التصنيفات
رشاقة ورياضة | برامج حمية | نظام غذائي

أسرار القلب السليم – التغذية ج18

إن الفرد يعاني من نسبة 50% من احتمال الموت بمرض قلب أو شرايين. هذه هي الأخبار السيئة. أما الأخبار الجيدة فهي أن مرض القلب في غالبية الحالات يمكن الوقاية منه تماماً. رغم أن هذا الوباء واسع الانتشار ونحن نستهين به ونسلّم بصحته. نحن نفشل في حماية أنفسنا من مرض أكثر تهديداً للحياة من الإيدز، مرض سببه معروف بالنسبة إلى معظمنا وعلاجه قد سبق وتم إثباته.

ليس هنالك من شيء طبيعي حول الموت من مرض القلب. العديد من الثقافات لا تعاني من انتشار واسع للسكتة أو النوبات القلبية. مثلاً، إن البريطانيين عموماً في منتصف العمر يعانون من أمراض قلب بنسبة 9 مرات أكثر من اليابانيين، على الرغم من أن اليابانيون يظهرون حالياً علامات من الشفاء. وقد أظهر تشريح الموتى الذي أنجز على الرفات المحنطة للمصريين الذين قضوا منذ حوالى 3000 سنة قبل الميلاد، أظهر دلالات حول وجود رواسب في الشرايين لكن لا انسدادات فعلية تسبب سكتة أو نوبة قلبية. بالرغم من الدلالات الواضحة لوجود نوبة قلبية (ألم صدر حاد، عرق بارد، شعور بالغثيان، هبوط في ضغط الدم ونبض خفيف) إلا أنه كان من النادر في الثلاثينات أن يتطلب الأمر مقابلة اختصاصي لتشخيص المرض. وفقاً لسجلات الصحة الأميركية، فإن انتشار النوبة القلبية بين 100 ألف شخص كان معدوماً في العام 1890 ثم ارتفع إلى 340 حالة عام 1970. رغم أن الوفيات قد نجمت عن أشكال أخرى من أمراض القلب، من ضمنها تكلس الصمامات، القلب الروماتيزمي وعيوب خلقية أخرى، فإن تفشي الانسدادات الفعلية في الشرايين والتي تسبب السكتة أو النوبة القلبية كان ضئيلاً جداً. بل إن حدوث مرض القلب بصورة مبكرة أكثر فأكثر هو أمر مقلق جداً. إن تشريح الجثث الذي أنجز في فيتنام أظهر أن جندي من بين اثنين ممن قتلوا في الحرب، مع متوسط العمر من 22 سنة، كان يعاني مسبقاً من تصلب عصيدي (تصلب جدران الشرايين من الداخل بسبب تراكم الدهنيات والمواد الليفية) (أنظر إلى الأسفل). في أيامنا هذه غالبية المراهقين يتوقع أن يظهروا دلالات حول وجود تصلب عصيدي لديهم، مما ينبئ ببداية مرض قلب. من الواضح أن شيئاً ما حول نمط الحياة، النظام الغذائي أو المحيط قد تغير جذرياً خلال الستين سنة الأخيرة وتسبب بهذا الوباء الحديث.

ما هو مرض القلب؟

يتكون الجهاز القلبي – الوعائي من أوعية دموية تحمل الأوكسيجين، الوقود (غلوكوز)، مواد البناء (الأحماض الأمينية)، الفيتامينات والمعادن إلى كل خلية منفردة في الجسم. يتم إشباع الدم بالأوكسيجين عندما تقوم الأوعية الدموية الدقيقة، التي تسمى أنابيب شعرية (أو عروق دموية شعرية) بامتصاص الأوكسيجين من الرئتين وطرد ثاني أوكسيد الكربون، الذي يتم إخراجه فيما بعد بواسطة التنفس. إن هذه الأوعية الدموية تتغذى داخل القلب الذي يضخ الدم المشبع بالأوكسيجين إلى كل الخلايا. وفي الخلايا، تصبح الأوعية الدموية مرة أخرى عبارة عن شبكة من الأنابيب الشعرية الدقيقة جداً والتي تخرج الأوكسيجين بالإضافة إلى مغذيات أخرى، وتحصل بالمقابل على فضلات المنتجات. إن الأوكسيجين، إضافة إلى الغلوكوز، هو ضروري لعمل الطاقة داخل كل خلية في الجسم، أما فضلات المنتجات فهي ثاني أوكسيد الكربون والماء.

