التصنيفات
الغذاء والتغذية

أفضل مصادر الأعشاب والتوابل herbs and spices

اكتشف العلماء أن العديد من مركبات النكهات في الأعشاب والتوابل هي مضادات أكسدة بذات الفاعلية. خمن مثلًا أين يقع الحمض المضاد للأكسدة في الروزماري أو اكليل الجبل؟ فماذا عن الكمون والزعتر والزنجبيل؟ إن النكهات هي مضادات أكسدة. يمكنك أن تميز ببصرك تفوق البصل الأحمر على البصل الأبيض في مضادات الأكسدة.

والمكونات المرة واللاذعة في العائلتين الكرنبية والثومية يعتقد أنها مسئولة عن فوائدهما الصحية. الألوان الداكنة والنكهات القوية هي علامات على عظم الفائدة. وللحصول على صحة أفضل جرب أن تأكل الأطعمة الملونة وذات النكهات النافذة. والدليل الغذائي في كثير من البلدان يشجع مواطنيها بشكل خاص على تناول الأعشاب والتوابل، ليس كبديل عن الملح فقط بل للميزات الصحية التي تتمتع بها هذه الأطعمة.

أفضل مصادر الأعشاب والتوابل

الفلفل الإفرنجي، البارباريس، الريحان، ورق الغار، الهال، مسحوق التشيلي، الكزبرة الصيني، القرفة، الفرنفل، الكزبرة، الكمون، الكاري، الشبت، الحلبة، الثوم، الزنجبيل، الفجل، عشب الليمون، المردقوش، الخردل، جوزة الطيب، المردقوش الشائع، البابريكا المدخنة، البقدونس، الفلفل، النعناع، اكليل الجبل، الزعفران، المريمية، الزعتر، الكركم، الفانيليا.

المقدار اليومي: ربع ملعقة صغيرة من الكركم مع أي من الأعشاب والتوابل التي تحبها (خالية من الملح).

الكركم

على رأس قائمتي للأعشاب والتوابل الصحية يأتي الكركم – وهو تابل يتمتع بخاصيتي اللون والنكهة.

لماذا ينبغي عليك إضافة الكركم لغذائك اليومي؟

في السنوات القليلة الماضية، نشر ما يزيد على خمسة آلاف مقال في المجال الطبي عن مادة الكركمين، وهي الصبغة التي تمنح الكركم لونه الأصفر البراق. في الكثير من هذه الدراسات نجد رسومًا ومخططات جذابة تشرح لنا فائدة الكركمين في مختلف الحالات وبآليات متعددة. تم فصل الكركمين للمرة الأولى قبل قرن، لكن من بين آلاف التجارب، كانت هناك بضع تجارب علاجية قليلة شملت مشاركين فعليين من الناس. لكن مع اقتراب نهاية القرن الماضي، تم إجراء أكثر من خمسين تجربة علاجية بالكركمين في مواجهة مجموعة منوعة من الأمراض، وهناك العشرات من الدراسات الأخرى في طريقها للظهور.

الكركمين يلعب دورًا في الوقاية من أمراض الرئة أو علاجها، وكذلك أمراض المخ، وسرطان البنكرياس. لكن ظهر كذلك أن للكركمين قدرة على تسريع التعافي عقب العمليات الجراحية والمعالجة الفعالة لالتهاب المفاصل الروماتويدي (الروماتويد) على نحو أفضل من أقوى العقاقير لذلك. ووجدت له كذلك فاعلية في علاج هشاشة العظام وغير ذلك من حالات الالتهاب، مثل الذئبة والتهاب الحوض. وفي أحدث تجربة على التهاب القولون التقرحي، وجدت دراسة أجريت بعدة مراكز طبية وباختيار عشوائي وتعمية مزدوجة وعلاج وهمي ومجموعة مقارنة أن أكثر من ٥٠٪ من المرضى وصلوا لمرحلة كمون المرض بعد شهر واحد فقط من تناول الكركمين مقارنة بالمجموعة التي لم تتناول سوى شبيه للكركمين.

فإذا كنت مثلي مقتنعًا بضرورة ضم الكركم إلى غذائك للاستفادة بصبغته، فالسؤال التالي هو: أي قدر منه ستتناول، وكيف تأكله، وما المخاطر؟

ربع ملعقة صغيرة من الكركم كل يوم

الكركم مادة قوية. إذا أخذت عينة من دمك وعرضتها لمادة كيماوية مؤكسدة، يمكن للباحثين تقدير حجم التلف الذي يطرأ على المادة الوراثية في خلايا دمك وذلك من خلال تكنولوجيا معقدة تسمح لهم بعد شرائط المادة الوراثية التي تكسرت. ثم أعطيتك بعد ذلك مقدارًا صغيرًا من الكركم تضيفه إلى طعامك يوميًّا ولمدة أسبوع، ثم أعدت سحب عينة من دمك، ومرة أخرى عرضت خلايا الدم لذات الجذور الكيماوية السائبة، فسترى أنه مع هذا القدر البسيط من الكركم ينخفض عدد الخلايا التي تضررت مادتها الوراثية إلى النصف. هذا لا يتضمن خلط الكركم بالخلايا مباشرة في الطبق المختبري – بل يتطلب تناول التابل ثم قياس آثاره في الدم. كذلك لم يكن هذا مكملًا دوائيًّا خياليًّا، ولم يكن حتى مستخلص الكركم. لقد كان كركمًا عاديًا يمكن شراؤه من محل البقالة, بل كانت كذلك كمية ضئيلة جدًّا، ثمن ملعقة صغيرة تقريبًا.

الجرعات التي تم استخدامها في الدراسات التي أُخْضِع لها بشر تراوحت بين سدس ملعقة صغيرة وملعقتين صغيرتين في اليوم. الآثار الجانبية محدودة حتى مع الجرعات الكبيرة، لكن الدراسات تستمر لشهر واحد تقريبًا. ولا نعرف ما الآثار الجانبية التي قد تكون للجرعات العالية منه على المدى البعيد.

ولأن فاعلية الكركم أشبه بفاعلية العقاقير في قوتها، وإلى أن تتوافر لنا بيانات أفضل بشأن الحدود الآمنة، فأنا لا أوصي أحدا بأن يتناول ما يزيد على مقادير الطهو المعروفة التي ثبت أمانها لسنوات طويلة. فما هذا المقدار؟ رغم أن أنماطا غذائية هندية قد تضيف ما يصل إلى ملعقة يوميًّا من الكركم، فإن متوسط ما يضاف من الكركم في الهند يبلغ ربع ملعقة يوميًّا. وهو ما أوصي بأن يكون مقدارك منه بحسب قائمة الدستة اليومية.

