لماذا أنا؟ لماذا أنا خجول؟ هل ولدت هكذا؟ من سبب لى ذلك؟ هل هو أبى أم أمى؟ هل هم هؤلاء الأطفال المتنمرون الذين يعيشون بالقرب من مسكنى؟ هل هم المعلمون؟ هل هى جدتى لوالدى؟ وهل اختارنى الخالق كى أكون خجولاً؟
قد يكون أى من تلك الأشياء ( عدا الأخير، بالطبع ) هو السبب في خجلك. استمر في القراءة لتكتشف أسباب خجلك وكيفية علاجه.
خجول منذ مولده
بعض الناس بالفعل خجولون منذ مولدهم أو على الأقل معرضون بشكل أكبر إلى أن يصبحوا خجولين، لكن الجينات ليست قدراً محتوماً ولا يوجد جين للخجل حيث لم ينظر العلماء في المجهر ويصيحوا ” ها هو جين الخجل “، ومع ذلك فإن 20 إلى 30 في المائة من الأطفال الرضع مولودون بكيمياء مخ تجعلهم أكثر عرضة للخجل.
أيها الوالدان، إذا كان طفلكما أحد الأطفال الحساسين الأكثر عرضة للخجل فإن ذلك سيتضح مبكرًا، فيمكنكم تحديد شخصية طفلكم بعد شهر واحد من مولده، وإن كان عرضة لأن يصبح خجولاً أم لا.
تحديد ما إذا كنت أنت أو طفلك خجولاً منذ المولد
أثبتت دراسة متطورة أن بعض المولودين حديثاً لديهم نزعة أكبر نحو الخجل. أحضر بعض الباحثين 400 طفل بعمر شهر إلى معلمهم ووضعوا لعبة زاحفة في مهود الأطفال وأعطوهم نفحة من الكحول على خلة تنظيف الأذن، وأداروا لهم تسجيلاً لصوت شخص غريب.
ارتعد ثلث الأطفال تقريبًا وصاحوا ولوحوا بأذرعهم وأرجلهم ثم تشبثوا بأحد والديهم في أعقاب تلك الحادثة الصادمة. بعد سنوات اكتشف الباحثون أن هؤلاء الأطفال عانوا من الخجل. سنطلق على هذا النمط من الخجولين ” خجولين مفرطى الحساسية ”
على النقيض تماماً، فإن ثلثى الأطفال قد تغلبوا على العوامل المتطفلة؛ فقاموا ببساطة بدفع اللعبة الغريبة والأشياء كريهة الرائحة بعيدًا ثم ابتسموا لسماع صوت الشخص الغريب.
ولقد أثبت ذلك صحة النظرية التى وضعها الباحثون.
إن كيمياء الجسد تجعل ثلث الأطفال مفرطى الحساسية تجاه الأشخاص والأحداث غير المألوفة، لذلك فهم أكثر عرضة للخجل.
ساينس
استخدم اختبار المهد
يمكن لوالدى الأطفال حديثى الولادة تكرار هذا البحث لاكتشاف نزعة طفلهم للخجل.
وستكون معدات بحثهم كالتالى : واحد : لعبة غريبة قد تكون عنكبوتًا مطاطيًّا أسود زاحفًا. اثنان : شيء كريه الرائحة. لا تستخدم حفاض الطفل لأن رائحته مألوفة لدى الطفل. ثلاثة : ساعى البريد، أو أحد الجيران، أو أى شخص لم يره الطفل من قبل.
الخطوة الأولى : علق اللعبة المخيفة فوق مهد طفلك وشاهد رد فعله.
الخطوة الثانية : لوح بالشيء كريه الرائحة أمام أنفه الصغير وشاهد رد فعله.
الخطوة الثالثة : قل للشخص الغريب أن يقول لطفلك كلمات غريبة وشاهد رد فعله.
الأطفال الحساسون سيتفاعلون باهتياج أكثر مع تلك المثيرات الجديدة، بينما غير الخجولين، سوف يشعرون بالاشمئزاز فقط ويدفعونه بعيدًا.
كطفلة رضيعة، كانت ابنتنا حساسة جدًّا لدرجة أنها لا تتحمل أن يمسكها أحد، عدا والدتها ووالدها ( وأحيانًا كانت لا تتقبل والدها ). تلك الفترة كانت شاقة جدًّا. في البداية ظننت أنها تعانى من آلام في المعدة، لكن حساسيتها زادت بعد أن كبرت وارتادت روضة الأطفال وأصبحت خجولة تتجنب أعين الناس عندما تقابلهم، ولا تتحدث معهم وتظل بجوار والدتها ووالدها بدلاً من مخالطة الناس اجتماعيًّا.
