بالنسبة إلى معظم الأشخاص، لا تشكل حالات الحرقة أو الإسهال العارض مدعاةً للقلق. ولا يلجأ الناس عادةً إلى الأطباء إلا حين تستمر العوارض الهضمية أو تسوء. وبمقدور الطبيب أن يشخص مصدر المشكلة بوقت قصير. إذ يكفيه عادةً إجراء فحص جسماني بالإضافة إلى طرح أسئلة حول العوارض وعادات الأكل والتمارين الجسدية والروتين اليومي.
غير أنه في كثير من الأحيان، يحتاج الطبيب قبل إعطاء التشخيص إلى إجراء بعض الاختبارات. والواقع أنّ اختبارات التشخيص مفيدة جداً خاصةً حين تشير العوارض إلى أكثر من سبب محتمل. ومن شأن الاختبارات أيضاً أن تؤكد التشخيص الأولي للطبيب.
ويعتمد نوع الاختبار الذي يخضع له المريض على العوارض بالإضافة إلى موضعها وحدتها وتواترها. وفيما يلي بعض من أبرز الاختبارات المعتمدة لتشخيص المشاكل الهضمية.
تحاليل الدم
غالباً ما تشكل تحاليل الدم الخطوة الأولى في سبيل التشخيص. ويعود ذلك إلى سهولة إجرائها من جهة، ولأنها تعطي الطبيب فكرة عامة عما يدور في جسد المريض من جهة ثانية. وقد يطلب الطبيب عدة تحاليل، بما في ذلك أحد التحاليل التالية أو بعضها:
• التعداد الكامل لكريات الدم (CBC): يقيس هذا التحليل عدداً من خصائص الدم بما في ذلك عدد الكريات الحمراء والبيضاء. فانخفاض عدد الكرات الحمراء (فقر الدم) قد يقترن بنزف معدي معوي. أما ارتفاع عدد الكريات البيضاء فقد يشير إلى وجود إنتان أو التهاب.
• تحاليل الكبد: تقيس هذه التحاليل بعض الأنزيمات والبروتينات في الدم. وفي حال وجود خلل في وظيفة الكبد، غالباً ما تكون معدلاتها غير طبيعية.
• قياس مستوى الكاروتين والفيتامين ب -12 وأملاح حامض الفوليك (folate): فإن كان مستوى هذه المغذيات في الدم غير طبيعي، قد يشير ذلك إلى أنّ الأمعاء لا تمتص المغذيات من الطعام (مشكلة سوء امتصاص).
• قياس مستوى الالكتروليت: من شأن حالات التقيؤ أو الإسهال الحادة أن تسبب انخفاضاً في مستوى الكتروليت الصوديوم والبوتاسيوم في الدم. والانخفاض الحاد لمستوى البوتاسيوم قد يعرض المصاب إلى مشاكل في القلب.
تحاليل البول والبراز
من شأن تحليل البول أن يساعد أحياناً على التعرف على أسباب نادرة لألم البطن أو الإسهال، وذلك عبر الكشف عن مستويات غير طبيعية لمواد معينة يتم التخلص منها في البول.
وقد يطلب الطبيب عينة عن البراز في حالات الإسهال الحاد للتحقق من وجود طفيليات أو بكتيريا (أو سموم مقترنة بها) من شأنها أن تكون مسؤولة عن الإسهال. وبإمكان تحاليل البراز أن تكشف أيضاً ارتفاعاً في مستوى الدهن في البراز، مما يشير إلى مشكلة سوء امتصاص.
ومن تحاليل البراز الشائعة أيضاً تحليل الدم البرازي المستتر. ويسمح بالتحقق من وجود دم خفي ناجم عن السرطان أو عن أمراض أخرى قد تسبب نزفاً معوياً، كالقروح أو مرض الأمعاء الالتهابية.
