التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

إدخال الغذاء العضوي للطفل

يتفاوت التعريف الدقيق لـ الغذاء العضوي organic food عالمياً. ولكن بصفة عامة، يمكننا القول بأن الغذاء العضوي خالٍ من المضادات الحيوية، وهرمونات النمو التكميلية، والمبيدات والأسمدة الكيميائية، وعمليات الهندسة الوراثية (وهي تعديلات وتحويرات جذرية في التركيبات الجينية للكائنات الحية). ويستخدم مزارعو الغذاء العضوي وسائل مثل: تدوير المحاصيل، وهو أسلوب التبديل الموسمي للمحاصيل المختلفة في نفس الحقل، مما يؤدي إلى التجديد الطبيعي لحيوية التربة بدلاً من استنزاف مكوناتها الغذائية وإعادة تدوير المخلفات لاستخدامها كأسمدة طبيعية بدلاً من الكيميائية، والحث على إكثار الكائنات الدقيقة المفيدة والآفات النافعة (نعم، بعض الآفات تكون نافعة) لحفظ التوازن الطبيعي البيئي وتقديم رعاية أفضل للحيوانات.

هل الغذاء العضوي أفضل لأطفالي؟

نعم، هو أفضل لجميع أفراد العائلة، بكل تأكيد، لأنه خالٍ من السموم. فعلى سبيل المثال، أشجار التفاح التي يتم زرعها بصفة تقليدية، قد يتم رشها بمبيدات الحشرات والمواد الكيميائية القاتلة للفطريات لما يصل إلى 75 مرة قبل أن يتم نضجها وأكلها! وكما شرحنا سابقاً في “انتبهي للسموم”، فإن الابتلاع المتكرر لهذه السموم يمكن أن يؤدي إلى العلل والأمراض، ولكي تتخلص أجسامنا من هذه الكيميائيات لابد أن تستخدمي الكثير من العناصر الغذائية الأساسية للصحة الجيدة والنمو السليم. بينما لا تستخدم الزراعة العضوية الكيميائيات السامة في تسميد التربة أو رشها.

هل الغذاء العضوي أكثر تغذية؟

المحتوى الغذائي للطعام نباتي الأصل يتحدد أساساً بالمحتوى المعدني للتربة التي زرع فيها النبات؛ وفي حالة الزراعة العضوية، يكون من الأرجح أن يتم تعزيز تلك المعادن عن طريق تدوير المحاصيل وغير ذلك من الممارسات السابق ذكرها. وفضلاً عن هذا، كما ذكرنا سابقاً، فإن الزراعة العضوية لا تستخدم المعالجات الكيميائية ضد الآفات والأمراض النباتية، ومن ثم يتحتم على النباتات أن تكافح هذه العوامل الضارة بشكل طبيعي، فمن خلال تأثرها بهذه الضغوط البيئية تنتج المزيد من العناصر الغذائية النباتية. وتعتبر الفواكه والخضراوات الغنية بالعناصر الغذائية النباتية أطعمة تعزز الصحة الجيدة.

هل طعم الغذاء العضوي أفضل؟

لا شك أن الإجابة عن هذا السؤال تعتمد على الطعام الذي يتم تناوله وعلى الشخص الذي يأكله. ومع ذلك، فإن مذاقات الطعام وتفضيلاته -لاسيما في الأطفال- يمكن التأثير عليها إيجابياً إذا تم تقديم الطعام بشكل جيد وتكراره مع مرور الوقت. وفي رأيي أن الأغذية العضوية طعمها أفضل بكثير. (وقد سألني أحد الأطفال ذات مرة: “هل طعم الأغذية العضوية مثل الزهور الطازجة؟!”. ولم أستطع الإجابة، لأنني لم أذق طعم الزهور من قبل… ولكنني أتمنى أن تكون كذلك!).

هل الغذاء العضوي يبدو مثل غير العضوي؟

إننا في الطبيعة لا نجد الفواكه والخضراوات متجانسة تماماً في ألوانها، ولا منتظمة تماماً في شكلها، ولا خالية تماماً من اللطخ وبعض التشوهات الطفيفة. فإذا اشتريت بعض ثمار الطماطم، على سبيل المثال، وكانت تبدو مثالية في هيئتها، وتبقى سليمة في الثلاجة لما يزيد عن أسبوع، دون أن تتغير هيئتها، فالأرجح أنها تكون معدلة جينياً بالهندسة الوراثية، ورشت شجيراتها بالمبيدات، وأنضجت الثمار بتعريضها للغازات وليس بطريقة طبيعية. وأما الفواكه والخضراوات العضوية فتتميز بفترة صلاحية قصيرة وتجدين فيها بعض التشوهات والأشكال اللانمطية.

هل الغذاء غير العضوي ضار بنا؟

كما تعرفين، فإن الكثير من الأطعمة غير العضوية يتم تعديلها وراثياً، أو رشها بالكيميائيات، أو إنضاجها بطرق غير طبيعية، أو الإفراط في معالجتها، أو إضافة الكثير من السكر إليها، أو إضافة المواد الحافظة والنكهات والألوان الاصطناعية وما لا حصر له من الإضافات الأخرى. ومع ذلك، فإن الكثير من أصناف الأطعمة غير العضوية المتاحة لا يزال يسهم في إكسابنا الصحة الجيدة واستمتاعنا بالأطعمة المغذية؛ وما عليك سوى أن تعرفي ما يجب أن تشتريه وما يجب أن تتجنبيه. وتذكري أيضاً أنه ليست كل المنتجات العضوية يجب أن نعتبرها تلقائياً أفضل لصحتنا من غير العضوية. فمثلاً، في إحدى المرات، رأيت عبوة من المربى العضوية كانت تحتوي على “سكر عضوي” كأول مكون من مكوناتها؛ وكانت هذه المربى تحتوي على كمية من السكر تفوق ما تحتويه من الفاكهة نفسها! لذا، تذكري أن تكوني مستهلكة ذكية وانظري جيداً فيما تشترينه.

