يأخذ التوتر أشكالاً مختلفة، وبعضها أوضح من البعض الآخر
. حدد نوعية التوتر الذى تشعر به
باستثناء لو افترضنا أنك تعيش في كهف لا تمتلك فيه تلفازًا (وهى – في الواقع – ليست طريقة سيئة للتخلص من التوتر في حياتك)، فربما سمعت بعض الأمور عن التوتر في وسائل الإعلام أو حول آلة إعداد القهوة في العمل، أو في المجلات والصحف التي تقرؤها. فما هو التوتر بالضبط؟ إن التوتر يتأتى في صور كثيرة، بعضها أوضح من البعض الآخر. بعضها حاد وبعضها يأتى في صورة نوبات، والبعض الآخر مزمن. فالتوتر الحاد هو نتيجة التغيير، والتوتر الذى يكون على صورة نوبات هو نتيجة كثرة التوتر الحاد – تغير بعد آخر بعد آخر. والتوتر المزمن من ناحية أخرى، ليس له علاقة بالتغيير. فالتوتر المزمن طويل المدى ومتكرر وقاسٍ على الجسم أو العقل أو الروح.
. إذا كان التوتر الذى تشعر به حادًا، حدد السبب
التوتر الحاد هو شىء يزعج توازن جسمك. إنك معتاد على وضع معين للأمور – بدنيًّا وعقليًّا وعاطفيًّا، بل وكيميائيًّا. والساعة البيولوجية في جسمك مضبوطة على أوقات محددة للنوم، وترتفع طاقتك وتنخفض في أوقات محددة، ويتغير مستوى السكر في دمك استجابة للوجبات التي تتناولها في أوقات محددة كل يوم؛ لكن عندما يحدث شىء يغير أسلوب حياتك، سواء كان ذلك الشىء تغيرًا ماديًّا (مثل نوبة برد أو التواء كاحلك)، أو تغيرًا كيميائيًّا (مثل الأعراض الجانبية للأدوية أو التقلبات الهرمونية التي تتبع الولادة)، أو تغيرًا عاطفيًّا (مثل الزواج أو موت شخص تحبه)، فإن توازنك يتأثر. فلقد مررت بتغيير، ومع هذه الثورة يأتى التوتر.
. مثال على التوتر الحاد
التوتر الحاد قاسٍ على أجسامنا وعقولنا لأن البشر مخلوقات تحكمها عاداتها، والعادة ليس المقصود بها فقط فنجان القهوة الصباحى أو الجانب المفضل من السرير. وإنما تشمل الآثار الدقيقة والمعقدة للعوامل البدنية والكيميائية والعاطفية الداخلية في أجسامنا. لنقل إنك تقوم من نومك وتذهب إلى العمل 5 أيام كل أسبوع، تنهض في السادسة صباحًا، وتتناول قطعة كعك مع فنجان القهوة، ثم تسرع نحو المترو. ومرة في العام، تذهب إلى مكان ما لقضاء عطلتك، ولمدة أسبوعين تنام حتى الحادية عشرة صباحًا، ثم تستيقظ وتتناول وجبة مدهشة. وهذا يسبب التوتر، أيضًا، لأنك غيرت عاداتك. ربما تستمتع بذلك، لكن إذا أصبحت تنام فجأة في ساعات مختلفة وتتناول أشياء مختلفة، فإن ساعة جسمك وكيمياء دمك ستحاولان ضبط نفسيهما.
. حدد الأساليب المناسبة لك
يرغب البشر في درجة معينة من التغيير ويحتاجون إليه، وهذا يجعل الحياة مثيرة ومليئة بالأحداث التي يمكن تذكرها فيما بعد. وهنا يأتى السؤال المهم: ما مدى التغيير الذى تستطيع تقبله قبل أن يبدأ التغيير في التأثير عليك سلبًا؟ وهذه مسألة تختلف تمامًا من شخص لآخر. ليست هناك معادلة واحدة يمكن أن تحسب “الحد الأقصى للتوتر” على أي شخص لأن مستوى التوتر الحاد الذى يمكنك تحمله يُرجح أن يكون مختلفًا تمامًا عن مستوى التوتر الذى يتحمله أصدقاؤك وأقاربك. وعلى المستوى الجوهرى، فالموضوع عبارة عن سيناريو يحدده نوع الأمور المناسبة لك. إذا كان البقاء في الخارج لوقت متأخر في اليومين السابقين للعطلة الأسبوعية يجعلك تشعر بالإنهاك صبيحة أول أيام العمل في الأسبوع التالى، فإنك تنتهك روتينك بشكل زائد عن الحد المقبول، وبذلك تسبب لنفسك الشعور بالتوتر. عدّل عاداتك بحيث يمكنك التأخر خارج المنزل ليلة واحدة في نهاية كل أسبوع وانظر ما إذا كان ذلك يناسبك بشكل أفضل.
