إن الشعب الأمريكي من أوائل شعوب العالم التي أمطرت نفسها بوابل من الأطعمة الفقيرة في العناصر الغذائية ومرتفعة السعرات الحرارية، والتي كثيرا ما تسمى سعرات فارغة أو أطعمة خالية من القيمة الغذائية. ونحن نعني “بالسعرات الفارغة” الأطعمة التي تفتقر إلى العناصر الغذائية والألياف. وازدياد أعداد الأمريكيين الذين يتناولون هذه الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية دون ممارسة أي نشاط مزيج خطير.
إن السمنة هي مشكلة الصحة الأولى في الولايات المتحدة. وإذا استمر الاتجاه الحالي، فبحلول عام 2048 سيعاني كل البالغين في الولايات المتحدة زيادة في الوزن أو السمنة. وتقدر المعاهد الوطنية للصحة أن السمنة مرتبطة بزيادة ثنائية الجانب في معدل الوفيات، وتكلف المجتمع أكثر من 100 مليار دولار سنويّا. وهذا الأمر على وجه الخصوص محبط لمتبعي الحميات لأنه بعد إنفاقهم أموالا طائلة في محاولة إنقاص أوزانهم، فإنهم يستعيدون كل الوزن مرة أخرى بل وأكثر في غضون ثلاث سنوات. وهذا المعدل الذي لا يصدق من الإخفاق ينطبق على الغالبية العظمى من خطط وبرامج وحميات إنقاص الوزن.
تفرض السمنة ومضاعفاتها تحديا خطيرا على الأطباء. فأطباء الرعاية الأولية وإخصائيو علاج السمنة يفشلون في إحداث تغيير ملموس على صحة أغلب مرضاهم على المدى الطويل. حيث تظهر الدراسات أن إنقاص الوزن في البداية يتبعه اكتساب وزن في وقت لاحق.
لعل من يحملون جينات وراثية تجعلهم يخزنون الدهون بكفاءة أعلى كانوا يتمتعون بميزة البقاء منذ آلاف السنين؛ وذلك عندما كان الطعام نادرا، أو في أوقات المجاعات. ولكن في ظل مخزن الأطعمة المعاصرة التي نعيش فيه فإنهم يفقدون ميزة البقاء تلك. والأشخاص الذين يعاني آباؤهم السمنة يرتفع خطر إصابتهم بالسمنة عشرة أضعاف. على الصعيد الآخر، تميل العائلات التي تعاني السمنة لرعاية حيوانات أليفة سمينة أيضا، الأمر الذي ينفي أن يكون السبب وراثيّا في أصله. ومن ثم، فإن السبب الحقيقي يعود إلى خيارات الأطعمة، وعدم ممارسة النشاط، وحمل جينات وراثية تسبب السمنة. الأهم من ذلك، أنه لا يمكن للمرء أن يغير جيناته؛ فإلقاء اللوم عليها غير مجد على الإطلاق. وبدلا من إلقاء نظرة على ما يسبب السمنة، لا يزال الأمريكيون يبحثون عن علاج معجزة: حمية سحرية أو أية وسيلة أخرى ذكية خالية من أي جهد.
والسمنة ليست مجرد مشكلة عالمية، فالوزن الزائد يؤدي إلى وفاة مبكرة، كما تؤكد العديد من الدراسات. ومن يعانون زيادة الوزن ترتفع احتمالات إصابتهم بسبب كل الأسباب؛ التي تتضمن أمراض القلب، والسرطان. وثلثا من يعانون الوزن الزائد يعانون أيضا فرط التوتر، والسكري، وأمراض القلب وغيرها من الحالات المرتبطة بالسمنة. وهذا سبب رئيسي للوفاة المبكرة في الولايات المتحدة.8 ونظرا لأن النظام الغذائي لا ينجح على الإطلاق تقريبا، وأن المخاطر الصحية للسمنة تهدد الحياة أيضا، يتجه المزيد والمزيد من الناس لتناول العقاقير والخضوع لعمليات جراحية لإنقاص الوزن بقوة.
التبعات الصحية للسمنة
• ارتفاع عام في حالات الوفاة المبكرة
• الإصابة المبكرة بالسكري
• فرط التوتر
• التهاب المفاصل التنكسي
• أمراض شرايين القلب
• اضطراب نسب الدهون
• انقطاع النفس أثناء النوم
• حصوات المرارة
• تسرب الدهون من الكبد
• أمراض الرئة المقيدة
• الأمراض المعوية
جراحات إنقاص الوزن ومخاطرها
وفقا للمعاهد الوطنية للصحة، فإن مشكلات حدوث جروح وتطورات تخثر الدم هي نتائج شائعة لعمليات فتح مسار مَعِدي وجراحات رأب المعدة. كما ذكرت المعاهد الوطنية للصحة أيضا أن من يخضعون لمعالجة جراحية للسمنة يعانون كثيرا من مشكلات نقص العناصر الغذائية والتمثيل الغذائي والتهاب المعدة، والتهاب المريء، وضيق مجرى الإخراج وفتق البطن. وأكثر من 10 % منهم يحتاجون لعملية أخرى لإصلاح المشكلات الناجمة عن الجراحة الأولى التي خضعوا لها.