ستيف سى، فانكوفر، كولومبيا البريطانية ( بريتش كولومبيا )
استخدم اختبار المهد مع طفلك
للآباء : كى تحددوا ما إذا كان طفلكم المولود معرضًا للخجل، لاحظوا سلوكه في المهد، فإذا تفاعل بقوة مع المثيرات الجديدة فإنه سيصبح خجولاً ( ومع ذلك بإمكانكم ممارسة مضادات الخجل لاحتوائه ). هل تغلب طفلكم على المثيرات؟ إذن فمن المحتمل ألا يكون خجول المولد.
للخجولين : كى تحددوا ما إذا كانت لديكم نزعة للخجل منذ الصغر، اسألوا والديكم أو أولياء أموركم عن رد فعلكم تجاه المثيرات الجديدة عندما كنتم في المهد.
بعد أربع سنوات
لم تنته التجربة بعد للباحثين المثابرين، فأحضروا ال 400 طفل إلى المعمل مرة أخرى وتأكدوا بدرجة كافية من أن معظم ذوى الحساسية المفرطة أظهروا علامات أولية للخجل.
تقريبًا نصف هؤلاء الأطفال مفرطى الحساسية كبروا ليصبحوا مراهقين خجولين.
ابنتى كما يطلق عليها طبيبها النفسى ” بطيئة الاستجابة ” فهى لا تتخلى عن خجلها إلا عندما تعرف الشخص وتعتاد عليه أخيرًا ثم تتحدث إليه بحرية. الخجل متأصل لديها بالفعل ومرتبط بكل شيء في حياتها. إذا لم تعتد على موقف، ينتابها قلق بالغ حتى بشأن أقل الأشياء، فعلى سبيل المثال، قامت في الصف الرابع برحلة ميدانية مع فصلها إلى مبنى البرلمان. لقد ظلت في هذه المدرسة مع زملائها منذ الحضانة وظهرت مع حصانها مرات عديدة في نادى ” لان سنج ” لركوب الخيل، لكنها لم يسبق لها الذهاب إلى مبنى البرلمان، ولم تعرف ماذا تتوقع. لم تستطع ابنتى النوم في الليلة التى سبقت الرحلة بل أصابها الدوار والغثيان طوال الليل.
ستيف سى. فانكوفر، بريتش كولومبيا.
هل الخجول انطوائى بالفطرة أم أنه مفرط الحساسية؟
لسوء الحظ يفترض الخجولون مفرطو الحساسية أن لديهم نقيصة لأنهم ليسوا من النوع اللافت للانتباه. إذا كنت شخصًا مفرط الحساسية فإن مخك يعمل بطريقة مختلفة عن مخ الشخص الانبساطى. أنت تفكر بعمق أكثر وتأخذ وقتًا أطول في معالجة المعلومات وتحاول أن تستمع بحرص وتتكلم عادة بشكل أبطأ.
يستمع الأمريكيون إلى شخصيات تليفزيونية وإذاعية لا تطاق. فنحن ننتخب السياسيين الانبساطيين ونستمع إلى فرق موسيقى الروك، ونعشق فتيات الاستعراض الخليعات، فنندفع في جماعات أمام المسارح لنرى نجوم الأفلام الكبار ثم نسهر نصف الليل لنراهم مرة أخرى في حفلات الأوسكار.
للأسف، إن عالمنا الغربى لا يعترف بصفات الانطوائى أو يكافئها كما يفعل مع الانبساطى، ونتيجة لذلك فإن بعض الأشخاص مفرطى الحساسية يعتقدون أنهم ليسوا في ذكاء وموهبة الواثقين.
توقف عن التفكير بتلك الطريقة؛ فدراسات لا تحصى قضت على خرافة أن الخجل يدل على الغباء. في الواقع، إنه العكس تمامًا في حالات عديدة.
ستون بالمائة من غالبية الأطفال الموهوبين انطوائيون. ولقد أثبتت دراسات عن الذكاء أنه كلما زاد حاصل الذكاء، زادت نسبة الانطواء، وقدر كبير ممن حصلوا على المنح المدرسية المجانية انطوائيون أكثر منهم انبساطيين، وهم يحصلون على درجات أعلى في كليات شمال شرق الولايات المتحدة الأمريكية.