تناول الكركم مع الفلفل

إن ٥٪ من وزن أية كمية فلفل تتكون من مركب اسمه البيبيرين، والذي يعطي الفلفل نكهته ورائحته النفاذة. لكن البيبيرين يعد كذلك معوقًا قويًّا أمام امتصاص العقاقير. إن أحد السبل التي تتخلص بها الكبد من المواد الغريبة هو تذويبها في الماء بما يمكنك من التخلص منها في بولك. وهذا المركب في الفلفل الأسود يمنع هذه العملية، ومن ثم يرفع من مستوى وجود الكركمين في الدم.

في غضون ساعة من تناول الكركم، يظهر الكركمين في تيار الدم، لكن في آثار خفيفة جدًّا. فما السبب في هذا الظهور الخافت؟ غالبًا لأن الكبد تنشغل مباشرة في التخلص منه. لكن ماذا لو أعقت عملية التنظيف هذه بتناول بعض من الفلفل الأسود؟ إن تناولت الكمية المقررة من الكركم مع إضافة ربع ملعقة صغيرة من الفلفل الأسود، فإن مستوى الكركمين في دمك يرتفع بنسبة ٢٠٠٠٪. حتى أقل قدر من الفلفل الأسود، ولو كان واحدا على عشرين من حجم ملعقة صغيرة، يمكنه رفع معدلات الكركمين في الدم.

طريقتي المفضلة لاستخدام الكركم هي استخدام جذور الكركم الطازجة. ربع ملعقة الكركم الجاف الذي أوصي به يعادله من الجذور ربع بوصة من جذور الكركم الطازجة. والجذر عادة ما يكون بطول بوصتين، ويباع الواحد بأقل من عشرة سنتات، ويمكن إبقاؤه لأسابيع في الثلاجة أو للأبد إن وضع في المجمد.

اختلاف خصائص الكركم بين النيئ والمطبوخ

هناك أدلة تشير إلى اختلاف الخصائص بين الأشكال النيئة والمطبوخة. فالكركم المطبوخ يقدم وقاية أفضل للمادة الوراثية، بينما الكركم النيء يوفر فاعلية أفضل كمضاد للالتهاب. أستخدم مبشرة لأضيف ربع البوصة المقرر فيما أطبخه (أو أضعه بشكل مباشر في البطاطا المطبوخة)، أو أضع شريحة نيئة في أي عصير أصنع. إنك لن تلحظ طعمه أصلًا. فالكركم الطازج أقل كثيرًا من الجاف في درجة نفاذ نكهته، ولذلك سيكون الكركم الطازج هو الخيار المناسب لمن لا يحب مذاق الكركم؛ لكنك سوف تراه.

تناول الكركم مع الصويا

تناول الكركم مع الصويا ربما يوفر فائدة مزدوجة لمن يعانون هشاشة العظام. التوفو المخفوق هو الشكل المثالي لخلطة الصويا والكركم، لكن دعني أعرض عليك طريقتين مفضلتين عندي: إحداهما نيئة والأخرى مطبوخة. يمكنك صنع عصير كعكة القرع العسلي في ثلاث دقائق. فقط قم بخلط هريسة القرع مع حفنة من ثمار العنبية والبلح منزوع البذور، وتابل كعكة القرع للمذاق، وشريحة كركم بطول ربع بوصة (أو ربع ملعقة صغيرة في حال المسحوق)، ولبن صويا غير محلى للوصول إلى القوام المطلوب.

طريقة أخرى هي كاسترد قرع العسل. وكل ما تحتاج إليه هو خلط علبة من معجون القرع العسلي مع حوالي عشر أوقيات من التوفو الناعم، وضع تابل طعم كعكة القرع العسلي بقدر ما تحب، وما بين دستة إلى دستين من البلح المخلي (بحسب مقدار ميلك للطعم الحلو). وصب ذلك في وعاء واخبزه في الفرن عند درجة حرارة ٣٥٠ فهرنهايت حتى تظهر شقوق في السطح. بتخلصك من وجه الكعكة والالتصاق بفعل الكاستارد، يبقى لديك الخضراوات والتوفو والتوابل والفاكهة. وكلما أكلت منها كان أصح لبدنك.

ماذا عن المكملات الدوائية للكركم؟

ألن يكون من الأنسب أن يتناول المرء حبة دواء تحتوي على الكركمين كل يوم فحسب؟ بخلاف التكلفة، أنا أرى في ذلك ثلاثة مخاوف محتملة: الأول، الكركمين ليس مكافئًا للكركم. وصناع المكملات الغذائية الدوائية غالبًا ما يقعون في فخ الاختزال الذي تقع فيه شركات الأدوية، حيث يفترض في أي نوع من الأعشاب وجود عنصر فعال واحد، وبالتالي يكون التفكير في محاولة عزل ذلك العنصر وتصفيته في حبة دواء، تكون قادرًا بها على تعزيز الفاعلية. حسنًا، يعتبر الكركمين المادة الفعالة في الكركم، لكن هل هو العنصر الفعال أم أنه مجرد عنصر فعال؟ في الحقيقة، هو واحد فقط من مكونات عديدة مختلفة من ذلك التابل ككل.

لقد قامت بعض الدراسات المحدودة بالمقارنة بين الكركم والكركمين، لكن بعضها يرى أن الكركم يكون أكثر فاعلية. فمثلًا، قام الباحثون بعمل مواجهة مختبرية للكركم والكركمين أمام سبع خلايا سرطانية مختلفة. فمع سرطان الثدي، أبلى الكركمين بلاء حسنًا، لكن الكركم كان أفضل منه بلاء. وتكرر الأمر ذاته مع سرطان البنكرياس، والقولون، والميلوما المتعددة، والابيضاض النخاعي وغيرهم– فكان الكركم يأتي دائما أفضل أداء من صبغته الصفراء. هذه النتائج تعني أن ثمة مكونات أخرى بخلاف الكركمين تسهم في مقاومة السرطان.

