لا شك بأنك سمعت بالنصيحة القائلة: “استعض بالذكاء عن المجهود”. ولو فكرت بهذه الطريقة، لبدأت على الفور بإدراك الفائدة الكامنة وراء استعمال أدوات الإعانة. فهذه المعدات المصممة للعيش بصورة أذكى، تساعد على القيام بالأعمال اليومية، كتقشير التفاحة أو تزرير القميص. بعضها بسيط الاستعمال يسهل الأعمال البسيطة، بينما صمم بعضها الآخر بشكل معقد وفقاً لقواعد هندسة معدات الشيخوخة.
ومن الطبيعي أن ترفض فكرة استعمال هذه الأدوات في البداية قائلاً: “أرفض استعمال هذه العكاكيز لمجرد القيام بأعمالي اليومية”. وهذه الاستجابة متوقعة في الحقيقة. ولكن قبل أن تصنف أدوات الإعانة اليومية على أنها أحد أشكال الضعف أو الاستسلام الجسدي، فكّر قليلاً كم منها سبق وبدأنا نعتمد عليه لتسهيل حياتنا وزيادتها متعة.
فمن المستبعد مثلاً أن تتردد قبل أن تستقل السيارة لتقصد محل البقالة. وليست السيارة سوى واحدة من معدات الإعانة. فوسائل التنقل تقلك من مكان إلى آخر بصورة سريعة ومريحة وتساعدك بذلك على بلوغ هدفك.
وتؤدي جميع أدوات الإعانة الدور نفسه وإن بدرجات متفاوتة. ولكل منها فاعليته، أكنت تقوم بأحد الأعمال الروتينية، كتسريح شعرك أو بمهمة أكثر صعوبة، كتحريك أغراض ثقيلة في الحديقة. واستعمال بعضها، كالعصا أو الحاجز النقال، يتيح لك بذل طاقة أكبر في الحركة عوضاً عن تخزينها في الخمول، بحيث تمشي لمسافة أطول وبصورة أسرع وأكثر أماناً.
وتزخر متاجر التجهيزات ومواقع الإنترنت والكاتالوجات وأقسام العلاج الفيزيائي في المستشفيات وحتى متاجر الخردوات المحلية بأدوات ومعدات مصممة خصيصاً لمساعدة المسن في مهامه اليومية. وباستعمال هذه الأدوات، يعاني كبير السن من ألم أقل ويتمتع بأمان أكبر ومزيد من الثقة والقوة والاستقلال الذاتي.
مفهومك لأدوات الإعانة
إنّ مفهومك لأدوات الإعانة التي تستعمل للتخفيف من أثر التغييرات الجسدية الناجمة عن الشيخوخة له تأثير كبير على مدى الاستقلال الذاتي الذي ستتمتع به في المستقبل.
خذ مثلاً على ذلك مسنين يبلغان الخامسة والسبعين من العمر وكلاهما بحاجة إلى عصا يستندان عليها للسير بأمان. يرى المسن الأول في تلك العصا ذات الرأس المطاطي تأكيداً على ضعفه الجسدي وفقدانه لقوته. والعصا قد يساعده على مواصلة السير لبضع سنوات إضافية ولكنه متأكد بأن مصيره سيؤول إلى الكرسي المتحرك في المستقبل أو أسوأ، إلى السرير.
أما المسن الثاني، فيجد في العصا مصدراً لحريته. إنه وسيلته للحفاظ على توازنه أثناء تنقله بمفرده، من دون طلب مساعدة زوجته أو أولاده. لا بل إنه يعلم حفيدته كيف تحول العصا إلى حصان بينما يروي لها قصصاً خيالية عن فارس يمتطي حصانه.
الرجلان في الظروف نفسها ولكن مفهومهما للشيخوخة وطريقة العيش مختلف تماماً وقد انعكس على واقعهما.
أدوات الإعانة للمهام اليومية
غالباً ما تستعمل أدوات الإعانة لإتمام أعمال روتينية بسيطة. ومن شأن استعمال الأداة المناسبة أن يسهل عليك القيام بكل ما تريد في بيتك.
