هناك عدد من المواد الكيميائية المختلفة في البيئة لها تأثير ضار في الغدة الدرقية:
الفلورايد
يوجد الفلورايد في مجموعة من المواد الكيميائية تعرف بالهالوجينات؛ وتشتمل الهالوجينات الأخرى على الكلور، واليود، والبروم، ويمكن أن يسبب الفلورايد مشكلات في الغدة الدرقية؛ لأنه مماثل كيميائيًّا جدًّا لليود، وبالتالي لديه المقدرة على أن يحل محل اليود في الغدة الدرقية، ويتداخل مع إنتاج هرمونات الغدة الدرقية.
وبين حقبة الثلاثينات والسبعينات من القرن الماضي، كان الأطباء في أوربا وجنوب أمريكا يستخدمون الفلورايد كعقار لعلاج زيادة نشاط الغدة الدرقية، والفلورايد يوقف إنتاج هرمونات الغدة الدرقية، وبالتالي يقلل مستوى الهرمونات حتى يرجع إلى المستوى الطبيعي، وتكمن المشكلة في أن الفلورايد يستمر في وقف الغدة الدرقية عن العمل. ويضاف الفلورايد إلى ماء الشرب حاليًّا في العديد من الدول المتقدمة، ومنها أستراليا والعديد من المناطق في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو يُضاف بتركيز واحد في المليون بهدف تقليل الإصابة بتسوس الأسنان، ويوجد الفلورايد كذلك في العديد من الأطعمة المختلفة والأدوية والمواد الكيميائية، إضافة إلى أنه يمكن للجلد امتصاصه عند الاستحمام بماء يحتوي على الفلورايد. والحقيقة المخيفة هي أن العديد من الأشخاص يستهلكون اليوم الفلورايد بكميات تتخطى الكميات المطلوبة لوقف عمل الغدة الدرقية.
ويتراكم الفلورايد في أجسامنا؛ ما يعني أننا لا نقدر على التخلص منه كله، ومن ثم كلما تقدمت في العمر، زادت كمية الفلورايد المتراكمة في جسمك. ويعمل الفلورايد على إبطاء عملية إنتاج الغدة الدرقية لهرموني تي٣ وتي٤، وذلك لأنه يتداخل مع الإنزيمات الضرورية في عملية الإنتاج. ويوقف الفلورايد كذلك إفراز الهرمون المحفز للغدة الدرقية من الغدة النخامية، وبالتالي لا يتم تحفيز الغدة الدرقية لتفرز هرموناتها بالقدر الكافي. كما يمكن للفلورايد أن ينافس الهرمون المحفز للغدة الدرقية، ويرتبط بالمستقبلات الموجودة فيها، وبالتالي، فإن القليل من الهرمون المحفز للغدة الدرقية هو الذي يصل إليها، وعليه ينتج القليل من هرموني تي٣ وتي٤.
لماذا يضاف الفلورايد لماء الشرب؟
يحتوي الماء في بعض المناطق على بعض الفلورايد بشكل طبيعي، بينما في مناطق أخرى يضاف الفلورايد عن عمد إلى الماء، ويضاف الفلورايد إلى خزانات الماء بنسبة واحد في المليون بهدف تقليل الإصابة بتسوس الأسنان، ويعد هذا موضوعًا جدليًّا إلى حد كبير، حيث إن هناك دراسات تدعم فوائد الفلورايد، بينما أظهرت دراسات أخرى أن الفلورايد ليست له فوائد بالمرة في منع تآكل الأسنان، والطريقة الأكثر أمانًا لمنع تسوس الأسنان هي ممارسة العادات الصحية السليمة الخاصة بالأسنان، وتجنب أكل السكريات.
وقد يتسبب الابتلاع المفرط للفلورايد في مشكلات غير متعلقة بالغدة الدرقية. ففي الأطفال الصغار يمكن أن يؤدي الفلورايد الزائد إلى تسمم الأسنان بالفلور، وهو عبارة عن ظهور بقع في الأسنان نتيجة نقص تكوين مِينا الأسنان، وقد يؤدي التناول الزائد للفلورايد أيضًا إلى تسمم هيكلي بالفلور، وهي الحالة التي يترسب فيها الفلورايد في الهيكل العظمي، ويضعف العظام، وهذا يحدث بشكل أساسي في الدول النامية.
مصادر الفلورايد
من السهل أن يدخل الكثير من الفلورايد في جسمك، وذلك لوجوده في العديد من الأشياء، مثل:
• ماء الشرب. ولمعرفة إذا ما كان الفلورايد مضافًا إلى خزان الماء الخاص بك أم تواصل مع وكالة حماية البيئة في ولايتك. وإذا تم استخدام ماء مضاف إليه الفلورايد في تحضير طعام الأطفال، فإن ذلك يعرضهم إلى مزيد من الفلورايد يتراوح ما بين ١٠٠ و٢٠٠ ضعف الموجود في لبن الأم.