وقد يشكل تحليل الدم البرازي المستتر جزءاً روتينياً من اختبار الكشف عن سرطان القولون والمستقيم لدى من هم بسن الخمسين وما فوق. غير أنّ النزف ليس عارضاً مشتركاً بين جميع الأمراض السرطانية، وفي حال سبب السرطان نزفاً، يكون النزف متقطعاً. بالتالي، قد يُظهر التحليل نتيجة سلبية بالرغم من وجود سرطان. كما أنه ثمة أطعمة تحتوي على مواد كيماوية بمقدورها أن تؤدي إلى نتيجة خاطئة. ومن هذه الأطعمة البروكلي والملفوف واللحم الأحمر نصف المطهو، التي تشير إلى وجود دم في البراز بالرغم من عدم صحة ذلك. بالمقابل، تخفي ملحقات الفيتامين C النتيجة الإيجابية وتمنع تغير لون الشريط بالرغم من وجود الدم.
وثمة تحليل آخر للدم في البراز يدعى (Hemoquant test)، تم تطويره في مايو كلينك، يقل فيه احتمال النتائج الخاطئة. غير أنّه أكثر كلفة كما أنّ إجراؤه أكثر تعقيداً من التحليل السابق.
بالتالي، فإن كثيراً من الأطباء، بما في ذلك الأطباء العاملون في مايو كلينك، ينصحون باعتماد وسائل أخرى للكشف عن سرطان القولون والمستقيم، عوضاً عن تحليل الدم البرازي المستتر أو بالإضافة إليه. وتشتمل هذه الاختبارات على التنظير السيني مع إجراء أشعة إكس للقولون أو تنظير للقولون.
صور الأشعة السينية
تمثل هذه الاختبارات خطوة أولى أخرى لتشخيص المشاكل الهضمية وذلك لبساطة إجرائها نسبياً أيضاً. ويعتمد نوع أشعة إكس الذي يخضع له المريض على موضع العوارض.
أشعة إكس لأعلى المعدة والأمعاء
يستخدم هذا الاختبار سلسلة من صور أشعة إكس للبحث عن مشاكل في المريء والمعدة والجزء الأعلى من المعى الدقيق (الاثنا عشري). ويساعد الصيام قبل التصوير على إخلاء المعدة من الطعام والسوائل، مما يسهل رؤية الظواهر غير الطبيعية.
ويقوم طبيب الأشعة بتثبيت جهاز أشعة إكس فوق المريض إن كان متمدداً، أو أمامه إن كان واقفاً. ويطلب منه في بداية العملية ابتلاع سائل أبيض مكثف يحتوي على الباريوم. والباريوم مادة كيميائية معدنية من الفئة القلوية تغلف بطانة القناة الهضمية مؤقتاً وتُظهر البطانة بشكل أوضح على أفلام أشعة إكس. وقد يُطلب أيضاً من المريض ابتلاع سائل أو أقراص مسببة للغازات، مثل بيكاربونات الصوديوم، وذلك لشدّ المعدة وفصل ثناياها مما يتيح رؤية أفضل للبطانة الداخلية.
ويتبع طبيب الأشعة مرور الباريوم في المعدة على شاشة فيديو. إذ تسمح مراقبة الباريوم بالكشف عن المشاكل من خلال كيفية عمل الجهاز الهضمي. فعلى سبيل المثال، بمقدور أشعة إكس أن تُظهر إن كانت العضلات التي تتحكم بالبلع تعمل بشكل سليم أثناء تقلصها واسترخائها. كما تكشف هذه الأشعة وجود ورم أو قرحة أو تضيّق في المريء.
وقد تستغرق العملية بكاملها ساعتين. فيمر الباريوم في الجهاز الهضمي بأكمله مسبباً برازاً أبيض لعدة أيام. ويعتبر الإمساك من الآثار الجانبية الشائعة، ولكن يمكن تفاديه بشرب كمية وافرة من السوائل بعد إجراء الاختبار. وقد يصف الطبيب أيضاً استعمال مسهلات أو حقن شرجية أو مزيجاً من الاثنين للمساعدة على إزالة الباريوم.
أشعة إكس للأمعاء الدقيقة
إن اشتبه الطبيب بوجود مشكلة في المعي الدقيق، كالانسداد مثلاً، يتم تمديد أشعة إكس لأعلى المعدة والأمعاء كي تشمل المعي الدقيق بأكمله. وتلتقط صور الأشعة عادةً على فترات متباعدة تتراوح بين 15 إلى 30 دقيقة أثناء انتقال الباريوم في المعي. وتستغرق العملية مدة قد تصل إلى أربع ساعات، من لحظة ابتلاع الباريوم وحتى بلوغ السائل الجزء الأخير من المعي الدقيق (المعي اللفيفي النهائي). وفور بلوغ الباريوم القولون، ينتهي الاختبار. وهنا أيضاً قد يصف الطبيب استعمال المسهلات أو الحقن الشرجية أو كليهما.