. إذا كان التوتر في صورة نوبات، حدد السبب
قد يبدو الأشخاص الذين يعانون من نوبات التوتر كما لو أنهم يمرون بنوبات من الشعور بمأساة، ولعلك تعرف أشخاصًا يمثلون الصورة النموذجية لأعراض نوبات التوتر. ويميل هؤلاء إلى أن يكونوا عاطفيين بشكل مزعج أو شديدى الانفعال أحيانًا أو سريعى الغضب أو ثائرين أو قلقين. لو مررت بأسبوع أو شهر أو حتى عام بدا أنك تعانى فيه من الكوارث الشخصية الواحدة بعد الأخرى، فسوف تعرف كيف يبدو التعامل مع نوبات التوتر.
. مثال على نوبات التوتر
تخيل هذا السيناريو: أولاً، يتعطل الفرن الموجود في منزلك، ثم تسترد شيكًا، ويرفض البنك صرفه؛ ثم تُحرر لك مخالفة مرورية لتجاوز حد السرعة المقرر؛ ثم تقرر أسرتك الإقامة معك لمدة أربعة أسابيع؛ ثم تصطدم أخت زوجتك في باب الجراج الخاص بك بسيارتها؛ ثم تصيبك نوبة برد. حلقة بعد أخرى من التوتر!
لكن نوبات التوتر، مثل الضغط الحاد، يمكن أن تأتى في صور أكثر إيجابية. على سبيل المثال، عندما تعيشين قصة حب عنيفة يتبعها حفل زفاف ضخم ثم شهر عسل في بالى وأخيرًا تنتقلين إلى منزل جديد مع زوجك، وكل ذلك في عام واحد، فإن هذا تسلسل أحداث يحتوى على قدر لا يعقل من التوتر. هل تشعرين وسط ذلك بالمرح؟ بالتأكيد، ورومانسية؟ نعم. لكن ذلك لا يزال مثالًا على التوتر الانتيابى في أسعد تجلياته وإن لم تكن أقل في التأثير على النفس.
. لا تقلق!
أحيانًا، تأتى نوبات التوتر في صورة أكثر خداعًا: ألا وهى القلق. فعندما تقلق على أمور ما، يبدو الأمر كما لو أنك تعد للتوتر أو التغيير قبل أن يقع. قد يكون السبب في القلق الزائد مرضًا يتسبب في القلق، لكن حتى عندما لا يكون القلق مزمنًا لهذه الدرجة، فإنه يستهلك طاقة الجسم، وفى العادة دون سبب وجيه. القلق في العادة ليس أكثر من توقع أمور فظيعة من غير المرجح أن تحدث، والقلق والتلهف الذى يمكن أن ينتج عنه يمكن أن يسبب أعراضًا عاطفية وإدراكية وبدنية معينة، مثل سرعة خفقان القلب وجفاف الحلق وسرعة التنفس وآلام العضلات والإرهاق، مما يؤدى إلى الخوف والذعر والغضب والاكتئاب.
. هل أنت دائم القلق؟
اسأل نفسك كم من العبارات التالية ينطبق عليك؟
• تجد نفسك تقلق على الأشياء التي من غير المرجح أبدًا أن تحدث، مثل المعاناة من حادث غريب أو الإصابة بمرض دون أن يكون هناك سبب لهذا الاعتقاد.
• تعانى من صعوبة النوم، لأنك لا تستطيع تهدئة قلقك الشديد أثناء اضطجاعك على سريرك ليلاً.
• عندما يرن الهاتف أو تصلك رسالة إلكترونية، فإنك تتخيل على الفور أنك على وشك سماع أخبار سيئة.
• تشعر أنك يجب أن تتحكم في سلوكيات الآخرين لأنك تقلق من أنهم لا يستطيعون العناية بأنفسهم.
• لديك حرص مبالغ فيه بشأن المشاركة في أي سلوك يمكن أن يصيبك أو يصيب من حولك بأذى، حتى إذا كانت المخاطرة بسيطة (مثل قيادة السيارة أو زيارة مدينة كبيرة).
إذا كانت واحدة فقط من هذه الخصائص موجودة فيك، فربما أنك تقلق أكثر مما يجب. إذا كانت أغلب هذه العبارات أو معظمها ينطبق عليك، فربما يكون للقلق تأثير سلبى واضح عليك.