إن الأوعية الدموية التي تمد الخلايا بالمغذيات والأوكسيجين تسمى الشرايين، في حين أن الأوعية الدموية التي تنقل فضلات المنتجات وثاني أوكسيد الكربون بعيداً تسمى الأوردة. والدم الشرياني هو أكثر احمراراً لأن الأوكسيجين ينقل في مركب يسمى هيموغلوبين ويحتوي على الحديد. إن الضغط الموجود في الشرايين هو أيضاً أكبر مما هو عليه في الأوردة. ومثلما يعود إلى القلب بعد أن يزور الخلايا، فإن الدم كله يمر عبر الكليتين. وهنا تتم إزالة فضلات المنتجات، فتتكون على شكل بول يتخزن في المثانة.

إن مرض القلب قد سمي كذلك بطريق الخطأ. والأمراض الرئيسية المهددة للحياة هي أمراض الشرايين. بعد مرور عدد من السنين يمكن أن تتشكل الرواسب في جدار الشريان، وهذا يسمى بصفيحة شريانية أو تعصد (كيس دهني)، وذلك بسبب مكون هذه الرواسب الشبيهة بالعصيدة. إن وجود رواسب شريانية يسمى تصلباً عصيدياً، وهو يحدث فقط في بعض أنحاء الجسد. ويمكن أن يؤدي التصلب العصيدي، المقترن بالدم الكثيف أكثر من اقترانه بالدم الطبيعي الذي يحتوي على تجلطات، إلى انسداد في الشريان، مما يقود إلى توقف جريان الدم. إذا حصل ذلك في الشرايين التي تغذي القلب، فإن ناحية القلب المزودة عن طريق هذه الأوعية الدموية سوف تموت بسبب نقص الأوكسيجين. وهذا ما يسمى بتلف عضلي في القلب أو نوبة قلبية. قبل حصول ذلك فإن العديد من الأشخاص يشخصون على أنهم مصابين بذبحة حيث يكون إمداد القلب بالأوكسيجين محدوداً بسبب الانسداد الجزئي للشرايين الإكليلية التي تزود عضلة القلب بالأوكسيجين مع الغلوكوز، مما يسبب ألماً في الصدر، أكثر انتشاراً خلال الإجهاد أو تحت الضغط.

في حال حصول انسداد في الدماغ، فإن جزءاً منه قد يموت. وهذا ما يسمى بالسكتة. إن الشرايين في الدماغ هي رفيعة بشكل خاص وأحياناً تحصل السكتة ليس كنتيجة للانسداد إنما بسبب انفجار شريان. ويسمى هذا بالنزيف الدماغي. إذا حصل انسداد في الأرجل فإن ذلك قد يسبب ألماً في الرجل، وهو شكل من أشكال تكثع أو سداد الدم (خثرة أو جلطة دموية هي جلطة بالدم). عندما تكون الشرايين المحيطة بالأطراف المسدودة فإن ذلك قد يسبب دورة محيطة ضعيفة، كما في الأيدي والأقدام مثلاً.