أشعة إكس للقولون
يتيح هذا الاختبار للطبيب فحص القولون بكامله بأشعة إكس بحثاً عن قروح أو تضيّق أو أورام في البطانة (سليلات) أو جيوب صغيرة فيها (رتوج) أو سرطان أو غير ذلك من الظواهر الشاذة.
والواقع أنّ حقنة الباريوم الشرجية ليست سوى تسمية أخرى لأشعة إكس للقولون. إذ يتم تحرير الباريوم في القولون بواسطة أنبوب يُدخل في المستقيم. وتستلزم هذه العملية إخلاء القولون من بقية الطعام. لذا يضطر المريض إلى أن يحصر غذاءه، لمدة يوم واحد أو يومين، بالسوائل الصافية فقط كالمرق والجيلاتين والقهوة والشاي والمشروبات الخالية من الكحول. وقد يُعطى قبل الاختبار مسهلاتٍ أو حُقناً شرجية للمساعدة على تفريغ القولون.
وأثناء تصوير القولون بالأشعة، يستلقي المريض على جنبه تحت آلة التصوير. ثم يعمد طبيب الأشعة إلى إدخال أنبوب رقيق مشحّم في المستقيم. ويرتبط هذا الأنبوب بكيس من الباريوم الذي يغلف جدران القولون بحيث تظهر بطانته بوضوح أكبر في صورة الأشعة. ومع تصريف الباريوم ببطء في القولون، يشعر المريض بحاجة إلى التبرز. غير أنّه ثمة بالون صغير مرتبط بالأنبوب ومثبت في أسفل القولون أو المستقيم، يساهم في منع الباريوم من الخروج.
يشاهد طبيب الأشعة شكل القولون وحالته على شاشة تلفاز مثبتة على آلة الأشعة. وأثناء امتلاء القولون بالباريوم، يُطلب من المريض الاستدارة والاستلقاء بأوضاع مختلفة لإعطاء مشاهد مختلفة لهذا الجزء من الأمعاء. وفي بعض الأحيان يقوم الطبيب بتحريك القولون وذلك بالضغط بقوة على البطن وأسفل الحوض. كما أنه قد يحقن هواءً في الأنبوب لتمديد القولون وتحسين الرؤية.
بعد انتهاء الفحص الذي يستغرق عموماً حوالي 20 دقيقة، يخفض الطبيب كيس الباريوم، مما يسمح للجزء الأكبر منه بالخروج من القولون، فيشعر المريض بارتياح أكبر. في الأيام التالية، يخرج المريض برازاً أبيض أو رمادي مع زوال بقية الباريوم من الجهاز الهضمي. ويجب الإكثار من شرب الماء في هذه الفترة منعاً للإمساك. وقد ينصح الطبيب أيضاً باستعمال الحُقن الشرجية أو أخذ مسهّل للمساعدة على إخراج الباريوم.
التصوير بالأشعة المقطعية
وهو من الوسائل الفعالة لتشخيص الأورام، أو مجموعات الدم أو السائل، أو إنتان (خُراج) موجود عميقاً في الجسم. وتجمع هذه الطريقة بين أشعة إكس وتقنية الحاسوب للحصول على صور واضحة ثلاثية الأبعاد للأعضاء الداخلية والعظام وغيرها من الأنسجة.
تدور ماسحة ضوئية (Scanner) حول المريض، أثناء التصوير بالأشعة المقطعية، وتلتقط صوراً لمناطق معينة من الجسد وذلك من زوايا مختلفة.
يُطلب من المريض أثناء الاختبار الاستلقاء على طاولة فحص تنزلق داخل ماسحة ضوئية (Scanner) مجوفة تعمل بالأشعة إكس. وتبدأ الماسحة الضوئية بالدوران حول المريض لالتقاط سلسلة من الصور الرقيقة جداً بأشعة إكس وذلك من عدة زوايا. ثم يصيغ الحاسوب هذه الصور مع بعضها في صورة واحدة يمكن لطبيب الأشعة أن يتفحصها من الزاوية التي يريد، أو أن يشرحها إلى طبقات. فالتصوير المقطعي للبطن والحوض يساعد على اكتشاف الظواهر الشاذة في البنكرياس والكبد والكليتين وأحياناً في الأمعاء والمرارة ومجاري الصفراء.