حميات خطيرة
بالإضافة إلى الخضوع لجراحات خطيرة للغاية، أُمْطِرَ الأمريكيون بوابل من الحميات المضللة التي تعد بمكافحة السمنة. وكل هذه الحميات تقريبا غير فعالة، ولا تنجح على الإطلاق؛ ذلك لأنه مهما أنقصت من وزن وأنت تتبع الحمية، فإنك تستعيده من جديد بمجرد أن تتوقف عنها. وقياس النسب ومحاولة تناول سعرات حرارية أقل، أو ما يعرف شيوعا “بالحمية”، لا ينتج عنه إنقاص الوزن بصفة دائمة، بل إنه في الواقع يزيد المشكلة مع الوقت. ومثل هذه “الحمية” تبطئ معدل التمثيل الغذائي لديك بشكل مؤقت، ما يؤدي في أغلب الأحيان لاستعادة وزن أكبر من الذي أنقصته، فتنتهي بك الحال أثقل وزنا مما كنت عليه عندما بدأت في اتباع الحمية. وهذا يؤدي إلى الزعم القائل: “لقد جربت كل شيء، ولا شيء ينجح. قطعا المشكلة وراثية. من عساه لن يفقد الأمل؟”.
لعلك تعرف بالفعل أن “الحل” التقليدي لزيادة الوزن – واتباع حمية منخفضة السعرات الحرارية – لا يؤتي ثماره. ولهذا السبب البسيط الذي كثيرا ما نغفل عنه فإن زيادة الوزن بالنسبة لغالبية الناس لا تنتج عن كمية الأطعمة التي يتناولونها، وإنما عن نوعية الأطعمة التي يتناولونها. وفكرة أن الأشخاص تزداد أوزانهم لأنهم يستهلكون كميات كبيرة من الأطعمة هي أسطورة؛ فتناول كميات كبيرة من الأطعمة المناسبة هو سبيلك للنجاح، وهو ما يجعل هذه الخطة تنجح فيما ما بقي من حياتك. فما يؤدي لزيادة الوزن لدى كثير من الأشخاص ليس تناولهم كميات كبيرة جدّا من الأطعمة، وإنما حصولهم على نسب أعلى من السعرات التي يستهلكونها من الدهون والنشويات المعدلة، أو أطعمة فقيرة بالعناصر الغذائية على الأغلب. وهذه الحمية الفقيرة بالعناصر الغذائية تضمن بيئة خلوية تفضلها الأمراض.
بصرف النظر عن معدل تمثيلك الغذائي أو جيناتك الوراثية، يمكنك أن تصل إلى وزن طبيعي بمجرد أن تبدأ في اتباع نظام غذائي غني بالعناصر الغذائية. ونظرا لأن أغلب الأمريكيين يعانون زيادة في الوزن، فإن المشكلة ليست وراثية في الأساس. ورغم أن الجينات أمر مهم في هذه المشكلة، يظل دور النشاط البدني واختيارات الأطعمة أهم بكثير. ففي الدراسات التي أجريت على توائم متطابقة لديهم ميل لزيادة الوزن، وجد العلماء أن النشاط البدني هو أكبر محدد بيئي لإجمالي كتلة الدهون في الجسم ككل وفي منطقة البطن تحديدا. والأشخاص الذين لديهم تاريخ مرضي مع السمنة أيضا ينقصون أوزانهم بكفاءة عند زيادة نسبة النشاط البدني وإدخال تعديلات مناسبة على النظام الغذائي.
في أغلب الوقت، يكون السبب وراء زيادة الوزن هو ممارسة نشاط بدني في أضيق الحدود، هذا إلى جانب اتباع نظام غذائي يحتوي على سعرات حرارية كبيرة، وعناصر غذائية منخفضة. واتباع نظام غذائي يفتقر إلى الألياف، وتناول أطعمة غنية بالسعرات الحرارية؛ كالزيوت والنشويات المعدلة، هو المتهم الأساسي في هذه المشكلة.
طالما أنك تتناول أطعمة غنية بالدهون ونشوية معدلة، فمن المستحيل أن تنقص وزنك بطريقة صحية. في الحقيقة، نجد هذا المزج المضر بين اتباع أسلوب معيشة يتسم بكثرة الجلوس وتناول الأطعمة الأمريكية “المعتادة” (غنية بالدهون، ومنخفضة الألياف) هو السبب الأساسي الذي يجعل مشكلة زيادة الوزن بيننا شائعة لحد لا يصدق.
قتل الجيل التالي
كثير من الأشخاص سيفعلون أي شيء يعزز علاقة الحب القائمة بينهم وبين الأطعمة التي تسبب الأمراض، ويضحون بصحتهم في هذه العملية. وكثيرون من الناس يفضلون ألا يعرفوا مخاطر النظام الغذائي غير الصحي الذي يتبعونه لأنهم يعتقدون أنه سيتعارض مع المتعة التي يستمدونها من تناول الطعام. وهم مخطئون في ذلك؛ فتناول طعام صحي قد يؤدي لمتعة أكبر.
إذا كنت مضطرّا للتخلي عن شيء تجد فيه متعتك، فإن عقلك الباطن قد يفضل أن يتجاهل الدليل الراسخ أو يدافع عن وجهات نظر ليس لها أي أساس منطقي. وكثيرون من الناس يدافعون بشراسة عن عاداتهم غير الصحية في تناول الطعام. بينما يزعم آخرون: “أنا أتبع بالفعل نظاما غذائيّا صحيّا”، رغم أنهم لا يفعلون.
