سنتعرف في هذا الموضوع على الأنواع الرئيسية للأدوية الخافضة للكوليسترول، وآلية عملها، والآثار الجانبية المحتملة لها.
إذا اكتشف طبيبك أن لديك ارتفاعًا في مستوى الكوليسترول في الدم، أو ارتفاعًا في مستوى الدهون الثلاثية، فسوف يعطيك قرابة ستة أسابيع لمحاولة خفض ذلك المستوى من خلال النظام الغذائي والتمارين الرياضية. وعادة ما يُنصح باتباع نظام غذائي قليل الدهون وغني بالكربوهيدرات. وهذا الأمر لا ينجح لدى معظم الناس، حيث تساعد الكربوهيدرات على إفراز الإنسولين، الذي يحفّز بدوره إنتاج الكوليسترول. وبعد ذلك يتم الانتقال إلى النصيحة التالية، ألا وهي تناول الأدوية. والفئات الرئيسية للأدوية الخافضة للكوليسترول، هي:
الستاتينات Statins
أسماء الأدوية والعلامات التجارية:
• أتورفاستاتين Atorvastatin ( ليبيتور Lipitor)
• سيمفاستاتين Simvastatin ( ليبيكس Lipex، سيمفار Simvar، زوكور Zocor)
• برافاستاتين Pravastatin (برافاكول Pravachol)
• لوفاستاتين Lovastatin (ميفاكور Mevacor، التوكور Altocor)
• فلوفاستاتين Fluvastatin (ليسكول Lescol، فاستين Vastin)
كيف تعمل الستاتينات؟
إنها أكثر الأدوية الخافضة للدهون انتشارًا. ففي عام 1987 أصبح دواء لوفاستاتين هو أول الستاتينات المصرح بتناولها في الولايات المتحدة الأمريكية. وهذه الأدوية تعمل على تثبيط إنزيم 3-هيدروكسي 3-ميثيل جلوتاريل تميم الإنزيم أ، وهو المسئول عن إنتاج الكوليسترول في الكبد. ويمكن للستاتينات أن تخفض من الكوليسترول بنسبة تتراوح بين 20 و60٪، وذلك من خلال خفض إنتاج الكوليسترول، وتحسين قدرة الكبد على التخلص من الكوليسترول منخفض الكثافة ” الكوليسترول الضار” من الدورة الدموية. وعادةً ما تنخفض مستويات الدهون الثلاثية في الدم أيضًا. وقد أظهرت الأبحاث الجديدة أن عقاقير الستاتين قد تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب، وذلك من خلال آلية مختلفة، وهي خفض مستوى الكوليسترول. وقد أظهرت الدراسات أن الستاتينات يمكنها أن تخفض نسبة بروتين سي التفاعلي في الدم، وهو مؤشر على حدوث الالتهابات في الجسم، وعامل خطورة رئيسي للإصابة بأمراض القلب. ويمكنك أن تعرف المزيد عن بروتين سي التفاعلي من خلال الاطلاع على الفصل الثامن. ويتم تناول أدوية الستاتين في المساء، حيث يتم إنتاج الكمية الكبرى من الكوليسترول في الليل.
الآثار الجانبية للستاتينات: وفقًا للمطبوعات الطبية والنشرات الموجودة في علب أدوية الستاتينات، فإن هذه الأدوية يمكن تحمّلها بشكل جيد، أما آثارها الجانبية فنادرة الحدوث، فهي تحدث لدى أقل من اثنين في المائة ممن يتناولونها، أما الآثار الجانبية الأكثر شيوعًا فهي الإمساك، وانتفاخ البطن بالغازات، وآلام البطن، وسوء الهضم، ولكن في الواقع يعاني معظم من يتناولونها آثارًا جانبية أسوأ من ذلك كثيرًا. ولا يزال هناك المزيد والمزيد من الآثار الجانبية التي تُكتشف؛ ما يبين أن الستاتينات ليست هي الدواء الرائع كما يُروَّج له.
كيف تتسبب الستاتينات في حدوث الآثار الجانبية؟
لعلك تذكر أن إنتاج الكوليسترول يبدأ بجزيء يُدعى الأسيتيل مرافق الإنزيم أ؛ حيث يُحِدث عددًا من التفاعلات الأيضية إلى أن يُكلّف إنزيم يسمى “مختزلة 3-هيدروكسي-3-ميثيل جلوتاريل تميم الإنزيم أ” بتحويل مادة تدعى 3-هيدروكسي-3-ميثيل جلوتاريل تميم الإنزيم أ إلى الميفالونات. وتعمل الستاتينات من خلال تثبيط مختزلة 3-هيدروكسي-3-ميثيل جلوتاريل تميم الإنزيم أ، ومن ثم يتم تثبيط إنتاج الميفالونات، وهي المادة التي تتألف منها العديد من المواد، بما فيها الكوليسترول، والهرمونات الجنسية، وهرمونات الغدة الكظرية، ومرافق الإنزيم Q10 . وكما تقوم الستاتينات بتثبيط إنتاج الكوليسترول، فإنها تمنع أيضًا إنتاج الكثير من المواد الحيوية في الجسم.
ويُعرف أيضًا مرافق الإنزيم Q10 باسم يوبيكوينون، ويتشكل في الميتوكندريات الخاصة بكل خلية في الجسم، وهو ضروري لإنتاج الطاقة. ويوجد مرافق الإنزيم Q10 بتركيز شديد في الخلايا التي تستخدم الكثير من الطاقة، مثل خلايا القلب، والعضلات الهيكلية، ويُحسِّن من استغلال هذه الخلايا للأكسجين؛ ما يساعدها على القيام بوظائفها.
وهناك فوائد كثيرة للإنزيم Q10 للقلب، منها:
• إنه ضروري لإنتاج الكولاجين والإيلاستين؛ ما يُحافظ على سلامة الأوعية الدموية.
• يعمل مضادًّا قويًّا للأكسدة، فيمنع الكوليسترول منخفض الكثافة ( الكوليسترول “الضار”) من التأكسد.
