رغم أن سلس البول يمكن أن يصيب أي شخص – الرجال والنساء، الصغار والكبار – فهو لا يكون بالشكل نفسه عند الجميع؛ فعند التعرض لهذه المشكلة، تختلف بين الرجال والنساء، وكذلك بين الأطفال والكبار (البالغين). تمارس الفوارق التشريحية والهرمونية الأساسية الدور الأكبر في الفوارق بين الرجال والنساء.
تكون المشكلة عند الأطفال عابرة أو مؤقتة غالبا، وتتحسن بمرور الزمن؛ وقد يترافق سلس البول عند الكبار أو المسنين مع التغيرات التي تحدث بسبب التقدم في العمر، وقد تتعلق بكيفية عمل الكليتين والمثانة وبعوامل خطورة أخرى مختلفة، بالإضافة إلى أمراض تصبح أكثر شيوعا مع التقدم بالعمر.
ونتيجة لما سبق، قد تختلف المعالجة قليلا أو كثيرا حسب المجموعة العمرية للناس أو المرضى، وذلك اعتمادا على طبيعة المشكلة المستبطنة التي تسبب السلس.
يقسم الأطباء والعلماء أسباب سلس البول بوجه عام إلى صنفين، المؤقت والمستديم ؛ وتمثل الأسباب المستديمة أو الدائمة مشاكل جسدية مستبطنة Underlying physical problems لا يمكن تغييرها عادة؛ أما الأسباب المؤقتة (أو العابرة) فيمكن الشفاء منها غالبا بالمعالجة أو بتغيير في طراز الحياة Lifestyle.
فإذا كنت تشرب – على سبيل المثال – الكثير من الماء أو الأشربة الأخرى، لاسيما خلال فترة قصيرة من الزمن، فأنت تزيد كمية البول في مثانتك، وهذا ما قد يؤدي إلى حادث تبليل عارض؛ ومن جهة أخرى، عندما تشرب من الماء ما لا يكفي لجعلك تبقى في حالة من مناسبة من التميه (وجود السوائل الكافية في الجسم)، يصبح بولك شديد التركيز؛ ويمكن لزيادة تركيز أملاح الجسم أن تخرش المثانة، وقد تؤدي إلى السلس.
كما أن استهلاك الكثير من الكافيين Caffeine يكون سببا عكوسا Reversible cause لسلس البول، فالكافيين مدر للبول Diuretic؛ ولذلك، فهو يؤدي إلى تجمع البول بشكل أسرع من المألوف، الأمر الذي يقود إلى حاجة ملحة وغير مضبوطة أحيانا إلى التبول؛ وتؤدي الأشربة المكربنة غير الكافيينية Noncaffeinated carbonated drinks والشاي والقهوة – في بعض الناس – إلى تهييج المثانة أو تخريشها، ويمكن أن تسبب عوارض من سلس البول؛ كما أن الفاكهة الحمضية Citrus fruits، والعصائر، والمحليات الصناعية Artificial sweeteners هي من مخرشات المثانة.
تشتمل الأسباب المستديمة التي قد تؤدي إلى سلس البول على الشيخوخة (التقدم في العمر) Aging والإياس Menopause (سن اليأس) والجراحات السابقة وضعف العضلات والمشاكل العصبية وضروب مختلفة من الحالات الطبية؛ وعندما تساهم هذه العوامل في المرض، يمكن أن يكون سلس البول مزمنا ومستمرا.
وحتى عندما لا يكون بالإمكان التخلص من السبب الرئيسي لسلس البول، يمكن معالجة السلس دائما تقريبا؛ وتقوم المعالجة على نمط السلس وشدة المشكلة والسبب المستبطن؛ وفي الحقيقة، يبدي معظم الأشخاص الذين يعالجون من سلس البول تحسنا ملحوظا في العلامات والأعراض لديهم.
الأسباب المؤقتة لسلس البول القابلة للشفاء
الهذيان Delirium
يعرف الهذيان بأنه اضطراب (تخليط) شديد في الحالة العقلية، وتشتمل أسبابه على الأدوية والحرمان من النوم والأمراض الحادة، مثل العدوى أو الفشل الكلوي Kidney failure أو الكبدي Liver failure؛ كما يصاب بعض الناس بالهذيان كاستجابة سلبية (تفاعل) للتخدير؛ وعندما تكون مصابا بالهذيان أو التخليط – مهما كان السبب – يمكن أن تفقد التحكم بالمثانة مؤقتا؛ وفي هذا السياق، يكون سلس البول عرضا لتبدل الحالة العقلية؛ وعند التعرف إلى السبب المستبطن للتخليط ومعالجته، تزول مشكلة السلس عادة.
عدوى السبيل البولي Infection of the urinary tract
هي عدوى تبدأ في جهازك البولي، لاسيما في الإحليل أو المثانة أو في كليهما؛ وتدعى هذه العدوى المثانية بالتهاب المثانة Cystitis؛ بينما تدعى العدوى في الإحليل بالتهاب الإحليل Urethritis. وتحصل عدوى السبيل البولي بشكل نموذجي عندما تدخل الجراثيم من الخارج إلى السبيل البولي من خلال الإحليل، وتبدأ بالتكاثر في المثانة مسببة معاناتك من رغبة ملحة بالتبول؛ وقد تكون هذه الرغبة قوية جدا في بعض الأحيان بحيث لا تصل إلى المرحاض في الوقت المناسب، مما يؤدي إلى عوارض من سلس البول. وعندما تعاني من تسريب البول بشكل مفاجئ أو متفاقم، يوصي الأطباء عادة بإجراء اختبار بولي بسيط لاستبعاد عدوى السبيل البولي كسبب له.
