التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

آليات التأقلم مع الضغوط

إننا نميل إلى بناء دفاعات ضد مثيرات الضغوط، والبحث عن طرق لمقاومتها. وفي بعض الحالات، تكون هذه الدفعات مصممة بشكل خاص من أجل التعامل مع الضغوط الحادة أو المزمنة. وفي حالات أخرى، تهدف هذه الدفاعات إلى التعامل مع الحياة بشكل عام. وعادة ما تسمى هذه الدفاعات بآليات التأقلم. وهي تتيح لنا استخدام الأساليب والتوجهات من أجل التعامل مع ضغوط الحياة الحديثة وعيش حياة هانئة. كما أنها تلعب دورًا حيويًّا بالطبع في العيش في العالم الواقعي، ولكن يجب استخدامها بحكمة وفهم على حقيقتها.

التحدي

تمثل آليات التأقلم طريقة تأخذ من خلالها عقولنا وأجسادنا إجازة داخلية من الضغوط. وتستخدم هذه الآليات في مكانها المناسب من أجل مساعدتنا على التعامل مع ضغوط الحياة اليومية، وهي تختلف باختلافنا جميعًا. وسواء كنا نستخدم آليات التأقلم بطريقة واعية أو نستخدمها دون معرفة فعلية، فإنها تتميز بفائدة كبيرة في السماح لنا بالإبحار عبر الحياة الحديثة، والبقاء منتجين وسعداء في مواقعنا. كما أنها ربما تصبح سلبية، وتتيح لنا تجنب الأسباب الحقيقية للضغوط والتعامل معها بشكل واع. ويعتقد معظم الخبراء أنه من المقبول أن نستخدم بعض أشكال آليات التأقلم، طالما أننا لا نعتمد عليها كثيرًا. ويتمثل التحدي في فهم طبيعة آليات التأقلم العامة، ونوعية الآليات التي ربما نستخدمها، وكيفية التفرقة بين آليات التأقلم الجيدة عن تلك التي ربما تكون سيئة واستخدامها بفاعلية في التعامل مع الضغوط التي تنتابنا.

الحقائق

إننا نتبع آليات معقدة لمواجهة عالم مثير للتحدي. وفي بعض الأوقات، لا نكون قادرين على مواجهة هذا العالم وجهًا لوجه، ونضطر إلى اللجوء إلى آليات التأقلم. وتتميز بعض هذه الآليات بأنها جيدة؛ حيث تساعدنا على التعامل مع الضغوط بشكل بناء. وهناك آليات أخرى سلبية؛ حيث تدفعنا إلى تجنب الأسباب الأساسية للضغوط، فتبني حائطًا من آليات التأقلم التي تحجب عنا بالفعل الأمور التي تتسبب في إثارة الضغوط في حياتنا. ويعتقد الخبراء أننا جميعًا نعتمد على نوع أو آخر من أنواع آليات التأقلم، وأنها ليست سيئة بالضرورة، ولكن الخطر يكمن في الاعتماد كثيرًا على الآليات، وعدم إدراك كيفية استخدامنا إياها, وفي بعض الحالات، ربما تعمل بداخلنا مجموعة من آليات التأقلم.

ورغم وجود مجموعة متنوعة من آليات التأقلم، فإن معظمها تقريبًا يندرج تحت فئة أو أكثر من ثلاث فئات عامة، تمثل التأقلم استنادًا إلى العمل أو استنادًا إلى الانفعالات. ويساعدنا فهم هذه الفئات على فهم آليات التأقلم. وهذه الفئات هي:

–  البيولوجية/الجسدية؛ يستخدم الجسم الأنظمة الداخلية من أجل المساعدة على التأقلم مع الضغوط. وغالبًا ما تثير هذه الفئة استجابة الكر أو الفر نحو الضغوط.
–  المعرفية؛ تعتمد على العملية المعرفية التي تعالج بها الضغوط. وتعتمد الاستجابات المعرفية على التقديرات الأساسية والثانوية للموقف. ويحدث التقدير الأساسي عندما تقوم بتقييم واع للأمر المطروح. ويحدث التقدير الثانوي عندما تسأل عما يمكنك القيام به، من خلال تقييم آليات التأقلم المتاحة أمامك. وعادة ما يرتكز الأسلوب المعرفي على إدراكك مقدار تحكمك في الظروف.
–  التعلم؛ الذي يفترض أن الكثير من حوافزك وسلوكياتك يعد نتيجة لما تتعلمه من خبراتك في الحياة.