ورغم سيادة الاعتقاد أن الكركمين هو المسئول عن معظم الفائدة الصحية للكركم، فإن الأبحاث المنشورة على مدى العقد الفائت تشير إلى أن الكركم الخالي من الكركمين – أي الكركم الذي نزعت عنه مادته الفعالة – ربما يكون بذات الفاعلية أو يزيد على الكركم ومعه الكركمين. فهناك، على سبيل المثال، التيرميرونس في الكركم والذي أظهر قدرة على مقاومة السرطان والالتهاب. تصورت بسذاجة أن الباحثين الذين اكتشفوا ذلك إنما أرادوا دفع الناس لاستخدام الكركم الكامل بدلًا من استخدام مكملات الكركمين، لكنهم في الحقيقة أقدموا على إنتاج جميع أنواع المكملات المشتقة من الكركم. فمن ذا الذي يجني المال من الطعام الكامل الذي لا يكلف تناوله شيئًا تقريبًا كل يوم؟

أما ثاني مخاوفي فتتعلق بالجرعة. ففي حين استخدمت التجارب التي أجريت على الكركم مقادير بسيطة يمكن ببساطة إدراجها في الغذاء النمطي، استخدمت التجارب التي أجريت على الكركمين فقط كميات من كركمين يحتاج استخراجها إلى أكواب كاملة من تابل الكركم – كمية أكبر بمائة مرة من تلك التي اعتادها محبو الكاري على مدى قرون. كذلك تستخدم المكملات الفلفل الأسود الذي يعزز مستويات ما يوازي تسعة وعشرين كوبًا كاملة من الكركم يوميًّا، وهو ما تنتج عنه كمية كافية من الكركمين في الدم قد تسبب تلف المادة الوراثية بحسب تجارب معملية.

أخيرًا، يبقى هناك هاجس متعلق بالتلوث بالمعادن السامة، مثل الزرنيخ والكادميوم والرصاص. لم يتم الوقوف في أية عينة تم اختبارها لمسحوق الكركم داخل السوق الأمريكي على تلوث بأي من هذه المعادن الثقيلة، لكن لا يمكن تعميم ذلك على المكملات الدوائية للكركمين.

أي من هذه المخاوف الثلاثة (باستثناء التكلفة) لا ينطبق على المكملات التي لا تحتوي إلا على مسحوق الكركم الكامل. لكن مكملات الكركم تقريبًا هي مجرد مستخلصات. فمن ذا الذي يبيع التابل الكامل الذي يباع الرطل الكامل منه بأقل من عشرين دولارًا في حين زجاجة صغيرة بحبوب المكملات تباع بعشرين دولارًا؟ تكفيك العلبة لشهرين أو ثلاثة، بينما تكفيك وزنة الكركم الكامل لسنتين أو ثلاث بحسب الجرعة المحددة في الدستة اليومية.

متى يجب الامتناع عن تناول الكركم؟

إذا كنت ممن يعانون حصوات المرارة، فالكركم يثير آلامها؛ لأنه عامل كوليسيستوكيني، بمعنى أنه يسهل الحركة الضاخة للحويصلة المرارية لكي يمنع الصفراء من الركود. الدراسة بالموجات فوق الصوتية تظهر أن ربع ملعقة من الكركم يسبب انكماشًا في الحويصلة المرارية، عاصرة إلى خارجها نصف محتوياتها. وبهذه الطريقة، فإنه قد يساعد في منع تكون حصوات المرارة من البداية. لكن ماذا لو كانت لديك حصوة مرارية تسد القناة المرارية؟ سيكون ذلك الاعتصار الذي سببه الكركم سببًا في ألم شديد. لكن لغير هؤلاء يتوقع من الكركم أن يقلل أصلًا من فرص تكون الحصوات المرارية بل يقلل من احتمالات الإصابة بسرطان المرارة.

لكن الإفراط في تناول الكركم قد يؤدي إلى زيادة احتمالات تكون حصوات معينة بالكلى. الكركم غني بالأوكسالات القابلة للذوبان، والتي يمكن أن تلتحم بالكالسيوم ويكوِّنا معًا أكثر أنواع حصوات الكلى شيوعًا – أوكسالات الكالسيوم غير الذائبة، والتي تكون مسئولة عن حوالي ٧٥٪ من حالات تكون الحصوات. فبالنسبة لأولئك الذين لديهم ميل لتكوين هذه الحصوات يجب أن يحصروا إجمالي ما يتناولونه من الأوكسالات الغذائية بحيث لا تزيد على ٥٠ مليجرامًا يوميًّا. وهو ما يعادل ملعقة صغيرة من الكركم يوميًّا على الأكثر. (بالمناسبة، يعتبر الكركم آمنًا خلال فترة الحمل، لكن مكملات الكركمين الدوائية ليست كذلك).

وأنا أوصي بربع ملعقة صغيرة من الكركم يوميًّا مع أي من الأعشاب والتوابل التي تحب (شرط أن تكون خالية من الملح). إن السبب الذي جعلني أشجع على تناول الأعشاب والتوابل بشكل عام دون حصرها على الكركم ليس لأنها تصلح بدائل لبعضها البعض – فبعض فوائد الكركم على ما يبدو حصرية له – لكن لما للأعشاب والتوابل الأخرى من فوائد صحية أخرى. مثلًا، فوائد الزعفران في علاج ألزهايمر والاكتئاب. التوابل لا تحسن مذاق الطعام فحسب؛ بل تجعله أكثر فائدة لك. أدعوك إلى الحفاظ على دولاب توابلك عامرًا واجعل من عادتك إضافة أي تابل أو عشب تجده جذابا لأي طعام تأكله.

الحلبة

بذور الحلبة المصحونة هي تابل عادة ما يوجد في المطبخ الهندي والشرق أوسطي. تحسّن الحلبة على ما يبدو قوة العضلات وترفع ناتج القوة في رفع الأثقال، فتسمح للرجال في تدريباتهم، مثلًا، بحمل ثمانين رطلا إضافية من الأثقال مقارنة بغيرهم ممن يتناولون شيئًا شبيهًا بالحلبة. كذلك تمتلك الحلبة “خصائص قوية في مكافحة السرطان” بحسب التجارب المختبرية.

لكن ثمة أثرًا جانبيًّا لتناول الحلبة: إنها تجعل رائحة الإبطين كرائحة شراب القيقب. بالطبع لا مشكلة في هذا، فتلك ظاهرة طبيعية، لكن الضار بالفعل هو مرض بول شراب القيقب، وهو خلل خلقي خطير. والأطفال الذين يتغذون على أمهاتهن اللاتي يشربن الحلبة لزيادة اللبن قد تشخص حالاتهم خطأ بهذا الخلل البعيد كل البعد عن حقيقة الحالة. فإن كنت حاملا أو مرضعة، وتتناولين الحلبة، فأخبري طبيب الولادة بذلك كي لا يظن خطأ أن وليدك مصاب بمرض بول شراب القيقب.

الكزبرة

الكزبرة هي أحد مكونات الصلصة الشائعة، وهي كذلك أحد أكثر الأطعمة فصلًا وتمييزًا بين الناس. فبعض الشعوب تحبها حبًّا مطلقًا، وشعوب أخرى تكرهها كليا.

