يشتمل الفصلان التاليان على أمثلة عن معلمين يتعاملون مع مختلف المشاكل السلوكية. تعطيك هذه الأمثلة فكرة عن كيفية تطبيق الأفكار الواردة في الكتاب. والأمثلة هي عن حوادث سوء السلوك مختلفة ومع تلاميذ في أعمار متفاوتة عبر المرحلتين الابتدائية والثانوية، علما أن المقاربات المتبعة تنطبق على جميع الأعمار.
لقد أعطيت لكل حادثة مثلين عن كيفية تعامل المعلم مع المشكلة، إما بطريقة جيدة أو سيئة. وكتبت الأمثلة على طريقة المخطوطات المسرحية مع بعض المعلومات العامة عن ظروف الحادثة ومن ثم فرصة لرؤية كيفية تعامل المعلم مع المشكلة. كما أوردت في نهاية كل مثل تعليقا على تصرف المعلم والاستراتيجيات التي استعملها (أو لم يستعملها) وكيفية عمل هذه الخطط بالضبط. وبالطبع، ستجد الحوار بسيطا بعض الشيء لأنه من الصعب التقاط الحوادث الواقعية المعقدة لحياة الصف. ولكنني آمل أن تكون المحاولة كافية لإعطائك فكرة عامة عن كيفية عمل الخطط المقترحة في هذا الكتاب في الحياة الواقعية.
لقد بدأت بالمشاكل السلوكية البسيطة، كالصف الثرثار أو التلميذ الذي يمضغ العلكة. وعادة، من السهل نسبيا التعامل مع هذه المشاكل. فحين يعالج المعلم المشاكل بطريقة هادئة وحازمة، فإنه يشجع تلاميذه جميعا على حسن السلوك. كما يساهم في تجنب المواجهات الأكثر خطورة لأن التلاميذ يلاحظون أنهم لا يستطيعون النجاة بفعلتهم، مهما كانت بسيطة. بالمقابل، إن تم التعامل مع هذه المشاكل على نحو خاطئ، قد تتأزم الأمور، ويتزايد وقوع الحوادث الأكثر خطورة. وما عليك سوى إلقاء نظرة على الأمثلة السيئة لترى ما يحدث حين تخرج الأمور عن السيطرة.
الصف الثرثار
السن: الصف السابع
تفاصيل المشكلة: على الرغم من كون هذا الصف مهذبا وحسن السلوك، إلا أنه كثير الثرثرة أحيانا. وهذا ما يسبب المشاكل للآنسة فاديا، لا سيما في بداية الحصة حين تحتاج إلى تهدئتهم وتسجيل الحضور والبدء بالعمل.
مثال جيد
يصل التلاميذ إلى الصف وهم يثرثرون بفرح. الآنسة فاديا واقفة في الباب، تعيق الدخول، يداها مكتوفتان ونظرة حادة في عينيها.
الآنسة فاديا: سنقوم اليوم بالاصطفاف قبل دخول الصف. أريد أن أرى بأية سرعة يمكنكم الاصطفاف بهدوء. خمسة… أربعة… ثلاثة… اثنان… واحد…
اصطف الأولاد ولكنهم ما زالوا يثرثرون. تقح الآنسة فاديا، وتنظر إلى ساعتها من دون قول شيء. تنتظر لدقيقة لترى ما إذا كانوا سيصمتون من دون تدخلها، ولكنهم يستمرون بالكلام.
الآنسة فاديا: [وهي تتحدث مع نفسها] يا الله. لم يصمتوا بعد. وهذا ما أريده لأدعهم يدخلون الغرفة، لأنني أود التحدث إليهم. حسنا، يبدو بأنهم سيمضون بعضا من وقت الاستراحة معي. يا للعار. مع أنهم صف ممتاز، ولكنهم كثيرو الثرثرة. [تتنهد وتنظر إلى ساعتها]. ها قد ضاعت دقيقة، أي دقيقة من وقت الاستراحة.
يدرك الصف ما يحدث، ويبدأ المنضبطون منهم بإسكات الباقين. ولكن ما زالت تصدر بعض الأصوات الخفيفة.
الآنسة فاديا: [تنظر إلى ساعتها مجددا]. بعضهم يصغي إلي، ولكن ضاعت دقيقتان مع ذلك. بالطبع، يمكنني مسامحتهم على الوقت الضائع إن صمتوا كلهم خلال خمسة… أربعة… ثلاثة… اثنان… واحد… صفر!