معنى ذلك : أن تقدر صفاتك التى حباك الله بها ولا تدع أى شخص يشعرك بأنك أدنى مكانة؛ لأنك لا تريد أن تقضى وقتًا بالجلوس مع جماعة من الناس ولا تتحدث معهم ودياً أو تتدخل في الحديث قبل أن تفكر في نتائج ما تقول، فحتى أكثر الناس ثقة وحساسية يأخذون وقتًا أطول في تدبر أفكارهم. أعط لعالمك الداخلى تقديره المستحق وكن مرتاحًا لصفاتك الأكثر هدوءاً.
الانطوائي الواثق
مؤخراً، دعتنى امرأة ناجحة ورقيقة الصوت، تسمى ” شيريل “، إلى إلقاء خطاب في فينيكس، بولاية أريزونا، وبينما كنا نتوجه إلى قاعة الاجتماع، أخبرتها أننى أؤلف كتابًا عن الخجل. بعد ذلك بأسابيع قليلة تلقيت منها رسالة بريد إلكترونى بشكل مفاجئ.
أثارت محادثتنا شيئًا مألوفًا لدىّ. لقد قاومت الخجل طوال حياتى، شاعرة أننى مدفوعة بقيم تختلف عن معظم الناس. لا أستطيع أن أفهم لماذا يستمتع زملائى في المدرسة والعمل بالتحدث مع الكثير من الناس وقضاء أوقات كثيرة في زيارتهم. إننى أفضل فقط صديقًا أو صديقين مقربين في محيط أكثر ألفة ومحادثة عميقة. لا أستطيع أن أفهم لماذا أفضل البقاء في الخلفية وأفكر في موضوع قبل التحدث بينما يعبر الآخرون عن أفكارهم دون قيد، كما أننى لا أستطيع أن أفهم كيف أن الأشخاص الذين أصبحوا أقرب وأعز أصدقائى أخبرونى لاحقًا أنهم اعتقدوا أننى غير ودودة ومتحفظة من الانطباع الأول، لكنهم أدركوا أننى لست كذلك بعدما عرفونى. كنت ذكية جدًّا، ودائمًا طالبة ممتازة وفيما بعد سيدة أعمال ممتازة. إننى أحب الناس حقًّا لكنى لا أستطيع أن أبدو مهتمة بالاختلاط الاجتماعى ولو قليلاً، وأتساءل إذا كنت أعانى من مشكلة ما.
شيريل إم.، فينيكس. اريزونا.
تستمر رسالة ” شيريل ” المؤثرة في محاولة لاستكشاف ذاتها، وتنتهى إلى أنها تعيش الآن حياة ناجحة ومبهجة في إطار من طبيعتها الأكثر حساسية. نظراً لطول الرسالة ستجدون الخطاب الكامل ل ” شيريل ” في الفهرس.
عندما تبدأ حياتك اليومية، تذكر أن الخجولين مفرطى الحساسية يكونون عادة على درجة عالية من الاستقامة والتعاطف. إنهم غالبًا ليسوا قادة ملهمين للجماهير لكنهم مفكرون، مستشارون، معالجون. إنهم عادلون جدًّا وذوو صفات أخرى ذات تأثير إيجابى على المجتمع.
هل الخجل موروث؟
عينا والدتي وخجل والدي
هل يمكنك أن ترث الخجل؟ هذا السؤال يشبه سؤاك ما إذا كان يمكنك أن ترث أرجلاً طويلة أو عيوناً بنية اللون. الخجل يورث بالتأكيد لكن هذه ليست قاعدة. فمثلاً، لدىَّ صديقة تشكو قائلة : ” ورث أخى من والدتي أهداب عينيها السوداء الطويلة، وورثت من والدى أهداب عينيه القصيرة الباهتة “.
ينطبق نفس الشيء على الخجل. وقد أثبتت دراسة تسمى ” خجل الطفولة والرهاب الاجتماعى للأمهات ” أن أطفال الأمهات الخجولات أكثر قابلية للخجل ثمانية أضعاف الأطفال ذوى الأمهات غير الخجولات، وأن عشرين بالمائة من الخجولين لديهم أقارب من الدرجة الأولى يعانون الخوف المرضى.
يمكنك تحقيق أهداف أكثر واقعية عن طريق اكتشاف منشأ خجلك؛ فعلى سبيل المثال، الأشخاص الذين ورثوا خجلهم يكونون عادة ذوى طبيعة أكثر حساسية ولا يجاهدون ليصبحوا انبساطيين، ويوضح البحث أن الخجولين بدرجة مفرطة نادراً ما ينجحون، والأكثر أهمية من ذلك أن هؤلاء الأشخاص الحساسين لن يكونوا سعداء إذا تظاهروا بالانبساطية.