• يقلل من خطر الإصابة بجلطات الدم، وتمزق اللويحات الدهنية الموجودة في الشرايين.
• ضروري لإنتاج الطاقة في خلايا القلب وغيرها من الخلايا.
ويعتبر مرافق الإنزيم Q10 واحدًا من أهم المغذيات التي تحافظ على صحة القلب، في حين تعمل الستاتينات على خفض إنتاجه، وهذا هو السبب المحتمل للكثير من الآثار الجانبية لها.
من الآثار الجانبية لنقص هذا العنصر الحيوي والمغذي للجسم:
• ضمور العضلات، ما يسبب الوَهَن وآلام العضلات.
• فشل عضلة القلب (وهو قصور يؤدي إلى ضعف عضلة القلب، ويجعلها أقل قدرة على ضخ الكمية الكافية من الدم).
• الاعتلال العصبي (تلف الجهاز العصبي).
• التهاب الأوتار والأربطة.
الفئات التالية عرضة للإصابة بالأعراض الجانبية للستاتينات:
• كبار السن
• الإناث
• مرضى السكر
• من أجروا عمليات جراحية منذ وقت قصير
• مرضى القلب أو الكلى
• الأشخاص الذين يتناولون أدوية أخرى، وبخاصة الإريثروميسين، أو الفايبرات، أو الإيتراكونازول، أو الأدوية المثبطة للمناعة.
الآثار الجانبية المحتملة للأدوية الستاتينية
• ارتفاع إنزيمات الكبد:
يمكن للستاتينات أن تتسبب في إحداث بعض الالتهابات والضرر للكبد، ما يزيد من إنزيمات الكبد لديك. ومن هنا يجدر بطبيبك أن يطلب منك إجراء اختبار للدم يسمى اختبار وظائف الكبد قبل أن يصف لك أحد أدوية الستاتينات، وبعد تناولك إياها طوال 12 أسبوعًا. وهناك احتمال كبير بأن تكون نسبة إنزيمات الكبد مرتفعة لديك إذا كنت تتناول أدوية الستاتينات مع أدوية أخرى خافضة للكوليسترول في الوقت نفسه بجرعات كبيرة مثل لوبيد (جمفبروزيل) أو نياسين (فيتامين ب3).
والأمر المثير للسخرية هنا هو أن كثيرًا ممن يتناولون أدوية الستاتين مصابون بالكبد الدهنية، وقد تكون إنزيمات الكبد مرتفعة لديهم بالفعل، فإذا كانت لديك سمنة زائدة في البطن، وبخاصة الجزء الأعلى منه، فأنت على الأغلب تعاني الكبد الدهنية. إن من يعانون الكبد الدهنية لديهم كمية كبيرة من الالتهابات في الكبد، وسوف تزيد أدوية الستاتينات من سوء الوضع. ولأن الكبد هي المكان الرئيسي لإنتاج الكوليسترول، فإن وجود خلل في وظائف الكبد يتسبب في ارتفاع مستوى الكوليسترول. ولا فائدة من أدوية الستاتينات في تحسين حالة الكبد، بل هي على العكس من ذلك تزيد من أمراضها.
وقد جربت إحدى المريضات من غرب أستراليا، وتدعى “تريز”، ثلاثة أدوية ستاتينية مختلفة، وهي: برافاكول، وزوكور، وليبيتور. وقالت: “لقد أدت الأدوية الثلاثة إلى رفع مستوى إنزيمات الكبد لديَّ. والآن قد استسلمت وأنا أشعر بالفشل الشديد”. وتحدثت عما مرت به، فقالت: “لقد عانيت ألمًا متواصلًا في ساقيَّ بداية من الركبة إلى الأسفل، مع شعور دائم بالضعف في عضلة الساق. وأشعر بالغثيان بعد فترة قصيرة من تناول الأقراص”.
• ألم العضلات وضعفها:
يمكن أن تتسبب أدوية الستاتينات في ألم العضلات وضعفها، وهو ما يُسمى بالاعتلال العضلي الستاتيني. وتزعم الشركات منتجة الأدوية أن ما بين اثنين إلى ثلاثة في المائة من الأشخاص هم من يعانون آلام العضلات، ولكن الحقيقة قد تكون مغايرة تمامًا. وتجري الدكتورة “بياتريس جولومب” – أستاذة الطب والحاصلة على الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا، التي تقع في مقاطعة سان دييجو بالولايات المتحدة- دراسة يمولها المعهد الوطني للصحة عن الآثار الجانبية للستاتينات، وقد توصلت إلى أن 98٪ من المرضى الذين يتناولون دواء ليبيتور يعانون مشكلات في العضلات.
ومن المرجح أن تمر بهذا الأثر الجانبي إذا كنت تمارس التمارين بصفة منتظمة، حيث إن مرافق الإنزيم Q10 الذي تثبطه الأدوية الستاتينية ضروري لانقباض العضلات. والأشخاص الذين اعتادوا تناول أدوية الستاتينات يلزمهم وقت للتعافي أطول من غيرهم، فهم يعانون آلامًا في العضلات عدة أيام بعد ممارسة التمارين، كما أن الألم العضلي التليفي يتفاقم بفعل الأدوية الستاتينية.
إن الأدوية الستاتينية قد تسبب نوعًا من أنواع الاعتلال العضلي أكثر حدة يدعى انحلال الرُّبَيْدات Rhabdomyolysis ، وذلك عندما تتحلل خلايا العضلة، وتفرز بروتينًا يدعى ميوجلوبين في الدورة الدموية. ويمكن للميوجلوبين أن يُبطل وظائف الكلى، مسببًا الفشل الكلوي، ومؤديًا إلى الوفاة في نهاية الأمر.