من الممكن أن توجد جراثيم في البول من دون وجود عدوى في السبيل البولي؛ كما أن الجراثيم قد توجد في مثانة بعض الأشخاص، لاسيما المسنين، من دون أن تسبب أية أعراض أو علامات أو ضرر، وتدعى هذه الحالة البيلة الجرثومية غير المصحوبة بأعراض Asymptomatic bacteriuria، فهي لا تسبب سلس البول؛ ولكن عدوى السبيل البولي لا تؤدي بشكل عام إلى السلس إلا عندما تتصاحب بأعراض وعلامات أخرى، مثل الرغبة الملحة بالتبول أو البول الكريه الرائحة أو الشعور بالحرقة عند التبول.
تعد عدوى السبيل البولي سببا شائعا لسلس البول، لكن الشفاء منه سهل بالمعالجة؛ فإذا كانت الأعراض نموذجية وكنت في صحة جيدة، تكون المضادات الحيوية Antibiotics هي الخط الأول في معظم حالات عدوى السبيل البولي؛ وتزول أعراض عدوى السبيل البولي عادة، بما في ذلك سلس البول، في غضون أيام قليلة من المعالجة.
التهاب الإحليل أو المهبل الضموري Atrophic urethritis or vaginitis
ينخفض مستوى الإستروجين بشكل ملحوظ بعد سن اليأس، ويؤدي هذا الانخفاض إلى جفاف نسج الإحليل والمهبل، كما تصبح أقل ثخانة ومرونة وأكثر استعدادا للتهييج، وتدعى هذه الحالة التهاب الإحليل الضموري أو التهاب المهبل الضموري حسب مكان حدوثها، وقد تساهم في سلس البول.
تذكر النساء المصابات بالتهاب الإحليل أو المهبل الضموري شكواهن من تكرار التبول Urinary frequency والإلحاح البولي Urgency بشكل نموذجي، مما يؤدي أحيانا إلى السلس الإلحاحي Urge incontinence؛ لكن قد تؤدي أو تساهم هذه الحالة أيضا في سلس الإجهاد Stress incontinence؛ وعندما تصبح نسج الإحليل أقل ثخانة، تفقد مقاومتها، وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى تسرب البول Urine leakage عندما تحتوي مثانتك على البول وتكونين واقفة ونشيطة؛ وإذا كان لديك ضعف في قاع الحوض وعضلات المصرة، يمكن أن يكون خطر تسرب البول مرتفعا بشكل خاص.
يمكن معالجة التهاب الإحليل أو المهبل الضموري بالإستروجين المطبق على الناحية المهبلية بشكل رهيم (كريم) عادة؛ كما تتوفر أقراص وحلقات الإستروجين المهبلية أيضا، ويبقى الإستروجين – الذي يساعد على ترميم النسيج المهبلي – في الناحية المهبلية بشكل رئيسي، مع أن مقدارا صغيرا منه يمتص إلى مجرى الدم؛ وقد يصف الطبيب مستحضرا إستروجينيا منخفض الجرعة بشكل يومي على مدى شهر أو شهرين، ثم ينقصه بالتدريج حتى 3-4 مرات في الشهر؛ وتكون المعالجة الإستروجينية بالأقراص أو الرقعات أقل فعالية وتؤدي إلى أخطار إضافية، لاسيما عند النساء المصابات بسرطان في الثدي أو الرحم.
الأدوية Pharmaceuticals
تعد الأدوية إحدى أكثر أسباب سلس البول شيوعا؛ فالمهدئات Sedatives، مثل الحبوب المنومة Sleeping pills، يمكن أن تعيق قدرتك على التحكم بالوظيفة المثانية أحيانا؛ كما قد تؤدي أدوية أخرى – وعلى رأسها المدرات والمرخيات العضلية ومضادات الاكتئاب – إلى السلس أو إلى زيادته؛ وتؤثر بعض أدوية ارتفاع ضغط الدم، والأدوية القلبية، وعقاقير الزكام أيضا في الوظيفة المثانية.
وبما أن كل نمط من الأدوية يؤثر في جسمك بطريقة مختلفة، يكون لكل منها آليته الكامنة الذاتية في إحداث السلس.
المشاكل النفسية Psychological problems
قد تؤدي المشاكل النفسية Psychological problems في حالات نادرة، لاسيما الاكتئاب الشديد، إلى سلس البول؛ وينطبق ذلك بشكل خاص على الفترة بعد الجراحات الكبرى أو بعد تشخيص مرض خطير لدى المريض؛ فالاكتئاب الناتج وغير النادر قد يفقدك الاستماع بجميع مظاهر التصحح (النظافة) الشخصي Personal hygiene، بما في ذلك البقاء في حالة من النظافة والجفاف من البول.
ولكن، قد يكون من العسير معرفة ما إذا كان الاكتئاب الشديد مرتبط مباشرة باللوم على سلس البول؛ فإذا كنت في مرحلة الشفاء من جراحة ما أو المعالجة من مرض خطير، يمكن أن تتناول أدوية تساهم في السلس؛ ولذلك، لا بد من المزيد من الأبحاث لتحديد الدور الدقيق للأسباب النفسية.
فرط النتاج البولي Excessive urine output
يعرف إنتاج مقدار كبير بشكل غير طبيعي من البول خلال فترة زمنية معينة بالبوال Polyuria؛ وقد يكون تأثيرا جانبيا لمشكلة طبية، مثل داء السكر غير المضبوط Uncontrolled diabetes؛ فالعلامات الباكرة لارتفاع سكر الدم (فرط سكر الدم Hyperglycemia) هي زيادة العطش والتبول المتكرر؛ كما قد ينجم فرط النتاج البولي عن الاضطرابات المتصاحبة بفرط حمل السوائل Fluid overload، مثل فشل القلب الاحتقاني Congestive heart failure.
قد تكون الأدوية سببا آخر للبوال، لاسيما المدرات والثيوفيلين Theophylline، وثنائي هيدرو البيريدين Dihydropyridine، ومحصرات قنوات الكالسيوم Calcium channel blockers؛ كما أن تناول الأشربة الكافيينية والكحول والماء بمقادير زائدة قد يسبب فرطا في النتاج البولي.
