التصنيفات
الغذاء والتغذية

المعرفة الغذائية تنقص الوزن | فهم مفهوم كثافة السعرات الحرارية – ج1

النشويات غير المعدلة تشجع على إنقاص الوزن

تحتاج أجسامنا إلى النشويات أكثر من أية مادة أخرى. وأفخاخنا العضلية ومخاخنا مصممة لتعيش على النشويات. والأطعمة الغنية بالنشويات – عند استهلاكها في صورتها الطبيعية – تكون منخفضة السعرات الحرارية وغنية بالألياف مقارنة بالأطعمة الدهنية المعالجة أو المنتجات الحيوانية.

يحتوي كل جرام من الدهون على حوالي تسعة سعرات حرارية، في حين أن كل جرام من البروتينات والنشويات يحتوي تقريبًا على أربعة سعرات حرارية. ولذلك عندما تأكل أطعمة غنية بالنشويات، كالفاكهة الطازجة والبقوليات؛ يمكنك أن تتناول المزيد منها مع الحفاظ على حصولك على سعرات حرارية منخفضة نسبيًّا. فكمية الألياف الكبيرة الموجودة في النشويات (غير المعدلة) سبب آخر مهم وراء إحساسك بالشبع وعدم الرغبة في تناول مزيد من الأطعمة، عندما تجعل النشويات غير المعدلة مصدرك الأساسي للسعرات الحرارية في نظامك الغذائي.

عادة ما تكون الكميات الصغيرة للدهون أو الزيوت المعدلة المضافة هي ما يجعل النشويات الطبيعية تُسمننا بشدة. على سبيل المثال، يحتوي كوب واحد من البطاطس المهروسة على 130 سعرًا حراريًّا فقط. ولكن مجرد إضافة ملعقة كبيرة واحدة من الزبد عليها تصنيف إليها 100 سعر حراري أخرى.

تسمى البروتينات والدهون والنشويات مغذيات كبرى. ويشار إلى الفيتامينات والأملاح المعدنية بأنها مغذيات صغرى. وجميع الأطعمة النباتية تحتوي على البروتين والدهون والنشويات (المغذيات الكبرى). حتى إن ثمرة موز تحتوي على 3.5% دهون، وهي نسبة مماثلة تقريبًا لما يحتويه لبن الأم. والفاكهة والخضراوات النشوية؛ مثل البطاطا، والذرة، والقرع العسلي تحتوي على نسبة كبيرة من النشويات، كما تحتوي أيضًا على بعض الدهون والبروتين. والخضراوات الخضراء نصفها بروتين، وربعها نشويات، وربعها دهون. في حين أن البقوليات يحتوي نصفها تقريبًا على نشويات، وربعها بروتين وربعها دهون.

أحد المبادئ وراء معادلة الصحة وإنقاص الوزن هو ألا تشغل نفسك كثيرًا بتوازن المغذيات الكبرى، فإذا تناولت أطعمة صحية، فسوف تحصل تلقائيًّا على كفايتك من المغذيات الكبرى الثلاثة طالما أنك لا تستمد الكثير من السعرات الحرارية من الدقيق الأبيض والسكر والزيوت؛ لذا، لا تخشَ تناول الأطعمة الغنية بالنشويات، ولا تخشَ تناول الفاكهة بسبب ما تحتويه من سكر. فحتى الأطعمة النباتية الغنية بالنشويات تحتوي على قدر كافٍ من الألياف والعناصر الغذائية، وكمية قليلة من السعرات الحرارية لكي تعتبر مغذية. وطالما أنها غير معدلة، فيجب ألا تستبعدها من نظامك الغذائي. في الحقيقة، من المستحيل أن تستبعد كل العناصر الغذائية اللازمة للتمتع بالصحة المثالية إذا لم يحتو نظامك الغذائي على الكثير من الأطعمة الغنية بالنشويات.