هناك أدوية معينة تزيد من خطورة الإصابة بانحلال الرُّبيدات إذا تم تعاطيها مع الأدوية الستاتينية، ومن تلك الأدوية:
• الفايبرات (وهي نوع آخر من الأدوية الخافضة للكوليسترول)
• إريثرومايسين (مضاد حيوي)
• الأدوية المضادة للفطريات
• الجرعات العالية الموصوفة من النياسين
• السيكلوسبورين (أحد مضادات رفض الخلايا، ويوصف للمرضى الذين جرى التبرع لهم بأحد الأعضاء)
ويمكنك أن تُجري اختبارًا للدم؛ لترى إذا كانت الستاتينات تسبب ضررًا للعضلات لديك أم لا. وإذا كانت تلك الأدوية تسبب لك ضررًا، فسوف تجد أن هناك ارتفاعًا في مستوى مادة تدعى كيناز الكرياتين، ولكن مع ذلك هناك الكثير من الأشخاص يعانون آلامًا في العضلات وضعفًا فيها، ولو عندما يكون كيناز الكرياتين في مستواه الطبيعي. وقد لا يمتثل المرضى الذين يعانون آلام العضلات وتلفها بسبب الأدوية الستاتينية للشفاء التام إطلاقًا؛ إذ يتعذر علاج الالتهاب العضلي في بعض الحالات.
قد تسبب الستاتينات تلفًا في الأعصاب، وهو ما يسبب أعراضًا مثل الوخز، والألم، والخدر، والضعف في الأيدي والقدمين، وهو ما يجعل البعض يعانون صعوبة في المشي. ولقد درس الباحثون 50 ألف حالة من الدنمارك، واكتشفوا أن تعاطي الستاتينات عامًا واحدًا أدى إلى رفع خطر تلف الأعصاب بنسبة 15٪. أما الأشخاص الذين تعاطوا الستاتينات عامين أو أكثر، فكانت احتمالية الإصابة لديهم قد زادت بنسبة 26٪، ويعد الكوليسترول مكونًا رئيسيًّا للغِمْد المَيَاليني، الذي يعزل الأعصاب، ويسهل انتقال النبضات العصبية.
إن النشرة الداخلية الموجودة في علبة دواء عقار ليبكس توصي باستخدامه لمرضى السكر، ولمن سبق لهم الإصابة بالسكتة الدماغية، أو أية أمراض متعلقة بالأوعية الدموية بصرف النظر عن مستوى الكوليسترول لديهم؛ حتى ينعموا بحياة مديدة. ويُوصى بالامتناع عن تعاطي عقار ليبكس، إذا كنت تعاني أحد أمراض الكبد، ولكن مع أن “آن” كانت تعاني مرض الكبد الدهنية، فإن هذا العقار قد وُصف لها. وقد صُنف الشعور بالخدر بأنه أحد الآثار الجانبية المحتملة لعقار ليبكس، وهو عبارة عن اضطراب في الجهاز العصبي، يجعل المريض يشعر بوخز، أو لسع، أو حرق في الأعصاب. وقد مرت “آن” بحالة مفرطة من التفاعل الدوائي الضار والسلبي، ولكنها الآن باتت تتبع نظامًا غذائيًّا مناسبًا مع مكملات غذائية، وأخذت تستعيد عافيتها ببطء يومًا بعد آخر.
• السرطان:
إن جميع الدراسات التي أُجريت على القوارض أثبتت أن الستاتينات تسبب السرطان. وهناك مقالة نقدية نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأمريكية، جاء فيها ” إن كل الأدوية التي تندرج تحت الفئتين الأكثر شهرة لخفض الدهون (الفايبرات والستاتينات) قد سببت الإصابة بالسرطان لدى القوارض، وكانت الجرعة في بعض الحالات قريبة من الجرعة المحددة للاستخدام البشري “، ولم تسفر الدراسات التي أُجريت على البشر في الوصول إلى مثل هذه النتائج المفاجئة؛ لأن السرطان يستغرق وقتًا طويلًا قبل أن تظهر أعراضه، ولم تستمر التجارب السريرية التي أُجريت على الستاتينات إلى أكثر من عامين أو ثلاثة. وجاء في ختام تلك الدراسة ما يلي: ” إن نتائج التجارب على الحيوانات والبشر قد أسفرت عن ضرورة تجنب العلاج بالعقاقير الخافضة للدهون، وبخاصة العقاقير التي تنتمي إلى فئتي الفايبرات والستاتينات باستثناء المرضى الذين لديهم عوامل خطورة عالية، وقريبة المدى للإصابة بمرض القلب التاجي “. وقد أصبحت تلك الدراسات طي النسيان؛ لأن هناك ملايين المرضى حول العالم يتعاطون الأدوية الخافضة للكوليسترول حتى لو كانت عوامل الخطورة لديهم قليلة للغاية، ولكن الستاتينات هي أيضًا دواء قد نأخذه حفاظًا على حياتنا. وهناك دراسة أُجريت على البشر تسمى اختبار كير، توصلت إلى أن معدلات الإصابة بسرطان الثدي تزيد لدى من يتعاطون الستاتينات بنسبة 1500٪، فالستاتينات قد تخفض من نسبة الكوليسترول لديك، ولكن ما الثمن الذي قد تدفعه في المقابل؟
• فشل القلب:
لقد شهد العالم زيادة هائلة في معدل الإصابة بفشل القلب الاحتقاني. وهناك انخفاض طفيف في معدل الإصابة بالأزمات القلبية، ولكن معدل الإصابة بفشل القلب آخذ في الزيادة، ففي أستراليا هناك ما يقارب 300000 شخص يعانون فشل القلب، بينما تُصاب 30000 حالة جديدة في كل سنة بهذا المرض، وتحدث حالة فشل القلب الاحتقاني عندما يُصبح القلب أكثر ضعفًا، ويعجز عن ضخ الدم في أنحاء الجسم بالقدر المطلوب. وهنا يتضخم القلب ويزداد سُمكًا، ويضعف أداؤه شيئًا فشيئًا، وتصبح قدرته على ضخ الدماء أقل كفاءة.