ومن الأدوات التي يمكن استعمالها في الحمام مثلاً، مقاعد الاستحمام، مخفضات ارتفاع المغطس، قضبان للتمسك، المراحيض التي ترتفع كهربائياً، رؤوس الدش القابلة للتعديل وصنابير المياه الوحيدة الرافعة وكثير غيرها. وبوسعك أيضاً ابتياع فراشي وأمشاط وإسفنجات طويلة المقابض. وتتعدد اليوم المصانع التي تنتج فراشي الأسنان ومرايا اليد المطاطية المقبض لتسهيل حملها.
أما في المطبخ، فقد سبق واستعملت على الأرجح المعدات الكهربائية الصغيرة. ويمكنك توسيع مجال فائدتها باستعمالها بطرق جديدة تساعدك على إتمام أعمالك. والواقع أنّ المصنعين يزودون معداتهم أحياناً بنصائح للاستعمالات البديلة. ابتع مثلاً فتاحة علب يمكن تثبيتها تحت خزانة المطبخ. واستعمل قضيباً ذات مقبض قابل للضغط – كذلك الذي كان يستعمله البقالون قديماً – لبلوغ الرفوف الأكثر ارتفاعاً أو انخفاضاً.
معدات للحركة
من شأن العصا أو العكاز أو الحاجز النقال أو الكرسي المتحرك أن تساعد كثيراً على تعزيز استقلالك الذاتي.
وتتوفر هذه الأدوات بأحجام وارتفاعات وتصاميم متعددة، بحيث يستحسن أخذ نصيحة الطبيب لاختيار ما هو أفضل لك. واطلب من الشخص نفسه مساعدتك على اعتماد الحجم والمقاس المناسبين وأفضل الطرق لاستعمال الأداة التي تلزمك.
فمن الشائع مثلاً اختيار عصا طويلة جداً. والواقع أنّ الطول الإضافية يدفع الذراع والكتف إلى الأعلى مسبباً ضغطاً على تلك العضلات وعلى الظهر. كما أنّ العصا ذات المقبض المقوس لا تتمتع بالشكل الأنسب للاستعمال اليومي. أما العصا ذات المقبض الشبيه بعنق الإوزة فتضع ثقل الجسم مباشرة على قضيب العصا.
والشعور بالإرباك عند استعمال أي أداة من أدوات الإعانة للمرة الأولى هو أمر طبيعي. تذكر مثلاً المرة الأولى التي حاولت فيها ركوب الدراجة أو إمساك صنارة الصيد. بالتالي فإنك ستعتاد مع الممارسة.
كما توفر التكنولوجيا مجموعة متنوعة من معدات الإعانة لجعل القيادة أكثر سهولة. فعلى سبيل المثال، يمكن لأزرار التحكم اليدوية أن تثبت على عمود للقيادة. كما أنّ أدوات رفع الكراسي النقال ومصاعد الباصات تسهل على كبير السن استعمالها. ومن شأن المعدات الأكثر تطوراً أن تكون مرتفعة الكلفة، إلا أنّ السهولة التي توفرها في الحركة لا تقدر بثمن.
معدات للياقة والصحة
غالباً ما يستعمل متسلقو الجبال عصيان التزلج أثناء تجولهم في الأراضي الوعرة. بوسعك أنت أيضاً القيام بالمثل عند تجولك في الجوار سيراً على الأقدام. كما يمكنك أيضاً استعمال أوزان اليد الصغيرة، التي تتوفر بمقابض متنوعة وذلك لإضافة المقاومة إلى التمارين التي تمارسها. وتتوفر أيضاً أوزان للمعصمين والكاحلين من دون مقابض.
