التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

أرخ الجسد ليهدأ العقل | تحسين النوم

رغم أن تخصيص وقت للاسترخاء أمر أساسي، ففي بعض الأحيان لا يكون تخصيص هذا الوقت كافيًا لتحقيق الاسترخاء, وقد تحتاج إلى إستراتيجية مدروسة، أي تمرين فعال للاسترخاء. وإذا وجدت نفسك متوترًا أو قلقًا، فإن بدء تمرين رسمي للاسترخاء قد يكون هو الحل الوحيد أمامك. وهناك سبب للتفكير في أن ممارسة تمرين الاسترخاء وحدها قد تساعد من يعانون مشكلات خاصة بالنوم، ولكنك إذا جمعت بين تمرين الاسترخاء والإستراتيجيات الأخرى، فسوف ترى تحسنًا أكبر في نومك.

هل “تسترخي وحسب”؟

هل تشعر بالتوتر والقلق على نحو خاص في المساء؟ وهل تشعر بالإحباط لعدم قدرتك على الاسترخاء؟ مثلما تجعل صعوبة النوم عديدًا من الناس قلقين، قد تسبب لهم صعوبة الاسترخاء القلق أيضًا. وربما جربت الاسترخاء بالفعل في حل مشكلاتك الخاصة بالنوم وشعرت بمزيد من القلق لأنك كنت غير قادر على الاسترخاء. وحتى إذا لم يبدُ الاسترخاء ناجحًا معك في الماضي، فهو لا يعني أن تمرين الاسترخاء لا يمكن أن يكون مفيدًا على الإطلاق. وأنت بحاجة إلى تذكر الأمور الأساسية التالية دائمًا.

تمرَّن، ثم تمرَّن، ثم تمرَّن

تعد القدرة على الاسترخاء مهارة، وهي كبقية المهارات تتطلب المران لاكتسابها. وتعلم الاسترخاء كتعلم العزف على البيانو، فلن تكون فنانًا مبدعًا بعد تلقيك لدرس واحد فقط. وعلى نحو مشابه، لا يمكنك توقع النوم على نحو جيد في الليالي القليلة الأولى من ممارستك لتمرين الاسترخاء؛ فأنت تعيد تمرين جسدك وتبني مهارة. ووضع توقعات خيالية سوف يؤدي بك إلى التخلي عن الأمر في بدايته.

أنت لن تختار أبدًا الشروع في حياكة مظلتك وأنت تهبط بالفعل، بل سترغب في إتمام حياكتها في وقت سابق. وبعبارة أخرى، يتحتم عليك تعلم إستراتيجيات الاسترخاء والمران عليها في وقت سابق؛ لكي يتسنى لك حينما تكون متوترًا أن تجذب حبل مظلة الاسترخاء بيسر وأن تبدأ في الشعور به. لذا، اعزم على التمرن على إحدى إستراتيجيات الاسترخاء يوميًّا ولعدة أسابيع، وسوف تصاب بالدهشة عند رؤيتك للنتائج.

وقد تقلق لأن جسدك لا يمكنه الاسترخاء، ولكن هذا هو بالضبط سبب حاجتك إلى المران. وحتى إذا اعتقدت بأن جسدك غير قادر على الاسترخاء، يمكنك ملاحظة التغيرات الدقيقة التي تطرأ على إحساسك بتوتر عضلاتك إذا انتبهت إليها بشدة. ونظام الاسترخاء في جسدك ليس”معطلاً”، بل هو بحاجة إلى مزيد من التحفيز. وتبدأ عملية التحفيز هذه بملاحظة الفرق بين شعورك بعضلاتك حينما تكون منقبضة وإحساسك بالتخلص من ذلك التوتر. وبالتركيز على الفرق بين هاتين الحالتين المتناقضتين، سوف ترى أن باستطاعتك الاسترخاء، إلى حد ما على الأقل. وبالمران – والصبر – سوف يكون من الأيسر لك الاسترخاء، وإحساسك به سوف يزداد عمقًا.

دع القلق بشأن الاسترخاء

توجد عدة اختبارات مختلفة لقياس كل نوع من الاسترخاء ومقارنته بالأنواع الأخرى من حيث مساعدتها للناس في التغلب على مشكلات النوم، دون تفضيل أحدها على غيرها. ومن ثم ينبغي عليك أن تستعرض بحرية طرق الاسترخاء المختلفة وتنظر أيها أفضل بالنسبة لك. ولتُقْبِلْ على الاسترخاء بشغف وعقلية متفتحة (وسوف يتم شرح إستراتيجيات مختلفة للاسترخاء)، وقلل من توقعاتك؛ لأن الأمر في البداية يتعلق بتعلم الاسترخاء بقدر أكبر من تعلقه بتحقيق درجة معينة من الاسترخاء.

تمرَّن عندما تكون يقظًا

كثيرًا ما يحاول الناس التمرن على الاسترخاء في الفراش؛ أملاً في أن يُحْدِثَ فيهم أثرًا كأثر الأقراص المنومة، ولكن ليس من الراجح أن يكون هذا فعالاً، وقد يكون محبطًا ومثبطًا للعزيمة. ولكي يكون الاسترخاء فعالاً في الفراش، يتطلب منك أولاً أن تتعلمه بعيدًا عن الفراش، ومن خلال الممارسة والانتباه المركز. وسوف تعلم أنك مستعد للبدء في استخدام الاسترخاء في الفراش عندما تلاحظ أن بوسعك التحول إلى حالة الاسترخاء خلال ممارستك النهارية له.

تعلم كيف تضغط على مكابح قلقك الجسدي

رغم أنك ربما لا تحب القلق، فلا يمكنك النجاة بدونه؛ ففي المواقف الطارئة، يأسر القلق انتباهك، ويتيح لك الاستجابة لهذا الموقف إما بالهرب وإما بحشد مصادر إضافية لكي يستطيع جسدك إدارة هذا الموقف الطارئ. ولدى جسد الإنسان أجهزة تكميلية تتحكم في عملية التنشيط والتثبيط الجسدي, وتتحكم في الاسترخاء والتوتر أيضًا. ويمكنك تشبيه هذه الأنظمة بالمكابح ودواسة الوقود في السيارة. ولكي تقود السيارة، فأنت بحاجة إلى كل من الوقود والمكابح. وفي الجسد، يمثل الجهاز العصبي السمبثاوي “الوقود” لجسدك، ويمثل الجهاز العصبي الباراسمبثاوي “المكابح” له.

وعندما تريد التحرك بسرعة (كما في حالات الطوارئ)، يصبح جهازك العصبي السمبثاوي نشطًا، ويتزايد معدل دقات قلبك، وتبدأ في التنفس بسرعة أكبر، وتتدفق المزيد من الدماء في عضلاتك الكبيرة (أي ذراعيك وساقيك)، والوظائف الجسدية التي يمكن تأجيلها – كالهضم – تتوقف مؤقتًا. وهذا الأمر يشبه الضغط على دواسة الوقود. وهذا هو الجهاز الذي يساعدك عندما تكون بحاجة إلى الهرب من مصدر تهديد – كشخص مزعج – أو مواجهته على الفور. ويكون هذا الجهاز نشطًا أيضًا حتى عندما لا يكون الخطر حالة طارئة “حقيقية” أو عاجلة. وعلى سبيل المثال، إذا كنت تشعر بالقلق حيال أمر قد لا يحدث أبدًا، أو لن يحدث خلال عدة أيام تالية، فقد يظل هذا الجهاز نشطًا ويحدث لديك شعورًا بالانتباه، والتوتر، والقلق.

وليس من الحكمة بالطبع أن تنام إذا كنت تلاحظ وجود خطر. وبعبارة أخرى، الشعور الذي يثيره الجهاز العصبي السمبثاوي المفرط النشاط كاستجابة لخطر حقيقي أو وهمي لا يساعد على النوم. ولا يمكنك أن تنام عندما يكون جهازك العصبي السمبثاوي مفرط النشاط؛ فأنت بحاجة أولاً إلى أن يضغط جهازك العصبي الباراسمبثاوي على المكابح. وعندما يكون جهازك هذا مُنَشَّطًا، يتناقص معدل دقات قلبك، ويصبح تنفسك بطيئًا، ويتدفق الدم في كل أنحاء جسدك بقدر متساوٍ، والوظائف الجسدية المهمة كالهضم تستعيد عملها. وهذا الجهاز مسئول عن الراحة واسترداد الحالة الطبيعية. وإذا تعلمت كيفية الضغط على مكابحك بإرادتك، فسوف تكون لديك أداة قوية في موعد النوم، ولن يزعجك عقلك الصاخب وأنت في فراشك.

ضع خطة للاسترخاء هذا الأسبوع

قد يكون إحداث تغير ما في روتينك أمرًا صعبًا، وأيسر طريقة للمحافظة على تغيير ما في السلوك هو أن تضع خطة لكيفية تحويله إلى عادة. والآن وقد علمت أن التوتر المزمن قد يكون أساسًا في حالة الأرق التي لديك، وأن إدارة هذا التوتر تتطلب المران، فمن المهم أن تعطي الأولوية لهذا المران لبضعة أسابيع تالية. ولتنظر في جدولك الحالي وخصص فيه عشرين دقيقة على الأقل يوميًّا لهذا المران. وعلى مدار الأسابيع التالية، استمر في مراقبة المرات التي استطعت فيها التمسك بهذا الالتزام. وبالنسبة للأيام التي لم تتمسك فيها به، ما الذي أعاقك عن ذلك؟ ولتمضِ بعض الوقت في فهم سبب عدم تمسكك به. ولا تنتقد نفسك لعدم أداء تمرين الاسترخاء، وبدلاً من ذلك، خصص بعض الوقت لاستكشاف الأخطاء وكيفية إصلاحها.

وأكثر العقبات شيوعًا أمام تحويل الاسترخاء إلى عادة هي وَهْمُ انعدام الوقت. وإذا لم يكن بمقدورك توفير عشرين دقيقة من يومك للعناية بصحتك، فمن الراجح أنك مفرط في جدولة وقتك، وقد يكون هذا هو مصدر توترك وصخب عقلك في المساء. وحالما يتوفر لك بعض الوقت في جدولك، حاول أن توفر وقتًا لا يعرض لك فيه شيء. ولتبعد أجهزتك الإلكترونية الشخصية واضبط هاتفك الجوال على الوضع الصامت. وإذا كان لديك أطفال، فلتضع الترتيبات للعناية بهم أو مارس التمارين بعد خلودهم إلى النوم. وأخبر زوجتك، أو صديقك، أو شريكك في الغرفة بأنك تباشر برنامجًا للاسترخاء وأنك ستكون ممتنًّا له إذا وَفَّرَ لك بعض الهدوء كل مساء. وَلْتُحْدِثِ التغيير على مدار الشهر التالي, وانظر فوائد التمرن على الاسترخاء.

إستراتيجيات الاسترخاء

كما ذكرنا سابقًا، ليست هناك إستراتيجية استرخاء معينة أفضل من غيرها؛ لذا فلتجرب عدة إستراتيجيات متنوعة وحدد أيها أفضل بالنسبة لك. ويمكنك إنشاء قائمة بإستراتيجيات الاسترخاء لتجربها على مدار الأسابيع القليلة التالية. وسوف نقدم لك في الصفحات التالية بضع إستراتيجيات مختبرة، ولكن تذكر دائمًا أنه توجد العديد من الإستراتيجات الأخرى.

تمرين الاسترخاء التدريجي للعضلات

يعد هذا التمرين من أكثر أساليب الاسترخاء المستخدمة شيوعًا، وهو يعلمك الفرق في الشعور في كل مجموعة عضلية بين التمسك بتوتر العضلات وبين التخلص من هذا التوتر، أي استرخاء العضلات.

والتعليمات التالية سوف تقودك طوال أداء التمرين. ونظرًا لأن تمرين الاسترخاء التدريجي للعضلات يتطلب أن تؤديه وأنت مغمض العينين، فيمكن للفقرات المكتوبة بخط مائل أن تصلح كنص لك إذا رغبت في تدوين شيء ما لتوجيهك. ولتأخذ وقتك الكافي مع كل مجموعة عضلية، وتوقف لمدة خمس عشرة ثانية تقريبًا أو أكثر عند الانتقال من مجموعة عضلية إلى أخرى.

وكما هي حال أي تمرين من تمارين الاسترخاء، ابدأ باكتشاف وضعية مريحة، إما بالجلوس أو بالاستلقاء على الأرض. ولتأخذ نفسًا عميقًا، واحتفظ به لبضع دقائق، ثم أخرجه ببطء. وهيئ عقلك لأداء تمرين يركز على الزمان والمكان الحاليين فقط. وأنت تخصص هذا الوقت للانتباه إلى جسدك وتعلم الإحساس بالتخلص من توتر العضلات.

ولتستحضر وعيك في قدمك اليمنى، وَأَحْدِثْ التوتر في عضلات قدمك هذه بالإشارة بأصابعك وَلَيِّها في أثناء تحريكها إلى الأمام، وحافظ على هذا التوتر في قدمك، ولاحظ شعورك بالتوتر الساري في قدمك كلها، وتوقف لعشر ثوانٍ. والآن، في أثناء تخلصك من التوتر وإرخاء قدمك، ركز انتباهك كله على إحساسك بالتخلص من هذا التوتر، ولاحظ مدى اختلاف شعورك الحالي عن شعورك السابق عندما كانت عضلات قدمك متوترة. ودع قدمك تسترخِ بعمق كبير. وقد تلاحظ وجود إحساس بالدفء أو الخدر فيها. وأمضِ خمس عشرة ثانية في الاستمرار في تركيزك على الإحساس المختلف الذي لديك الآن بأنك تخلصت من التوتر.

ولاحظ أنك لست مضطرًّا إلى الاسترخاء بنسبة 100% ليكون هذا التمرين فعالاً. وتقبل حقيقة أنك قد تظل محتفظًا ببعض التوتر في البداية. وتمرين الاسترخاء التدريجي للعضلات يتعلق بالتعرف على الفرق بين الإحساسين. وبعد خمس عشرة ثانية، انتقل إلى القدم اليسرى وكرر العملية ذاتها. (وإذا كنت تدوِّن ما تفعله، فلتكرر تدوين العملية السابقة، واستبدل كلمة ” اليسرى” بكلمة ” اليمنى”).

وبمجرد أن تنتهي من إثارة التوتر في كلتا القدمين وإرخائهما، وتوقفك لمدة خمس عشرة ثانية، انتقل إلى المجموعة العضلية التالية.

والآن، فلتستحضر وعيك في ربلة ساقك اليمنى أو العضلات الموجودة في الجزء الأسفل من ساقك، وَأَحْدِثْ التوتر في هذه العضلات بجذب أصابعك نحو رأسك، ولاحظ شعورك بالتوتر الساري في ربلة ساقك. والآن، حافظ على توتر عضلتك وركز على هذه المنطقة لمدة عشر ثوانٍ. والآن، أرخِ ربلة ساقك ولاحظ مدى اختلاف شعورك الحالي عن شعورك السابق عندما كانت عضلتك متوترة. وركز وعيك على مدى شعورك باسترخاء ربلة ساقك الآن مقارنة بشعورك بها حينما كانت متوترة.

وبعد خمس عشرة ثانية من التركيز على إحساسك بالاسترخاء، كرر العملية ذاتها مع ربلة ساقك اليسرى. (وإذا كنت تدوِّن ما تفعله، فلتكرر تدوين الفقرة السابقة، واستبدل كلمة “اليسرى” بكلمة “اليمنى”).

وتوقف لمدة خمس عشرة ثانية أو أكثر، وعندما تكون مستعدًّا، استحضر انتباهك في الجزء العلوي من ساقك اليمنى. ولإثارة التوتر في هذه العضلات، يمكنك أن تجرب مد ساقك في الوقت ذاته الذي تحاول فيه ثني ساقك عند الركبة، ولكن لا تحرك ساقك بالفعل. ولتركز على الأفعال المتناقضة الخاصة بالعضلتين وكل منهما يعمل ضد الآخر.

ولتلاحظ الآتي: إذا تقلصت عضلاتك أو تشنجت في أثناء أداء أية حركة من حركات إثارة التوتر في هذا التمرين، فاعلم أنك أفرطت في استخدام قوتك. وأنت بحاجة إلى إحداث بعض التوتر وحسب.

ولتركز على التوتر الحادث في الجزء الأعلى من ساقك وفي فخذك، ولاحظ التصلب البادي على عضلات ساقك وانتظر لمدة عشر ثوانٍ. والآن، تحرر من التوتر الموجود في الجزء العلوي من ساقك وركز على إحساسك بالتحرر منه، ولاحظ مدى اختلاف شعورك بساقك عندما استرخيت، ودع ساقك تسترخِ بعمق كبير، وعندما تشعر بالاسترخاء الشديد، توقف لمدة خمس عشرة ثانية تقريبًا.

ثم كرر أداء العملية ذاتها مع فخذك الأيسر.

والآن، حَوِّل انتباهك إلى الورك ومنطقة العجز لديك، واثنِ عضلات عجزك وجانبي وركيك، وركز انتباهك على هذا الجزء من الجسد، وعلى الإحساس الذي يثيره فيك ثني هذه العضلات. ولتحافظ على هذا التوتر – إذا استطعت ذلك – لمدة عشر ثوانٍ على الأقل. والآن، ركز انتباهك على تحرير هذه العضلات من التوتر، ولاحظ الاختلاف بين إحساسك بالتوتر وإحساسك بالاسترخاء، ثم ركز انتباهك على هذا الجزء من الجسد لمدة خمس عشرة ثانية على الأقل.

ولتركز الآن على منطقة بطنك، وقم بإثارة عضلات بطنك بجعلها صلبة قدر الإمكان، ولاحظ مدى صلابة هذه المنطقة عندما تثير التوتر فيها، وحاول الحفاظ على هذا التوتر لمدة عشر ثوانٍ على الأقل. والآن، أرخِ بطنك ولاحظ خروج الهواء من بطنك واسترخاء عضلاتها، ولاحظ الفرق بين التوتر والاسترخاء عندما تتحرر من التوتر الحادث في بطنك، واستمر في التركيز على هذا الإحساس لمدة خمس عشرة ثانية.

والآن، ركز انتباهك على عضلات جذعك. ولتقم بإثارة هذه العضلات من خلال الشهيق وضم ألواح كتفك. ولا تفرط في استخدام القوة في فعل هذا الأمر, ولاحظ ما تشعر به عندما يكون الجزء العلوي من ظهرك وكتفيك في حالة توتر، ولتحافظ على هذا الوضع لمدة عشر ثوانٍ. والآن، ازفر وأرخِ تلك العضلات، وتخلص من كل التوتر ولاحظ مدى اختلاف مشاعرك، واستمر في التركيز على هذه المنطقة لمدة خمس عشرة ثانية أخرى.

والآن، ركز انتباهك على الجزء العلوي من ذراعك، ولتثر هذه المنطقة بثني ذراعك إلى المرفق ورفع يدك إلى كتفك. ولتثر التوتر في عضلة ذراعك وتفحص شعورك بالتوتر، وحافظ على هذا الوضع لمدة عشر ثوانٍ تقريبًا.

ملحوظة: كما هي الحال مع كل مجموعة من العضلات، إذا شعرت بألم أو تشنجات، فلتخفف من التوتر. وأنت بحاجة إلى التركيز على الإحساس الذي يعتريك عند حفاظك على التوتر في عضلاتك.

والآن، تحرر من التوتر ولاحظ مدى الاختلاف بين التوتر والاسترخاء، ولتستمر في إرخاء عضلات ذراعك وركز على إحساسك بالاسترخاء لمدة خمس عشرة ثانية أخرى. والآن، حَوِّل انتباهك إلى الأسفل بعض الشيء، إلى عضلات يدك وساعدك. ويمكنك شد هذه العضلات بشد قبضتك والحفاظ على هذا الوضع. ولتركز انتباهك على مدى شعورك بالتوتر في هذه المنطقة من جسدك. وبعد عشر ثوانٍ تقريبًا، فلترخِ يدك وساعدك بأن تفتح يدك وتترك أصابعك ترتخي بلا جهد. وفي أثناء فعلك لهذا الأمر، لاحظ الأحاسيس التي تسري في يدك وساعدك، ولاحظ مدى اختلاف التوتر عن الاسترخاء، واستمر في إرخاء يدك وساعدك وتفحص شعورك بالتوتر لمدة خمس عشرة ثانية أخرى.

ولتكرر الجزء السابق من التمرين على ذراعك اليسرى.

وبعد الانتهاء من إثارة التوتر في عضلات يديك وذراعيك وإرخائهما، يمكنك الانتقال الآن إلى رقبتك. ويمكنك إثارة التوتر في عضلات رقبتك بجذب ذقنك نحو صدرك ومنعها في الوقت ذاته من مَسِّهِ. وحافظ على هذا التوتر لمدة عشر ثوانٍ وركز انتباهك كله على إحساسك بالتوتر في رقبتك. والآن، حرر عضلات رقبتك من التوتر وركز انتباهك على إحساسك بهذا التحرر. وإذا كنت مستلقيًا، فلتتح لرقبتك الانخفاض بلطف نحو الأرض، وتحرر من كل التوتر الموجود في عنقك. ولاحظ مدى الاختلاف بين الاسترخاء والتوتر، وحافظ على تركيزك على عضلات رقبتك المسترخية لمدة خمس عشرة ثانية أخرى.

والآن، حول تركيز انتباهك إلى عضلات الجزء السفلي من وجهك. ويمكنك إثارة التوتر في هذه العضلات بأن تصر على أسنانك وتجذب جانبي فمك إلى الخلف في الوقت ذاته. ولتحافظ على هذا التوتر لمدة عشر ثوانٍ على الأقل، وركز حقًّا على شعورك بتصلب هذه العضلات. والآن، في أثناء إرخائك لهذه العضلات وإتاحة عودة فمك إلى وضعه الطبيعي، لاحظ الاختلاف بين الاسترخاء والتوتر، واستمر في التركيز لمدة خمس عشرة ثانية أخرى على العضلات المرتخية في الجزء السفلي من وجهك. وليس من المهم أن تكون عضلاتك هذه مرتخية بشكل تام، بل الأهم أن تلاحظ الاختلاف بين الاسترخاء والتوتر وتركز على الإحساس بالتحرر من الاسترخاء. وبمرور الوقت، وبالمران، سوف يزداد استرخاؤك عمقًا.

ولتركز انتباهك الآن على عضلات الجزء الأوسط من وجهك. ويمكنك إثارة التوتر في هذه العضلات بضم جفني العينين – دون الإطباق – (أي تضييق عينيك) بإحكام قدر الإمكان مع شد أنفك في الوقت ذاته. ولتحدث التوتر في هذه العضلات الآن، وركز على مدى شعورك بالتوتر، واستشعر تصلب عضلاتك وحافظ على هذا الوضع لمدة عشر ثوانٍ. والآن، تخلص من التوتر الحادث في وجهك، ولاحظ شعورك بتحررك من هذا التوتر، وأتح لعضلات عينيك أن تصبح لينة وتعود إلى موضعها، وأتح لجانبي أنفك أن يصبحا لينين ويعودا إلى حالة الاسترخاء السابقة. ولتستمر في إرخاء هذه العضلات لمدة خمس عشرة ثانية أخرى.

وأخيرًا، ركز على العضلات الموجودة في الجزء العلوي من وجهك. ويمكنك إثارة التوتر في هذه العضلات بأن ترفع حاجبيك قدر الإمكان، واستشعر التوتر الحادث فيهما، واستشعر التصلب الحادث في الجزء العلوي من وجهك وركز على هذا الإحساس لمدة عشر ثوانٍ تقريبًا. والآن، أرخِ هذا الجزء، ودع حاجبيك ينخفضا، واستشعر التحرر من التوتر في هذه المنطقة. ولتستمر في الاسترخاء والتركيز على الفرق بين الشعور بالاسترخاء وبين الشعور بالتوتر لمدة خمس عشرة ثانية تقريبًا.

وعند إتقانك لهذا التمرين سوف تصبح قادرًا على استكشاف مواضع التوتر في جسدك ثم التحرر منه.

التخيلُ الْمُوَجَّهُ

قد تشعر بالقلق عندما تَلُوحُ في عقلك صور لمشاهد مزعجة، مع الإحساس بمشاعر مصاحبة للخوف كتسارع دقات القلب. وعلى سبيل المثال، قد تتخيل أنك طردت من العمل، فتستيقظ على خفقان قلبك الشديد. ويجد عديد من الناس أن من المفيد التركيز على التخيلات التي تخفف من حدة القلق أو تنشئ مشاعر مضادة له مثل مشاعر الاسترخاء، والطمأنينة، والهدوء. ورغم أن هذا الأمر يتطلب بعض المران، فإن هذا النوع من المران قد يكون مفيدًا جدًّا لك في تعليم نفسك كيفية إنشاء حالة من الهدوء. وكما هي الحال مع غالبية تمارين الاسترخاء، حاول أن توفر لهذا التمرين عشرين دقيقة على الأقل من وقتك يوميًّا.

وفكرة التخيل الموجه تقوم على تخيل مشاهد سارة مهدئة، وسوف نعرض لك في الفقرة التالية تمرين تخيل موجه لمشهد شاطئ، ويمكنك تطبيق هذا التمرين على أي مشهد تراه مهدئًا على نحو خاص. ولا تقصر خيالك على أماكن قمت بزيارتها سالفًا، بل لك مطلق الحرية في تخيل أماكن لم تزرها أبدًا أو أماكن خيالية. ويمكنك الاستمتاع بتخيل مشاهد خيالية تجد نفسك فيها تسبح في السماء. وإذا ابتكرت مشهدًا خاصًّا بك، فَصِفْهُ بحيوية قدر الإمكان، واشتمل على أكبر عدد من الحواس الخمس في وصفك. ولتصف ما فيه من مناظر، وأصوات، وروائح، وملمس، وطعم – إن كان له طعم. ونحن نوصيك بأن تجري تسجيلاً صوتيًّا لك، سواء أكنت تصف مشهدك الخاص أم تقرأ وصف المشهد التالي؛ لكي يمكنك الاستماع إليه وعيناك مغمضتان في أثناء أداء هذا التمرين. ويجد أكثر الناس أن من الأيسر التركيز على الصور الذهنية إذا كانت العينان مغمضتين.

الشاطئ

استلقِ أو اتخذ أية وضعية مريحة بالنسبة لك، وخذ نفسًا عميقًا كعلامة على بدء تمرينك. ثم بطئ من عملية تنفسك، وأغمض عينيك لمساعدتك في التركيز على تبطيء تنفسك واستحضار انتباهك في اللحظة الحالية. وافحص جسدك، واستحضر وعيك في أي موضع به توتر، وتنفس بعمق، وتخيل نَفَسَكَ يتدفق إلى موضع التوتر ذلك. وفي أثناء تبطيء نَفَسِكَ، تخيل سماعك لصيحات طائر النورس من بعيد. وانظر بعيني عقلك إلى ما حولك، ولاحظ أنك تقف على امتداد أجمل الشواطئ ذات الرمال البيضاء التي سبق لك أن رأيتها. والشمس فوق رأسك تشعرك بدفئها، ولتمضِ دقيقة في التركيز على هذا الدفء وحسب. ما هو شعورك به؟ وماذا تسمع؟ وماذا تشم على الشاطئ؟ يهب النسيم بلطف وينساب بين شعرك. وتخيل أنك تأخذ نفسًا عميقًا من هواء البحر المالح وتغمض عينيك، وأن أشعة الشمس الساطعة تتسلل من بين أجفانك المغلقة. وركز على إحساسك بالرمال الدافئة تحت قدمك، وركز على هذا الإحساس، وانظر إلى أسفل, وَلْتَرَ قدميك وهما على الرمال. وعندما تكون مستعدًّا، ابدأ في السير ببطء، وركز على إحساسك بأخمصي قدميك وهما يغوصان في الرمال، وبحبات الرمال وهي تملأ ما بين أصابعك، واستشعر رفعك لإحدى قدميك ثم خفض الأخرى ووضعها على الرمال، وانظر إلى آثار قدميك خلفك، وأنصت إلى التلاطم اللطيف للأمواج. ومشهد الأمواج مبهر؛ حيث يسير المد والجزر بإيقاع منتظم. وتخيل أنك تشعر بمزيد من الاسترخاء مع كل موجة، وأمضِ بضع لحظات من التركيز على صوت الأمواج ومنظرها وكيف أن كل موجة منها تقرِّبك من حالة الاسترخاء. وتخيل جلوسك على الشاطئ الرملي، وراقب الأمواج للحظة، واستشعر أن موضع جلوسك يغوص في الرمال الناعمة، ويشكل كرسيًّا رائعًا تحتك، والمياه صافية، وقمم الأمواج بيضاء ومليئة بالزَّبَد، والشمس أصبحت الآن منخفضة في السماء، وعلى صفحة السماء الزرقاء الجميلة تتناثر ألوان برتقالية، وذهبية، وصفراء، ووردية. وأنت تشعر الآن مرة أخرى بدفء الشمس في وجهك وذراعيك. وإذا كان هناك أي توتر في جسدك، فلتركز هذا الشعور بالدفء على موضع التوتر، وازفر هواءً دافئًا إليه. وأنت الآن في حالة من الهدوء والسكينة. ولتبقَ في مشهدك هذا بقدر ما تريد.

التنفس البطني

خذ دقيقة الآن لملاحظة تنفسك. عندما تكون هادئًا، يكون تنفسك عميقًا وبطيئًا، وغالبًا ما يصدر من بطنك. وعندما تكون قلقًا أو متوترًا، يكون تنفسك سريعًا وسطحيًّا، ويجري في صدرك. والتنفس من بطنك، والذي يسمى أيضًا التنفس الحجابي، يمكنه أن يساعدك في الانتقال إلى حالة أعمق من الاسترخاء. وهو يتطلب بعض المران، ولكنه فعال جدًّا في إحداث الاسترخاء في جسدك وعقلك.

ولتبدأ المران، جِدْ وضعية مريحة بالنسبة لك، فإذا كنت تشعر بالراحة عند الجلوس، فتحرك في مقعدك لتجد وضعية أكثر راحة، ولكن حاول أن تبقي ظهرك مستقيمًا. وإذا كنت مستلقيًا، فتحرك حتى تجد موضعًا مريحًا، وضع إحدى يديك على صدرك وضع الأخرى على بطنك. وقد تجد إحساسك بإرخاء يديك على صدرك وبطنك مريحًا. والآن، استنشق الهواء واجعله يصل من أنفك إلى بطنك مباشرة، وينبغي أن ترتفع يدك الموضوعة على بطنك، وأن تتحرك اليد الأخرى الموضوعة على صدرك قليلاً. وقد يبدو هذا الأمر غريبًا، وقد يتطلب الأمر منك بضعة أنفاس حتى تتمكن من تنسيق تنفسك وبطنك مليئة بالهواء ومرتفعة. وعندما تزفر، ازفر الهواء من فمك، وأطلق أكبر قدر منه، وقم بتقليص عضلات بطنك في الوقت ذاته. وينبغي أن تغوص يدك الموضوعة على بطنك عندما تزفر، ولكن ينبغي أن تتحرك بقدر قليل جدًّا. واستمر في الشهيق من خلال أنفك، والزفير من خلال فمك. وحاول أن تستنشق قدرًا كافيًا من الهواء؛ لكي ترتفع بطنك وتنخفض. وعُدَّ ببطء في أثناء زفيرك.

وقد تجد أنك تصل إلى أعلى درجات الاسترخاء عندما تكون قادرًا على الشهيق مع العد حتى الرقم ثلاثة ببطء، ثم حبس النفس مع العد حتى الرقم ثلاثة، ثم الزفير مع العد حتى الرقم ثلاثة كذلك. وفعل هذا الأمر سوف يبطئ تنفسك، وعندما يصبح تنفسك بطيئًا، سوف يشعر سائر جسدك بمزيد من الاسترخاء. ولتفعل هذا الأمر لأية مدة تريدها، ولتتمرن باستمرار، وخصص عشرين دقيقة لممارسة هذا التمرين يوميًّا. وفي النهاية، سوف تصبح قادرًا على فحص جسدك، ومهيأً لمعرفة متى يكون تنفسك سطحيًّا، وقادرًا على تحسينه بأن تبطئ من تنفسك وتستمتع بحالة من الاسترخاء. ورغم هذا، سوف يحتاج هذا الأمر إلى مران هائل.

اليوجا

توجد منافع عديدة لتمارين اليوجا مثل زيادة المرونة، وتقليل الآلام، وزيادة التحمل والرشاقة، والاسترخاء بالطبع. وهناك أنواع مختلفة لليوجا، وهي تشمل التمارين المصممة لتقوية جسدك وزيادة طاقتك. ومن أشهر تمارين اليوجا التي تُؤَدَّى بهدف الاسترخاء تمرين ساتيانادا يوجا وتمرين هاثا يوجا. وإذا كنت ستلتحق بإحدى الدورات العديدة التي يقدمها معلم واحد، فسوف يزكي لك هذا المعلم الدورة الأكثر ملائمة لتمرين الاسترخاء. وإذا كنت تفضل استخدام أسطوانة تعليمية أو إحدى وسائل التوجيه الذاتي في ممارسة اليوجا، فاحرص على قراءة الوصف الخاص بالتمرين للبحث عن كلمات رئيسية مثل كلمة “الاسترخاء”.

وقد تكون اليوجا تمرينًا جيدًا بالنسبة لك لأنها تجمع بين التنفس، واسترخاء العضلات، والتخيل الموصوف سابقًا. وكما تفعل مع أي تمرين استرخاء، التزم بممارسته ولو لفترة قليلة كل يوم، ولكن اجعل توقعاتك قليلة للأسابيع الأولى. وإذا كنت متعلقًا بشدة بفكرة نيل الاسترخاء الآني العميق، فقد تصاب بخيبة الأمل سريعًا، وستيأس قبل أن تصبح قادرًا على جني ثمار هذه التمارين.

تمارين أخرى للاسترخاء

إن خيارات تمارين الاسترخاء لا حصر لها، ولتستمتع باستعراض كل صور الاسترخاء الأخرى المتاحة لك, وتشمل هذه الخيارات الآتي:

• تمرين التاي تشي.
• الأصوات الباعثة على الاسترخاء أو الأسطوانات الموسيقية.
• التدليك.
• الترانيم (مثل ترديد لفظة “أوووممم”).
• التأمل.
• الاستحمام بمياه دافئة.

الخلاصة

تعلمت أن بوسعك حل مشكلة العقل الصاخب من خلال تعلم تهدئة جسدك، أو تقليل توتر عضلاتك. وعندما ينشط جهازك العصبي السمبثاوي بسبب خطر ملحوظ – أي عندما يقوم جسدك بـ “الضغط على دواسة الوقود” – فإن زيادة سرعة دقات قلبك، وسرعة تنفسك، وغيرها من الأمور الناتجة عن ذلك تجعل من الصعب عليك أن تنام. ومن خلال ممارسة أساليب الاسترخاء، يمكنك الضغط على مكابحك عندما ترغب في تقليل توترك وقلقك.

وقد وصفنا لك تمارين الاسترخاء التدريجي للعضلات، والتنفس البطني، والتخيل، واليوجا، ولكن هذه الإستراتيجيات ليست هي الوحيدة التي يمكنك استخدامها. ولتختر الأسلوب أو الأساليب التي تفيدك بقدر أفضل من غيرها، وحاول أن تخصص وقتًا لممارستها كل يوم. وإذا كنت حريصًا على وضع توقعات معقولة، فسوف تجد بعد قليل أن الاستغراق في النوم أصبح أكثر يسرًا بالنسبة لك.