هناك رفض عام للتغيير. وهذا يجعل من الأسهل بكثير أن تنغرس بداخلنا منذ نعومة أظافرنا عادات صحية لتناول الطعام وأن نعرف الأهمية العلمية لجودة النظام الغذائي. ولكن مع الأسف، أصبح الأطفال يتناولون أطعمة سيئة التغذية أكثر مما كانوا يتناولونه فيما مضى.
إن أغلب الأمريكيين لا يدركون أن النظام الغذائي الذي يطعمونه لأطفالهم يضمن نسبة أعلى للإصابة بالسرطان على طول الطريق. بل إنهم لا يفكرون أيضا أن تناول الوجبات السريعة قد يكون خطيرا (أو ربما أكثر خطورة) من السماح لأطفالهم بتدخين السجائر.
أنت لن تسمح لأطفالك بأن يجلسوا حول مائدة الطعام بينما يدخنون السجائر أو يتناولون الشراب؛ لأنه أمر غير مقبول اجتماعيّا، ولكن لا بأس أن تسمح لهم بتناول الكولا، والأطعمة المقلية في دهون متحولة، وتناول برجر الجبن بصفة منتظمة. فكثيرون من الأطفال يتناولون الكعك المقلي والبسكويت والكاب كيك والحلويات بصفة يومية. من الصعب على الآباء أن يفهموا الهدم الخادع والبطيء لجينات أطفالهم الوراثية ووضع أساس الإصابة بأمراض خطيرة من خلال تناولهم هذه الأطعمة.
من غير الواقعي أن نشعر بالتفاؤل حيال صحة وسلامة الجيل التالي في ظل وجود هذه الزيادة غير المسبوقة في متوسط أوزان الأطفال في هذا البلد ووجود مستويات قياسية لسمنة الأطفال. وقد ذكرت دراسة القلب التي أجريت بمدينة بوجالوسا عام 1992 أغلب الأخبار المؤسفة التي بحثت في تشريح جثث أطفال ماتوا في حوادث. وأكدت الدراسة وجود صفائح دهنية وشرائط (بدايات التصلب العصيدي) لدى أغلب الأطفال والمراهقين! وخلص هؤلاء الباحثون إلى أن: “هذه النتائج تؤكد الحاجة إلى طب وقائي للقلب في سن مبكرة”. أظن أن “طب القلب الوقائي” هو مصطلح ملتف يعني تناول أطعمة صحية.
وفي دراسة تشريحية أخرى ظهرت في دورية نيو إنجاند جورنال أوف مديسين أكدت أن أكثر من 85 % من البالغين ما بين الحادية والعشرين وحتى التاسعة والثلاثين يعانون بالفعل تصلبا عصيديّا وتغيرات في شرايين القلب. كما تغطي الشرائط الدهنية والشرائح الليفية مناطق كبيرة من شرايين القلب. وكلنا نعرف أن الأطعمة التي تفتقر إلى العناصر الغذائية ليست صحية، ولكن قليلين هم من يفهمون عواقبها؛ التي تؤدي للإصابة بأمراض تهدد الحياة. من الواضح أن النظم الغذائية التي نتبعها في مرحلة الطفولة لها تأثير قوي على صحتنا المستقبلية والموت المبكرة في نهاية المطاف.
هناك بيانات عديدة تقترح أن النظام الغذائي المتبع في مرحلة الطفولة له تأثير أكبر على حالات الإصابة اللاحقة بأنواع معينة من الأمراض السرطانية مقارنة باتباع نظام غذائي يفتقر إلى العناصر الغذائية في وقت لاحق من العمر. ومن المقدر أن 25% من أطفال المدارس يعانون السمنة هذه الأيام وهي نسبة كبيرة. والطفل الذي يعاني زيادة في الوزن يصاب بأمراض القلب في مرحلة مبكرة من حياته. كما تقترح بيانات الوفيات أن زيادة الوزن في مرحلة مبكرة من فترة البلوغ أكثر خطورة من زيادة الوزن بالقدر نفسه في وقت لاحق من العمر.
الأدوية ليست الحل
تطرح الأسواق أدوية جديدة بصفة منتظمة تميل لتقليل نتائج عادات شعبنا الخاصة بتناول الطعام التي تدمر الذات. في أغلب الأحيان، يعامل مجتمعنا المرض بعد ظهور المرض التنكسي؛ وهو مرض ناتج عن ثلاثين إلى ستين عاما من نقص العناصر الغذائية.
تحاول شركات الأدوية والباحثون تطوير وتسويق عقاقير تعالج جذور وباء السمنة. وهذا النهج محكوم عليه بالفشل دوما؛ فالجسم سوف يدفع دائما ثمن تناول الأدوية، وهو ما له دوما آثار سامة. الآثار “الجانبية” ليست الأثر السام الوحيد للعقار؛ فالأطباء يتعلمون في دراستهم الأولية لعلم العقاقير في كلية الطب أن كل العقاقير سامة بنسب متنوعة، سواء ظهرت آثار جانبية أم لا. ويؤكد أساتذة علم العقاقير على ضرورة عدم إغفال هذا الأمر أبدا، فلا يمكنك أن تهرب من القوانين الحيوية الثابتة للأثر والنتيجة من خلال هضم مواد طبية.