يعد البوال سببا شائعا لسلس البول؛ فإذا كنت تتبول مقادير كبيرة من البول، قد لا تكون قادرا على بلوغ المرحاض بسرعة كافية لمنع تبليل ملابسك؛ وعندما يكون عليك أن تنهض عدة مرات في الليل للتبول – ولا تقوم بذلك أحيانا – يمكن أن يكون فرط النتاج البولي مشكلة لديك.
تقوم معالجة البوال على التحكم بالسبب المستبطن للمشكلة وتصحيحه، سواء أكان دواء أم مشكلة طبية أم زيادة في مدخول السوائل Excessive fluid intake؛ وحينما يصبح البوال تحت السيطرة، تزول مشكلة السلس البولي من تلقاء نفسها عادة.
تحدد الحركة Restricted mobility
يوجد العديد من الأسباب التي قد تجعل بعض الناس لا يستطيعون الحركة كثيرا، فالتهاب المفاصل، والألم الوركي، ومشاكل القدمين تجعل المشي صعبا؛ كما أن بعض المشاكل الطبية الأخرى، مثل فشل القلب الاحتقاني، يمكن أن تكون منهكة جدا بحيث يكون المشي لأكثر من مسافة قصيرة مستحيلا تقريبا؛ كما أن ضعف الإبصار، والإصابات، والخوف من السقوط، والتخليط المحرض بالأدوية تحد من القدرة على الحركة.
إذا كانت حركتك مقيدة إلى درجة لا تستطيع معها الاستجابة بسرعة للإلحاح في التبول، يمكن أن يحصل سلس البول نتيجة لذلك؛ فإذا كنت في طور الشفاء من السكتة Stroke، قد لا تكون قادرا على المشي بسرعة كافية لبلوغ الحمام في الوقت اللازم؛ فإذا كانت مفاصلك متورمة بسبب التهاب المفاصل الشديد، قد لا تملك البراعة الضرورية لخلع ملابسك في الوقت المناسب لتجنب تسرب البول؛ كما أن بقاءك طريح الفراش في المستشفى بسبب مرض حاد أو جراحة كبرى قد يؤدي بك أيضا إلى المعاناة من سلس مؤقت؛ وعلى العموم، كلما كانت حركتك أصعب، زادت إمكانية معاناتك من السلس.
إذا كانت لديك مشكلة في الحركة، وتعتقد أنها تساهم في سلس البول، تحدث في ذلك مع طبيبك؛ فقد تكون المشكلة المستبطنة أكثر قابلية للمعالجة مما تظن.
انحشار البراز Stool impaction
يمكن أن يؤدي الإمساك المزمن Chronic constipation إلى انحشار البراز، أي وجود كتلة كبيرة من البراز القاسي الجاف ضمن المستقيم؛ وتؤدي الكتلة البرازية القاسية إلى الضغط على العجان Perineum – المنطقة بين الفرج Vulva والشرج Anus لدى المرأة وبين الصفن Scrotum والشرج لدى الرجال؛ ويؤدي هذا الضغط بدوره إلى إعاقة جريان البول عند قاع (عنق) المثانة. ويسبب انحشار البراز عجزا عن إفراغ المثانة بشكل نموذجي، مما قد يقود إلى السلس الفيضي Overflow incontinence؛ لكن يمكن أن يؤدي أيضا إلى زيادة تقلصات العضل المثاني (Detrusor) وعوارض السلس الإلحاحي؛ وبما أن المستقيم والمثانة يتشاركان الكثير من الأعصاب المتماثلة، لذلك يؤدي انحشار البراز في المستقيم إلى فرط تفعيل هذه الأعصاب، ومن ثم حدوث التسرب البولي.
يعد انحشار البراز سببا شائعا نسبيا لسلس البول؛ فالأطباء يقدرون أنه سبب مباشر للمشكلة لدى زهاء 10% من البالغين المسنين المدخلين إلى المستشفى للرعاية الإسعافية، أو المحالين إلى عيادات السلس. وتحل إزالة انحشار البراز مشكلة سلس البول عادة. ولإزالة انحشار البراز، يقوم طبيبك بإدخال إصبع أو إصبعين في الشرج (أو المستقيم)، ويحطم البراز المنحشر إلى قطع أو شدف يمكنك طردها لاحقا.
زيادة الوزن
تمثل السمنة Obesity عامل خطر لسلس البول، لاسيما بين النساء؛ فعندما تكون مفرط الوزن، تفرض ضغطا مرتفعا ومستمرا على مثانتك والعضلات المحيطة بها وعلى الأعصاب والبنى الأخرى، مما يؤدي إلى إضعافها والسماح بتسرب البول عندما تسعل أو تعطس (سلس الإجهاد Stress incontinence). كما أن السمنة متهمة كعامل مساهم في السلس الإلحاحي Urge incontinence، مع أن هذه العلاقة ليست قوية تماما. ويعتقد الخبراء أن حمل وزن إضافي قد يقلل الجريان الدموي إلى مثانتك، أو يعيق الإشارات أو الرسائل العصبية هناك.
وعلى العموم، كلما زاد منسب كتلة الجسم Body mass index BMI، زاد احتمال أن تعاني من سلس البول؛ فإذا كان منسب كتلة الجسم بين 25 و29، تعد مفرط الوزن؛ أما منسب كتلة الجسم البالغ 30 أو أكثر فيدل على السمنة. كما ترى الأبحاث أن النساء السمينات يملن إلى الإصابة بشكل من سلس البول أكثر شدة من النساء الأخريات.
