يعرف سلسل البول الليلي (تبليل الفراش ليلا أثناء النوم) على أنه خروج البول العفوي اللاإرادي أثناء النوم من قبل الطفل الذي وصل إلى سن من الواجب فيه أن يسيطر على عملية التبول بشكل إرادي.
تنقطع عادة عادة تبليل الفراش ليلا مع تقدم الطفل بالسن، حيث أن معظم الأطفال بسن السنتين والنصف يصبحون قادرين على ضبط مثاناتهم نهارا. إن 75% من الأطفال بسن الثلاث سنوات والنصف يصبحون قادرين على ضبط مثاناتهم ليلا ونهارا.
وإن غالبية الأطفال لا يقدرون على ضبط الحاجة للتبول قبل وصولهم إلى سن الثلاث سنوات ونصف من العمر.
يميل الأطفال الذكور إلى التقدم وضبط الحاجة للتبول والسيطرة على مثانتهم قبل إقرانهم من الفتيات.
وتستمر عادة تبليل الفراش ليلا عند 5 – 10 % من الأطفال بسن الخمس سنوات وتتدنى هذه النسبة لتصبح 7% عند الأطفال بسن العشر سنوات وتصبح 1% عند بلوغ سن الـ 15 سنة.
ومعظم هؤلاء الأطفال يبللون فراشهم من مرة إلى عدة مرات خلال الأسبوع، كما أن 90% من الأطفال المصابين بالسلس البولي الليلي يكونون قادرين على ضبط البول أثناء النهار.
من هنا نجد أن معظم الأطفال قبل سن الأربع سنوات يبللون فراشهم ليلا، لذلك من المناسب ألا نستعمل عبارة (سلس البول الليلي) إلا عند الأطفال الذين تجاوزوا سن الأربع سنوات ويبللون فراشهم، والبعض يقترح حتى سن الخمس سنوات، حيث يمكننا أن نعتبر عادة تبليل الفراش ليلا بعد ذلك السن حالة غير طبيعية وتستوجب الاهتمام والعلاج.
إن الأطفال المصابين بالتخلف العقلي مع نسبة ذكاء منخفضة نسبة لأعمارهم يصابون بسلس البول الليلي، ويتأخرون كثيرا في ضبط مصراتهم حتى فترة زمنية طويلة نسبيا.
مصطلحات
80% من الأطفال المصابين بالسلس البولي الليلي لا يبللون فراشهم يوميا كل ليلة، بل تمر ليال بسلام، ويدعى هذا الشكل من السلس الليلي بسلس البول الليلي المتقطع.
وإذا كان تبليل الفراش لا يحصل مع الطفل إلا ليلا دعونا السلس بالليلي وإذا كان نهارا دعوناه بسلس البول النهاري وإذا كان بالليل والنهار أسميناه سلس البول الليلي النهاري.
وغالبا ما يترافق كلا النوعين معا السلس الليلي والنهاري معا.
إذا لم يمر الطفل بمرحلة استطاع بها ضبط بوله وكان يبلل نفسه دوما منذ ولادته حتى لحظة مراجعة الطبيب أسميناه بسلس البول الليلي البدئي. أما إذا مرت فترة بحياة الطفل وكان بها نظيفا ثم عاد من جديد إلى عادة تبليل فراشه اسمينا الحالة بسلس البول الليلي الثانوي.
يشكل سلس البول الليلي البدئي 1 – 2% من حالات سلس البول الليلي عند الأطفال، وحوالي 15% من أطفال المدارس يعانون من سلس البول الليلي الثانوي أو المكتسب.
ومن هنا يجب أولا إعلام أهل الطفل المصاب بسلس البول الليلي أن حالة طفلهم ليست غريبة أو نادرة بل حالة شائعة ولا تدعو للقلق وأن السلس حالة ممكنة العلاج والشفاء بسهولة، أي أهم ما في الأمر طمأنة الأهل كي لا ينعكس خوفهم من حالة الطفل على صحته وعلى طريقة تعاملهم معه.