الفاكهة الطازجة والبقوليات والحبوب الكاملة والدرنيات (الخضراوات الجذرية) جميعها أمثلة لأطعمة تأتي سعراتها الحرارية في الأساس من النشويات. ونسبة العناصر الغذائية لكل سعر حراري هي ما يحدد قيمتها الغذائية، فتناول النشويات لا يمثل أية مشكلة، المشكلة تكمن في النشويات التي تحتوي على سعرات حرارية فارغة، أو نشويات معدلة، فهي المسئول الأول عن السمعة السيئة التي اكتسبتها النشويات.

فهم مفهوم كثافة السعرات الحرارية

نظرًا لأن اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان والزيوت جميعها غنية بالسعرات الحرارية، فمن المستحيل عمليًّا بالنسبة لنا أن نتناولها دون أن نحصل على كمية كبيرة من السعرات الحرارية. وهذه الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية تجمع كمية هائلة من السعرات الحرارية قبل أن تمتلئ معدتنا، ونشبع جوعنا. إلا أن تناول أطعمة غنية بالعناصر الغذائية والألياف، تحتوي على كمية قليلة من السعرات الحرارية يمكِّننا من الشعور بالشبع دون أن نحصل على سعرات حرارية زائدة.

كمية أكبر تعني سعرات حرارية أقل

يجب أن يحرق جسمك حوالي 23% من السعرات الحرارية المستمدة من النشويات لكي يتحول الجلوكوز إلى دهون، ولكنه يحول الدهون الموجودة في الأطعمة إلى دهون في الجسم بسرعة وسهولة. ومائة سعر حراري من الدهون المهضومة من الممكن أن تتحول إلى 79 سعرًا حراريًّا من دهون الجسم، وتحرق 3 سعرات حرارية فقط. عندما تتناول الدهون الحيوانية أو الزيوت، فإن الدهون التي تتناولها يخزنها الجسم بسرعة وسهولة.

إن تحويل الدهون الموجودة في الأطعمة إلى دهون تتراكم في الجسم أمر سهل، فهذه العملية لا تتطلب حتى تعديل الجزيئات. ويمكن للعلماء الباحثين أخذ خزعة من الدهون الموجودة في منطقة أردافك أو خصرك وإخبارك من أين أتت بالضبط: هل هي دهن حيواني، أو دهن مستمد من منتجات الألبان، أو دهن دواجن أو زيت زيتون؛ فالدهون تبقى كما كانت في طبقك، ولكنها الآن أصبحت أسفل جلدك. إن مقولة “من فمك إلى أردافك” صحيحة حرفيًّا. والدهون أيضًا محفز للشهية؛ كلما أكثرت من تناولها، رغبت في مزيد منها.

الأطعمة التي تجعلك نحيفاً

الشهية لا يتم التحكم فيها من خلال وزن الطعام المتناول، وإنما من خلال ما يحتويه من الألياف، وكثافة العناصر الغذائية والسعرات الحرارية الموجودة فيها. ومن المفيد أن تحدد النسبة التقريبية للسعرات الحرارية الموجودة في الأطعمة. وبما أن المعدة يمكنها استيعاب لتر واحد من الطعام، لنستعرض عدد السعرات الحرارية التي تملأ المعدة بالكامل الموجودة في طعام معين.

من الواضح أن الأطعمة التي تشعرك بالشبع بأقل كمية من السعرات الحرارية هي الفاكهة والخضراوات، فالخضراوات الخضراء، والفاكهة الطازجة، والبقوليات تحصد مرة أخرى الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية. ولا شيء آخر في هذا المجال يقترب حتى منها.

السعرات الحرارية الموجودة في الخضراوات الخضراء منخفضة للغاية، كما أنها غنية بالعناصر الغذائية والألياف، وهو ما يجعلك تنقص كمية أكبر من الوزن كلما أكثرت من تناولها. وأحد أسرار التفوق الغذائي والتمتع بصحة مثالية هو قاعدة الرطل إلى الرطل. وتقضي هذه القاعدة بأن تتناول رطلاً على الأقل من الخضراوات النيئة يوميًّا، ورطلاً من الخضراوات المطهوة/المسلوقة أو الخضراء المجمدة أو غير المجمدة الغنية بالعناصر الغذائية في اليوم أيضًا. رطل واحد نيئ ورطل واحد مطهو؛ وضع هذا الهدف نصب عينيك وأنت تصمم وتتناول كل وجبة. قد يكون هذا الأمر هدفًا طموحًا أكثر من المطلوب بالنسبة لبعضنا، ولكن من خلال العمل على الوصول إليه، سوف تضمن تحقيق التوازن الغذائي والوصول إلى النتائج المنشودة. وكلما أكثرت من تناول الخضراوات، أنقصت مزيدًا من الوزن. وكمية الخضراوات الكبيرة لن تكون طريقك إلى التمتع بخصر نحيف فقط، ولكنها سوف تحميك أيضًا من أمراض قد تهدد حياتك.