وتجدر الإشارة إلى أنّ التصوير المقطعي للبطن لا يسبب الألم. فالجزء الأكثر إزعاجاً يتمثل بشرب سائل يحتوي على اليود أو أخذه بواسطة حقنة. ويعمل اليود إلى إظهار الأعضاء والأنسجة بوضوح أكبر. ونظراً لتحسس البعض تجاه اليود، يُسأل المريض عادةً قبل إجراء الصورة إن أصيب يوماً باستجابة تحسسية تجاه هذه المادة. كما يُطلب منه أن يصوم قبل إجراء الصورة لتسهيل رؤية الأعضاء الداخلية والظاهرة الشاذة.
التصوير ما فوق الصوتي
يجمع التصوير ما فوق الصوتي بين الموجات الصوتية العالية التواتر وتقنية الحاسوب لالتقاط صور للأعضاء الداخلية. فأثناء تمدد المريض على طاولة الفحص، يوضع على بطنه جهاز شبيه بالصولجان يدعى محوِّل الطاقة. يرسل هذا المحوّل موجات
يضع تقني التصوير الصوتي جهازاً يدوياً يدعى محول الطاقة على الجلد ويمرره ببطء فوق المنطقة التي يرغب بفحصها.
صوتية غير مسموعة يتم عكسها، بينما يقوم الحاسوب بترجمة هذه الموجات المعكوسة إلى صورة متحركة ثنائية الأبعاد. ولا يسبب هذا الفحص أي ألم ويستغرق عادةً أقل من 30 دقيقة.
وغالباً ما يستعمل التصوير ما فوق الصوتي لفحص أعضاء البطن كالكبد والبنكرياس والمرارة والكليتين. كما يعتبر فعالاً جداً في كشف حصى المرارة وإظهار شكل الأورام والأكياس وأديمها وبنيتها. بمقدور التصوير ما فوق الصوتي، باستعمال تقنيات خاصة، أن يحدد مدى تدفق الدم في الشرايين والأوردة لكشف الانسداد.
التنظير الداخلي
إنّ النظر في داخل القناة الهضمية يعتبر من الطرق الأكثر فعالية لتشخيص المشاكل في هذه المنطقة من الجسم. للقيام بذلك، يتم إدخال أنبوب رقيق ولين مجهز بضوء ألياف بصرية وكاميرا إلكترونية دقيقة بإحدى هاتين الطريقتين: إما عبر الفم ثم يمرَّر الأنبوب في المريء والمعدة وأعلى المعى الدقيق، أو عبر الشرج ليمرر بعد ذلك في المستقيم والقولون بأكمله أو في جزء منه. والمنظار الداخلي هو عبارة عن جهاز يفحص القناة المعدية المعوية. وعند استعماله لفحص أسفل هذه القناة، يطلق عليه اسم منظار القولون أو المنظار السيني.
التنظير الداخلي العلوي
تتيح هذه العملية للطبيب النظر مباشرة في المريء والمعدة والاثني عشري. ومن شأنها أن تساعد في تحديد سبب بعض العوارض كصعوبة البلع والحرقة والغثيان والتقيؤ وألم الصدر والنزف وألم أعلى البطن. وقد يتم أيضاً إدخال أجهزة دقيقة عبر الأنبوب لإجراء عمليات بسيطة.
وأثناء التنظير الداخلي العلوي، قد يقوم الطبيب بواحد أو أكثر من الأمور التالية:
● البحث عن أنسجة ملتهبة وقروح وأورام شاذة.
● أخذ عينات نسيجية (اختزاع).
● إزالة أجسام غريبة أو أورام غير سرطانية (سليلات).
● تمديد المريء إن كان متضيّقاً بنسيج ندبي.
● كشف قروح نازفة وعلاجها.