بعد دراسة على 1265 طفل من مختلف الأعمار في نيوزيلاندا تبين أن حالة السلس البولي الليلي تتناقص مع تقدم الطفل بالسن.
من مراقبة الجدول يلاحظ أن النسبة تكون 95% تقريبا بسن السنتين لتصبح 7% فقط بسن الثماني سنوات وهذا وحده كاف لأن يدخل الطمأنينة إلى قلب الأم القلقة والخائفة من أمور كثيرة حين قدومها مع طفلها إلى العيادة.
جدول يبيّن الدراسة على 1265 طفل مصاب بالسلس الليلي وعلاقته بالعمر |
|
العمر | النسبة المئوية للسلس البولي الليلي |
2 | 95.5 |
3 | 43.2 |
4 | 20.2 |
5 | 15.7 |
6 | 13.1 |
7 | 10.3 |
8 | 7.4 |
الأسباب المرضية لسلس البول الليلي
● يحدث سلس البول الليلي بنسبة أكبر.
● عند الأطفال الذكور.
● عند الطفل الأول (البكر).
● عند الأطفال الذين ينتمون إلى الصفوف الاجتماعية الدنيا والفقيرة.
● عند الأطفال الذين يتحملون المسؤوليات باكرا.
● عند الأطفال المعرضين للضغوط الاجتماعية بمراحل حياتهم الباكرة.
● عند الأطفال الذين يتصف نومهم بالعمق.
● تلعب العوامل الوراثية دورا هاما في حدوث سلس البول الليلي وفي الاستعداد له (استعداد وراثي).
● بعض الأمراض التي تصيب الأطفال وتؤدي في سياق تقدمها إلى ظهور عرض السلس الليلي مثل:
1. الداء السكري.
2. القصور الكلوي.
● الأطفال الذين يمتلكون مثانة ذات سعة قليلة، حيث يعتاد الطفل هنا على إفراغ مثانته حالما تتجمع كمية ولو كانت بسيطة من البول، حيث يشكوا هؤلاء الأطفال من تعدد البيلات الليلية والنهارية بحكم نقص السعة المثانية.
● عند الأطفال المصابين بالتخلف العقلي والذين يميلون للإصابة بسلس البول الليلي أكثر من الأسوياء بكثير.
● عند الأطفال المصابين بالاضطرابات النفسية وهم عرضة لسلس البول الليلي أكثر من غيرهم، إلا أنني أرغب بالتذكير هنا أن العلاقة بين سلس البول الليلي والاضطرابات النفسية ليست حتمية وليس بالضرورة أن يكون كل طفل مصاب بسلس البول الليلي هو طفل مضطرب نفسيا أو عقليا كما يظن البعض. لكن الاضطرابات العاطفية والنفسية تلعب دورا كبيرا في إحداث هذا السلس الليلي وفي استمراره لفترات أطول من المتوقع بكثير (حتى سن 14. 16) سنة أحيانا.
● وفي الحقيقة تشكل الأسباب العضوية والمرضية أو العصبية لسلس البول الليلي حوالي 5% من الأسباب فقط في حين أن باقي النسبة 95% تشكلها الأسباب الاجتماعية والنفسية.
الأسباب الاجتماعية والنفسية في إحداث السلس
1. يلعب الوسط الاجتماعي والاقتصادي السيء دورا هاما في زيادة قلق الطفل، فالبيوت المزدحمة ذات الخدمات السيئة وكثرة الأولاد الذين يتقاسمون الخبز والعطف والحنان، والمشاكل العائلية الكثيرة، وغياب الأم الطويل عن المنزل، وإرهاق الأب أو مرض أحد الأبوين كلها عوامل هامة في حياة الطفل.
