ليس هنالك ما يشابهك تماماً. وهنالك عدد من المبادئ فقط تنطبق علينا جميعاً نحن بني البشر – فمثلاً نحن جميعاً نحتاج إلى الفيتامينات إلا أن مقدار ما نحتاجه منها ليعطي قمة الفاعلية يختلف من شخص لآخر. ويعتمد هذا على الديناميكا التطورية التي ورثتها عن والديك إضافة لما ورثته من عوامل الضعف والقوة، وتفاعل عواملك الوراثية هذه مع بيئتك ابتداء من مراحل تطور الجنين الأولى. إن التفاعلات المعقدة بين هذه العوامل هي التي تؤمن ولادة كل فرد منا وهو متفرد كيميائياً وحيوياً بالرغم من وجود سمات التشابه الظاهرية.
يُسمى هذا المبدأ بالتفرد الكيميائي الحيوي (Biochemical Individuality) وقد افترضه الدكتور Roger Williams لأول مرة عام 1956. كما اكتشف هذا الدكتور فيتامين B5 (حامض البنتوثنيك) واستخلصه أيضاً، وهو أحد رواد مفهوم التغذية المثلى. وقد واصل الدكتور Williams أبحاثه وكتاباته ومحاضراته بحيوية بارزة حتى التسعينات من العمر. وقد أبرز في كتابه «التفرد الكيميائي الحيوي» كيف تختلف أحجام أعضاء كل منا وكيف نمتلك مستويات مختلفة من الأنزيمات وحاجات مختلفة للبروتين والفيتامينات والمعادن. وإن اختلافاً يضاهي العشرة أمثال من الحاجة للفيتامينات بين الأفراد يعد مقبولاً. فقد وجد على سبيل المثال أن نسبة فيتامين A في دماء 92 فرداً ممن يتناولون غذاءً متشابهاً تختلف بنطاق يزيد عن ثلاثين مرة. وقد أظهرت الاختبارات المكررة بأن مستوى فيتامين A في دماء الأفراد يبقى ثابتاً ومستقراً بالرغم من أنه يختلف تماماً بالكمية من شخص لآخر، وهذا يؤشر إلى الحاجة الكبيرة لهذا الفيتامين بين أفراد الجنس البشري.
يعاني بعضنا من صعوبة في هضم البروتينات أو الدهون أو من حاجة أكثر لفيتامين معين لا نحصل عليه من الغذاء الاعتيادي. ويتوضح هذا المثال جيداً من خلال مرض نقص الفيتامين المسمى بالبلاغرا (Pellagra)، والذي تتلخص أعراضه باعتلال عصبي يرتبط أحياناً بمشاكل هضمية وجلدية. ويكفي 10 ملغ من فيتامين B3 (النياسين) لمنع البلاغرا في معظم الناس، وهي الكمية التي تجدها في حفنة من الرز أو البندق، بينما وجد الدكتور Abram Hoffer، وهو مدير الأبحاث النفسية لجزء من كندا، إن عدداً من مرضى الفُصام (Schizophrenia) يتحسنون عند أخذ 1000 ملغ أو أكثر من فيتامين B3 يومياً. أي يحتاج هؤلاء الناس إلى مائة مرة أكثر من المعدل العادي للفيتامين للبقاء أصحاء. ومرة أخرى تقلل هذه المعلومات من شأن ما يسمى بالـ RDA أو المقرر اليومي والمصطلح عليه بالمنسوب اليومي السخيف (Ridiculous Dietary Arbitraries) من قبل الدكتور Stephen Davies أحد الباحثين المتقدمين في مجال التغذية بإنكلترا. وكيف يتسنى لك أن تعرف بأن ما أقرته دولة ما من معدل RDA، والذي يختلف بين دولة وأخرى، هو ملائم لك أم لا؟
من المهد إلى اللحد
ما يحصل خلال فترة الحمل والولادة له تأثير كبير على الصحة في مراحل الحياة اللاحقة. فتزداد، في الحقيقة، أمراض القلب والأوعية الدموية بصورة ملموسة لدى الأشخاص الذين ولدوا بأوزان منخفضة. نسبة لبحث أجراه البروفسور Barker من وحدة الأمراض البيئية في مجلس البحوث الطبيعية، Southampton والبروفسور Derek Bryce-Smith من جامعة Reading الذي وجد أنه من تحليل مستوى الرصاص والكادميوم والزنك في أنسجة المشيمة يستطيع أن يخمن وبدقة وزن الوليد ومحيط رأسه. وهذا يعني أنه إذا ما تعرضت والدتك إلى غاز عادم يحتوي الرصاص أو لدخان سيجارة تحتوي على الكادميوم أو كانت تفتقر إلى عنصر الزنك سيكون لكل هذا آثاره الجانبية عليك. وقد استنتج البروفسور Bryce-Smith من خلال أبحاثه أن أي طفل يلد وزنه أقل من 6.9 باوند يتوجب الاستقصاء عما إذا كان سبب ذلك هو النقص الغذائي.
