نام طفلك طيلة أشهر في أحضان رحمك من ثم نام بهدوء في أوج المخاض، أين سينام الآن طفلك؟ مهما كان خيارك، على الأرجح أن طفلك سيعتاد على الأمر.
لطالما اختارت عائلات عدة على مرّ الزمن أن ينام الطفل في “السرير العائلي”. في الواقع، يعتبر هذا السرير لمعظم الناس حول العالم المعيار الأمثل. إنْ كان هذا خيارك، يمكن أن يكون مناسباً جداً. يسهل النوم فيه كما أنه ينتج جواً من الحميمية.
كما أن تعلّم النوم في المهد مناسب أيضاً. إنه يعزز الاستقلالية. ينام بعض الأهل بشكل أفضل إنْ كان الطفل في غرفة أخرى، ويشعر البعض أن هذه المسافة تسمح لهم بالتقارب من بعضهم البعض. ينام العديد من الأطفال في المهد معظم الليل ثم ينضمون إلى السرير العائلي بعد الوجبة الأخيرة التماساً للدفء والحنان قبل بدء نهار جديد.
إنّ مراقبة العديد من الأطفال فيما يتقلبون إلى جانب أو زاوية المهد جعلتني أقدّر استخدام المهد السلي أو السرير الهزاز خلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة الأولى. يبدو أن بعض الأطفال يفضلون النوم في مكان صغير ومغلق. يفضّل بعض الأهالي وضع مهد سلي أو سرير هزاز بالقرب من سريرهم، لأنه يسهّل على الأم عملية حمْل الطفل عندما يستيقظ لتناول وجبته بدلاً من التوجه إلى الغرفة الأخرى عدة مرات في الليل. كما أن العديد من المهود السلية محمولة كي نام طفلك في مكان مألوف أينما ذهبت. إلا أن مشكلة المهد السلي الوحيدة هي اضطرار الطفل لاتخاذ عادات نوم جديدة عندما لا يسعه المهد.
توصي الأكاديمية الأميركية لأطباء الأطفال باختيار المهد الذي يتطابق ومعايير السلامة التابعة للجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية. لا وجود لمعايير رسمية خاصة بالمهود والمهود السلية. إلا أن هذه اللجنة تملك خطوطاً إرشادية للعائلات التي تستخدم المهود والمهود السلية. إنْ اخترت المهد السلي، تأكدي من متانة الفراش وملاءمته. في حال كانت أرجل المهد قابلة للطي، أحرصي على وجود أقفال فعّالة لتجنّب طيّها. تأكدي من أن قاعدة المهد السلي أو المهد ثابتة، متينة وواسعة. وتفحصي الجوانب الحساسة لئلا يوجد مسامير أو أشياء أخرى ناتئة قد تجرح الطفل. لا تضعي طفلك في مهد أو مهد سلي إذا كان وزنه أو عمره يتجاوزان العمر والوزن الذي يوصي به الصانع.
عام 2002، أطلقت لجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية وجمعية مصنّعي منتجات الأطفال أي جمعية مصنّعي المهود حملة سلامة وطنية جديدة تحذّر فيها الأهالي من عدم وضع أطفالهم للنوم في أسرّتهم بل في مهود تطابق معايير السلامة الحالية. صدر هذا التحذير بسبب وفاة 180 طفلاً (من أصل أكثر من 12 مليون طفل في معدل السن نفسه) أثناء نومهم في سرير عائلي كبير خلال السنوات الثلاث التي شملتها الدراسة. إنه لأمر مفجع. ولكن خلال الفترة ذاتها، مات آلاف الأطفال في المهود!
عام 2003، نشرت دراسة شاملة وأظهرت أن الأطفال الذين ينامون في السرير العائلي يتعرضون للاختناق بنسبة 10 أضعاف أكثر من أندادهم. كرر جميع المراسلين الخبر الصحفي: الأسرّة خطيرة والمهود آمنة. إلا أن الاختناق يحدث بنسبة أقل بكثير من متلازمة موت الطفل المفاجئ. لم يكن هناك من ميزة كلية للسلامة في المهود طالما أن الطفل ينام بشكل صحيح.