وتعتبر الدراجات الثابتة ودرجات السلم والدواسات من المعدات الممتازة التي يمكن إضافتها إلى أي قاعة رياضية منزلية. فهي تساعد على زيادة الثبات وتنظيم روتين تدريبك الرياضي. وإن توفر لك حوض سباحة، فكّر باستعمال المجموعة المتنوعة من معدات العوم والعدو المائي والتمارين الهوائية المائية الشائعة الاستعمال. ومن شأن هذه المعدات أن تضيف الكثير إلى برنامج التدريب الذي تعتمده. ولكن احرص على اختيار المعدات والنشاطات السهلة على مفاصلك.
معدات لجمع المعلومات
يقول السير فرانسيس باكون: “في المعرفة قوة”. وكان ليضيف، في القوة استقلال. ومن أهم معدات الإعانة الموجودة في متناولنا اليوم هو الحاسوب والشبكة المعلوماتية، التي تعد أسرع وسائل الاتصال المتنامية في التاريخ.
فإن كنت قد بدأت تستعمل هذه التكنولوجيا، فقد أحسنت فعلاً. أما إن كنت ما تزال ممانعاً، فإنك تحرم نفسك من أداة تضع العالم بين يديك. فمن شأن الشبكة المعلوماتية أو الإنترنت، أن تنقلك إلى أي مكان، بما في ذلك قسم المراجع في مكتبة نيويورك العامة أو المكتب السياحي الذي يتولى تنظيم رحلتك القادمة.
وبوسعك لو شئت استعمال الحاسوب لشراء الهدايا وإيصالها وطلب البقول وإرسال أو رؤية صور فوتوغرافية للعائلة أو التسامر ببساطة مع أحد الأصدقاء القاطنين في منطقة بعيدة. وتساعدك الشبكة المعلوماتية، بما تزخر به من معلومات وما تتيحه من اتصالات، على القيام بكل ما تريد، أكان ذلك مواجهة تحدٍّ صحي جديد أو العثور على سباك جيد.
فكر بالتالي بأخذ دروس في استعمال الحاسوب، كبداية. ففضلاً عن كونها مسلية، ستسمح لك بلقاء أناس آخرين لهم نفس ميولك.
كن منفتحاً
لا يمكن لأدوات الإعانة مساعدة الناس في جميع أعمالهم. ولكن مستعمليها للمرة الأولى يعجبون لمدى السهولة التي تؤول إليها حياتهم اليومية مع تلك المساعدة البسيطة. فإن أردت الحفاظ على استقلالك الذاتي، كن موضوعياً فيما يتعلق بحدود قدراتك الجسدية وبالأدوات التي تعينك على مواجهتها.
مكان السكن
من حسنات الاحتفاظ بالاستقلال الذاتي لأطول فترة ممكنة أنه يتيح للمسن أن يقرر مكان سكنه بنفسه. ولا عجب في أن تظهر نتائج الدراسة التي أجرتها المؤسسة الأميركية للمتقاعدين (AARP) أنّ 90 بالمئة من كبار السن يفضلون العيش والموت في منازلهم. وبالرغم من أنّ معظم الناس يخشون أن يجدوا أنفسهم في يوم من الأيام محتجزين في دار للتمريض من دون خيار آخر، فإن أرقام المكتب الأميركي للإحصاءات تشير أنّ 50 بالمئة فقط من الأميركيين الذين تجاوزا الخامسة والستين يعيشون في هذه المؤسسات. بالمقابل فإن أكثر من 90 بالمئة من المسنين يسكنون إما في منازلهم أو مع أفراد عائلاتهم.
والواقع أنّ ملازمة المسكن الحالي ليس سوى واحد من كثير من الخيارات المتوفرة. إذ يمكن تصنيف ترتيبات السكن في أربع فئات: الحياة المستقلة، الحياة المشتركة، الحياة المشتركة مع نصف إعالة والحياة المشتركة مع إعالة كاملة. وبالنهاية، فإن المكان الذي يعيش فيه المسن ومدى الدعم الذي يختاره يعتمد على ظروفه الجسدية والذهنية وميوله الشخصية واهتماماته، فضلاً عن مصادره المالية ومدى استعداده واستعداد عائلته للتكيف مع التغيير.