إن الستاتينات تحرم الجسم من مرافق الإنزيم Q10 ، ولأن القلب عبارة عن عضلة، فإنه يعتمد بصورة كبيرة على مرافق الإنزيم Q10 للحصول على الطاقة، فمن دونه تعجز الميتوكندريا الموجودة في خلايا القلب عن إنتاج القدر الكافي من الطاقة؛ ما يؤدي إلى ضعف العضلة، فكلما زادت الجرعة التي تتعاطاها من الستاتينات، وطالت مدة تعاطيك إياها، زادت احتمالية إصابتك بفشل القلب، أما الأمر المثير للسخرية، فهو أن جميع مرضى فشل القلب توصف لهم الستاتينات، حتى لو كان مستوى الكوليسترول لديهم طبيعيًّا، على افتراض أنها ستحميهم من الإصابة بالأزمات القلبية.
• مشكلات التركيز والذاكرة:
يمكن للستاتينات أن تؤثر في الوظائف الإدراكية لديك، فقد أظهرت دراسة أُجريت في جامعة بيتسبرج بالولايات المتحدة الأمريكية أن المرضى الذين تناولوا الستاتينات ستة أشهر كان أداؤهم أسوأ كثيرًا من المرضى الذين تناولوا علاجًا وهميًّا وذلك في حل الأحجيات المعقدة واختبارات الذاكرة، كما كان أداؤهم سيئًا في المهارات النفسية الحركية، فنقص التركيز وفقدان الذاكرة قصيرة الأمد قد لا يكون ناتجًا عن التعب أو التقدم في العمر فحسب، بل قد يكون ناتجًا عن تناولك العقاقير الخافضة للكوليسترول. إن “دوان جريفلاين” صاحب كتاب Lipitor: Thief of Memory ، ورائد الفضاء السابق، يصف في كتابه كيف عانى هو وغيره من زملائه الفقدان التام للذاكرة على فترات متفاوتة، حيث لم يكن يتذكر المكان الذي يكون فيه، وسبب وجوده فيه. ويمكن لفقدان الذاكرة أن يحدث فجأة ويختفي فجأة، ولكن الستاتينات التي تسبب هذا الأمر غالبًا هي ليبيتور (أتورفاستاتين)، وزوكور وليبكس (سيمفاستاتين).
إن القصور المعرفي ليس مذكورًا في النشرات الدوائية باعتباره أحد الآثار الجانبية المحتملة للستاتينات، بل إن بعض الأطباء يوصون بأن تعاطي الستاتينات وانخفاض مستوى الكوليسترول قد يساعدان على الوقاية من الإصابة بمرض الزهايمر، ولكن الأبحاث الحديثة تعارض هذا الرأي؛ حيث خضعت مجموعة مؤلفة من 1026 فردًا ممن كانوا جزءًا من دراسة فرامنجهام للملاحظة. وكان جميع المشاركين غير مصابين بأي من أمراض القلب والأوعية الدموية، أو الخَرَف بين عامي 1988 و1989، وكانوا يفحصون مستويات الكوليسترول لديهم مرتين في كل سنة، وذلك في الفترة الممتدة من 1950 إلى عام 2000. وخلال الفترة ما بين عامي 1992 و2000 أُصيب 77 شخصًا بمرض ألزهايمر. وقد توصلت الدراسة إلى أن خطورة الإصابة بمرض ألزهايمر لا علاقة لها بمستويات الكوليسترول.
• الاكتئاب:
إن انخفاض الكوليسترول قد يحفز الإصابة بالاكتئاب لدى البعض؛ لأن الكوليسترول ضروري لعمل مستقبلات السيروتونين الموجودة في المخ. ومن المثير للسخرية أن الاكتئاب يُمثل بالفعل مشكلة صحية رئيسية في أستراليا، والأشخاص المصابون بالاكتئاب أكثر عُرضة للإصابة بأمراض القلب.
يُرجى الانتباه إلى أننا لا ننصحك بالتوقف المفاجئ عن تعاطي أي دواء خافض للكوليسترول قبل الرجوع إلى طبيبك الخاص.
• تدمير القدرة الجنسية:
إن الكوليسترول هو المكون الرئيسي للعديد من الهرمونات، بما فيها الهرمونات التي تفرزها الغدة الكظرية، وكذلك الهرمونات الجنسية؛ ما يعني أن تعاطي الأدوية الخافضة للكوليسترول قد يخفض مستويات هرمون التستوستيرون لدى الرجال والنساء؛ ما يُقلل من الرغبة الجنسية، ومن الحافز العقلي والبدني، ويقلل من الطاقة الجنسية. وبالإضافة إلى فقدان الحافز الجنسي، فإن العديد من الدراسات قد أثبتت أن الأدوية الخافضة للكوليسترول قد تؤثر في الأداء الجنسي لدى الرجال؛ ما يؤدي إلى ضعف الانتصاب، وهذا الأمر ينطبق على كل من الستاتينات والفايبرات (وهي نوع آخر من الأدوية الخافضة للكوليسترول). إن خلايا الخصيتين لديها القدرة على إنتاج الكوليسترول؛ لأن توافره بكميات ضخمة ضروري لإنتاج هرمون التستوستيرون. والستاتينات تؤثر في الخصيتين، كما أنها تثبط إنتاج الكوليسترول فيهما، كما تفعل ذلك في الكبد، وتختفي أعراض العجز الجنسي عند التوقف عن تعاطي تلك الأدوية.
إن عقار سيمفاستاتين (زوكور، ليبكيس)، يثبط إنتاج هرمون التستوستيرون بصورة مباشرة، وهو أمر مستقل تمامًا عن وظيفته في خفض نسبة الكوليسترول؛ إذ يتبع آلية مختلفة لهذا الأمر، وقد أصاب هذا الأمر بعض الرجال بالتثدي، وهو نمو أنسجة الثدي لديهم. إن اللجنة الاستشارية الأسترالية للتفاعلات الدوائية السلبية لديها أحد عشر تقريرًا عن التثدي لدى الرجال، وهي مرتبطة باستخدام عقار سيمفاستاتين. وتذكر اللجنة البريطانية للأمن الدوائي “حالات قليلة” يرتبط فيها التثدي باستخدام الأدوية الخافضة للكوليسترول.