في بعض الأوقات، ربما نواجه قدرًا كبيرًا من الضغوط، إذا فرض علينا القيام بدور مقدم الرعاية. وهذا يعني أن نصبح مسئولين عن صحة أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء المقربين، الذين يحتاجون إلى اهتمام خاص، عادة بسبب حالته الصحية. ويجب علينا وقتها تحقيق التوازن بين متطلبات تقديم الرعاية وبين الأمور التي يجب علينا القيام بها في حياتنا اليومية. وربما يؤدي هذا إلى الوقوع تحت وطأة ضغوط هائلة يمكننا الاختباء منها عن طريق استخدام آليات التأقلم التي تفصلنا عن الشعور بالقلق. وعلى غرار التعامل مع الضغوط، يجب أن يتجاوز مقدمو الرعاية آليات التأقلم، ويبحثوا عن طرق إيجابية للتعامل مع هذه الضغوط الفريدة:

–  وضع جدول مواعيد عملي يتيح لك تقديم الرعاية والحفاظ على عناصر حياتك؛
–  إبلاغ الشخص الذي تقدم له الرعاية بأنه ربما تكون هناك أوقات لن تكون متاحًا فيها، ولكن تأكد من وضع خطة للدعم وطريقة للاتصال بك؛
–  وضع الحدود؛ حيث تدع الشخص الذي تقوم برعايته يعرف الأوقات التي ربما لن تكون متاحًا فيها بسهولة، والأمور التي يجب القيام بها حال غيابك؛
–  العمل بشكل وثيق مع الطاقم الطبي، بما في ذلك الممرضات الزائرات، من أجل التأكد من قيامك بتقديم مستوى جيد من الرعاية دون أن تثقل كاهلك بالأعباء التي لا ضرورة لها؛
–  الاحتفاظ بتوجه إيجابي حيال زوال هذا الأمر وأنه لن يدوم طويلًا؛
–  البحث عن طرق من أجل الاسترخاء عندما لا تكون جزءًا من بيئة تقديم الرعاية؛
–  ممارسة التدريبات الرياضية بانتظام، والامتناع عن التدخين وتناول الكحوليات؛
–  التأكد من حصولك على قدر كاف من الراحة والنوم، فلن تكون قادرًا على القيام بدور جيد في تقديم الرعاية إذا كنت تعاني التعب؛
–  استخدام التنفس العميق والتصورات الموجهة من أجل اجتياز ضغوط تقديم الرعاية.

الحلول

لا يستطيع معظمنا إدراك الوقت الذي نعتمد فيه على آليات التأقلم، والتأثيرات التي ربما يتركها علينا. فربما تضرب الآلية بجذورها في حياتنا لدرجة أننا لم نعد نلحظ وجودها. وفي هذا الوقت يستطيع أي معالج مدرب وكفء، من خلال المحادثة، اكتشاف الكيفية التي تتعامل بها مع الضغوط، وما إذا كانت آليات التأقلم تتسبب في حدوث أضرار أكثر من المنافع، أم لا. ويستطيع المعالج وقتها مساعدتك على اجتياز هذا الاعتماد على آليات التأقلم ومواجهة مشكلاتك بصراحة.