ابحث عن منشأ الخجل في عائلتك
للوالدين : هل أنت خجول أو سبق لك أن كنت كذلك؟ إذا كنت كذلك فربما يرث طفلك خجلك. ماذا عن الأقرباء الآخرين؟ هل كان والداك خجولين؟ ( بعض الصفات تنتحى في جيل ثم تعاود الظهور ) إذا أجبت عن أى من هذين السؤالين بالإيجاب فعليك أن تولى عناية إضافية لتعالج خجل طفلك.
للخجولين : ابحث في شجرة عائلتك بدقة. هل يوجد بها أى خجول؟ إذا كان الأمر كذلك، فمعرفة ذلك تعطيك رؤية واضحة ستساعدك في التغلب على خجلك.
هل أنت انبساطى مستتر أم”خجول موقف”؟
أفترض أنك كنت طفلاً غير مبال لم ينزعج من اللعبة المخيفة والشىء كريه الرائحة في المهد، وأنك لا تستطيع أن تعثر على منشأ الخجل في عائلتك، فذلك يشير إلى أنه من المحتمل أن تكون الخبرات الحياتية قد أثرت على شخصيتك أثناء نموك، وفى هذه الحالة يمكن أن يطلق عليك ” خجول موقف “.
هل الخجل مرض مُعْدٍ؟
لا يمكنك أن تصاب بحالة من الخجل كعدوى، ومع ذلك فلو أن أولياء أمرك كانوا خجولين، حتى إذا لم يكونوا والديك، فإن هناك فرصة أكبر في أن تصبح خجولاً أيضاً، فنحن نميل إلى تقليد من حولنا خاصة من يقومون مقام الوالدين.
يدرك الطفل بصعوبة أن والده خجول. فعلى سبيل المثال، لقد أدركت أن أمى كانت خجولة بعد تلك السنوات الطوال. ففى أحد الأعياد، عندما كنت في الرابعة عشرة من عمرى، زرنا عدداً وافراً من الأقرباء الذين لم نرهم منذ وقت طويل. كانت العمة ” لوسى ” تثرثر، وارتدى العم ” تشارلى ” قبعة على شكل ديك رومى، وأعتقد أنه كان بحوزته بعض الشراب. كان الأقرباء الآخرون يتحدثون في وقت واحد بينما كانت أمى جالسة صامتة طاوية يديها، فجلست بجوارها صامتة أيضًا.
أحببت أمى كثيراً، لكن أمى كانت تتحدث في أى حوار جماعى بصعوبة، ولهذا كنت أفعل مثلها.
لم يكن لنا أى أصدقاء لأننا كنا نعيش بمزرعة في الريف ولم يكن هناك أطفال كثيرون في مثل عمرى. رتبت أمهات الأطفال الآخرين أوقاتًا كثيرة ليجتمعوا معًا للعب، لكن أمى لم تفعل ذلك أبدًا. عندما كبرت أخبرنى والدى أنها كانت خجولة. باسترجاع الماضى، أتساءل إذا كان السبب في عدم وجود العديد من الأصدقاء هو أن أمى كانت خجولة جدًا لدرجة تمنعها من الاتصال بأمهات الأطفال الآخرين.
آريانا، جى، تاوس، نيو مكسيكو
استرجع طفولتك. هل أبوك وأمك كانا يخالطان الناس اجتماعيًّا بشكل كبير؟ هل زارهما أصدقاؤهما كثيراً؟ هل التحقا بأية أندية أو حضرا أية اجتماعات؟ هل تحدثا في الهاتف كثيرًا؟ هل أقاما حفلات من قبل؟ هل شجعاك أو أعدَّا طرقاً لك لتلعب مع الأطفال الآخرين؟ إذا كانت الإجابة بالنفى فقد وجدت سبب خجلك.
احذر التقليد ” الأعمى ” للوالدين
للآباء : تذكروا أنكم نموذج يحتذى به أطفالكم. إذا كنتم خجولين، قوموا بجهد مضاعف لتحتفلوا بأصحابكم أمام أطفالكم؛ فهم سيستمتعون برؤيتكم مرحين، وسيفعلون مثلكم، وسيشكركم أولادكم.
للخجولين : ذكّروا أنفسكم أنكم كأطفال كنتم تتصرفون ببساطة كما يجب عليكم. فمعرفتكم أنكم كنتم تقلدون أعضاء الأسرة ستمنحكم الفرصة للتخلص من النمط التقليدى. ويا خجولى الموقف، حاولوا تذكر جميع المواقف التى أوضحت السلوك المتخوف لوالديكم، ثم تخيلوا أنفسكم تعالجون نفس الموقف بشجاعة وثقة أكبر.