الكزبرة مادة صحية. فالطبيعة موصوفة بأنها أشمل صيدلية وجدت على الإطلاق، والكزبرة هي إحدى أقدم وصفاتها العشبية. فتناول عشرين عودًا يوميًّا من الكزبرة لمدة شهرين يقلل مستويات الالتهاب لدى من يعانون التهاب المفاصل ويخفض مستويات حمض اليوريك إلى النصف، ما يعني أن الإكثار من الكزبرة قد يكون مفيدًا لمن يعانون النقرس.

الفلفل الحريف

في دراسة نشرت بعنوان “الإفرازات والألم والعطس الناجم عن تعرض الغشاء المخاطي عند الرجال للكابساسين”، وجد الباحثون أنك إن قطعت حبة فلفل حريف وحككتها داخل أنفك، فسوف يبدأ أنفك بالسيلان وتشعر فيه بالألم. (الكابساسين هو المكون الحارق في الفلفل الحريف). فما الذي دفعهم لإجراء مثل هذه التجربة؟ يعرف الناس الذين يتعاملون مع الفلفل الحريف بأنهم إن قربوه من أنوفهم فسيلهبهم بشدة. إلا أن الباحثين يقرون بأن “هذه الظواهر لم تخضع للدراسة بعد”. ولذلك قرروا أن “مما يستحق الدراسة أن نبحث في تأثيرات تعريض الأنف المباشر للكابساسين…”.

قام الباحثون باختيار مجموعة من طلاب الطب وقطروا الكابساسين في أنوفهم. بدأ الطلاب في العطس، والشعور باحتراق في الأنف، وسيلانه، وحددوا درجة للألم بين سبع وثماني درجات من عشر, ولا عجب في ذلك. لكن الأمر استدعى مزيدًا من الاهتمام. ما الذي حصل حين كرروا التجربة يومًا بعد يوم؟ لعلك تعتقد أن الطلاب سيصبحون أشد حساسية للكابساسين، حيث لا تزال أنوفهم متهيجة من اليوم السابق، فيعانون ربما ألمًا وعدم ارتياح أكبر، أليس كذلك؟ الواقع أن ألم الكابساسين يصبح أقل. وبحلول اليوم الخامس، لا يكاد الطلاب يشعرون بألم – بل تتوقف أنوفهم حتى عن السيلان.

هل تم تعطيل حساسية الطلاب المساكين مع سبق الإصرار؟ كلا. فبعد شهر أو نحوه، عادت إليهم الحساسية مجددًا، وعاد إليهم شعورهم بالألم الشديد كلما قطر الباحثون الكابساسين في أنوفهم من جديد. ما يحصل على الأرجح هو أن ألياف الألم – أو الأعصاب التي تشعر الإنسان بالألم – استنفدت رصيدها من الناقل العصبي للألم (وهو مادة تسمى P ). فمع التعرض اليومي للكابساسين ينفد مخزون الأعصاب من هذا الناقل وتصبح غير قادرة على إرسال رسائل الألم إلى أن يتكون لديها مخزون جديد من هذا الناقل عبر النشا، وهو ما يستغرق أسبوعين.

فكيف يمكن الاستفادة من ذلك في المجال الطبي؟ ثمة متلازمة صداع نادرة تسمى الصداع العنقودي، والتي وصفت بأنها إحدى أسوأ تجارب الألم التي يمكن للإنسان المرور بها. ليس هناك الكثير من الاختلالات الطبية، هذا إن وجد، ما يفوق هذه المتلازمة ألما. حتى إنه يطلق عليها “الصداع الانتحاري” لأن المرضى قد يقدمون على التخلص من حياتهم بسببه.

يعتقد أن السبب في حدوث الصداع العنقودي هو ضغط يقع على العصب ثلاثي التوائم الذي يوجد في الوجه. وشملت العلاجات كل شيء من إحصار العصب إلى البوتكس إلى التدخل الجراحي. لكن هذا العصب ذاته يمتد إلى أن يصل إلى الأنف. فماذا لو دفعت هذا العصب بكامله لفقدان كل مخزونه من مادة P ؟ لقد جرب الباحثون إعطاء الكابساسين بشكل يومي مع من يعانون الصداع العنقودي. وعلى خلاف طلاب الطب المساكين الذين قدروا درجة ألم أنوفهم بثماني أو تسع درجات من عشر، قدر مرضى الصداع هذا الألم بحدود ثلاث أو أربع درجات فقط. وبحلول اليوم الخامس، فقدوا الإحساس تماما بألم الكابساسين. فما الذي حل بالصداع؟ أولئك الذين حكوا أنوفهم بالكابساسين في الجانب الذي يقع فيه الصداع من رءوسهم انخفضت نوبات صداعهم إلى النصف. في الواقع، لقد تم شفاء نصف المرضى – لقد اختفت نوبات الصداع العنقودي تماما. إجمالا، استجاب ما يقدر ب ٨٠٪ من المشاركين للعلاج، وهو ما يعادل، إن لم يكن يزيد على، نسب استجابة كافة العلاجات المعروفة.

فماذا عن متلازمات الألم الأخرى؟ يعتقد أن متلازمة اهتياج الأمعاء تسببها حساسية مفرطة في الجدار الداخلي للقولون. فكيف لك أن تحدد إن كان شخص ما يعاني تلك الحساسية أم لا؟ تمكن باحثون يابانيون مبدعون من تطوير جهاز يحدث “انتفاخا شرجيا مؤلما متكررا”، والجهاز مكون بشكل أساسي من بالون بسعة نصف جالون موصول بمضخة هواء تنفخ وتشفط على نحو متكرر إلى درجة يعجز معها المرء عن الوقوف من شدة الألم. فأما أولئك المصابون بالمتلازمة فوجدوا خفوتا لافتا في حدة الألم، ومستوى أقل بكثير في “الارتداد الشرجي”.

فماذا عن نزع الحساسية عن الأمعاء بتفريغ المخزون من مادة P ؟ إنه لا يقل بشاعة عن حك الأنف بالفلفل الحار، ولكن كيف لنا أن نحك أمعاء شخص ما بالفلفل الحار؟ لقد اختار الباحثون طريق تناوله بالفم. ووجدوا أن كبسولات مغلفة معويا من مسحوق الفلفل الأحمر قادرة على تقليل حدة الألم المعوي والانتفاخ بشكل كبير، ما يعني أنها قد تعتبر “طريقة لعلاج هذا المرض الوظيفي المزعج والمتكرر…”

فماذا عن مسحوق الفلفل الأحمر بهدف معالجة عسر الهضم المزمن؟ خلال شهر من تناول مقدار ملعقة ونصف من مسحوق الفلفل الأحمر كل يوم، قللت آلام المعدة والغثيان. كان الدواء الموصوف لتلك الحالة وهو البروبوليسيد (سيزابرايد) فعالًا بقدر فاعلية الفلفل الحار، وكان التساهل في وصفه كبيرًا إلى أن بدأ في قتل الناس. فقد تم سحب هذا العقار من الأسواق بعد أن تسبب في اضطرابات قاتلة في ضربات القلب.