نجحت الخطة! بإمكان الآنسة فاديا الآن التحدث مع الصف والسماح لهم بالدخول.
الآنسة فاديا: هذا ممتاز. والآن، هكذا سنبدأ كل حصة من الآن فصاعدا. يجب أن تصطفوا بصمت خارج الغرفة. فقد وجدت أنكم أصبحتم ثرثارين جدا. أريدكم أن تدخلوا الصف بهدوء وتهذيب. وحين تجلسون على مقاعدكم، أريدكم أن تخرجوا كتبكم وأقلامكم وتجلسوا بهدوء، مكتوفي الأيدي، لكي أتمكن من تسجيل الحضور. ومن يصبح جاهزا قبل الجميع، أمنحه جدارة!
يسرع الصف في الدخول، وحين تدخل الآنسة فاديا، تجدهم ينتظرونها بصمت.
تعليق على المثال الجيد
قررت المعلمة استعمال مقاربة خفيفة للتعامل مع المشكلة، على الرغم من نبرة الحزم عند الحاجة. هذا الأسلوب مناسب لتلاميذ الصف السابع، فإن رغبت بإظهار هيبتها فجأة، ما عليها سوى رفع صوتها بعض الشيء أو تغيير نبرته. حين وصل التلاميذ، كانت مستعدة بانتظارهم، وخطتها جاهزة. أول ما فعلته هو طرح تحد للصف، ضمن وقت محدود، وبدأت بالعد العكسي من الرقم الخمسة لترى ما إذا كانت الخطة ستنجح. وقد نجحت إلى حد ما لأن التلاميذ وقفوا في صف مستقيم (بحيث تستطيع رؤية وجوه الجميع). غير أنهم ظلوا يثرثرون.
هنا قررت المعلمة استعمال تقنية غير اعتيادية. فادعت بأنها تتحدث إلى نفسها وتقول بصوت مرتفع ما تريده من الصف وكيف أنهم يخالفون توقعاتها، مع أنها تحبهم فعلا، وأخيرا ما ستكون نتيجة ثرثرتهم. بحديثها مع نفسها فهي تفكر بصوت عال وتنزع الصفة الشخصية عن العقاب الذي تفرضه عليهم. يبدأ التلاميذ بالتجاوب، وللاستفادة من ذلك، تعطيهم المعلمة فرصة لتجنب الاحتجاز. وأخيرا، تستعمل مجددا تقنية العد، وتنجح الخطة هذه المرة.
حين هدأ الصف تماما، استطاعت المعلمة إخبارهم عن سبب رغبتها بأن يصطفوا بهذا الشكل. فوضعت معيارا للمستقبل ليعرفوا ما هو متوقع منهم حين يأتون إلى صفها في المرة القادمة. أخيرا، تعطيهم هدفا لتحقيقه، وتحدد مكافأة لمن يتمكن من ذلك أولا (وتلاميذ الصف السابع يحبون المنافسة عموما)؛ وهو دخول الصف بسرعة وهدوء، والجلوس بصمت لتتمكن من تسجيل الحضور. لاحظ كيف أن المعلمة بقيت هادئة ومهذبة طيلة المواجهة.
مثال سيئ
يصل التلاميذ إلى الصف وهم يثرثرون بفرح. الآنسة فاديا داخل الصف تقوم ببعض التحضيرات في الدقائق الأخيرة. حين تراهم يبدأون بالدخول، تلوح لهم للتراجع إلى الخارج.
الآنسة فاديا: لا، لا، لا! اخرجوا! اخرجوا! لن أسمح لكم بالدخول إلى أن تهدأوا. عودوا إلى الخارج وانتظروني.
غير أن جمال، وهو تلميذ لطيف، هادئ ومهذب كان قد جلس في مكانه وبدأ بإخراج أقلامه وكتبه.
الآنسة فاديا: جمال! قلت اخرجوا!لا أصدق! ما خطبك اليوم؟ أنت مطيع عادة. أعد أغراضك إلى الحقيبة واخرج!
جمال: ولكن آنسة…
الآنسة فاديا: لا تقل ولكن، أيها الشاب. اسكت وافعل ما أقول.
يصل مزيد من التلاميذ، ولكن الآنسة فاديا تعيدهم إلى الباب، وهي تلوح لهم بيدها.