إذا لم ندخل تغييرات كبيرة على الأطعمة التي نختار تناولها، فإن تناول العقاقير التي يصفها الأطباء لن يحسن صحتنا أو يزيد أعمارنا. وإذا كنا نتمنى أن نحمي صحتنا، فنحن بحاجة لأن نبعد السبب. يجب أن نتوقف عن إيذاء أنفسنا بتناول الأطعمة التي تسبب الأمراض.
الأشخاص النحفاء يعيشون حياة أطول
في دراسة صحة الممرضات، درس الباحثون العلاقة بين مؤشر كتلة الجسم ومعدل الوفيات بشكل عام، ومعدل الوفيات لأسباب محددة لدى أكثر من 100000 سيدة. وبعد قصر التحليل على غير المدخنات، اتضح بما لا يدع مجالا للشك أن السيدات الأطول عمرا كن الأكثر نحافة. وخلص الباحثون إلى أن إرشادات الولايات المتحدة الخاصة بالوزن التي تتسم بتساهل مزايد، غير مبررة ومضرة لحد كبير.
وتقول الدكتورة “آيمن لي” أستاذ كلية الطب بجامعة هارفارد إن دراستها التي استمرت سبعة وعشرين عاما على 19297 رجلا أنها وجدت أنه ليس هناك ما يعرف بالنحافة الزائدة (من الممكن بالطبع أن تكون نحيفا بشكل زائد: ولكن هذا الأمر غير شائع ويسمى القهم). فمن بين الرجال الذين لم يدخنوا على الإطلاق، حدثت أقل نسبة في معدلات الوفيات في الخمسة الأقل وزنا. وبالنسبة لمن كانوا ضمن الرجال الأكثر نحافة، التي بلغت نسبتهم 20 % في أوائل الستينيات، فقد كانوا أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب مرتين ونصف المرة بحلول عام 1988 مقارنة بالخمسة الأعلى وزنا. وبوجه عام، كان أكثرهم نحافة أكثر عرضة لأن يظلوا على قيد الحياة عام 1988 مقارنة بالرجال الأعلى وزنا. وقالت “لي”: “لاحظنا وجود علاقة مباشرة بين وزن الجسم ومعدلات الوفاة. وأعني بذلك أن خُمس الرجال الأكثر نحافة واجهوا أقل نسبة وفيات، وزادت نسب الوفيات بحد كبير بين الأشخاص الأثقل وزنا”. المغزى هنا هو ألا تحكم على وزنك المثالي من خلال جداول إنقاص الوزن التقليدية، التي تستند إلى متوسطات الأمريكيين الذين يعانون زيادة الوزن. وبعد دراسة متروية لخمس وعشرين دراسة كبرى تتناول هذا الموضوع، وجدت أن الدليل يشير إلى أن الوزن المثالي، كما يحدده من يعيشون حياة أطول، يحدث بين الأشخاص الذين تقل أوزانهم بنسبة 10 % على الأقل عما تشير إليه متوسطات جداول أوزان الجسم. وأغلب إرشادات إنقاص الوزن الواردة تاليا لا تزال تضع العامة عرضة للخطر من خلال تعزيز معيار غير صحي لزيادة الوزن. ووفقا لحساباتي، تصل نسبة الأمريكيين الذين يعانون زيادة في الوزن إلى 85 % وليست 70 % فقط كما تشير تلك الجداول.
كلما زاد محيط خصرك، قل عمرك الافتراضي
كقاعدة ذهبية: للتمتع بصحة مثالية وعيش حياة مديدة، يجب أن ألا يزداد سُمك الجلد الذي يمكن الإمساك به عند منطقة الخصر (السرة) أكثر من نصف بوصة بالنسبة للرجل، وبوصة كاملة بالنسبة للمرأة. وأي دهون تقريبا تتراكم في الجسم فوق هذا الحد الأدنى تعد مؤشرا خطيرا. إذا ازدادت كمية الدهون مقدارا ضئيلا ولو 4.5 كيلوجرام منذ سن الثامنة عشرة أو العشرين، فمن الممكن أن تكون معرضا لمواجهة مخاطر صحية متزايدة مثل أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والسكري. الحقيقة أن أغلب الأشخاص الذين يعتقدون أن أوزانهم مثالية، لا تزال هناك كمية كبيرة للغاية من الدهون في أجسامهم.
ويستخدم مؤشر كتلة الجسم كمؤشر مناسب لخطر زيادة الوزن، وكثيرا ما يستخدم في الأبحاث الطبية. ويتم حساب مؤشر كتلة الجسم بقسمة الوزن بالكيلوجرامات على مربع الطول بالأمتار.
ومؤشر كتلة الجسم الذي يتعدى 24 يعتبر زائد الوزن، والذي يتعدى 30 يعاني السمنة. إلا أنه من السهل بالنسبة لغالبيتنا الاكتفاء باستخدام قياس محيط الخصر.