الزنجبيل

العديد من العلاجات الطبية يبدأ على هذا النحو: يتعلم بعض الأطباء أن نباتًا ما كان

يستخدم في التراث الطبي القديم، فيقولون: “لم لا نجرب استخدامه نحن كذلك في عياداتنا؟”. وقد استخدم الزنجبيل على مدى قرون لعلاج الصداع، وكذلك قامت مجموعة من أطباء دنماركيين بحث مرضى بالصداع النصفي على تجربته. ومع أولى علامات ظهور الصداع، يقوم المريض بمزج ربع ملعقة صغيرة من مسحوق الزنجبيل ببعض الماء ثم شربها. وفي خلال ثلاثين دقيقة يختفي الصداع. وكان ذلك يجدي كل مرة بلا ظهور لأية آثار جانبية.

هذا ما يسمى تقرير حالة, ورغم أنها في الواقع مجرد قصص وحكايات جرى عليها التفخيم والتعظيم، إلا أن تقارير الحالات لعبت دورًا مهمًّا في تاريخ الطب. وتعتبر تقارير الحالات أضعف أشكال الدليل العلمي، لكنها غالبًا ما تكون بداية للبحث. وعليه فإن علاج مريض صداع نفسي بالزنجبيل قد لا تكون حالة مفيدة بحد ذاتها، وإنما ملهمة للباحثين بوضع الأمر محل البحث والاختبار.

في النهاية، تم إجراء تجربة علاجية عشوائية مزدوجة التعمية لتقارن بين فاعلية الزنجبيل في علاج الصداع النصفي وبين سوماتربتان (إيمتركس) أحد أنجح وأشهر العقاقير في العالم. وجد أن مقدار ثمن ملعقة واحدة صغيرة من مسحوق الزنجبيل قادرة على إتيان نفس المفعول وبالسرعة نفسها التي يتمتع بهما العقار (وبكلفة لا تكاد تذكر). معظم المصابين بالصداع النفسي بدأ التجربة بألم متوسط أو حاد، وبعد أن تناول العقار أو الزنجبيل، انخفضت حدة ألم الصداع إلى المستوى الخفيف أو تلاشى كليًّا. لقد سجل الرضا من قبل مصابي الصداع النصفي بالدرجة ذاتها سواء أولئك الذين تناولوا العقار أو الذين تناولوا الزنجبيل.

وبحسب ما أرى، فإن الزنجبيل يفوز بهذه المواجهة. ليس لأنه لا مقارنة بينهما مطلقًا في التكلفة، لكن لأن آثاره الجانبية أقل بكثير. فبينما يعاني من يتناولون العقار بعض الدوار، والخمول، والدوخة، وألم الصدر، لا تتجاوز آثار الزنجبيل أكثر من بعض الاضطراب المعدي وبنسبة واحد بين كل خمسة وعشرين شخصًا. (إن ملعقة صغيرة كاملة من مسحوق الزنجبيل على معدة فارغة يمكنها أن تزعج أي شخص، فلا تفرط في تناوله). إن تناول ثمن ملعقة صغيرة ليس فقط أرخص من تناول حبة العقار بثلاثمائة مرة، لكنه يبتعد باحتمالات تحولك إلى تقرير حالة، كأولئك الذين أصيبوا بأزمات قلبية بعد تناول السمارتريبتان لعلاج الصداع النصفي ، أو الذين ماتوا.

يوصف الصداع النصفي بأنه إحدى أكثر متلازمات الألم شيوعًا، ويؤثر على قرابة ١٢٪ من إجمالي السكان. فهل يعد شائعًا بهذه النسبة؟

ماذا إذن عن آلام الطمث التي يعانيها ما يزيد على ٩٠٪ من النساء في سن الطمث؟

هل يمكن للزنجبيل أن يفيدهم في ذلك؟ إن ثمن ملعقة صغيرة من مسحوق الزنجبيل لثلاث مرات في اليوم تخفض آلام الحيض من ثماني إلى ست درجات من عشر، ثم إلى ثلاث خلال الشهر التالي. وهؤلاء النسوة لم يتناولن الزنجبيل طوال الشهر؛ بل كن يبدأن فقط قبل يوم من بدء الدورة الشهرية، ما يعني أنه لو لم يبد مجديًا بما يكفي في الشهر الأول، فعلى النسوة محاولة الالتزام بتناوله بانتظام.

إن ربع ملعقة من مسحوق الزنجبيل لثلاث مرات يوميًّا وجد أنها لا تنخفض بحدة آلام الدورة الشهرية من سبع درجات إلى خمس فحسب، بل إنها تنخفض كذلك بساعات الألم إلى ما دون خمس عشرة ساعة، بنسبة أفضل كثيرًا من نسوة تناولن دواءً وهميًّا كان عبارة عن خبز محمص مصحون. لكن النسوة لا يتناولن كسر الخبز لعلاج آلام الطمث.

فكيف هو إذن أداء الزنجبيل في مواجهة عقار الإيبروفين؟ لقد قارن الباحثون بين ثمن ملعقة صغيرة من مسحوق الزنجبيل و٤٠٠ مليجرام من الإيبروفين، وقد كان أداء الزنجبيل بذات فاعلية هذا العقار المميز. لكن بخلاف العقار تمكن الزنجبيل كذلك من تقليل كمية دم الحيض، من نصف كوب تقريبًا كل يوم إلى ربع كوب. بل إن تناول ثمن ملعقة من مسحوق الزنجبيل مرتين يوميًّا قبل الدورة الشهرية بأسبوع يحسن بشكل لافت التغير المزاجي الذي يصاحب الطمث وكذلك الأعراض البدنية والسلوكية.

أنا أحب رش مسحوق الزنجبيل على البطاطا أو استخدامه طازجًا لصنع خلطة الليمون والتفاح بالزنجبيل وذلك لعلاج الغثيان. وهناك طائفة من العقاقير الفاعلة في علاج الغثيان، لكنها ترتب مجموعة من الآثار الجانبية السلبية، ولذلك أجاهد دائمًا للحصول على علاجات طبيعية كلما أمكن ذلك لنفسي ولمرضاي.