الآنسة فاديا: إلى الخارج. قلت إلى الخارج! أريدكم أن تصطفوا بهدوء.
يصطف الأولاد تقريبا ولكنهم ما زالوا يثرثرون.
الآنسة فاديا: حسنا، اصمتوا الآن، أريد التحدث إليكم.
جمال يتحدث مع زميلته الواقفة خلفه، طالبا منها أن تصمت لأجل الآنسة فاديا.
الآنسة فاديا: جمال! ألم تسمع ما قلته؟ إنها المرة الثانية التي تعصاني فيها اليوم. حسنا، أنت محتجز معي بعد الحصة.
جمال: ولكن آنسة… هذا ليس عدلا! كنت أقول لها وحسب…
الآنسة فاديا: لا تجادلني. كنت تتكلم، لذا أنت محتجز. والآن، هل لكم أن تصمتوا وتدعوني أبدأ؟
الآن أصبح الصف إما مستغرقا بمشاهدة المواجهة بين الآنسة فاديا وجمال، أو يثرثر لأنه مل من الانتظار.
الآنسة فاديا: [وقد بدأت تفقد أعصابها]. قلت اصمتوا! اصمتوا!!!
يهدأ الصف، على الرغم من أن بعض المشاغبين المعتادين مازالوا يتكلمون في الخلف.
الآنسة فاديا: حسنا، حين تدخلون اجلسوا بصمت لأتمكن من تسجيل الحضور. مفهوم؟ هيا إذا، إلى الداخل.
تعليق على المثال السيئ
يتضح لنا من بداية الحصة أن الآنسة فاديا غير مستعدة لهذا اللقاء. إن أرادت تغيير الروتين المعتاد، عليها أن تخطط لذلك مسبقا وأن تكون جاهزة لمواجهة الصف فور وصوله. غير أنها زرعت بذور حصة سلبية من بداية اللقاء حين صرخت في وجههم لمغادرة الغرفة. فقد كانت كلمتها الأولى “لا”! وحين بدأوا بدخول الصف (كما يفعلون عادة) تصرفت وكأنهم ينتهكون مجالها الخاص. وعدم الثبات هذا لا بد من أن يؤدي إلى مواجهات بسيطة على الأقل.
أما خطؤها الثاني، فهو الصراخ في وجه جمال المسكين، التلميذ المنضبط الذي كان يقوم بما يفعله عادة، أي الاستعداد للدرس! فسألته على الفور ما خطبه، وهو تعليق سلبي جدا، اقترن بالفظاظة حين أمرته بالسكوت. ومنذ أن لوحت المعلمة للتلاميذ بالخروج، سببت لهم الإزعاج، وليس من المستغرب ألا يتبعوا التعليمات. وهنا أيضا كلمتهم بفظاظة حين أمرتهم بالسكوت. ثم ظلمت جمال مجددا؛ فهو يحاول جعل إحدى التلميذات تلتزم الصمت، غير أن المعلمة اتهمته بعصيانها، وفرضت عليه عقابا لا يستحقه. ولو كان جمال تلميذا ميالا إلى المواجهة لأدى ذلك إلى حادثة أكثر خطورة.
يشعر الصف الآن بالارتباك والملل. لقد وصلوا إلى الغرفة وهم يتوقعون أن تسير الأمور كالعادة، إلا أنهم فوجئوا بحوادث غير اعتيادية. وبما أن التلاميذ لم ينفذوا توقعات المعلمة (غير الواقعية) فإنها تفقد أعصابها. يهدأ الأولاد نتيجة ذلك، إلا أنها تسمح لهم بالدخول من دون أن تحصل على انتباههم التام. في هذه المرحلة، يبدو إصرارها على إخراجهم من الصف وإجبارهم على الاصطفاف بلا معنى على الإطلاق. فهي لم تحقق شيئا! المشاغبون الواقفون في آخر الصف لم يعاقبوا على عدم انضباطهم، والاصطفاف كان من دون جدوى. من هنا، سيستغرق التلاميذ وقتا طويلا ليهدأوا بعد دخولهم الغرفة، كما كونوا فكرة سلبية عن اللقاء بأكمله.