تتنوع آليات التأقلم اعتمادًا على حالتك النفسية وخبراتك في التعامل مع الضغوط. وفي بعض الحالات، ربما يتم استخدامها بشكل منفرد، وفي حالات أخرى، يمكن استخدامها معًا في نوع من أنواع الدمج العلاجي. ورغم احتمال تميزك بالإبداع في تشكيل آليات التأقلم واستخدامها، فإن هناك عددًا من الآليات الشائعة لمعظمنا:

–  التظاهر؛ حيث لا نتأقلم، ولكن نستسلم لضغوط التصرف بشكل سيئ بسبب مثيرات الضغوط في حياتنا.
–  كبح الأهداف؛ حيث نقوم بخفض سقف طموحاتنا لكي نقبل ما يبدو أكثر قابلية للتحقيق.
–  استجابة الهجوم التي تخبرنا بأن نجرب هزيمة أي شيء يثير التهديد.
–  التجنب، الذي ربما يحدث من الناحية العقلية أو الناحية الجسدية؛ حيث تتجنب الشيء الذي يثير لديك الضغوط.
–  التقسيم، الذي يفصل بين الأفكار والمواقف المتعارضة ويضعها في أقسام مستقلة نتعامل معها وقت الضرورة.
–  التعويض، الذي يجعلنا نعوض حدوث ضعف ملموس في أحد المجالات عن طريق اكتساب القوة في مجال آخر.
–  التحويل؛ حيث تتحول الضغوط إلى أعراض جسدية عن طريق عقلك اللاواعي.
–  الإنكار، الذي يعني رفضك الإقرار بأن حدثًا ما قد وقع، أو ترك آثارًا سلبية عليك.
–  الإزاحة، تحويل الإجراء المستهدف إلى نحو شيء نرى أنه هدف مضمون بدرجة أكبر.
–  الانفصال؛ حيث تفصل نفسك عن جوانب حياتك التي تثير الضغوط.
–  التخيل، الذي يستبدل بالحياة الواقعية عالمًا متخيلًا من الاحتمالات التي يمكنك الهروب إليه، كلما احتجت إلى ذلك.
–  إضفاء الطابع المثالي؛ حيث تقوم بإلقاء الضوء على الجوانب الجيدة لموقف ما، وتتجنب قيود الأشياء الأخرى التي ربما ترغبها.
–  المماثلة؛ حيث تقوم بتقليد الآخرين في قبول الأشياء التي تعتقد أنها مزايا نافعة.
–  العقلنة، التي تساعدك على تجنب الانفعالات المخيفة عن طريق التركيز على حقائق ومنطق أحد المواقف فحسب.
–  الاستدماج؛ حيث تقوم بوضع منبهات خارجية في الاعتبار.
–  العدوان السلبي؛ حيث تتجنب إغضاب أي شخص، أو ترفض التعامل مع موقف مثير للضغوط عن طريق اتباع أساليب التجنب السلبي.
–  الإسقاط، عندما ترى مشاعرك غير المرغوبة في الآخرين، وربما تبدي تعليقاتك عليها.
–  التبرير، عندما تخلق أسبابًا منطقية لتبرير سلوكيات غير صحيحة.
–  تشكيل الاستجابة التي تتيح لك تجنب بعض أنواع المواقف، عن طريق اتخاذ وضع مخالف تمامًا، بغض النظر عن ماهية الموقف.
–  النكوص، الذي يتيح لك العودة إلى حالة شبيهة بالأطفال من أجل تجنب مشكلات البالغين.
–  الكبت؛ حيث تقوم بدفن مشاعرك المزعجة وإخفائها.
–  التجسيد هو مصطلح آخر لتحويل المشكلات النفسية إلى حالات جسدية.
–  التسامي؛ حيث تقوم بتوجيه طاقتك النفسية إلى أنشطة مقبولة.
–  القمع، الذي يتيح لك التراجع المقصود عن الرغبات المطلوبة.
–  الترميز الذي يحول الأفكار غير المرغوبة إلى رموز مجازية يسهل التعامل معها.
–  التهوين الذي نستخدمه على نطاق واسع؛ حيث ننظر إلى الأحداث المهمة على أنها صغيرة أو غير مهمة بالفعل.
–  الإبطال، وهي الأعمال التي تبطل عمل أخطاء المعتدي نفسيًّا.