التصنيفات
تطوير الذات

أن تصبح ساخطاً | السيطرة على الغضب

من المفترض ألا يكون الغضب سوى رسالة مقتضبة تنبهك لحدوث أمر خاطئ، ولا يقول فيها سوى: “انتبه! شيء ما يعترض طريقي، أحتاج إلى إبعاده من أمامي”. ويكون الهدف أن تستقبل هذه الرسالة، وتفعل شيئا مثمرا ثم تتخلى عن غضبك.

لكن ماذا إذا حدث شيء ما خطأ؟ على سبيل المثال، أن تجد ابنتك المراهقة تُهمل تنظيف غرفتها لعدة أيام، فتغضب منها وتأمرها بتنظيف الغرفة؛ وبدلا من أن تنصاع هي لأوامرك، تتأفف فحسب وتُغادر؛ بعدها بثلاثة أيام، لازالت الفوضى تعم الغرفة، فيجن جنونك أكثر، وتعيد إخبارها مرة ثانية بأن تنظف غرفتها، ثم تتجاهل هي الأمر للمرة ثانية، ثم يحدث هذا مرارا وتكرارا.

مع الوقت، يتراكم الغضب بداخلك ويتحول إلى نوع من السخط، وما ينبغي أن يكون أمرا عارضا سريعا إذا به يتحول إلى ماراثون طويل.

سنقدم لاحقا بعض الطرق التي تُساعدك على التعامل مع هذا النوع من السخط، من بينها التسامح بصفة خاصة؛ ولكن الآن سنحدد فقط السمات الرئيسية لنرى ما إذا كان هناك سخط يُثقل كاهلك. لذا دعنا نتحقق مما يشبهك من الصفات التالية:

• تجد نفسك مُحملا بمشاعر وأفكار تجاه شخص بعينه لكنك لا تستطيع التخلص من أى منها.
• لا تُفكر سوى بالأمور السلبية التي قام بها هذا متجاهلا صفاته الإيجابية.
• أحيانا تعتقد أنك تكره ذلك الشخص الذي أثار سخطك.
• تراه كأنه شخص سيئ وليس على أنه أحد الأشخاص الذي قام ببعض الأمور التي تبغضها.
• تتأثر حياتك بسبب الوقت الطويل الذي تضيعه في التفكير في الشخص الذي تبغضه.

إذا انطبق عليك واحد أو أكثر من تلك الأمور، فاعلم أن بداخلك غضبا متراكما تحول إلى سخط واستياء.

“لا تدع أى شخص يستأجر مساحة من عقلك مجانا”. هذه مقولة سمعناها للمرة الأولى في لقاء مفتوح لجماعة “مدمني الكحوليات المجهولين” منذ عدة سنوات؛ كان قائلها، ويُدعى إد، يقصد بحديثه إدمانه للكحول. يقول إد إنه كان قد حدثت له انتكاسة مرات عديدة خلال السنوات العشر الماضية؛ وفي كل مرة يعود فيها لإدمان الكحول يكون السبب في ذلك شعورا بالسخط أخذ ينمو ويزداد بداخله. في البداية لم يكن الغضب بداخله سوى حصاة تترنح في عقله، ثم أصبحت في حجم صخرة، ثم تصلبت كجلمود صخر، فصارت كالجبل. وكلما ازداد حجم هذه الحصاة، ازداد الوقت الذي تستغرقه والمجهود الذي تحتاجه للتعامل معها. في النهاية، وجد نفسه يقضي ساعات من وقته يوميا وهو يُفكر في عدة أشخاص أساءوا معاملته -زوجته السابقة، وصاحب عمله القديم، وابنته التي تركته- فأصبح يراهم الشر بعينه؛ يقول: “لقد أنهكتني الكراهية”. فأصبح مقهورا يستحوذ الغضب على جسده وعقله. حينها انتكس “إد”، وعاد لإدمان الكحول في محاولة بائسة منه لينسى آلامه. ولكن حتى ذلك الإدمان كانت له نتائج عكسية، “كنت أشرب لأنسى، وبدلا من أن يحدث هذا، كان يزداد غضبي مع ازدياد إسرافي في الشراب. لذا كنت أشرب أكثر كي أنسى ما يحاول عقلي المدمن تذكره”. أنهى “إد” حديثه ليحتفل بمرور خمس سنوات عليه دون أن يثمل. وكانت وصفته للتعافى هى أن يتخذ بعض الوقت صباحا ومساء ليتخلص من مشاعر الاستياء بداخله وليكن شاكرا على كل الأمور الجيدة الموجودة فى حياته.

تقدم لنا قصة إد درسين رئيسيين:

1. التشبث بالسخط يُدمر حياتك، الأمر الذي لا يتضح إلا بعد مرور الوقت، فبعد أن تتخلى عن سخطك، ستُدرك كم كان ذلك مضيعة للوقت وللمجهود. لسوء الحظ، أنت لا ترى الأمر من هذه الزاوية طالما أنك متمسك بالسخط الذي بداخلك؛ بل على العكس، تبرر لنفسك أسباب غضبك، كأن تقول لنفسك: “ألا ترى ما فعله ذلك الشخص لي!” ويدور ببالك أفكار مثل: “كيف يمكنني ألا أنشغل به؟ كيف لي ألا أرغب بالانتقام منه؟ لماذا يجب أن أمنع نفسي من كرهه؟”. سيبدو لك سخطك كأنه طوق نجاة في بحر من اليأس، وما لا تستطيع أن تراه هو أن البحر ليس بذاك العمق الذي تتصوره، فلتترك هذا الطوق وحسب وسوف تجتاز هذا البحر عائدا إلى الشاطئ.

2. من المفيد أن يكون لديك بعض الشعائر اليومية تقوم بها حينما تحتاج أن تتخلص من السخط. فمشاعر السخط مثابرة وخدّاعة؛ وقليل هم من يستطيعون التخلص منها مع أول مرة يحاولون فيها. فمشاعر النقمة والاستياء تميل لأن تحوم حول روحك منتظرة الفرصة لتعود مرة أخرى (مثل الإدمان، وهذا يفسر لماذا يسبب الغضب مشكلة للمدمنين الذين يسعون للتعافي). وضع “إد” لنفسه روتينا يقوم به مرتين يوميا يساعده على أن يتذكر في كل يوم أن يقدّم الشكر على الاستياء، وأن يضع فرحه بالحياة قبل غضبه منها.

هل أنت مستعد لترك طوق السخط لتسبح بحُرية من جديد في بحر الحياة؟ أي نوع من الروتين سيعينك على أن تكسر من حدة غضبك؟