تبديل ضغط الدم المرتفع

هنالك إذن عاملان رئيسيان مسؤولان عما يسمى بمرض القلب، هما التصلب العصيدي (تكوين الرواسب) ووجود جلطات في الدم (الدم الكثيف). مع ذلك، فهناك مشكلة ثالثة يمكن أن تحصل وهي عادة ما تحدث مع التصلب العصيدي، إنها تصلب الشرايين. إن الشرايين مطاطة وسواء كان هنالك تصلب عصيدي أم لا، فإنها تميل إلى فقدان مرونتها وتتصلب مع العمر. إحدى أسباب حدوث ذلك هي نقص في الفيتامين C اللازم لعمل مولد الغراء Collagen، «الغراء» الواقع بين الخلايا والذي يبقي البشرة والشرايين لينة ومرنة. إن تصلب الشرايين، التصلب العصيدي والدم الكثيف أمور قد تؤدي كلها إلى رفع ضغط الدم، معرّضة الشخص لخطر أكبر لتخثر الدم، الذبحة، النوبة القلبية أو السكتة.

بالطريقة نفسها التي خلالها يرتفع وينخفض الضغط في أنبوب الخرطوم كلما تم فتح وإغلاق الحنفية (الصنبور)، فإن الضغط في الشرايين يرتفع عندما ينبض القلب وينخفض عندما ينبسط القلب. وهذا ما يسمى على التوالي بضغط الدم الانقباضي والانبساطي، والدرجة الطبيعية ينبغي أن تكون 80/120 بغض النظر عن السن. مع ذلك، وفي حال انسداد الشرايين، أو في حال كثافة الدم الشديدة، فإن الضغط يرتفع. ومن المعلوم أن ضغط الدم يرتفع مع العمر لدى معظم الأشخاص، لذلك فإن حكمة الطب المتعارفة هي أن ضغط الدم الانقباضي من 100 زائد سن الشخص (لنقل 150 لرجل في الخمسين من عمره) يعني أنك في صحة «طبيعية». لكن على الرغم من ذلك فهؤلاء هم نفس الأشخاص الطبيعيين الذين يسقطون أمواتاً بصورة غير متوقعة من جراء نوبات قلبية. إن هذه الإرشادات هي بالتأكيد غير مثالية.

هناك أربع أساليب لتخفيض ضغط الدم. إن الشرايين محاطة بطبقة من العضل، ووجود كمية زائدة من الصوديوم، أو نقص في الكالسيوم، المغنيزيوم أو البوتاسيوم يمكنه أن يرفع الضغط العضلي. إن رفع كمية هذه المعادن في الجسم، مع تجنب الملح الإضافي (كلورايد الصوديوم أو ملح الطعام) يمكنه أن يوجد اختلافاً كبيراً في ضغط الدم خلال شهر. ومن بين هذه المعادن، يعد المغنيزيوم هو الأكثر أهمية. وهنالك صلة هائلة بين نقص المغنيزيوم وخطر الإصابة بنوبة قلبية. إن النقص الظاهر في هذا المعدن يمكن أن يسبب نوبة قلبية من خلال تشنج الشريان الأكليلي حتى في ظل غياب انسداد التصلب العصيدي. إذن فالتحقق من مستوى المغنيزيوم هو أمر ضروري.

هناك طريقة أخرى لتغيير ضغط الدم وهي التخفيف من كثافة الدم. ويتم بصورة متعارف عليها استعمال الأسبرين الذي يقلل خطر النوبة القلبية بنسبة 20%. مع ذلك فإن فيتامين E يعتبر فعالاً أيضاً بنسبة 4 مرات أكثر، وفقاً للبروفسور موريس براون الذي أظهر من خلال الاختبار المضبوط ذي التكمية المثناة (أسلوب تجريبي لتقدير أثر عقار مثلاً) حول الفيتامين E في المدرسة الطبية لجامعة كمبريديج، أظهر وجود انخفاض نسبته 75% في الخطر. إن هذه النتائج تتناسق مع دراستين حديثتين نشرتا عام 1993. إحدى تلك الدراسات التي نشرت اكتشافاتها في مجلة نيو إنكلترا الطبية، حيث تم من خلالها إعطاء 87200 ممرضة 100 وحدة دولية من الفيتامين E يومياً لأكثر من سنتين، سجلت وجود 40% من بينهن قد سقطن في نوبات قلبية قاتلة وغير قاتلة، مقارنة مع الممرضات اللواتي لم يأخذن مضافات من هذا الفيتامين. في الدراسة الأخرى، تم إعطاء 39.000 رجل من خبراء الصحة 100 وحدة دولية من الفيتامين لنفس الفترة الزمنية وقد حققوا انخفاضاً نسبته 39% في النوبات القلبية. إن هذه النتائج قد أكدت التقارير الأولية حول مفعول الفيتامين E الوقائي، والتي قام بها د. إيفان شوت خلال الخمسينات. إن زيوت السمك أوميغا 3 EPA وDHA تعمل أيضاً على التخفيف من كثافة الدم، ومع اتحادها بالفيتامين E، تصبح أكثر فعالية وأضمن من الأسبرين بكثير.