كثافة العناصر الغذائية

تعتمد كثافة العناصر الغذائية الواردة تاليًا على ما تحتويه من مركبات كيميائية نباتية، ونشاط مضادات الأكسدة، وإجمالي ما تحتويه من فيتامينات وأملاح معدنية.

واحد من أكثر مجالات البحث المذهلة التي ظهرت في السنوات الأخيرة مرتبط بالقيمة العلاجية للخضراوات الكرنبية، والتي تتضمن خضراوات عائلة الكرنب، وغيرها مثل الكالي، وخضراوات الكرنب اللارأسية، والجرجير، والقرنبيط، والبوك تشوي. والخضراوات الكرنبية لها أكثر الخواص المقاومة للسرطان مقارنة بجميع الأطعمة. ومعظم العناصر الغذائية النباتية تعمل كمضادات أكسدة في جسمك، وهو ما يعني أنها تعادل الجذور الحرة، فتجعلها غير مضرة وتقلل خطر الإصابة بالسرطان. والعناصر الغذائية النباتية التي توجد في الخضراوات الكرنبية تنشط أيضًا أجهزة التحكم في مضادات الأكسدة الموجودة في جسمك. وهذه المركبات الفريدة تنتقل في الجسم لمدة ثلاثة أو خمسة أيام بعد استهلاكها، وتقدم المساعدة والدعم لكثير من أجهزة الجسم، ما يمكنها من أداء وظائفها بفاعلية أكبر.
تحتوي الخضراوات على نسب عالية من الكاروتينات وغيرها من العناصر الغذائية الأخرى التي تقاوم الأمراض المرتبطة بالتقدم في السن. على سبيل المثال، السبب المؤدي إلى العمى المرتبط بالسن في أمريكا هو التنكس البقعي. وانخفاض نسب الكاروتينات في البقعة أصبح يعتبر الآن عامل خطر للإصابة بالتنكس البقعي. إذا تناولت خضراوات خمس مرات على الأقل أسبوعيًّا، ينخفض خطر إصابتك بها لأكثر من 86%. واللوتين والزيازانثين هي كاروتينات تتمتع بخصائص فعالة في مقاومة الأمراض. وقد وجد الباحثون أن الأشخاص الذين ترتفع لديهم نسبة اللوتين في الدم يتمتعون بأوعية دموية صحية للغاية، ولا يتعرضون لخطر الإصابة بالتصلب العصيدي، أو تنخفض احتمالات تعرضهم لهم كثيرًا.

نسب العناصر الغذائية إلى الوزن مضللة

أجرى الدكتور “ويليام هاريس” تحليلاً لمجموعات أساسية من الأطعمة وأسماها “حبوبًا أقل، خضراوات أكثر” رغم أنه لم يتحدث عن نشاط المركبات الكيميائية النباتية. ويشرح دكتور “هاريس” بالتفصيل سبب تصنيف الأطعمة وتحليلها وفقًا لنسب العناصر الغذائية إلى الوزن، وهي الطريقة المعتادة لتحديد القيمة الغذائية، باعتبارها مضللة وخادعة.

إن الناس لا يأكلون الطعام وفقًا لوزن معين، ولكن لحين يشعرون بالشبع على مستوى السعرات الحرارية والقيمة الغذائية. وهو يقارن تحليلاً للسبانخ مع تحليل للسبانخ مضافًا إليها الماء (حساء السبانخ)، ويظهر كيف أن الوزن (الماء المضاف) لا يغير القيمة الغذائية المستقبلة. فإذا حللنا العناصر الغذائية بناءً على الوزن، فإننا نعتقد خطأ أن السبانخ المضاف إليها الماء أقل بكثير في القيمة الغذائية.