لقد استخدم الزنجبيل لآلاف السنين في المناهج العلاجية التقليدية. وفي الهند، يعرف باسم ماها-أوشاداهي، والذي يعني “الدواء العظيم”.

ويعتبر الآن الزنجبيل علاجًا نظيفًا وواسع المدى في علاج القيء ومواجهة الغثيان المصاحب لدوار الحركة، والحمل، والعلاج الكيميائي، والإشعاع، وفي أعقاب الجراحة. جرب أن تصنع خلطتي من الليمون والتفاح مع الزنجبيل: اعصر في الخلاط ليمونة منزوعة القشر مع جذر زنجبيل بحجم الكف. واستخدم هذا المزيج لتغطية أربع شرائح رفيعة من التفاح، ثم ضعها في المجفف حتى تصل إلى القوام المرغوب فيه. أحبها رطبة قليلًا، لكن بإمكانك تجفيفها إلى مستوى أعلى لتصبح رقائق التفاح بالليمون والزنجبيل، والتي يمكن تخزينها لفترات أطول. بالنسبة لي، بضع قطع تؤكل قبل السفر بعشرين دقيقة تصنع المعجزات.

ملحوظة: يعتبر تناول الزنجبيل خلال الحمل آمنًا، لكن الحد الأقصى المسموح به خلال الحمل هو مقدار ٢٠ جرامًا (أو حوالي أربع ملاعق صغيرة من جذور الزنجبيل المطحونة حديثا). وأية زيادة على هذه الكمية قد تكون مثيرة للرحم. إن النسوة اللاتي يستخدمن خلطة التفاح الخاصة بي لمواجهة الدوار الصباحي يجب عليهن توزيع القطع الأربع من التفاح أو الرقائق الأربع على مدى عدة أيام.

النعناع

ما أعلى الأعشاب كونها مضادًا للأكسدة؟ إن أكثر الأعشاب احتواء على مضادات الأكسدة هو ورق البيربيري النرويجي المجفف. (ستكون سعيد الحظ لو وجدتها) أما أكثر الأعشاب الشائعة احتواء على مضادات الأكسدة فهو النعناع. يعتبر النعناع مكونًا تقليديًّا في السلطات ببلدان الشرق الأوسط مثل التبولة، والسلطات الهندية، والحساء الفيتاميني.

البردقوش الشائع والبردقوش الكبير

البردقوش هو من الأعشاب الغنية بمضادات الأكسدة إلى حد أن قرر العلماء اختباره لبيان قدرته على تقليل نسب تلف المادة الوراثية بفعل الإشعاع. أحيانًا ما يعطى اليود المشع لمن يعانون فرط نشاط في الغدد الدرقية أو من يعانون سرطان الغدة الدرقية وذلك لتدمير جزء من الغدة أو التخلص من أية خلايا سرطانية عقب الجراحة. في الأيام التالية على الحقن الإشعاعي يكون المستوى الإشعاعي لدى المرضى عاليًا لدرجة أنهم ينصحون بعدم تقبيل أحد أو النوم بجوار أحد (بما في ذلك حيوانات المنزل)، وكذلك الابتعاد قدر المستطاع عن الأطفال أو الحوامل. يكون العلاج فعالًا جدًّا في العادة، لكن هذا المستوى من الإشعاع يزيد على ما يبدو احتمالات الإصابة بسرطانات أخرى لاحقة. وأملًا في عدم حدوث تلف بالمادة الوراثية بفعل الخضوع لهذا العلاج، قام الباحثون باختبار قدرة البردقوش في حماية الكروموسومات بخلايا الدم المعرضة لليود المشع. وتحت أكبر جرعة، تراجع تلف المادة الوراثية بنسبة ٧٠٪. وانتهى الباحثون إلى أن البردقوش قد يعد “كأداة وقاية فعال ضد الإشعاع”.

وفي دراسات معملية أخرى على البردقوش وجدت له خصائص مضادة للسرطان والالتهاب. ومقارنة بعدة مستخلصات توابل – ورق الغار، الشمر، اللافاندر، البردقوش الشائع، البابريكا، البقدونس، الروزماري، الزعتر – يتقدم البردقوش عليها جميعًا عدا ورق الغار في قدرته على وقف نمو خلايا سرطان عنق الرحم، مختبريا، بينما يبقي الخلايا الطبيعية على حالها. من بين ١١٥ نوعًا من الأطعمة جرى اختبارها لبيان قدرتها على مقاومة الالتهاب مختبريا، جاء البردقوش بين أقوى خمسة أصناف، مع عش غراب المحار والبصل والقرفة وأوراق الشاي.

أما البردقوش الكبير فهو عشب شبيه جدًّا وله كذلك قدرات كبيرة في مواجهة الخلايا السرطانية مختبريا. يبدو أن لديه القدرة على منع هجرة وانتشار خلايا سرطان الثدي. لكن أيًّا من تلك الدراسات التي أجريت على أعشاب البردقوش بنوعيه لم يتضمن تطبيقا مباشرًا على البشر؛ ولذلك لا نعرف شيئًا عن فاعلية هذه الآثار، إن كان لها من فاعلية، على البشر في الواقع العلاجي.

إن إحدى التجارب المنضبطة مزدوجة التعمية التي وقفت عليها أجريت على شاي البردقوش لعلاج متلازمة تكيس المبايض. وقد كان هذا الشاي يستخدم من قبل طب الأعشاب التقليدي “لاستعادة التوازن الهرموني،” فقرر الباحثون إخضاع ذلك للتحقيق. فوجهوا بعض النسوة من المصابات بتكيس المبايض لتناول كوبين من شاي البردقوش يوميًّا على معدة خاوية ولمدة شهر. ولوحظت آثار إيجابية على مستوى الهرمونات، وهو ما انتهى به الباحثون إلى القول إن: “ذلك يبرر التحسن الذي يقول به ممارسو الطب التقليدي والخاضعون للعلاج به”.

القرنفل

القرنفل هو أغنى التوابل الشائعة بمضادات الأكسدة. له نكهة شديدة القوة؛ ولذا عليك أن تضع منه القليل على أي شيء تضع عليه في العادة الزنجبيل أو القرفة. والقرنفل المطحون يكون رائعا على الكمثرى المطبوخة والتفاح المخبوز، معطيا إياهما مذاقًا ساخنًا شهيًّا.