إذا كنت تعتقد أن وزنك قد يشكل مساهمة في مشكلة سلس البول، تحدث في ذلك مع طبيبك للوقوف على الطريقة الآمنة والسليمة لفقد بعض الكيلوغرامات؛ فقد يؤدي فقد 5-10% من وزن جسمك إلى نقص هام في الضغط ضمن بطنك والذي يضيف إجهادا إلى مثانتك. وفي الواقع، ترى الدراسات أن فقد بعض الوزن قد يحسن أعراض السلس ويقلل منها. ويمكن استعمال اللوحة السابقة لتحديد منسب كتلة الجسم.
نقص اللياقة الجسدية
يميل الأشخاص من ذوي اللياقة الجسدية الجيدة إلى أن يكونوا ذوي عضلات قوية لقاع الحوض؛ أما عندما لا تكون اللياقة الجسدية لديك كما يجب، فقد تكون عضلات قاع الحوض ضعيفة نوعا ما، وهذا ما يمكن أن يساهم في سلس البول.
إذا كان نقص اللياقة الجسدية Physical fitness يمكن أن يزيد خطر سلس البول لديك، فإن زيادة النشاط الجسدي قد تنقص هذا الخطر؛ فقد وجدت إحدى الدراسات أن الرجال الذين يمشون 2-3 ساعات في الأسبوع يقل خطر إصابتهم بتضخم البروستات بنسبة 25% بالمقارنة مع الرجال الذين لا يتدربون على التمارين؛ فالإصابة بفرط التنسج البروستاتي الحميد Benign prostatic hyperplasia – مصطلح طبي يدل على تضخم البروستات – يمكن أن تساهم في سلس البول؛ فمع زيادة حجم البروستات، قد تضيق الإحليل وتسده مانعة جريان البول، وتؤدي هذه المشكلة لدى بعض الرجال إلى السلس الإلحاحي أو السلس الفيضي.
يبدو أن النشاط الجسدي يفيد عند النساء أيضا؛ ففي دراسة على نحو 28000 امرأة نروجية، وجد الباحثون أنَ التمرن بدرجة منخفضة من الشدة لمدة ساعة أو أكثر أسبوعيا ينقص قليلا خطر سلس البول، بينما يكون للتمرن 3 ساعات أو أكثر أسبوعيا تأثير أكثر إيجابية بقليل.
هناك بعض الاعتقاد بأن النشاط الجسدي المفرط قد يؤدي إلى سلس البول – ولا يحمي منه؛ فرياضات التأثير القوي، مثل العدو وكرة السلة والجمباز، يمكن أن تسبب عوارض سلس لدى نساء صحيحات الجسم نوعا ما؛ فهذه الأنشطة العنيفة تلقي بعبء مفاجئ وقوي على مثانتك، مما يسمح بتسرب البول خارج المصرة الإحليلية؛ غير أنه لا توجد معطيات تربط بين رياضات التأثير القوي وبين زيادة خطر سلس الإجهاد المزمن.
إذا كانت لديك مشاكل مع السلس، ورغبت بأن تكون أكثر نشاطا جسديا، تحدث مع طبيبك حول خطة التمرين المناسبة لك.
الأسباب المستديمة لسلس البول
تشتمل الأسباب المستديمة الخفية لسلس البول على تقدم العمر، والإياس (سن اليأس)، والجراحة السابقة على البطن أو الحوض، والمعالجة الإشعاعية Radiation treatment، وعلى عدد من الحالات الطبية؛ فعندما تساهم هذه العوامل أو تتدخل، قد يكون سلس البول مزمنا؛ غير أن المعالجة يمكن أن تحسن أو تنقص سلس البول، حتى إذا استمر السبب الرئيسي للمشكلة. وفيما يلي ملخص موجز عن الأسباب الخفية لسلس البول المزمن.
تقدم العمر
لا يحصل سلس البول مع تقدم العمر، لكن الكبر هو من عوامل الخطر في فقد التحكم بالمثانة؛ حيث تبدي معظم الدراسات أن انتشار سلس البول يزداد بشكل ثابت مع العمر.
ما السبب في ذلك؟ مع تقدمك في العمر، تحصل العديد من التغيرات في الأعضاء، والنسج، والبنى الداعمة لجهازك البولي؛ فالعضلات في مثانتك وإحليلك تفقد بعضا من قوتها؛ وتؤدي هذه التغيرات المرتبطة بالعمر إلى التقليل من سعة المثانة وقدرتها على تخزين البول، وهذا ما يعني زيادة التبول؛ فإذا لم تنتبه للنداء بسرعة كافية، قد يحدث سلس البول. كما تصبح جدر المثانة أقل مرونة بتقدم العمر – وبذلك تكون أقل قدرة على التقلص وإخراج البول. وفي الواقع، تظهر الدراسات أنه – بالمقارنة مع البالغين الشباب – يميل البالغون المسنون إلى استبقاء حجم كبير من البول في المثانة بعد التبول، ويدعى ذلك الحجم المتبقي بعد الإفراغ Postvoid residual volume، وهذا ما قد يساهم في سلس البول. ومع تقدم العمر، يمكن أن تصبح عضلات قاع الحوض أضعف أيضا، مما يخل أكثر بالقدرة على الاحتفاظ أو الإمساك بالبول.
كما أن الأبحاث ترى أن عضلة المثانة (النافصة أو الدافعة Detrusor) تصبح أكثر فعالية ونشاطا مع تقدم العمر؛ ففي فرط فعالية المثانة، تسبب العضلة الحاجة إلى التبول قبل أن تمتلئ مثانتك، وهذا ما قد يؤدي إلى سلس البول. وتتقلص عضلة المثانة النافصة لدى العديد من البالغين المسنين مرارا، لكن هذه التقلصات تكون ضعيفة، وتقود هذه الحالة – التي تسمى فرط نشاط العضلة النافصة Detrusor hyperactivity مع اضطراب القلوصية Contractility (يرمز لها اختصارا بالرمز DHIC) – إلى أسوأ ما في هاتين الكلمتين؛ فأنت تعاني من إلحاح متكرر وغير مضبوط أحيانا على التبول، لكنك لا تستطيع إفراغ مثانتك تماما؛ هذا ما يمكن أن يسبب كلا من سلس البول الإلحاحي والسَلس الفيضي.