المتنمرون في الأيام الماضية
واقعة مدرسية
ينكمش كل خجول خوفاً عندما يتذكر لحظة مُذلة من لحظات الماضى. إننى أرتجف الآن عندما أكتب عن إحدى لحظاتى.
كانت حصة الرياضيات أصعب جزء في يومى الدراسى أثناء الصف الثالث، ليس بسبب صعوبة الأرقام، وليس لأننى كرهت معلم الرياضيات، لكن بسبب نوبات خجلى الحادة.
كان معلم الرياضيات عادة ما يعطينا مسألة رياضية، ثم يغادر الفصل لدقائق قليلة. عندما تحل الفتيات الأخريات المسألة وهن عاقدات حواجبهن، يبدأن في إصدار أصوات كتاكيت صغيرة حتى يعود المعلم، لكننى كنت مثل نعامة خجولة أدفن رأسى في الكتب وأتظاهر بأننى لا أزال أحل المسألة.
فى يوم لا ينسى، أعطانا المعلم مسألة ثم غادر كالعادة. شعرت بأنى أخرج ريحًا أثناء دقائق العمل تلك، وعندما خرج الريح منى عرفت أننى غير قادرة على إيقافه، لكننى تمكنت من إخراج الريح بصمت وببطء. تنهدت بارتياح ثم عدت للحل.
بعد ذلك بأقل من ثلاثين ثانية، رفعت إحدى الفتيات ” سونيا ” رأسها وقالت : ” أشم ريحًا ” فانخرط الجميع في الضحك.
ثم قالت فتاة أخرى : ” أتساءل من أخرج ريحًا؟ ” فازداد الضحك صخبًا.
قالت ” سونيا ” في تصميم مخبر سرى : ” دعونا نكتشف ” ثم بدأ الكابوس. وكثعلب يبحث عن أرنب مذعور، بدأت ” سونيا ” في البحث المرح عن مصدر الرائحة.
انطلقت من الجانب الآخر من الغرفة ثم زحفت صعودًا وهبوطًا بكل صف لتشتم كل شخص فازدادت الفتيات الواثقات سعادة لعلمهن أنهن لن يتعرضن للوم.
عندما جاءت إلى صفى أصبت بهستيريا فأمسكت كتبى واندفعت إلى الخارج والدموع تنهمر على وجهى، وبينما أجرى على طول الردهة سمعت الفتيات القاسيات يقلن : ” إنها ليلى، إنها ليلى، إنها ليلى “.
يستطيع ثمانية وخمسون في المائة من الخجولين تذكر تجربة اجتماعية صادمة في بداية أعراض خجلهم، ويتذكر أربعة وأربعون في المائة منهم حدثاً مريعًا، يشعرون بأنه كان بداية خجلهم.
المجلة الدورية لعلم نفس غير الأسوياء
قبل أن ألتحق بالمدرسة وقبل أن أتم الخامسة، كان علىَّ أن أذهب إلى المستشفى ثلاثة أو أربعة أيام فقط لكنها البداية في ذاكرتى. كنت في عنبر الأطفال ولدىَّ سرير في ركن منعزل. كنت الولد الوحيد في العنبر والباقى كلهن فتيات، لكنى كنت صغيرًا جداً كى أفهم اختلاف النوع. لم أتحدث إلى أى أحد. بعض الأطفال كانوا أعلى صوتًا وانبساطيين ويتصرفون كثيرًا مثل المهرجين، خاصة الفتاة التى تحتل السرير في الركن المقابل. غالبًا ما كنت أبكى وكانت الفتاة تلاحظ ذلك وتسخر منى أمام الآخرين فكنت أرتمى على وجهى وأتظاهر بأننى نائم.
كنت خجولاً جدا لدرجة منعتنى من أن أسأل عن مكان دورات المياه، فكنت أبلل فراشى يوميًّا. ازداد غضب الممرضات منى لأننى داومت على فعل ذلك، فكن يصحن في وجهى أمام الفتيات.
ناثان إف.، جرين باى، ويسكونسن
إنه خطأ المتنمرين وليس خطأك أنت
لا يقصد معظم الصغار أن يكونوا قساة، ومع ذلك، وبدون تفكير، فإنهم يكونون أشرارًا. نشرت المجلة الدورية للطب النفسى الإكلينيكى عند الأطفال جزءًا من دراسة أطلق عليها ” مؤشرات رفض الأقران في المراحل الابتدائية الأولى ” والدراسة تؤكد على الآثار المضادة لتلك الأحداث المبكرة.