مضغ العلكة
السن: الصف التاسع
تفاصيل المشكلة: مضغ العلكة هو أمر غير مسموح به في المدرسة. إلا أن بعض التلاميذ يتجاهلون هذا النظام على الدوام. وهم من التلاميذ الأكثر إزعاجا في الصف.
مثال جيد
يعمل الصف على مهمة فردية. وفيما يتنقل المعلم بينهم لمساعدتهم، يلاحظ بأن فادي يمضغ علكة. فيذهب إلى مقدمة الصف ويحضر سلة النفايات ويضعها تحت فم فادي.
المعلم: فادي! ابصق العلكة في السلة. الآن. أنت تعرف النظام.
فادي: ولكن، أستاذ! أنا لا أعلك.
المعلم: بلى. ابصقها الآن.
فادي: لقد ابتلعتها يا أستاذ. انظر. [يفتح فمه].
المعلم: سأصدقك. ولكن إن رأيتك تعلك مجددا في هذه الحصة ستكون في ورطة كبيرة.
يلاحظ المعلم لاحقا بأن فادي يمضغ علكة من جديد.
المعلم: فادي، تعال من فضلك. [يسير نحو سلة المهملات]
فادي: ماذا، يا أستاذ؟
المعلم: تعال إلى هنا من فضلك.
يحضر فادي إلى حيث يقف المعلم.
المعلم: أترى هذه؟
فادي: ماذا؟
المعلم: سلة المهملات.
فادي: ماذا عنها؟
ينحني المعلم نحو فادي ويتحدث إليه بصوت منخفض كي لا يسمعه الباقون.
المعلم: ابصق العلكة هنا حالا. ولا تقل لي “أنا لا أعلك”، لأنني رأيتك. ستبقى لخمس دقائق بعد انتهاء الحصة لتنظيف الصف. وإن تفوهت بمزيد من الحماقات، ستحتجز لمدة نصف ساعة.
يبصق فادي العلكة ويعود إلى مكانه مرتبكا.
تعليق على المثال الجيد
يحتاج تلاميذ الصف التاسع إلى معاملة مختلفة بعض الشيء وأكثر قساوة من تلاميذ الصف السابع. فنظرا لوجود عنصر مزعج في المجموعة، من الضروري أن يوضح المعلم مدى سيطرته على الوضع. كانت مقاربته الأولى أن طلب من التلميذ أمام الصف كله بصق العلكة في سلة المهملات، فالصف كله يعرف بأن نظام المدرسة يمنع مضغ العلكة في الصف وهذا التلميذ يخالفه عمدا. صحيح أن المشكلة تبدو بسيطة، ولكن إن نجح المعلم في حلها الآن، ستتعزز سلطته بأكملها لأنه أثبت للصف رغبته بتطبيق أنظمة المدرسة.
كما يحدث غالبا، ادعى التلميذ بأنه ابتلع العلكة، مبطلا بذلك طلب معلمه. ولكن عوضا عن الدخول في جدال معه حول ذلك، يحذره مما سيحدث لو ضبطه مرة أخرى وهو يعلك. غير أن الحادثة تتكرر لاحقا خلال الحصة. وهذه المرة، يتبع المعلم مقاربة مختلفة، ويتعامل مع التلميذ على انفراد. فيطلب منه المجيء إليه (وهي طريقة نافعة دوما لإظهار علو منزلتك) ويطلب منه بصق العلكة في السلة، موضحا له هذه المرة عدم جدوى التهرب. ثم يعاقب التلميذ كما وعد، ويجعل العقاب مناسبا للخطأ، ويحذره من أن عقابا أطول ينتظره إن أصر على المعصية.
مثال سيئ
يعمل الصف على مهمة فردية. وفيما يتنقل المعلم بينهم لمساعدتهم، يلاحظ بأن فادي يمضغ علكة.
المعلم: فادي! هل تمضغ علكة؟
فادي: كلا يا أستاذ.
المعلم: بلى. لقد رأيتك.
فادي: كلا، أنا لا أفعل، يا أستاذ. انظر. [يفتح فمه].
المعلم: لقد رأيتك تعلك. لا تكذب. هل لك أن تذهب وتبصقها في سلة المهملات من فضلك؟
فادي: ولكن معلم، أنا لا أعلك.
المعلم: من الأفضل لك ألا تفعل.
يلاحظ المعلم لاحقا بأن فادي يمضغ علكة من جديد.