كما يشرح “هاريس” السبب الذي يدفع القائمين على صناعة الأطعمة؛ خاصة مصنعي المنتجات الحيوانية، يعارضون تحليل القيمة الغذائية بناءً على ما تحتويه من سعرات حرارية. فالسبب في ذلك أن التصنيف وفقًا لنسبة العناصر الغذائية إلى الوزن يخفي كم تفتقد الأطعمة الحيوانية العناصر الغذائية، خاصة العناصر الغذائية المهمة المقاومة للسرطان. وكما يقول دكتور “هاريس”، فإن التصنيف وفقًا للعناصر الغذائية إلى الوزن “طريقة رائعة للإبقاء على سعرات حرارية زائدة، والكوليسترول والدهون المشبعة في النظام الغذائي، وهي طريقة رائعة للإصابة بتصلب الشرايين، والسمنة، والسرطان، وجميعها أمراض نعانيها بالفعل”.

تناول الطعام لتعزيز نظام غذائي يقوم على حساب كثافة القيمة الغذائية إلى السعرات الحرارية

• يسبب إنقاص الوزن بشكل دائم

• يطيل العمر

• يقلل الرغبة في تناول الطعام ويكبح الشعور بالجوع

• يحسن وظيفة الجهاز المناعي ومقاومة الأمراض

• له خصائص علاجية في التغلب على الأمراض

• يحمي من أمراض القلب، والسكتة الدماغية، والخرف الشيخوخي

• يعزز آليات إصلاح الخلايا التي تعمل على مقاومة السرطان

الدهون أساسية

صحيح أن أغلبنا يتناول الكثير من الدهون، ولكن الأبحاث العلمية تكشف أن تقليل كمية الدهون لحد كبير قد يكون مشكلة أيضًا، فقد تعلمنا أننا لا نستهلك كمية أكبر من المطلوب من الدهون فحسب، ولكن الأهم أننا نستهلك النوع الخاطئ من الدهون. فالأمريكيون يسرفون في تناول دهون سيئة، ولا يتناولون القدر الكافي من الدهون الأخرى التي نحتاج إليها للتمتع بالصحة المثالية.

الأحماض الدهنية الأساسية هي دهون غذائية متعددة اللاتشبع لا يمكن للجسم تصنيعها، ولكنها مطلوبة للصحة. وتعد الأحماض الدهنية الأساسية مهمة لبنية ووظائف أغشية الخلايا، كما أنها تعمل كمواد تسبق إفراز الهرمونات؛ التي تؤدي دورًا مهمًّا في الصحة. وهذه الدهون أساسية ليس فقط للنمو والتطور، ولكن أيضًا في الوقاية من الأمراض المزمنة وعلاجها.

الحمضان الدهنيان الأساسيان هما حمض اللينوليك؛ وهو دهن يحتوي على دهن الأوميجا 6، وحمض اللينوليك ألفا؛ وهو دهن يحتوي على دهن الأوميجا 3. ويمكن للجسم تصنيع الأحماض الدهنية الأخرى التي تسمى أحماضًا دهنية غير أساسية، من هذين الدهنين الأساسيين. ويصنع حمض أول ارتباط مزدوج له عند موضع الكربون السادس؛ ومن ثم جاءت تسميته بالحمض الدهني أوميجا 6، ويصنع حمض اللينوليك ألفا أول ارتباط مزدوج له عند موضع الكربون الثالث، ومن ثم جاءت تسميته الحمض الدهني أوميجا 3.

تتوقف الصحة المثالية على تحقيق توازن مناسب للأحماض الدهنية في النظام الغذائي. والنظام الغذائي المعاصر الذي يتبعه أغلبنا يزودنا بكمية أكبر من اللازم من الأوميجا 6، وكمية قليلة للغاية من الأوميجا 3. وهذا النقص النسبي في الأوميجا 3 له مخاطر كبيرة. كما أن استهلاك كمية أكبر من المطلوب من الأوميجا 6 يؤدي إلى ارتفاع نسب حمض الأراكيدونيك. وارتفاع نسب حمض الأراكيدونيك قد يؤدي إلى الالتهابات.