تجربة واحدة لا تجعل الطفل خجولاً إذا لم يكن حساساً تجاهها، لكنها بالتأكيد لا تساعده، فحتى إذا لم يمر الخجول بتجربة مخيفة مبكراً فإن شعوره بأنه مقبول في المدرسة أمر مهم لأن ذلك يصبح قالبًا لتوقعاته في السنوات اللاحقة.
من المهم أيها الآباء أن تبحثوا عن العلامات التى تدل على تنمر شخص ما على طفلكم، وتشمل هذه العلامات : ملابس ممزقة، ممتلكات مفقودة، جروحًا لا تفسير لها، الخوف من السير إلى حافلة المدرسة، اتخاذ طريق غير معتاد للمدرسة، وهكذا. وعندما ترون أيًّا من تلك العلامات، تحدثوا إلى طفلكم بشأنها وأقنعوه بأنه خطأ المتنمر لا خطأه هو. لا توصوه بالتشاجر مع المتنمرين، ومع ذلك شجعوه على مواجهة المتنمر في وجهه قائلاً : ” توقف عن ذلك “، بدلاً من أن يتصرف بجبن وخجل. يمكنكم تدريب أطفالكم على قول ذلك.
وإذا استمر سلوك المتنمر، فتحدثوا إلى معلم طفلكم عن ذلك.
أعد تمثيل واقعة ماضية
للوالدين : إذا شككتم في أن شخصاً ما يتنمر على طفلكم فأنتم تحتاجون إلى القيام بخطوات لتتأكدوا من أن ثقة طفلكم بنفسه لم تُصب بأذى. عليكم أن تصبحوا : (1) متحرين ( تتحرون الموقف )، (2) أطباء نفسيين ( تسألون أسئلة وتتحدثون مع طفلكم عن الأمر )، (3) ناصحين ( تقترحون طرقًا للاستجابة )، (4) مخرجين مسرحيين ( تقومون بتمثيل بعض الأدوار ). إذا لم يتغير شىء، فعليكم أن تصبحوا أصدقاء حميمين للمعلم ( تتحدثون مع المعلم ) وفى بعض الأحيان يكون من المناسب التحدث مع والدى الطفل المتنمر أيضاً، ودعوهما يعرفان ما سيواجهه طفلهما.
للخجولين : باستطاعة الأطفال غير المراعين لمشاعر الآخرين التأثير بالسلب على تفكير الطفل الحساس، فإذا كنت واحداً من نسبة ال 85 بالمائة الذين يستطيعون تذكر تجربة طفولية محددة، فاعقل الأمر وستصل حتماً إلى استنتاج أن السبب في تلك التجربة المؤلمة كان قسوة الطفل الآخر وليس سلوكك. فكر في الأمر ملياً حتى تقتنع ثم تخيل الموقف مرة أخرى، وشاهد نفسك وأنت تعالج الموقف بالمعرفة التى لديك اليوم.
الحماية المفرطة من الأم والأب
ما أخبرنى به طبيبي النفسى
منذ أربعين عامًا كان من مظاهر الفخامة أن يكون لك طبيب نفسى، فكان أى شخص ذى مكانة اجتماعية ( أو ظن أنه كذلك ) يزين حديثه قائلاً : ” حسناً، طبيبى النفسى قال… “.
وغالباً ما تنتهى الشكوى بعبارة : ” إنه خطأ والدى “.
كان ذلك عذرًا شائعًا لأى نقيصة سواء ألقى طبيبك النفسى اللوم على والديك أو لا ( الكثير من الناس كانوا يبذلون الكثير من الوقت والمال في سبيل هذا العذر ).
لكن هل هو بالفعل خطأ والديك أنك أصبحت خجولاً؟ اكتشف باحثون ذوو مكانة رفيعة وثقة ممن كرسوا حياتهم لدراسة جذور ونتائج الخجل، أن الإجابة الصحيحة ” نعم ” عند البعض و ” لا ” عند البعض الآخر.
يتعرض الأطفال الذين يبالغ آباؤهم في حمايتهم لمخاطر أكبر في أن يكونوا خجولين. أثبتت دراسة عنوانها ” تطور القلق : دور الرقابة في البيئة المبكرة ” أنه :
” يؤثر الوالدان اللذان يشرفان بإفراط على أنشطة وقرارات الطفل بالسلب على قدرة الطفل على التحكم في بيئته “.