المعلم: فادي، أظنك قلت بأنك لم تكن تعلك؟
فادي: أنا لا أعلك يا أستاذ، أنا أعض فمي من الداخل. أفعل ذلك حين أشعر بالملل.
المعلم: هل أنت واثق؟
فادي: بالتأكيد يا أستاذ.
المعلم: حسنا إذا.
تعليق على المثال السيئ
هذا المثال سيئ، ليس بسبب حدوث مواجهة، بل لأن التلميذ يتغلب على المعلم في النهاية. ومن شأن هذه الحادثة أن تكون خطيرة في صف يحتوي على مشاغبين. فإن نجا التلميذ بفعلته البسيطة، سيبدأ بتجاوز الحدود ليرى إلى أي مدى يمكنه أن يصل من دون عقاب. يعود القرار إليك كمعلم في تطبيق أنظمة المدرسة، كحظر العلكة. عليك أن تسأل نفسك: هل الأمر يستحق المواجهة التي قد تقع؟ وهل يمكنك استخدام النظام لإثبات سلطتك على نحو هادئ وثابت؟
يعتبر أسلوب المعلم هنا دفاعيا جدا. فهو يسأل التلميذ ما إذا كان يمضغ علكة عوضا أن يقول له بأنه رآه يفعل ذلك. كما أنه يتجنب معاقبة التلميذ، ربما لخشيته مما سيحدث لو أنه فعل. في هذا المثال، من الواضح بأن التلميذ هو الذي يربح المواجهة. فجميع التصريحات الأكيدة تصدر عنه لا عن المعلم. والتعليق الذي يعطيه فادي عن شعوره بالملل يلمح إلى الازدراء الذي يشعر به تجاه المعلم والدرس على حد سواء.
رمي المعجون على الآخرين
السن: الصف الثاني
تفاصيل المشكلة: سالي هي مشكلة حقيقية. فهي مليئة بالحياة، وحين تضجر خلال الحصص، تبدأ برمي المعجون على زملائها. نادرا ما تراها المعلمة تفعل ذلك، إلا أن باقي التلاميذ يتذمرون باستمرار. وفي نهاية اليوم الدراسي، تكون السجادة مغطاة بقطع صغيرة من المعجون.
مثال جيد
يعمل الصف في مجموعات صغيرة على الأوزان. فهم يزنون مواد مختلفة ليروا أيها الثقيل وأيها الخفيف. ولسوء الحظ، كان المعجون من المواد التي يفترض بهم وزنها. الآنسة بنان تراقب عن كثب مجموعة سالي التي كانت على وشك أن تزن المعجون.
الآنسة بنان: عمل جيد، أيتها المجموعة الحمراء. لقد تمكنتم حتى الآن من وزن مختلف المواد. ماذا لاحظتم؟
نادر: المحرمة الورقية خفيفة جدا، آنسة بنان.
الآنسة بنان: عظيم يا نادر. وماذا أيضا؟
رامي: القطعة المعدنية ثقيلة جدا.
الآنسة بنان: ممتاز، رامي. ماذا عن المعجون؟ سالي. ماذا تعتقدين؟ سيكون ثقيلا أم خفيفا؟
سالي: خفيف، يا آنسة.
الآنسة بنان: هل أنت واثقة؟ هل لنا أن نجرب الآن؟
سالي: حسنا. [تزنه.] آه. إنه ثقيل، يا آنسة.
الآنسة بنان: وحين يكون الشيء ثقيلا، ماذا يمكن أن يحدث حين نرميه على شخص ما؟ ماذا تعتقد يا نادر؟
نادر: قد نؤذيه، آنسة؟
الآنسة بنان: صحيح. والآن سالي، هل تظنين أنه من الجيد رمي قطعة معدنية على أحدهم؟
سالي: كلا بالتأكيد.
الآنسة بنان: والمعجون؟
سالي: في الحقيقة، يمكننا رمي القليل منه. وهكذا لن نسبب له الأذى.
الآنسة بنان: ولكن ماذا لو دخل في عينيه؟
رامي: في هذه الحالة، سيسبب أذى كبيرا! في إحدى المرات، دخل الصابون في عيني وآلمني كثيرا. وقد يسبب المعجون الشيء نفسه.
الآنسة بنان: وماذا إن علق على السجادة؟
رامي: ستتسخ كثيرا. انظري يا آنسة، ثمة معجون على السجادة هنا. هذا مقرف!