مع ذلك، فإن الخطر الأهم المرتبط بارتفاع ضغط الدم هو تضييق الشرايين الذي يسببه التصلب العصيدي. وتبين من خلال عدد من الاستراتيجيات الغذائية أنها توقف لا بل تبدل تماماً هذه العملية وتعكسها. وقد نشأت النتائج الأساسية بفضل استعمال مكملات من مضادات التأكسد، زيت السمك، ومزيج من فيتامين C وليسين (مادة تنشأ في مصل الدم تتلف البكتيريا والكريات الدموية وعناصر أخرى). ويساعد الفيتامين C أيضاً على توقيف النسيج الشرياني عن التصلب، الذي يشكل سبباً آخراً لارتفاع ضغط الدم. إن إضافة مزيج من هذه المغذيات يعد أكثر فعالية على المدى البعيد من استعمال الأدوية والعقاقير المخصصة لتخفيض ضغط الدم – إنها تعالج سبب المشكلة أكثر من معالجتها للأعراض.

الجهاز التنفسي القلبي – الوعائي

في اختبار امتد طيلة 3 أشهر وأجري على 34 شخصاً مصاباً بارتفاع في ضغط الدم، في معهد التغذية المثلى، تحقق معدل هبوط من 8 درجات في ضغط الدم الانقباضي والانبساطي، مع تسجيل انخفاضات أعلى لدى المصابين بأعلى ضغط دم أولي. لقد اكتشف د. مايكل كولغان، إنه بصرف النظر عن العمر، فإن الأشخاص الذين اتبعوا برامج مكملات غذائية شاملة أظهروا انخفاضات تدريجية في ضغط الدم، من معدل يفوق 90/140 بقليل، إلى ما دون 80/120. إن الترتيب الأمثل هو أن لا يكون ضغط الدم الانقباضي أعلى من 125 وضغط الدم الانبساطي أقل من 85، بصرف النظر عن العمر. بالتأكيد عندما يتجاوز ضغط الدم 90/140 فإن هذا يشكل سبباً مقلق يدعو إلى الاهتمام.

كما اكتشف د. كولغان أيضاً أن معدل النبض، الذي يعتبر قياساً لقوة القلب وبسبب ذلك يكون أقل لدى الأشخاص السليمين صحياً، قد انخفض من 76 إلى 65 خلال فترة 5 سنوات مع تناول المكملات الغذائية. مرة أخرى، إن معدل النبض المثالي هو على الأرجح أقل من 65 نبضة بالدقيقة.