عندما نحصل على كمية غير كافية من الأوميجا 3، فإننا لا ننتج الكمية الكافية من DHA، وهي سلسلة طويلة من الأوميجا 3 التي تتمتع بخواص مقاومة للالتهابات. وارتفاع نسب حمض الأراكيدونيك وانخفاض نسب الأوميجا 3 قد يكون عاملًا مساهمًا في الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وأمراض المناعة الذاتية، وأمراض الجلد، والاكتئاب، وربما زيادة احتمالات الإصابة بالسرطان.

يمكن لأغلب الأمريكيين تحسين صحتهم إذا استهلكوا كمية أكبر من الأوميجا3 وكمية أقل من الأوميجا 6. أنا أنصح الأشخاص النباتيين وغير النباتيين على حد سواء أن يبذلوا جهدًا لتناول من 1 إلى 2 جرام من الأوميجا 3 يوميًّا.

نظام غذائي غني للغاية بالأوميجا 6 يجعل الأمور تزداد سوءًا؛ حيث يصنع الجسم كمية أقل من حمض DHA. فنحن نحتاج إلى القدر الكافي من DHA للتمتع بالصحة المثالية. وارتفاع نسب الأوميجا 6 تتنافس مع الإنزيمات الداخلة في إزالة إشباع الأحماض الدهنية (تحولها إلى دهون ذات سلسلة أطول) ويتداخل مع تحول حمض اللينوليك ألفا (أوميجا 3) إلى EPA و DHA. ولهذا فإن استهلاكنا العالي للدهون يسهم في النقص الذي نعانيه من دهون DHA.

إن نظامنا الغذائي المعاصر، الغني بزيوت الخضراوات والمنتجات الحيوانية، غني جدًّا بحمض الأوميجا 6، ويفتقر بشدة لحمض الأوميجا 3. وكلما ازدادت نسبة الأوميجا 6 إلى الأوميجا 3، ازداد خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري والأمراض الناجمة عن ظهور التهابات.

كما تفسد الدهون المشبعة والكوليسترول والدهون المتحولة التحول إلى DHA. ومن أفضل نتائج اتباع نظام غذائي غني بالأطعمة النباتية هي انخفاض نسب الدهون المشبعة والدهون المتحولة (دهون مضرة) والارتفاع النسبي في الأحماض الدهنية الأساسية (الدهون المفيدة). وقد تفتقر كل من النظم الغذائية التي تعتمد على اللحوم والنظم الغذائية النباتية لهذه الدهون الصحية إذا لم تحتو على القدر الكافي من الأوراق الخضراء، والبقوليات والمكسرات والبذور والأسماك. ومن ثم، عليك أن تقلل استهلاكك للأطعمة الدهنية التي تتناولها في العادة، وأن تكثر من تناول الجوز وبذور الكتان وفول الصويا والخضراوات الورقية الخضراء.

هناك شيء مريب في زيوت الأسماك

أغلب الشهرة المتعلقة بالآثار المفيدة للدهون الأساسية ركزت على زيوت الأسماك؛ التي ترتفع فيها نسبة EPA ؛ وهي دهن أوميجا 3. وأحد عيوب زيوت الأسماك هو أن أغلب الدهون تحولت بالفعل إلى نتن. إذا فتحت كبسولة من زيت السمك وتذوقتها، فستجد أن طعمها يشبه الجازولين. كثيرون من الناس لا يتحملون التجشؤ وعسر الهضم وإفراز رائحة تشبه رائحة السمك، ولكن قد تزيد نتانة الدهون العبء على الكبد. لقد لاحظت اعتلال وظائف الكبد في اختبارات الدم التي أجريت على قليل من المرضى الذين كانوا يأخذون كبسولات زيت السمك. وهذا العدد القليل من المرضى تعود وظائف الكبد لديهم لحالتها الطبيعة عندما يتوقفون عن تناول زيت السمك.