كما أن الكليتين تصبحان مع تقدم العمر أقل كفاءة في التخلص من الفضلات وإزالتها من مجرى الدم، وقد يؤدي هذا التراجع المرتبط بالعمر في القدرة على الترشيح Filtration إلى إنتاج المزيد من البول خلال اليوم. وفي الواقع، خلافا للشباب الذين ينتجون معظم البول خلال النهار، ينتج البالغون المسنون الكمية نفسها من البول في الليل والنهار؛ وقد يؤدي التبول عدة مرات ليلا إلى السلس.
تميل مع تقدم العمر بك إلى الإصابة أكثر بمشاكل طبية، مثل فشل أو قصور القلب الاحتقاني وداء السكر، وداء آلزهايمر وهذا ما يمكن أن يساهم في سلس البول. كما أن المشاكل المرتبطة بالعمر والتي تحد من الحركة، مثل التهاب المفاصل الشديد وكسور الورك، قد تقود إلى هذه المشكلة أيضا.
ينجم السلس لدى الرجال المسنين عن ضخامة غدة البروستات غالبا، وهي حالة تعرف أيضا بفرط التنسج البروستاتي الحميد Benign prostatic hyperplasia BPH؛ ففي عمر 40 سنة تقريبا، تبدأ البروستات بالتضخم قليلا؛ ومع حصول هذا التضخم، تضيق الإحليل وتسده جزئيا معيقة جريان البول قليلا؛ وتؤدي هذه الحالة أو المشكلة عند بعض الرجال إلى سلس البول الإلحاحي أو السَلس الفيضي.
الإياس (سن اليأس)
يساعد هرمون الإستروجين Hormone estrogen عند النساء على حفظ بطانة المثانة والإحليل بصحة جيدة؛ أما بعد الإياس، فيقل إنتاج جسم المرأة للإستروجين، وبذلك تصبح النسج المبطنة للإحليل أكثر جفافا ورقة وأقل مرونة؛ وفي الواقع، تفقد المصرة الإحليلية بعض القدرة على الإغلاق – مما يعني أنها لا تعود قادرة على الإمساك بالبول بالسهولة نفسها التي كانت عليها سابقا، وهذا ما يمكن أن يؤدي بك إلى تسريب البول عندما تسعل، أو تضحك، أو تعطس، أو ترفع أشياء ثقيلة (سلس الإجهاد Stress incontinence). كما أن التغيرات الهرمونية في الإياس تجعل النساء أكثر عرضة لعدوى السبيل البولي، وهذا ما يسبب سلس البول أحيانا.
يمكن أن يظهر سلس البول للمرة الأولى بعد الإياس، أو قد يتفاقم به؛ ولا يكون لدى بعض النساء مشاكل إلا بعض عدة سنوات من الإياس، حيث تنخفض مستويات الإستروجين في البطانة الإحليلية كثيرا بحيث لا تستطيع أن تدعم نمو الخلايا الجديدة.
لم يفهم الأطباء والعلماء تماما كيفية مساهمة نقص الإستروجين والإياس في سلس البول. وفي الواقع، وجدت بعض الدراسات التي قارنت بين النساء قبل الإياس وبعده أنه لا توجد فروق في المعدلات الإجمالية لسلس البول. ولكن، ترى الأبحاث أن النساء بعد الإياس تميل إلى المعاناة من مشاكل مع تسريب البول أكثر من النساء الأكثر شبابا؛ ففي إحدى الدراسات، ذكرت 7% من النساء بعد الإياس أنهن عانين من السلس مرة واحدة في اليوم على الأقل، بينما كان هذه النسبة بين النساء قبل الإياس 3% فقط.
الجراحة السابقة
تتوضع المثانة والرحم عند النساء قريبين من بعضهما البعض، ويدعمان بالعضلات والأربطة نفسها؛ ولذلك، تحمل الجراحة الحوضية الجذرية Radical pelvic surgery لمعالجة سرطانات الجهاز التناسلي Reproductive system والقولون Colon خطر الإضرار بالعضلات والأعصاب في السبيل البولي، مما يؤدي إلى سلس البول. كما أن تضرر الأعصاب المعصبة للمثانة قد يؤدي إلى احتباس البول Urine retention والسلس الفيضي، في حين يمكن أن يسبب تضرر الأعصاب المعصبة للإحليل أو عنق المثانة سلس الإجهاد.
لكن الدراسات التي تفحصت أو رصدت العلاقة بين الاستئصال الجراحي للرحم Hysterectomy وسلس البول وجدت نتائج متناقضة؛ فالبعض وجد علاقة قوية، بينما لم يجد البعض أية علاقة إطلاقا؛ ولا بد من المزيد من الأبحاث لتوضيح المسألة.
أما لدى الرجال، فتكون الصورة أوضح؛ فمن المعروف أن سلس البول تأثير جانبي لجراحة البروستات، حيث يستعمل الجراح خلال استئصال البروستات الجذري Radical prostatectomy في سرطان البروستات طرائق خاصة للحصول على استئصال كامل لها، كما يقوم أحيانا بتجريف (استئصال) العقد اللمفية المحيطية أيضا، مع محاولة الحفاظ على العضلات والأعصاب المتحكمة بالتبول والوظيفة الجنسية، غير أن المصرة البولية أو الأعصاب التي تعصبها تتضرر أحيانا. ويعاني معظم الرجال الذين خضعوا لاستئصال البروستات الجذري من مشاكل التحكم بالمثانة بعد نزع القثطار البولي Urinary catheter – بعد أسبوع أو أسبوعين من الجراحة عادة؛ وقد تدوم هذه المشاكل أسبوعين أو حتى شهور.