الحياة المستقلة
إنّ مجرد تعبير “البيت” يوحي بصور وذكريات لا تحصى. فهو المكان الذي كبرت فيه، إنه منزلك الأول، البيت الصغير الذي اشتريته مع زوجتك والمسكن الذي ربيت فيه عائلتك. ويظل البيت، على الأرجح، أكثر الأماكن راحة وأماناً.
ويمكن لبيتك أن يكون الخيار الأمثل إن كنت تفكر بمكان تمضي فيه سنوات شيخوختك. ولربما سبق وانتهيت من دفع رهن المنزل ولم تعد مسؤولاً سوى عن الضرائب والصيانة. ولربما استأجرت شقة لسنوات ولكنك بتّ تعتبرها بيتك ولا تتقبل فكرة الانتقال إلى مدينة أخرى.
ولكن قبل أن تبدأ بالقول، “لن أغادر هذا المنزل إلا على جثتي”، ألقِ نظرة موضوعية على مسكنك الحالي لترى إن كان سيظل مريحاً بالنسبة إليك على المدى الطويل. إذ تشير الإحصاءات إلى أنّ حوالي 98 بالمئة من المساكن في الولايات المتحدة مصمم لاستقبال أشخاص يتمتعون بكامل قدراتهم، بالرغم من أنّ قسماً كبيراً من الناس يحتاجون إلى مسكن بمواصفات خاصة في إحدى فترات حياتهم.
فهل ستكون قادراً مثلاً على استعمال السلالم بأمان في منزلك المؤلف من طابقين خلال السنوات القادمة؟ هل الحمام الوحيد في المنزل موجود في الطابق الثاني؟ وهل لا يزال المنزل الكبير جذاباً أم أنّ العناية به صارت متعبة؟
استناداً إلى الدراسات، فإن أكثر من 60 بالمئة من المسنين يسكنون في منازل بنيت منذ أكثر من عشرين سنة. وصارت بحاجة إلى أكبر تصليحات بسبب قدم تمديدات الماء والتدفئة.
والواقع أنه بغض النظر عن عمر البيت، يجب أن تتناسب الشقة أو المنزل مع مستوى الحركة الذي تتمتع به، بما في ذلك مستوى أمان التجهيزات، كمتانة الدرابزين وسلامة أجهزة إنذار الحريق. كما يجب أن يشتمل المكان على إضاءة كافية وعلى أبواب عريضة بما يكفي لمرور الحاجز النقال أو الكرسي المتحرك. علماً أنّ عمليات التجهيز اليدوية لا تحتاج سوى إلى جهد بسيط.
التغييرات اللازمة. من شأن التغييرات أن تسمح لك بالبقاء في بيتك الذي لا ترغب بالاستغناء عنه، لأطول فترة ممكنة على الأقل. وعليك الالتزام بتنفيذ هذه التعديلات.
والواقع أنّ خطط التعديل المدروسة تضفي حياة جديدة على بيتك، أكان ذلك باستبدال مقابض الأبواب بأخرى يسهل استعمالها أو استبدال الدرجات الأمامية بحاجز أو إعادة تصميم المطبخ بحيث يكون العمل فيه أكثر سهولة. من ناحية أخرى، يمكن تحسين تدابير الأمان بشكل كبير. إذ تشير الأبحاث إلى أنّ 50 بالمئة من الحوادث المنزلية يمكن تجنبها عبر بعد التعديلات والإصلاحات في المنزل. واطلب من المؤسسات الهندسية والمراكز المحلية للكهول والمجموعات التجارية وتجار مواد البناء لإحالتك إلى مقاولين مختصين في هذا المجال.
تغيير المنازل العائلية الفردية (النموذج الأمريكي). إنّ نظرة فاحصة وموضوعية تلقيها على منزلك قد تقنعك بأن الوقت قد حان للانتقال وأنت في حالة جسدية جيدة. ولربما وجدت أنّ بيتاً من طابق واحد هو أنسب بالنسبة إليك أو أنّ بيتاً مؤلفاً من غرفتي نوم هو كل ما تحتاجه.
