تمت كتابة أكثر من ربع مليار وصفة طبية للأطفال والمراهقين في الولايات المتحدة خلال عام 2010.
الإفراط في مداواة الأطفال بأدوية البرد
عادةً ما يلجأ الوالدان إلى هذه الأدوية لتخفيف انسداد الأنف، وتهدئة السعال، وتقليل الحمى. وسهولة توافر هذه الأدوية وعرضها بشكل مبهج على رفوف الصيدليات يعطيان إيحاء بأنها آمنة. ومع ذلك، فالتقرير السنوي لعام 2012 الصادر عن الرابطة الأمريكية لمراكز مكافحة السموم يدرج أدوية السعال والبرد التي تصرف دون وصفة طبية ضمن أكثر ثلاثة منتجات مرتبطة بوفاة الأطفال دون سن الخامسة.
إنَّ تكرر نزلات البرد لدى الأطفال والسمية المحتملة للعقاقير التي تُصرف دون وصفة الطبيب، التي يشيع استخدامها في علاجهم، يجب أن يحفزانا على استكشاف بدائل غير دوائية. ويجب أولًا أن نكون على دراية بالمكونات الموجودة في منتجات علاج السعال والبرد التي يتم تناولها دون وصفة طبية. إن دواء الجايفينيسين غير فعَّال؛ حيث أظهرت دراسات كبرى أنه ليس له أي تأثير ملموس. كما أن الفينيليفرين يفتقر إلى الفاعلية المثبتة، ولا توجد دراسات عن مدى سلامته في استخدامه على الأطفال. ولم تكتشف بيانات السياسة السريرية للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال الصادرة عام 1997 أية دراسات تدعم سلامة أو فاعلية دواء ديكستروميثورفان في طب الأطفال، ولا توجد أية دلائل تؤدي إلى استخدامه. وبالنسبة إلى الأطفال الصغار، يعتبر السعال آلية وقائية مهمة لتنظيف الممرات الهوائية الضيقة لديهم؛ ما يجعل كبح هذا السعال أمرًا خطيرًا. ويضاف الأسيتامينوفين إلى شراب الأطفال للسعال والبرد من أجل الحد من الحمى والألم، ولكن يشيع استخدام جرعات زائدة منه، وهذا من المحتمل أن يكون سامًّا.
وبالنسبة إلى الأطفال، تكون جرعات الأدوية غير مؤكدة، وغالبًا ما يتم الوصول إلى شكل تقريبي لها من خلال الدراسات التي تجرى على البالغين. وتشكل التفاعلات المحتملة مع الأدوية الأخرى أو المكملات الغذائية مصدر قلق، فوفقًا للمسح الوطني للمقابلات الصحية لعام 2007 ، يستخدم ما يقدر بنحو 2.9 مليون من الأطفال والمراهقين بعض أنواع المكملات الغذائية، ومع ذلك فإن العديد من الأسر لا تفصح لطبيب الأطفال الخاص بها عن استخدام المكملات خوفًا من رد فعله السلبي.
كل هذه العوامل مهمة، إذ ينبغي أن تدفعنا إلى التفكير في الأدوية التي نعطيها الأطفال دون وصفة طبية.
منهجيات الطب التكاملي لعلاج أمراض الجهاز التنفسي العلوي لدى الأطفال
في الحالات غير الملحة، يمكن أن يكون المنهج التكاملي لنزلات البرد الشائعة فعالًا تمامًا، والعلاجات التالية لها أدلة داعمة في علاج أمراض الجهاز التنفسي العلوي لدى الأطفال:
– تنظيف الأنف بمحلول ملحي، ووضع جهاز ضبط الرطوبة في غرفة نوم الطفل.
– السوائل الدافئة لإذابة المخاط.
– عسل الحنطة السوداء (الداكن) للأطفال الذين تزيد أعمارهم على عام ما يقلل من السعال الليلي
– تدليك بخاري للصدر بزيت المنثول لعلاج الاحتقان.
– سلفات الزنك عن طريق الفم للأطفال الذين تزيد أعمارهم على عام واحد.
– دواء أومكا كولدكير؛ وهو مستخلص تجانسي من أحد أنواع الجرنيوم ( اللقلقي السيداوي )، الذي تدعمه بعض الأدلة في علاج الأطفال.
– شراب الخمان الذي ثبت أنه فعال في مكافحة الإنفلونزا، وله تاريخ طويل من الاستخدام لدى الأطفال الذين تزيد أعمارهم على عام.