ويستعيد معظم الرجال في نهاية المطاف التحكم الكامل بالمثانة، في حين قد يسرب آخرون البول عندما يعطسون، أو يضحكون، أو يسعلون، أو يرفعون أشياء ثقيلة. ويعد سلس الإجهاد النمط الأكثر شيوعا للسلس بعد استئصال البروستاتة الجذري، غير أن الجراحة البروستاتية تحرض السلس الإلحاحي أو الفيضي أحيانا.
يعود التحكم الطبيعي بالمثانة، عند الكثير من الرجال المصابين بسرطان البروستات، تدريجيا خلال عدة أسابيع أو شهور من استئصال البروستات الجذري؛ غير أنه يستمر تسرب هام للبول عند بعض الرجال. وقد يحتاج الأمر إلى جراحة إضافية للمساعدة على تصحيح المشكلة.
يعد استئصال البروستات بطريق الإحليل الجراحة الأكثر شيوعا لفرط التنسج البروستاتي الحميد، حيث تمرر أداة رفيعة عبر الإحليل إلى أن تصل الموضع الذي تحيط به البروستات، وتقوم أدوات قاطعة دقيقة على منظار القطع Resectoscope بكشط النسيج البروستاتي الزائد محسنة جريان البول.
كما أن الجراحات البروستاتية الأخرى قد تسبب سلس البول؛ فاستئصال البروستات بطريق الإحليل Transurethral resection of the prostate TURP (الجراحة الأكثر شيوعا للبروستات المتضخمة) – على سبيل المثال – يفرج الأعراض البولية عادة. ويشكو معظم الرجال من جريان بولي قوي خلال الأيام القليلة بعد الجراحة؛ لكن يمكن أن يؤدي استئصال البروستات بطريق الإحليل في بعض الحالات إلى فقد التحكم بالمثانة، وتكون هذه الحالة مؤقتة عادة، لكن قد تستغرق سنة حتى تختفي تماما. ويعد الاستئصال التام لغدة البروستات (استئصال البروستات المفتوح Open prostatectomy) جراحة أكثر بضعا توفر عادة للبروستات المتضخمة بشدة؛ وهي معالجة آمنة وفعالة، مع أن الإجراء ينطوي على خطر التأثيرات الجانبية، بما في ذلك سلس البول؛ كما أن تأثيراته الجانبية تميل إلى أن تكون أكثر وضوحا.
العلاج بالأشعة
تتمدد المثانة بشكل طبيعي عندما تمتلئ بالبول؛ وكلما زاد امتلاؤها، زاد تمددها. وقد يؤدي العلاج الحوضي بالأشعة إلى تضرر جدار مثانتك، مما يجعله قاسيا نوعا ما، ويمكن أن يؤدي هذا النقص في المرونة إلى زيادة تواتر التبول والإلحاح البولي، ويسبب سلس البول أحيانا.
يمكن أن يحصل الضرر الشعاعي في المثانة بعد العلاج بالأشعة للسرطانات النسائية، أو البولية، أو القولونية المستقيمية. وتكون زيادة الإلحاح والتبول من المشاكل البولية الأكثر شيوعا خلال علاج سرطان البروستات بحزمة شعاعية خارجية؛ وتكون هذه المشاكل عابرة، وتزول بالتدريج عادة في غضون أسابيع قليلة من الانتهاء من المعالجة. وأما المشاكل المديدة فغير شائعة. واستنادا إلى الجمعية الأمريكية للسرطان، يستعمل أقل من 5% من الرجال المعالجين بحزمة شعاعية خارجية وسادات ماصة لسلس البول.
يستغرق زرع بزور أو حبيبات مشعة لمعالجة سرطان البروستات (المعالجة الكثبية brachytherapy) نحو ساعتين عادة؛ ويوضع مسبار فائق الصوت ultrasound probe في المستقيم للمساعدة على توجيه وضع البزور المشعة، وتبقى هذه البزور – التي تصدر إشعاعا يضر بالخلايا السرطانية أو يقتلها – في مكانها دائما في العادة.
نكون أمام قصة مختلفة قليلا في حالة غرائس أو طعوم البزور المشعة Radioactive seed implants (المعالجة الكثبية Brachytherapy)؛ فطعوم البزور تعطي جرعة أكبر من الإشعاع للإحليل، مما يؤدي إلى مشاكل بولية لدى جميع الرجال تقريبا؛ ويحتاج بعض الرجال إلى أدوية لمعالجة هذه الأعراض والعلامات؛ كما قد يحتاج البعض الآخر إلى أدوية أو قثطرة ذاتية متقطعة Intermittent self-catheterization لمساعدتهم على التبول.
وتميل المشاكل البولية عادة إلى أن تكون أكثر وضوحا وديمومة في طعوم البزور منها في العلاج بحزمة شعاعية خارجية؛ وسلس البول الشديد ليس تأثيرا جانبيا شائعا لطعوم البزور، لكن الجمعية الأمريكية للسرطان تذكر أن الإلحاح البولي الزائد يستمر لدى نحو ثلث الرجال الذين يخضعون للمعالجة الكثبية بسبب سرطان البروستات.
فشل القلب الاحتقاني
يحصل فشل القلب الاحتقاني Congestive heart failure غالبا بسبب تضرر قلبك أو ضعفه نتيجة أمراض قلبية وعائية أخرى، تجبره على العمل أكثر؛ ويمكن أن ينجم عن نوبة قلبية Heart attack أو ارتفاع ضغط الدم أو عن أشكال أخرى من أمراض القلب، مثل الاضطرابات الصمامية. وبما أن قلبك يكون ضعيفا، لا يستطيع ضخ الدم بكفاءة، ويؤدي ذلك إلى تجمع الدم في الساقين، والقدمين، والكاحلين مما يقود إلى التورم، ويكون المصطلح الطبي الذي يطلق على هذه الحالة هو الوذمة المحيطية Peripheral edema. كما تحتبس الكليتان فائضا من الماء والصوديوم (الملح)، وتعود السوائل المحتبسة إلى الرئتين، مما يؤدي إلى ضيق التنفس.