ما الذي يسبب مرض القلب؟

من أجل إدراك الفرق الذي يحدثه مضاف التغذية مع التغييرات الخاصة بالنظام الغذائي، نحن نحتاج إلى البحث عن السبب الأساسي لمرض الشرايين. بالعودة إلى العام 1913 هناك عالم روسي يدعى د. انيتشكوف، قد ظن أنه حصل على الجواب، حيث اكتشف أن إطعام الفئران الكولسترول (دهن حيواني) كان يسبب مرض القلب. ما أخفق في تحقيقه كان أن الفئران، التي تعيش على الخضار، لم يكن لديها من سبب لتعاطي هذا الدهن الحيواني. منذ أن تبين أن الرواسب الدهنية في شرايين الأشخاص المصابين بمرض قلب هي غنية بالكولسترول، فقد جرى الاعتقاد لاحقاً أن هذه الرواسب كانت نتائج للكولسترول المفرط في الدم، والذي قد يكون سببه زيادة الكولسترول في النظام الغذائي. إن هكذا نظرية بسيطة كانت لها جاذبيتها، والعديد من الأطباء ما زال يوصي بنظام غذائي قليل بالكولسترول كحلّ لمرض القلب – على الرغم من وجود نقص دائم في النتائج.

نظرية الكولسترول

خلال العام 1975، قرر فريق أبحاث برئاسة د. ألفين سلاش من جامعة كاليفورنيا، اختبار نظرية الكولسترول. وقد اختار هذا الفريق 50 شخصاً سليمين صحياً يتمتعون بمستويات طبيعية من الكولسترول بالدم. نصف هذا العدد ثم إعطاؤه بيضتين في اليوم (بالإضافة إلى أطعمة أخرى غنية بالكولسترول كانوا يتناولونها من قبل كجزء من نظامهم الغذائي الطبيعي) طيلة 8 أسابيع. ثم بيضتين إضافيتين يومياً طيلة الأسابيع الأربعة التالية. لقد أظهرت النتائج عدم وجود تغيير في كولسترول الدم. وعلّق د. ألفين سلاتر فيما بعد بالقول «إن اكتشافاتنا قد أدهشتنا أكثر من أي وقت مضى…».

من خلال عدد من الدراسات الأخرى تم أيضاً اكتشاف عدم وجود ارتفاع في مستويات الكولسترول بالدم بسبب أكل البيض. في الواقع، خلال العام 1974 قام فريق من المحلفين الاستشاريين البريطانيين كان قد نصب من قبل الحكومة للنظر في «النواحي الطبية لخطة الطعام في النظام الغذائي المتعلق بالمرض القلبي – الوعائي» بإصدار هذا البيان: «إن معظم الكولسترول الغذائي في المجتمعات الغربية يتم اكتسابه من خلال تناول البيض، لكننا لم نجد أي دليل يربط بين عدد البيض المستهلك ومرض القلب».

منذ أن كانت مستويات الكولسترول العالية بالدم لها علاقة بخطر كبير للإصابة بمرض الشريان الأكليلي، كان من المفترض أن يكون الحصول على مستوى كولسترول منخفض أخباراً جيدة. لكن الأمر ليس كذلك، وفقاً لثلاث فرق أبحاث مستقلة، حيث وجد الفريق الأول، في اليابان، أنه في حين أن المستويات العالية لها صلة بالمرض القلبي – الوعائي، الذي يقل وجوده في هذا البلد، فإن المستويات المنخفضة لها علاقة بالسكتات. بما أن مستويات الكولسترول قد انحدرت إلى ما دون 190 ملغ% بالدم إلى مجموعة من 6500 رجل ياباني، فقد ارتفع انتشار السكتات. في هذه الأثناء، وجد باحث من فينيش يدعى جكري بانتينان، إن ارتفاع معدل الانحطاط، الانتحار والموت من الأسباب العنيفة مرتبط بانخفاض الكولسترول. هذه الاكتشافات تم تأكيدها من قبل ديفيد فريدمان من مركز ضبط المرض في أطلنطا، الذي وجد أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات شخصية مضادة للمجتمع كان لديهم انخفاضاً في مستويات الكولسترول. ويعتقد فريدمان أن وجود مستويات منخفضة جداً من الكولسترول يقود إلى العدوانية.