ويُرجى التنبه إلى أن عوامل خطورة الإصابة بأمراض القلب التاجي، مثل السمنة المفرطة، ومرض السكر، والتدخين هي ذاتها عوامل الخطورة لضعف الانتصاب، فإذا كنت تعاني ضعف الانتصاب، فقد يكون ذلك علامة مبكرة على وجود تجلطات دموية في الشرايين؛ ما يعني خطورة الإصابة بالأزمة القلبية، أو بالسكتة الدماغية.
إن تعاطي الأدوية الستاتينية قد يسبب تلفًا لا يمكن إصلاحه في عدسة العين. ويمكن أن يعمل تناول المضاد الحيوي إريثروميسين مع أحد الستاتينات على زيادة فرصة الإصابة بإعتام عدسة العين. وهناك دراسة نُشرت في دورية سجلات الطب الباطني، قد توصلت إلى أن تناول المضاد الحيوي فترة محددة، وهي عادة ما تكون عشرة أيام، يضاعف من خطر الإصابة بإعتام عدسة العين إذا رافقه تناول أحد أدوية الستاتينات، ولكن إذا تكرر تناول المضاد الحيوي فترتين أو أكثر بعد ذلك، فإن خطر الإصابة يزيد إلى ثلاثة أضعاف.
هل هناك فاعلية للستاتينات في إنقاذ مرضى القلب؟
هناك تركيز كبير جدًّا على الكوليسترول ومحاولة خفض مستوياته، حتى باتت الصورة الكاملة مفقودة بالنسبة إلينا. وهناك مبالغة في تقدير خطورة الكوليسترول، فهو ليس عامل الخطورة الأكبر للإصابة بأمراض القلب، كما تروج له شركات الأدوية، بل إن ما يضر بالقلب ويسبب الوفاة، هو الالتهاب الشديد والكوليسترول المتأكسد؛ فالهدف النهائي هو خفض حالات الوفاة التي تتسبب فيها أمراض القلب، وليس أن نخفِّض مستوى مادة معينة في الجسم، فما الفائدة من خفض مستوى الكوليسترول إذا كانت الأدوية التي تتناولها لكي تتجنب هذا المرض هي التي تصيبك بالمرض؟ مع العلم أن خفض الكوليسترول بشكل كبير يعرضك للإصابة بأمراض أخرى، قد تؤدي بك إلى الوفاة، أو تُفسد عليك حياتك.
ولكي يُصرَّح بالدواء الخافض للكوليسترول من قبل إدارة الغذاء والدواء، لا بد أن تثبت الشركة فقط أن الدواء خافض للكوليسترول، دون أن تكون هناك ضرورة إلى أن تثبت أنه يقلل من احتمال الوفاة بأمراض القلب. وهناك العديد من الدراسات طويلة المدى التي أظهرت انخفاضًا في حالات الوفاة جراء الأزمات القلبية لدى المرضى الذين يتعاطون الستاتينات، ولكن المعدل العام للوفيات بقي على حاله لدى مجموعتي الاختبار، أي أن المجموعة التي تعاطت الستاتينات حدثت لديها حالات وفاة كانت أقرب من حالات الوفاة لدى المجموعة التي لم تتعاطَ الستاتينات، ولكن كانت الوفاة لأسباب أخرى؛ فالستاتينات تقلل من خطر الوفاة بسبب أمراض القلب، ولكنها لا تقلل من المعدل العام للوفيات.
هل تقلل الستاتينات من معدل الوفيات لدى النساء؟
ليست هناك دراسات حتى الآن تبين أن الستاتينات تقلل من معدلات الوفيات الناتجة عن الإصابة بأمراض القلب لدى النساء. وجاء في مبادرة جامعة كولومبيا البريطانية أن الستاتينات لا تجدي نفعًا في منع الإصابة بأمراض القلب لدى للنساء. ولا يزال هناك المزيد والمزيد من النساء ممن توصف لهن هذه الأدوية، والنساء أكثر عرضة للإصابة بالأعراض الجانبية السلبية لهذه الأدوية. ففي معظم التجارب السريرية التي أجريت بشكل منضبط، أو عشوائي، وأُجريت على الستاتينات لم يكن هناك أي انخفاض في معدلات الوفاة بالنسبة إلى النساء.
ووفقًا للدكتور “جيمس إم. رايت”، الحاصل على الدكتوراه من جامعة كولومبيا البريطانية: “إن نتائج جميع التجارب لا تؤيد استخدام الستاتينات من قبل النساء اللائي لا يعانين أمراض القلب”. ولم يثبُت أن ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم يشكل عامل خطورة للإصابة بأمراض القلب لدى النساء، فمستويات الكوليسترول في الدم لدى النساء أعلى من مستوياته لدى الرجال ممن هم في الفئة العمرية نفسها، في مختلف مراحلهن العمرية. ومع ذلك تحدث الأزمة القلبية الأولى لدى الرجال قبل حدوثها للنساء اللائي يقعن في الفئة العمرية نفسها بنحو 15 عامًا. وقد نوَّه مكتب المحاسبة العامة للحكومة الأمريكية بنقص التجارب السريرية المتعمقة في هذا البيان، قائلًا:
“إن التجارب لم تُقيّم تأثير الأدوية الخافضة للكوليسترول في العديد من الفئات المهمة مثل النساء وكبار السن من الرجال والنساء، والأقليات من الرجال والنساء، ومن ثم فهي لا تقدم دليلًا على الفوائد أو المخاطر المحتملة التي قد تتعرض لها هذه الفئات”.