الآنسة بنان: هل تعتقد أنه من الجيد رمي الأشياء، نادر؟
نادر: في الواقع… يمكننا رمي الكرة في الملعب، آنسة.
الآنسة بنان: وماذا عن الصف؟ ماذا تعتقدين سالي؟
سالي: كلا. لا ينبغي علينا رمي أي شيء في الصف، آنسة.
تعليق على المثال الجيد
في هذا المثال، تعالج المعلمة المشكلة من اتجاه جانبي. فعوضا عن الإمساك بسالي وهي ترمي المعجون، (ما كان سيسبب إشكالية)، تقرر مقاربة المسألة بالمناقشة، محاولة جعل الأولاد يفهمون لماذا لا يجدر بهم رمي أشياء على بعضهم. فتقترب من المجموعة حين أصبحت على وشك أن تزن المعجون وتثني على الفور على طريقة عملهم، لتعطي شعورا إيجابيا حول المواجهة بأكملها.
تناقش العمل معهم، وتحرص على أن يشارك الجميع، لتصل إلى السبب الذي يجعل رمي المعجون على الآخرين خطرا. وهي لا تتهم سالي أبدا بأنها ترمي المعجون على زملائها، بل تشير إلى المشاكل التي قد تنجم إن قام أحدهم بفعل ذلك. وبما أن الحديث لم يكن موجها إلى سالي على الإطلاق، ستضطر على الأرجح لإعادة التفكير بسلوكها. وفي حال واصلت رمي المعجون، بوسع المعلمة العودة إلى هذه المناقشة وإيضاح أسباب ضرورة التوقف عن هذا السلوك.
مثال سيئ
يعمل الصف في مجموعات صغيرة على نشاط فني. فهم يصنعون أشكالا من المعجون لحيوانات مزرعة. كانت الآنسة بنان تساعد المجموعة الخضراء حين تلقت ضربة على رأسها بكرة صغيرة من المعجون.
الآنسة بنان: آخ! من رمى هذه؟ لقد آلمتني فعلا. سالي؟ أأنت من فعل هذا؟ لقد رأيتك ترمين المعجون من قبل.
سالي: كلا يا آنسة، لست أنا، إنه مروان.
مروان: كلا لست أنا. أنت من فعل هذا يا سالي، لقد رأيتك.
الآنسة بنان: سالي، أنت لم ترمي المعجون علي فحسب، بل تكذبين أيضا. أنت سيئة السلوك كثيرا.
سالي: لم أرمها. مروان يكذب.
مروان: كلا، أنا لا أكذب. أنت الكاذبة. كاذبة! كاذبة!
الآنسة بنان: توقفا كليكما! اذهبا واجلسا على السجادة. ما دمتما غير منضبطين، لن تشاركا في النشاطات المسلية.
يجلس مروان وسالي على السجادة. وبعد خمس دقائق، يندلع شجار بينهما.
الآنسة بنان: توقفا على الفور!
تعليق على المثال السيئ
هذه المواجهة محكوم عليها بالفشل منذ البداية. فقد ضربت المعلمة بالمعجون، وهذا ما جعلها انفعالية إزاء الوضع، عوضا عن معالجته بطريقة هادئة وعقلانية. وكانت ردة فعلها الفورية اتهام سالي. ومع أنها قد تكون محقة، إلا أنه من غير العادل لومها من دون دليل قاطع. فتحاول سالي، التي شعرت على الأرجح بالارتباك من سلوكها، بإلقاء اللوم على زميلها. لا شك بأن مروان يشعر بالانزعاج بسبب ذلك. ثم يعاقب على الرغم من عدم ارتكابه أي سوء. فتنتهي الحادثة بمعاقبة التلميذين، والعقاب المفروض عليهما يحرمهما من متابعة العمل. ومن الأفضل بكثير معاقبتهما بطريقة لا تؤثر على دراستهما، وتجعلهما يغيران سلوكهما.
ليس من المستغرب أن ينشأ شجار بين الولدين الجالسين على السجادة، بعد أن شعرا بالضجر لعدم انشغالهما بشيء. فهما يشاهدان الباقين وهم يقومون بنشاط مسل، ما يعتبر غير عادل بالنسبة إلى مروان خصوصا، الذي كان يدافع عن نفسه وحسب حين اتهم عن غير وجه حق!
تأليف سو كولي