نشرة الطب النفسى
أتمنى لو أن اثنين من أصدقاء عمرى عرفوا ذلك. ” ستيف ” و ” ليديا ” زوجان رائعان ولديهما ابن واحد فقط. بعد ولادته لم تعد ” ليديا ” قادرة على إنجاب المزيد من الأطفال، لذلك فإن الطفل ” لينى ” كان أثيراً لديهما، فإذا بدأ الطفل ” لينى ” ذو الأشهر الثلاثة في البكاء عند زيارتى لها فإن ” ليديا ” تثب على قدميها وتسرع إلى حجرة نومه قبل أن أنهى حديثى، فإذا وصل صوته إلى أسماعنا في حجرة المعيشة فإنها تهرع إلى حجرة نومه وتغنى له في حنان : ” هل عض الدب الأسود الكبير هذا الطفل الوديع؟ إن ماما هنا، وكل شىء سيكون على ما يرام “.
صراحة، لقد وجدت ذلك مقززاً، وهذا لا يعنى أنه لو كان لدىَّ طفل فسوف أغلق عليه حجرة نومه وأدعه يصرخ مثل حيوان مريض، لكن لن أسرع إليه كل مرة ينتابه فيها البكاء.
تناولنا العشاء معاً في مطعم مرات عديدة عندما كان ” لينى ” صغيراً في الثامنة من عمره. لسوء الحظ، كانت محادثة الراشدين غير مُجدية؛ فكلما تجشأ ” لينى “، كان الزوجان يقولان في قلق : ” هل أنت بخير يا ” لينى ” ؟ هل جعلك المشروب الغازى تتجشأ؟ “.
ذات ليلة أخبرته ” ليديا ” قائلة : ” سوف نطلب لك عصير برتقال “.
عقد ” لينى ” ذراعيه وقال : ” أنا أكره عصير البرتقال، أنا أكره عصير البرتقال، أنا أكره عصير البرتقال “.
كنت على وشك أن أصمت لكنى سألتهما : ” ألا تعتقدان أن ” لينى ” سيستمتع أكثر بتناول الطعام بالمنزل في المرة القادمة؟ أنا أعرف جليسة أطفال رائعة تطهو أيضاً وأنا أضمنها لكما “.
انتحب الولد الصغير قائلاً : ” وأنا أكره جليسات الأطفال ( هل تظنون أننى تأثرت قليلاً بذلك؟ ” ).
انحنت ” ليديا ” باتجاهى وهمست : ” لينى لا يحب جليسات الأطفال “.
فقلت : ” لقد لاحظت ذلك “.
قاطع ” لينى ” حديثنا قائلاً : ” ما المشروبات الأخرى التى يمكننى تناولها؟ “.
كان الوضع أشبه بحرب، فنظرت إليه مباشرة وقلت : ” لينى، لماذا لا تسأل النادلة؟ “.
أضحك كلامى ” ليديا ” و ” ستيف ” وطلبا النادلة فنظر ” لينى ” إلى أمه وقال بصوت مرتفع : ” أريد شراب أعشاب “. فالتفتت ” ليديا ” إلى النادلة قائلة : ” إنه يود شراب أعشاب “، فتمتمت قائلة : ” بإمكان النادلة سماع ذلك “.
كيف حال ” لينى ” الآن؟
لم أر صديقتى وزوجها لمدة عشر سنوات لأنهما انتقلا إلى ” ميتشجان “، لكنى مؤخراً كنت ألقى خطاباً في ” ديترويت ” واتصلت بهما. عندما وصلا إلى المطعم لم يكن بصحبتهما ” لينى ” هذه المرة.
عندما سألت عنه نظر ” ستيف ” و ” ليديا ” إلى بعضهما في ألم وقالت ” ليديا ” : ” لم يرد أن يأتى “.
فقلت : ” هذا شىء بالغ السوء “.
قضى ” ستيف ” و ” ليديا ” الساعة التالية يرثون حال ابنهما قائلين : ” إنه غير مرتاح بوجوده مع الناس، ليس لديه أصدقاء ولا يرتاد الحفلات أو يمارس أية أنشطة، وهو في الثامنة عشرة من عمره. إنه خجول ويشعر بأن الأطفال الآخرين لا يحبونه “، ثم أخبرانى أنه ” يدرس بالمنزل “.
أمسكت لسانى عن الكلام. لقد كان الأمر واضحاً. إن فعل كل شىء من أجل ” لينى ” وتلبية كل رغباته، لم يطور أبداً المهارات الاجتماعية أو الشجاعة لفعل أى شىء بنفسه.