أنا أفضل قياس محيط الخصر ومقاييس الدهون الموجودة في منطقة البطن، لأن مؤشر كتلة الجسم قد يكون مرتفعا بشكل غير دقيق إذا كان الشخص رياضيّا ولديه كتلة عضلية كبيرة. وعلى النحو الأمثل، يجب أن يكون مؤشر كتلة جسمك أقل من 23، إلا إذا كنت ترفع الأثقال ولديك كمية كبيرة من العضلات. ويجب قياس محيط الخصر عند منطقة وسط البطن.
وجهة النظر التقليدية هي أن الرجال الذين يزداد محيط الخصر لديهم عن 101 سم، والسيدات اللاتي يزيد محيط الخصر لديهن عن 88.9 سم يعانون زيادة كبيرة في الوزن ويرتفع خطر إصابتهم بمشكلات صحية وأزمات قلبية. ويقترح الدليل أن مقياس دهون منطقة البطن هو مؤشر أفضل للخطر مقارنة بالوزن أو الحجم العام. والدهون التي تتراكم حول خصرك تمثل خطرا أكبر على الصحة مقارنة بتراكم دهون إضافية في أماكن أخرى كالأرداف والأفخاذ.
ماذا لو كنت تشعر بأنك نحيف أكثر من المطلوب؟ إذا كنت تعاني كمية كبيرة من الدهون في جسمك وتشعر بأنك نحيف للغاية، فعليك أن تمارس التمارين الرياضية وتبني عضلات ليزداد وزنك. كثيرا ما يأتيني مرضى ويخبرونني بأنهم يبدون نحفاء للغاية، أو أن أصدقاءهم وأفراد أسرهم يخبرونهم بأنهم يبدون نحفاء للغاية، رغم أنه لا يزال واضحا أنهم يعانون زيادة في الوزن. ضع في اعتبارك أنه وفقا لمعاييرهم فإنك قد تكون نحيفا للغاية، أو على الأقل أكثر نحافة منهم. السؤال الذي يجب أن تطرحه، هل المعيار الخاص بهم صحي؟ أشك في ذلك. في كلتا الحالتين: لا تحاول أن تجبر نفسك على الإسراف في تناول الطعام ليزداد وزنك! لا تتناول سوى كمية الطعام التي تسد الجوع الذي تشعر به، وليس أكثر. إذا كنت تمارس التمارين الرياضية، فسوف تزداد شهيتك استجابة لذلك. يجب ألا تحاول أن تزيد وزنك بمجرد تناول الطعام؛ لأن هذا لن يضيف إليك سوى مزيد من الدهون، لا عضلات. والدهون الإضافية – بصرف النظر عما إذا كنت تحب الطريقة التي تبدو عليها وأنت أسمن بعض الشيء أو لا – سوف تقلل عمرك الافتراضي.
بمجرد أن تبدأ في تناول طعام صحي، قد تجد أنك تزداد نحافة عما كنت تتوقع. أغلب الأشخاص أنقصوا أوزانهم حتى وصلوا إلى الأوزان المثالية ثم توقفوا عن إنقاص الوزن، فالوزن المثالي هو شيء فردي، ولكن من الأصعب أن تفقد عضلاتك مقارنة بالدهون؛ لذلك بمجرد أن تتخلص من الدهون الموجودة في جسمك، سوف يثبت وزنك. والثبات على جسم نحيف تملؤه العضلات يحدث عندما يعطيك جسمك إشارات قوية بأن تتناول الطعام، الإشارات التي أسميها “الجوع الحقيقي”. والجوع الحقيقي يحافظ على عضلاتك، لا على دهونك.
الطريقة الوحيدة لتعيش حياة طويلة وصحية أكثر
هناك دليل دامغ لا سبيل لتفنيده على زيادة العمر الافتراضي للفرد من خلال وضع قيود على النظام الغذائي، فتقليل السعرات الحرارية التي تحصل عليها هو الأسلوب التجريبي الوحيد لزيادة عمرك الافتراضي بشكل ثابت. وقد ثبت ذلك في كل اختبارات الأنواع؛ بدءا من الحشرات والأسماك وحتى الفئران والقطط. وهناك مئات الدراسات التي تثبت ذلك؛ وهو ما جعلنا نورد عددا قليلا منها فيما يلي.
لطالما عرف العلماء أن الفئران التي تتناول سعرات حرارية أقل تعيش حياة أطول. ويؤكد الباحثون النتيجة نفسها في الرئيسيات (أي أنت). وقد وجدت دراسة نشرت في الأكاديمية الوطنية للعلوم أن تقليل السعرات الحرارية بنسبة 30 % تزيد العمر الافتراضي في القردة. والحميات التجريبية، رغم أنها تزود الجسم بتغذية كافية، فإنها أبطأت معدل التمثيل الغذائي لدى القردة كما خفضت درجة حرارة أجسامهم، وهي تغيرات مشابهة للتغيرات التي حدثت في الفئران النحيفة التي عاشت عمرا مديدا. كما لوحظ أيضا انخفاض مستويات ثلاثي الجليسريد وزيادة نسبة الكوليسترول المفيد. والدراسات على مدار الأعوام، والتي أجريت على أنواع عديدة ومختلفة من الحيوانات، أكدت أن هذه الحيوانات التي حصلت على كمية أقل من الطعام عاشت حياة أطول. في الحقيقة، فإن السماح للحيوانات بتناول كمية الطعام التي تحلو لها قد تقلل أعمارها الافتراضية حوالي النصف تقريبا.