مؤخرًا رفع مناصرو حماية البيئة في كاليفورنيا دعوى قضائية بحق ثمانية من مصنعي وموزعي المكملات الغذائية بزعم، أن منتجات معروفة للمكملات الغذائية لزيوت أسماك تحتوي على مستويات غير آمنة وغير قانونية من ثنائي الفينيل متعدد الكلور أو PCBs ؛ وهي مواد كيميائية مسرطنة. وقد أثبتت الاختبارات أن نسبة PCBs في مكملات زيوت الأسماك الغذائية تختلف كثيرًا عن الجرعة الموصى بها وهي 12 نانوجرامًا إلى 850 نانوجرامًا في أكثر المنتجات المسرطنة. وقد زعمت الدعوى أن المصنعين ينتهكون قانون كاليفورنيا بعدم كشفهم عن نسب PCBs في منتجاتهم.

يثبط تناول كميات كبيرة من زيوت الأسماك الجهاز المناعي. وتقليل وظيفة الخلايا القاتلة الطبيعية ليس بالأمر الجيد، باعتبار أن دفاعنا المقاوم للعدوى والسرطان يتلاشى. ونظرًا لهذا التثبيط للجهاز المناعي، وأيضًا مشكلات السمية، فإنني لا أنصح عادة مرضاي بتناول كبسولات زيت السمك، ولكن تبقى هناك بعض الاستثناءات القليلة.

إن قدرة زيوت الأسماك تلك على تقليل نشاط الجهاز المناعي تجعلها مفيدة لبعض المرضى الذين يعانون أمراض المناعة الذاتية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي أو داء الأمعاء الالتهابي. وبعض مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي “يستجيبون لزيوت الأسماك” بينما لا يستجيب البعض الآخر لها. وأنا كثيرًا ما أجري تجربة تستمر لثلاثة أشهر على مكملات زيوت الأسماك لكي أحدد استجابة المريض. ومع مثل هؤلاء المرضى، تقل مخاطر الزيت المضاف مقارنة بالمزايا المحتملة؛ خاصة إذا أمكنهم تجنب العقاقير السامة. بالطبع، عند استخدام مكملات زيوت الأسماك الغذائية، فكر فقط في الأنواع عالية النقاوة، التي تخلو من نسب PCBs والزئبق.

حالة أخرى قد تكون زيوت الأسماك مفيدة فيها هم الأشخاص الذين لا يحولون دهون الأوميجا 3 إلى DHA بالقدر الكافي. وهؤلاء الأشخاص قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، والحساسية، وأمراض التهابات الجلد مثل الإكزيما. وهناك اختبارات دم تجرى لدى الأطباء لتحليل توازن الحمض الدهني على أغشية خلايا الدم الحمراء، وبالتالي تحدد نقص DHA أو الأوميجا 3. وكثيرًا ما يستفيد هؤلاء الأفراد من إضافة زيوت الأسماك أو DHA المشتق من نباتات. ويعد DHA
المصنع معمليًّا من الطحالب نوعًا نقيًّا من DHA خاليًا من الزئبق أو غيره من السموم. وهذا يجعل من السهل على الجسم تحمله، ولا يجعل مذاقه نتنًا أو ذا رائحة نفاذة.

هل السمك يقينا من الإصابة بأمراض القلب؟

هناك مكونان اثنان للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية: يجب أولًا أن تتكون لديك صفيحة تصلبية عصيدية. وهذه الصفيحة تتراكم على مدار سنوات عديدة من اتباع نظام غذائي يفتقر إلى الأطعمة النباتية غير المعدلة، وكل الأمريكيين تقريبًا لديهم صفيحة كهذه. وتثبت دراسات تشريح الجثث وجود تصلب عصيدي حتى لدى الغالبية العظمى من الأطفال الأمريكيين.