العبوا مع أقرانكم
من الواضح أنكم أيها الآباء والأمهات لن تخبروا أطفالكم بذلك، وبرغم ذلك أعطوهم تحديات أكثر تعقيداً بشكل متدرج. افترضى أنك وطفلتك ابنة الأعوام الستة في مطعم وقُدم إليها بطاطس مخبوزة بقشدة لاذعة ويعلوها الزبد، لكن طفلتك الصغيرة لا تحب القشدة اللاذعة على طعامها.
فتشكو إليك قائلة : ” أريد زبدة فقط يا أمى “، أخبريها أن تأخذها مرة أخرى. استجابتك المثالية كأم هى أن تقولى : ” لِمَ لا تخبرينها بنفسك يا طفلتى. سأناديها لك لكن عليك أن تطلبى منها أن تأخذ القشدة اللاذعة بعيداً “. وتدريجياً امنحى أطفالك تحديات أكبر مناسبة لأعمارهم بصورة متزايدة.
كنت أنا وأمى مقربتين جداً من بعضنا؛ ربما لأن أبى توفى عندما كنت في الثانية من العمر، ولأننى كنت طفلة وحيدة. لا أعرف متى بدأ الأمر لكن قبل التحاقى بالمدرسة الابتدائية، أدركت أن أمى تفرط في حمايتى أكثر من أمهات الأطفال الآخرين. لم يُسمح لى حتى بأن أعبر الشارع بمفردى أو أن ألعب مع الأطفال الآخرين. لم يضايقنى ذلك كثيراً لأن والدتى تصطحبنى لمشاهدة الأفلام كثيراً، وكنا نسافر معاً في كل عطلة. أحببت ذلك لأننى لم أكن أضطر إلى أن ألعب مع الأطفال الآخرين الذين يغيظوننى. أعتقد أنهم حسبونى متكبرة لأننى لم ألعب معهم.
كنت خجولة جداً في المدرسة الثانوية، خاصة في التعامل مع الأولاد؛ وذلك لأن والدتى وضعتنى في مدرسة صغيرة حيث يوجد خمسة أو ستة طلاب في الفصل. أبلغ من العمر الآن أربعة وثلاثين عاماً ولا أزال أعيش مع أمى. أكاد لا أقابل أحداً لأننى أضطرب عندما يطلب منى أحدهم الخروج بصحبته. أدرك أن علىّ أن أتغير لكن من الصعب التخلص من الأنماط القديمة والعادات الفكرية الراسخة.
ليندا، جى، كارولتون، أوهايو
للآباء تأثير أفضل
تهانينا لكم أيها الآباء؛ فأنتم بالفعل ذوو تأثير على خجل طفلكم أفضل من زوجاتكم، والسبب أنه إذا تنمر طفل آخر على طفلك وعاد طفلك إلى البيت مخدوش الركبة فإنك تميل إلى أن تقول : ” اخرج إليه أيها الطفل وأخبره أنه لا يستطيع أن يعاملك هكذا “، أما الأم فستكون أكثر تعاطفاً وتقبل الجرح
البسيط.
كان الآباء أكثر إصراراً على دفع أطفالهم للدفاع عن أنفسهم؛ وذلك حسب إحدى الدراسات، لدرجة صدمت الباحثين، لكنها آتت ثمارها باعتراف الباحثين أيضاً.
هذا لا يعنى تحديدا تجاهل الأطفال فالوالدان اللذان تربطهما بأطفالهما رابطة قوية ( تشمل الحب، التواصل الصريح، الشراكة ) ويتحكمان فيهم بدرجة أقل ( بمعنى آخر، يشجعانهم على فعل الشىء بأنفسهم ) أكثر عرضة لأن يكون أطفالهما واثقين بأنفسهم.
لا تفرط في تدليل طفلك
للوالدين : بالطبع أيها الآباء والأمهات، أنتم تحبون أطفالكم، لكن لا تفعلوا كل شيء لهم. دعوهم يعرفوا أن بإمكانهم الاعتماد عليكم ثم شجعوهم تدريجيًّا على فعل الأشياء بأنفسهم. إذا احتاج أطفالكم إلى تشجيع وتمرين، فحاولوا تمثيل بعض الأدوار لتساعدوهم في التصرف في مواقف متعددة.
للخجولين : أنتم تعلمون كم أن الخجل مؤلم وتعرفون الآن معلومات تتعلق بالوقاية من الخجل أكثر مما يعرفه آباؤكم، لذلك إذا كان لديكم أطفال أو تخططون لذلك فلا تفرطوا في تدليلهم.