على العكس من ذلك، نجد أن العلاجات التي تفتقر حاليًّا إلى أدلة داعمة في أمراض الجهاز التنفسي العلوي عند الأطفال تشتمل على المضادات الحيوية وأدوية السعال والبرد التي تُصرف دون وصفة طبية، والقنفذية، وفيتامين C .
قد يكون لأسيتامينوفين أو مضادات الالتهاب غير الستيرويدية دور في العلاج، إذا تم استخدامها بحكمة لعلاج الحمى والألم؛ ومع ذلك، فإن لكل منهما مخاطره الخاصة. ولذا فإن تناول جرعات مضبوطة من هذه الأدوية أمرغاية في الأهمية، وبخاصة بالنسبة إلى الأطفال الصغار والرضع.
وتشمل الاحتياطات الوقائية التطعيمات المعيارية، ولقاح الإنفلونزا السنوي (إذا لم تكن هناك موانع موجودة)، وغسل الأيدي بانتظام بالصابون والماء، وتجنب الزحام أو الذهاب إلى المدرسة إذا كان الطفل مريضًا، لإتاحة الوقت الكافي له للراحة والشفاء. وتشير البحوث البارزة إلى بعض فوائد البروبيوتيك في الوقاية من الأمراض الحادة للجهاز التنفسي العلوي عند الأطفال، وقد تضمنت التجارب تناول مجموعة من سلالات البروبيوتيك على مدى ثلاثة أشهر أو أكثر، ويرتبط استخدام الزنك عن طريق الفم في شكل سائل أو حبة دواء بانخفاض عدد نزلات البرد لدى الأطفال. خلاصة القول إنه على الرغم من أن الأطباء غالبًا ما يشعرون بالضغط من قبل الوالدين لكتابة وصفة طبية، أو التوصية بتناول أدوية دون وصفة طبية لأمراض الجهاز التنفسي العلوي، فإن قضاء بعض الوقت في مناقشة الخيارات غير الدوائية أمر مهم، ومن المحتمل أن يكون أكثر أمانًا للطفل.
الإفراط في إعطاء الأدوية للأطفال الذين يعانون السمنة المفرطة
– نحو واحد من كل ثلاثة أطفال في أمريكا الشمالية يعانون زيادة الوزن أو السمنة؛ بما في ذلك أطفال في مرحلة الروضة والمدارس الابتدائية.
– غالبًا ما تستمر السمنة في مرحلة الطفولة حتى سن البلوغ.
– غالبية الأطفال الذين يعانون السمنة لديهم على الأقل حالة طبية ذات صلة مثل ارتفاع ضغط الدم الذي قد يتطلب تناول دواء.
– مشكلات الصحة النفسية، مثل القلق والاكتئاب والانسحاب الاجتماعي، والتنمر، واضطراب الأكل بنهم، وقلة احترام الذات، هي مشكلات شائعة جدًّا لدى الأطفال الذين يعانون السمنة المفرطة، وغالبًا ما يتم علاجها بالأدوية التي تصرف بأمر الطبيب.
– ولعدم الحصول على قسط كافٍ من النوم صلة بزيادة الوزن والسمنة المفرطة لدى الأطفال، ويمكن علاج ذلك بدواء يوصي به الطبيب أو دونه.
الأدوية الموصوفة بشكل روتيني في حالات السمنة عند الأطفال
ميتفورمين
يستخدم لعلاج مقاومة الإنسولين، التي غالبًا ما تصاحب السمنة، كما يستخدم الميتفورمين (جلوميتزا، جلوكوفاج) “بشكل غير مصرح” لتعزيز فقدان الوزن لدى بعض الأطفال الذين يعانون السمنة المفرطة. ومن أكثر آثاره الجانبية شيوعًا: الغثيان، والتقيؤ، والإسهال، وزيادة الغازات، أما بالنسبة إلى البالغين، فقد تبين أن المعالجة طويلة الأجل بالميتفورمين تزيد من خطر الإصابة بنقص فيتامين B12 12 . أما الدراسات طويلة الأجل التي تُجرى على الأطفال والمراهقين فهي غير متوافرة.
الستاتينات
يوصى بفحص الكوليسترول بشكل عام بين سن التاسعة والحادية عشرة لتحديد الأطفال المعرَّضين لخطر الإصابة بمستويات عالية من الكوليسترول، ولدينا بيانات محدودة للغاية عن تأثير الستاتين في الأطفال.