وفي حين أن الستاتينات لا تحد من خطر الإصابة بأمراض القلب، فيمكنها أيضًا أن تزيد من خطر الإصابة بالسرطان. وقد أظهرت ثلاث تجارب سريرية أن النساء اللائي يتناولن الأدوية الستاتينية لديهن معدلات أعلى من الإصابة بسرطان الثدي. وفي إحدى التجارب تعاطى مرضى القلب 40 ملليجرامًا من عقار برافاكول (برافاستاتين)، أو من دواء وهمي بصفة يومية. وقد توصلت الدراسة إلى أن 12 امرأة من بين 286 امرأة ممن يتناولن عقار برافاكول قد أُصبن بسرطان الثدي، بينما لم تُصب به سوى حالة واحدة من بين 290 حالة ممن تناولن الدواء الوهمي، ويُدَّعى أن هذه النتيجة “ليست ذات دلالة إحصائية”، وهذا هو السبب في أنك لم تسمع بها. إن النتائج الإيجابية للدراسات هي التي تُنشر؛ لأن كثيرًا منها يكون ممولًا من قبل الشركة التي تُصنِّع الدواء؛ فإجراء الدراسات الطبية مكلف للغاية، ومن ثم فإن شركات الأدوية يجب أن تتأكد من استعادة الأموال التي أنفقتها.
هل الستاتينات مفيدة لكبار السن؟
لا يوجد اتفاق بشأن ما إن كان ارتفاع الكوليسترول يعد مشكلة لدى من تجاوزوا ال70 عامًا. وهناك دراسة تدعى Cholesterol and mortality: 30 years of follow-up from the Framingham study وتعني ” الكوليسترول والوفيات: 30 عامًا من متابعة دراسة فرامنجهام”، وكانت قد نُشرت عام 1987، في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية. وقد تم قياس مستويات الكوليسترول لدى 1959 رجلًا و2415 امرأة، تتراوح أعمارهم بين 31 و65 عامًا، ولم يكن أحد منهم يعاني أمراض القلب الوعائية أو السرطان. وقد تُصدم إذا عرفت أن الدراسة قد أظهرت أنه لم تكن هناك زيادة في معدل الوفيات لدى من يعانون ارتفاع مستوى الكوليسترول ممن تجاوزوا سن الخمسين فوفقًا لهذه الدراسة لن تكون هناك احتمالية كبيرة لإصابتك بالأزمة القلبية إذا تجاوزت الخمسين، وكانت مستويات الكوليسترول لديك أعلى ممن لديهم مستويات طبيعية أو منخفضة. وقد قالت هذه الدراسة إن هناك ارتباطًا مباشرًا بين انخفاض مستويات الكوليسترول وتزايد معدلات الوفاة.
وقد اكتشف باحثون في كلية الطب في سان دييجو، أن ارتفاع نسبة الكوليسترول لدى من تجاوزوا 75 عامًا مفيد، وليس ضارًّا، وقد قالوا أيضًا إن انخفاض الكوليسترول عامل خطورة للإصابة باضطراب نظم القلب، أو عدم انتظام ضرباته. وهناك دراسة نشرت في دورية القلب الأوروبية حصرت 595 حالة مصابة بمرض القلب التاجي ممن وصل إجمالي مستوى الكوليسترول لديهم 158 ملليجرامًا أو أقل، حيث تمت مقارنتهم بمجموعة أخرى مكونة من 10968 حالة مصابة بأمراض القلب ممن تجاوزت مستويات الكوليسترول لديهم 158 ملليجرامًا للتر. وقد توصلت الدراسة إلى أن خطر الوفاة بسبب أمراض القلب كان متساويًا لدى كلتا المجموعتين، ولكن مع ذلك لم تكن لانخفاض الكوليسترول فائدة في الوقاية من أمراض القلب. كما توصلت الدراسة إلى أن ” السرطان كان أحد أكثر أسباب الوفاة شيوعًا وليست له علاقة بأمراض القلب، حيث كان السرطان مرتبطًا بانخفاض مستوى الكوليسترول”، فما الفائدة من الاهتمام بخفض مستوى الكوليسترول لديك إذا لم تكن في ذلك فائدة في إطالة حياتك؟
إن كبار السن أكثر عرضة للآثار الجانبية التي تسببها الأدوية الستاتينية. وأحد أسباب ذلك الأمر هو أن كبار السن غالبًا ما يتعاطون عددًا من الأدوية، وهو ما يزيد من احتمالية حدوث تفاعلات بين تلك الأدوية. وآلام العضلات (الاعتلال العضلي) الناتجة عن الستاتينات تصبح أكثر شيوعًا مع التقدم في العمر – كلما زادت كمية الأدوية التي نتناولها، تعددت الأمراض الأخرى التي تصيبنا – وفي أثناء الفترات التالية للعمليات الجراحية. وتكثر هذه العوامل المذكورة لدى كبار السن، فآلام العضلات تقلل من الإقبال على التمارين الرياضية، ومن ثم تفوتهم فائدة ممارسة التمرينات التي تعود بالنفع على القلب والأوعية الدموية.
الستاتينات لا تحتاج إلى وصفة طبية
في المملكة المتحدة في عام 2004 أُتيحت نسخة من دواء زوكور الخافض للكوليسترول للاستخدام دون وصفة طبية، ولكن بجرعة مخففة. وكان الهدف من هذه الخطوة هو جعل الأدوية الستاتينية متاحة بصورة أكبر للجمهور، حتى تمنع الإصابة بأمراض القلب لدى من هم معرضون لها. ويعتقد الدكتور “جون ريكلس” – رئيس جمعية أمراض القلب في المملكة المتحدة لرعاية من يعانون ارتفاع نسبة الكوليسترول – أن الستاتينات أكثر أمانًا من الأسبرين، وأن “من يحتاجون إلى الستاتينات أكثر ممن يتناولونها حاليًّا”.