لقد تطابقت الدراسة السابقة مع دراسة جرت على مدى ست سنوات في ألاسكا وشملت كل الأطفال الذين ماتوا فجائياً ونشرت في مجلة طبّ الأطفال عدد تشرين الأول/أكتوبر من عام 2001. إن الأهم من مكان نوم الطفل هو وضعية النوم واستخدام الوالدين للتبغ، والكحول، ومضادات الهستامين أو الأدوية الأخرى. خلال السنوات الست، مات 130 طفلاً من جراء متلازمة موت الطفل المفاجئ. ومات طفلان فقط نتيجة النوم على البطن في المهد وطفل واحد نام على بطنه في السرير بدون أن يستخدم أيّ من الوالدين دواء على فراش غير مائي. ارتبطت 98 بالمئة من الحالات بعوامل الخطر الأخرى.
تكلمت مؤخراً مع البروفسور روبرت كاربنتر، باحث مشهور دولياً في متلازمة موت الطفل المفاجئ في جامعة لندن لعلم حفظ الصحة وطب المناطق المدارية. بعد جمع كل الأدلة المتوفرة، استنتج أن النوم بقرب سرير الوالدين من الأسبوع الثامن إلى الأسبوع السادس عشر أكثر أماناً من النوم في سرير الوالدين أو في مهد في غرفة أخرى.
يجب أن يتعلم الأهل الذين يختارون النوم مع أطفالهم كيفية فعل ذلك بأمان. يجب تفادي كلّ أمر يصعّب على الوالدين النهوض أو يعيق قدرة الطفل على التنفس.
يكون الطفل أكثر أماناً إنْ أدرك الشخص القابع إلى جانبه بوجوده واستيقظ بسهولة. عادةً، ما تكون هذه مهمة الأم. فالوالد، والأقرباء، والحاضنة قد لا يستيقظون بسهولة على الرغم من بعض الاستثناءات.
أياً مَن كنتِ، لا تنامي إلى جانب الطفل إنْ كنت تتناولين (الكحول، مضادات الهستامين أو أدوية أخرى) فالأشياء السابقة الذكر تجعلك أقل يقظة لطفلك عندما تنامين. كذلك ينطبق الأمر ذاته إنْ كنت محرومة من النوم بحيث تجدين صعوبة في النهوض في حال احتاجك الطفل.
إنّ دخان التبغ، وبدانة البالغين، والإفراط في الرزم، أو وضع البطانيات، الأسرّة المائية، الأرائك، والمواد الكيميائية المهيّجة (العطور التي قد تزعج الطفل وتسد المجاري الهوائية) كل ذلك قد يصعّب على الطفل عملية التنفس. اختاري سريراً غير مزود بحواجز تعيق الطفل (ألواح رأسية، مساند القدمين، القضبان الحديدية أو إطار السرير) وتجنبي وضع السرير بالقرب من الجدار أو قطع الأثاث.
يناسب بعض العائلات تعليم الأطفال النوم في المهد، المهد السلي أو السرير الهزاز فيما تعتبر عائلات أخرى أن نوم الطفل مع الوالدين هو خيار أفضل. لا يشكل الفراش الناعم خياراً جيداً للأطفال ولا الوسادات الناعمة، اللحاف، جلد الغنم أو الألعاب المحشوة. أفضّل ثياب النوم المريحة على البطانيات لتجنيب هذه الأخيرة من تغطية وجه الطفل.
حيثما ينام طفلك بعد ولادته، لا تدعيه ينام في وضعية الوجه إلى الأسفل. إنّ وضعية الطفل على معدته عندما يكون مستيقظاً تعتبر تمريناً عظيماً، ولكن عند النوم تشكل هذه الوضعية خطراً كبيراً. ولقد ثبت أن أدوات حمل الأطفال فيما ينامون غير مفيدة. وقد تخفف المصاصات من خطر الإصابة بمتلازمة موت الطفل المفاجئ (وتقلص الرضاعة النسبة إلى النصف).
طالما أنك توفرين لطفلك بيئة نوم آمنة، يشكل المكان الذي تختارينه خياراً للعيش كعائلة خلال الأسابيع الأولى. قد تودين التنبه إلى حاجاتك ورغباتك كأم بالإضافة إلى حاجات طفلك ورغباته. وفيما تختارين مكان نوم طفلك بعد ولادته، يواصل امتصاص المزيد من الدهون من الطعام الذي تتناولينه.