التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

أمثلة ونماذج عملية على استخدام منهج تعديل السلوك

عند محاولتنا لتعديل سلوك مثل نوبات الغضب لدى الطفل فإننا نقوم بعدة خطوات منهجية وسوف نقوم بعرض هذه الخطوات بصورة تطبيقية على سلوك “افتعال الطفل لنوبة الغضب” ليكون نموذجًا يمكن تطبيقه على العديد من سلوكيات الطفل التي نرغب في تعديلها مع إضافة التعديلات المطلوبة والتي تخص كل سلوك وكل طفل..
فقد اتفقنا على ضرورة تميز خطة تعديل السلوك بالمرونة بحيث تستوعب كل أنماط السلوك مع إدخال التعديلات الواجبة والتي تتماشى مع:
– طبيعة السلوك المراد تعديله.
– المرحلة العمرية التي يمر بها الطفل.
– المحفزات التي تناسب الطفل وتناسب مرحلته العمرية.
– مهارات الطفل التي يمكن أن تساعده على تعديل سلوكه.
– توافر بدائل للسلوك غير المرغوب تحقق له ما يرغبه من سلوكه الذي نريد تعديله بحيث يحصل على النتائج نفسها ولكن بسلوكيات مقبولة.
وخطوات العمل على تعديل السلوك غير المرغوب تتم على النحو الآتي:

وصف السلوك وتعريفه: يدخل الطفل في نوبات غضب حينما ترفض الأسرة أن تلبي طلباته وما يريد فما يكون منه إلا افتعال نوبة غضب يرتمي على أثرها على الأرض ويبدأ في الصراخ والبكاء الشديد وربما يصدم رأسه في الأرض أو الحائط.

تحديد السلوك: يقوم عمر ذي السنوات الأربع بالدخول في نوبة غضب تشمل صراخًا وبكاءً حادًّا عند رفض أي طلب له بوصف ذلك وسيلة ضغط، ولا يتوقف عن ذلك إطلاقًا إلا إذا تم تلبية رغباته، وأحيانًا تحدث له إصابة أو يختنق وينحصر صوته وربما يبدأ في القيء.

مع من يتم هذا السلوك؟

يتم السلوك مع كل من يمنع عنه شيء يرغبه:
الأم أو الأب.
المعلم أو المعلمة.
الأصدقاء والزملاء.
الإخوة والأقارب من الأطفال.

متى يتم السلوك؟

ليس له وقت محدد، فهو يتم في أي وقت من اليوم إذا ما تم رفض أحد متطلباته.

هل هناك مواصفات معينة للموقف الذي يتم فيه السلوك؟

لا يوجد مواصفات معينة سوى أن الطفل لا يقبل المناقشة ولا يقبل تأجيل رغبته، وقد يظهر السلوك غير المرغوب في المواقف التالية:
1. حينما يرفض أحد تلبية رغبته في طلب ما.
2. عندما نطلب من الطفل التوقف عن نشاط معين لانتهاء وقته.
3. عدم الرغبة في تنفيذ أمر معين وإصرار من طرف آخر على تلبية هذا الأمر.

ما حال الطفل وقت النوبة؟

– يسعى الطفل للحصول على نظر الجميع ويترقب موقفهم ومتابعتهم.
– يزيد الطفل من الصراخ وارتفاع الصوت لو أهمل من قبل الآخرين.
– تزيد النوبة كلما حاول أحد التخفيف من حاله والتودد له في هذا الوقت.
– قد يعرض الطفل نفسه للأذى في زمرة انفعاله.
– يتوقف الطفل بعض الشيء عندما يأتي الكبير له بما يشاء ويسعى لإرضائه.

ما رد فعل المحيطين به عند هذا السلوك؟

غالبًا ما يخشى الكبار استمرار الطفل في هذا الموقف خوفًا عليه من التأثير الصحي عليه فتقول الأمهات إنهن خشين عليه من أن يؤذي نفسه أو يصاب بجرح نتيجة لضرب رأسه واصطدامها بالأرض.
ونتيجة لذلك يسارعن بتلبية رغبات الطفل.
وفي أحيان قليلة تتمسك الأم بالأمر لفترة إلا أنها لا تستطيع الإستمرار وتعاود تلبية ما يريد دون أدنى شروط لذلك، وبالطريقة التي يرغبها وربما أكثر كتعويض له على ما عاناه فترة نوبة الغضب.

الهدف الذي يحققه الطفل من السلوك:

تعلم الطفل أن هذا السلوك يحقق له رغباته، ويسعى الجميع للتواجد حوله، فيحصل الطفل على دعم مادي بتلبية رغباته.
وكذلك دعم معنوي حيث يظل الكبار يدللونه فترة حتى يهدأ فيحتضنونه ويربتون على جسمه، ويضمونه لهم، وربما يحقق فوائد كثيرة منها مثلاً أن ينام وسط الأم والأب خوفًا عليه من كوابيس ما بعد هذه الحالة الهستيرية من البكاء.

خطة العلاج بأركانها

أولاً تحديد الهدف:

نهدف إلى توقف عمر نهائيًّا عن الدخول في نوبات الغضب، واستبدالها باستجابات مقبولة، مثل محاولة إقناع الكبير بما يريد أو التفاوض عليه مقابل بعض الإيجابيات التي يبذلها. وذلك خلال شهر ونصف تتم فيها الخطة العلاجية بطريقة منتظمة.

ثانيًا تحديد شركاء تنفيذ الخطة:

لا بد أن يتفق كل من يتعامل مع الطفل على البرنامج نفسه الذي سيتم وضعه بحيث يطبقه الجميع دون استثناء، فيشمل المدرسة والمنزل فتخبر الأم المدرسة بالبرنامج الذي تتبعه ودور المدرسة فيه.