في حين أن لا شك في أن كولسترول الدم العالي يمثل عامل خطورة للإصابة بمرض الشرايين، فإن اتباع نظام غذائي يحتوي على كميات معتدلة من الكولسترول، كالبيض مثلاً، ليس له علاقة بارتفاع خطر الإصابة بمرض القلب. إذن ما هو الحد المثالي؟ وفقاً لدراسة أجريت من قبل الباحث الطبي د. شيراسكين، بمقارنة الصحة العامة مع مستويات الكولسترول، هناك شريط ضيق جداً يمثل مستوى الكولسترول «الصحي» بالدم، وهو بين 190 ملغ% و210 ملغ%. إن وجود انحرافات في كلتا الناحيتين يرتبط بارتفاع معدلات الإصابة بالمرض.

الكولسترول الجيد

بالطبع إن فرضية الكولسترول الغذائية قد طرحت من قبل الأسكيمو. رغم أنهم يتميزون بإحدى أعلى الأنظمة الغذائية الغنية بالكولسترول في العالم، فهم أيضاً يسجلون أقل نسبة من انتشار المرض القلبي – الوعائي. ها نحن الآن نعلم بوجود كولسترول «جيد» و«سيء».

عندما تتم إعادة امتصاص الكولسترول الذي يشكل عنصراً من المرارة، داخل مجرى الدم، ينقل إلى الشرايين بواسطة بروتين شحمي Lipoprotein (مركب من دهن وبروتين) يسمى LDL (مختصر بروتين شحمي قليل الكثافة). إذا كان هنالك نسبة ضخمة من الكولسترول تتحد مع LDL من المرجح أنها تودع في جدران الشرايين. وهناك بروتين شحمي آخر يسمى HDL (مختصر بروتين شحمي عالي الكثافة) يستطيع أخذ الكولسترول خارج الشرايين وإعادته إلى الكبد. هذا ليس أمراً مستغرباً، وقد تم ترويجه إلى عامة الناس على أنه كولسترول «جيد»، وكلما ارتفع كولسترول HDLلدى الشخص بالمقارنة مع الكولسترول LDL الموجود لديه، كلما قل الخطر. إن المعدل النموذجي هو 3 أجزاء HDL مقابل جزء واحد LDL.

مرة أخرى، فإن البرامج المتعددة الفيتامينات والمعادن تعتبر فعالة جداً لتحقيق توازن الكولسترول النموذجي. وقد أثبت د. مايكل كولغان أنه، من خلال وضع الأشخاص في برنامج مكملات فترة ستة أشهر، ثم توقفهم مدة ثلاثة أشهر، والقيام بذلك بشكل متكرر خلال سنتين، بالإمكان على الدوام تخفيض كولسترول الدم ورفع نسبة HDL مقابل LDL. إن فيتامين Niacin B3 (حامض النيكوتين) هو أيضاً شديد الفعالية في رفع معدلات HDL، رغم أن الفرد يحتاج إلى مضاف من 500 – 1000 ملغ يومياً. وبما أن حامض النيكوتين قد يحدث أثر احمرار سيء، فإن العديد من الأشخاص يأخذون صيغة Inositolate أو «حامض النيكوتين غير المسبب للإحمرار». هناك طريقة أخرى فعالة في رفع HDL وتقليل LDL ومجموع الكولسترول، وهي تقوم على استهلاك كميات كبيرة من زيوت أوميغا 3. بكلام عملي، هذا يعني أخذ مكمل زيت السمك EPA أو أكل الكثير من السمك الدهني. يعتقد أن هذا هو السبب في وقاية شعب الأسكيمو.