ونتجت عن تناول أطعمة غنية بالعناصر الغذائية ومنخفضة السعرات الحرارية زيادات هائلة في العمر الافتراضي وأيضا في الوقاية من أمراض مزمنة. من القوارض وحتى الرئيسيات نرى:
• مقاومة للأمراض السرطانية التي تثيرها التجارب.
• وقاية من الأمراض السرطانية التلقائية والوراثية.
• تأخرا في بدء ظهور الأمراض في حياة متقدمة.
• عدم ظهور تصلب عصيدي وسكري.
• انخفاض نسبة الكوليسترول وثلاثي الجلسيريد وزيادة نسبة الكولسترول المفيد.
• تحسن الحساسية للأنسولين.
• تحسن آلية المحافظة على الطاقة؛ بما في ذلك خفض حرارة الجسم.
• انخفاض نسبة الإجهاد التأكسدي.
• تراجع مقاييس تقدم الخلية في العمر، التي تتضمن الاحتقان الخلوي.
• تحسن آليات التصليح الخلوي، وتتضمن إنزيمات تصليح الحمض النووي الريبوزي.
• انخفاض الاستجابة للالتهابات وتكاثر الخلايا المناعية.
• تحسن آليات الدفاع المقاومة للضغوط البيئية.
• قمع التغيرات الجينية المرتبطة بالتقدم في السن.
• حماية الجينات المسئولة عن التخلص من الأكسجين النشط.
• تثبيط توليد المستقبلات التي تعد عوامل ربط فعالة.
• إبطاء معدل التمثيل الغذائي.
والعلاقة بين النحافة وطول العمل، والسمنة وقصر العمر الافتراضي علاقة ملموسة. ومن الاعتبارات الأخرى المهمة في دراسات أخرى أجريت على الحيوانات أن الحد من الدهون والبروتينات له تأثير آخر على زيادة العمر الافتراضي. من الواضح أن الحصول على كمية أعلى من الدهون والبروتين يعزز إفراز الهرمونات، ما يسرع عملية البلوغ وغيرها من مؤشرات التقدم في السن ويعزز نمو أورام معينة. على سبيل المثال، ثبت أن الإفراط في تناول البروتين يرفع مستويات عامل نمو شبيه الأنسولين، التي ترتبط بارتفاع نسب سرطان البروستاتا وسرطان الثدي.
في مجال أبحاث طول العمر الواسعة، هناك نتيجة واحدة صمدت على مدار السنوات: وهي أن تناول كميات أقل من الطعام يطيل العمر، طالما أننا نمد الجسم بالعناصر الغذائية الكافية. وكل الأفكار الأخرى المرتبطة بطول العمر هي مجرد تخمين غير مثبت بالأدلة. ومثل هذه النظريات تتضمن الحصول على هرمونات مثل الإستروجين وديهيدرو إيبي أندروستيرون أو DHEA (هرمون السعادة) وهرمونات النمو، والميلاتونين، وأيضا المكملات الغذائية. وحتى الآن، ليس هناك دليل راسخ على أن إمداد الجسم بكميات وفيرة من العناصر الغذائية سوف يطيل العمر. وهذا يتنافى مع الدليل الشائع الخاص بتقليل البروتين والسعرات الحرارية.
وهذه النتيجة المهمة غير القابلة للشك سمة مهمة لمعادلة الصحة =عناصر غذائية/سعرات حرارية. وجميعنا يجب أن يدرك أننا لكي نصل إلى مدى الحياة البشرية، ليس علينا أن نسرف في تناول أطعمة غنية بالسعرات الحرارية. أما تناول أطعمة تزود الجسم بسعرات حرارية فارغة فإنه يجعل من المستحيل التمتع بالصحة المثالية والوصول لأقصى قدراتنا الوراثية.
لكي تتجنب الإسراف في تناول الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية، املأ معدتك بأطعمة غنية بالعناصر الغذائية
نتيجة مباشرة مهمة لمبدأ تقليل الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية هي أن الطريقة الوحيدة التي تضمن للفرد أن يجني مزايا تقليل السعرات الحرارية بأمان، ويتأكد في الوقت نفسه من أن نظامه الغذائي مغذ بالقدر الكافي هي أن يتجنب قدر الإمكان أكبر قدر ممكن من الأطعمة التي تفتقر إلى العناصر الغذائية.
وهذا صحيح بالفعل، فهذا هو الاعتبار الذي يجب وضعه في الحسبان عند تحديد ما تتناوله. ونحن بحاجة لأن نتناول أطعمة تحتوي على القدر الكافي من السعرات الحرارية حتى لا نحتاج لتناول الكثير من السعرات الحرارية “الفارغة” لكي نلبي متطلباتنا الغذائية. وتناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية والألياف، ومنخفضة السعرات الحرارية، “يملأ بطوننا”، ما يقينا من الإسراف في تناول الطعام.
لكي تفهم سبب نجاح هذه الآلية، لنستعرض كيف يتحكم المخ في رغبتنا في تناول الطعام. هناك منظومة معقدة من المستقبلات الكيميائية في الأعصاب التي تبطن الجهاز الهضمي تراقب بعناية السعرات الحرارية وكثافة العناصر الغذائية لكل قضمة تتناولها، وترسل هذه المعلومات إلى الوطاء (ما تحت المهاد) في المخ؛ الذي يتحكم في رغبتنا في تناول الطعام.