ثالثًا: تحديد المعززات والمحفزات:

بما أن عمر يبلغ من العمر 4 سنوات فهو في مرحلة الطفولة المبكرة وبالتالي نعتمد أكثر على التحفيز المادي الملموس..
وهنا عليكِ أن تحددي الأمور المحببة لطفلك فمثلاً عند توقفه تدعمينه بالغداء في مطعم إذا كان يحب ذلك ويجتهد ليحصل عليه، أو الحصول على لعبة أو الذهاب للملاهي أو الخروج مع الوالد أو…
وهنا يمكن أن تستخدم الأم أو المعلمة جدولاً يساعدها على تحقيق نتائج محسوبة بدرجات فمثلاً:
في كل مرة لا يغضب فيها الطفل يتم أولاً تدعيمه لفظيًّا.. ثم جلوسه على الكمبيوتر لمدة نصف ساعة ويأخذ نجمة كبيرة ترسمها الأم له على ورقة مقسمة تحمل تاريخ اليوم ووصف للسلوك، يشاهدها الوالد عند الرجوع وتكررها الأم دائمًا، وإذا ما جمع عددًا من هذه النجوم وليكن 3 في البداية يحصل على مكافأة أكبر، وهكذا.

رابعًا: الإجراءات التي تتبع مع الطفل عند حدوث السلوك غير المرغوب أثناء البرنامج

تقوم الأم أو المعلمة بالتالي عند ظهور السلوك غير المرغوب وهو نوبة الغضب أثناء تنفيذ الخطة:
1. تجاهل كامل لنوبة الغضب وكأنها لا تراه.
2. الاستمرار في تعزيز السلوك الإيجابي بكل الطرق.
3. مساعدة الطفل على إظهار سلوك آخر مقبول مثل تكرار كلمة لو قام عمر واعتذر لماما واستمع لها ربما حاولت ماما أن تتفاهم معه حول كذا (طلبه).

خامسًا: خطوات تنفيذ البرنامج:

1. بعد أن حددت هدفك عليك أن تقومي بعمل تخطيط بالأيام يشير إلى أيام الأسبوع.. وترصدين في كل يوم سلوك الطفل وقت الغضب أو رفض طلب له يريده.
2. عند ظهور نوبة الغضب عبري عن تجاهلك وعدم اهتمامك.
3. بعد أن يتوقف بمفرده عنها دعيه يأتي إليكِ ضعي يديك عليه وأبلغيه أن هذا السلوك غير مرغوب وأنه لن يؤدي إلى تحقيق رغبته.
4. عبري له عن إحساسك به، وشعورك بمدى ضيقه نتيجة لقيامه من أمام الكمبيوتر أو اللعب وكأنك تشيرين إلى أنك متفهمة غضبه، لكن ليست هذه هي الطريقة المثلى للتعبير عن ذلك.
5. تحدثي معه حول طرق أخرى أكثر قبولاً مثل:
يمكن أن تأتي تقول لي يا ماما أريد أن أستكمل لعبتي، فربما تقول لك ماما على اقتراح آخر، أو أن لديها مفاجأة أخرى تريدك أن تقوم لها. يمكن أيضًا أن تتفق مع ماما على موعد آخر خلال اليوم تستكمل فيه لعبك فربما تجدك ماما طفلاً مطيعًا فتوافق على ذلك بعد أن ترتاح عيناك أو…
6. إذا حدث ذلك الذي طلبته منه في اليوم التالي أو بعدها شجعيه ودعميه بقوة، واستخدمي كل الطرق التي شرحناها في المعززات بحيث يرسخ هذا السلوك لديه. وعبري له أنت ومن حولك على سعادتك بتغيره وأن هذا هو فقط المقبول والذي يمكن أن يتيح له تحقيق ما يريد.
7. سجلي تطور السلوك المرغوب واختفاء السلوك غير المرغوب، بحيث يكون هناك نسب تحدد لك مدى التطور أسبوعيًّا، بحيث يمكنك (تقييم الخطة والتنفيذ) وبالتالي إدخال التعديلات الممكنة.
8. ركزي دائمًا على تعليم الطفل بدائل أخرى للتعبير عما بداخله من غضب، مثل أن يدخل ليجلس بمفرده لدقائق، أو يندمج في عمل آخر حتى يرى الوالدين طريقته المهذبة ويتناقشا معه فيما يريد.
9. استمري في تقوية السلوك المرغوب وأنواعه المختلفة بحيث ينسى السلوك غير المرغوب.
10. عبري لطفلك عن سعادتك بتغيره، وعن أن ما كان يظهره من سلوك كان يجعل الآخرين يرفضونه وكان سيفقد فيه الكثير..

الخلاصة:

كان هذا نموذجًا لسلوك غير مرغوب نريد أن يتوقف الطفل عنه ويتعلم سلوكًا غيره أكثر قبولاً من الآخرين، وأكثر راحة له مع تحقيق النتائج نفسها التي كان يحققها من السلوك غير المرغوب، ولكن بميزة جديدة وهي تقبل المحيطين وتعزيزهم له..

كان هذا نموذجًا يمكن تطبيقه على الكثير من المشكلات السلوكية للطفل مثل:
– قضم الأظافر.
– ضرب الأطفال.
– الأنانية.
– عدم الالتزام بالنظام.
– التبول اللاإرادي (بعد استبعاد الجانب الطبي).
– عدم الجلوس للمذاكرة.
– التلفظ بألفاظ غير لائقة.
وبالطبع سيكون ذلك مع مرونة في التنفيذ والتخطيط بما يتفق مع السلوك وحالة الطفل واستعداده.