بمجرد أن تتراكم هذه الصفيحة الدهنية وتسد جزئيًّا شريانًا قلبيًّا، قد يتجلط الدم في مكان معيب أو ممزق في سطح الصفيحة. وهذه الجلطة تسمى خثرة، قد تكبر وتسد الوعاء الدموي بأكمله، ما يسبب نوبة قلبية أو توقفًا في سريان الدم أو سيره ضد التيار، فتعوق موقعًا قلبيًّا مختلفًا عن مكان الإصابة. والخثرة المتنقلة تسمى صمَّة. والصمة والخثرة هما سببا كل النوبات القلبية والسكتات الدماغية تقريبًا.

يحتوي السمك على أحماض أوميجا 3 الدهنية (EPA و DHA) التي تتداخل مع تجلط الدم بطريقة مماثلة لعمل الأسبرين. وبمجرد أن تصاب بتصلب عصيدي كبير، من المفيد أن تتناول عقاقير مضادة للتجلط، خاصة إذا كنت تتبع نظامًا غذائيًّا خطيرًا. وهذه الدهون المشتقة من الأسماك لها أثر أيضًا على حماية جدران الشرايين من التلف الذي قد تتعرض له من دهون أخرى. وبالنسبة للأشخاص الذين يتناولون منتجات حيوانية تحتوي على دهون مشبعة، من المفضل أن يتناولوا وجبة أو اثنتين من الأسماك الدهنية؛ كالسردين والسلمون والسلمون المرقط والهلبوت والماكريل، وأن يقللوا من تناول المنتجات الحيوانية الأخرى. أما تناول أكثر من وجبة أو اثنتين من الأسماك أسبوعيًّا، فلم يظهر أنه يقدم أية حماية إضافية.

إلا أن أفضل طريقة للوقاية من النوبات القلبية أو السكتات الدماغية هي اتباع نظام غذائي غني بالعناصر الغذائية لا يحتوي على أي منتجات حيوانية أو يحتوي على قدر قليل منها، ما يضمن أن مثل هذا الانسداد لا يتطور في المقام الأول. عندئذ لن يصبح من المهم تناول الأسماك. صحيح أن زيادة نسب هذه الدهون المهمة المشتقة من الأسماك في الدم تقلل احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية لحد كبير، ولكن على العكس من الاعتقاد الشائع، ليس النباتيون وحدهم ولكن أيضًا كل الأشخاص الذين يتبعون نظمًا غذائية تحتوي على قدر كبير من الأطعمة النباتية يحصلون على القدر الأكبر من أحماض الأوميجا 3 الدهنية طويلة السلسلة من مصادر غير الأسماك. في الواقع، السبب الذي يجعل الدهون المشتقة من الأسماك مثل EPA و DHA لا تعتبر دهونًا أساسية هو أن أغلب الناس لديهم إنزيمات تحول دهون الأوميجا 3 المشتقة من النباتات بسرعة إلى EPA و DHA

الأسماك هي سلاح ذو حدين، خاصة لأنه ثبت أنها تزيد خطر التعرض لنوبات قلبية إذا كانت ملوثة بالزئبق. ضع في اعتبارك أن الفنلنديين الذين يتناولون الكثير من الأسماك أيضًا، تمثل حالات الوفاة لديهم جراء الإصابة بأمراض في شرايين القلب أعلى نسبة في العالم. يبدو أن الآثار الوقائية للقلب الناجمة عن تناول سمكة صغيرة تضيع عند تناول الأسماك بكميات كبيرة، وأغلب الظن لأن الكثير من الأسماك تعرضك لنسب عالية من الزئبق، قد يعزز فوق أكسدة اللبيدات. وتحدث هذه العملية عندما تتفاعل دهون الجسم مع الأكسجين لتكوين مركب يؤدي دورًا كبيرًا في تطور أمراض مثل أمراض القلب والسكري والتهاب المفاصل.

كما أن من يتناولون الأسماك أملاً في تقليل احتمالات إصابتهم بأمراض قلبية قد يحصلون على أكثر مما أرادوه، ألا وهو ملوثات سمية، يحمل بعضها خطر الإصابة بالسرطان.