وبالطبع يمكن أن تسبب الستاتينات آثارًا جانبية خطيرة، وهو ما يعرض عددًا كبيرًا ممن يتناولونها للخطر دون أن تكون هناك ضرورة إلى ذلك. ولا يجوز استخدامها مطلقًا للحوامل؛ حيث إنها قد تسبب تشوهات خلقية للأجنة. ويقول البروفيسور “توم ساندرز” – وهو أستاذ بكلية كينجز بلندن، ومدير التغذية لدى جمعية أمراض القلب في المملكة المتحدة – “في سن الأربعين تكون احتمالية إصابتك بالأزمة القلبية أقل من واحد في الألف، ومن ثم فلن يكون هناك سوى قدر ضئيل من الفائدة فيما يتعلق بخفض مستويات الكوليسترول”. ولسوء الحظ فإن القدرة على شراء عقار زوكور دون وصفة طبية يعود بنتيجة عكسية، فهو يعزز فكرة أن بإمكاننا أن نأكل ما نشاء، وألا نمارس أية تمارين رياضية، وأن حبة من هذا الدواء كفيلة بمعالجة أية أضرار.
هل هناك أية فوائد للأدوية الستاتينية؟
هناك دراسات حديثة تبين أن الأدوية الستاتينية قد تقلل من الالتهابات في الجسم. وهي قادرة على خفض مستويات بروتين سي التفاعلي. ووفقًا للدكتور “كريستوفر بي. كانون” – طبيب القلب في مستشفى بريجهام أند ويمنز في بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية – “يعد بروتين سي التفاعلي مؤشرًا عامًا للكثير من مشكلات القلب والأوعية الدموية”. وإذا زادت نسبة هذا البروتين في دمك، فهناك احتمالية كبيرة للغاية بأن تتعرض لأزمة قلبية.
والآلية التي تتبعها الأدوية الستاتينية في خفض هذا البروتين غير معروفة حاليًّا، ولكن تقل احتمالية تعرض المرضى الذين لديهم مستويات منخفضة من هذا البروتين (وبخاصة إذا قلت نسبته عن ملليجرامين للتر) لأزمة قلبية، وذلك بصرف النظر عن نسبة البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة. وربما كان التأثير العلاجي للأدوية الستاتينية في مكافحة أمراض القلب والأوعية الدموية من خلال خفض مستوى بروتين سي التفاعلي، وليس من خلال خفض نسبة الكوليسترول.
من الجيد أن تعرف أن الستاتينات يمكن أن تكون مفيدة لصحتك؛ حيث تعمل على خفض الالتهابات، ولكن ربما كان ثمن تلك الفائدة باهظًا للغاية؛ إذ إنه من السهل أن تخفض نسبة بروتين سي التفاعلي من خلال اتباع نظام غذائي صحي، ونمط حياة صحي. إن الحفاظ على الوزن الصحي وممارسة الرياضة بانتظام، وتناول الكثير من عصائر الخضراوات، ومضادات الأكسدة، تعد وسائل بسيطة لخفض مستوى بروتين سي التفاعلي. مع العلم أن هذه العلاجات الطبيعية لن تكلفك الكثير من المال. وشركات الأدوية تحقق أرباحًا طائلة من بيع الأدوية الخافضة للكوليسترول.
منحِّيات حامض الصفراء Bile acid sequestrant
أسماء الأدوية والعلامات التجارية:
• كوليسترامين Cholestyramine ( كويستران لايت Questran Light)
• كوليستيبول Colestipol (حبيبات كوليستيد Colestid).
كيف تعمل منحِّيات حامض الصفراء؟
ترتبط تلك المنحيات بالأحماض الصفراوية التي تحتوي على الكوليسترول الموجود بالمعدة، ثم تزول من خلال حركة الأمعاء. وعادة ما تؤدي تلك الأدوية إلى خفض مستوى الكوليسترول منخفض الكثافة بنسبة 10-20٪. وأحيانًا ما يتم تناول منحيات حامض الصفراء مع عقار ستاتيني لخفض مستويات الكوليسترول بصورة أكثر فاعلية. وعندما يُستخدم كلا الدواءين معًا بتلك الكيفية، فإنهما قد يؤديان إلى خفض نسبة الكوليسترول منخفض الكثافة بنسبة 40٪ تقريبًا. ومنحيات حامض الصفراء لا تخفض من مستويات الدهون الثلاثية. وتأتي تلك النوعية من الأدوية على شكل مساحيق تُخلط مع الماء، أو العصير، ويتم تناولها مرة أو مرتين يوميًّا مع الوجبات.
الآثار الجانبية لمنحيات حامض الصفراء
تقلل هذه الأدوية من قدرة جسمك على امتصاص الأدوية الأخرى التي تتناولها، كما أنها تمنع امتصاص الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون، وهي فيتامينات أ، ه، د، ك. ومن ثم فإن تناول منحيات حامض الصفراء فترة طويلة يقتضي بدوره تناول المكملات من الفيتامينات، وتقلل مضادات الحموضة من فاعلية منحيات حامض الصفراء، ومن ثم لا يمكن تناول كلا الدواءين معًا. وتعد اضطرابات الهضم هي الآثار الجانبية الأكثر شيوعًا لهذه الأدوية، وتشمل تلك الاضطرابات الغازات، والغثيان، والانتفاخ، والإمساك.
الأدوية المثبطة لامتصاص الكوليسترول Cholesterol absorption inhibitors
اسم الدواء والعلامة التجارية له:
• إيزيتيمايب Ezetimibe ( إيزيترول Ezetrol).
كيف تعمل الأدوية المثبطة لامتصاص الكوليسترول؟
هذه فئة جديدة من الأدوية، صرحت باستخدامها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية للمرة الأولى في أواخر عام 2002. ويعمل إيزيتيمايب على تثبيط امتصاص الأمعاء للكوليسترول الموجود في العصارة الصفراوية والغذاء. وعندما يُستخدم إيزيتيمايب بمفرده، فإنه يقلل من الكوليسترول منخفض الكثافة بنسبة 18-20٪، ولكنه غالبًا ما يستخدم إلى جانب أحد الأدوية الستاتينية، وبخاصة لدى الأشخاص الذين يعانون الآثار الجانبية للجرعات الكبيرة من الأدوية الستاتينية. ويمكن لدواء إيزيتيمايب أن يرفع من مستوى الكوليسترول مرتفع الكثافة، ولكن الطريقة التي يقوم من خلالها بهذا الأمر ما زالت مجهولة حتى الآن. ولا يوجد له تأثير في امتصاص الدهون الثلاثية، والأحماض الصفراوية، والأحماض الدهنية، والفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون. ويأتي هذا الدواء في شكل أقراص تُستخدم مرة واحدة يوميًّا.