إذا كان الغذاء العضوي رائعاً هكذا، فلماذا لا يأكله جميع الناس؟

إليك بعض الإجابات العديدة المحتملة لهذا السؤال:

•    الخوف من التغيير: من السهل دائماً أن تتمسكي بما اعتدت أن تفعليه بدلاً من أن تغامري بتجربة أطعمة وأصناف جديدة؛ إن بعض الأطفال يغضبون إلى حد الشجار إذا حاولت أن تقدمي لهم طعاماً جديداً، وقد يحتاجون لبعض الوقت حتى يتكيفوا مع المذاقات التي لم يعتادوا عليها.
•    قلة المعلومات ونقص المعرفة حول هذا الموضوع: فكثير من الناس في حيرة من أمرهم بشأن ما هو أفضل لهم.
•    عدم توافر الأغذية العضوية: لازالت صناعة الأغذية العضوية محصورة في نطاق ضيق نسبياً، ولا يزال إنتاج أغلب مزارعي وشركات الأغذية العضوية ليس بالحجم الكافي للمنافسة الفعالة مع نظرائهم من منتجي الأغذية التجارية غير العضوية؛ كما أن نقص اللوائح القياسية المنظمة للمزارع العضوية في أنحاء العالم يجعل من الصعب على منتجيها أن يستمروا في نشاطهم بقوة، وهو السر في عدم توافر السلع العضوية في كثير من الأماكن.
•    التكلفة: تميل المنتجات العضوية لأن تكون أغلى سعراً، وذلك بسبب التكاليف الزائدة للزراعة العضوية، وبسبب قصر فترة الصلاحية للمنتجات العضوية بالنسبة لغير العضوية، وكذلك بسبب الصعوبة التي تحدثنا عنها سابقاً، وهي صمود تلك المنتجات الصحية في عالم المنتجات غير العضوية الأكبر؛ وهكذا نجد الأشخاص الملتزمين في حياتهم بميزانية محدودة لا يستطيعون الاستمرار في شراء بعض الأغذية العضوية الأغلى سعراً.

أدخلي الغذاء العضوي إلى حياة صغارك: خطة عمل

إن اتجاهك إلى الغذاء العضوي يعني يقيناً أنك تسيرين في الاتجاه الصحيح، حتى إذا كنت لا تعتنقينه بنسبة 100%. إن البدء في إدخال الغذاء العضوي إلى حياة عائلتك أمر سهل بشكل مدهش، وذلك باتخاذ الخطوات الصغيرة التالية:

•    اشتري الطعام العضوي متى كان متوفراً أمامك. يتزايد الآن عدد متاجر السوبر ماركت ومحال الأغذية الصحية التي تبيع المنتجات العضوية المناظرة للأطعمة التي يتم استهلاكها كل يوم، مثل حبوب الإفطار، والحبوب، وحشو الشطائر، والزيوت، وغير ذلك كثير. فإذا لم تجدي المنتجات العضوية في المكان الذي تعيشين فيه، فاذهبي إلى أماكن أخرى، ولا تترددي في مطالبة المتجر بجلب المزيد من المنتجات العضوية. فكلما زاد الإقبال على شرائها، اتجهت أسعارها للانخفاض.
•    حولي الفناء الخلفي لبيتك إلى حديقة للخضراوات. هذا الإجراء يمكن أن يكون بسيطاً، واقتصادياً، وعضوياً بالقدر الذي تريدينه.
•    ابحثي عن المزارع العضوية المحلية ومنافذ توزيع إنتاجها. اشتري من البائعين المحليين للمنتجات العضوية ما تريدينه من خضراوات، وفواكه، ودواجن، وبيض. وسوف تستمتعين أنت وأطفالك بزيارة هذه الأماكن والتحدث إلى البائعين عن منتجاتهم الرائعة. في بعض البلدان، وعلى الرغم من عدم وجود المزارع العضوية المرخصة بعد، تكون كثير من المزارع قريبة جداً من الوفاء بالمعايير العضوية؛ وهذه المزارع يمكن معاونتها على الاستمرار والازدهار بأن يقبل المستهلكون على إنتاجها ويقوموا بتشجيعها وتعزيز علاقاتها التجارية مع عملاء كثيرين.
•    يجب أن تدركي المفاهيم الخاطئة الشائعة عن الغذاء العضوي. رغم أنه من المعروف على نطاق واسع أن الأغذية العضوية لا تتعرض لأي نوع من المبيدات، فإن هذه المعلومة غير دقيقة، ولكن الصحيح أن أصحاب المزارع العضوية مسموح لهم بأن يستخدموا أنواعاً معينة فقط من المبيدات التي لا تكون أساساً من كيميائيات كربونية سامة للخلايا. وهناك مفهوم خاطئ آخر وهو أن أولئك المزارعين لا يستخدمون المضادات الحيوية، ولكن الواقع أن المضادات الحيوية لا يسمح بها للوقاية من الأمراض في المزارع العضوية، ولكن يسمح بها لعلاج حالات العدوى إذا وقعت بالفعل.