أما إن كنت تفكر ببناء منزل بعد تقاعدك أو إجراء تعديلات واسعة على منزلك الحالي، قم بإلقاء نظرة أكثر دقة على “التصميم الشامل” وهو مفهوم جديد نسبياً يهدف إلى تصميم منزل يصلح لساكنيه مدى الحياة. فخلافاً لمفهوم “السكن المريح” الذي يعتمد في تصاميمه أبواباً أعرض مع أسوار وغير ذلك من وسائل العون، يأخذ التصميم الشامل بالاعتبار الحاجات المتغيرة لسكان المنزل على المدى الطويل وذلك في جميع أنظمة البيت وأسطحه واستعمالاته. ومن شأن هذا التخطيط المسبق والاختصاص أن يرفع من كلفة المنزل، إلا أنّ التكاليف يمكن تقسيطها على فترة طويلة.
خيارات أخرى مستقلة. إن قررت الانتقال من منزلك، ثمة خيارات كثيرة لعيش حياة مستقلة ومبسّطة. فمن شأن الشقق العادية والملكيات المشتركة والمنازل القروية أن تؤمن المجال الذي تحتاجه من دون هموم الصيانة الخارجية. أضف إلى أنّ الجيران المحيطين بك يؤمّنون لك الحياة الاجتماعية والإحساس بالأمان.
العناية الصحية في البيت
إنّ توفر العناية الصحية في البيت قد يتيح لك البقاء في بيتك الحالي طيلة حياتك. ولكن ثمة عائقين يمنعان أحياناً اتخاذ هذا القرار وهما الكلفة والإدارة. فإن كنت قادراً على تحمل التكاليف وإدارة فريق العناية بنفسك أو إيكاله إلى العائلة أو الأصدقاء، تحصل على أكثر طرق الحياة استقلالية في مرحلة الشيخوخة.
وتنقسم العناية المنزلية إلى ثلاثة أنواع:
العناية المحترفة التي تتم تحت إشراف طبيب وتقوم على خدمات يؤمنها مرشدون صحيون، الممرضات والمعالجين. ومن شأنها أن تشتمل أيضاً على نشاطات معينة، كالديلزة المنزلية والعمل الطبي الاجتماعي والعلاج الفيزيائي.
وتشتمل خدمات المساعدة المنزلية على مهام عدة، كتنظيف البيت والقيام بالمشتريات وإعداد الطعام. ويمكن لهذه الخدمات أن تكون كل ما أنت بحاجة إليه لتتمتع بحياة مستقلة في بيتك الخاص.
ويمكن لمزيج من هذه الخدمات أن يشتمل على فريق للعناية المنزلية يضم عدداً من الأشخاص التاليين: طبيب فيزيائي، عامل اجتماعي، ممرض مسجل، خبير تغذية وكالة للصحة المنزلية، خدمة ممرضة زائرة، طبيب معالج، مساعدة للعناية المنزلية، عامل منزلي وغيرهم. ومن شأن هذا الفريق أن يتولى خطة عناية مفصلة تتناسب مع حاجاتك الخاصة.
كما تمثل مجمعات المتقاعدين، التي تحتوي على مساكن منوعة واحداً من الخيارات. وتقل المشاحنات حول ملكية المنزل في هذه المجمعات التي تجمع مسنين لديهم الاهتمامات نفسها وتؤمن لهم الخدمات التي يريدونها ويحتاجون إليها. غير أنك تفتقد فيها إلى الأجواء العائلية والجيران الأصغر سناً.
وتذهب مجمّعات العناية المستمرة بالمتقاعدين أو مجمعات العناية مدى الحياة إلى أبعد من ذلك. إذ تقدم هذه المؤسسات خدمات شتى تحت الطلب، بحيث يحصل الساكنون، مع تغير حاجاتهم، على عناية إضافية في المحيط نفسه. ومن شأن هذا الخيار أن يكون الأفضل إن كنت ترغب بالانتقال لمرة واحدة فقط وكنت مقتنعاً بأن القائمين على المؤسسة ومالكيها قادرون على أن يؤمنوا لك محيطاً للحياة المستقلة التي تريدها الآن وترتيبات العناية التي قد تحتاجها يوماً.
