إن فيتامين ج مفيد لك فعلاً، كيف تعرف ؟ إنه مفيد وحسب، أليس كذلك ؟ هذا هو الحوار كان يدور بينى وبين المرضى عندما يسألوننى عما إذا كان يجب عليهم تناول فيتامين ج أم لا. وهناك ما يحيط بهذا المكمل الغذائى من الخرافة، على الرغم من حقيقة أنه أحد المكملات التى أجريت عليها أكثر الأبحاث. إن ظهوره الجماهيرى يعود إلى السبعينات من القرن الماضى مع نشر كتاب “ فيتامين ج وأمراض البرد الشائعة “، والذى ألفه العالم العظيم والمتخصص فى الكيمياء الحيوية “ لينوس بولينج “. وفى هذا الكتاب ينصحنا “ بولينج “ بتناول جرعات كبيرة من فيتامين ج حوالى جرام ـ وهو أكثر بكثير مما كان يُوصَى به سابقاً للوقاية من أمراض البرد. وكان لذلك وقع شديد على معظم المراكز العملية، حيث كان قد تم الاتفاق على أن فيتامين ج قابل للذوبان فى الماء، وكلما تناولت منه أكثر كلما أخرجته مع البول ولذلك لا داعى للاكثار الشديد منه حيث إنك بذلك ستتكبد تكلفة لا تجنى ثمارها، ولكن “ بولينج “ واصل تناوله لجرعات كبيرة من فيتامين ج حتى وافته المنية فى أوائل التسعينات من عمره. وربما كان لذلك معنى.
بعد ذلك بثلاثين عاماً ظل ذلك الموضوع يسبب انقساماً فى الأوساط الطبية. يبدو أن “ بولينج “ كان مصيباً ومخطئاً فى نفس الوقت. فقد وجدت كثير من الدراسات الإكلينيكية المحايدة وهى الدراسات التى لا يكون المُجرب وموضوع تجربته على دراية بأنهم خاضعون للدراسة أنه لا يوجد دليل ثابت على أن تناول كميات كبيرة من فيتامين ج يقلل عدد مرات الإصابة بأمراض البرد، ولكن كثير من تلك الدراسات أكدت أنه حدث انخفاض بنسبة 25% فى مدة وحدة أعراض البرد. ولذلك فى الوقت الذى لا يستطيع فيه فيتامين ج وقف الإصابة بالبرد إلا أنه يجعلك تشعر بالتحسن إذا حدثت الإصابة.
ما القدر الكافى من فيتامين ج ؟ لن تخطىء كثيراً إذا تناولت 250 ملليجرام فى اليوم، على أن تزيد من هذه النسبة مؤقتاً إذا كنت مصاباً بالبرد أو الأنفلونزا. إن أحد الأسباب المنطقية وراء تناول فيتامين ج يومياً هو أن لـه فوائد صحية أخرى مثل الوقاية من أمراض القلب فهو مضاد للأكسدة وبذلك يحمى الجسم من الجذور الحرة التى تضر بالخلايا)، وتحسين قدرة الجسم على الشفاء الذاتى. إن نقص فيتامين ج يسبب مرض الإسقربوط ـ وهو اللعنة القديمة التى كانت تصيب البحارة ـ والذى تنزف فيه اللثة، وتتساقط الأسنان، ولا تلتئم الجروح، وتحدث السحجات بسهولة.
يحتاج المدخنون أكثر من غيرهم إلى الإكثار من فيتامين ج، والمصادر الغذائية الغنية به هى: فاكهة الموالح، والطماطم، والفلفل، والبروكلى، والبطاطس. ولكن هناك سببان يقولان إن تناول جرعات كبيرة من الجنكة ذات الشقين بشكل متواصل ليست فكرة صائبة. أولاً: قد يعوق ذلك امتصاص فيتامينات أخرى مثل ب12. وثانياً: قد يحدث انخفاض فى مستوى فيتامين ج فى الجسم عندما تتوقف تلك الجرعات الكبيرة.
إن فيتامين ج بلا شك مفيد لك، فهو يساعد على الوقاية من أمراض القلب، وقد يقلل من فترة استمرار البرد وحدته. ولكنك لست بحاجة لجرعات ضخمة لكى تحصل على فوائده ـ فالأكثر ليس بالضرورة أفضل.