غذاء رجل… سم لآخر
يعاني واحد من كل عشرة من الناس من الحساسية، حسبما أورده أطباء الكلية الملكية البريطانية. وفي الحقيقة تقترب هذه النسبة من واحد إلى ثلاثة ويكون الغذاء العامل المشترك المثير لأعراض الحساسية وكما قال الفيلسوف لوكريتيوس في سنة 50 قبل الميلاد «إن غذاء رجل هو سمّ لآخر».
ولا تحصل معظم العوارض عادة فوراً بعد تناول الغذاء الضار بل تتسلل إلى الجسم تدريجياً وقد تكمن لسنوات دون أن تعرف ذلك الغذاء غير الملائم فضلاً عن ذلك قد لا يشعر معظم الناس بأنهم غير أصحاء فعلاً وبذا لا يعرفون الفرق. تلك هي بعض أمثال توضح كيفية اختلاف معدل التغذية المثلى بين الناس والأفراد. وسيمنحك هذا الكتاب الفرصة لكي تمتحن عوامل أسلوب حياتك الرئيسية التي تشكل حاجاتك الغذائية وتقدر حاجاتك الغذائية الشخصية على ضوء أعراضك، وليس على أساس مقاييس ومفاهيم عامة وشكلية. وبعد ذلك تبقى محاولات التعلم من ممارسة الخطأ والصواب وملاحظة أي الأغذية تجعلك تشعر أحسن وأيها تفتت طاقتك.
الأعراض المتصلة بالحساسية الغذائية
الخوف
التهاب القولون
حمى القش
ألم المفاصل
داء كرون
الصداع
الربو
الاكتئاب
مرض الأمعاء الالتهابي
قلة الاهتمام
التهاب الجلد
الأرق
التبول الليلي، بلل الفراش
السكري
اضطرابات التعلم
التهاب القصبات
الإسهال
التهاب الكلية
الوهن المزمن
التهاب الأذن
اضطرابات النوم
أمراض القولون
الأكزيما
التهاب اللوزتين
بعض الإرشادات التي تساعدك في التعامل مع خصوصيتك الكيميائية الحيوية:
● لاحظ بعد أي من الوجبات تشعر بالسوء، فتش عن الغذاء المشترك فيها واستبعده لمدة أسبوعين ثم لاحظ كيف سيكون شعورك.
● ليس ما يتحمله الآخرون من غذاء يعني بالضرورة أنه مناسب لك.
● تحسس حاجتك الغذائية الذاتية (انظر الجزء 6) ثم قم بإضافة المغذيات الموصَى بها حتى تشعر بالصحة وبأنك مفعم بالطاقة وخالٍ من العوارض.
● ابحث عن أسلوب الحياة الملائم لك وكيِّف حياتك وَفْقاً لذلك.
● إذا كان في عائلتك تاريخ لمشكلة صحية، إصغِ بانتباه للإرشادات الواردة في هذا الكتاب حول منعها وكيّف تغذيتك وفقاً لذلك.
● استمع إلى جسمك فهو الذي يقول لك أكثر من أي خبير.