وهناك أيضا مستقبلات شد في المعدة لتشير إلى الشبع من خلال اكتشاف كمية الطعام المتناولة، وليس وزنها. وإذا لم تمتلئ معدتك بالعناصر الغذائية والألياف، فسوف يرسل المخ إشارات تخبرك بأن تتناول المزيد من الطعام، أو أن تسرف في تناوله.
في الحقيقة، إذا تناولت القدر الكافي من العناصر الغذائية والألياف، فسوف تمتلئ معدتك (بالعناصر الغذائية) بفعل الكيمياء الحيوية وتمتلئ ب (الألياف) ميكانيكيّا. وسوف تقل رغبتك في تناول سعرات حرارية أو تمتنع عن ذلك. وأحد العوامل المهمة التي تحدد ما إذا كنت ستعاني زيادة في الوزن هو فشلك في تناول القدر الكافي من الألياف والعناصر الغذائية. وقد أثبتت الدراسات العلمية هذا الأمر.
كيف ينجح ذلك فعليّا؟ دعونا نقل إننا ندير تجربة علمية ونلاحظ مجموعة من الأشخاص من خلال قياس متوسط عدد السعرات الحرارية التي يتناولونها في كل وجبة عشاء. بعد ذلك، نعطيهم برتقالة كاملة وتفاحة كاملة قبل العشاء. سوف تكون النتيجة أن المشاركين سوف يقللون كمية السعرات الحرارية التي يحصلون عليها، في المتوسط وفقا لعدد السعرات الحرارية الموجودة في الفاكهة. والآن، بدلا من إعطائهم فاكهتين، أعطهم الكمية نفسها من السعرات الحرارية من عصير الفاكهة.
ماذا سيحدث؟ سوف يتناولون القدر نفسه من الطعام مثلما فعلوا عندما لم يتناولوا أي شيء في بداية وجبتهم. بعبارة أخرى – فإن العصير لم يقلل تناولهم للسعرات الحرارية في الوجبة؛ ولكنه أصبح سعرات حرارية إضافية بدلا من ذلك. وقد ثبت أن الأمر نفسه يحدث عند تناول المشروبات الخفيفة، أو المشروبات الكحولية وغيرها من العصائر الغنية بالسعرات الحرارية.
السعرات الحرارية السائلة – من دون الألياف الموجودة في الطعام برمته – لها تأثير قليل على كبح رغبتنا في الحصول على سعرات حرارية. وتظهر الدراسات أن عصائر الفاكهة وغيرها من المشروبات المحلاة تؤدي إلى السمنة لدى الأطفال أيضا.
إذا كنت جادّا بشأن إنقاص وزنك، فلا تشرب عصائر الفاكهة، بل تناول الفاكهة. فالكثير من الألياف والكثير من العناصر الغذائية تتم إزالتها عند عصرها، كما تضيع الكثير من العناصر الغذائية المتبقية في الوقت المستغرق في معالجتها وتسخينها وتخزينها. إذا لم تكن زائد الوزن، فإن تناول عصائر طازجة هو أمر مقبول طالما أنها لا تعمل كبديل لتناول هذه الفاكهة والخضراوات الطازجة. وليس هناك بديل عن الأطعمة الكاملة الطبيعية.
يميل كثيرون منا للإيمان بالسحر؛ فالناس يريدون أن يؤمنوا بأنه بالرغم من حماقتنا ومغالاتنا، يبقى بإمكاننا أن نتمتع بالصحة المثالية بتناول قرص، أو مسحوق أو أية جرعة دوائية أخرى، إلا أن هذا الأمر زائف، وأمل أسكتته كثير من الأدلة العلمية. ليس هناك سحر. ليست هناك أقراص سحرية لإنقاص الوزن. كل ما هناك هو العالم الطبيعي بقانونه ونظامه، بالسبب والنتيجة، وإذا أردت أن تنقص وزنك من الدهون بأمان، فإنه يجب أن تتبع نظاما غذائيّا يحتوي على قدر كبير من الأطعمة غير المعدلة، والغنية بالعناصر الغذائية والألياف.
ماذا لو كان معدل التمثيل الغذائي لديّ بطيئا؟
قد يتأثر وزن جسمك قليلا بالعوامل الوراثية، ولكن هذا الأثر ليس قويّا. الأهم من ذلك أنني مقتنع بأن وراثة معدل تمثيل غذائي بطيء ما يجعلك تميل لاكتساب الوزن ليس عيبا أو خطأ، ولكنه ميزة وراثية يمكنك الاستفادة منها. كيف يكون ذلك ممكنا؟ بطء التمثيل الغذائي مرتبط بطول العمر الافتراضي في كل أنواع الحيوانات. ويمكننا أن نتأمل أنه إذا عاش إنسان منذ ستين ألف سنة أو بضع مئات السنين، فإن بطء معدل التمثيل الغذائي قد يزيد فرصه في الصمود، بما أن الحصول على القدر الكافي من السعرات الحرارية كان صعبا. على سبيل المثال، غالبية الرواد الأوائل الذي وصلوا لشواطئنا على سفينة المايفلاور لقوا مصرعهم في أول شتاء لهم. فهم لم يتمكنوا من تصنيع أو إيجاد الطعام الذي يكفي لتناوله، وبالتالي فإن من كانوا يتمتعون بميزة بطء التمثيل الغذائي هم الذين صمدوا أمام هذه الظروف.