الآثار الجانبية لمثبطات امتصاص الكوليسترول
لقد أظهرت الدراسات التي أجريت حتى الآن أن الآثار الجانبية التي تظهر عند الأشخاص الذين يتناولون دواء إيزيتيمايب لم تكن أكبر من الآثار التي تظهر ظهرت عند من تناولوا دواءً وهميًّا. وبصفة عامة، فإنه لا يسبب أية مشكلات تذكر إذا تم تناوله بمفرده.
الأدوية التي تحتوي على حمض النيكوتينيك (النياسين)
الاسم والعلامة التجارية:
• نياسين Niacin ، حمض النيكوتينيك Nicotinic acid
كيف تعمل أدوية حمض النيكوتينيك؟
إن حمض النيكوتينيك هو فيتامين ب 3، وهو فيتامين قابل للذوبان في الماء. وعندما يُستخدم النياسين بجرعة أعلى كثيرًا من الجرعة الصحية المقررة، فإنه يكون قادرًا على خفض مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة، والدهون الثلاثية، ورفع مستويات الكوليسترول مرتفع الكثافة. وعند بداية تناوله فإن الجرعة المعتادة تكون هي 250 ملليجرامًا ثلاث مرات يوميًّا. وتزيد عادة لتصل إلى 3-4 جرامات بحد أقصى يوميًّا. أما الجرعة الموصى بها يوميًّا فهي 13 ملليجرامًا للإناث و19 ملليجرامًا للذكور. ويمكن لحمض النيكوتينيك أن يخفض مستوى الكوليسترول منخفض الكثافة بنسبة 10-20٪، وأن يخفض نسبة الدهون الثلاثية بنسبة 20-50٪ وأن يزيد من مستوى الكوليسترول منخفض الكثافة بنسبة 15-35٪.
الآثار الجانبية لحمض النيكوتينيك
تعد الهبَّات الساخنة هي الأثر الجانبي الأكثر إزعاجًا، والأكثر شيوعًا في الوقت نفسه؛ حيث إن للدواء تأثيرًا موسِّعًا للأوعية الدموية. لذا فهو ليس الدواء المناسب للسيدات اللائي بلغن سن اليأس! كما يمكن أن يُسبب الدواء اضطرابات في الجهاز الهضمي، مثل الغثيان، وعسر الهضم، والغازات، والإسهال.
ويُمنع استخدام حمض النيكوتينيك لمن يعانون القرحة الهضمية؛ لأنه يمكن أن يؤدي إلى تفاقمها بصورة حادة. ويمكن لهذا الدواء أيضًا أن يزيد من فاعلية أدوية ارتفاع ضغط الدم. وهناك أيضًا آثار جانبية ضارة منها النقرس، وارتفاع مستويات السكر في الدم، والتهاب الكبد.
الفايبرات Fibrates
أسماء الأدوية والعلامات التجارية:
• جيمفبروزيل Gemfibrozil ( لوبيد Lopid، أوسجيم Ausgem، جمفبروزيل-بي سي Gemfibrozil-BC، جيمهيكسال Gemhexal، جينريكس جمفبروزيل GenRX Gemfibrozil، جيزيل Jezil، ليبازيل Lipazil)
• فينوفايبرات Fenofibrate (ليبيديل Lipidil).
كيف تعمل الفايبرات؟
ليس هناك فهم كامل لآلية عملها على وجه الدقة، ولكن الفايبرات تعمل على خفض الدهون الثلاثية، وتخفض مستويات البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة جدًّا، ويمكنها أن تسبب زيادة طفيفة في مستويات الكوليسترول مرتفع الكثافة. وتأتي هذه النوعية من الأدوية في شكل أقراص وكبسولات، وعادة ما تؤخذ مرتين يوميًّا قبل الفطور والعشاء بنصف ساعة.
الآثار الجانبية للفايبرات
إن المشكلات الأكثر شيوعًا والناتجة عن الفايبرات هي اضطرابات الجهاز الهضمي، ويمكن لها أن تزيد من احتمالية الإصابة بالحصوات المرارية. ويمكن للفايبرات أن تزيد من قوة بعض الأدوية؛ ما يزيد من احتمالية معاناتك الآثار الجانبية لها. ومن هذه الأدوية دواء وارفارين الذي يعمل على زيارة سيولة الدم، وكذلك هناك بعض الأدوية الخاصة بمرض السكر، والأدوية الستاتينية. وإذا استُخدمت الفايبرات مع أحد الأدوية الستاتينية، فإنها تزيد بصورة كبيرة من احتمالية معاناتك الآثار الجانبية الحادة للستاتينات، مثل الاعتلال العضلي (آلام العضلات)، واعتلال الربيدات (تحلل نسيج العضلة). ومع ذلك فإن مؤسسة القلب توصي باستخدام كلا الدواءين معًا لذوي الحالات الخطيرة، إذا لم يكن أحدهما فعّالًا بمفرده. وعند استخدام الستاتينات والفايبرات معًا، يُنصح بإجراء فحوص للدم بصفة مستمرة، توضح مستوى إنزيمات الكبد، وكنياز الكرياتين، وذلك لمراقبة الآثار الجانبية لتلك الأدوية.
بروبوكول Probucol
وهذا الدواء لا يُستخدم بكثرة؛ لأنه يعمل على خفض مستوى الكوليسترول منخفض الكثافة ” الكوليسترول الضار”، وكذلك مستوى الكوليسترول مرتفع الكثافة ” الكوليسترول المفيد”، ومن ثم فإنه يستخدم في بعض حالات ارتفاع الكوليسترول الوراثي، أو للمرضى الذين لم تنفع معهم بقية الأدوية الخافضة للكوليسترول. ويمكن لدواء بروبوكول أن يسبب الغثيان، والانتفاخ، والإسهال والدوار.