. إذا كان التوتر مزمنًا، حدد السبب
يختلف التوتر المزمن اختلافًا كبيرًا عن التوتر الحاد، على الرغم من أن آثارهما طويلة الآجل ومتشابهة بدرجة كبيرة. على سبيل المثال، إذا كان هناك شخص يعيش فقيرًا منذ سنوات طويلة، فإنه يعانى من توترات مزمنة. ومثله شخص يعانى من مرض مزمن مثل الروماتيزم أو الصداع النصفى أو أية حالة مرضية أخرى تتسبب في ألم دائم؛ حيث إن العيش وسط أسرة ممزقة أو ذات مستوى متدنٍ يمكن أن يكون أيضًا من ضمن أسباب التوتر المزمن. قد يكون هذا التوتر المزمن واضحًا لدى بعض الأشخاص. فربما أنهم يعيشون في ظروف مرعبة أو أنهم مضطرون لتحمل إساءة قاسية. أو ربما أنهم يعيشون في بلدة مزقتها الحروب أو يعانون من التمييز. وهناك حالات أخرى تكون الضغوط المزمنة فيها أقل وضوحًا، مثل وجود شخصية تبغض وظيفتها وتشعر أنها لا يمكن أن تحقق أحلامها. وكذلك الشخص الذى يشعر أنه محاصر في علاقة مشبوهة. أحيانًا، يكون التوتر المزمن نتيجة توتر حاد أو توتر يأتى في صورة نوبات. ويمكن أن يتطور المرض الحاد ويصبح ألمًا مزمنًا. فالطفل الذى يعانى من سوء المعاملة يمكن أن يعانى عندما يكبر من كراهية الذات أو ضعف تقدير الذات.
. طرق أخرى لتصنيف التوتر
بعض المدارس الفكرية تفترض أن هناك أربعة أنواع رئيسية للتوتر:
• التوتر الإيجابى هو نوع من التوتر قصير الأجل الذى يعطيك قوة لحظية، ويحدث في أوقات زيادة النشاط البدنى والحماس والإبداع. على سبيل المثال، يشعر لاعب القوى بالتوتر الإيجابى قبل بدء المنافسة.
• التوتر الضار هو التوتر السلبى الناشئ نتيجة التغيرات الدائمة في الروتين، ويسبب شعورًا بعدم الراحة وعدم الألفة، وهناك نوعان لهذا التوتر: حاد (قصير وشديد) ومزمن (طويل لكنه ليس بالضرورة شديدًا).
• الضغوط المفرطة وتحدث عندما يتجاوز شخص ما الحد الذى يستطيع تحمله، وهذا النوع من التوتر ينشأ نتيجة الإفراط في العمل أو شدة الارتباك.
• التوتر المنخفض وهو عكس التوتر المفرط، ويحدث عندما يشعر الشخص بالتراخى أو الملل، وغالبًا ما يتعرض لهذا التوتر أي شخص قليل الراحة ويحتاج الإلهام.
. استشر طبيبك
إن التوتر مفهوم بسيط، لكن التفاصيل المحيطة به يمكن أن تكون مربكة، وهناك أشياء كثيرة يمكنك القيام بها بنفسك لتتعامل مع الموقف المثير للتوتر. يمكنك قراءة الكتب التي تتناول موضوع التوتر والبحث في مواقع الإنترنت عنه، ويمكنك أيضًا أن تتحدث إلى الأسرة والأصدقاء وزملاء العمل عن تجاربهم في هذا الشأن. وكل هذه تعد خيارات جيدة، لكنك قد تصل إلى نقطة تحتاج فيها أو ترغب في رأى أكثر ارتباطًا بشخصيتك ويستند إلى آراء المتخصصين. وفى هذه الحال، استشر طبيبك. ومع ذلك، فقبل أن تفعل ذلك، اقض بعض الوقت في كتابة بعض أفكارك بشأن ما قد يكون السبب في الضغوط التي تشعر بها في حياتك، واطرح هذه الأفكار والأسئلة في لقائك مع الطبيب، ولا تنصرف إلا بعد أن تكون قد حصلت على إجابات عنها جميعًا.
. قم ببعض الخطوات التي تمكنك من الحصول على قسط كافٍ من النوم
بناءً على نوع التوتر الذى تعانى منه، قد تعانى من عدم وجود وقت كاف للنوم؛ لكن النوم مهم للغاية من أجل صحتك العامة، وقد يتطلب الحصول على قسط كاف من النوم الالتزام بمنهج مزدوج:
1. أفسح وقتًا مناسبًا للنوم.
2. عالج اضطرابات النوم.
مع ذلك، إذا لم تكن تعانى من مشاكل في النوم، لكنك بحاجة إلى تحديد وقت مناسب للنوم، أو إذا كانت لديك وفرة في الوقت لتنام لكنك تعانى من مشاكل في النوم، فمن الواضح أنك بحاجة إلى الالتزام بمنهج واحد. وفى كلتا الحالتين، إذا لم تكن تحصل على قسط كاف من النوم، فإنك تسمح للتوتر بالزيادة، وتفرط في صحتك وربما تؤدى عملك بمعدل أقل مما يمكنك.