وبجب أن تكون المعدة فارغة لإجراء الاختبار. بالتالي، على المريض أن يمتنع عن تناول الطعام والشراب من 4 إلى 6 ساعات قبل إجراء الفحص. وقد يعطى المريض أولاً رذاذاً مخدراً لتخدير حلقه ومنعه من التقيؤ. كما يعطى معظم الناس دواءً عبر أحد الأوردة لتسكينهم.
يوفر المنظار الداخلي رؤية مباشرة لأعلى القناة المعدية المعوية، بما في ذلك المريء والمعدة والاثني عشري. وتظهر صور باطن القناة على شاشة تلفاز.
بعد وضع المنظار في الفم، يطلب الطبيب من المريض أن يبلع للمساعدة على تمرير الأنبوب من الحلق إلى المريء. وتجدر الإشارة إلى أنّ الأنبوب لا يعيق التنفس، غير أنّ المريض قد يشعر بضغط طفيف أو امتلاء مع تقدم الأنبوب في القناة. وتنقل الكاميرا الصغيرة صورة تتيح للطبيب فحص بطانة الجزء الأعلى من الجهاز الهضمي. وغالباً ما يتمكن الطبيب من رؤية الظواهر الشاذة التي لا تظهر بهذا الوضوح في صور الأشعة، كالتهاب نسيج مريئي أو تضرره من جراء ارتداد حمض المعدة، أو وجود قروح أو أورام صغيرة في المعدة أو الاثني عشري. وقد يستعمل الجهاز لنفخ الهواء في المعدة من أجل تمديد ثناياها الطبيعية وتوفير رؤية أفضل لبطانتها. وقد يدفع هذا الهواء المريض إلى التجشؤ أو إخراج الغازات فيما بعد.
ويستغرق التنظير الداخلي العلوي عادةً 30 دقيقة تقريباً، علماً أنّ المريض يحتاج إلى ساعة أو أكثر ليستفيق من التسكين. ويحتاج لمن يعيده إلى المنزل نظراً لاحتمال استمرار أثر المسكّن لعدة ساعات. إضافة إلى ذلك، من شأن المنظار الداخلي أن يسبب التهاباً طفيفاً أو تهيجاً في الحلق ليوم أو يومين.
تنظير القولون
على غرار التنظير الداخلي العلوي، يتيح تنظير القولون للطبيب رؤية داخل القولون. وقد يعمد الطبيب أثناء الفحص إلى:
● الكشف على القولون بحثاً عن ظواهر شاذة، كالنزف أو الالتهاب أو الأورام أو الجيوب (الرتوج) أو التضيق.
● أخذ عيّنات نسيجية.
● إزالة سليلات.
● علاج مواضع نازفة.
● تمديد أماكن متضيّقة.
ويجب تفريغ القولون قبل هذا الفحص. لذا، يتم إخضاع المريض، كما هو الحال مع صورة الأشعة إكس، لتقنين غذائي ليوم أو يومين قبل التنظير. كما يعطى معظم الناس مسهّلات وحقنة أحياناً.
قبل بدء التنظير، يخضع المريض للتسكين على الأرجح وذلك لمساعدته على الاسترخاء. كما قد يُعطى مزيلاً للألم. ويستلقي المريض أثناء الفحص على جنبه الأيسر. والجدير بالذكر أنّ منظار القولون مجهز بقناة تمكن الطبيب من ضخ الهواء في القولون لنفخه وتوفير رؤية أوضح لجدرانه الداخلية.
يتم إدخال أنبوب دقيق لين في المستقيم أثناء عملية تنظير القولون ويمرّر عبر القولون (المعى الغليظ). وتظهر صور باطن أسفل القناة المعدية المعوية على شاشة تلفاز.
يستغرق تنظير القولون عادةً ما يتراوح بين 15 و60 دقيقة. وقد يشعر الخاضع للاختبار بتشنجات في البطن أو ضغط أثناء التنظير، وهي عوارض تزول بعد نزع المنظار. وبعد انتهاء الاختبار يحتاج المريض لساعة تقريباً حتى يستفيق من المسكّن. غير أنه سيحتاج إلى من يعيده إلى المنزل نظراً لاحتمال استمرار أثر المسكّن ليوم كامل قبل أن يزول تماماً. كما أنه قد يعاني من بعض الانتفاخ والغازات لساعات عدة حتى يتم طرد الهواء المحقون.