عندما تتراكم السوائل في جسمك بسبب فشل القلب الاحتقاني، يمكن أن تؤدي إلى السلس أو تساهم فيه. فمع زيادة السوائل في جسمك، يكون عليك أن تتبول بشكل أكثر تواترا؛ فإذا لم تكن قويا بما يكفي لبلوغ الحمام بسرعة، قد يحصل سلس البول. كما يبدو أن فشل القلب الاحتقاني والوذمة المحيطية يسببان زيادة إنتاج البول ليلا، مما قد يساهم في سلس البول. ويكون القيام بالاستلقاء البسيط كافيا في بعض الأحيان للتسبب في سلس البول؛ فعندما تستلقي، تتحرك السوائل الفائضة من طرفيك السفليين، وتؤدي في بعض الأحيان إلى انتاج ضغط على مثانتك وإحداث رغبة غير مضبوطة للتبول.
تعد المدرات حجر الأساس في معالجة فشل القلب الاحتقاني، وهي تدفعك إلى التبول، وتحول دون تجمع السوائل في جسمك، لكنها يمكن أن تساهم في سلس البول أيضا.
داء السكر
عندما تكون مصابا بداء السكر، يتعامل جسمك مع سكر الدم (الغلوكوز Glucose) بطريقة غير طبيعية؛ فبدلا من نقل الغلوكوز إلى داخل الخلايا، يتراكم في مجرى الدم، ويفرغ في البول في نهاية المطاف؛ وهذا ما يحصل عادة بسبب عدم قدرة جسمك على إنتاج مقدار كاف من الأنسولين، أو بسبب عجزه عن الاستجابة بشكل صحيح للأنسولين.
وقد يؤدي داء السكر إلى سلس البول أو يساهم فيه بعدة طرق مختلفة؛ فالغلوكوز الزائد في الدم والدوران يسحب الماء من النسج جاعلا الجسم يشعر بالتجفاف (العطش)، ولذلك قد تشرب الكثير من الماء والمشروبات الأخرى، مما يقود إلى المزيد من التبول وإلى سلس البول أحيانا. وفي الواقع، يعد داء السكر غير المضبوط والمتصاحب بارتفاع سكر الدم Hyperglycemia واحدا من أكثر أسباب زيادة إنتاج البول شيوعا.
كما أن داء السكر يزيد خطر ظهور عدوى السبيل البولي، حيث تهيج هذه العدوى المثانة مؤدية إلى رغبة قوية بالتبول؛ وعندما تكون هذه الرغبة قوية جدا بحيث لا تستطيع بلوغ المرحاض في الوقت المناسب، يمكن أن يحصل سلس البول.
ويعد الضرر العصبي Nerve damage (الاعتلال العصبي Neuropathy) مضاعفة أخرى لداء السكر يمكن أن تؤدي إلى سلس البول؛ فقد يؤدي تضرر الأعصاب التي تتحكم بالتبول إلى خطأ في التواصل بين الدماغ والسبيل البولي، وهذا ما يسبب نقصا في الشعور بالرغبة بالتبول حتى عندما تكون المثانة ممتلئة، وهذا ما يقود إلى السلس الفيضي. كما أن الضرر العصبي بسبب داء السكر قد يمنع مثانتك من التفريغ التام (الاحتباس البولي)، مما يساهم في السلس الفيضي وعدوى السبيل البولي؛ فإذا لم يعالج الاحتباس البولي بشكل صحيح، قد يرجع البول نحو الكليتين، وهو ما يدعى الجزر المثاني الحالبي Vesicoureteral reflux الذي يمكن أن يسبب ضررا في الوظيفة الكلوية.
قد يؤثر داء السكر أيضا في الكليتين بشكل أكثر عموما، فيضر بالجهاز المعقد والدقيق الذي يرشح الفضلات من دمك، ويتخلص منها في البول؛ وبمرور الوقت، يمكن أن تؤدي الأذية الكلوية الناجمة عن داء السكر (الاعتلال العصبي) إلى الفشل الكلوي المزمن Chronic kidney failure؛ وبذلك، قد يسبب احتباس السوائل، مما يقود إلى تورم الطرفين أو فشل القلب الاحتقاني أو تراكم السوائل في الرئتين. وقد يكون سلس البول نتيجة أخرى لاحتباس السوائل الفائضة.
الاضطرابات العصبية
يمكن أن تؤثر اضطرابات الدماغ والنخاع الشوكي في التحكم بالمثانة من خلال اعتراض الدفعات أو الإشارات العصبية التي ترسل إلى مثانتك عادة. وتشتمل الاضطرابات العصبية التي قد تسبب سلس البول على التصلب المتعدد، وداء باركنسون Parkinson’s disease، والسكتة Stroke، وداء الزهايمر Alzheimer’s disease، وإصابات النخاع الشوكي، والتضيق الفقري Spinal stenosis، وموه الرأس السوي الضغط Normal pressure hydrocephalus وغير ذلك؛ وغالبا ما تؤدي هذه الاضطرابات إلى فرط نشاط العضلة المثانية لديك. وعندما تكون العضلة المثانية مفرطة النشاط أو الفعالية بسبب مرض أو اضطراب عصبي، تدعى الحالة فرط المنعكسات العصبية Neurologic hyperreflexia.
تختلف الآلية التي تقف وراء السلس قليلا في كل اضطراب عصبي؛ وفيما يلي ملخص لذلك:
التصلب المتعدد Multiple sclerosis
يهاجم الجهاز المناعي في هذا المرض خطأ الغمد المياليني (النخاعيني) Myelin sheath المحيط بالأعصاب في دماغك ونخاعك الشوكي، وتؤدي الإصابة الناجمة والتندب إلى بطء أو حصر التناسق العضلي والإشارات العصبية الأخرى، مما يؤدي إلى فرط نشاط المثانة وكثرة التبول غالبا وإلى سلس البول أحيانا. كما أن الضرر العصبي الناجم عن التصلب المتعدد يمكن أن يضعف فعالية العضلة المثانية، مما يساهم في السلس الفيضي. ويقدر الأطباء أن نحوا 80% من المصابين بسلس البول لديهم مشاكل بولية.