الأملج

الأملج هو أغنى التوابل غير الشائعة بمضادات الأكسدة، وهو فاكهة الكشمش (أو عنب الثعلب) الهندية المسحوقة والمجففة. باعتباري طبيبًا غربيًا، لم أسمع مطلقًا بالأملج على الرغم من شيوع استخدامه في خلطات أورفيدا العشبية. وقد دهشت حين وجدت أربعمائة مقال عن هذا التابل المجهول في المنشورات الطبية، وزاد عجبي حين وجدت أوراقًا بحثية معنونة بكلام من قبيل “الأملج… فاكهة معجزة في علاج السرطان والوقاية منه”. والأملج هو النبات الأكثر أهمية على الإطلاق في الطب الأورفيدي، وقد استخدم تاريخيًّا في كل شيء من مصل لسم الثعابين إلى منشط للشعر. وأنا أتناوله باعتباره أغنى أغذية الأرض على الإطلاق بمضادات الأكسدة.

باستخدام ليزر الأرجون، تمكن الباحثون من قياس وتعقب مستويات مضادات أكسدة الكاروتينويد في جسم الإنسان. والاكتشاف الأهم من ذلك العمل أن مستويات مضادات الأكسدة تنخفض في غضون ساعتين من حدوث إجهاد تأكسدي. حين تكون عالقًا في زحمة مرور تتنفس أبخرة عوادم السيارات، أو كنت في نقص من النوم، أو كنت تعاني البرد، مثلا، فإن جسدك يبدأ في استخدام مخزونه من مضادات الأكسدة. وهو الأمر الذي تحتاج فيه لساعتين لفقد ما كونته من مخزون في ثلاثة أيام.

حتى العمليات الحيوية العادية في الجسد، كتحويل الطعام إلى طاقة، يمكن أن ينتج عنها جذور سائبة. ولا بأس بهذا ما دام الطعام الذي تتناوله كان غنيًّا بمضادات الأكسدة. فإن كنت تكثر، مثلا، من تناول المشروبات الغازية، فإن مستوى الجذور السائبة والدهون المؤكسدة يرتفع في جسدك في غضون ساعات قليلة، بينما ينخفض فيتامين إي مع الاستهلاك المتزايد لمخزونك من مضادات الأكسدة. لكنك لو قررت تناول ذات الكمية من السكر في صورة برتقالة، مثلا، فلن ترتفع نسبة الأكسدة. وينتهي الباحثون إلى القول: “هذا يعني الحاجة الملحة لأغذية غنية بمضادات الأكسدة في كل وجبة نتناولها إن أردنا منع هذا الخلل التأكسدي (الجذور السائبة في مقابل مضادات الأكسدة)”.

أما مكملات الأعشاب الأورفيدية، فيحسن بك أن تظل بعيدا عنها قدر الإمكان، حيث وجد أنها ملوثة بمستويات عالية من المعادن الثقيلة، البعض منها في الحقيقة يضاف عمدًا. لكن أيًّا من عينات مسحوق الأملج التي تم اختبارها لم يكن مصابا بهذه الملوثات. بإمكانك أن تجد عنب الثعلب الهندي الكامل في قسم المجمدات بمتاجر البقالة الهندية، لكني بصراحة، أجدها غير صالحة للأكل – قاسية، حامضة، لاذعة، وليفية في آن واحد. أما المسحوق منها فهو أفضل مذاقا بكثير، لكن بالإمكان تحويله بإضافته إلى شيء أقوى نكهة، كالعصائر مثلا. بخلاف ذلك يمكنك تناول الأملج في كبسولات تصنعها بنفسك كما في حال الكركم. متى خرجت في رحلات للمحاضرة والحديث أحافظ على تناول هذه الكبسولات بشكل يومي إلى أن أعود للبيت وأعود للتحكم الكامل في نظام غذائي.

خلطات التوابل

بينما أجريت العديد من الدراسات على أنواع مفردة من التوابل، فإن القليل منها أجري حول استهلاك التوابل بشكل عام. لكن مجموعة من جامعة بنسلفانيا قامت بمقارنة آثار وجبة دجاج غنية بالدهون مع أو بدون مزيج من تسعة توابل وأعشاب. وتم اختيار التوابل والأعشاب لكونها الأعلى في مضادات الأكسدة مقارنة بأية مجموعة غذائية أخرى.

لم يكن غريبًا أن المجموعة التي تناولت الدجاج بالتوابل تضاعفت مستويات مضادات الأكسدة في دمائهم مقارنة بأولئك الذين لم يتناولوا التوابل. لكن اللافت أن مجموعة التوابل انخفضت نسب دهونها (الثلاثية) بنسبة تصل إلى ٣٠٪ عقب تناول الوجبة وبحساسية أنسولين أفضل. وانتهى الباحثون إلى قول: “إن إدراج التوابل في الغذاء اليومي يساعد على إعادة الاستقرار للاضطرابات التي (التالية على الوجبة) في توازن الجلوكوز (السكر) والدهون مع تعزيز دفاعات مضادات الأكسدة”.

لكن ما الداعي للشعور بهذه الاضطرابات من الأصل؟ إن هذه الدراسة تذكرني بتلك التي تشير إلى وقائية تناول الخضراوات الورقية من إصابة المدخنين بالسرطان. بمعنى أن الرسالة لا يجب أن تكون توصية المدخنين بتناول الخضراوات الورقية بل أن تكون حثهم على الإقلاع عن التدخين. وبالقطع يمكنهم فعل الأمرين معًا، والذي يمكن ترجمته في سياق دراسة التوابل هذه بأن يتبع الناس نظامًا غذائيًّا غنيًّا بمضادات الأكسدة، فيوفر لهم الحسنيين.

بعض خلطاتي المفضلة للتوابل تشمل تابل فطيرة قرع العسل، ومسحوق الكاري، ومسحوق الفلفل الحار، ومسحوق التوابل الخمسة الصيني، وأحد التوابل الهندية الفاتحة للشهية ويسمى جارام ماسالا، وخلطة إثيوبية تسمى بيربيري، والتتبيلة الإيطالية، وتتبيلة الدواجن، وتابل الزعتر الشرق أوسطي. خلطات التوابل هي طريقة مناسبة لتوفير توازن من النكهات مع زيادة في معدل تناولك للتوابل المتنوعة، لكن تأكد من أن الخلطات خالية من الملح.

بذور الخشخاش

الخشخاش الذي يستخدم في صناعة الهيروين هو ذاته الذي يستخدم في إنتاج بذور الخشخاش التي تدخل في صناعة كعك المافين والباجيل. كما أنه لم تلق فكرة استخدام بذور الخشخاش كمصدر لكميات كبيرة من المخدر تقديرًا كافيًا رغم وجود عادة أوروبية قديمة بإعطاء مهدئ غني ببذور الخشخاش لتهدئة الطفل كثير البكاء. لم تلق الفكرة المصداقية الكافية إلى أن قامت إحدى الأمهات بإعطاء ابنها ذي الشهور الستة حليبًا غلت معه بعضا من بذور الخشخاش رغبة منها في توفير نوم أفضل لوليدها. توقف الرضيع عن التنفس – لكن لحسن الحظ جرى إنعاشه.