التنظير السيني
يقتصر التنظير في هذا الاختبار على المستقيم والقولون السيني، وقد يطال جزءاً من القولون النازل، عوضاً عن أن يشمل القولون بأكمله. ويتم التنظير السيني بنفس طريقة تنظير القولون، باستثناء أنّ المريض لا يحتاج عموماً إلى التسكين.
ويطلب الطبيب فحصاً سينياً لتحليل سبب الإسهال أو ألم البطن أو الإمساك أو النزف، أو بحثاً عن إشارات سرطانية. وغالباً ما يشكل التنظير السيني جزءاً روتينياً من فحص الكشف عن السرطان لدى الأشخاص الذين يبلغون الخمسين وما فوق. وبما أنّ الأورام التي تصيب الجزء الأعلى من القولون لا تظهر في التنظير السيني، فقد يطلب الطبيب، بالإضافة إلى هذا الاختبار، صورة أشعة للقولون تُظهر القولون بأكمله.
ويستغرق التنظير السيني مدة تتراوح بين 5 و10 دقائق فقط، غير أنه قد يمتد لعدة دقائق إضافية إن احتاج الطبيب لأخذ عيّنات نسيجية أو علاج أنسجة ملتهبة أو نازفة. وقد يشعر المريض ببعض الانتفاخ لبضعة ساعات بعد ذلك حتى يتم طرد الهواء المحقون. وفي حال العثور على سليلات، تقوم الخطوة الثانية عامةً على إجراء تنظير للقولون لإزالتها ولفحص القولون بأكمله بحثاً عن سليلات أخرى.
تنظير للقولون أقل إزعاجاً
إنّ التصوير بالأشعة المقطعية للقولون بالحاسوب يمثل تقنية متقدمة وواعدة في مجال فحص القولون. وهذا التنظير الذي يطلق عليه اسم شائع هو “تنظير القولون الافتراضي”، يعطي صوراً ثنائية وثلاثية الأبعاد للقولون والمستقيم من دون الحاجة إلى استعمال منظار القولون أو التسكين.
ويعطى المريض مسهلات وربما حقنة شرجية قبل إجراء التنظير، وذلك لتفريغ القولون من البراز. ثم يتم ملء القولون بالهواء عبر إدخال رأس قسطرة صغير في المستقيم. بعد ذلك، تؤخذ صور لكامل القولون والمستقيم بواسطة جهاز التصوير بالأشعة المقطعية. ويعتبر تنظير القولون الافتراضي أقل إزعاجاً وأكثر سرعة من تنظير القولون التقليدي. إذ يستغرق تصوير القولون بكامله 10 دقائق عموماً. وفي بعض الأحيان، يُطلب من المريض إمساك نَفَسه للحد من تحركات البطن وتجنّب تشويه الصور.
والواقع أنه يتم إجراء دراسات للمقارنة بين فعالية التنظير الافتراضي والتنظير التقليدي للقولون. إذ تسمح الطريقة الجديدة بالكشف عن معظم السليلات التي يفوق طولها الإنش الواحد. غير أنه في حال الاشتباه بأماكن أخرى يحتاج المصاب لإجراء عملية التنظير التقليدية التي تتيح الحصول على رؤية أفضل للمنطقة المشبوهة، كما أنها تسمح بأخذ خزعات أو إزالة السليلات. ويدرس الباحثون حالياً إمكانية إجراء تنظير افتراضي للقولون بنجاح من دون إعداد مسبق للأمعاء.
اختبار سبر الحمض المتنقّل (pH)
يساعد هذا الاختبار على كشف الإصابة بارتداد الحمض، وهي حالة يرتد فيها حمض المعدة إلى المريء. ويستعمل الاختبار مسباراً لقياس الحمض لتحديد لحظة ارتداد الحمض إلى المريء ومدة بقائه فيه.
ويستغرق إدخال المسبار حوالي 15 دقيقة. يعمد خلالها المريض إلى الجلوس بينما تقوم ممرضة أو تقني برش دواء مخدر في حلقه قبل إدخال قسطرة من الأنف (ونادراً من الفم) إلى المريء. ويتم تثبيت المسبار فوق الصمام العضلي تماماً (مصرة المريء السفلى) بين المريء والمعدة. وقد يوضع مسبار آخر في أعلى المريء. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ القسطرة لا تعيق التنفس كما أنّ الانزعاج، في حال وجوده، يكون بسيطاً لدى معظم الأشخاص.