الحياة المشتركة
بالرغم من الحرية التي يؤمنها العيش المنفرد، إلا أنه لا يناسب الجميع. فمن شأن الإنسان أن يحصل على منافع جمة، من الناحية العاطفية والأمان الجسدي على السواء، عبر السكن المشترك أو الانتقال للعيش مع أحد الأشخاص أو إحدى العائلات أو إيجاد مجموعة من الأشخاص المتقاربين فكرياً لمشاركة ترتيبات العيش.
السكن المشترك. إنّ انتقال شخص أو أكثر للسكن معك أو انتقالك أنت لمشاركتهم مسكنهم من شأنه أن يكون مصدراً للسعادة أو المشاكل أو حالة بين الاثنين. فكّر بأية ترتيبات مماثلة على أساس فترة تجريبية وتناقش مع زملائك في السكن حول الإيجار وإعداد الطعام وتنظيف البيت والخصوصية. ومن الممكن أيضاً تدوين هذه الترتيبات.
الروابط العائلية. كان الانتقال للعيش مع العائلة مصير معظم المسنين الذين يغادرون منازلهم. ولكن اليوم، مع تشتت أفراد العائلة بعيداً عن بعضهم البعض، صار هذا الخيار مستبعداً. فإن كنت تود الانتقال للعيش مع أولادك أو كانوا يلحون عليك لتسكن معهم، تناقش معهم بصراحة حول توقعات كل منكم. وحاول تناول كل شيء، من العلاقات الزوجية والترتيبات المالية، إلى توزع أماكن المعيشة وحضانة الأطفال وتربية الأولاد وذلك قبل نقل أي من أمتعتك.
السكن المشترك. غالباً ما يجد الناس الغرباء عن بعضهم لذة في العيش كعائلة واحدة. ويؤمّن المنظمون في الولايات المتحدة مجموعة من المساكن ذات الملكية الخاصة أو المشتركة لمجموعات صغيرة من السكان. وتشتمل هذه الترتيبات عادة على مدير مقيم وبعض الموظفين على الأقل، إلا أنها مخصصة للسكان الذين يتمتعون بصحة جيدة نسبياً، أي القادرين على السير وعلى تدبر حاجاتهم الشخصية من دون مساعدة.
مجمعات المسنين. يعيش حوالي 3.5 مليون مسن من الأميركيين في مساكن متعددة الوحدات. ويحظى حوالي 20.000 من هذه المجمعات بمعونة مالي فدرالية وقد بنيت خصيصاً للمسنين. وبوسع المسنين ذوي الدخل المتدني وغير الميسورين أن يختاروا هذا النوع من المساكن الممولة فدرالياً.
وتتضمن كل من المباني الحكومية والخاصة عادة منسقين للخدمة يمثلون السكان كسمسار للخدمة ومؤسس للجماعة ومربي ومحامي ومراقب لمستوى النوعية، فضلاً عن مسؤوليات أخرى.
السكن المشترك نصف المدعوم
إن كنت تتوقع بأنك ستحتاج إلى بعض المساعدة في الاستحمام وارتداء الملابس وإعداد الطعام والقيام بالأعمال المنزلية، فإن العناية المشتركة نصف المدعومة تمثل بديلاً جيداً عن استئجار المساعدة الخاصة في منزلك.
والواقع أنّ مجمعات التقاعد التي تؤمن عناية مستمرة ودور الإقامة والعناية ومراكز التقاعد والمساكن الجماعية ومساكن المتقاعدين تشتمل جميعها على فريق من الموظفين بمستويات متفاوتة، اعتماداً على حاجات المدير والمقيمين. وتقدم برامج التعزيز العائلية، التي تديرها الجماعة عادة، خدمات مشابهة على أساس ساكن واحد لكل عائلة.
