قد يتسبب في احتقان الأنف وسيلانه، ولذا فقد تشخص حالته أحيانا بأنه صداع ناجم عن الجيوب الأنفية. والصداع العادي الذي يعاني منه غالبية الناس له سمات تشابه الصداع النصفي، مثل الصداع الجهوي والغثيان.
وحتى الآن لا يوجد اختبار لتحليل الدم لتشخيص الصداع النصفي. وهذا المرض لا يتسبب في حدوث تشوهات في تركيبة الدماغ يمكن لأجهزة المسح بالأشعة الطبقية أو الرنين المغناطيسي كشفها، رغم أن الأطباء يطلبون إجراء مثل هذه الاختبارات لتشخيص المشكلات التي تسبب صداعا شديدا مثل الكشف عن حالات النزف في الدماغ.
وتساعد الدراسات الوبائية حول انتشار الصداع النصفي على إزالة الشكوك حوله. فقد أشارت النتائج الموثقة إلى أن النساء يصابون بالصداع النصفي أكثر من الرجال بمعدل ثلاث مرات، وأن الإصابة بالمرض تنتشر في صفوف العائلات المصابة به، وأن ظهوره يقل مع تقدم العمر. إلا أن هذه النتائج ليست سوى مؤشرات أكثر من كونها معايير لتشخيص المرض.
وبكلمة قصيرة، فإن التوصل إلى تعريف محدد أو تشخيص دقيق للصداع النصفي، مسألة معقدة. ومع هذا فإن كتابة يوميات بسيطة لتسجيل نوبات الصداع والعوامل التي ربما حفزت على ظهوره، قد تقدم المساعدة في عملية تشخيص المرض.
* الاسباب
2- ما هي أسبابه؟
ظل الأطباء يعتقدون ولسنوات طويلة أن منشأ الصداع النصفي يعود إلى الأوعية الدموية، وخصوصا تلك التي تزود بالدم، سحايا المخ (meninges)، أي الأغشية الرقيقة التي تحيط بالدماغ من داخل الجمجمة. وكان ممن المعتقد أن تلك الأوعية الدموية تتوسع - وبهذا فإنها تضغط على مستقبلات الألم الموجودة في الشبكة المخرّمة للأعصاب المثلثة التوائم tigemina neves التي تخدم السحايا والأجزاء الأخرى من الدماغ. ووفقا لنظرية الأوعية الدموية هذه، فإن الهالة تحدث بسبب قلة تدفق الدم نتيجة تضيّق الأوعية الدموية قبل أن تتوسع لكي تؤدي إلى حدوث الآلام. وتعتبر هذه النظرية جذابة بفضل وجود الشكل النبضي لآلام الصداع النصفي. ويطور بعض الأطباء هذه النظرية، ليربطوا مختلف أنواع الألم الحاصلة بمختلف الأوعية الدموية.
إلا أن هناك إجماعا شبه تام حاليا على أن الصداع النصفي ينشأ أصلا داخل الدماغ، وليس في الأوعية الدموية المحيطة به.
وإحدى النظريات السائدة تشير إلى أن الصداع النسبي ينجم عن ظهور موجات سريعة تتولد من نشاط خلايا الدماغ. وتخترق هذه الموجات لحاء الدماغ، أي الطبقة الخارجية الرقيقة لأنسجة الدماغ، ثم تعقبها فترات من الخمول. ويطلق على هذه الظاهرة اسم يثير الالتباس وهو «الانضغاط اللحائي المنتشر» (tia speading depessin). وقد رصدها لأول مرة العالم البرازيلي أريستيدس لياوا، لأول مرة عام 1944 في أدمغة الجرذان، وقد أثبت الكثير من الدراسات وجود هذه الظاهرة لدى الإنسان أيضا.
وتبدو ظاهرة «الانضغاط اللحائي المنتشر» معقولة كسبب لحدوث الهالة، إلا أن الباحثين ربطوها أيضا بحدوث الآلام. ويقدم المدافعون عن هذه النظرية نتائج التجارب التي تفترض تحفيز هذه الظاهرة على حدوث التهابات وعمليات أخرى، تحفز بدورها مستقبلات الألم على الأعصاب ثلاثية التوائم. وهذه الالتهابات «في داخل الأعصاب» ووجود بعض العوامل الأخرى تجعل تلك المستقبلات - وأجزاء الدماغ التي تستقبل إشاراتها - حساسة جدا، ولذلك يحدث الصداع النصفي.
إلا أن بعضا من كبار الباحثين عبروا عن شكوكهم في حدوث الصداع النصفي بسبب «الانضغاط اللحائي المنتشر». وقد تم تطوير أدوية تجريبية تثبط الانضغاط اللحائي المنتشر، وتم اختبار واحد من أفضلها وهو عقار «تونابيرسات» (tnabesat) الذي أظهر فعلا تأثيرات مانعة لحدوث الهالة، إلا أنه أخفق في درء وقوع الصداع النصفي.
ولهذا يقول بعض الباحثين إن الصداع النصفي يمكن تفسيره أفضل ما يمكن انطلاقا من أسفل الدماغ أي من جذع الدماغ. فهذا الجزء «البدائي» من الدماغ يتحكم في الوظائف الأساسية مثل التنفس والاستجابات للألم، كما أنه يقوم بتكييف وتعديل الكثير من الوظائف الأخرى مثل المعلومات الواردة من الحواس. والنظرية هنا هي أنه إن توقفت مناطق معينة من جذع الدماغ عن العمل بشكل مضبوط أو تم استثارتها بسهولة، فإنها تبدأ في القيام بعمليات متتالية من الأحداث العصبية ومن ضمنها الانضغاط اللحائي المنشر، الذي يقود إلى ظهور الأعراض المتعددة للصداع النصفي.
يتبع..
التعديل الأخير بواسطة المشرف: