التوتر المفرط يمكن أن يسبب لك مشاكل صحية جسيمة.
. هل تشعر بالتوتر؟
يصيبك التوتر عندما تصطدم بمؤخرة السيارة التي أمامك في طريقك للعمل (آخ!)، وتصل إلى عملك متأخرًا ثلاث ساعات ويتم فصلك (لا!)، ثم تفاجأ بسرقة حافظة نقودك عند ركوب الحافلة للعودة إلى منزلك (ها، هذا رائع حقًّا!). لكن ماذا عن التوتر الذى يصيبك عندما تخطب الفتاة التي تعتبرها حب حياتك؟ أو عندما تحصل أخيرًا على الترقية التي تحلم بها؟ هل التخرج في الجامعة أمر يجعلك تشعر بالتوتر؟، أو البدء في برنامج تمارين رياضية، أو تناول كعك محلى برقائق الشوكولاتة؟ بالتأكيد كل ذلك يجعلك تشعر بالتوتر. ولكن كيف ينشأ التوتر بسبب تناول كعكات قليلة محلاة برقائق الشوكولاتة؟ بالطبع، ليست هناك توترات، وذلك فقط إذا تناولت واحدة أو اثنتين منها من آن لآخر في إطار نظام غذائى متوازن. ولكن حتمًا سيكون هناك توتر شديد إذا حرمت نفسك من الحلويات لمدة شهر، ثم تناولت كمية كبيرة من مكعبات الشوكولاتة، فجسمك ليس معتادًا على كل هذه الكمية من السكر، وهذا أمر يسبب التوتر.
. انتبه للتغيير
إن أى نوع من التغيير في حياتك يمكن أن يسبب لك الشعور بالتوتر. وبعض التوترات قد تكون جيدة، بل عظيمة. فالتوتر ليس شيئًا سيئًا بالضرورة، لكنه أيضًا ليس شيئًا جيدًا دائمًا. وفى الواقع، قد يسبب التوتر مشاكل صحية جسيمة إذا تعرضت له بإفراط لمدة أطول من اللازم. مع ذلك، فالتوتر ليس مجرد شىء غير مألوف، فقد يكون أيضًا مستترًا ومتأصلًا بعمق في حياتنا. فقد ترغب في إنشاء مشروع جديد، لكنك تخشى التخلى عن وظيفتك الحالية. وربما تعانى أسرتك من مشاكل في التواصل فيما بينها، ولكن لا أحد يرغب في مناقشة الأمر، وقد تشعر بالتوتر حتى عندما يسير أمر ما على ما يرام! فالتوتر ظاهرة شديدة الخصوصية.
. لا تترك نفسك فريسة للتوتر!
هناك أساليب كثيرة لوصف حالة الشعور بالتوتر؛ حيث إن جميع التعبيرات من نوعية – زيادة العصبية أو زيادة التوتر… إلخ – تشير بما يوافق الواقع إلى أن الشعور بالتوتر ينطوى على زيادة شىء ما، فالعضلات تزداد نشاطًا للقيام بفعل معين، والحواس تزداد انتباهًا، والوعى يزداد حدة. وهذه المشاعر مفيدة، إلا لو أصبحت متكررة أكثر من اللازم. فالتوتر المستمر يسبب حملاً ثقيلاً على العقل والجسم والسلامة العاطفية. واعلم أن صحتك وسعادتك تعتمد على الاستجابة للتوتر بشكل مناسب.
. حدد مفهوم التوتر بالنسبة لك
معظم الناس لديهم مفهوم عام عن ماهية التوتر، لكن ما هو مفهوم التوتر بالنسبة لك؟ هل هو عدم الراحة؟ الألم؟ القلق؟ الإثارة؟ الخوف؟ عدم الثقة بالنفس؟ هذه الأحاسيس هى في الغالب حالات تنشأ عن التوتر. لكن ما هو التوتر ذاته؟ إن التوتر مصطلح عام، وهناك أنواع مختلفة كثيرة للتوتر تؤثر على أشخاص كثيرين بطرق مختلفة كثيرة لدرجة أن كلمة توتر قد تبدو مستعصية على التعريف، فما يسبب التوتر لشخص ما قد يكون مبهجًا لآخر. لقد أصبح التوتر أسلوب حياة للكثيرين، ولكن هذا لا يعنى أننا يجب أن نستسلم ونقبل الآثار الضارة للتوتر على أجسامنا وعقولنا وأرواحنا.
. تذكر: لست وحدك
إن جميع الأشخاص تقريبًا قد شعروا بنوع من التوتر، ويعانى كثيرون من توتر مزمن، أو مستمر، وثابت كل يوم من حياتهم. وبعض الناس يتعامل مع التوتر بشكل جيد إلى حد ما، حتى عندما يكون في أقصى حدته، ويسقط آخرون منهزمين تحت وطأة الضغوط التي قد تبدو تافهة للآخرين المحيطين بهم. فما الفرق بينهم؟ ربما يعلم بعض الأشخاص آليات أفضل للتعامل مع الضغوط؛ لكن هناك باحثين كثيرين يعتقدون أن الناس لديهم مستوى موروث لتحمل الضغوط، فبعض الأشخاص يمكنهم التعرض للكثير من الضغوط ويظلون شاعرين أنهم في حالة رائعة، بل ويقومون بأفضل أعمالهم وهم تحت الضغوط – بينما يحتاج أشخاص آخرون إلى حياة قليلة الضغوط من أجل العمل على نحو منتج، وآخرون ينشدون حياة بأقل قدر من الضغوط ليقدموا أداءً مثمرًا.
. لا تستسلم، حتى لو عدت إلى نقطة البداية مرة أخرى
لعلك جربت أساليب إدارة الضغوط من قبل، وربما لم تجد أسلوبًا يناسب حياتك الفريدة لإدارة الضغوط. إن شخصيتك ونوع الضغوط التي تحاول التغلب عليها وطريقتك التي تميل للتعامل بها مع الضغوط جميعها تمثل عوامل نجاحك في إدارة الضغوط. فمثلاً، إذا كان شخص ما منهكًا جسديًّا بسبب الإفراط في التعامل مع الناس، فربما لا يجدى معه نفعًا اتباع إستراتيجيات تشجع زيادة الأنشطة الاجتماعية مع الأصدقاء؛ لكن شخصًا آخر يعانى من ضغوط ناشئة عن عدم وجود نظام للدعم قد يجد فوائد عظيمة في زيادة أنشطته الاجتماعية. فالأمر كله يعتمد على ظروفك.
. لماذا ينشأ التوتر؟
إذًا، ما أسباب التوتر؟ إن التوتر هو تفاعل معقد نسبيًّا بين العمليات الخارجية والداخلية التي يسببها شىء بسيط إلى حد ما: ألا وهو غريزة البقاء. إن الحياة مليئة بالمؤثرات، وبعضها نستمتع به، وبعضها ليس كذلك. لكن أجسامنا مبرمجة – عبر ملايين السنين – على تعلم كيفية البقاء، وعلى التفاعل بطرق معينة للمؤثرات الشديدة. فإذا وجدت نفسك فجأة في موقف خطير – على سبيل المثال، كأن تخطو أمام سيارة مسرعة، أو تفقد توازنك وتتأرجح على حافة جرف – فسوف يستجيب جسمك بطريقة تضمن أفضل فرصة للحفاظ عليك. فقد تتحرك على نحو أسرع من المعتاد. وقد ترتد للوراء لتنقذ نفسك.
. استجابة الكر أو الفر
سواء أكنت مُطاردًا في غابات حشائش السافانا من قبل أسد جائع أو كان هناك مندوب مبيعات سيارات لحوح يتبعك في ساحة انتظار السيارات، فإن جسمك يتلقى إنذارًا ويفرز هرمونات التوتر، مثل الأدرينالين والكورتيزول في مجرى الدم. ويحفز الأدرينالين ما يسمى باستجابة الكر أو الفر، ويرفع معدل ضربات القلب والتنفس، ويرسل الدم مباشرة إلى الأعضاء الحيوية، كما يساعد هرمون الأدرينالين الدم على التجلط بسرعة، ويسحبه بعيدًا عن جلدك (حتى لا تنزف كثيرًا إذا أصبت بجرح). كما يسحب الأدرينالين الدم بعيدًا عن المجرى الهضمى (حتى لا تضيع وقتًا في المشاكل المعوية). ويتدفق الكورتيزول عبر جسمك ليحافظ على استمرار استجابة التوتر طوال استمرار الضغوط نفسها؛ لكن إذ كان جسمك يفرز الأدرينالين والكورتيزول يوميًّا، فسوف تصاب بالتعب، وسوف تبدأ في الشعور بالإرهاق والألم الجسدى وتدهور القدرة على التركيز والتذكر، ويزداد شعورك بالإحباط وحدة طباعك، وتعانى من الأرق.
. متى ينشأ التوتر؟
يُتوقع أن ينشأ التوتر عند المرور بتغير كبير في الحياة، مثل تغيير محل الإقامة أو فقدان شخص تحبه أو الزواج أو تغيير الوظيفة أو المرور بتغير كبير في حالتك المادية أو النظام الغذائى أو النظام الرياضى أو الصحة؛ ولكن يُتوقع أيضًا أن ينشأ التوتر عند الإصابة بنزلة برد بسيطة أو الدخول في مناقشة حادة مع صديق، أو البدء في اتباع نظام غذائى، أو الالتحاق بصالة للياقة البدنية، أو البقاء خارج المنزل لوقت متأخر جدًا، أو الإفراط في تناول المنبهات، أو حتى عند البقاء في المنزل مع أولادك طوال اليوم في الأيام التي لا تفتح فيها المدارس أبوابها بسبب سوء الأحوال الجوية. تذكر أن التوتر ينشأ غالبًا نتيجة أى نوع من التغيير في روتين حياتك المعتاد. كما ينشأ بسبب أنك تحيا حياة تعيسة.
. حدد العوامل البيئية المسببة للتوتر
إن العوامل البيئية المسببة للتوتر هى الأشياء الموجودة في البيئة المحيطة بك مباشرة وتضع عليك ضغوطًا من الناحية البدنية. وهذه العوامل تشمل تلوث الهواء أو تلوث مياه الشرب أو ارتفاع الضوضاء أو الإضاءة الصناعية أو سوء التهوية، كما قد تتعرض لمواد تثير لديك الحساسية بسبب وجود نباتات معينة مزروعة في حقل قرب غرفة نومك أو بسبب القشور التي تتساقط من القطة التي تحب النوم على وسادتك. إذا كنت تعانى من مشاكل في التنفس أو النوم، أو لاحظت أى تهيج في الجلد أو أى أعراض بدنية أخرى (صداع، غثيان، إلخ)، فربما تكون واقعًا تحت تأثير العوامل البيئية المسببة للتوتر.
. حدد العوامل الفسيولوجية المسببة للتوتر
إن العوامل الفسيولوجية المسببة للتوتر هى تلك الموجودة في جسمك وتسبب لك التوتر. على سبيل المثال، التغيرات الهرمونية التي تحدث أثناء الحمل أو سن اليأس تسبب ضغوطًا فسيولوجية مباشرة على نظامك الفسيولوجى، مثلما يحدث في متلازمة ما قبل الطمث. كما قد تسبب التغيرات الهرمونية ضغوطًا غير مباشرة بسبب التغيرات العاطفية التي تسببها. فإن العادات الصحية الضارة، مثل التدخين والإفراط في تناول المنبهات وتناول الوجبات الجاهزة أو الجلوس لفترات طويلة، تسبب ضغوطًا فسيولوجية على جسمك. وكذلك المرض، سواء كان شائعًا مثل نزلات البرد، أو شيئًا أكثر خطورة مثل أمراض القلب، أو السرطان. كما تسبب الجروح ضغوطًا على جسمك؛ فالتعرض لكسر في الساق والتواء الرسغ والانزلاق الغضروفى كلها حالات تسبب التوتر.
. فرّق بين الضغوط المباشرة وغير المباشرة
إن وقوفك في مكانك بسبب ازدحام المرور قد يضع ضغوطًا مباشرة على جسمك بسبب تلوث الهواء، لكنه قد يضع أيضًا ضغوطًا غير مباشرة لأنك تضيق ذرعًا من بقائك في سيارتك وسط الزحام لدرجة أن ضغط دمك يرتفع، وينتابك شد في عضلاتك، وتتسارع ضربات قلبك. إذا كنت ستترجم الزحام المرورى بشكل مختلف – وليكن، على أنه فرصة للاسترخاء والاستماع إلى أسطوانتك المفضلة قبل العمل – فإن جسمك قد لا يشعر بأى ضغوط على الإطلاق.