وتقدم مراكز المساعدة المعيشية هذه لائحة من الخيارات عادة، متيحة لك أن تختار الخدمات والتكاليف التي تتلاءم وحاجاتك. كما تسمح المؤسسات التي تؤمن خدمات أقل بطلب مساعدة مختصين من خارج المؤسسة عند الحاجة لذلك.
ويقبض كثير من مؤسسات المساعدة المعيشية أجراً شهرياً عن شقة مع منافع ووجبات وعناية بالمنزل فضلاً عن الغسيل ونظام لطلب الطوارئ. وتترتب على الخدمات الإضافية كلفة إضافية أيضاً.
وتعتبر هذه المؤسسات المراقبة عملية بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون من مشاكل وظيفية متوسطة. كما تم مؤخراً فتح مؤسسات خاصة، للعناية بمرضى ألزهايمر مثلاً. غير أنّ أحداً منها لا يمكنه أن يحل مكان دور التمريض التي تؤمن عناية مدعومة بالكامل ولكنها تشكل بديلاً معقولاً للأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة.
السكن مع دعم كامل
بالنسبة إلى كثير من المسنين، تعتبر دور التمريض الخيار الأخير. إذ يعتقد الناس بأن هذه المؤسسات لا تشير إلى تدهور كبير في القدرات الجسدية والذهنية فحسب، بل إلى فقدان خطير للاستقلال الذاتي. ولكن وبالرغم من هذه الانطباعات، فإن العناية المدعومة تشكل في الظروف المناسبة الخيار الأمثل.
والواقع أنّ خوفك من أن تنتهي إما في دار للتمريض مع عناية متوسطة أو مؤسسة للتمريض المختص ليس لها على الأرجح أي أساس. إذ تشير الإحصاءات إلى أنّ ما بين 25 بالمئة و50 بالمئة فقط من الناس الذين تجاوزوا الخامسة والستين سيحتاجون إلى هذا النوع من العناية وأن نصف هؤلاء سيقيمون فيها لأمد قصير. ويشير أيضاً عدد البدائل الموصوفة سابقاً والتي يمكن اعتمادها إلى أنّ المسنين الذين فكروا تقليدياً باختيار العناية المدعومة بالكامل سيرتاحون تماماً في مؤسسات المساعدة المعيشية.
فإن كنت تتوقع الانتقال إلى دار للتمريض يوماً وترغب باستشارة آخرين في هذا القرار، فإن الوقت قد حان للتحرك. قم بالتالي بمناقشات صريحة مع أفراد العائلة أو الأصدقاء الذين تثق بهم لمساعدتك في اتخاذ القرار. واعمد إلى زيارة شخص موجود في مؤسسة تمريض تحت إدارة جيدة. وضع خطة تحضرك ذهنياً للمستقبل.
وتعتمد الحكومة الفدرالية على دراسات عامة للحصول على معلومات عن جميع دور التمريض. صحيح أنّ المعلومات غالباً ما تكون قديمة ومحدودة، إلا أنها تعطي فكرة عن كيفية عمل المؤسسة. وبالرغم من أنّ دور التمريض خاضعة للقانون، إلا أنه يبقى من الصعب إصدار تشريعات فيما يختص بالعناية. بالتالي، عليك أن تأخذ بالاعتبار العنصر الإنساني لدى الموظفين عند اختيار دار للتمريض.
أما فيما يتعلق بالاستقلال الذاتي، فإنك ستضطر من دون شك إلى تقديم بعض التنازلات عند انتقالك إلى مؤسسة مدعومة بالكامل. غير أنك ستحتفظ دوماً بحرية اختيار طريقة تفكيرك حول هذه التحديات ونظرتك إلى الحياة.
ولا تنس أخيراً بأن دور التمريض غالباً ما تضع الراغبين بالدخول إليها على لائحة انتظار. ووجود اسمك على اللائحة لا يلزمك بدخول الدار ولكنه يتيح لك فرصة الانتقال للإقامة فيها بمجرد خلو أحد الأسرة.