. اقطع على نفسك التزامًا
حدد السبب الذى يمنعك من الحصول على نوم كاف، ثم اقطع على نفسك التزامًا بتغيير روتينك. كيف يمكنك إعادة ترتيب جدولك لتجعل بعض الأشياء تتم مبكرًا عن المعتاد، لتستطيع النوم في وقت مبكر؟ هل تستطيع إعادة ترتيب جدولك لتتمكن من تأخير موعد قيامك من النوم؟ إذا كنت تسهر إلى وقت متأخر لمشاهدة التلفاز أو تصفح الإنترنت، فحاول التوقف عن متابعة هذه الوسائل الإعلامية لبضع ليال لترى مدى التغيير الذى يحدث لمزاجك ومستوى طاقتك نتيجة الحصول على قسط إضافى من النوم.
. حدد موعدًا للنوم
حدد موعدًا ثابتًا للنوم، ويُنصح الأبوان غالبًا بتحديد نظام روتينى لأطفالهم الذين يرفضون النوم، لكن هذا الأسلوب ينجح مع البالغين أيضًا. يجب أن يشمل روتين حياتك على سلسلة من الخطوات التي تؤدى إلى الاسترخاء – على سبيل المثال، الاستحمام أو الاغتسال، ثم ربما تقضى دقائق قليلة للتنفس بعمق أو القيام بأى أسلوب آخر للاسترخاء، مثل تناول فنجان من الشاى العشبى، أو قراءة كتاب جيد بدلاً من مشاهدة التلفاز أو الجلوس أمام الحاسب الآلى. وحاول ألا تتعود على النوم أمام التلفاز. فبمجرد أن تصبح عادة لديك، فإن النوم دون تشغيل التلفاز ربما يستغرق وقتًا أطول، وربما لا تنام أيضًا. إذًا، فليس هناك مفر من الالتزام بإجراءات صارمة لتنظيم النوم.
. لا تحمل نفسك ضغوطًا عندما لا تستطيع النوم
لا تحمل نفسك ضغوطًا بسبب عدم القدرة على النوم. فليلة واحدة لا تستطيع النوم فيها بعمق لن تضرك ما دمت تحصل في العادة على قسط كاف من النوم. وبدلاً من الرقود في الظلام، تتقلب يمينًا ويسارًا في إحباط، افتح الأنوار وأحضر شيئًا لتقرأه. هيئ لنفسك سبل الراحة. اشرب كوبًا من اللبن الدافئ أو شاى البابونج، أو مارس التأمل، أو تنفس بعمق. وحتى إذا لم تكن تستطيع النوم، فعلى الأقل أوجدت لنفسك حالة من الاسترخاء، وربما تشعر بالنعاس بعد قليل.
. اطلب المساعدة للتغلب على الأرق
إذا كنت تواجه مشاكل في النوم، فجرب الحلول التالية:
• لا تفرط في تناول المنبهات، أو تناول أي طعام يحتوى على الكافيين بعد الغداء.
• تناول عشاءً خفيفًا منخفض الدهون والكربوهيدرات، وتناول الفواكه والخضراوات الطازجة والحبوب الكاملة بدلاً من الحبوب المكررة، والبروتين منخفض الدهون، مثل الأسماء والدجاج والبقوليات ومعجون فول الصويا لتساعد جسمك للوصول إلى حالة أكثر هدوءًا واتزانًا عند وقت النوم. تجنب تناول الأطعمة التي تحتوى على نسبة مرتفعة من الدهون والمعالجة بإفراط في المساء.
• تناول عشاءً خفيفًا. فتناول العشاء الدسم في وقت متأخر يتسبب في إزعاج جهازك الهضمى، وللحصول على نوم هادئ في الليل، اجعل وجبة العشاء أخف وجبة في اليوم.
• لا تتناول المشروبات الكحولية. فالبعض يتناولها ظنًا منهم أنها تساعد على النوم، بينما هى في الواقع تسبب الأرق، وتجعل نومك أقل هدوءًا. وقد تتسبب الكحوليات أيضًا في تفاقم مشكلة الشخير وصعوبة التنفس أثناء النوم.
• مارس التمارين بشكل كافٍ على مدار اليوم. فالجسم الذى يمارس التمارين بالقدر المناسب ينام بشكل أسرع ولفترة أطول وبفوائد أكثر.
إذا كنت لا تزال تواجه مشاكل في النوم، فاستشر الطبيب في هذا الشأن؛ حيث تُظهر الدراسات أن ثلثى الأمريكيين لم يسألهم أطباؤهم أبدًا عن جودة نومهم، ولكنها أظهرت أيضًا أن 80% منهم لم يناقشوا الموضوع أبدًا مع أطبائهم. فأخبر طبيبك أنك قلق بشأن مشاكل النوم. فربما يكون لديه حل بسيط.