داء باركنسون Parkinson’s disease
يحصل داء باركنسون عندما تتضرر أو تتأذى أو تتخرب العصبونات في المنطقة الدماغية التي تتحكم بالحركة العضلية؛ وهذا ما يسبب حركات عضلية غير مضبوطة (رعاشا tremors) وتيبسا عضليا (صملا Rigidity)؛ فإذا كنت مصابا بداء باركنسون، يمكن أن تصبح العضلة المثانية مفرطة الفعالية، مما يساهم في السلس الإلحاحي، أو ناقصة الفعالية، مما يساهم في السلس الفيضي. كما أن بطء الحركة والتيبس العضلي المصاحبين لداء باركنسون يجعلان من الصعب بلوغ المرحاض في الوقت المناسب.
السكتة Stroke
يمكن أن تساهم السكتة في سلس البول بعدد من الطرق المختلفة؛ فإذا تضرر مركز التحكم بالمثانة في الدماغ بالسكتة نفسها أو بالتورم الناتج عنها، قد لا تكون قادرا على الشعور بالحاجة إلى التبول أو على تثبيطها. كما قد يضطرب التحكم بالمثانة أيضا، مما يسبب سلس فرط المنعكسات أو السلس الإلحاحي. وتبعا لشدة السكتة، يمكن أن تؤدي إلى خلل في قدرتك على التفكير والتحدث. وقد تؤدي هذه الاضطرابات إلى عجزك عن التعرف إلى الحاجة للتبول أو التواصل اللازم مع مقدم الرعاية بشكل صحيح. ويكون سلس البول شائعا نسبيا بعد السكتة، لكن المشكلة تتحسن مع الوقت وإعادة التأهيل لدى الكثير من الناس.
داء ألزهايمر Alzheimer’s disease
يتنكس النسيج الدماغي السليم في هذا المرض، مما يؤدي في نهاية الأمر إلى نقص شديد في الذاكرة يكفي لإعاقة المهام اليومية (الخرف Dementia). ويصبح سلس البول أكثر شيوعا مع ترقي المرض وتقدمه، حيث يضطرب التفكير شيئا فشيئا. وعندما يبدأ المصابون بداء آلزهايمر بترطيب ثيابهم الداخلية، قد يكون ذلك بسبب أنهم ينسون مكان المرحاض أو يجدون صعوبة في الوصول إليه في الوقت المناسب. وخلافا للاضطرابات العصبية الأخرى، لا يبدو أن داء آلزهايمر يؤدي إلى تقلصات مثانية غير مستقرة.
إصابة النخاع الشوكي Spinal cord injury
تؤثر إصابة النخاع الشوكي في قدرة دماغك على التواصل من خلال الجهاز العصبي مع الأجزاء الأخرى من جسمك؛ وقد تكون الإصابة ناجمة عن ضربة رضية مفاجئة على الظهر تؤدي إلى كسر أو تحطيم أو ضغط فقرة أو أكثر، أو عن جرح نافذ يقطع الحبل الشوكي؛ فإذا حصل لديك شلل بسبب إصابة النخاع الشوكي، وأثر في الأعصاب المتجهة إلى المثانة، يمكن أن تعاني من السلس الجزري. وتؤدي أذية هذه الأعصاب إلى منع نقل الرسائل بين الدماغ والمثانة، مما يسبب تسرب البول من دون أي شعور أو تحذير.
التضيق الفقري Spinal stenosis
يحصل في هذه الحالة تضيق في منطقة أو أكثر من العمود الفقري، لاسيما في أعلى أو أسفل الظهر، مما يضغط على النخاع الشوكي أو على جذور الأعصاب المتفرعة منه. وأكثر ما ينجم التضيق الفقري عن التغيرات التنكسية في العمود الفقري والناجمة عن التقدم في العمر؛ لكن قد تؤدي الأورام والإصابات والأمراض الأخرى إلى تضيق في القناة الفقرية أيضا. ويمكن أن تصاب الأعصاب المتجهة إلى المثانة في الحالات الشديدة من التضيق الفقري، مما يتسبب في سلس البول الجزئي أو التام؛ والمصطلح الطبي الذي يطلق على هذه المشكلة هو متلازمة ذنب الفرس Cauda equina syndrome.
أما مصطلح داء الفقار الرقبية Cervical spondylosis فهو المصطلح الطبي الذي يطلق على التغيرات التنكسية في عظام الرقبة (الفقرات) وغضاريفها؛ ومع ترقي هذه الحالة، يمكن أن تسبب تضيقا فقريا وفرط فعالية المثانة عند البالغين المسنين.
موه (استسقاء) الرأس السوي الضغط Normal pressure hydrocephalus
يتصف موه الرأس السوي الضغط بتورم قسم من الدماغ يدعى البطينات الدماغية Cerebral ventricles؛ وينجم التورم عن تراكم كمية فائضة من السائل النخاعي Cerebrospinal fluid ضمن الجمجمة. وقد يكون هذا السائل في هذه الحالة عند الحد العلوي للضغط السوي؛ وقد يؤذي التورم النسيج الدماغي، مما يؤدي إلى عدد من الأعراض والعلامات، وعلى رأسها الخرف وصعوبة الوقوف والمشي وسلس البول.
أكثر ما يحصل موه الرأس السوي الضغط لدى الأشخاص بعمر 55 سنة وأكثر؛ وقد تتراوح المشاكل المثانية ما بين كثرة التبول والإلحاح البولي في الحالات الخفيفة حتى الفقد التام للتحكم بالمثانة في الحالات المتقدمة.