2. إن التغيرات المفاجئة بحياة الطفل ذات أثر هام في إحداث القلق والنرفزة والعصبية مثل ولادة أخ جديد أو الفطام المتأخر أو المعاملة السيئة التي يتلقاها الطفل في المدرسة من ترهيب أو عقوبات أو انتقال الطفل من الحياة قبل المدرسة إلى المدرسة. كلها أمثلة وهناك الكثير عن التبدلات المفاجئة التي يمكن أن تصيب الطفل وتؤدي إلى السلس الليلي.
3. ومن الأشياء الهامة أيضا نقص التدريب أو قلة الإهتمام برغبة الطفل في الذهاب إلى دورة المياه، الأمر الذي يذهب محاولاته أدراج الرياح ويجعله خاضعا لسيطرة المثانة وعلى النقيض من ذلك أيضا فإن التشديد على الطفل في زيارة دورات المياه يأتي بنتائج سيئة أيضا.
4. ويلعب الاضطراب النفسي دوره إن وجد بمثل هذه الظروف، والأغلب أن يكون الأطفال سليمين نفسيا وإن كان احتمال الاضطراب النفسي العميق أقوى عندهم كما يقول البعض.
5. أما الاضطرابات العضوية فكما ذكرنا لا تشكل سوى 5% من أسباب السلس البولي الليلي وهي:
– داء السكري.
– البيلة التفهة الكلوية.
– البيلة التفهة النخامية.
– فقر الدم المنجلي والذي يؤدي إلى نخر الحليمات الكلوية مما يؤدي إلى زيادة حجم البول.
– التشوهات الخلقية البولية والشوك المشقوق
– قد يكون السلس الليلي أحد أعراض داء الصرع الكبير أو الصغير.
إن سلس البول الليلي مشكلة هامة على صعيد الأسرة والمجتمع, فالأم والإخوة سيتضايقون من رائحة الفراش الكريهة، ومن غسل الثياب والشراشف اليومي، ونعلم أن الأم هي الوحيدة التي تعاني من العذاب والتعب أكثر من أي شخص آخر بالمنزل، لهذا نراها تعاني من المرض أكثر من ابنها وتركض وراء أي شيء تسمعه حول دواء أو نصيحة أو أعشاب أو غيرها لإيقاف هذا السلس المزعج؟
لذلك تلجأ الأم إلى جاراتها أو صديقاتها أو إلى الطبيب وقد تلجأ إلى الكتب بحثا عن حل، وإذا عجزت تلجأ إلى توبيخ طفلها وضربه لتزيد من اضطهاد الطفل ومعاناته أكثر وبالتالي تزيد الطين بلة، وهذا التصرف الغير حكيم من الأم يعكس انفعالاتها ومشاكلها الزوجية والمهنية والاجتماعية فيزيد من شعور الطفل بالوحدة والقلق ولا سيما إذا وجد أب مستهتر وجاهل.
وأحيانا قد تلجأ الأم إلى ربط قضيب طفلها بخيط أو شعرة قبل النوم لمنع خروج البول وتبليل الفراش، إلا أنها كثيرا ما تفاجئ الأم باسوداد لون القضيب وموته عند الصباح بسب قطع التروية الدموية اللازمة عنه، وكم من الأطفال فقدوا قضبانهم بسبب سوء تصرف الأم وجهلها بهذا الموضوع.
وإذا أهمل الطفل أكثر ازدادت المشكلة أكثر وأكثر وفاحت رائحة البول بين إخوته أو زملائه ونفر منه الجميع فيصبح مكروها وحيدا قلقا معذبا منبوذا.
أضف إلى ذلك كثرة تعرض الطفل إلى الالتهابات الجلدية والتناسلية والإنتانات البولية بسب بقاء البول على جلد الطفل فترات طويلة.
ونحن نقول لكل الأمهات:
بدلا من التوجه إلى الجيران والأصدقاء أو إلى الأعشاب أو إلى ربط القضيب أن تذهب بطفلها إلى الطبيب الأخصائي لتشخيص سبب سلسه وأخذ العلاج اللازم.