السمك هو أحد أكثر الأطعمة الملوثة التي نتناولها، وهذا قد يجعل مستهلكيه في خطر شديد للإصابة بسرطانات متعددة. وقد ربط العلماء الأورام الموجودة في الأسماك بالملوثات التي يتم تناولها من سلسلة الأطعمة البحرية، وهي نتيجة أكدها المعمل الوطني لصائدي الأسماك البحرية. في بعض الحالات، كما هي الحال مع مادة PCBs في السلمون والسلمون المرقط الموجود في البحيرات العظمى، من الممكن إثبات أن الفرد عليه أن يشرب مياه البحيرة لمدة مائة عام لكي تتراكم بداخله نفس كمية PCBs الموجودة في نصف وجبة سمك من هذه الأسماك، كما ذكر الأستاذ “جون جيه بلاك” الباحث العلمي الكبير في أبحاث السرطان بمعهد روزويل بارك للسرطان، أمام جمعية السرطان الأمريكية. فقد أبلغ العلماء أن تلوث الفحم المائي يوجد بتركيز عالٍ في السمك؛ من السمك المفلطح الذي يوجد في ميناء بوسطن وحتى السمك المفلطح الإنجليزي في بيودجيت ساوند. وترتفع معدلات الإصابة بالسرطان في نيو أورليانز؛ حيث الأسماك الطازجة والصدفية هي الأطباق الرئيسية للرحلات النهرية المحلية.

ارتفاع نسب الزئبق الموجود في الأمهات اللاتي يتناولن قدرًا أكبر من الأسماك مرتبط بالعيوب الخلقية، والنوبات المرضية، والتدهور الذهني والإعاقات التطورية والشلل الدماغي؛ وهذا في الغالب نتيجة تناول الأم للأسماك خلال الحمل. ويعتقد العلماء أن الأجنة يكونون أكثر حساسية بكثير إلى التعرض للزئبق من البالغين، رغم أن البالغين يعانون درجات متنوعة من التلف الدماغي الناتج عن استهلاك الأسماك، حتى إدارة الأغذية والأدوية، التي عادة ما تتجاهل التقارير المعنية بمخاطر ممارساتنا الغذائية الخطيرة، تقر بأن الأسماك الكبيرة مثل القرش وسمك أبو سيف لها مخاطر محتملة. ويعنى الباحثون أيضًا بسموم أخرى توجد في الأسماك التي قد تسبب تلفًا دماغيًّا قبل ظهور السرطان الذي تسببه المواد الكيميائية التي تحملها الأسماك.

قد يقلل أيضًا تناول السمك كفاءة الجهاز المناعي. فمن يتبعون نظمًا غذائية غنية بالأسماك تنخفض لديهم مؤشرات وظيفة الجهاز المناعي، ما يمثل دفاعًا أقل ضد العدوى والسرطانات. مشكلة أخرى مع السمك هي أنه نظرًا لأن زيوت الأسماك تثبط تجلط الدم، فهي تزيد احتمالات تعرض الأوعية الدموية الأرقِّ للنزيف، ما يسبب سكتة دماغية نزيفية. وفي الوقت الذي يقلل فيه تناول السمك خطر الإصابة بنوبات قلبية، قد يزيد احتمالات التعرض لمشكلة النزيف. فاستهلاك الأسماك بصورة منتظمة أو تناول مكملات غذائية بزيوت الأسماك يجب تجنبه إذا كان الشخص لديه تاريخ مرضي أو معرض لخطر الإصابة بسكتة دماغية نزيفية أو أي اضطرابات أخرى تؤدي للنزيف.

خلاصة القول هنا: اختر الأسماك وأعطها الأولوية عن أي منتجات حيوانية أخرى، ولكن اعلم أن المكان الذي جلب منه ونوع السمك أمر مهم. لا تقبل الأسماك التي يتم اصطيادها للتسلية من مياه مشكوك فيها. ولا تتناول أبدًا أي أسماك تحتوي على نسب عالية من الزئبق. لا تتناول الأسماك أكثر من مرتين أسبوعيًّا، وإذا كان لديك تاريخ مرضي مع السكتة الدماغية النزيفية، فقلل تناولك له لمرة واحدة شهريًّا.