هناك نقطة أخرى مهمة حول الكولسترول هي، أنه كأي دهن آخر، يمكن خسارته من خلال التأكسد. فتدخين السيجارة مثلاً يزيد من تأكسد الدهون. عند خسارته، يصبح من الصعوبة أكثر إزالة الكولسترول وتصفيته من الشرايين. كما أن التأكسد قد يصيب الخلايا التي تصطف على جدار الشريان بضرر، وتجعلها عرضة للانسداد. تعتبر المغذيات المانعة للتأكسد واقية، وقد تبين أن المستويات الغذائية ومستويات الدم المنخفضة من البيتا كاروتين، فيتامين A، C وE تزيد بشكل متكرر من خطر الإصابة بمرض القلب. من خلال زيادة كمية مضادات التأكسد وتقليل التعرض للجذور الحرة (أنظر الفصل 13) يمكنك إنقاص الخطر لديك.

نظرية جديدة حول مرض القلب

وفقاً للدكتور لينوس بولينغ وماتياس رات، فإنه حتى هذه العوامل قد لا تكون سوى جزء صغير من السبب الأساسي للتصلب العصيدي. من خلال إدراك وضع أسلافنا الذين فقدوا القدرة على صناعة الفيتامين C من خلال العيش في محيط حار جداً، فقد يتساءلون مستغربين كيف أننا بقينا على قيد الحياة بعد المرور بعصور جليدية متكررة من دون القضاء بمرض إسقربوط الذي اعتاد على إفناء طائفة الملاحين في السفن. أول دليل حول مرض إسقربوط هو وجود نزيف في الأوعية الدموية، بما أنها بدأت بالتسرب – لا مكان آخر في الجسد يكون نسيجاً غشائياً تحت هكذا ضغط.

وفقاً لبولينغ ورات، فإن الفرد قد ينمي القدرة على ترسب البروتين الشحمي (مركبات دهن – بروتين) على امتداد جدار الشريان بهدف زيادة احتمالات العيش خلال أوقات نقص الفيتامين C. هناك مجموعتان من البروتينات التي تتراكم عادة في المواضع المتضررة من أجل نقل الإصلاحات، هما مولد الليفين Fibrinogen والـ Apoprotein. إن هذا الأخير له صلة طبيعية مع الدهن (المواد الدهنية Lipids) ويصبح بروتيناً شحمياً (LPA) A قادراً على ترميم الأوعية الدموية المتضررة أو النازفة. مع ذلك فهو أيضاً يزيد من خطر الإصابة بمرض قلبي نتيجة نشوء الرواسب في جدار الشريان. في الواقع، من بين كل العوامل القابلة للقياس، فإن مستوى البروتين الشحمي A لدى الفرد هو أفضل مؤشر حول وجود خطر.

إن البحث التناسلي يشير حالياً بشدة إلى أن تطور البروتين الشحمي A قد يكون إستجابة جينية (تناسلية) لنوع مهدد بالانقراض مع نزف الأوعية الدموية. هل يمكن أن تكون تلك الطريقة الطبيعية في معالجة الإسقربوط المهدد للحياة؟ إن التاريخ المقدر لنمو البروتين الشحمي A في القرود يرتبط بالفترة التي جرى خلالها الاعتقاد بأن المتقدمين في النشوء قد فقدوا المقدرة على إنتاج الفيتامين C.

وهنا نطرح السؤال، كم تتوافق نظرية نقص الفيتامين C كسبب أساسي للمرض القلبي – الوعائي مع الواقع؟ إن نقص هذا الفيتامين يؤدي إلى رفع الكولسترول، الغليسريد الثلاثي (الدهون في الدم Triglycerides)، مستويات LDL السيء، الـ Lipoprotein والبروتين الشحمي A، وهو يخفض من الـ HDL المفيد. على عكس ذلك، فإن زيادة كمية الفيتامين C تخفض من الكوليسترول العالي، الغليسريد الثلاثي، LDL أو مستوى البروتين الشحمي A وتزيد من HDL.