ويرتبط الطرف الثاني للقسطرة بحاسوب صغير يثبّت حول وسط المريض أو على كتفه أثناء الاختبار. إن مهمة هذا الحاسوب هي تسجيل مستويات الحمض. يمكن للمريض، بعد تثبيت الجهاز في مكانه، أن يعود إلى منزله أو لمقر إقامته ثم يرجع في اليوم التالي لنزع الجهاز.
والواقع أنّ معرفة تواتر ارتداد الحمض ومدته من شأنها أن تساعد الطبيب في تحديد أفضل طريقة لعلاج الحالة. علاوة على ذلك، يساعد هذا الاختبار على معرفة ما إذا كان الارتداد مسؤولاً عن عوارض أخرى كألم الصدر أو السعال أو أزيز النفَس، وذلك بربط فترات الارتداد بلحظة بدء هذه العوارض. فيُطلب من المريض أثناء ارتدائه للجهاز تسجيل الوقت الذي عانى فيه منها بالإضافة إلى مدة دوامها.
كما يستعمل اختبار سبر الحمض المتنقل أحياناً لمعرفة مدى فعالية العلاج الموصوف للتحكم بارتداد الحمض. فيوضع مسبار ثالث في المعدة، إضافةً إلى المسبارين المثبتين في أعلى المريء وأسفله، لقياس مستوى الحمض فيها.
اختبار العضل المريئي (قياس الضغط بالمانومتر)
يوصف هذا الاختبار، الذي يقيس الضغط المريئي، إن اشتبه الطبيب بوجود مشكلة في البلع ناجمة عن خلل في وظيفة عضلات المريء. وأثناء الاختبار، يتم إدخال أنبوب دقيق حساس للضغط في الأنف (ونادراً في الفم) ومنه إلى المريء. وهناك يقيس الأنبوب التقلصات العضلية أثناء البلع.
فعند البلع، تتقلص عضلات المريء وتسترخي بشكل طبيعي مطلقةً تموجات (تعرف بالتحوِّي) تدفع الطعام والسوائل باتجاه المعدة. إضافةً إلى ذلك، يقوم الصمامان العضليان (مصرتي المريء العليا والسفلى) بالاسترخاء والانفتاح للسماح للأطعمة والسوائل بالمرور. ثمّ تنغلق بعد ذلك لمنع حمض المعدة الضارّ من إتلاف المريء والحلق. ينجم عن الخلل الوظيفي لهذه العضلات مشاكل منها صعوبة في البلع وحرقة حادة وتشنجات مريئية وحتى الالتهاب الرئوي الناتج عن استنشاق محتويات المعدة.
عادةً يتم اللجوء إلى قياس الضغط بالمانومتر بعد فشل الاختبارات أو العلاجات الأخرى في تحديد سبب المشكلة. ويستغرق هذا الاختبار أقل من ساعة واحدة، ويستعمل في بعض الأحيان، لقياس الضغط في المعدة أو المعى الدقيق أو المستقيم.
الدراسات الانتقالية
عند الإصابة بحالات متواصلة من ألم البطن أو الغثيان أو التقيؤ أو الإمساك أو الإسهال، ولم تنجح وسائل الاختبار الأخرى في تحديد السبب، قد يطلب الطبيب إجراء واحدة من عدة دراسات انتقالية. وهذه الدراسات هي عبارة عن اختبارات لقياس سرعة مرور الطعام في بعض أو جميع أجزاء الجهاز الهضمي. فإن كانت العضلات أو الأعصاب الهضمية لا تعمل بشكل سليم، قد ينتقل الطعام بوتيرة أسرع أو أبطأ من العادة.
تفريغ المعدة
يقيّم هذا الاختبار سرعة تفريغ المعدة للطعام في المعى الدقيق. ويأمر الطبيب بإجراء هذا الاختبار في حالات التقيؤ غير المبررة أو عند الشعور بالامتلاء بعد تناول كمية صغيرة من الطعام. فعلى سبيل المثال، يكون الأشخاص المصابون بالداء السكري عرضة للشلل المعِدي، وهي حالة تفرّغ فيها المعدة الطعام ببطء شديد.