• معجون الأسنان. تحتوي معظم معاجين الأسنان التقليدية على الفلورايد، ولكن بعض المعاجين العشبية خالية منه.
• الشاي. يتراكم الفلورايد في الشاي أكثر من أي نبات آخر صالح للأكل، ويصل الفلورايد إلى الشاي بشكل أساسي من خلال التربة والهواء.
• المبيدات الحشرية التي يدخل الفلورايد في تركيبها. والمبيد الحشري الذي يدخل في تركيبه الصوديوم، والألومنيوم، والفلورايد هو أكثر أنواع المبيدات الحشرية الشائعة المستخدمة مع أكثر من ٣٠ نوع فاكهة وخضراوات مختلفة.
• المشروبات الغازية والفوارة.
• بعض الأدوية. تحتوي مضادات الاكتئاب من نوع مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية على الفلورايد، ومنها البروزاك، والزولوفت، والأروباكس.
لن يضر الفلورايد الشخص العادي إلا إذا استهلك كميات هائلة منه، وإذا كنت مصابًا بأحد أمراض الغدة الدرقية، أو هناك تاريخ عائلي مرضي من الإصابة بمشكلات الغدة الدرقية، فمن الأفضل أن تحاول تجنب الفلورايد. وإذا كان ماء الصنبور يحتوي على الفلورايد، فيمكنك شراء ماء الينابيع؛ وهناك العديد من الأنواع التي لا تحتوي على الفلورايد. ولا تزيل أغلب المصفيات الفلورايد من الماء، ولإزالته سوف تحتاج إلى مصفاة تعالج الماء بالتناضح العكسي. وسوف يسبب الفلورايد ضررًا أكبر إذا كنت تعاني نقصًا في اليود؛ وتسبب جميع المواد السامة للغدة الدرقية ضررًا أكبر لدى الأفراد المصابين بنقص اليود. ومن المثير للاهتمام أن تعرف أن العديد من بلدان أوربا الغربية منعت إضافة الفلورايد إلى الماء؛ بسبب المخاوف على الصحة العامة، ويخلو ٩٨٪ من الماء في أوربا من الفلورايد.
الكلور والبروم
الكلور والبروم من الهالوجينات أيضًا، بمعنى أن لهما تركيبًا مماثلًا لليود والفلورايد، وبالتالي يمكن أن يتداخلا في وظائف الغدة الدرقية. ويُستخدم الكلور بصورة كبيرة في تنقية الماء، ويستخدم في التطهير والتبييض، كما يُستخدم في صناعة الورق والدهانات والبلاستيك والمذيبات. وقد كشفت الدراسات التي أُجريت على الحيوانات أن الكلور يوقف إفراز هرمونات الغدة الدرقية، كما اكتشفت دراسة أجريت في مدينة كيبيك بكندا، أن التعرض إلى ثاني أكسيد الكلور الموجود في ماء الشرب يوقف وظائف الغدة الدرقية بشكل طفيف عند الرضع.
البروم هو سائل لونه بني مائل إلى الاحمرار، ويتبخر بسهولة في درجة حرارة الغرفة، والغاز الناتج عن البروم له رائحة خانقة، واسمه يأتي من الكلمة اليونانية brómos التي تعني الرائحة الكريهة، ويُستخدم البروم في العديد من المنتجات المستخدمة في الصناعة والزراعة، ويدخل في صناعة الوسائط غير القابلة للاشتعال، وفي مركبات تنقية الماء، والصبغات، ومنتجات التصوير الفوتوغرافي، وبعض الأدوية. كذلك يُستخدم البروم في الزيوت النباتية البرومينية التي تُستخدم كمستحلبات في العديد من المشروبات الغازية.
وأكثر الطرق التي يتعرض من خلالها العديد من الأشخاص إلى البروم، هي مثبطات اللهب البرومينية (بي إف أر) التي تُستخدم لمنع الاحتراق ومنع انتشار اللهب في العديد من المنتجات، بما في ذلك شاشات وصناديق أجزاء تشغيل الحاسب الآلي، والأجزاء الداخلية في السيارات الحديثة، والتليفزيونات، والأجهزة المنزلية، والهواتف الخلوية، والسجاجيد، وحشو البولي يوريثان المستخدم في الأثاث والفراش وغيرها من المنتجات. ويطلق البروم الغاز بسهولة في الهواء، وقد عثر عليه في دم الإنسان، والكبد، والدهون، ولبن الأم. وقد وجد أن مثبطات اللهب البرومينية تعرقل عمل هرمونات الغدة الدرقية، وتنافس هرمون الإستروجين، وتعزز فرص الإصابة بالسرطان.