مضادات الاكتئاب
زيادة الوزن هي أثر جانبي شائع نسبيًّا للأدوية المضادة للاكتئاب، وهي مشكلة تتفاقم لدى المراهقين الذين يعانون زيادة الوزن مثل “لويس”.
أدوية خفض ضغط الدم
غالبًا ما يعاني الأطفال المصابون بالسمنة ارتفاعًا في ضغط الدم، وتوصف لهم الأدوية نفسها الخافضة للضغط التي يستخدمها البالغون.
أورليستات
يباع دون وصفة طبية باسم أورليستات، والاسم التجاري له زينيكال. والأورليستات هو مثبط لإنزيم الليباز؛ ما يعني أنه يثبط الإنزيم اللازم لتحطيم الدهون، ويمنع امتصاصها من الأطعمة، والآثار الجانبية الرئيسية هي انتفاخ البطن، والبراز الزيتي السائل، والبقع الزيتية على الملابس؛ وهو ما يؤدي إلى عدم التزام المريض بتناول الدواء بانتظام. ونظرًا إلى أن الأورليستات يتداخل مع امتصاص الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون، فإنه يمكن أن يؤثر أيضًا في النمو والتطور، كما أن الدراسات طويلة الأجل التي أجريت على آثاره في الأطفال والمراهقين غير متوافرة.
تعد السمنة عند الأطفال مشكلة سائدة ومعقدة، لا يجدي معها العلاج الدوائي بشكل كبير، وقد أدى ذلك إلى زيادة الاهتمام بأساليب أكثر تطرفًا مثل جراحة علاج البدانة عند المراهقين (جراحة المجازة المعدية، أو جراحة تحويل المعدة). وعلى الرغم من أن الجراحة يمكن أن تؤدي إلى فقدان الوزن وتراجع مرض السكري من النوع 2 ، غير أنها ترتبط بنقص الفيتامينات وسوء الامتصاص المزمن، وغير ذلك من المخاطر الكبيرة، ولذلك يجب أن تقتصر على المراهقين الذين يعانون السمنة المفرطة شديدة الخطورة، وأن يتم فحصهم بعناية.
أساليب الطب التكاملي لمعالجة السمنة لدى الأطفال
يتفق جميع الخبراء على أن النهج غير الدوائي يجب أن يكون الخيار الأول لعلاج السمنة، ومع ذلك يتم تدريب عدد قليل من أطباء الأطفال لمساعدة المرضى الذين يعانون التغيير الشامل لنمط حياتهم، وتمثل هذه الفجوة في التعليم الطبي فرصة مهمة لممارسي الطب التكاملي، الذين يتم تدريبهم في هذه المجالات:
– الإرشاد الغذائي لتعزيز الأطعمة الكاملة الصحية، بدلًا من الأطعمة المصنعة والمشروبات السكرية.
– المقابلات التحفيزية لتسريع عملية تغيير السلوك ودعمها.
– علاجات الجسد والعقل لإدارة القلق والاكتئاب وغرس التنظيم الذاتي للعواطف.
– إسداء النصح بشأن الأنشطة البدنية منخفضة التأثير، مثل اليوجا والتاي تشي.
– تقديم إرشادات بشأن عادات النوم الصحية.
– التثقيف الصحي البيئي للحد من التعرض إلى المواد الكيميائية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء المرتبطة بالسمنة.
– استخدام المكملات الغذائية المحددة لملء الثغرات في النظام الغذائي مثل أحماض أوميجا 3 الدهنية وفيتامين D والبروبيوتيك (المعينات الحيوية).
– تعزيز دعم الأسرة والمجتمع لبناء علاقات اجتماعية سليمة.
الخلاصة
إن انتشار استخدام الدواء للأطفال إلى جانب عدم القدرة على التنبؤ بالاستجابة الفردية والمخاطر العالية للجرعة الزائدة تضيف جميعًا حجة قوية لدور الطب التكاملي بالنسبة إلى المرضى الشباب، فيجب أن يكون التركيز على الوقاية، والحد الأقصى من إشراك استجابة الطفل الفطرية للشفاء، وتقليل الأدوية، وتقديم المشورة بشأن نمط الحياة، وأود أن أقول إن هذه الأساليب يجب أن يدعمها الإصلاح الاستباقي لمجال الرعاية الصحية، وسداد التأمين العادل.