يقصد المريض الطبيب بعد الامتناع عن الطعام في الليلة السابقة، ويتناول لديه بعض الخبز والبيض مع كوب من الحليب. يحتوي البيض على بضع قطرات من مادة متتبّعة مشعّة بعض الشيء، لا لون أو طعم لها. وأثناء وقوف المريض أو استلقائه على ظهره، تقوم كاميرات تعمل بأشعة غاما بالتقاط صور للبيض خلال مروره عبر المعدة. ولا تظهر الصور الأعضاء الداخلية بل البيض المشعّ فقط. وتؤخذ الصور الأولى فور تناول الطعام، تتبعها صور بعد ساعة وأخرى بعد ساعتين وأخيراً بعد أربع ساعات. ويستغرق التقاط كل مجموعة من الصور حوالي 5 دقائق فقط، وبمقدور المريض أن يجلس أو يتمشّى في الوقت الفاصل بينها.
فإن كانت المعدة تفرّغ الطعام بشكل طبيعي، يتم طرد 39 بالمئة من البيض خارج المعدة بعد ساعة، و40 إلى 76 بالمئة منه بعد ساعتين و84 إلى 98 بالمئة بعد أربع ساعات.
تفريغ المعدة وانتقال الطعام في المعى الدقيق
هذا الاختبار هو نفس اختبار تفريغ المعدة، باستثناء أنّ صوراً إضافية يتم التقاطها بعد مرور ست ساعات على تناول الطعام. فإن كان المعي الدقيق ينقل الطعام بشكل طبيعي، فإنّ 46 إلى 98 بالمئة من البيض يكون قد اجتاز المعى الدقيق في هذا الوقت ووصل إلى القولون.
الانتقال المعوي الكامل
يتم إجراء هذا الاختبار إن اشتبه الطبيب بأن القناة الهضمية لا تنقل الطعام بشكل طبيعي، وكان غير متيقِّن من مصدر المشكلة. فيقوم المريض في البداية بابتلاع قرص يحتوي على عنصر مشعّ متتبّع. ويكون هذا القرص مصمم بحيث يبقى على حاله حتى بلوغه أعلى القولون. وهناك يذوب ويحرر المادة المشبعة التي تعبر فيما بعد أسفل القناة الهضمية.
بعد ساعة من أخذ القرص، يتناول المريض إفطار البيض نفسه المخصص لباقي الدراسات الانتقالية، ويتبع ذلك نفس برنامج التقاط الصور المعتمد في الدراسة الانتقالية للمعدة والمعى الدقيق. غير أنه ثمة اختلاف هام، إذ يعود المريض في اليوم التالي لأخذ صورة بعد مرور 24 ساعة على ابتلاع القرص. ففي الصباح التالي يكون القرص قد حرر العنصر المتتبّع الذي سيظهر ممزوجاً ببقية الطعام في وسط أو أسفل القولون. أما إن بقي العنصر المتتبع في أول القولون، فهذا يعني أنّ القولون لا يطرد بقية الطعام بصورة طبيعية.
الانتقال في القولون
يأمر الطبيب بإجراء هذا الفحص للقولون فقط في حال الإصابة بإمساك حاد ومتواصل. فيأخذ المريض نفس القرص المُعطى في الاختبار السابق، غير أنه ليس مضطراً إلى تناول الإفطار المعد خصيصاً. عوضاً عن ذلك، تقوم الممرضة أو التقني الطبي بتحديد مواعيد تناول الطعام أثناء النهار. وتؤخذ صورة أولى فور ابتلاع المريض للقرص، تتبعها أخرى بعد أربع ساعات. وفي هذا الوقت، يكون القرص قد بلغ أول القولون. من ثمّ، يعود المريض بعد 24 ساعة لالتقاط صورة تظهر مدى تقدم العنصر المتتبّع. وكما هو الحال في الاختبار السابق، إن لم يبلغ العنصر منتصف القولون أو أسفله، فهذا يعني أنّ القولون لا يطرد الطعام بالسرعة الطبيعية. وهذا ما يفسر سبب الإمساك.