حالات الجرعات الزائدة من بذور الخشخاش لم تكن قاصرة على الأطفال. فهناك حالة أخرى في التاريخ الطبي لبالغ شعر “بإحساس تبلد في رأسه” عقب تناول إسباجتي مع نصف كوب من بذور الخشخاش على المكرونة. فما الحد الأقصى من بذور الخشخاش الذي يعد في النطاق الآمن؟ بحسب مستويات المورفين المتوسطة، تكون ملعقة صغيرة لكل عشرة أرطال من جسم الإنسان هي النطاق الآمن. ما يعني أن شخصًا بوزن ١٥٠ رطلا لا يجب أن يتناول ما يزيد على خمس ملاعق من بذور الخشخاش النيئة في المرة الواحدة.

وطهو الخشخاش ربما يزيل نصف كمية المورفين والكودايين التي توجد بشكل طبيعي في بذور الخشخاش، وهو ما يعطيك فسحة أكبر لو تناولته مخبوزًا. ونقع البذور لمدة خمس دقائق ثم رمي الماء قبل إضافة البذور إلى وصفتك التي تقوم بصنعها يزيل نصف الكمية المتبقية، هذا إن كنت تصنع معجنات ببذور الخشخاش أو غيرها من المنتجات المخبوزة للأطفال. بخلاف ذلك لا ضرر مطلقًا من المعدلات المعتادة من هذه البذور – إلا إذا كنت تقوم باختبار عقار، ففي تلك الحالة عليك تجنب بذور الخشخاش بشكل كامل.

جوزة الطيب

كذلك الإكثار من جوزة الطيب قد يكون مشكلة. انتهت ورقة بحثية بعنوان “كعكة زنجبيل حفل الميلاد… وبهجة يوم الميلاد: بحث في الدور المحتمل لمركبات البهجة من أشباه الأمفيتامين…” إلى أن بعض المكونات الطبيعية في التوابل مثل جوزة الطيب قادرة على تكوين مركبات الأمفيتامين في الجسم بنسبة قادرة “على رفع الحالة المزاجية ما يساعد على زيادة بهجة” حفلات الأعياد.

في الستينيات من القرن الماضي، استخدم هذا التابل كعلاج نفسي. وخلال هذا العقد، انتهى إخصائيو الصحة النفسية إلى أنه في الوقت الذي تعد فيه جوزة الطيب “علاجًا أرخص وأقل خطرًا من استخدام الهيروين الذي يورث الإدمان، فإنه لا بد من الإشارة إلى أنها ليست خالية من المخاطر وأنها قد تؤدي للوفاة”.

والجرعة السامة من جوزة الطيب هي ما بين ملعقتين إلى ثلاث ملاعق صغيرة.

القرفة

تابل شائع قوي آخر هو القرفة، والتي تقدر فاعليتها في خفض معدلات سكر الدم. وهي فعالة للحد الذي يمكنك بها خداع اختبار السكري بتناول معلقتين صغيرتين من القرفة في الليلة السابقة على إجراء الاختبار. وبعد اثنتي عشرة ساعة، ارتفع سكر الدم نتيجة لتناول الطعام، ولكنه بقي مع ذلك أقل على نحو لافت. لكن للأسف لا يمكن اعتبار القرفة علاجًا آمنًا وفعالا لمرضى السكري.

هناك نوعان رئيسيان من القرفة: القرفة السيلانية والقرفة الصينية. وفي الولايات المتحدة، كل ما يطلق عليه “قرفة” هو في الأغلب تلك القرفة الصينية؛ لأنها أرخص. وهذا مؤسف؛ لأن القرفة الصينية تحتوي على مركب يدعى كورمارين، والذي يعتبر سامًّا للكبد مع تناوله بجرعات كبيرة. إن لم تكن القرفة سيلانية، فإن ربع ملعقة صغيرة ولو لمرات محدودة أسبوعيًّا تعتبر كمية كبيرة بالنسبة للأطفال، ومعلقة صغيرة يوميًّا تعتبر تجاوزا للحد الأقصى الآمن بالنسبة للبالغين. أليس بالإمكان الحصول على النوع السيلاني من القرفة وتحصيل فوائدها دون مخاطرها؟ من دون المخاطر، نعم، لكن بالفوائد، هذا ما لم يعد مؤكدًا بالنسبة لنا.

إن جميع الدراسات تشير إلى أن فوائد خفض معدلات سكر الدم تتحصل بتناول النوع الصيني من القرفة. وكنا نظن أن ذات الفائدة يمكن الحصول عليها من القرفة السيلانية، لكن الأمر لم يخضع للاختبار إلا مؤخرًا. وقد اختفى التراجع في معدلات سكر الدم التي تحققت بفعل القرفة الصينية حين استخدم الباحثون القرفة السيلانية بدلًا منها. بل إن عنصر الكورمارين السام هو ما قد يكون صاحب الفاعلية في خفض سكر الدم حال تناول القرفة الصينية. وعليه فإن تجنب هذه المادة بالتحول إلى القرفة السيلانية الخالية منه، نتجنب الفائدة أيضًا. وعليه، وإجمالا، يمكن القول بأنه بشأن خفض مستوى سكر الدم، قد تكون القرفة غير آمنة (الصينية)، أو ربما تكون آمنة، لكنها غير فعالة في خفض مستوى السكر (السيلانية).

لكني لا أزال أوصي باستخدام القرفة السيلانية، كونها أحد أرخص المصادر الغذائية الشائعة لمضادات الأكسدة، وهي الثانية بعد الكرنب الأحمر مباشرة. لكن ماذا عن أصحاب السكر من النمط الثاني؟ حتى القرفة الصينية تخفض السكر في الدم بمعدلات متوسطة – بعبارة أخرى، هي تتساوى في تأثيرها مع العقار الرائد عالميًّا في هذا المجال، الميتفورمين، والذي يباع تحت اسم جلوكوفاج. صحيح إذن أن فاعلية القرفة الصينية بنفس مستوى فاعلية العقار الأشهر في خفض مستوى السكر، لكن ذلك لا يعني الكثير. وأفضل سبيل لعلاج السكري هو محاولة التخلص منه تمامًا بالغذاء الصحي.