. الألم يسبب الضغوط غير المباشرة
يعد الألم مثالًا خادعًا آخر على الضغوط غير المباشرة، فإذا كنت تعانى من صداع قوى، فإن جسمك قد لا يعانى من ضغوط فسيولوجية مباشرة، لكن استجابتك العاطفية للألم قد تضع على جسدك ضغوطًا واضحة. والألم طريقة مهمة تجعلنا نعرف أن هناك شيئًا ما على غير ما يرام، ومع ذلك فإننا أحيانًا نكون على علم بسبب المشكلة. فنحن نصاب بالصداع النصفى أو الروماتيزم أو تصاب السيدات بآلام الطمث. وهذا النوع “المألوف” من الألم ليس مفيدًا من ناحية تنبيهنا إلى شىء يحتاج إلى تدخل طبى عاجل. لكن نظرًا لأننا نعرف أننا نمر بنوع من الألم، فإننا نظل نميل إلى الإحساس بالضغط. إن استجابتنا العاطفية لا تسبب الألم أو تجعله أسوأ، لكنها تسبب الضغوط الفسيولوجية المرتبطة بالألم.
. احترم مواعيدك
هل تتأخر عن مواعيدك دائمًا؟ هل أنت غير منظم دائمًا؟ هذا يمكن أن يسبب لك الشعور بالتوتر! علاوة على ذلك، فإن التأخير لا يراعى مشاعر الأشخاص الذين ينتظرونك. فهو يضعك في صورة سيئة، ويعطى مثالاً سيئًا للأشخاص الذين يقتدون بك (مثل أطفالك). وأفضل طريقة للتعامل مع عدم التنظيم هى التعامل مع المشاكل واحدة بواحدة. اجعل التخلص من عادة التأخير أول أهدافك، والتخطيط هو المفتاح. ابدأ بالاستعداد لأى شىء تقوم به قبل موعده بساعة تقريبًا، وتأكد من توفر كل ما تحتاج إليه قبل أن تحتاج إليه.
. قل الصدق
صدق أو لا تصدق، إن هذا الجرم البسيط المتمثل في الكذب يمكن أن يضعك تحت ضغوط كبيرة في حياتك، فبمجرد أن تكذب، يجب أن تحافظ على هذه الكذبة، وهذا يمكن أن يؤثر على أجزاء أخرى كثيرة في روتينك. الكذب عادة، وليس بالضرورة خللًا في الشخصية. وبعض الناس يجد نفسه يحرف الحقيقة من منطلق العادة، حتى إذا لم يكن هناك سبب منطقى لذلك. وقول الصدق عادة أيضًا، وأفضل طريقة لتبدأ هى أن تتوقف دائمًا قليلاً وتفكر قبل أن تقول أى شىء منافٍ للحقيقة، اسأل نفسك: “هل هناك سبب قوى فعلاً لتحريف الحقيقة؟ ماذا سيحدث لو أنى قلت الصدق ببساطة؟”.
. قرر متى لا تستطيع تحمل المزيد
ربما لا تشعر أن الضغوط الموجودة في حياتك قد وصلت إلى درجة كبيرة من السوء بعد؛ لكن ماذا سيحدث إذا لم تبدأ في إدارة الضغوط الآن؟ لأى مدى ستسمح للضغوط بالتنغيص والتكدير على جودة حياتك، خاصة وأنت تعلم أنك لست مضطرًا لذلك؟ هنا يأتى دور إدارة الضغوط. بقدر الانتشار الذى قد تتمتع به الضغوط في جميع أشكالها، فإن أساليب إدارة الضغوط التي قد تؤتى ثمارها فعليًّا تتمتع كذلك بالقدر نفسه من الانتشار. إنك تستطيع إدارة، بل والتخلص من، الضغوط السلبية في حياتك. كل ما عليك هو أن تجد أساليب إدارة الضغوط ذات النتيجة الأفضل لك، ثم تتعلمها وتغير مسار حياتك.