إن أهمية كل هذه الآثار المفيدة بالنسبة إلى أسلافنا قد تكمن في أن إنتاج HDL المرتفع، خلال فصل الصيف حيث كان بإمكان أسلافنا الحصول على ما فيه الكفاية من الفيتامين C، يعمل على إزالة الكولسترول الزائد. كما أن الفيتامين C أيضاً يوقف إنتاج الكولسترول الزائد ويساعد على تحويله إلى صفراء، كل ذلك قد يقود إلى انخفاض في رواسب التصلب العصيدي غير الضرورية. في إحدى الدراسات التي أجريت تبين أن تناول كمية يومية من 500 ملغ من الفيتامين C قد يؤدي إلى انخفاض في رواسب التصلب العصيدي خلال فترة تتراوح ما بين شهرين و6 أشهر. «إن هذا المفهوم يفسر أيضاً سبب حصول النوبات القلبية والسكتات حالياً، مع تكرار أكبر بكثير في الشتاء منه في الربيع والصيف حيث تزيد كميات مركب أسكوربي Ascorbate»، كما يقول بولينغ.

إذا ثبت أن نقص الفيتامين C هو السبب الشائع للمرض القلبي – الوعائي، فإن إضافة هذا الفيتامين من المفترض أن تكون العلاج الشامل لهذا المرض. وقد أوصى كل من بولينع ورات بتناول ما بين 3 و10 غرامات يومياً، وبالنسبة للمصابين بمرض قلبي – وعائي، أوصوا بإضافة الحمض الأميني ليسين لمقدار يوازي تقريباً 3 غرامات يومياً. لقد ظهر أن مزج هذين المغذيين يبدل من وجود التصلب العصيدي.

سبب مرض القلب وعلاجه

تغذية رائدة لقلب صحي

يعرف الكثير منا أسباب المرض القلبي – الوعائي وكيفية الوقاية منه، ولا شك في أنه ما زال ينبغي اكتشاف المزيد. مع ذلك، فإن القليل من أطباء الصحة العامة يطبقون ما تم اكتشافه من أجل الوقاية وتبديل مرض القلب تماماً.

الإرشادات التالية تنطبق علينا جميعاً كسبيل لإزالة الخطر وإضافة 10 سنوات صحية على الأقل إلى العمر:

●    تجنب الأطعمة المقلية واقتصد في كمية اللحوم والأطعمة الغنية بالدهون المشبعة. ويفضل تناول السمك الدهني كالإسقمري، الطريخ، السلمون والتونة.

●    تناول الكثير من الفاكهة والخضار الطازجة الغنية بالكالسيوم، المغنيزيوم والبوتاسيوم.

●    لا تضف الملح عند الطبخ، أو إلى الصحن، وخفف من استهلاك الأطعمة المضاف إليها أملاح.

●    إبقَ في صحة وعافية، لكن ابتعد عن السمنة.

●    لا تدخن.

●    تجنب الجهد المطول.

●    تبين مستوى ضغط الدم وتحقق من مستوى المواد الدهنية بالدم كل خمس سنوات.

●    تناول مضافاً من المغذيات المانعة للتأكسد، من ضمنها على الأقل 400 ملغ من الفيتامين E و2 غرام من الفيتامين C.

●    إذا كنت مصاباً بمرض قلبي – وعائي أو ارتفاع في ضغط الدم يمكن تطبيق الإرشادات التالية:

●    قابل أخصائي تغذية وقم بقياس مستويات المواد الدهنية بالدم.

●    إذا كان HDL لديك منخفضاً، تناول غراماً واحداً من حامض النيكوتين الذي «لا يثير الإحمرار» يومياً.

●    إذا كان الكولسترول أو الغليسريد الثلاثي مرتفعاً لديك، تناول مكمل زيت السمك EPA.

●    إذا كان البروتين الشحمي A مرتفعاً، تناول مكملاً من 5 غرامات على الأقل من الفيتامين C و3 غرامات من ليسين.

●    إذا كنت تعاني من ارتفاع في ضغط الدم، تناول مكملاً من المغنيزيوم.

●    اعمل كل ما بوسعك من أجل تحسين نظامك الغذائي ونمط حياتك.