كما يمكنك أن ترى، ليس من السيئ دوما أن يكون معدل تمثيلك الغذائي بطيئا، بل قد يكون ذلك مفيدا. بالطبع هو أمر سيئ في بيئة اليوم التي تتسم بتناول الطعام دون توقف، واتباع نظام غذائي غني بالسعرات الحرارية وانخفاض العناصر الغذائية. طبعا هذا الأمر سوف يزيد خطر إصابتك بالسكري وأمراض القلب والسرطان، في ظل الأنماط التي نتبعها اليوم في تناول الأطعمة. ولكننا إذا اتخذنا خيارات الأطعمة الصحيحة لكي نحافظ على وزن طبيعي، فإن أصحاب معدل التمثيل الغذائي البطيء يكبرون في السن ببطء أكبر.
إن أجسامنا أشبه بماكينة، فإذا أدرناها بسرعة عالية، فسنُستهلك في وقت أقل. ونظرا لأن الحيوانات بطيئة التمثيل الغذائي تعيش حياة أطول، فإن تناول المزيد من السعرات الحرارية، يزيد معدل تمثيلنا الغذائي، وهو ما يجعلنا نتقدم في السن بشكل أسرع. وعلى العكس مما سمعته وقرأت عنه فيما مضى، يجب أن نهدف للعكس: أن نتناول كميات أقل، فقط ما يكفينا لنحافظ على وزن نحيف وعضلات قوية، ليس أكثر، لكي نبقي معدلات تمثيلنا الغذائي بطيئة نسبيّا.
لذلك، كف عن القلق بشأن معدل تمثيلك الغذائي، فمعدل التمثيل الغذائي الأبطأ الناتج عن اتباع حمية غذائية ليس السبب الأساسي لمشكلة وزنك. ضع هذه النقاط الثلاث المهمة في اعتبارك:
1. تتراجع معدلات التمثيل الغذائي في أوقات الراحة بعض الشيء عنها في أوقات الحصول على سعرات حرارية أقل، ولكنها لا تنخفض كثيرا بالقدر الذي يثبط إنقاص الوزن.
2. تعود معدلات التمثيل الغذائي في أوقات الراحة إلى معدلاتها الطبيعية بعد وقت قصير من تناول السعرات الحرارية. ومعدل التمثيل الغذائي المنخفض لا يظل منخفضا على الدوام، ويجعل اتباع حمية غذائية في المستقبل أكثر صعوبة.
3. الانخفاض المفاجئ في معدل التمثيل الغذائي بسبب اتباع حمية غذائية لا يشرح دوائر إنقاص/اكتساب الوزن الذي يمر بها كثير ممن يعانون زيادة الوزن. وهذه التقلبات في الوزن سببها الأساسي اتباع حمية غذائية للإقلاع عنها. ومن الصعب على وجه الخصوص أن تظل ملتزما بنظام غذائي سعراته الحرارية محدودة ولا يشبع أبدا احتياجات الجسم للعناصر الغذائية والألياف والمركبات الكيميائية النباتية.
إن من لديهم ميل وراثي لزيادة الوزن قد تكون بداخلهم صفة وراثية تخولهم عيش حياة أطول من بقيتنا. والسبيل إلى العمر المديد الذي يعيشونه يكمن في اختيار نظام غذائي غني بالعناصر الغذائية والألياف، ومنخفض السعرات الحرارية، وأيضا ممارسة القدر الكافي من النشاط البدني. ومن خلال تعديل كمية العناصر الغذائية إلى السعرات الحرارية في نظامك الغذائي للتحكم في معدل تمثيلك الغذائي، يمكنك أن تبطئ معدل تمثيلك الغذائي لصالحك. وعندما تحافظ على وزن طبيعي بالرغم من بطء تمثيلك الغذائي، سوف تتمكن من زيادة عمرك الافتراضي بشكل كبير.
فرصة غير مسبوقة في التاريخ البشري
العلم وتطور نظم التبريد والنقل الحديثة أتاحت جميعها لنا أطعمة عالية الجودة وغنية بالعناصر الغذائية. وأتاح لنا مجتمع اليوم المعاصر أكبر كمية من الأطعمة الطبيعية الطازجة والمثلجة في التاريخ البشري. وباستخدام الأطعمة المتاحة لنا اليوم، يمكننا أن نبتكر نظما غذائية وقوائم أطعمة تحتوي على كمية أكبر من العناصر الغذائية المتنوعة عما كان ممكنا في أي وقت مضى. لديك خيار واضح: يمكنك أن تعيش حياة طويلة وصحية أكثر من أي وقت مضى، أو يمكنك أن تفعل ما تفعله الغالبية العظمى من السكان؛ بأن تتناول الأطعمة التي تسبب الأمراض والوفاة المبكرة. ونظرا لأنك تقرأ هذا الموضوع، فإنك قد اخترت أن تعيش حياة طويلة وصحية أكثر وسوف تتمتع بحياة أكثر سعادة وإمتاعا.